قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الحادي والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الحادي والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الحادي والثلاثون

ما إن اختفى صوت غلاته من الخارج حتى تأكد من خروجها الفعلي ليدفع عنه بنفس اللحظة تلك التي تلتصق به كالغراء بكل قوته مما جعلها ترتد للخلف بخطوات متعثرة، كادت أن تقترب منه مرة أخرى لتتلمسه وترى ما به إلا أنه منعها من هذا الفعل ما إن رفع يده أمامها ثم أشار الى الباب وهو يصرخ بها بثمالة
- براااا.

أما الأخرى لم تتحرك من مكانها وأخذت تنظر له بذهول من تغيره المفاجئ هذا ولكنها سرعان ما فتحت عينيها بفزع وذهبت نحو باب الغرفة وفتحته لتفر هاربة ما إن وجدته قد تحول الى وحش و بدأ يكسر كل ما تصل إليه يده وهو يصرخ بها لكي تخرج.
لم تتوقف بل ما إن وجدت باب الشقة مفتوح على مصراعيه حتى خرجت منه دون أن تلتفت لما يحدث ورائها فصوت التكسير مع صراخه رج المكان وجعل الرعب يدب أوصالها.

أخذت تنزل بسرعة على السلم لتصطدم بنهايته بحائط معضل والذي لم يكن سوا ياسين الذي أبعدها عنه باستغراب لتتخطاه وتكمل طريقها بخوف أكبر من ذي قبل فهي تعرفه حق المعرفة، دائما ما كانت تراه مع يحيى بسهراته
نظر شاهين الى أخيه الذي كان ملتفت ينظر لها كيف تخرج من البوابة مفزوعة، ليقول بتأفأف: بتعرفها صح، أكيد هي دي اللي قالوا عليها الرجالة أنه جايبها معه
رد عليه ياسين بتأكيد وهو يلتفت له: هي...

شاهين بقصف جبهة: طبعا هتعرفها ماهو أنت واخد على القرف ده زيه
- اااااالله ياهجين أنت هتقلب عليا ولا إيه
- لا أقلب عليك ولا تقلب عليا تعالى معايا نشوف الدنجوان اللي فوق هبب ايه المرادي، قالها وهو يصعد ليلحق به الآخر وهو يقول بقلة حيلة
- هاجي معاك هروح فين يعني مع إني مش متفائل
دخلوا الى الشقة وعلامات الاستغراب تزين وجوههم ما إن وجدوا بابها مفتوح بشكل يثير الشك
نظروا حولهم للصالة كانت مزينة بطريقة جميلة.

وهذا ما زاد شكهم أضعاف ليتوجه الهجين نحو الغرفة المفتوحة أيضا ليتوقف ما إن دخلها هو والآخر عندما وجدو أخاهم الروحي الذي كان شارد بعالم آخر يجلس على الأرض وهو يسند ظهره على قاعدة السرير و أزرار قميصه كلها مفتوحه وثيابه غير مهندمة هذا غير أن الأثاث كله محطم.

رفع يحيى يده ليمتص من سيجارته التي كانت مستقرة بين أنامله لياخذ جرعة كبيرة من النيكوتين ثم ما إن زفر دخانها بضجر حتى أخذ يمرر باطن كفه على وجهه ثم أخذ يدعك عينيه بقوة يرفض البكاء لفقدان جزء من روحه بتمام إرادته
- يحيى، همس بها شاهين وهو يجلس أمامه نصف جلسة ليتجاهله الآخر وهو ينظر لياسين ويقول بأخلاقه المعدومة وغطرسته المعروفة.

- احسب بوظتلك في شقتك ايه وكسرتلك ايه فيها وابقى صلحها على حسابي ومتدوشناش بعتابك
ابتسم ياسين بخفة عليه وقال: ياعم مش مهم...
أهم حاجة إن السقف لسه موجود و الباقي يتعوض
وبعدين جيبي وجيبك واحد
أشاح بيده وهو يقول بلسان ثقيل وهو يجر حروف الكلمات جر من شدة ثمالته
- وفرررر كرمك ده مع غيري لأن ماااافيش حاجةةةة تتعوض، ابدا، ولاااااا حتى تتنسي. وخصوصا.

هااا وخصوصا لما تعرف إنك كنت مخدوع من اخواتك اللي هماااااا كانوا عزوتك. عشان تلاقي نفسك ؛ في الآخر تطلع مضحوك عليك ومن مييييين
ردو عليااا ساكتين ليه
شاهين بجدية: يحيى أنت متعرفش حاجة عشان تحكم علينا من اللي سمعته بس
رفع يحيى سبابته وأخذ يحركها بتأكيد وهو يقول
بقهر لا يوصف
- صح أنا معرفش، أناااا غلطان، فهمني أنت يا كبير.

ولا أقولك يابن عمي، ماتفهمني وقولي إنك فاهم غلط و إنك مش ابن حرام ولاااا يكونش أنا فعلا ابن حرام وأنت سكت وخبيت عشان سمعت عمك حبيب قلبك اللي كنت دائما تشكر فيه وبحنانه عليك.
أخذ يطرق بأصابعه بتفكير ويكمل، هوووو كان اسمه ااايه، قولوا معايا، ااااه كان اسمه ماهر، يعني أنا دلوقتي اسمي يحيى ماهر اللداغ صح
ما تنطقوا اسمي كدة ولا في غلط كمان وأنا لسه معرفوش.

- مش وقت الكلام ده قوم معايا عشان أفوقك وبعدها يبقى نقعد نتكلم، قالها الهجين وهو يمسكه من مرفقه ليجعله ينهض إلا أنه سحب ذراعه منه وهو يقول برفض
- اجي فين، ما أنا فايق أهو
ياسين بتهكم: لاء ماهو واضح إنك فايق، إلا قولي بصحيح مراتك فين من كل الدوشة دي وازاي سيباك تجيب ست ع البيت وهي موجودة
- راحت، ما إن نطقها بحزن حتى قطب شاهين حاجبيه باستغراب وهو يقول بشك.

- راحت فين ده احنا قبل ما نجي على هنا الحرس قالوا إن الشقة مافيهاش غير غالية وأنا متأكد من المعلومة دي...
يحيى بكلمات متقطعه: أيوه بس هي.
سحبه من قميصه المفتوح وهو يقول بترقب
- هي اااايه ماتتكلم، فين غالية يالااااا.

نظر له كالطفل المذنب وقال باختناق دون حتى أن يبعده عنه: سابتني وراحت لأهلها لأني جبت وحدة معايا هنا فزعلت مني، أنا كنت عايزها تمشي أصلا أنا مانفعش أكون ليها لااااا حبيب ولاااا جوز ولاااا حتى أكون في يوم أب لولادها، أنا منفعش لكل ده، هي اللي قالتلي كدة،!

عارف قالتلي كدة ليه لأني ابن حرام، وجودها جنبي من الأول غلط، أنا فين وهي فييين، سلطان معاه حق احنا ماننفعش نفتح بيت ونبني عيلة، الكار ده مش كارنا...
- قوم معايا، قالها شاهين وهو يسحبه معه هذه المرة بقوة جعلته ينهض معه رغما عنه وسحبه إلى الحمام وما إن أدخله حتى دفعه تحت الدوش وفتح الماء عليه، توقع عندما يتبلل سيفوق وهكذا سيستطيع التكلم معه بهدوء إلا أنه وجده انهار أكثر...

جلس على الأرض وهو يبكي بحرقة وهو يقول
بحسرة قلب: والله بحبها، وعايزها بسسسس هي مش عايزاااااني، مش بطيقني، دايما بشوف الرفض والحقد بعنيها ليا بس، حقها أنا أذتها كتير
عشان كدة قولت لازم تمشي من هنا قبل ماتتوسخ فينا أكتر من كدة، أنا مابقتش عايزها معايا خلااااص، كان لازم أعتقها مني كان لازم تمشي. هي تستاهل إنسان أحسن مني...

- و أهو مشيت. ارتحت دلوقتي، قالها ياسين وهو يقف عند باب الحمام وينظر له بحزن على حالته هذه ليرفع الآخر نظره له وهو يقول بغصة
- مافيش راحة في بعدها
نظر له شاهين بعتاب: حميتك من الناس كلها بس مقدرتش أحميك من تهورك، واللي حصلك دلوقتي درس لازم تتعلم منه عشان مرة تانية ماتاخدش قرار مصيري بوقت غضب.

ليقول ياسين بتكملة عن الآخر: وبعدين لو عايزها تمشيها كان لاقيت طريقة أحسن من كدة، أنت دلوقتي قطعت كل خيوط الرجوع مابينكم
رفع طرف شفتيه وقال بضجر: شوف مين بيتكلم، ما كنت عملت بنصيحتك دي مع ميرال
صرخ به ياسين بانفعال: ماعملتش بيها لأني كنت زيك غبي، لاااا مش زيك، انا كنت بكرهها وماكتشفتش إني بحبها إلا بعد فوات الأوان...
بس أنت بقى عذرك ايه...

رفع وجهه للماء وكأنه يريد أن يطفئ نار قلبه ثم قال بانكسار ما إن نظر له مرة أخرى
- عذري إنها بتكرهني مش بتحبني ف أنا أديتها سبب قوي بكرهها ده ليا، دلوقتي بقى ليها سبب قهري
سحب الهجين شعره للخلف باختناق ثم نهض وأغلق تدفق الماء من الدوش ليخرج بعدها من الحمام بعدما رمى منشفة كبير لذلك الذي يجثوا على الأرض وهو يقول بأمر
- غير هدومك و احنا مستنينك برا.

أغلق الباب عليه وخرج للصالة ليلتفت الى ياسين الذي قال: هنعمل ايه
تنهد بحيرة ورد عليه بعدما جلس على الأريكة
بتعب: معرفش...

أما في الداخل خرج يحيى من الحمام وهو يضع المنشفه حول خصره وتوجه نحو الدولاب بحذر لكي لا بنجرح بشظايا البلول على الأرض، أخرج ثيابه ليرتديها وبدأ يرتديها وما إن انتهى حتى خرج و نظر لاخوته وهو يقول بجدية بعدما ذهب وجلس أمام الآخر محاولا أن يتجاهل كل التجهيزات الموجودة بالأرجاء وخاصة طاولة الطعام
- و دلوقتي أقدر أعرف أنا ابن مين يا هجين، ده لو حابب تتكلم يعني وتعطف عليا بعد السنين دي كلها.

نظر له شاهين دون أن يرفع رأسه وقال بحدة
- يحيى بلاش أسلوبك ده معايا
- فين الغلط في اللي قولته تقدر تنكر إنك كنت عارف أبويا مين وخبيت عليا
- خبيت لمصلحتك
رفع حاجبيه بذهول مصطنع وهو يقول: مصلحتي؟! إني أفضل معمي على عيوني...
شاهين بتوضيح: كنت عايزني أقولك ايه وأنا نفسي ماكنتش متأكد ولما تأكدت ماقدرتش أتكلم لأني كنت زيك دلوقتي مصدوم
أخذ يضرب يحيى صدره بقبضته وهو يقول بخيبة.

- مين اللي سمحلك تخبي عليا، وأنت أكتر واحد كنت عارف إن الموضوع ده بياكل فيا زي المرض الخبيث، هنت عليك أزاي؟!
- اسمعني بالأول واحكم
- مش عايز أسمعكم، وبالذات أنت، من اللحظة دي
ااااء
قاطعه الهجين وهو ينهض من مكانه بشراسة
- غصب عنك هتسمعني، وبعدين بغض النظر عن الدم اللي مابينا احنا اخوات
- مش عايزكم تبقوا اخواتي...
ما إن قالها يحيى حتى رد عليه الآخر بانفعال وهو يدفعه أمامه.

- ماهو مش بكيفك يا ابن اللداغ، و دلوقتي امشي قدامي يلااااا
وقف ياسين بينهم وهو يقول بمحاولة أن يهديء الوضع، : على فين بس،؟! الموضوع مايتحلش كدة
- لاااا كدة ونص، ويالا بينا ع الوكر عشان سلطان أول واحد هيتحاسب ماهو اللي كشف الأوراق.
يبقى يتحمل النتيجة واللي هيحصله مني.
قالها شاهين بتوعد غاضب ثم تركهم وخرج برا الشقة ليتنهد ياسين وهو يقترب من الآخر ويحتضنه تحت ذراعه ويقول بعتاب محب.

- بقى كدة يايحيى تزعل شاهين منك وأنت عارف غلاوتك عنده
أبعده عنه وقال بضيق: مش وقتك يا ياسين أنا مش طايقك أنت التاني
- طب يالا يا أخويا جتك ضربة بدماغك الناشفة دي
قالها وهو يخرج معه وما إن نزلوا حتى نظروا لبعضهم بستغراب ما إن وجدوا الهجين يقف مع بعض رجال الوكر أمام مدخل العمارة ومن ضمنهم حودة
- في ايه؟ قالها ياسين باستفسار وهو يقترب منهم ليلتفت له شاهين وهو يقول: تلفونك فين؟
- بالعربية، ليه،؟

شاهين بحيرة، : بقالهم ساعة بيكلمونا عشان يقولولنا إن غالية...
اقترب منهم يحيى وهو يقاطعه بخوف
- مالها...
شاهين باندفاع: أنت بالذات مش عايز أسمع صوتك ساااااامع، ضيعت البنت بتهورك
ذبلت معالم وجهه ونظر إلى حودة وأخذ يترجاه بنظراته أن يطمئنه عندما سأله: مالها غالية
- مالهاش أثر، ما إن نطقها حتى قال بعدم فهم
- يعني ايه؟
حودة بتوضيح: الرجاله قالوا أول ما نزلت جريت بالطريق ده فلما لحقوها مالقوش ليها أي أثر...

يحيى بتردد: هتروح فين يعني أكيد رجعت عند أمها
حودة بنفي: ماحصلش، أنا لسه كنت هناك ماهما لما اتصلوا ب ياسين كتير وماردش كلموني وبلغوني بحكم إني قريب ليكم
رد عليه يحيى بانفعال
- أيوه يعني هتروح فين بالليل كدة
- ولسه واخد بالك إن الدنيا ليل ولما خلتها تنزل عقلك كان فين
. آااااه نسيت كنت شارب السم الهاري وقتها، ما إن قالها شاهين حتى ربت ياسين على كتفه بمعنى اهدأ قليلا ولا تنفعل، فهذا ليس وقته الآن.

تقدم نحوهم أحد رجالهم الذي ما يزال تحت السن القانوني وقال بتردد وخوف من ردة فعلهم
- أنا لحقتها و اااء ووو
يحيى بعدم صبر: ما تتكلم...
نظر إلى شاهين وقال: أديني الأمان يا هجين
انقض عليه يحيى وخنقه وهو يقول بانفعال
- امان ايه؟ نهارك أسود غلاتي فيين حصلها إيه
- سيبه، قالها شاهين وهو يسحب منه هذا الصبي الذي انضم لرجال الوكر حديثا ثم سأله بترقب بعدما وضع يده على أحد منكبيه.

- ليك الأمان من الهجين، بس قولي هي فين
- معرفش إذا كانت هي والا لاء
- أنت هتهزر
- هششششششش مش وقتك، قالها وهو ينظر إلى يحيى بنظرة حادة مرعبة ثم التفت الآخر وأكمل
أنت شفت إيه بالضبط
- لما نزلت تجري أنا أول واحد خدت بالي منها وجريت ورحت وراها من باب الفضول مش أكتر كنت عايز أعرف مين دي ونزلت بالشكل ده ليه...
- أيوه بعدين.

- كانت بتعيط بصوت عالي ولما بعدت شوية عن هنا لاقيت رجالة حوليها كتموا صوتها بمنديل واخدوها بالعربية وجريوا بيها
- رقم العربية ونوعها كان ايه
- ماشفتش كويس كانت ظلمه، ما أنتم عارفين المنطقة هنا شبه مقطوعة
ياسين بحدة: وماقولتش ليه من بدري
- ماكنتش عارف إن دي هي غالية اللي بتتكلموا عليه ولما عرفت خفت تكدبوني أو تأذوني وأنا سامع إن الهجين مايتلعبش معاه والغلطة عنده بشنقة بالجنزير بتاعه.

- خده ياحودة، ما إن أمره بها حتى سحبه حودة من أمامهم ليصرخ الآخر بفزع وهو يقول بترجي
- والله يا هجين قولت كل اللي شفته ماتخليهمش يأذوني أنا معملتش حاجة
- ماتخافش الهجين أداك الأمان، ما إن همس بها حودة للآخر حتى هدأ نوعا ما
نظر شاهين بحدة الى يحيى وهو يضع يديه بجيب بنطاله وقال: شفت آخرة تهورك وصلتنا لفين
كاد أن يرد عليه إلا أن صوت ياسين قطع عليهم الحوار قبل أن يبدأ ما إن قال بتفكير.

- هجان، أكيد هو اللي عملها...
نظر له شاهين بعدم اقتناع: تفتكر؟!
ياسين بتأكيد: مافيش غيره هو اللي كان متوعد ليحيى من زمان فاكر لما دبروا الحادثة ليه هو وغالب منصور، كان لازم من وقتها أعمل زيك وأخلص عليه
- ومستني إيه يالا بينا، قالها يحيى وهو يذهب نحو سيارته ليلحق به الآخر ولكن قبل أن يصعد استدار الى شاهين الذي كان مايزال يقف بمكانه بشرود حتى قال
- مش هتيجي معانا.

- مش من الحكمة نسيب الساحة فاضية ونجري كلنا على نقطة وحدة...
سند ياسين ذراعه على باب السيارة المفتوح
- ليه أنت شاكك بحد تاني؟!
- لاء بس في سؤال عايز أسأله ل يحيى
يحيى باستفهام: سؤل ايه ده
شاهين بمغزى: سلطان عارف مكانك هنا
- أيوه عارف ده حتى جالي مرة هنا، ما إن قالها يحيى حتى صعق شاهين وهو يقول بترقب
- و شاف مراتك وقتها
- أيوه شافها لما فتحت ليه الباب، بتسأل ليه.

شاهين بتدارك الموقف: لاء أبدا، أنا بس عايز أعرف كم شخص عارفين مكانك هنا مش أكتر
ياسين باستفسار: شاكك بحاجة
أومأ له وقال- بحاجات مش حاجة وحدة بس، روحوا يالا، وبلغوني باللي هيحصل معاكم هناك...
ياسين بتحذير: ماشي، ولو وصلت لحاجة بلاش تتحرك لوحدك استنانا...
- وهو ده اللي هيحصل
- سلام، قالها وصعد مع الآخر لينطلقوا نحو الواحات المقر الرئيسي لهجان وجماعته.

- حودةةةةةةة، صرخ شاهين بها بصوت يرعد ما إن اختفت سيارتهم من أمامه حتى اقترب منه الآخر وقال بعملية: تحت أمرك ياهجين
شاهين بمغزى- سلطان فين.؟
- سافر من كم ساعة بس
شاهين بترقب: يعني هو مش بالوكر دلوقتي
- لاء
- هيرجع امتى؟!
- يومين تلاتة بالكتير
- عايزك تروح الوكر وتنزرع فيه وماتخليش حد يشوفك لأنهم عارفينك وعارفين وفائك لينا...
وأول ما يظهر تبلغني فورا
- شاكك بحاجة
شاهين بشك: غالية عنده
- مستحيل.

- المستنقع اللي احنا عايشين فيه خلاني أشك بنفسي
و أكيد غالية زمانها بالوكر ولو اتدخلت أنا هيخفوها فعشان كدة عايز أديهم الأمان وأخليك تكون عنيا اللي هناك لغاية ما أعرف مكانها فين بالضبط، لازم نلاقيها قبل ما يرجع سلطان ماهو أكيد مازرش يحيى محبة أو لله كدة
- اعتبره حصل ياهجين، بس السؤال هنا ليه سبتهم يروحوا لهجان
- ما يمكن أطلع غلطان، مع إن عمرها ما حصلت بس أهو الحذر واجب
- لو شكك طلع بمحله هتعمل ايه...

- همحي الوكر باللي فيه، عرض اللداغ مش متاح للعب فيه واللي حصل لأمي زمان مش هيتكرر تاني، أنا الهجين مش سامر اللداغ عشان أبلعها واسكت، قال ايه خايف علينا ماكنا متنا ولا العيشة اللي عايشينها دي
- والهانم اللي في المزرعة
- مالها
- هي أول وحدة هتتأذي لو قلبت الطاولة
- عامل حسابي ع النقطة دي، صمت قليلا وهو يكز على أسنانه ثم أكمل بغيرة، وبعدين أنت بتجيب سيرتها ليه أنت مش هتخاف عليها أكتر مني.

نطق الآخر بتوتر: مش قصدي ياهجين
- روح شوف شغلك وبلغني بكل جديد ومش عايز لوك كتير سااااامع
أومأ له حودة بنعم بتوتر وانسحب من جانبه دون أن ينطق بحرف ف الآن ليس وقت النقاش لا بل وقت التنفيذ دون اي مجادلة
علي الجانب الآخر بالتحديد بالواحات الغربية
توقفت سيارة يحيى وخلفهم الحرس بسياراتهم ذوات الدفع
الرباعي...

نزل أولاد اللداغ وتوجهوا نحو أحد الغرز وما إن دخلوها حتى ذهب يحيى بسرعة البرق نحو هدفه الذي كان يجلس بينهم وهو يشرب سيجارة ملغمة (حشيش)
ولكن قبل أن تصل فمه ليستنشق منها السم حتى وجد من يقبض على يده بعنف ليسحبها منه وأطفئها بوجهه بالتحديد بالنصف المشوة من قبل ياسين مما جعل الآخر يصرخ بصوت عالي...

كاد أن يتدخل الموجودين إلا أن رجال الوكر رفعوا أسلحتهم عليهم باستعداد تام لقتلهم مما جعل الجميع يرفعو أيديهم باستسلام وفرت الغانيات منهم
مسكه من مقدمة شعره وسحبه خلفه لمنتصف المكان بعدما ضرب رأسه على الطاولة التي أمامهم وما إن وقف ونظر له بغل حتى قال بصوت يفح بغضب ثعبان لا يستهان به بعدما ضربه مرة أخرى على أنفه
- غالية فين
هجان باستنكار: مين غالية دي
- انطق وديتها فين لحسن أكمل على نص وشك التاني...

نظر هجان من طرف عينيه بصعوبه ل ياسين الذي كان يراقب كل هذا بهدوء ليقول بترجي
- والله يا ياسين معرفش أنتم بتتكلموا عن إيه
عته يحيى من تلابيبه وهو يصرخ به
- سيبك منه وكلمني أناااااا
- ما أنت مش راضي تتفاهم إيدك بتشتغل قبل لسانك.

تلاشت كلماته منه وأخذ يسعل باختناق ما إن ضغط يحيى على حنجرته بقوة ليتدفع الدماء أثر من فمه ما إن عالجة بركلة بركبته على أسفل معدته ليسقط على الأرض الحجرية عندما دفعه عنه وكأنه حشرة
ثم انحنى بجذعه نحوه وهو بقول بتهديد
- لو عرفت أنها عندك أو إنك عارف مكانها وخبيت
لهعلقك ع بوابة الوكر زي الدبيحة، لا تقولي هجين ولا ياسين أنت لسه ماشفتش جنان يحيى بيكون ازاي وخصوصا لما يتعلق الموضوع بغلا الروح...

تأوه هجان بعنف وأخذ يتلوى وجعا ما إن تلقى ضربة من قدمه على وجهه أدت الى كسر أسنانه داخل فمه
واحتمال سبب له كسر ايضا برباعيتها
ولكن الآخر لم يكترث حتى وإن مات تركه وخرج من المكان كله بعدما دخل رجالهم وقالوا
- مالاقيناش حاجة
صعد بسيارته بسرعة وقبل أن ينطلق بها وجد أخيه يصعد إلى جانبه، وبالطبع خلفهم سيارات الحرس.

أخذ يشق الطريق الصحراوي بسرعة خيالية ليبعد إحدى يده عن الدركسيون و أخذ يفتح الأزرار الأولى من قميصه باختناق
لم يشعر متى غزت دموعه وجنتيه ما إن داهمه طيف ابتسامتها التي نادرا ما كان يراها. ليليه نظراتها الغاضبة التي كانت دائما ماترمقه بها...
أخذ يمسح وجهه ليخفى دموعه عن أخيه ولكن عن أي اخفاء نتحدث فشهقاته ارتفعت دون وعي منه، ليأخذ بضرب الموقد بانهيار مما جعل ياسين يطلب منه التوقف
- وقف على جنب.

ولكن الآخر وكأنه سمع عكس ذلك ف أخذ يزيد السرعة أضعاف، صرخ به ياسين بعصبية وهو يعتدل بجلسته
- الله يخربيتك هتقلبنا، يحيى!
يحيى بدموع قهرية: ضاعت غالية مني ضاعت
- وحنضيع احنا وراها لو ماوقفتش ياغبي
- أنا معرفش ازاي خدت القرار الغلط ده، أنا مقدرش أعيش من غيرها...
- تعيش من غيرها ايه بس ده احنا هنموت قبل حتى ما نعرف هي فين، يحيى، وحياتها عندك وقف الزفت بقى لو كنت بتحبها بصحيح.

ما إن ختم كلامه حتى وجده بالفعل يخفف من السرعة ليتوقف على طرف الطريق وما إن وجده يلتفت له حتى عالجه بلكمة على فكه الأيسر ثم نزل من السيارة والتف للجانب الآخر ليفتح له الباب وسحبه من ثيابه لينزل معه وما إن وقف أمامه حتى ضربه بمقدمة رأسه ليجعله طريحا ثم أخذ يصرخ به
- تهورك ده كان هيودينا بحتة مالهاش رجوع
- إيدك تقيلة يابغل، قالها يحيى بألم وهو يحاول النهوض ليرد عليه الآخر بعدما رفع سبابته بوجهه وقال.

- هو أنت لسه شفت حاجة، اسمعني لم جنانك ده دلوقتي وخلينا نفكرصح ونلاقيها. وبعدين طالما بتحبها كدة ليه بعدتها عنك بالشكل المقرف ده
- كان لازم تبعد احنا طريقنا مسدود
- اشرب بقى من نفس الكاس اللي أنا شربت منه
- يعني إيه
- يعني هتعض صوابعك ندم ومش هتبص بوشك تاني
يحيى بمكابرة: كدة أحسن ليا وليها
ياسين بذهول مضحك- لاااا بجد، أومال مين اللي كان بيعيط عليها من شوية، أنت عايز تجنني.

- بحبها بس مش هينفع نكمل مع بعض...
- يعني لو لقيتها هتسيبها تمشي
رد عليه بعناد: أيوه
- يحيى، بلاش تغلط. غلطي على الأقل كنتم افترقتم بطريقة أشيك من كدة
- أهو ده اللي حصل
- قصدك أهو ده اللي بيحصل لما بناخد قرارات بتهور
يالا قوم نرجع دي الشمس قربت تطلع واحنا لسه هنا
أومأ له ونهض ليصعدوا مرة أخرى بسيارته ليستأنفوا طريق العودة.

في وقت الضحى على الجهة الأخرى بشقة سعد الجندي بالتحديد عند ميرال التي كانت تراقب الطبيب الذي يقوم بتمارين رياضية لساقي والدها كعلاج فيزيائي ليستطيع المشي بحرية ودون عائق مثلما كان من قبل، وما إن انتهى من عمله حتى وجدت والدها يقول بخمول وإرهاق
- تعبتك معايا يا دكتور
- تعبكم راحة، قالها وهو ينظر خلسة بين الحين والآخر لتلك الفاتنة التي خطفت أنفاسه ما إن رآها بالمستشفى لأول مرة.

ولكنه لا يعرف بأن نظراته هذه أزعجتها حقا لتنهض من مكانها وهي تقول بفظاظة ولكن بصوت خفيض فوالدها دائما ما يغفى بعد التمارين بشكل تلقائي من شدة تعبه
- دكتور عمر لو خلصت اتفضل عشان أوصلك
- ميرال! همست بها داليا وهي تنظر لها بصدمة من ما قالت ابنتها ليبتسم الآخر بخفة وهو ينهض من مكانه وأخذ ينزع قفازاته ويقول
- أستأذن أنا.
داليا بمحاولة تدارك الموقف
- على فين بس، ده أنت لسه ماشربتش قهوتك يا دكتور.

- هشربها بكرة، ما إن قالها ببساطة حتى ردت عليه الأخرى بنزعاج
- ليه هو أنت هتشرفنا بكرة كمان
نادتها داليا من بين أسنانها المصطكة: ميرال!
ميرال بلا مبالاة: في إيه يا ماما، أنا قصدي مالوش لازمة يتعب نفسه أنا هعرف أعمل التمارين لبابا مش حكاية يعني هما تمرينين تلاته، و أديني شفتهم بيتعملوا ازاي وحفظت الطريقة فملهاش لازمة يعني أنه ياخد المشوار ده كله
- وصلي الدكتور و حسابنا بعدين، قالتها داليا بخفوت.

لم تسمعها سواها...
ذهبت وفتحت باب الغرفة ليخرج أمامها للصالة وما إن وجدها خرجت خلفه و أغلقت الباب حتى نظرت له وقالت بضيق واضح
- هو أنت مش دكتور قلب
- ايوه
- أومال عاملي فيها طبيب فيزيائي ليه
- سعد بيه مش محتاج مركز علاج طبيعي ولا ناس مختصة هما كم تمرين بس يتعمله ليه صح عشان ترجع شرايين رجليه وإيديه تشتغل زي قبل و أحسن
- وأنا هعمل التمارين دي زي ماقولت جوا. مش عايزين نتعبك
- بس أنا عايز أتعب ليكم.

- ليه و ايه المقابل
- مافيش مقابل
- لاء فيه، واللي في بالك مش هيحصل
- ايه هو اللي في بالي بقى
- أنا، ما إن قالتها بثقة حتى رفع حاجبيه باستغراب من ردها ليقول بابتسامة واسعة وإعجاب
- أهنيكي على شجاعتك دي
- أنا مش محتاجة اطرائك عليا، لاء أنا محتاجة
إنك تبعد عن طريقي
نظر لها بتركيز وقال: ليه
بادلته النظرات بتركيز أكبر وهي تقول
- ايه هو اللي ليه
- ليه رافضة قربي بالشكل ده
- أنا حرة
- وأنا حر كمان...
ميرال باستنكار.

- نعم، أفهم ايه بقى من كلامك ده
- افهمي منه إن بكرة بالوقت ده هكون هنا ونفس الشيء كل يوم، سلام...
قالها وهو يتركها ويخرج دون أن يعطيها مجال للرد
أخذت تحرك قدمها بقهر ثم قالت مع نفسها بحزن أنثى على حب حياتها الذي مات وهو حديث الولادة
- ازاي هنت عليك تسبني لغيرك ازاي هنت عليك تكسرني بالشكل ده ازاي، ده أنا كل ذنبي إني حبيتك...

أغمضت عينيها بقوة وأخذت تضغط عليهم بأناملها ترفض البكاء لتسحب بعدها هاتفها من جيب بنطالها وأخذت تتصل بمعذبها ولم يرد، أعادت محاولتها للمرة الثالثة لتجده اخيرا رد عليها بصوت خمول ناعس
- ايوه يا حبيبتي...
- ياسين
- ياروح فداء لعيون ياسين يا روحه أنتي
- عايزة اشوفك
- وحشتك صح، قولي أيوه وريحيني
- ربنا مايوريني الراحة لو خلتك تدوقها بعد اللي عملته فيا.

- ميرال، ما إن همس باسمها بعتاب خافت حتى جعلها تتوتر لتقول بجدية مصطنعة وقوة خاوية
- مش وقت الكلام ده، أنا هسبقك ع المقطم
نهض عن سريره بهمة وهو يقول
- وأنا ساعة زمن وهكون عندك
- اتفقنا، قالتها وهي تغلق الخط لتتفاجئ بوالدتها تكتف يدها أمام صدرها وهي تنظر لها بعدم رضا
- مافيش مرواح لأي حتة
- بس أنا لازم أشوفه
- ليه لازم يعني.

- عشان لازم نحط النقاط على الحروف وننهي كل حاجة، أنا ماينفعش أفضل متعلقه كدة لازم يبعتلي ورقتي بقى...
داليا بترقب أم: اشمعنى دلوقتي بالذات مصرة ع الورقة أوعي يكون عشان الدكتور اللي باين زي الشمس أنه عينه منك
صفقت بيدها وقالت: لا الدكتور ولا غيره، أنا مستحيل أدخل حياتي أي راجل تاني...
لتقول بعدم رضا لما سمعته منها
- ليه إن شاء الله هتترهبني وأنا معرفش.

ميرال بمسايرة ترفع الضغط: تصدقي دي فكرة حلوة ماكنتش في بالي قبل كدة...
- اااااخ من بنات سعد هيجننوني، ما إن قالتها حتى جلست على الكرسي وأخذت تبكي باشتياق لصغيرتها المشاكسة ثم نظرت لميرال وأكملت ببكاء، سيلين وحشتني دي أول مرة تغيب عننا كدة
أومأت لها ميرال برأسها وهي تبتلع لعابها ثم تحركت نحو الباب بسرعة قبل ان تشاركها نوبة البكاء هذه وهي تقول: أنا همشي دلوقتي ومش هتأخر ادعيلي.

- ربنا يوفقك بحياتك ويبرد نار قلبك ويستر عليكي دنيا وآخرة أنتي وأختك قادر ياكريم، دعت بها وهي ترفع يدها للأعلى ثم ما إن انتهت حتى قالت بإصرار مع نفسها
أنا لازم أتصرف واخلي شاهين يرجع سيلين بقى بس ازاي معرفش، بس أكيد في طريقة أدخله منها، معقولة؟! يكون الطريق اللي بدور عليه ده هو إني أبلغه بكل وساخة سلطان.

ولو فعلا هي دي الطريقة. ياترى أنا أقدر أتكلم وانطق بحرف وأجازف بجوازي من سعد، اووووف إيه القلق اللي أنا فيه ده، يارب فكها من عندك.

وصلت الى المكان المتفق عليه لتنزل من سيارتها وتذهب إلى حافة المقطم وأخذت تنظر على ما يطل بنظرات شاردة لا روح فيها ولكن الجميل هنا هو أن الهواء عليل وبارد نوعا ما أخذ يداعب خصلاتها بحرية، لم تبعده عن وجهها بل تركت نفسها للأجواء وهي تغمض عينيها باستسلام، للحظة وسوس الشيطان لها فكرة أن تفرد ذراعيها بشكل أفقي و ترخي جسدها بكل ثقله لتهوي به للأسفل لعلى هذا يجعلها تحظى بالسلام الداخلي الذي فقدته منذ شهور.

خرجت من أفكارها السوداء هذه ما إن وجدت هناك من يحاوط خصرها من الخلف ويسحبها عن ما كانت تنوي فعله بلحظة ضعف سيطر عليها الشيطان
فتحت عينيها بدوار لتجد نفسها مدفونه بأحضان قاتلها، نعم قاتلها فهي عرفته من عطره المميز ودفئ أحضانه وأنفاسه الحارة التي أحرقت عنقها بها
بلهاثه، لتجده يقول بخوف وهو يقبل شعرها بلهفة
- أوعي تعملي كدة تاني...
أبعدته عنها قليلا وهي تقول دون أن تنظر له.

- بس أنا معملتش حاجة، كنت بتفرج بس
ياسين بخوف ممزوج بتملك مهووس: تتفرجي إيه بس، حرام عليكي وقفتي قلبي روحك دي ملكي أنا مش ملكك عشان تفكري تأذيها
ختم كلامه وهو يسند جبهته على خاصته ليسحب أنفاسها منها ليتنفسها هو بعدما امتزجت من قربهم هذا...
يا الله كم اشتاق لها، فاق من هيام قربها هذا عندما وجدها تضع يديها على منكبيه وأبعدته عنها بانزعاج ما إن استوعبت الأمر ف الآخر استغل تشتتها.

- ابعد أنت ما صدقت ولا إيه
رفض البعد وهو يتمسك بها بكل ما لديه من طاقة ليقبل مابين عينيها التي يذوب بهما عشقا وهو يقول: تعرفي إنك وحشاني كل حاجة فيكي وحشاني...
حركت وجهها برفض لتبعدها عنها وما إن نجحت من التحرر منه حتى وهي تقول بضيق
- وحش أما يلهفك أوعي كدة
عاد للوراء و وضع يده على خاصرته وقال وهو يتمعن بعنادها: مش كفاية بعد
ميرال برد قاطع
- لاء مش كفاية ولا عمره هيبقى كفاية.

كرمش ياسين وجهه بوجع قلب وقال بترجي بأن تحن عليه ولو قليلا: مرمر
- ما تقوليش يامرمر، قالتها وهي ترفع يدها أمامه بتحذير ليسحبها من يدها هذه نحوه وهو يقول
- وماقولكيش ليه وأنا شربت المر منك
ضربته على صدره بانفعال وهي تقول. : أنااااا اللي سقيتك المر، فعلا اللي اختشوا ماتوو
- ميرال ارجعيلي والله تعبت لا ليلي بقى ليل ولا نهاري بقى نهار، والله أنا موجوع أكتر منك.

رفعت فمها باستخفاف ثم قالت: أرجع ليك أنت. ليه، هو حد مفهمك إني مهزقة وإني ممكن أرضى بالقليل وأقول اللي فات مات وحصل خير بعد ما أنداس عليا، عادي مش كدة، لو أنت قابلت بنات في حياتك من غير كرامة خلوك تفكر إني منهم دي تبقى مشكلتك مش مشكلتي، مش ميرال اللي تنسى الأذية
- أيوه بس اللي بيحب بيسامح
- ومين قال إني بحبك بعد كل اللي شفته منك.

- أمال اتصلتي فيا ليه وطلبتي تشوفيني لو ماكنش ده شوقك اللي دفعك لده، صرخ بكلماته هذه بحرقة حتى جعلت نيرانه تتضاعف عندما ردت عليه ببرود
- كلمتك عشان أقولك عايزة ورقة طلاقي توصلني
حرك رأسه بنفي وقال: مش هيحصل
ميرال بقوة: لا هيحصل بلاش تخلينا نقف قصاد بعض بالمحاكم...
- ميرال أنتي بتحديني فرصة
- واديك ليه وأنت ماتستاهلش
لمعت عينيه بالدموع وقال بخفوت
- اللي مايستاهلش ده أنتي كنتي بتموتي فيه.

- كنت! يعني ده كان زمان
- اعترفي إنك لسه بتحبيني
- لا مش بحبك، ما إن قالتها بعناد وهي تنظر للجهة المعاكسة حتى شهقت عندما وجدته يسحبها من خصرها بقوة ليلصقها به تماما حاولت أن تبعده عنها بانفعال إلا أنه كان كالغراء لايقبل ببعدها عنه ليرجف كيانها رغما عنها ما إن أخذ يتحسس وجنتها الناعمة بذقنه النابتة ليقبل بعدها أرنبة أنفها برقة وهو يقول: بتحبيني.

- لاء، همست بها وهي تغمض عينيها بوجع ليبتعد عنها وحاوط وجهها بكفيه وأجبرها أن تنظر الى عينيه ليقول بعدها بغضب وكأنه يرفض التصديق لما سمع
- بصي في عينيا وقوليلي مش بحبك، يلااا قوليها
- مش بحبك، قالتها وأبعدت بصرها عنه بسرعة
ضحك بقهر ممزوج بوجع: ليه مش قادرة تقوليها وأنت بتبصيلي ليه. عارفة ليه لأنك لسه بتحبيني زي الأول وأكتر بكتير مع إن حكايتنا خلصت بس قلبك ماقدرش ينساني.

لأن ياسين مهما عمل فيكي ومهما كان قذر بأفعاله مع إللي حواليكي ومهما كانت حقيقته مرة، بس أنتي بتعشقيه وبتموتي فيه، قوليهاااا يلااااا، قوليهاااا أنتي ماتقدريش تعيشي من غيري لأن قلبك ملكي مش كده؟

يا الله قد سئمت منه حقا، سحبت نفس عميق من عطره الخاص الذي أسكرها ولكنها لم تسمح لنفسها بالضعف مرة أخرى أمامه أبدا، رفعت يديها لتمسك وجهه وأخذت تنظر له بقوة جبارة وقالت بجدية نابعة عن قرار من العقل بعدما أغلقت أبواب قلبها
- مش بحبك، سامع يا ياسين، مش بحبك
أنت كنت تجربة في حياتي وخلصت وانتهينا، ااااانتهينا، صدقت أو لاء دي الحقيقة ولازم تتقبلها. و يارب أكون بجوابي ده كسرت غرورك اللي مصدعني بي.

أبعد يديها عنه وأخذ يحرك رأسه بنفي وعينيه بدأت تلمع بالدموع مرة أخرى ليقول بصوت مخنوق بعدما عجز عن ابتلاع لعابه الجاف
- مهما قولتي، ومهما عملتي، مش مصدقك، لأن عنيكي قالت غير اللي سمعته، بس ماشي، ماشي زي ما أنتي عايزة لأن مع الأسف أنتي صح، احنا انتهينا فعلا واللي كسرته أاااانا، فيك، لو قضيت عمري كله أصلح فيه ماهيتصلح ولا هيتنسي وكلامي ده مش هينفع بحاجة خلاص مع الأسف دي نهاية حكايتنا.

- فعلا هي دي النهاية وياريت تتقبلها بجد زي ما أنا تقبلتها. عايزة ورقة طلاقي توصلني بأسرع وقت وخلينا نكتب نهايتنا المرادي بشياكة...
قالتها بثبات واهي وهي تقف أمامه و تنظر الى عينيه بعذاب لتعود خطوة الى الخلف ثم التفتت وأعطته ظهرها وأخذت تمشي ودموعها بدأت تخنقها لتصعد سيارتها بهدوء لايمت لها بصلة ثم انطلقت بها لتنفجر بالبكاء بصوت عالي لعل هذا يقلل من حريق فؤادها.

قرارها صائب ولكنه مؤلم حتى النخاع، إمرأة مجروحة خيروها مابين الحب والكبرياء اختارت كرامتها وكبريائها ففعلته حقا لا تغتفر، ولا حتى هو يستحق الغفران...
أما الآخر نزلت دمعة حارة منه وهو ينظر الى أثر غبارها، ليرفع هاتفه ويرد عليه دون أن ينظر من المتصل ما إن ارتفع رنينه
- الو
- صوتك ماله، ما إن قالها شاهين حتى رد عليه باختناق حقيقي وهو يمسح وجهه: مخنوق...
شاهين بقلق: في ايه مالك يحيى حصله حاجة.

- يحيى نايم بشقتي
- غريبة، نايم وهو مايعرفش مراته فين
- طلب مني برشام للصداع وأنا أديته منوم من غير ما يعرف كان لازم يرتاح، أنت ماشفتش حالته بقت ازاي بعد ما طلعنا من عند هجان، ده اتجنن رسمي عليها...
- وأنت مالك
صرخ ياسين بانهيار وكأنه كان ينتظر سؤال أخيه هذا ليخرج ما في داخله: موجوع، قلبي بيوجعني
شاهين بوجع لا يقل عن الآخر ولكنه حاول أن يحافظ على ثبات نبرته: حصل ايه معاك.

- اللي حصل إننا وصلنا لخط مالوش رجوع...
بطلبها لورقة طلاقها
- تقدر تردها على ذمتك من تاني
- افهمني أنا ماقدرش أأذيها أكتر من كدة، أنا بحبها عايزها بس زي قبل عايز حبها لهفتها روحها الحلوة عايز أشوف نظرة الحب منها مش الكره والله تعبت وتعلمت الدرس، ليه مش راضية تسامح وتنسى ليه...
قطع كلامه وأخذ يبكي بصمت ليقول بعد دقايق.

روح يا شاهين بالله عليك روح وسبني باللي أنا فيه، ختم كلامه وهو يغلق الخط دون أن ينتظر الرد منه
في المزرعة عند الهجين كان يقف بالجنينه الأمامية وهو يقبض بكل قوته على هاتفه و يقطب جبينه بوجع على أخيه، حياتهم انقلبت رأسا على عقب واللعبة نتيجتها كانت سيف ذو حدين. كلا الطرفين انجرحوا، وعلى ذلك كله حتى الآن لم يأتيه أي خبر من حودة بالمستجدات التي تحصل بالوكر.

خرج من دوامته و نسى همه للحظة وابتسم ببهوت ما إن سمع صوت شقيته يأتي من خلفه وهي تقول
- ما لسه بدري ما كنت غيبلك يومين كمان. جاي على نفسك كدة ليه...
استدار لها ليهيم بها وبوقفتها الغاضبة التي تزينها بنظراتها الحاقدة التي يقسم بأن النظر لهما لمرة واحدة فقط في اليوم يكفي أن تكمله بمزاج رايق
- تعالي، قالها وهو يفتح لها ذراعيه ليجدها تحرك رأسه برفض مغرور وبرغم انها تنظر له بتمني...

اقترب منها هو ومسكها من عضدها ليسحبها نحوه وهو يحاوطها بقوة بذراعيه ليجدها ذابت داخل أحضانه دون أي مقاومة تذكر
زادت ابتسامته اتساعا ما إن وجدها تمرمغ وجهها بثنايا صدره وهي تستنشقه بإدمان
قبل شاهين صدغها وقال بصدق: وحشتيني
- كداب، ما إن قالتها وهي ترفع عينيها الغاضبة لتتأوة بألم عندما وجدته قرص شفتيها بقوة متعمدا أن يؤذيها وهو يقول بحدة طفيفة
- أنتي قولتي ايه
نظرت له سيلين ببراءة لا تمت لها بصلة
- ايه؟

- بلاش طولة لسان
سيلين بدلال: أيوه بس أنت لو بصحيح كنت أنا وحشاك ماكنتش نمت برا البيت...
شاهين بتبرير: والله مانمت...
- ليه في حاجة
- في مصايب بتخر على دماغي
سيلين بتشفي: أحسن، ماهو كل قوي في اللي أقوى منه، اللي عملته في بابا هيطلع من عينيك وهتشوف
قرص وجنتها بقوة وقال: ما أنا بشوف ياغلاباوية...
ما أنا بشوف أهو
- ربنا يمهل ولا يهمل، ما إن قالتها حتى ضربها بخفة وهو يقول بضجر مضحك.

- ما خلاص بقى كفاية شماتة أنتي ماصدقتي
- أيوه كدة اتعصب بحب استفزك أوي، وبحب شكلك كدة وخصوصا لما تعقد دي، قالتها وهي تتلمس مابين حاجبيه لترتخي ملامحه بسرعة من
أثر لمساتها الناعمة
ليقول بخمول وهو يدخل معها للداخل وأخذ يصعد للطابق العلوي: سيلينا حبيبتي جهزيلي الحمام عايز آخد دوش و أنااااام، مهدود حيلي
أومأت له وأخذت تجهز ما طلب منها بهدوء فهو فعلا يظهر عليه التعب الشديد...
بعد مرور ساعتين.

كان نائما بعمق وهو يحبسها داخل ذراعيه وكلما حاولت الخلاص منه يشدد أكثر عليها لدرجة شعرت بأضلاعها تداخلت ببعضها، وبرغم ألمها هذا إلا أنها كانت أسعد إنسانة في العالم...
رفعت يدها وأخذت تمرر أناملها داخل شعره الغزير وهي تنظر الى تفاصيل وجهه بدقه وكأنها تريد رسمه
لتقترب منه دون وعي منها أو حتى تخطيط لذلك
لتطبع شفتيها على فمه دون تقبيل ليقشعر جسدها ما إن غزتها حرارة ثغره.

ابتعدت ببطئ وهدوء وهي تريد ألا يكتشف فعلتها الحمقاء هذه فهي أصبحت هذه الأيام تتصرف دون تفكير، ولكن ما إن ابتعدت حقا عنه حتى وجدته ينظر لها بعينين ذابلة. لتقول بسرعة
- مش قصدي والله...
- بس أنا قصدي، قالها وهو يهم ليعتليها إلا أنه توقف ما إن رنين هاتفه ارتفع، سحبه ليرى من المتصل بكل لهفة ظنا منه بأنه حودة إلا أنه رأى آخر رقم توقع بأنها ستتصل به الآن.

ابتعد عن سيلين وخرج من الغرفة بأكملها ليرد ع المتصل والذي لم يكن سوا داليا التي قالت دون مقدمات
- عايزة أشوفك يا بن اللداغ
رد عليها شاهين بحذر: خير!
- اللي عايزة اقولهولك مافيهوش خير
- يخص سيلين؟!
- لاء يخص سلطان وااااااء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة