قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثلاثون

في الصباح الباكر في شقة يحيى اللداغ بالتحديد في غرفتهم
- خلاص يا غلا بلاش زن أبوس إيدك أنا مصدع ومطبق الليل كله، لما هرجع يا حبيبتي هاخدك ليها. أمك مش هطير يعني. قالها وهو يقف أمام المرآة يرتدي ساعته بالمعصم الأيسر
ختمت وجهها بعلامات عدم الاقتناع وقالت: بس أنت قولتلي كدة امبارح إنك لما ترجع هتاخدني ليها وماحصلش حاجة
التفت لها وقال بعدما تنهد بصبر
- انشغلت يا حبيبتي.

- وايه الجديد يعني ما أنت كل يوم مشغول
- خلاص خدي كلميها فون، قالها وهو يمد لها هاتفه إلا أنها رفضت بزعل
- مش عايزة
خرج بعدما رفع منكبيه وقال: براحتك
لحقت به وقالت بعصبية
- ايه ده أنت هتمشي وتسبني مولعة كدة
- غلااااااا وبعدين بقى ما أنا بقالي ساعة بقولك عندي زفت شغل
- شغل إيه بقى، ما إن قالتها حتى رد عليها بضجر
- لاااا ده أنتي صاحية وناوية نكد بقى
أشارت إلى نفسها بصدمة وهي تقول
- أنا نكدية.

يحيى بتأكيد: ده أنتي منبع النكد ذات نفسه ياشيخة
دفعته من صدره وقالت بغضب: وطالما أنا كدة جاي على نفسك ليه ومتحملني ما طلقني
عض على شفته بقوة ثم قال بابتسامة مصطنعة
- حاضر يا حبيبتي أول ما هرجع هطلقك فورا
- انت بتاخدني على قد عقلي
- ده أنتي ماعندكيش عقل عشان آخدك على قده
ما إن سمعت كلامه هذا حتى انفجرت به فهي لم تعد تتحمل أن تخبئ غيرتها عليه أكثر من ذلك.

- لا والله، وحبايبك اللي كنت سهران عندهم عقلهم يوزن بلد مش كدة
رفع حاجبه وقال بابتسامة سعيدة فحبيبته تغير عليه يالله كم هو جميع هذا الشعور
- قووولي كدة بقى أنتي شاكة اني كنت مع وحدة
- أنا متأكدة من دة
- طب ليه سوء الظن ده فيا بس
- ما أظنش ازاي وأنت السوء بنفسه بيتعلم منك
- ظلماني ياغلاتي
- نفسي اظلمك مرة ده أنت هاريني ظلم من يوم ماشفتك
- قلبك أبيض
ابعدت نظرها عنه وقال بزعل
- إلا عندي بيبقى أسود.

حاوط كتفها بذراعه وقبل صدغها ثم قال بتوضيح للمرة الألف
- ياحبيبتي يا عمري أنتي، الحكاية زي ما قلت لك، هو إن جانا خبر إننا لازم نصفي كل البضاعة اللي عندنا بالمخازن لأن بكرة الصبح هتيجي بضاعة جديدة، فعشان كدة اضطريت أبقى لوش الصبح هناك عشان يتم كل حاجة قصادي وأتأكد بنفسي منها، وأول ما خلصت جيت استحمى وأغير عشان اطلع استلم اللي جاي
زمت فمها وقالت بحذر: يعني أفهم من كلامك أنت ماكنتش مع ستات الليل كله.

يحيى بغزل: ستات مين بس هو في حد يحلى بعيني غيرك. مافيش ست في حياتي غيرك
- طب احلف إنك كنت في الشغل
حاوطها بقوة أكثر وقال بعدما ضرب مقدمة رأسها بخاصتها: وحياة غلا الروح
أخذت تدلك مكان الضربة وهي تقول
- خلاص صدقتك
ابتعد عنها وزفر بقوة وكأنه جاءه الفرج وهو يقول: الحمدلله، أمشي أنا بقى ولا هتلوي بوزك من تاني
- الحق عليا إني خايفة عليك يعني.

- خافي ياستي هو أنا قولت حاجة ده أنا قلبي بذات نفسه تحت أمرك يامفترية...
- يحيى!
- ياعمره
أخذت تلعب بأصابعها وهي تسأله بإحراج
- بتحبني؟!
انحنى برأسه نحوها قليلا وقال وهو يهزه بطريقة جميلة بعدما أغمض عينيه بقوة
- أيوه بحبك يا غلا
- طيب
ابتعد بضجر فهو توقع رد غير هذا منها لينظر لها من طرف عينيه وهو يقول باستنكار: طيب! بس كدة.

- أيوه بس كدة، يالا امشي، قالتها وهي تدفعه للخارج لتغلق الباب بسرعة خلفه تحت ضحكاته الرنانة عليها
- ربنا يخليك ليا ولا يحرمني منك أبدا أبدا أبدا
همست بدعائها هذا وهي ترفع يديها للأعلى ثم توجهت نحو غرفتها وفتحت دولابها بهمة و إصرار بعدما اتخذت قرارها على بدء حياة جديدة معه الليلة، نعم لم يتغير بعد كما كانت تريد ولكنها ستسعى جاهدا على فعل هذه وهي قريبة منه...
في المزرعة الخاصة بالهجين.

كان يغط بنوم عميق بعد ليلة طويلة قضاها مع معشوقته. ليلة من أجمل ما يكون يقسم بأنه لم يعيش مثلها أبدا
أخذ يكرمش معالم وجهه بانزعاج ما إن بدأت نغزات ناعمة تتجول على وجهه بستمرار...
فتح شاهين إحدى عينيه بنعاس ليجد أمامه
ملاك، نعم ملاك، فمحبوبته بنظره هو، ملاك برقتها، ومهرة بجموحها، وطفلة بضحكتها...
وانثى طاغية معه بشقاوتها ودلالها...

عاد ليغفى مرة أخرى ولكنه سرعان ما ابتسم بخمول عندما شعر بها تدفن نفسها و وجهها بصدره المعضل العاري، برغم سعادته بقربها إلا أن حركتها الغريبة هذه؟ جعلته يفتح عينيه وهو ينظر لها بتمعن متعجبا، فهي لم تكف عن شمه كالقطط الجائعة التي تبحث عن طعام، هذا كان أقرب تشبيه بحالتها هذه
رفع يده وأخذ يدعب وجنتها وهو يقول
- مالك يا حبيبتي
نظرت له ببراءة وقالت بدلال
- بحب ريحتك مش عارفة أشبع منها.

- وانا بحبك، قالها بابتسامة واسعة ورضا وهو يبعد شعرها عن وجهه وجعله على كتف واحد ليجدها ترفع نفسها قليلا له وما إن دفنت وجهها بعنقه حتى اخذت تستنشق رائحة جلده كالمدمنين...
لدرجة كلما أراد ابعادها عنه عادت بسرعة لأحضانه لتتنفسه بانتشاء، حركاتها العفوية هذه أرضت كبريائه كرجل ليسئلها بخبث بعدما رطب شفتيه بلسانه
- ماكنتش أعرف إنك بتحبيني بالشكل ده
نظرت له وقالت بإنكار: بس أنا مش بحبك
- أومال ده ايه.

دفنت نفسها بأحضانه أكثر وهي تقول بحيرة
- ماعرفش...
كز على أسنانه وقال: ما تتهدي بقى
سيلين بستغراب: في ايه؟
- في إنك ماعندكيش دم، قضتيها شمشمه وأنا أولع بكاز صح، حسي فيا
رفعت حاجبيها معا وأنزلتهم وهي تقول
- والله كل واحد يعمل اللي يريحه
- بس أنا راحتي بقربك...
- هو حد حايشك وأنا معرفش.

- بقى كدة طب تعاااالي ياحلوة، قالها بتوعد وهو يحاوط جذعها العلوي لينقلب بها بسرعة الى الجهة الأخرى لتصبح أسفله بعدما كانت تعتليه هي وقبل أن تفهم أو تستوعب شيء وجدت نفسها تضيع معه تحت الغطاء بعدما سحبه عليهما
بعد مرور ساعتين من الزمن كان يمشط شعره المبلل وهو يحاول أن يسيطر على ضحكته عنوة وهو يراها تحتضنه من الخلف وتدفن وجهها بمنتصف ظهره ليقول بمشاكسة
- مش هتسبيني بقى.

- هو أنا عملت إيه يعني، حلال ليك وحرام ليا
أوعى كدة مش عايزة منك حاجة، قالتها بتذمر وهي تبتعد عنه لتأخذ زجاجة عطره من أمام مرآة الزينة ثم توجهت للأسفل
انتهى من ارتداء ثيابه المنزلية ثم نزل خلفها ليرفع حاجبيه بذهول ما إن دخل إلى المطبخ ليراها تجلس على الأرض تأكل زيتون تارة و تضع زجاجة عطره عند أنفها وهي مغمضة العينين بهيام تارة أخرى
ذهب نحوها وجلس أمامها وقال بهوس
- بغير يابطتي.

فتحت عينيها وقالت باستفهام
- هااا
اشار لها بنظره على ما بيدها وهو يقول
- بغير منه
نظرت الى الزجاجة وقالت- بس دي ريحتك أنت
- أيوه بس بردو بغير...
- والعمل دلوقتي ايه
- إنك تبوسيني
- لو أديتك هتاخدني بحضنك أصله واحشني
شاهين بذهول منها: يخربيتك أنتي ضاربة إيه بس ع الصبح كدة. ده الحشيش المغشوش بنفسه مايعملش الدماغ دي وبعدين بتاكلي زيتون لوحده ليه ماتقومي تعملي فطار لينا.

مطت ذراعيها ثم قالت: مكسلة، وبعدين أنا نفسي راحتله كدة، و ابعد عني شوية أنا مخصماك
- مخصماني ليه ده من ثواني بس كنتي عايزة حضن
- امبارح رجعت من غير ماتجيبلي الأكل اللي طلبته منك وخلتني أنام وأنا زعلانة
- زعلانة إيه، ده أنا انهد حيلي لوش الفجر وأنا بصالحك وبعدين لو ع الأكل عنيا ليكي هعوضك بأحلى غدا من برا ها قولتي إيه سماح بقى المرادي
- اممممم تصدق اقتنعت خلاص سامحتك
- ياكرم أخلاقك العالي.

- عشان تعرف بس، قالتها ثم عادت لتناول الزيتون المالح ثم رفعت نظرها له وهي تناديه بدلال...
- شااااهين
- ياحبيبته أنتي
مسكت ثيابه وقالت بطلب
- اديني التشيرت بتاعك ده عايزة ألبسه
- من قلة الهدوم يعني
لوت شفتيها وقالت: شااااهين
- خلاص خدي، أخذ ينزع التشيرت وهو يقول...
أول مرة أشوف حد بيقلب حد عيني عينك كدة وبوسط بيته كمان.

أما الأخرى لم ترد عليه بل أخذت تنزع فستانها القطني وهي جالسة أمامه دون أن تراعي مشاعره التي انصهرت من فعلتها هذه ثم سحبت منه التشيرت بحماس وما إن انتهت من ارتدائه حتى رفعته لأنفها واخذت تتنهد بتخدير وهي تقول بشكل تلقائي
- وبكدة هحس إني بحضنك على طول
- هطيري عقلي يا بنت ماهر، قالها وهو يقرص أنفها بقوة تحرك رأسها بنزعاج ممزوج بألم وهي تقول
- أنا بنت سعد.

- أتمنى ده، قومي من الأرض، قال الاخيرة وهو يسحبها معه من رسغها لتنهض، ليجعلها تجلس على الكرسي ثم سألها، تحبي تفطري ايه؟
- اومليت حادق
- وده يتعمل ازاي
- ماعرفش اتصرف
شاهين بحدة مصطنعة: مش واخده بالك إنك واخده راحتك أوي بأوامرك دي
- عروستك وبتدلع عليك...
- عنيكي
- مالهم، ما إن قالتها وهي تضرب شعرها بغرور حتى قال باستنكار مخادع
- وحشه اوووي إيه ده
ردت عليه بغرور متعمد: غريبة مع إن كل راجل يشوفهم بيدوب فيهم.

صرخ بها شاهين بغيرة: سيليناااااا...
- في إيه، أنت بتزعقلي ليه
سحب خصلة من رأسها بقوة وقال بتهديد: أنتي قولتي إيه عيدي كلامك تاني عشان لما أضربك ضميري مايوجعنيش عليكي
أخذت تداعب خصلات شعره الممزوجة بشعيرات خفيفة من اللون الأبيض التي لأول مرة تراهم لتقول بعدما لمع الإعجاب بمقلتيها
- ماتقدرش تأذيني
هدأ قليلا بلمساتها هذه ليقول بترقب
- ليه مقدرش إن شاء الله
- لأنك مجنون فيا
- مغرورة
حركت رأسها بنعم وهي تهمهم.

- اهمممم وغروري ده هو اللي مجننك صح
- صح، لأنه بجد لايق عليكي
- عارفة
- وياترى عارفة ليه؟!
- ليه
- لأنك، أنثى الهجين
- وهنا بقى مين فينا المغرور
- انتي
- بردو، قالتها وهي تضحك بطريقة خطفت أنفاس عاشقها الذي رد عليها بهمس وهو يداعب أنفها
- بردو
أخذت تمرر أطراف أناملها على شعر ذقنه وهي تقول: فاكر لما قولتلك هتحبني لدرجة إني هاخد حق عيلتي كلها منك
أومأ لها وقال: فاكر يا قلبي فاكر
- واديني أخدته منك...

ضحك عليها من كل قلبه وما إن هدأ و وجد الاستغراب يملأ معالم وجهها حتى قال
- أنتي عاملة زي ياسين
سيلين باشمئزاز: يااااااااااع مالقتش غيره تشبهني فيه
شاهين بعدم فهم رفضهم لبعض هذا: مش عارف ايه سر القبول الغريب المتبادل مابينكم بس على العموم أنتي زيه، يوم ما خلى اختك تحبه نسي نفسه وحبها، أنتي كمان زززز
قاطعته بضيق: انا مش بحبك
ذهب نحو الثلاجة واخرج مكونات الفطار وهو يقول: لا ماهو واضح
- والله مش بحبك صدقني.

- ماتحلفيش كدب، ما إن قالها وهو يضع المقلاة ع النار بهدوء شديد نجح به أن يستفزها لتصرخ بإنكار
- شاااااهين انا مش بحبككككككك
رد عليها بلا مبالاة: ماشي فهمنا
سيلين بضيق- أنت مش مصدقني صح
ترك ما كان يعمل و وقف أمامها وقال بجدية
- أصدقك ازاي وأنت نفسك مش مصدقة نفسك
تحبي تجربي
- أجرب ايه!

- دي، قالها وهو ينحنى برأسه نحوها لدرجة كادت أن تلامس شفتيه ثغرها ولكن ما إن ابتعد قليلا حتى وجدها ترفع نفسها له بعفوية له ليقبلها
فتحت عينيها بصدمة وأغلقت فمها بكفيها بإحراج ما إن وجدته يقول بانتصار ماكر: شفتي
سيلين بتهرب: أنت غشاش، أنا هطلع الجنينه لحد ما تخلص
شاهين بعصبية ممزوجة بغيرة: اترزعي بمكانك احسلك قال جنينة قال، مش كفاية المرة اللي فاتت كنت هقتل حد من رجالتي. أنتي عايزاني أخلص عليهم...

- ايوه بس أنا مخنوقة عايزة أشم هوا
- نفطر ونخرج سوا، بس لوحدك لاء
- ماشي، قالتها وهي تعود إلى مقعدها وما إن جلست عليه حتى ابتسم بحب وهو يعود الى مكانه لإكمال صنع الفطار لها...
بعد الظهيرة في إحدى المناطق الهادئة توقفت سيارتها أمام إحدى العمارات السكنية القديمة
نوعا ما لتنزل من خلف المقود وهي تقول
- يالا وصلنا، شقتنا بالدور التاني
توجهت نحو الصندوق الخلفي للسيارة وأخذت.

تخرج الحقائب منها ثم نظرت الى والدها الذي نزل بمساعدة والدتها لتصعد قبلهم وهي تعافر بحمل إحدى الحقائب وما إن وصلت أخيرا أمام باب الشقة حتى فتحته على مصراعيه لتلتفت بعدها لوالديها اللذان كانا ملتزمين بالصمت منذ خروجهم من المستشفى على مايبدو أن كل مايحدث معهم الآن صعب عليهم أن يتقبلوه لذلك اختاروا الصمت كتعبير عن حزنهم
- رايحة فين، قالتها داليا ما إن وجدتها تهم بالخروج.

مرة أخرى لترد عليها ابنتها بعملية
- هجيب الشنط ياماما
نطق سعد بقهر رجل مكسور بعجزه
- بحملك فوق طاقتك صح
نظرت له قليلا بتفكير ثم قالت: و إيه يعني لما تعمل كدة، مش أنا بنتك اللي تعبت عليها وكبرتها عشان تكون سندك بكبرتك ولا أنت شايفني مش قد إني أكون سندك لأني مش ولد
رجف فك سعد باختناق ثم قال لزوجته
- دخليني جوا عايز أفرد طولي تعبت من الوقفة.

ميرال بإرشاد: الأوضة الكبيرة دي أنا جهزتها ليكم خشوا ارتاحوا فيها وأنا شوية وجايا
- ماشي يا حبيبتي، قالتها داليا بحنية وهي تاخذ شريك حياتها للداخل...
أما ميرال ما إن اختفوا من أمامها حتى تنهدت بحزن على انكسار والدها الواضح هذا ثم تحركت نحو خارج الشقة ونزلت لتأتي بالحقائب المتبقية وما إن انتهت من سلم العمارة حتى تفاجئت بشخص يدخل وهو يحملهم
كتفت ساعديها وقالت بترقب
- أنت مين؟

- أنا حودة من طرف ياسين باشا، ما إن قام بتعريف نفسه حتى اسدلت يدها بانزعاج ثم اقتربت تريد سحبهم منه وهي تقول بعدم رضا
- هاتهم مش عايزين مساعدة من حد
ابتعد حودة بهدوء عن مرمى يدها الغاضبة وقال
- بس دي أوامر الباشا
- أوامره عليك أنت مش عليا، قالتها بانفعال لتجده يتخطاها بهدوء ليصعد بالحقائب غير آبه لاعتراضها
وما إن أوصلهم عند الباب حتى رن هاتفه والذي لم يكن سوا ياسين...

- ايوه يا باشا، ما إن رد عليه بعملية واحترام حتى فهمت ميرال أن المتصل هو معذبها وبحركة منفعلة منها سحبت الهاتف من بين يديه لتسمعه يقول على الطرف الآخر
- هي كويسة
ميرال بغضب: طول ما أنت مش ناوي تعتقني يا ابن اللداغ أنا مش كويسة، ااااابعد عني بقى
- أبعد ازاي! طب مافكرتيش هيحصل فيا إيه
- أنت آخر واحد ممكن أفكر فيه
- هتفكري يا بنت عمي صدقيني هتفكري.

- بنت عمي،! قالتها وهي تبتعد عن حودة لتقول بعدها بخفوت مجروح، ايوة أنا بنت عمك اللي رمتها لرجالتك، بنت عمك اللي كسرتها بيدك
وقولت انها رخيصة و فعلا أنا رخيصة لأني آمنت بواحد زيك، أيوه انا بنت عمك اللي محدش عرف يأذيها قدك...
كاد ان يتكلم ويبرر أفعاله معها إلا انها قاطعته باختناق وهي تكمل، بالله عليك يا ياسين انسى إني بنت عمك، بلاش تخلي معدتي تقلب من الصبح بالحقيقة دي...
- حبيبتي!

جلست على الدرج المؤدي للطابق الأعلى منهم وهي تقول بتعب قلب فهي لأول مرة تستشعرها منه هكذا: ماااتت، صدقني ماتت
- ماتوجعيش قلبي عليكي بالشكل ده، كفاية اللي انا فيه
ردت عليه ببكاء يمزق فؤاد كل من يسمعها مما جعل حودة يبتعد عنها بوقفته أكثر ويعطيها ظهره
- والوجع اللي أنا في ده اااايه، عاااادي، كلمة مني بتوجعك! تخيل بقى انا حالتي اااايه منك دلوقتي.

قطب حاجبية وقال بمرمرة: ميراااال، والله اللي عملته فيكي أذاني أكتر منك
ميرال بعدم تصديق: أهو كلام بيتقال بس محدش بيحس بجد بالوجع غير صاحبه...
- أنا عارف إنك بتحبيني، سامحيني!
ردت عليه برفض قاطع
- لو هتموت قصادي مش هعملها
- طب افتكريلي حاجة حلوة
- كل حاجة حلوة معاك كانت نيتها وحشة خبيثة
زيك، قتلت ذكرياتنا بإيدك و مافضلش دلوقتي منها غير كم صورة باهته كل لما افتكرها بأعض صوابعي عليها ندم...

قالتها وهي ترفع رأسها لترى من هذا الآتي لتصمت وتختفي شهقاتها ما إن وجدته هو، يصعد السلم ليقف أمامها وينظر لها بنظراته الساحرة التي لطالما عرفت كيف تأسرها
سحب منها الهاتف برقه وأعطاه لحودة دون أن يبعد نظره عنها ليأخذه منه الآخر ونزل وما إن اختفى
حتى تقدم منها وجلس أمامها على إحدى ركبتيه وقال بتوسل طفيف بعدما مسك يدها ورفعهم لفمه وقبلهم بقوة.

- ندمك مش أكبر من ندمي أديني فرصة أصلح اللي هديته، مش عايز منك غير فرصة وحدة بس
سحبت يدها منه وقال بعصبية
- انت ماتستاهلش
ابتسم بحزن وقال: للدرجة دي كرهتيني
ميرال بتأكيد حاقد: و أكتر
مسك وجهها بشكل مفاجئ لها وأجبرها على النظر بحدقتيه ثم قال بقهر عاشق
- ميرال ركزي، بصيلي، أنا ياسين معقوله نسيتي كل حاجة حلوة عشتيها معايا، أنا اللي كنتي بتنامي على صوتي، أنا حبيبك مش ده كان كلامك.

حررت وجهها منه وقال ببرود: ده كان زمان وقت ما كنت مخدوعه فيك، بس دلوقتي ماتتعبش نفسك. عمري ما هسامحك، وبعدين أنت بتعمل ايه هنا امشي أنا مش عايز أشوفك
- بس أنا عايز أشوفك وأشم ريحتك اللي بحبها، بتوحشيني يامرمر أعمل ايه أنا عاجز قصاد حنيني ليكي
- قد شوقك ده ليا أنا بكرهك
- قاسية أوي من جواكي على عكس شكلك
- تعلمت منك اني ابان حاجة وأخبي حاجة تانية جوايا، يالا امشي وماتجيش هنا تاني.

- امشي فين بس ده أنتي طلعتي بنت الغالي اللي عملت كل ده عشانه هو، تخيلي وجعي
قد ايه دلوقتي وأنا اللي بنفسي أذيتك. ارحميني
كفاية أوي وجع ضميري اللي عايش فيه
نهضت من مكانها وهي تقول بتشفي
- الوجع ده من عمايل إيدك، اشربه بقا
وقف أمامها وقال: بلاش تدي ودنك لعقلك وتخربي علينا اسمعي لقلبك أنا متأكد إنك بتحبيني أكتر من ما أنا بحبك
- حبي ليك تحول لحقد لغل لكره
- يعني مش هتغفري
- عمري.

قبض ياسين على عضديها وهو يقول بنفعال
- ليه العناد ده كله
- دي حقيقة مش عناد، طلقني رسمي يا ياسين احنا انتهينا
اخذ يهزها بشبه انهيار- طول مافي نفس فينا عمرنا ماهننتهي. مستحيل أخلي حكايتنا تنطوي على النهاية دي
سحبت نفسها منه وقال: ومالها نهايتنا مش عجباك ليه مش أنت اللي كتبتها بيدك...
عاد واقترب منها مرة أخرى وحاوط وجهها بحزن وما إن ابتلع لعابه الجاف حتى انحنى نحو شفتيها المنفرجة ليقبلها.

ظن أنها ستدفعه ولكنها تحولت إلى لوح من الخشب...
جامدة بين يديه لا روح فيها، تعمق وتفنن بتقبيلها لعله يأخذ منها استجابة ولكن لا حياة فيها وهذا ما جعله يبتعد عنها وهو ينظر لها بصدمة ولكن ما جعل عينيه تمتلئ بالدموع
هو عندما وجدها تهمس له بصوت منخفض جدا باردا و بعيدا كقاع البحر بالكاد سمعه ما إن نظرت إلى بؤبؤ عينيه
- مابقتش بتأثر فيا زي زمان مشاعري ماتت على إيدك.

ابتعدت عنه وذهبت نحو الحقائب المركونه جانبا وما إن أدخلتها للداخل حتى أغلقت باب الشقة بوجهه وكأنه غير مرئي
نزلت دمعة منه ولكن قبل أن تشق طريقها لفكه حتى التفت ومسحها بسرعة وهو ينزل الدرج وما إن خرج
حتى وجد حودة يقف أمامه ينتظر اوامره لينفذها ولكن الآخر تجاهله وصعد بسيارته لينطلق بها نحو الوكر بالتحديد عند، سلطان...
في الوكر، القطاع، كان الجميع يعمل على قدم.

وساق وعلى رأسهم يحيى الذي يكاد أن يقع من شدة ارهاقه ونعاسه...
أخذ يمرر باطن يده على وجهه بتعب ثم ما إن اعتدل وأخذ يحرك ظهره حتى لفت انتباه دخول سيارة ياسين الذي توجه مباشرة نحو طريق القبو
قطب جبينه بتساؤل ماذا هناك، لكي لا يمر ويلقي السلام عليه وتوجه مباشرة للقاء سلطان
التفت نحو الرجال واخذ يصفق بيده وهو يقول بحزم: يالا يارجال ورونا الهمة، خلصونا بقى.

في الطرف الآخر م الوكر بالتحديد عند سلطان بالقبوا كان يجلس خلف المكتب وهو يجري إحدى المكالمات الخاصة بالشغل...
أغلق الخط ونظر نحو ذلك الذي أخذ ينزل الدرج بغضب وما إن وصل له حتى قبض على تلابيبه ليرفع بعنف من مكانه وهو يقول بصوت يرعد
- ااااانت أكيد كنت عارف
- أنت تجننت يا ياسين ايه اللي بتهببه ده.

- رد عليااااااا كنت عارف ولا لاء أكيد عارف ولا ماكنتش تركز عليهم كل ده، واصرارك الغريب اننا نجيبهم الوكر هنا...
- أنت بتتكلم عن ايه
- عن بنات اللداغ اللي بقوا لعبة بيدك...
- مش فاهمة
- مش فاهم بجد ولااااا
- ياسين من غير لف ودوران في ايه
- في إني اكتشفت إن بنات سعد مطلعوش بنات سعد تخيل
- دي فزورة ولا ايه
- فعلا فزوره محبوكة منك...
- يا تتكلم بوضوح يا تخرج من نفس الباب اللي دخلت منه أنا عندي شغل.

- نتكلم وماله، بنات سعد
- مالهم
- طلعوا مش بناته تخيل!
- أومال بنات مين...
- ماهر اللداغ
- بتهزر صح
- لاااااااااااا اعملهم على غيري انا ياسين تربيتك اللي اكتر واحد عارف وسختك بالوكر ده كله، بس ماكنتش اعرف ان وسختك هتوصل للمستوى ده
- مالك شايط كدة ليه و وساخة ايه اللي بتتكلم عنه دي، كل الغاغة دي عشان بنت سعد مش راضية في وشك، سعد هو اللي فهمك إن دول بنات ماهر.

- هو أنت مفكر إن لو سعد قال كدة هصدقه لأنه هو اللي قال، أنا صدقته لأني عارفك، ممكن تفهمني ايه هو السر بالانتقام منه ده، حاولت أقنع نفسي بكلامك لسنين بس مش خاشش دماغي، وليه
كنت مصر ع البنات ليه، ليه ماخلتناش نضرب سعد رصاصة وخلصنا، ليه كنت مركز معاهم أوي كدة، ليه كنت عايز تجيبهم الوكر
توتر سلطان بشدة من سيل الأسئلة التي انطلق عليه من مكار الوكر الذي بالتأكيد لم ولن يقتنع بأي إجابة.

كانت يجب ان يكون الرد مقنع ولكن كيف وهو لا يعطية الوقت لتفكير حتى...
نظر سلطان نحو باب القبو ما إن لمح دخول يحيى منه حتى اتت له فكرة شيطانية لقلب الموازين عليهم ليباغت الذي امامه بسؤال غدار مما جعل الآخر يتوقف عند الباب العلوي ليستمع الرد ما إن قال بحقارة
- أنت بتسألني ليه وليه، ممكن قبل ما رد عليك تقولي أنتم ليه لحد دلوقتي ما قولتوش ل يحيى إن أبوه الحقيقي يبقى ماهر اللداغ، عمكم...

تقدر بقى تقولي ليه شاهين رافض يعرفه على أصله الحقيقي ليه معيشه وهم إنه ابن حرام
مع إنه آه ابن حرام بس أبوه معروف يعني، ليه خليتوه معاكم ومفهمينه أنه مجرد صديق وبتعطفو عليه بلقب عيلتكم مع إنه ده حقه، لقب اللداغ حقه لأنه، يحيى ماهر اللداغ وده مش فضل منكم
- ماترد يا ياسين على اسئلته، قالها يحيى وهو ينزل الدرج ليلتفت الآخر له بسرعه وهو مصدوم...

انتهى من الدرج واخذ يقترب منه وهو يقول بشبه ضحكة حزينة تختفي وتظهر على ملامحه الشاحبه من ذهول ما سمع...
- انطق اتكلم، ليه ساكت، أنا ابن ماهر اللداغ
ولا ابن حرام فعلا، ولا يكون الاتنين مع بعض
- شاهين الوحيد اللي يقدر يرد على أسئلتك دي كلها، قالها سلطان موجها كلامه هذا ليحيى الذي ما إن دخل حتى الآن لم يبعد نظره عن أخيه الروحي الذي اقترب منه بدوره وقال.

- يحيى بلاش تفهم الموضوع على هواك أنت أخونا من أول يوم ما شاهين جابك عندنا...
- أنت كنت تعرف إني ابن عمك صح
- اسمعني
- رد عليا كنت تعرف ولا لاء
- أعرف ومن أول يوم شفتك فيه
- وشاهين
- كان عارف قبلي بده
- يبقى كدة خلصت يامعلم
- خلصت إيه، يحيى!، أخذ ينادي عليه ولكن الآخر تركهم وخرج ليلتفت نحو سلطان وصرخ به وهو يقول
أنت قاصد إنك تتكلم عشان يسمع صح، كنت عارف أنه دخل، مش كدة.

- من حقه يعرف أصله، قالها سلطان ببرود وهو يعود إلى خلف مكتبه بعدما هندم ثيابه ليجد ياسين يرفع سبابته له وهو يقول
- ألف مرة قولنا إن يحيى لاء، وأنت بردو لعبت
بالورقة دي، استلقى وعدك من الهجين
قالها وهو يصعد السلم بسرعة على أمل أن يلحق بالآخر
مساء في مزرعة اللداغ...

في الجنينة الخلفية للمزرعة كانت مستلقية على العشب الأخضر بأحضان الهجين بصمت وهي تنظر الى السماء حالكة الظلام بشرود أما الآخر كان شارد ايضا ولكن بها وبفتنتها التي فتن بها ما إن وقع بصره عليها لأول مرة
التفتت له ما إن لاحظت نظراته تخترقها بهيام...
رفعت رأسها له وقبلت فكه بهدوء ثم قالت باقترح
- ايه رأيك نلعب لعبة اسمها سؤال وجواب...
شاهين بقبول: نلعب ليه لاء
اعتدلت بجلستها وضربت كف بكف بسعادة وهي تقول.

- حلووووو
نهض هو الآخر ليجلس أمامها وهو مستغرب ردة فعلها: ومالك مبسوطة كدة ليه
- أنت عايزني أزعل ولا ايه
- لا ياحبيبتي مش قصدي، يالا ابدأي أنتي
- طيب، السؤال الأول هو، أنت حبيت قبلي كم مرة
- ولا مرة
سيلين بندفاع- كداااااب أكيد حبيت أنت مش حجر.

قطب جبينه بجدية وقال: أنا مش بخاف من حد عشان أكدب، في فرق إني أحب بجد و إني يعجبني حد، ومرة تانية لو قلتي كداب دي هقص لسانك ده بإيدي مش معنى إني ادلعك تسوقي فيها مفهوووووم، سمعيني مفهوم ولا لاء...
لتقول سيلين بتراجع فغضب الآخر مخيف حقا: مفهوم، أنا آسفة مش قصدي أزعلك، طيب في سؤال كمان...
- صدعيني
ردت بعتاب مدلل: بقى أنا صداع
- سيلينا قولي سؤالك وخلصيني
أشاحت له بيدها بزعل: أنا مش لاعبه، أنت بزعقلي ليه.

مسك يدها وقبلها وقال: خلاص يا حبيبتي...
نظرت له بترقب وقالت: يعني اسأل تاني،؟
- اسئلي ياعشق الهجين
- هو أنت تجوزت قبل كدة
- كتير
سيلين بصدمة وذهول من ماسمعت منه الآن
- كتير؟، ايه هو اللي كتير، أنا عارفة إن اللي يتجوز مرة، اتنين، لو دونجوان زمانه تلاتة بالميت أنت بقى وصلت لأي ليفل من دول
- أنا دخلت موسوعة جينس بالموضوع ده
صرخت وهي تفتح عينيها على وسعهم
- أنت بتهزر
- لا والله.

- وبتحلف كمان، شاااااهين أنت عايز تجنني
- لا حول ولا قوة الا بالله، دي آخرة اللي يبقى صريح مع مراته، غمغم بها مع نفسه ثم تنهد وقال بصوت مسموع، شوفي يا قلبي، أنا مش بحب ألمس وحدة بالحرام، آه عملت كل حاجة تخطر على بالك الا اتنين
- اللي هما ايه9
- الزنا والشرب، الاتنين دول مقربتش منهم ولا ناوي أقرب منهم، الأول إني بقرف ألمس حاجة تلمست قبلي، والتانية مش بشربها لأنها بتمحي عقلي...

سيلين بأعتراض: ايوه بس ليه تتجوز أصلا، كنت تستناني لغاية ما أكبر، ايه مستاهلش إنك تستناني
شاهين بستغراب: استناكي وأنا معرفكيش ازاي دي
- أنا اللي قلبك حبها و نصيبك حلالك، كنت ستنيت نصيبك لما يجيلك اشمعنا احنا البنات بنستناكم...
- لو كنت أعرف إني في يوم هشوفك وهعشقك بالشكل ده يشهد ربنا عليا عمري ما كانت إيدي لمست غيرك
- ايوه بس أنت...

قاطعها وقال بصدق: أنا بحبك أنتي وبس مش مهم كم قبلك المهم إن مستحيل يبقى في بعدك، أنا من أول ماشفتك وأنا اعتزلت كل ستات العالم
سيلينااااا بصيلي شوفيني أنا مش صغير أكيد هكون متجوز قبل كدة اومال أنتي كنت مفكرة ايه...
- ليه. أنت عندك كم سنة، امبارح سألتك وماردتش عليا، أنا 25 وأنت
- 37 سنة، يعني مابينا 12 سنة تقريبا، يعني مش صغير...

برطمت شفتيها بزعل وقالت وهي مرغمه على تقبل هذا الماضي المزعج: ماشي في سؤال كمان
- سؤال ايه احنا من لما بدأنا نلعب وأنتي بتسألي
تقولي ماصدقتي وشبطتي فيا ودخلتيني في سين وجيم
- اااالله مش بتعرف عليك، عايزة أعرف جوزي بيحب ايه وبيكره ايه
- مش لما أعرف حبيبتي بتحب ايه بالأول
ردت دون تفكير: بحب بابا...
أومأ لها وسألها مرة أخرى: طب واللي يزعلك ايه
- زعل بابا بيزعلني
- بتحبيه؟

حزنت معالمها وقالت: أكتر من نفسي، مسكت إيده وأكملت بترجي، شاهين لو بتحبني بصحيح خدني ليه والله هموت وأشوفه بس واطمن عليه دي أول مرة يغيب عني بالشكل دة...
- إن شاء الله بس مش دلوقتي
- امتى طيب
- ربنا يسهل
- ماشي مش هزن عليك عشان ماديقكش بس قولي أخبارهم ايه، ماما وميرال، وبابا كمان صحته عاملة ازاي، ياترى بيشرب الدوا بميعاده والا لاء
وميرال ربت الواد ياسين ده ولا لسه و، آااااااه.

تأوهت ما إن ضربها على فمه بصفعه قوية قليلا وهو يقول بتحذير: اوعي تسيئي ل أخويا مرة تانية فاهمة
- أنت وأخوك مش بتنزلولي من زور
- مش مهم، قومي هاتيلنا حاجة نشربها وبلاش لوك كتير
- والله ما أنا جايبة حاجة، قالتها بزعل وهي تنهض من جانبه وتدخل إلى الصالة من الباب الخلفي وما إن توجهت للسلم لتصعد إلى غرفتها حتى وجدت الباب الرئيسي يطرق...

زمت فمها بتفكير فقد منعها شاهين أكثر من مرة أن تفتح الباب إن طرقه أحد، ولكن عنادا به ضربت كلامه بعرض الحائط وذهبت نحو الباب وما ان فتحته حتى أغلقته مرة أخرى بغضب؟ وهي تقول بصوت مسموع للطارق
- أعوذ بالله من غضب الله
أعاد طرق الباب أكثر من مرة لتضطر لفتحه قليلا وهي تقول بتأفأف: ياااا نعممممم عايز ايه
ياسين بتساؤل: فين شاهين
- عايزه ليه؟!
- على فكرة ده أخويا مش هستئأذن منك إني أشوفه أو أبررلك ده.

- على سيرة الاخوات، سمعت إن ميرال أختي حبيبتي ولعت فيك، مش هتصدق وقتها حسيت بأيه دي الفرحة ماسعتنيش، بس يا خسارة طلعت منها زي الشعرة من العجين
- شمتانة، ما إن قالها حتى فتحت الباب بعصبية وقالت بتحدي
- شمتانة فيك جداااا، ده أنا الود ودي أولع فيك من تاني دلوقتي
- سيلين إيه الكلام ده، قالها شاهين وهو يتوجه نحوهما وقبل أن يستفسر ماذا هناك ليوجه ياسين كلامه لها وهو يقول باندهاش من شراستها معه.

- ليه كل الغل ده منك ليا، دي أختك بذات نفسها مش بتكرهني قدك...
صرخت به بانفعال وكأن الحادثة حصلت الآن أمامها
- لأنها ماشافتكش وأنت بترميها عند رجلينا لما جبتهالنا وكأنها كيس زبالة مالوش لزمة...
رفعت سبابتها بوجهه وأكمل بقوة أنثى متوعدة جسورة لا تخاف من أحد، واااالله يا ياسين ثم والله كمان...
عمري ما هسمح ليها أنها تسامحك، كل لما تحن هفكرها بندالتك ده لو كانت بتحن ليك أصلا...

اسألني أنا بميرال لما تقلب على حد عمرها ما ترجع ليه، وخصوصا لو كان واحد بندالتك أنت
- سيلين،! صرخ بها بصوت رج جدران المزرعة رج وهو يقبض على مرفقها بقوة جبارة ألمتها، لينظر الى الدرج بأشارة ان تصعد
كادت ان تتكلم إلا أنه قطع أي حوار ممكن أن يحدث ما إن قال بأمر قاطع غير قابل للنقاش
- اطلعي،!
نظرت الى شاهين بغضب ثم الى الآخر بحقد.

ثم تركتهم وركضت على الدرج بعدما سحبت ذراعه منها وما إن وصلت نهايته حتى التفتت لهم لتجدهم مازالوا ينظرون لها لتصرخ بهم بغل
- بكرهكم هاااا
ابتسم شاهين مع نفسه على عنفوانها هذا الذي يهيم بها عشقا، يالله كم تروق له بقوتها هذه الممزوجة بضعف أنثى مليئة بالشجن
قطع اخيه حبل أفكاره او دعنا نقول حبل غزله بها
ما إن قال
- يحيى عرف أنه ابن ماهر
التفت له وقال: ايه،! مين اللي قاله
- سلطان
شاهين بذهول: أنت بتهزر
- لاء.

- ازاي ده حصل...
- مش ده اللي أنا جايلك فيه
- اومال ايه
- يحيى بقاله فوق التلات ساعات مش عارف اوصله
كلمت الحرس اللي أنت مكلفهم بمراقبة شقته قالوا أنه مارجعش ليه لسه...
- هيكون راح فين يعني
- قصدك ناوي يعمل ايه، يحيى متهور و احنا عارفين ده كويس...
- أكيد هيشرب، ما إن قالها شاهين حتى أكد ذلك أخيه وقال: ده أكيد، بسسسس انت عارفه متهور
يخرب الدنيا ويندم بعدها...

نفخ بقوة ثم قال بقتراح: تعالى نروح ليه الواحات أكيد هو هناك مع بنات الغجر، ما أنت عارفة بيموت بالقرف ده...
- يالا، بينا، قالها ياسين وخرج ليلحق به الآخر بعدما ألقى نظر اخيرة للمكان الذي اختفت من خلاله معشوقته الشقية
بعد نصف ساعة من انطلاقهم وهم على الطريق الصحراوي، تلقى ياسين اتصال من رجاله المكلفين بمراقبته، ليقولوا لهم، بأن يحيى قد عاد الى شقته، ولكن، برفقته إحدى فتيات الليل.

في شقة يحيى وغالية التي كانت تنظر حولها بأعجاب، فقد قامت بتزيين عش الزوجية الخاص بهم
بديكورات بسيطة جدا ولكن كانت لمساتها هذه تركت أثر جميل في الأرجاء
ثم ذهبت راكضة نحو مرأة الزينة وأخذت تنظر لنفسها برضا وفرحة، فهي قررت الليلة ستكون كالليلة زفافهم التي لم تقام من الأساس
كانت ترتدي فستان جميل باللون الأبيض يلتصق بمنحنياتها بدقه قصير نوعا ما يصل طوله الى أسفل.

ركبتيها ليظهر ساقيها المزين بحذاء عالي من نفس اللون
اما أكمام الفستان كانت طويلة ولكن فتحت العنق واسعة بشدة يظهر من خلالها كلتا منكبيها عارية الذي اخفتهم بشعرها الاسود التي قامت بتسريحه بالمكواة الشعر، ليصبح ناعم بشدة ولامع كالحرير حرفيا...
أخذت تضع أحمر الشفاة الوردي الفاتح وما إن انتهت حتى أخذت تدور حول نفسها بسعادة وهي لا تصدق نفسها، هل هي اخير وقع بالحب، وبحب من.

يحيى، آخر شخص كانت تتوقع انها ستتقبله بحياتها...
تنهدت بخجل ما إن تخيلت ردة فعله لكل ما فعلته
توجهت نحو الصالة وجلست تنتظره، ساعة واثنان ولم يأتي، شعرت بالقلق الشديد عليه
اخذت تفكر وهي تحرك قدمها بتوتر، اين هو الأن
رفعت رأسها وهي بلهفة وخجل واحراج ومزيج غريب من المشاعر هاجمتها ما إن سمعت صوت قفل الباب يفتح من الخارج.

ركضت نحو الإضاءة وأطفأته بسرعة وأخذ تترقب دخوله لتفاجئه ولكن غابت ابتسامتها ما إن وجدته يدخل بترنح شديد بالكاد يقف على قدمية و ااااء
ماذا؟ من هذه التي يسحبها خلفه لتدخل معه وما إن أدخلها بالفعل واغلق الباب حتى وجدته دفعها على الحائط ليعتقل شفتيها بقبلة شهوانية وصلت أصواتهم بوضوح لها بطريقة جعلت مقلتيها تطرح دمعة وحيدة شقت طريقها بشكل تلقائي دون ان ترمش حتى.

تجمدت ولم تتحرك من مكانها كانت تنظر لما يحدث أمامها وكأنها ترفض التصديق، ضغطت ع مقبس الأنارة لينتشر الضوء بالصالة لتشهق تلك الفتاة وهي تبعد يحيى عنها وهي تقول
- مين دي؟
ابتعد عنها بتذمر وما إن التفت للخلف ليجدها أمامه، ليقول بلا مبالاة جرحها بها
- مالك خفتي ليه، دي مراتي...
نظرت لها الفتاة بانتصار وهي تقول عن قصد
- دي اللي كلمتني بالفون قبل يومين صح
أخذها من يدها نحو الغرفة وهو يقول بثمالة.

- ايوه هي دي، يالا بينا
- يالاااااا فين، أنت واخدها فين!
قالتها غالية وهي تقف أمامه بعدم تصديق ولكن ما كان رد الآخر سوا أنه دفعها من امامه وسحب الأخرى لغرفتهم وأغلق الباب عليهم من الداخل
فعلته هذه جعلت غالية كالمجنونة حرفيا أخذت تطرق الباب بكلتا يديها وهي تصرخ بأعلى درجة صوت لديها
- اااافتحححححح! مش بأوضتي يا يحيى مش على سريري،! مش هسامحك لو عملتها، يحيى مش هسامحككككك،!

ركعت على ركبتيها أمام الباب وأخذت تبكي بإنهيار ولكن ما جعلها تصرخ وهي تسحب شعرها بقوة لدرجة أنه خرج مع أناملها بغزارة ما إن بدأت تسمع أصواتهم من الداخل
آااااااااااااااااااااه، ليه كدة! أنا عملتلك ايه
يحيى! بلاش تدبحني كدة بلاشششش
صمتت بشكل مفاجئ وهدأت ما إن وصلها صوت ضحك الأخرى
نهضت من الأرض وذهبت نحو أسدالها الموضوع بأحدى الأدراج الموضوعة بالصالة لترتديه فوق ثيابها هذه بسرعة وهي تقول بدموع لم تتوقف.

- والله ما أنا قعدالك فيها...
توجهت نحو الباب و دون أدنى تردد فتحته وخرج وأخذت تركض للأسفل وهي بالكاد ترى طريقها من غزارة دموعها التي تطرحها من مقلتيها...
خرجت من العمارة ليلا وأخذت تمشي دون هداوة أو هدف بالظلام وهي تبكي بصوت عالي، لم تعرف كم مشت وكم مضى من الوقت، فحرقة قلبها لا توصف حقا.

لم تشعر سوا بأن هناك من وضع منديل رطب على أنفها وفمها بشكل مفاجئ حاولت أن تقاوم ولكن الأمر لم يستغرق سوا ثواني معدودة حتى سقطت
علي الفور ضحية بين مخالب المجهول.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة