قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثاني والعشرون

ألبسها الخاتم بخنصرها الأيمن بأجواء هادئة ولكن أقل ما يقال عنها بأنها رائعة لتبتسم له باتساع شديد حتى ظهرت أسنانها كلها فهي تكاد ان تطير فرحا من كل ماتعيشه الآن ليبادلها الآخر الحب ما إن رفع يدها وقبلها بنبل ثم سألها بهمس عند أذنها بعدما سحبها
من خصرها نحوه
- فرحانة؟
- عندك شك بكده، قالتها وهو تنظر له بعينين عاشقة.

حتى النخاع ولكن الآخر استغل هذا الموقف ليقترب منها و وضع جسر أنفه على خاصتها لتمتزج أنفاسهما
لتنصهر بين يديه خجلا وهي تقول
- ياسين عيب كده ابعد مش قصاد الناس.

- بقيتي مراتي خلاص، ما إن قالها باسترخاء وبشكل عفوي حتى ابتعد عنها بصدمة من ما شعر به الآن، أخذ ينظر لها باستغراب يا الله هذه الكلمة هزته من الداخل وجعلت دقات قلبه تتفاوت، أخذ يمرر باطن يده على وجهه بضيق ثم قال بهدف المرواغة عندما لاحظ علامات الاستفهام تزين وجهها
- بتحبيني يامرمر.

- أظن إنك عارف الجواب، ما إن قالتها وهي ترفع إحدى منكبيها بدلع حتى قبل وجنتها دون خجل من أن يراهم أحد وهو يقول: عايز اسمعها منك هتستكتريها عليا
رفعت رأسها له وقالت بحب صادق: أنا سلمتك حياتي بيدك يبقى ده تسميه إيه غير إني بموت في هواك مش بس بحبك
- مبروك يا حبيبتي، قالها سعد وهو يقترب منهما ليسحبها بغيرة من ياسين الذي كان حرفيا يعتصرها بين ذراعيه...

كاد ياسين أن يمد يده ويصافحه إلا أنه رفع حاجبيه بذهول عندما وجده يأخذ ميرال معه ويذهب دون أن يبارك له وكأنه غير مرئي
نظرت داليا بعدم رضا لأفعال زوجها هذه وهي تقول
- سعد أنت ماباركتش ل ياسين ليه
التفت لها وقال بتفاجؤ كاذب
- بجد! ماختش بالي
داليا بحدة: سعد!
- نعم
كتفت داليا ساعدها أمام صدرها وقالت بتأنيب
- روح رجع البنت جنب عريسها وبلاش حركاتك دي قصاد الناس هنتفضح كدة، عييييييييب.

سعد باستنكار وعدم قبول لما سمع: عريسها ايه أنتي كمان ده مجرد خطيبها يعني بأي لحظة ممكن نفركش و خالتي وخالتك وتفرقوا الخالات
وترجعلي بنتي لحضني
قبلته ميرال من وجنته وقالت بحب
- بتغير عليا يابابا!
نظر لها سعد بامتعاض: هموت وأعرف ايه اللي عاجبك فيه...
ردت عليه ميرال بتسائل: أنت ايه اللي عجبك في ماما عشان تتجوزها
- كل حاجة عجبتني فيها
- أنا كمان زيك.

- ماشي بس ياترى هو بيحبك ويخاف عليكي زي ما أنا بحب مامتك كده وبخاف عليها، ما إن قالها والدها حتى ردت عليه بثقة
- أكيد طبعا
تنهد سعد بحزن وقال: أتمنى!
- ممكن عروستي ياعمي، قالها ياسين وهو يقف أمامه بابتسامة مزيفة
سعد بتعديل- قصدك خطيبتك.

ياسين بنبرة غريبة: والله سواء كانت خطيبتي أو عروستي مش هيفرق معايا كتير اللقب بس اللي اعرفه إنها بقت مراتي خلاص وحضرتك اللي ادتهالي بنفسك، بعد إذنك، قال الأخيرة وهو يمسك يدها ويأخذها معه لمنتصف الحديقة ليبدأ معها الرقص بسلاسة
لتدمع عينين والدها رغما عنه وهو يراها تضحك من كل قلبها مع الآخر، مسح وجهه باختناق عندما سمع زوجته تقول بعتاب
- وبعدهالك يا سعد سيب البنت بحالها.

سعد بإحساس قوي: قلبي مش مطاوعني بكده
حاسس إني مش هشوف ضحكتها دي تاني
نطقت داليا بخوف: بعد الشر عليها، أنت هتقلقني
ليه ماهي زي الفل افرحلها وبلاش تنكد عليها وعلينا عشان خاطري
ليقول سعد بهم كبير بعدما سحب نفس قوي و زفره: ربنا يسعدها هو أنا هعوز ايه أكتر من كدة
أما عند سيلين كانت تقف بزاوية بعيدة عن هذه الضجة تنظر الى ياسين وأختها بدهشة هذه أول مرة تراهم مع بعض بهذا الانسجام. الفرحة واضحة على كليهما.

للحظة شكت بنفسها هل هي مخطئة، نعم...
مخطئة ف الآخر ها هو الآن أمامها. الابتسامة لاتزول عن وجهه، وإن لم تكن مخطئة فهو ممثل بارع لدرجة أنه أتقن دور العاشق بهذا الشكل...
عند هذه اللحظة اعطت ميرال عذرها إن كانت هي بنفسها تشوشت بين أن تصدق أم لا، فما بال أختها المسكينة التي وقعت بشباك ذلك المكار.

انتهت الموسيقى الهادئة ليتوقف الجميع عن الرقص وارتفع صوت تصفيق الحضور ولكن ما إن ارتفعت موسيقى أخرى خاصة حتى شهقت بتفاجؤ عندما وجدت يد من الفولاذ تحتجز يدها الصغيرة بإحكام وهذا الشخص لم يكون سوا
- شاهين!
نطقت اسمه بصدمة ما إن رأته يأخذها لساحة الرقص بعدما رمى سترته ليبقى ببنطال وقميص أسود مفتوح أزراره الأولى ليظهر أسفله عضلاته القوية، كان حقا وسيم للغاية.

وقف وسحبها بقوة له لتلتصق بصدره. ابتلعت لعابها بخوف عندما وجدت نفسه معه محط أنظار الجميع وخاصة والدها الذي صعق من منظرها هذا أمامه، لتنطق بتوسل ما إن وجدت يده الأخرى تسللت لخصرها
- بلاش جنان أرجوك بابا هيعمل مني شاورمة
صمتت بتوتر عندما وجدته يغمز لها ليستقيم بها بعدها باستعداد وكأنه لم يسمعها وأخذ يتقدم بخطوات متتاليه واثقة نحوها ليجبر قدميها على أن تجاريه رغما عنها، لتنظر له بغل وهي تقول من.

بين أسنانها
- أنت مش ناوي تجبها البر أبدا
- بصراحة مش ناوي، قالها وهو يكمل خطواته هذه معها ولكن بعدما أدار جسدها بخفه للجهة المعاكسه ليكون ظهرها نحو صدره وهو مايزال محتضن خصرها بيد وبيده الأخرى يمسك يدها وهو ينظر إلى عينيها بتحدي
- شكلك عاوز تلاعبني.

- ما أنا بلاعبك أهو، ما إن قالها حتى ابتعد عنها ورفع يده للأعلى ليجعلها تدور حول نفسها عدة مرات كأنها فراشة بخفتها ثم أعادها الى وضعيتهم الأولى لتتمايل معه بسلاسة وكأنهما جسد واحد...
لاحظ نظراتها التي بدأت تلين ليهمس لها بمشاكسة
- عجبتك صح، اعترفي
- يعني مش بطال، قالتها بغرور وهي ترفع رأسها بتباهي وأخذت تحرك خطوات قدميها بشكل معاكس لبعضهم بسرعة واحترافية مما جعله يقول باندهاش
- رقصك حلو.

- ميرسيى أنت كمان رقصك حلو
قسى قليلا على خصرها وهو يقول بوقاحة: فاكرة لما شفتك بترقصي أسباني بوسطك الحلو ده
- أنا اللي فاكرة إني هزقتك بعدها بس شكلك عايز تتهزق تاني، ما إن قالتها بضيق حتى إزداد صخب الموسيقى لتحرر نفسها منه بانزعاج والتفتت لتذهب وتتركه وحده إلا أنها وجدت نفسها بلمح البصر ملتصقة بصدره لتحبس أنفاسها عندما صعد بيده من خصرها.

لأعلى ظهرها ببطئ ثم مال عليها بجذعه العلوي لترجع هي ذراعيها نحو الأرض، وما كان منها سوا أن ترفع يدها اليمنى لتحاوط عنقه بها
وما إن استقام بها لتتقابل نظراته الولهانة بنظراتها الحادة ليمرر سبابته على وجنتها وهو يبتسم بخبث عندما لمح تهجد أنفاسها دلالة على تأثرها به.

ابتعد خطوة عنها ليحملها بذراع واحدة وأخذ يدور بها بحركة فنية وما كان منها سوا أن تحاوط عنقه بكلتا ذراعيها وهي تسند بجبهتها على خاصته لتنتهى الرقصة وهم على هذا الوضع ولكن ما زاد الطين بلة هو عندما رفع شفتيه وقبل ما بين عينيها بعمق
فاقت بصدمة من ماهي فيه على تصفيق جميع الحضور لهم، ابتعدت عنه ولكنه لم يحرر يدها وكأنه يريد أن يعلن للجميع بأنها خاصته و سجينته هو...

نزل من استيدج الرقص وهي معه ليتجهم وجهه ما إن وجد سلطان أمامه مع تلك العجوز النار، متى أتى وكيف ولماذا لا يعرف من شدة اندهاشه بوجودهم هنا لم يلاحظ ابتعاد سيلين عنه لتذهب بسرعة تبحث عن والدها ولكن قبل أن تجده قطعت طريق أختها ميرال وهي تقوم بتقليد نبرتها
- ابعدي ياميرال، ابعدي عنهم دول مش كويسين...
أومال اللي حصل من شوية ده ايه
- الحكاية مش زي ما أنتي فاهمة أنا هشرحلك.

- كل اللي أنا شفته دلوقتي مش محتاج شرح الحب مابينكم كان واضح للكل
أشارت سيلين لنفسها باستنكار: أنا أحب شاهين
ميرال بنفي مضحك: لاء طبعا ياقلب أختك حب إيه بس، ده أنتي طلعتي دايبة فيه، كان لازم أصورك عشان تشوفي نفسك وأنتي معه بيبقى شكلك ازاي
اقتربت منهم داليا وهي تقول من بين أسنانها بعصبية حاولت أن تداريها عن المعازيم: إيه اللي هببتيه ده يا سيلين. حرام عليكم أبوكم هيموت ناقص عمر بسببكم.

- صدقيني يا مامي أنتي مش فاهمة حاجة
- أنا صدقت أو لا اتفلق، مش مهم أنا، وفري تبريرك ده ل باباكي اللي ما ستحملش يقف هنا أكتر من كدة ودخل مكتبه وقال خليها تجيلي هناك
مسكت سيلين يد والدتها وقالت بترجي وهي على وشك البكاء: مامي تعالي معايا
داليا برفض- أنتي مش صغيرة اللي يغلط يتحمل نتيجة غلطته
- عشان خاطر سيلي حبيبتك ماتسبينيش معه لوحدنا
أكيد عصبي دلوقتي.

- اوووف أمري لله اتفضلي قدامي، ما إن قالتها حتى تقدمت أمامها نحو الفيلا بخطوات مترددة
أما عند شاهين كان لايزال بصدمته بوجودهم هنا
لينطق بما يجوب بعقله: أنتم بتعملوا إيه هنا
رد عليه سلطان بلامبالاة وهو ينظر الى الحضور: جيت على كتب كتاب ابني، ياسين ابني اللي ربيته
- ونعم التربية بصحيح، هو أنا ماكنتش أعرف إني متربي اساسا...

قالها ياسين بقصف جبهة وهو يقف إلى جانبهم ويضع يديه بجيب بنطاله ليبتعد شاهين عنهم واخذ يبحث عن سيلين بنظره ولكنه لم يجدها كاد أن يذهب ويبحث عنها إلا أن زينة وقفت أمامه وهي تقول بغيرة
- مين دي اللي كانت في حضنك من شوية
- زينة اختفي من وشي السعادي أنا مش ناقص وجع دماغ...
رفعت حاجبها وقالت بضيق
- ما أهو طلع ليك بالستات أومال ليه بتتقل عليا بس.

انحنى بجذعه قليلا ليصبح وجهه أمامها وهو يقول بعدما نظر الى هيئتها وثيابها الراقية وجمالها الفتان لكل الرجال إلا هو
- أنا مش بتقل أنا مش عايزك في فرق، ماليش نفس فيكي أو بمعنى أصح معدتي بتقلب لما بشوفك ومن الآخر كده أنا عندي استعداد أترهبن ولا ألمس وحدة زيك...
زينة بزعل: بس أنا بحبك يا شاهين
اعتدل بوقفته وقال وهو يرمقها بقرف
- بليه واشربي مايته
- اللي هو إيه
- حبك ده.

زينة بغل: ياترى البنت دي عملت إيه عشان قدرت تلفت نظرك ليها وأنا معرفتش أعمله
- كانت محترمة ده اللي لفتني ليها ياترى هتعرفي تكوني محترمة ولو ليوم واحد بس، ولا هيبقى عندك حساسية من النظافة اللي مش متعودة عليها
- هي أحسن مني بأيه
- أنتي بتقولي إيه هو مافيش مقارنة اساسا...
و دلوقتي غوري من وشي أنا مش طايق نفسي...
قالها وهو يبعدها من أمامه ويذهب.

في الداخل فتحت سيلين باب المكتب ودخلت بترقب وهي تنظر الى والدها الذي يعطيها ظهره وعلى ما يبدو بأنه بالكاد يتمالك أعصابه ولكنه فقد كل ذرة عقل لديه عندما وجدها تقف أمامه وتقول
- بابي أنا ااااااء، صمتت بصدمة لتنزل دمعتها ببطئ من مقلتيها ما إن وجدت كف والدها يستقر بكل قوته على وجنتها
- اطلعي على أوضتك مش عايز أشوف وشك تاني.

قالها بعصبية مفرطة مما جعلها تفر من أمامه لتركض إلى الأعلى متجهة الى غرفتها تريد أن تصل وسادتها لتدفن وجهها به لتصرخ بكل قوتها من وجع قلبها
- ليه بس كده يا سعد، من امتى بتتعامل معاهم بالضرب، ما إن قالتها داليا بحزن لما حدث منذ قليلا حتى رد عليها بحزن يضاعف حزنها بكثير
- مع الأسف أنا معرفتش أربي...
- ماتقولش كده...
- حذرتها منه وقولتلها شاهين لاء...

- اعتبر اللي حصل طيش شباب ما أنت عارف اللي ممنوع مرغوب أقعد معاها وفهمها غلطها بالراحة
و دلوقتي يالا نطلع، ماينفعش نغيب أكتر من كده عن المعازيم وربنا يعدي الليلة دي على خير
في الحفلة بالتحديد عند ياسين الذي كان يتمعن بمظهر سلطان وهو يقول
- ماكنتش أعرف إنك بتعرف تلبس بدلة
نظر له سلطان وقال باستخفاف: أنا اللي علمتكم ع البدل فبلاش تعيش الدور عليا. إلا قولي بصحيح
يحيى فين مش باين ليه؟!

ياسين بلامبالاة: تعرض لحادث سير وإيده انكسرت عشان كده ماجاش
- حادث سير غريبة مع إن سياقته ممتازة
- قدر ربنا بقى، اعترض على دي كمان
- غالب منصور
- ماله
- لاقوه مشنوق بمكتبه بظروف غامضة ده غير هجان اللي متعرض لضرب لدرجة إن حتى نص وشه اتشوه
- شكلك فاهم وعارف ايه اللي بيدور حواليك، قالها وهو ينظر له بخبث ليضحك الآخر وهو يقول
- عيب عليك ده انا الحاج سلطان الاسم ده ماتعملش من فراغ.

- و طالما عارف بتوجع دماغي بأسئلتك ليه
- من يومك خلقك ضيق يا ابن اللداغ ومش عارف آخد منك لا حق ولا باطل
- ده اللي عندي
- إلا قولي يا ياسين
- خير!
- المسرحية دي هتنتهي امتى
- أنا عن نفسي محتاج شوية وقت
سلطان بجبروت: ولا يوم زيادة، بكرة الصبح بالكتير بنات سعد يكونو عندي بالوكر
- سيلين مش هقدر أقرب منها
- ليه إن شاء الله بتكهرب وأنا معرفش
- دي تعليمات الهجين
- احنا هنهزر!

ياسين بتحذير: وطي صوتك، احنا مش بالوكر، وبعدين أنت ايه اللي جابك هنا بس
- جاي أشوف بتعملوا ايه، و ما شاء الله أنت وأخوك عايشين عال العال كل واحد زارع وحدة بحضنه وقاعد معلي المزاج
- هو مش ده اللي أنت عايزه
- لاء أنت عارف أنا عايز إيه بالضبط ولا هو اللي نقوله نعيده ونزيد فيه...
- هيحصل بس عايز شوية وقت زي ماقولتلك
- شكلك بتماطل وهتطلع في الآخر بق ع الفاضي
- مش ياسين اللي يتقالوا الكلام ده.

- أنا بقالي ساعة واقف هنا وكنت بشوفكم واحد مجنون بواحدة وقاعد يرقص معاها ولا روميو زمانه والتاني هيطير من الفرحة ومش مصدق إنها بقت ليه ونسي نفسه ونسي هدفه من كل ده ايه، اوعى تكون حبيتها يا ياسين، هااا اوعى ردة فعلي مش هتعجبك
- الحب ده للمراهقين مش ليا
- عايز أصدقك
- رأيك مش هيهمني بحاجة سواء صدقت أو لا
- ماشي هصدقك مع إن دي أول مرة أشوفك حنين مع حد
- لأن دي أول مرة تشوفني بتعامل فيها مع بنت.

- ومش أي بنت دي ميرال الجندي بذات نفسها اللي خلتك تجري وراها ليل ونهار لحد ماوصلتلها عشان كده قلبك مش مطاوعك تأذيها
- أنا ماليش قلب عشان يطاوعني أو لاء
- ده كان زمان بس دلوقتي بقى ليك وغرقان لشوشته
كمان بست الحسن والجمال
- وبعدين بقى بالكلام اللي بيفور الدم ده، هو أنت مش عايزها بكرة تكون عندك
- أيوه
- اعتبره حصل وخلصنا لحد كده
- حلووو الكلام، وسيلين هتجبها أنت.

- عايزني اغنيهالك عشان تفهمها ما قولتلك اسأل الهجين عنها أنا ماليش فيه
- ما أنت عارف أنه مالوش بالكلام ده وسبق عرضت عليه ورفض...
- طالما رفض يبقى تنساها، لأني أنا وأنت عارفين لو رفض يبقى الحكاية انتهت على كده و شكرا
- ايه رأيك تجبها أنت من غير ما يعرف
- عايزني أغدر بأخويا
- اوعى تنسى إن أبوها هو اللي غدر بالأول.

ياسين بانفعال بكل ما يمر به من ضغوطات: لو فعلا قلبك واجعك أوي على موت أبويا وعمي روح لسعد دلوقتي وحط طلقة بنص دماغه وارتاح وريحنا من الهم ده اللي كبرنا عليه، بس أنت مش عايز ده، موت سعد مش هدفك صح
- صح يا ياسين صح، أنا مش عايزه يموت، لو كان هدفي إني أموته كنت عملتها من أول ما عرفت مكانه، من غير ما أبلغكم حتى
- الحكاية أكبر من الثار والكلام ده...

- أكبر بكتير، أنا اكتشفت إن الموت لأعدائي مش بيبرد ناري، فعشان كده عايز أكسره و أرجعه ع الحديدة من تاني بعد ما يتختخ بالسجون و وقتها بس هيبرد قلبي من ناحيته، مع إني أشك بده
- ما تخافش ده كله هيحصل، الهجين ناويله على نية سودة
- امتى هينفذ بس، أنا مش بآخد منكم غير الكلام.

- شاهين لو سمعك هيزعل وأنت مش قد زعله، على العموم الليلة هيبدأ أول حركة ليه، هيتم مصادرة شحنة الأسمنت والحديد اللي سعد بقاله مدة طويلة مستني وصولها عشان تعدل ميزانيته، ولو ده حصل فعلا وشاهين ضربه من الناحية دي زي ما قال اعتبر سعد أعلن إفلاسه، يعني كل ده مسألة وقت مش أكتر.

- خلاص أنا كدة اطمنت لأن طالما الهجين نوى ينفذ يبقى أقرأ على روحه السلام، قالها وهو ينظر حوله بانتصار ليقع نظره على سعد وهو يعود بأدراجه نحوهم و إلى جانبه جمرة السنين، داليا!
يا الله ها هو الآن يراها أمامه بعد غياب سنين طويلة مرت عليه، مازالت جميلة كما كانت نعم تغيرت ولكن للأجمل...
ترك ياسين لوحده دون أن ينطق بحرف واقترب منهم وهو يقول بحقد: سعد الجندي
نظر له باستفهام وقال: نعم.

- معاك سلطان، قالها وهو ينظر إلى داليا التي كانت تنظر له بتمعن وكأنها تشبه عليه باستغراب ولكن ما إن نطق اسمه أمامها حتى ارتدت إلى الخلف وهي تفتح عينيها على وسعهما لا تصدق بأن كابوسها الحي قد عاد يتجسد أمامها مرة أخرى
- أهلا و سهلا بحضرتك، قالها بمجاملة وهو يصافحه ثم نظر إلى ذلك الذي يقف خلفه باستفهام ليتدخل ياسين على الفور وهو يقول.

- الحاج سلطان من معارفنا في الشغل أنا وشاهين وحضر الليلة عشان يباركلنا...
سعد بترحاب: نورتنا ياحاج
نظر إلى داليا وقال: ده منور بصحابه...
- عن إذنكم هروح أشوف البنات، قالتها داليا بتوتر وهي تفر من أمامهم بسرعة ليلتفت الآخر بجسده وهو ينظر لها مماجعل ياسين يتدخل ويأخذه بعيدا عن سعد بعدما استأذن منه ليقول بعدم تصديق من أفعاله
- أنت بتبص على مراته قصاده.

نظر له سلطان بعينين من الجمر المشتعل ليتركه ويذهب بغضب إجرامي بعدما قال له بأمر قاطع
- بكرة تكون عندي ميرال فاااااهم
أكمل سلطان طريقة نحو الخارج بعدما سحب معه زينة التي كانت ستنفجر من شدة غيرتها على شاهين ولكن ما إن وصل سيارته وصعدت زينة بها حتى أغلق الباب بقوة ثم عاد للداخل بسرعة فهو أصبح لا يعرف ماذا سيفعل أو كيف يتصرف بعدما رآها
أيذهب أم يبقى.

ولكن ما إن دخل من البوابة مرة أخرى حتى توقف عندما سمعها تقول بحقدها المعتاد له وهي تقف خلف الأشجار بعيدا عن الانظار
- إيه اللي رجعك تاني مش كفاية اللي حصل زمان
التفت لها وهو يقول بتوعد: راجع عشان أحرق قلب سعد على أغلى ما عنده زي ما حرق قلبي عليك لما أخدك مني
ضحكت بسخرية بدون صوت ثم قالت
- أخد ايه؟ انت هتكدب الكدبة وهتصدقها.

رفع سبابته أمامها وقال: أي حد كان السبب ببعدك عني أديته تذكرة ذهاب بلا عودة، إلا سعد هخليه قصادك عشان تدوقي اللي أنا دقته لما فضلتي عليا واحد عقيم
داليا بانفعال: العقيم ده أنا بحبه ولو رجع الزمن فيا تاني بردو هاختاره تاني وتالت، وأنا متأكدة إن الحادثة اللي حصلت له زمان أنت كنت السبب فيها. وبدل ما يموت زي ما كنت مخطط، بقى عقيم...
- عندك ده خسر الكل و أولهم عيلة ماهر
داليا بترقب: أنت اللي قتلته صح.

- صح، لأنه هو السبب، لما اعترف لمراته بكل حاجة عن حياتنا وهي من حبها فيه تقبلت الماضي بتاعه، بس لما أنا جيت وحبيتك عن طريقه لأنك صاحبة مراته وكنت وقتها عايز أبدأ صفحة جديدة معاكي، عارفة إن هو ومراته استكتروا عليا إني أعمل عيله زيهم...
مش سعاد دي هي اللي جت وبلغتك إني ما أنفعكيش، مش هي اللي خطبتك لأخوها قوام قوام عشان تبعدك عني، مش ده اللي حصل.

فعشان كده حلفت إني أدمر عيلته اللي فرحان فيها زي ما دمر حلمي إني أعيش معاكي و أول حاجة عملتها حرقت قلبه على أخوه وابنه
- ابن مين هو ماهر عنده ابن؟ هو كان متجوز قبل سعاد!
- عنده ابن أكبر من ميرال بسنتين، ابن حرام...
أنا أصلا زقيت عليه وحدة عشان تشيل منه وألوي دراعه فيه، بس هو نكر أبوته ليه لأنه واطي...

بس بينه وبين نفسه كان عارف إن ده ابنه فعلا، ومن وقتها عاش بنار لا قادر يعترف فيه لأنه لو عمل كده ممكن هيخسر حبيبة القلب لما تعرف لأنه خانها ولا قادر يشوفه بعيد عنه من غير ما يعمل حاجة...
لتقول داليا بعدم استيعاب من كل ماتسمعه الآن
- يعني البنات طلع عندهم أخ!
- ده أبسط جزاء للي كان السبب في بعدك عني.

- أنت ليه مش عايز تفهم مش هما السبب أنا اللي كنت بحب سعد من ثانوي وسعاد كانت عارفة بده فعشان كده لما عرفت منها إن واحد مجرم زيك مابيخافش ربنا مش عايز يعتقني روحت لسعد واعترفتله بحبي ليه وطلبت أنه يتجوزني عشان أخلص منك بس
- لو مفكرة إنك خلصتي مني تبقى غلطانة
- عايز إيه تاني.
- عايز أندمك على اللي فات كله، يمكن وقتها جمرة حبك اللي بقلبي تبرد
- ابعد عن حياتي يا سلطان.

- إن ماخليتك تعضي صوابعك ندم وأخليكي تبكي دم على عيلتك اللي فرحانه فيها دي، أما بنات ماهر اللي عملالي فيها أمهم هخلي سعد يموت ألف موته باليوم على اللي هعمله فيهم...
- مش هتقدر ميرال بقت بذمة راجل بيموت فيها وسيلين لو هتموت مش هتقدر تلمس شعره منها ده سعد روحه فيها
- هههههه هههههه هههههه هههههه هنشوف...

قالها وهو يتركها ويخرج ولكن ما إن التفت حتى اكتسى وجهه باللون الأحمر وأخذت أسنانه تصطك ببعضها وكانه تنذر بأنه سيبكي، نعم ياسادة سلطان على وشك البكاء على امرأة هزت كيانه منذ ما يقارب من 25 خريفا...
بعد ساعة من كل هذه الأحداث بدأ المدعوون بالمغادرة بالتدريج لينظر ياسين لمحبوبته وهو يقول
- اطلعي غيري هدومك عشان نطلع نسهر برا
- نسهر ايه ده بابا مولع وماما مش عارفة مالها.

- وأنا مالي من كل ده ما يزعل اللي يزعل، أنا واحد عايز يسهر برا مع مراته
- أيوة بس أنا مش هاقدر أفاتح بابا بالكلام ده
- لو أنتي ما تقدريش تتكلمي أنا أقدر
- عشان خاطري يا ياسين هي الدنيا هتطير خلينا
ليوم تاني...
كاد أن ينفجر بها إلا أنه غير رأيه وأخذ ينظر لها بمكر وهو يقول: طب إيه رأيك أسرقك من غير ماحد يعرف
- تسرقني ازاي بقى
- لا دي لعبتي اطلعي دلوقتي ارتاحي يا قلبي
- بحبك.

- وأنا كمان، قالها وهو يمسك رأسها بين يديه ويقبل جبهتها وما إن ذهب الجميع حتى استأذن هو الآخر مع شاهين الذي كان يغلي غضبا لاختفاء سيلينا
صعد الى السيارة الى جانب أخيه الذي سأله بخبث
- مولع ليه
- إن ما جبتها لحد عندي مابقاش أنا شاهين سامر اللداغ
- هتعمل إيه يعني
لم يرد عليه ولكنه رفع هاتفه واتصل برجاله وهو يقول كلمة واحدة فقط: نفذ
- العب الهجين الملعب
- اطلع ع المكتب
- ايه ده! أمال عربيتك فين.

- اديتها لحد من الرجالة يجيبها و أنا ماليش مزاج أسوق...
- كل ده حصلك عشان سابتك واختفت من الحفلة
- لو بايع عمرك افضل ارغي كتير كده
- لاء وعلى إيه سكت أهو، أنا هوصلك مكتبك و هرجع
- ليه؟
- عايز ألعب معاك، وبصراحة أنا قولت طالما الأجواء ساخنة. ليه ما نولعهاش مع بعض
- يعني عايزنا نديله ضربة مزدوجة
- عليك نور هو ده اللي أنا عايزه بالضبط.

بعد منتصف الليل في حي شعبي بالتحديد بمنزل والدة غالية كان يجلس بصالة مظلمة لا ينيرها سوا اضاءة شاشة التلفاز، أخذ يدخن سجارته بيده السليمة بشرود تام ولكن ما إن جلست أمامه غلا روحه حتى نفث الدخان بوجهها بخباثة وهذا ما جعلها تسعل باختناق ثم ضربته على كتفه بقبضتها وهي تقول
- يا بارد، وبعدين ليه قاعد كده ما تستر نفسك...
ليقول باستفزاز: ما تيجي تستريني بحضنك
غالية بغيظ: يحيى!

- هممممم، همهم بها وهو يسحب نفس آخر من سيجارته ليضحك عليها بخفوت وأخذ يطفئها عندما وجدها تنهض و تأتي بقميصه وأخذت تساعده على ارتدائه وهي تقول
- البسه حالا وماتقلعش هدومك تاني احنا مش في بيتنا، و تحية دي عليها عين تندب فيها رصاصة
قبض على عضدها وقربها منه وقال
- بتغيري عليا
أبعدت غالية يده عنها وهي تقول بعناد
- لااااا
- أومال ده اسمه إيه
- اسمه أدب وأخلاق.

مط شفتيه بتهكم وهو يقول: أدب وأخلاق ايه أنا ماليش في الكلام ده، ما تيجي يابت وأنتي حلوة كده
- آجي فين أوعى كده و يا لا فارقنا هنرش ميا
- يعني إيه، قالها وهو يجبرها على الجلوس على نفس الأريكة التي يجلس عليها
لتنظر له غالية بأصرار: يعني اتكل على الله وعايزة ورقتي توصلني يابن الناس و زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف.

- اتكل إيه أنا مكاني جنب مراتي حبيبتي، قالها وهو يدفعها للخلف قليلا ليستلقي على الأريكة ويضع رأسه بأحضانها وهو يتأوه بتعب لتفتح عينيها باندهاش من فعلته هذه
- أنت بتعمل ايه،؟
يحيى بوجع حقيقي: تعبان ودراعي بتوجعني وعايز أنام بحضنك عشان أرتاح
- تنام ايه قوم ليطلع خالي ويشوفك كده، ما إن قالتها وهي تدفعه من أحضانها حتى اعتدل وقال بتهور و ألم فهي ضربت ذراعه دون أن تعي لذلك.

- حتى لو شافني هيعمل ايه يعني، وافرضي اتكلم بقرشين أقفل بقه ده لو قدر أصلا ينطق قصادي ما أنا عملتها قبل كده
فاضت عينيها بالدموع وهي تقول باختناق
- مش هتنسى صح
ندم على كلامه وهو يقول بتهرب: انسى ايه
- إنك اشتريتني بفلوسك، قالتها وهي تحاول أن تكتم أنين قلبها وتبتلع غصتها لكي لا تبكي أمامه...
أخذ يتحسس عنقها المتشنج وهو يقول
- وأنسى ليه دي الحقيقة
دفعته عنها وهي تقول: بكرهك.

تنهد وهو يسند جسده على ظهر الأريكة وقال بحيرة: قوليلي أعمل ايه عشان أوصلك، لا حب نافع لا غصب نافع لا مسايرة نافعة...
- طلقني مش عايزاك وريح نفسك من كل ده
- بس أنا عايزك يا غلا، عايز أتمم جوازنا، عايز تبقي ملكي و أم أولادي
- ده مش هيحصل لو على موتي، ومش هرجع معاك للشقة تاني فبلاش تبني أمال ع الفاضي
- عادي ماترجعيش أنا اللي هقعد معاكي هنا.

نظرت له غالية باستفسار صادم: هنا فين هي أوضتين، وحدة ل تحية و وحدة ل ماما هتقعد فين بقى
- هنا بالصالة
- ماينفعش طبعا
- أنا كل حاجة عندي ينفع المهم أكون جنبك
- أنت ليه غاوي تعب
- والله مافي حد تاعبني غيرك
كادت أن ترد عليه ولكنها تركته وذهبت نحو الغرفة بسرعة ودخلتها ما إن سمعت والدتها تناديها...
غالية بلهفة: في إيه يا حبيبتي مالك
- كنتي فين؟
- قاعدة برا.

أم غالية باستغراب: بتعملي إيه لوحدك بالوقت ده تعالي نامي وريحي جسمك شوية
- كانت معايا يا حماتي، قالها وهو يقف على الباب لتبتسم له بطيبة وهي تقول
- أنت لسه هنا يا بني، دي غالية قالت إنك روحت من بدري
- هي اللي قالت كده، طب كويس إنك صاحية عشان اشتكيلك منها، قالها وهو يذهب ويجلس أمامها لتنظر الأخرى الى ابنتها بعتاب وهي تقول
- أنتي عملتي ايه يابت مزعلة جوزك ليه.

يحيى بمسكنة: ياريت لو جت ع الزعل بس، دي بقالها ساعة بتطردي من هنا
أم غالية بدهشة: ياااندامة تطردك...
- يرضيكي كدة
- لا طبعا، تعالي اعتذري منه وبوسي راسه، ما إن قالتها بأمر حتى قالت غالية بعدم قبول
- ماما
والدتها باصرار- ولااااا كلمة يالا اعتذري
- حقك عليا، قالتها بعدما مثلت بأنها قبلت رأسه وما إن ابتعدت حتى خرجت نحو المطبخ لتصنع لهم الشاي بطلب من والدتها
نظرت أم غالية ل يحيى بنظرة خبيرة وقالت.

- قولي بقى مزعل بنتي ليه
نطق يحيى بذهول: غريبة ليه خلتيها تعتذر مني طالما عارفة أنا اللي غلطان بحقها
- لأن بنتي لو لاقتني بظهرها مش هتتراجع عن اللي في دماغها، أنا عارفة إنها عايزة تطلق منك سمعتها لما كانت بتكلمك الصبح...
- شكلك مش راضية على قرارها ده
- مافيش أم بترضى بخراب بيت بنتها بس اللي أنا متأكدة منه إن غالية طالما خدت القرار ده يبقى في حاجة وجعتها جامد وجابت أخرها مع اللي قصادها.

هاااا عملت فيها إيه عشان توصلها لدرجة عايزة تخرجك برا حياتها
يحيى بندم ولكن طابع غروره طغى على شكله وهو يتكلم: أذتها جامد بس والله العظيم بحبها ومش عايز حاجة من الدنيا دي غيرها بس هي مش راضية تسامح فعشان كده قررت إنها مهما عملت مش هسيبها لو هي عنيدة أنا أعند منها...
- المشكلة مش بس في عنادها.
- أومال فين كمان.

- في غرورك، اللي واضح زي الشمس، بصراحة مزيج خطير عناد وغرور الاتنين دول بيدمروا اي علاقة لو سيطروا عليها، لو عايزين تكملوا لازم
أنتم الاتنين تتنازلوا شوية
- يعني أفهم من كلامك ده إنك هتساعديني
- هساعدك و هاقف معاك عشان عارفة إن سعادتها هتكون معاك لأنك لو طلقتها. اااء.

قاطعها بانفعال عفوي ظهر من شدة خوفه لفقدانها: مافيش لو دي أبدا، أنا مش هطلق لو السما انطبقت على الأرض، أنا عندي الموت أهون إني أسيبها لغيري اعتبريها أنانية. غرور أي حاجة مش مهم بس غلاتي ماتروحش لغيري واسمها مستحيل ينفصل عن اسمي طول ما أنا فيا نفس، وياريت اللي واقفة ورا الباب تفهم الكلام ده كويس وتستوعبه لأن غير كده مافيش
فتحت غالية الباب وأخذت تنظر له بحدة وتلوي شفتيها بزعل وهي تقول.

- بس أنا مش عايزة أكمل معاك هي عافية
نهض و وقف أمامها وقال بتأكيد: آه عافية، أنا نصيبك وأنتي نصيبي، استحمليني واستحملك...
- ولحد امتى هنفضل كده
- لحد ما تقومي تتنفسيني زي ما أنا بتنفسك، زي الهوا اللي بعيش عليه ده، روحي ياغلاتي ربنا يرزقك بحبي عشان أشوفك محروقة بناري زي ماحرقتيني بنارك، وخليتي ليلي نهار ونهاري ليل.

قال الأخيرة ثم تخطاها وخرج، ظنت لوهلة بأنه خرج من الشقة بأكملها ولكن لم تسمع صوت الباب يفتح أو حتى يغلق
خرجت لتنظر أين هو، لتجده مستلقي بكل أريحية على الأريكة و هو يضع يده السليمة على عينيه لتدخل الى والدتها بغضب وهي تقول
- شفتي دعا عليا ازاي وراح نام برا ولا كإنه عمل حاجة
- شفت يقلب أمك شفت، بس أنتي اللي بتكابري ومش عايزة تشوفي كل الحب اللي شايله ليكي
سامحي يابنتي وعيشي معه.

- ماما يحيى مش زي ما أنتي متوقعة، ده مليان ذنوب ومعاصي ماينفعش إني أفتح معه بيت
- حاول تصلحي حاله
- أصلح إيه والا إيه بس أنتي ماتعرفيش أنا شفت معه ايه، ده أنا شفت معه العجب، حتى لو قعدت قصادك دلوقتي عشان أشرحلك اللي عشته وشفته معه مش هلاقي كلام يوصفه، ااااخ يا أمي...

ده أنا شفت ضرب وشتيمة وقلة قيمة وحبسسسس بأنواعه وحاجات تشيبك. خلتني أكبر على عمري ده عمرين ده غير الرعب والجوع، ده أنا كنت باكل وجبه وحده كل يومين تلاته، ده ساعات بغيب عن الوعي من جوعي ولما كنت بشوف رغيف ناشف بآكله زي المفجوعة وأبلعه بسرعة عشان مايشوفنيش لأن كرامتي ماتهونش عليا أقوله إني جعانة.

كانت تتكلم غالية عن ما عاشته بقهر لم تشعر بدموعها التي غسلت وجهها ولم تلاحظ دموع والدتها التي نزلت بانكسار قلب أم على ماحدث بفلذة كبدها لترمي نفسها بأحضانها ما إن فتحت يدها لها لتحتويها بحنانها
ولكن كان هناك شخص آخر نزلت دموعه معهم وهو ما يزال مستلقي على نفس وضعيته بالصالة فصوتها كان واضح له برغم انخفاضه، شهقاتها شقت صدره قبل أن تجرح حنجرتها بها، أما أنينها ذبحه للوريد.

مسح وجهه ثم نهض من مكانه وأخذ يحمل متعلقاته الشخصية وخرج على الفور فهو لم يعد يتحمل سماع صوت بكائها هذا، غاليته تبكي، غلات روحه تبكي، ليحترق هو ب لآلئها...
دقت الساعة الواحدة صباحا في فيلا الجندي بالتحديد بغرفة ميرال التي خرجت للتو من الحمام وأخذت تجفف شعرها المبلل ثم رمت نفسها بكسل على فراشها فهي مرت بيوم طويل ومتعب حقا.

نظرت الى خاتمها الذي يلمع بيدها لتبتسم بحب وهي تقبله لتعض بعدها على شفتيها بحالمية لتزداد ابتسامته اتساعا ما إن وجدت إضاءة هاتفها يعلن على اتصال منه
- ياسيني، قالتها بهمس وهي تغمض عينيها ما إن فتحت الخط ليبتسم الآخر بشر ثم قال
- وحشتيني
- وأنت كمان ياحبيبي
- لو فعلا أنا حبيبك انزلي
ميرال باستفهام: أنزل فين؟
- أنا تحت قصاد البوابة مستنيكي، ما إن قالها
حتى رفضت على الفور: لا ماينفعش أنزل خالص.

ياسين بغدر: عايز أشوفك بس و أقولك على حاجة مهمة و أروح أنام، أنا مانمتش من أول امبارح
- ما أنا كنت طول الحفلة معاك ما قولتش ليه اللي كنت عايز تقوله
- هو أنا لحقت أشوفك أصلا من الدوشة اللي كنا فيها دي وبعدين كل مخطوبين يطلعوا يتعشوا سوا بعد كتب كتابهم أو يقعدوا ساعة زمن كده مع بعض
يعبروا فيها عن فرحتهم بارتباطهم، اليوم ده مميز أوي محبتش ينتهي كده عشان كده رجعتلك تاني.

- ياسين من غير زعل وعصبية والله بابا مش هيرضى
ليقول بهسيس ماكر: ومين قالك ان باباكي هيعرف أصلا، كلها خمس دقايق أشوفك فيها وأقولك تصبحي على خير بطريقتي وتطلعي تاني أوضتك
لا من شاف ولا من دري هاااا قولتي ايه
ميرال بقلق: أنا خايفة
- مني
- لا مش منك طبعا بس
- من غير بس، يا لا انزلي أنا مستنيكي، قالها وأغلق الخط دون أن يسمع ردها عليه لترمي الهاتف باهمال وأخذت تعض سبابتها بتفكير ماذا يجب أن تفعل.

نهضت بعد تفكير دام لثواني وأخذت تغير ثيابها ببنطال جينز أسود بوديل كلاسيكي مريح مع بدي أسود بكم طول ولكن عنق البدي كان واسع للغاية يظهر من خلاله عظام الترقوة بسخاء، أما شعرها الرطب رفعت خصلاته الأمامية بتوكة صغيرة
ذهبت نحو الباب وفتحته لتخرج رأسها منه وأخذت تراقب الأجواء لتجد الهدوء هو سيد الوضع الآن والظلام يعم الفيلا، ف الوقت متأخر الآن وبالتأكيد ذهب الجميع للنوم.

أخذت تنزل الدرج بخطوات سريعة ولكن دون أن تصدر صوت لتفتح الباب الداخلي لتركض بخفة كالحرامية نحو البوابة الحديدية ولكن ما جعلها تتبطئ بخطواتها هو عندما وجدت الحرس ينهضون
باستغراب ليتقدم منها أحدهم وهو يقول باستفسار
- في حاجة يا هانم
فركت ميرال كفيها ببعضهم بأحراج
- هاااا لاء مافيش ده بس ياسين برا
- أوامرك يا هانم هنفتحله البوابة فورا، ما إن قالها الحارس بعملية حتى رفضت وهي تقول.

- لاء أنا اللي هطلعله هاخد حاجة منه وأدخل على طول
- بس اااء
- بس إيه ده أنا هطلع لجوزي مش لحد غريب
- خلاص ياهانم اتفضلي، قالها الحارس بقلة حيلة
وهو يفتح لها البوابة
خرجت بتردد وهي تلعن حظها واصرار ياسين على رؤيتها بهذا الليل والوقت المتأخر فهي حقا شعرت بالأحراج من هذا الموقف الذي وضعت فيه لأول مرة
اقتربت منه وطرقت زجاج النافذة لينزله وهو يقول
بأمر: اطلعي يالا.

ميرال باستعجال: ياسين ماعنديش وقت لازم أرجع بسرعة قبل ما حد ياخد باله إني نزلت
نظر لها ياسين بانزعاج: ميرال! اطلعي، أكيد مش هكلمك وأنتي واقفة بالشارع كدة
اعتدلت ميرال بجسدها ثم أخذت تنظر له تارة وتارة أخرى تلتفت و تنظر نحو منزلها، لتعض شفتها السفلية بتفكير وبحركة طاىشة منها ذهبت إلى الجهة الأخرى وصعدت إلى جانبه بسرعة وما إن استقرت حتى سمعت صوت إغلاق الأبواب إلكترونيا
لينطلق بها بسرعة نحو المجهول.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة