قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث والثلاثون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث والثلاثون

- إنتي طالق!
ما إن نطقها شاهين باختناق وسحب يديه التي تحتضن وجهها بدفئ حتى كادت أن تقع من طولها من هول الصدمة التي اعترتها...
أرادت أن تنظر لعينيه لتتأكد من ما سمعت إلا أنها لم تستطع فهو ما إن حررها من سجنه الظالم حتى نزل الدرج بسرعة تاركها خلفه متسمرة بمكانها كالتمثال.

التفتت نحو شقة أهلها بآلية ما إن سمعت صوت فتح الباب ليليه احتضان والدتها لها وهي ترحب بها بشوق السنين ولكن الأخرى كانت لا تسمع ما تقول فهي لم تستوعب بعد ما حدث معها وما زالت تتردد صدى كلماته السامة بداخلها
أبعدتها عنها بخمول وكادت أن تنزل لتلحق بزوجها لتستفسر منه ماذا هناك فهي ترفض هذه النهاية لهم
هذا لم يكن اتفاقهم...

- رايحة فين يا حبيبتي، ما إن قالتها داليا باستغراب من برود ابنتها معها حتى أخذت سيلين تحرك رأسها بنفي وهي تقول بصوت مهزور وتأتها وهي تحاول التخلص من تمسك والدتها بها
- لا لا لا، ممممستحيل، ده ده ده ااااء ده طلقني، ششششاهين طلقني
لتقول داليا بفرحة لم تستطع اخفائها: بجد!
طب الحمدلله و ألف بركة إنك خلصتي منه
سيلين بعصبية ورفض: خلصت ااايه، هو ازاي يعمل كدة، اووووعي، سبيني عايز أكلمه.

قالت الأخيرة وهي تحاول أن تحرر نفسها من قبضة والدتها إلا أن الأخرى كانت رافضة أن تتركها لتجلس سيلين على الأرض بعدم تقبل لكل ما يحصل معها الآن. مما دفع داليا تلتفت للداخل وهي تنادي زوجها بلهفة لكي يأتي ويساعدها...
أما سعد ما إن لبى طلبها و خرج بخطوات ثقيلة وعلى وجهه علامات الخوف من ندائها عليه بهذا الشكل حتى تلاشى كل شيء من حوله و ردت روحه له ما إن رأى أغلى ما لديه تجلس أمامه ليقول باشتياق حقيقي.

- سيلين!
- بابااااا، همست بها بصوت مبحوح وهي ترفع رأسها له لتنهض عن الأرض بشكل مفاجئ حتى أنها تعثرت وكادت أن تسقط إلا أن والدها أسندها بسرعة وقبل أن يتكلم أو يستفسر ما بها وجدها تحتضنه بقوة وهي تنفجر بالبكاء على صدره بصوت عالي، عالي جدا وكأن بكائها هذا خارج من اعماقها.

كل ثانية مرت عليه كالدهر وهو لا يصدق بأن ابنته أخيرا عادت له ولكنه اكتشف بعودتها هذه بأن عذابها لا يقل عن أختها الأخرى، حاوطها بذراعه ورفع يده التي ترجف و وضعها على رأسها من خلف ودفعها نحوه أكثر ما إن وجدها تقول ببكاء مرير من بين شهقاتها التي مزقت فؤاده قبل أن تمزقها هي
- ساااابني طلااااقني، احنا ماتفقناش على كدة...
والله ما اتفقنااااا...

شدد من احتضانها بقوة وهو يدفن وجهه بشعرها ليخبئ نزول دمعته التي خانته أمام صراخها المعذب هذا ليقول بنبرة ترتجف متوسلا بها أن تهدأ فهو حقا لا يملك طاقة ليراها بهذا الشكل
- هشششش ياكسرة ظهري أنتي، سيلين! بلاش توقفي قلبي بدموعك دي، ارحمي شيبتي وقلة حيلتي، والله تعبي ده كله عليكي يا نور عيوني أنتي...

كادت أن تبكي وتصرخ إلا أن هناك ظلام بدأ يداهمها حاولت أن تقاومه ولكن سرعان ماسقطت أسيرته ما إن ابتلعها وتمكن منها ولم تعي لشئ بعدها سوا صوت ضجيج والديها عليها وصوت آخر ظهر بينهم على ما يبدو بأنه لأختها
علي الطرف الآخر عند شاهين ما إن صعد سيارته
حتى انهارت حصونه أمام نفسه وخاصة عندما تحرك.

وابتعد عن منطقة معشوقته، ابتلع لعابه وسحب نفس عميق عن طريق فمه محاولا بفعلته هذه أن يتجاهل ألمه الفظيع هذا الذي ينهش صدره دون رحمة، أخذ يفرك وجهه بقوة بيده اليمنى، يااا الله! يريد أن ينسى نظراتها المعاتبه له...
رجفت شفتيه وفاضت عينيه بالدموع أخذ يمسحهم بسرعة فهو يرفض ضعفه الآن، ليس وقت الضعف الآن، ولكن القلب أعلن العصيان عليه رافضا الإصغاء له...

توقف بسيارته على طرف الطريق و أخذ يضرب الدركسيون براحة يده يغضب من نفسه وهو يصرخ
- من امتى الهجين بيعيط على حددددد...
ختم كلامه وغص ببكاء رجل مقهور وهو يحتضن المقود الذي أمامه وكأنه شخص حقيقي يشعر به وليس جماد...
شاهين يبكي؟! حدث غريب لم يحدث منذ سنين آخر مرة بكى فيها عند وفاة عمه وها هو الآن ينهار
ومن أجل من،؟ من أجل ابنة عمه...

مرت خمس دقائق كالجمر عليه، اعتدل بجلسته وسحب من جانبه قاورة من الماء التي بجانبه ونزل من سيارته وذهب على الرصيف وفتحها وأخذ يغسل وجهه عدة مرات لينحني للأمام قليلا وأخذ يسكب الماء على رأسه بالكامل لعل هذا يهدئ صداعه الذي يفتك به
استقام بطوله وأخذ يمشط خصلاته القصيرة بانامله غير مهتم لتلك القطرات الباردة التي تسللت من شعره لعنقه وصدره...
نظر بعينين متورمة للشمس التي بدأت تميل للغروب.

ليضع يده على صدره بالجهة اليسرى بالتحديد عند ذلك الذي يعاتبه على فعلته و يصرخ بأسم محبوبته
يطالب بها...
اعتصر صدره بقوة وقال بوجع محدثا قلبه بترجي: كفاية تأذيني! افهم بقى أنا عملت كدة عشانها بس وعد مني ليك هرجعهالك، غيابها ده مؤقت...
خرج من حواره مع نفسه هذا وانهياره على صوت رنين هاتفه، نظر من نافذة السيارة لداخل ليرى شاشة الهاتف تنير بأسم المتصل والذي لم يكون
سوا أخيه...

تجاهل هذه المكالمة وأخذ يسحب نفس عميق من فمه ثم يزفره ببطئ عن طريق الأنف، كرر هذا عدة مرات وهو مغمض العينين وما إن فتحهم حتى اختفى ألمه وحزنه وحل مكانه الغضب الأسود فقط فهو نجح أن يغلق باب العواطف الآن وحول حزنه لغل وحقد، التفت نحو الجهة الأخرى وصعد بهمة بمكان السائق وانطلق بسيارته بسرعة نحو هدفه
في شقة سعد الجندي الذي كان يجلس على الفراش بجانب صغيرته التي أخذت تحرك رأسه بأنين
لتهمس بأسم شاهين.

- بابا كان لازم ناخدها للمستشفى أنا خايفة عليها لتتعب أكتر. قالتها ميرال التي كانت تجلس أمامه من الطرف الآخر لها وهي تمسك يد اختها
انحنى سعد نحوها ما إن فتحت عينيها الذابلة ليقبل جبهتها بحب أبوي وهو يقول بحنية: سيلين ياروحي
همست بستغراب وهي تنظر حولها: بابي.!
ابتسم لها وقال بشوق حقيقي
- يا حبيبته انتي. اخيرا رجعتي لحضني من تاني.

أخذت تبكي رغما عنها ما إن تذكرت ماحصل لها وهي تأن بصوت عالي ليقترب منها مرة أخرى بلهفه وأخذ يمسد على شعرها و وجنتها وهو يقول باحتواء بعدما احتضنها
- خلااااص ياقلب ابوكي، ده كان كابوس وانتهى وطلع من حياتنا
- بس أنا مش عايزة يخلص مش عايزة، قالتها وهي تبتعد عنه بشفاه ملوية بزعل لتجده يقول بهدوء كاذب وتفهم حاول أن يظهره لها لحالتها هذه
- سيلين!
- سيلينا انكسرت يابابي
- بنتي اللي أعرفها محدش يقدر يكسرها.

اعتدلت بجسدها بعدما نهضت من استلقائها وهي تقول ببكاء: بس هو كسرني، شوف شوف عمل فيا ايه، ده رماني وراح بعد ما زهق مني، زي ما أخوه عمل مع ميرال، اختلفت الطرق والنتيجة وحدة، أخذت تجر شعرها وهي تقول بحرقة
لما ناوي يسيبني كدة ليه خلاني أتعود عليه
مسكتها ميرال وهي تقول بحزن على حزن أختها: هو اللي خسر ياحبيبتي مش أنتي، بكرة هيرجع ندمان زي غيره وأنتي بنفسك اللي هترفضي.

سيلين بتعلق فظيع: بس أنا عايزاه، هارفضه ازاي؟!
قطب سعد جبينه بضيق من كلامها هذا ليقول بجدية حادة: سيلين، هو عمل الصح أنا مستحيل كنت اخليكي معاه وعلى ذمته أكتر من كدة
سيلين بندفاع: ليه يابابي بتقول كدة، ده والله شاهين إنسان كويس وبعدين أنا بحبه مش هقدر من غيره...

نهض من مكانه بانفعال وكأن هناك من سكب عليه قطع مشتعلة من الجمر، تشنج فكه وهو يحاول أن يسيطر على انفعاله ليقول بجمود ونبرة طغى عليها الغضب بشكل تلقائي.

- أنتي بتقولي ااايه، شوفي واسمعيني كويس لأن كلامي ده مش هعيده، حالتك دي أنا ساكت عليها دلوقتي لأني بقول إنها لسه مصدومة بسسسسس من بكرة عايز أصحى ألاقي بنتي اللي اعرفها قصادي وياويلك مني لو شفتك بتنزلي دمعه عليه أو حتى تنطقي اسمه قصادي بلاش تخليني أقسى عليكي و أوريكي وش عمري ما كنت أتمنى إنك تشوفيه، اسمعي الكلام بمزاجك أحسن ما يبقى غصب عنك، فااااهمة!

صرخ بالأخيرة وهو يرجف من تشنج أعصابه. التفت وخرج من الغرفة بأكملها ليجد زوجته تخرج من المطبخ بسرعة وهي تقول بخوف ما إن رأته كالمجروح يذهب هنا وهناك
- مالك ياسعد بتزعقها ليه كدة بالراحة عليها...
تركها ودخل غرفتهم دون أن يرد عليها ولكن ما إن لحقت به وكررت سؤالها حتى صرخ بحرقة أب.

- بنتك عايزة تموتني، بتحبه وبتقولها بوشي بعد كل اللي حصل، بتحبه،!؟ اللي جوا دي وحدة غريبة أنا معرفهاش، ابن اللداغ عاملها غسيل دماغ. ده حتى بعد ما طلقها عايزة ترجعله!
صمت وهو يشعر بأن الأرض تحت أقدامه تهتز...
ابتلع لعابه الجاف وذهب نحو سريره وجلس على طرفه بتعب، ليرفع رأسه لها ما إن وجدها تجلس أمامه على الأرض وهي تقول بعدما مسكت يديه وقبلتهم
- هدي نفسك يا حبيبي مش كدة...

احنا كنا فين وبقينا فين، هونها تهون
- تهون ايه بس، قوليلي أنا غلطت بأيه بس عشان أتعذب ببناتي كدة، الكبيرة ميتة بس بتتنفس والتانية رجعتلي بس بجسمها وروحها لسه مع التاني. والله لو كانوا حطوا طلقة بقلبي وخلصوا عليا بساعتها ولا عيشتي دي وأنا بتعذب عليهم بالشكل ده.

شددت من الامساك بيده وكأنها تريد أن تعطيه من قوتها وهي تقول: كل ده هيتصلح، احنا محتاجين وقت مش أكتر وهنلاقيه، و بإذن الله هيرجعوا زي زمان و أحسن
سعد بيأس: ما اعتقدش
شدد من مسكتها أكثر وهي تقول بصرامة نوعا ما: بلاش تقفلها بوشي كدة، أنا وأنت نقدر على ده خليك واثق من كدة بس لو فعلا عايز البنات يرجعولنا بجد، مافيش غير حل واحد
تنهد وقال: ناخدهم ونسافر صح؟

- صح، رجعتنا كانت غلط من الأول، لازم نبعد عن المستنقع ده وطول ما احنا فيه هيبقى حالنا زي ماهو، زي ميرال كل يومين والتالت الأفندي بتاعها بينطلها وبيقلب عليها المواجع فعشان كدة بقولك إن ده أحسن حل...
أومأ لها برأسه: وهو ده اللي لازم يحصل هناخدهم ونطير بعيد وهنرجع زي زمان و وقتها يبقى يحلموا بظفر وحدة فيهم ومش هيطولوه...

ختم كلامه ونهض ليشرب دواءه. ثم قال لها وهو يستلقى بتعب على الفراش: روحي شوفيها أنا قسيت عليها بالكلام وزعقتلها بحالتها دي، حاولي تهديها، والله أمنيتي دلوقتي إني أشوف ضحكتها الشقية
من تاني قبل ما أموت
أخذت تدثره جيدا بالغطاء وهي تقول: بعد الشر عليك إيه الكلام ده، وبعدين أنت قسيت عليها لمصلحتها ومن حبك ليها، أنت نام و ارتاح ومتشغلش بالك فيها وأنا هروحلها دلوقتي
- بوسيلي عنيها.

كتفت ذراعيها وقالت: لااااا أنا كدة هغير
ابتسم ببهوت وقال: في وحدة عاقلة بتغير من بنتها
- العقل بيتلغي لما يكون الموضوع متعلق فيك
قالتها وهي تضع يدها على ذقنه من الجهة اليسرى لتقبل الجهة اليمنى ببطئ وما إن ابتعدت
حتى نظر لها وقال
- لسه بتحبيني زي زمان بعد العمر ده كله
ابتعدت عنه وهي تنظر له بعشق سنين: تؤ مش زي زمان، أنا بحبك أكتر بكتير مما تتخيل، نام و ارتاح يالا.

ليقول سعد بطيبة قلبه المعتادة: داليا! بالراحة، بلاش تقسي عليها لو سمعت إنك مزعلاها بكلمة هزعل منك
- حاضر يا حبيبي، قالتها بابتسامة وهي تطفيء الضوء ثم أغلقت الباب عليه وخرجت متوجهة إلى غرفة ابنتيها وما إن دخلت عليهم حتى وجدت صغيرتها الشقية تبكي بحضن شقيقتها الكبرى التي كان حالها ليس أفضل حال منها
- أنتم قالبينها مناحة كدة ليه، وأنت ياميرو ياعاقلة بدل ما تسكتيها قاعدة تعيطي معاها.

- مامي وحشتيني. قالتها سيلين بدلال فطري وهي ترمي نفسها عليها لتستقبلها والدتها بحنانها المعهود لتفتح ذراعها الآخر ل ميرال التي كانت تنظر لهم بدموع هي الأخرى
زحفت ميرال على ركبتيها وما إن وصلت لها حتى استلقت بطولها وتكورت على نفسها بوضعية الجنين و وضعت رأسها على فخذها و وجهها أصبح مقابل بطنها لتدفن نفسها فيه بحركة بسيطة منها طلبت الاحتواء منها بصمت.

نظرت داليا لفعلة ميرال هذه وقبل أن تعلق عليها وجدت ابنتها الأخرى تفعل نفس الشئ ليصبح منظهرهم أجمل ما يكون...
كانت داليا تجلس بمنتصف السرير وابنتيها مستلقيتان بحضنها بشكل معاكس، انحنت عليهم وقبلت رأسهم بحنان لا يوصف. وقبل أن تبتعد احتضنتهم بذراعيها بقوة ودفنت رأسها كالنعامة بينهم ما إن سمعت انفجارهم بالبكاء معا.

دقائق معذبة مرت عليهم بشكل يعجز اللسان عن شرحها لكم، رفعت داليا نفسها ومسحت عينيها و وجهها ثم أخذت تملس على شعرها ذو اللون المتناقض...
ميرال شعرها أسود ستريت أما الأخرى كان مموج ذو لون بني غامق ممزوج ببعض الخصلات العسلي و فاتح من الأطراف
ابتعدت عنهم بهدوء وسحبت الغطاء عليهم ودثرتهم بعدما وجدتهم قد غطوا بالنوم العميق بعد نوبة بكاء كاد أن يشطر رأسهم لنصفين من شدة الوجع.

عند شاهين، وصل اخيرا إلى العمارة السكنية التي كان يقطن بها يحيى وما إن توقف بسيارته أمام المدخل حتى نزل بسرعة وصعد كل درجتين بخطوة واحدة يريد فقط أن يصل لهم ويفهم ماذا هناك وعلى أذنه هاتفه يتصل بحودة وكالعادة منذ الصباح الخط مغلق أو خارج نطاق التغطية.

دفع الباب الرئيسي للشقة الذي كان شبه مفتوح لينصدم برؤية كل أثاث الشقة منقلب فيها رأسا على عقب وكأن هناك زلزال قد أصابها، وقف بمكانه وأخذ يمشط كل ما يراه الآن بنظرة غريبة وهو يعيد هاتفه لجيب البنطال
اقترب منه ياسين وقال: شفت اللي حصل
قطب جبينه وقال بستفسار: ليه كل ده، معقولة يحيى كان صاحي وقاومهم
- ما أعتقدش أنا اديته منوم يهد الفيل، ما إن قالها بثقة حتى نظر لها شاهين بعصبية وهو يقول.

- وفرحان أوي بغبائك
ياسين بمكابرة: أنا اش عرفني هيحصل كدة، المهم إن نيتي كانت خير
- مافيش خير يجي منك، قالها بانزعاح وهو يدفعه من جانبه ليقترب من رجاله الموجودين وقال بعصبية.
وأنتم كنتم فين، عوزتكم ااااايه لو ماتصرفتوش بالحالات دي
وضع ياسين يده على كتف الآخر بتدخل قبل أن يتكلموا وهو يؤشر لهم بأن يتركوهم وينزلوا وما إن نفذو الأمر حتى قال بهدوء.

- اللي أخذ يحيى مش غريب واحد مننا وفينا عشان كدة ما قدروش يتدخلوا
نظر له شاهين من طرف عينيه وقال بشك: اللي هما مين دول عشان عملولهم كل الأهمية دي، أوعى تقول.
قاطعة وهو يؤكد عليه: ايوة هما، رجالة الوكر هما اللي أخدو يحيى بأمر من سلطان
عض سبابته بقوة وقال بتأوه غاضب مليئ بالتوعد
- اااااخ سلطان ااااخ، أنت متأكد من كلامك ده.

- أكيد هو، والا ازاي تبرر فعلت الوكر بكدة. مين يتجرء أصلا أنه يمس شعرة من يحيى وخصوصا لما نهيت على غالب منصور في آخر مرة لما فكر يئذيه
من وقتها الكل بقى يفكر ألف مرة قبل ما يجيب سيرة يحيى على لسانه مش يئذيه
أخذ شاهين يأخذ ارضية الصالة ذهابا وايابا بتلوع وهو يقول بصوته خشن: سلطان! حسابه تقل معايا، حودة فين؟! عرفت توصله ولا لاء
- لاء، بس اللي عرفته أنه جوا الوكر.

توقف عن الحركة وأخذ ينظر الى نقطة وهمية لا وجود لها وهو يدير رأسه يمنة ويسرى كالمجنون ثم رفع نظره لأخيه وقال.
- يبقى غالية كمان جوا الوكر
ياسين بذهول: غالية قصدك مرات يحيى؟
عرفت ازاي!
أشاح بذراعه وهو يقول: مش محتاجة ذكاء. وساخة سلطان معروفة يعني
فتح ياسين عينيه بصدمة ثم مالبث حتى قال بغل
- ده لو اللي بتقول عليه صحيح أنا هشرب من دمه
شاهين بلامبالاة: خلينا بالأول نوصل ليهم وبقى بعدها اشرب اللي أنت عاوزه.

ياسين بتفكير: الطريقة الوحيدة اللي ممكن نوصل فيها ليحيى هو إننا نروح الوكر بنفسنا، يعني المواجهة
شاهين بموافقة الرأي: وهو ده اللي لازم يحصل
- يعني بتفكر باللي بفكر فيه، ما إن قالها ياسين بترقب حتى أومأ له الهجين بتأكيد ليبتسم الآخر بمكر خبيث ثم أخذ يفرك راحة يديه ببعضها وهو يقول بحماس قاتل يبث به السم الذي لطالما تجرعه من الصغر.

- حلووووو الكلام كدة، إن ماخليته يسف التراب مابقاش أنا ياسين اللداغ، مش هو بيقول إني تربيته هوريه تربيته الوسخة هتعمل فيه إيه...
يالا بينا
شاهين باستغراب من اندفاع الآخر
- هنروح كدة من غير تخطيط
ابتسم له بشر لا آخر له وقال: عيب عليك يا هجين مش ياسين اللي يخطي خطوة من غير ما يفكر أنه هيعمل ايه، كله هنا، ختم كلامه وهو يؤشر على رأسه بدهاء.

ليقول شاهين بعدم اطمئنان: فهمني يعني، أقدر أعتمد عليك والا هتودينا بداهية
عض ياسين شفته السفلية بتوعد ثم قال بعبث لذيذ: هوديكم بداهية طبعا ودي محتاجة كلام بردو
سيبلي الموضوع أنت بس وهوريك ياسين ممكن يعمل ايه
- ناوي على وساخة صح
- أكيد!
- بس خلي بالك لازم نعرف المستخبي كله قبل أي حاجة وماتنساش اللي قصادك تعبان لدغته والقبر
ياسين بمسايرة: ماشي، اتفقنا مش هنسى...
ننزل بقى!

شاهين بشرود: اسبقني أنت وأنا عندي اتصال مهم هعمله واجي
ياسين بترقب: اتصال ايه ده؟
نظر له بضيق وقال: لازم تعرف يعني
ياسين بقلق- ليه علاقة بسعد وبناته صح
- قصدك بنات عمنا
سحب نفس من بين أسنانه المصطكة وهو يقول: بلاش توجعني بالحقيقة دي
أومأ له وقال بخوف عليهم: أيوه الموضوع ليه علاقة فيهم. أنا هكلم سعد وأقوله لازم ياخد عيلته ويسيب شقته دي فورا، قلبي مش مطمن...
ياسين بتحفز: ليه؟!

- لأن أكيد سلطان هيعرف يوصل لمكانهم ده بسهولة أنا معرفش ازاي فاتتني النقطة دي وماختش بالي منها
- ويمكن لاء ويكون كل ده أوهام
- مقدرش أخاطر فيهم عشان يمكن ولا لاء
تعتقد سعد هيسمع منك
- لااااازم يسمع لاااازم، قالها وصمت ما إن بدأ الهاتف بالطنين بمعنى الطرف الآخر يرن ليأتيه الرد بعد محاولتين
سعد بجمود: عايز إيه، في حاجة لسه فاضلة أنت وأخوك نسيتوا تكسروها ببناتي لسه
أغمض عينيه بضيق من كلامه ثم قال باستعجال.

- مش وقت الكلام ده، اسمعني كويس
سعد ببرود: منك أنت! مش عايز أسمع حاجة
- حتى لو قلت لك إنك لازم تاخد البنات وتطلع من بيتك فورا
سعد بخوف على فلذات روحه: ليه؟!
- كدة أأمن ليكم، أنا هبعتلك عنوان شقتي روحوا عليها وهتلاقي مفتاحها عند البواب أنا هكلمه دلوقتي وأبلغه إن في ناس من طرفي جاية واااء
سعد بمقاطعة: أنت مفكر إني هطلع فعلا وهسمع كلامك
- الوضع دلوقتي مش بيسمح للمناهدة، سيلين لو...

قاطعه للمرة الثانية وقال بانزعاج: سيلين تنساها خالص و اوعى تجيب سيرتها على لسانك تاني...
و أحسن حاجة عملتها إنك طلقتها
شاهين بنفعال: سسسسسعد سيلين مراتي وهتفضل مراتي، أنا آه طلقتها بس طلاقي ليها ده مؤقت ولولا اللي بنمر فيه كنت تحلم أخليك تشوفها
- تحلم ايه؟ دي بنتي، عارف يعني ايه بنتي أنا اللي ربتها وأنا اللي علمتها دي قطعة مني.

رد عليه بتملك وغيرة: سيلين دي ملكي أنا، أنا وبس. و وجودها عندك دلوقتي اعتبره أمانة عندك لغاية ما اصفي اللي ورايا، واجي أخدها
ابتسم سعد بتهكم وقال بتحدي
- تبقى مش عارفني لو خليتك تطولها
كاد أن يتفجر من استفزاز الآخر ليه ولكن حاول ان يتمالك أعصابه وهو يقول
- سعد يا جندي مش وقت الكلام ده، نفذ اللي بقولك عليه هبعتلك العنوان نص ساعة بالكتير وتطلعوا
سامع نص ساعة مش أكتر.

أبعد الهاتف عنه و أغلق الخط دون أن يسمع الرد منه ثم نظر إلى ياسين الذي قال بتخمين
- تفتكر هيعمل اللي قولتله عليه
- مش عارف بس لو ماطلعش وعمل اللي قولتله عليه يبقى كدة بيخاطر بروحي اللي سبتها عنده
ياسين بسخرية: مش روحك دي طلقتها؟!
شاهين بوجع: ايوة
ياسين بتساؤل: وعايز ترجعها بعد ما الليلة دي تخف
رد عليه بتأكيد: ايوة، طبعا
- ابقى قابلني، دي هتديك بالجزمة أول ما تشوف وشك
- ولااااا احترم نفسك.

- احترم ايه دي الحقيقة، اسأل مجرب ياقلب أخوك
أنت مش هتعرف حرقة القلب هتجيك منين اصبر بس على رزقك، ماهو أنت اللي جبته لنفسك، إذا كانت ميرال الهادية والعاقلة الراسية خلتني أسف التراب، أنت بقى هيحصل فيك ايه
- ومالك أنت فرحان كدة ليه
ياسين بابتسامة عريضة: ياعيني ع الحلو لما
هتبهدله الأيام
وضع شاهين يده على خاصرته وقال
- شمتان أنت هااا
- مش حكاية شمتان بس أنا عارف سيلين وجبروتها.

شاهين بمكابرة: لا دي اتغيرت وبقت بتحبني ومتعلقه فيا أوي ماتقدرش تنام من غيري
ياسين بتنهيدة: يؤسفني يا أخي العزيز إني أقولك
إن كل ماكتر حبها ليك كتر معها ضرب الجزم اللي هيجيك منها
شاهين بصدمة مضحكة: جزم! تصدق إني غلطان لأني واقف آخد و ادي معاك جاتك داهية بملافظك اللي شبه وشك، يالا ماشي قدامي
أما انشوف أخرتها معاكم ايه
في الوكر بالتحديد بالمخزن المدفون تحت الأرض
تأفف سلطان بضجر وهو ينظر تارة ل يحيى.

المربوط اليدين للخلف بأحد الأعمدة وما يزال نائما وينظر تارة أخرى لتلك المستلقية على سرير الحديد فاقدة الوعي
- وبعدين بقى، دول مش ناوين يصحوا ولا ايه
قالها وهو ينهض عن كرسي وذهب نحو كأس من الماء الزجاجي موضوع على طرف إحدى الرفوف وسكبه على يحيى بقوة مما جعل الآخر ينتفض.

أخذ يحيى يحرك وجهه وهو يحاول أن ينهض أو حتى يتحرك جسده ولكنه لم يستطيع، أغلق عينيه بقوة شديدة ثم فتحها، كرر فعلته هذه مرة واثنان يريد أن يرى ويستوعب ماذا هناك و أين هو؟!
رفع نظره بضعف نحو الشخص الذي أمامه والذي لم يكون سوا سلطان الذي قال بستخفاف
- أهلا وسهلا بالدنجوان، ايه النوم ده كله.

قطب جبينه بستغراب من الوضع هذا ثم رفعهم له بندهاش وعدم فهم ما إن نظر لنفسه كيف مربوط بشكل مهين فهو يجثو على ركبتيه كالعبد، ليقول بترقب ونزعاج
- أنا جيت هنا ازاي، أنت عامل فيا كدة ليه، فكني
سحبه من شعره بعنف ليرفع ووجهه له أكثر وهو يقول بسخرية: عايزني أعمل فيك ايه أكتر من كدة، ابن ماهر اللداغ بقى عندي خلاص، وأنا بصراحة مالقتش ضيافة أرقى من كدة تليق فيك...

كرمش وجهه وهو يكز على أسنانه بوجع ويقول: كنت عارف من الأول أبويا مين صح
ترك سلطان شعر الآخر بعدما دفع رأسه بقوة ألمته وهو يقول بتصريح: ايوة كنت عارف، و عارف كمان اللي محدش يعرفه
أخذ يتأوه بصمت وهو ينظر له بحقد ثم قال وهو ينهج بعصبية: قبل ما أعرف منك حاجة، فكني وخلينا نتكلم راجل لراجل...
اقترب منه مرة أخرى ليقبض على فكه بكل قوته وأخذ يعتصره وهو يقول بحقارة.

- افك ايه بس ده أنا ماصدقت أشوفك مذلول كدة ولسه هتشوف كتير على إيدي يا ابن ماهر، تعرف نفسي قد ايه لو كان أبوك عايش وموجود معانا هنا دلوقتي، كان خليته يشوفك كدة ويتحرق قلبه عليك زي ما عمل فيا زمان
يحيى بنفعال ورفض لهذه الحقيقة- ماتجبليش سيرته قصادي ده مش أبويا ولا يشرفني أنه يبقى أبويا
وبعدين تحرق قلب مين، هو لو كان عايزني مكنش خلفني بالحرام ورماني لأمثالك
سلطان بضحك فهو قد وصل لما يريد.

- حرام ايه! هههههه هههههه هههههه
يحيى اللداغ ابن ماهر وسعاد هههههههههههههه
هدأ بشكل ملفت وقال بانتباه شديد وحذر
- مين سعاد دي كمان؟
- أمك و أم اخواتك
ليقول يحيى بلهفة محروم: أنا ليه اخوات؟
- طبعا، عايز تعرف هما مين، هااا عايز تعرف صح، ميرال، تبقى أختك الكبيرة، وسيلين...
توأمك...

ما إن سمع هذا الكلام حتى بهت وجهه بطريقة مخيفة فهو أصبح كالأموات حرفيا، توقف لسانه عن نطق الحروف، وخاصة عندما أكمل الآخر بشماته وهو يرى ماذا حدث له
مالك بلمت كدة ليه، عارفهم مش كدة، ميرال
وسيليييين، سامع فيهم وشايفهم أكيد.

مش هما دول اللي ولاد عمك لعبوا عليهم وعملو فيهم اللي مايتعمل، ده حتى ياسين حبيبك جابلي أختك هنا ورماها عند جزمتي، شفت عملوا بعرضك ايه، هااا يادنجوان، ساكت ليه، ااايه واكل سد الحنك ولا ااااايه
نطق بشرود بصوت خافت أقرب مايكون للهمس: أنت بتقول ايه! دي أكيد لعبة من الاعيبك
- ألاعيب ايه، هو الهجين ماقالكش إن سيلين تبقى أختك ولا ايه، اخص عليه مالوش حق، ومش بس كدة. دي كمان توأمك عارف يعني ايه توأمك.

أخذ يحيى يمرر لسانه على شفتيه اليابسة ليرطبها لعل هذا يساعده بالكلام ليقول أخيرا ولكن بعقل مشوش
- أنت بتقول ايه، ازاي بس ده يحصل. أنا أكبر
من ميرال
ليقول سلطان باعتراف خفي ونبرة فحيح
- ورقة رسمية و شوية حبر مع شوية فلوس من تحت الطربيزة وكبرتك كم سنة مش صعبة يعني تخيل معايا كدة حياتك اللي كنت عايشها هنا كلها كدب في كدب، أنت مالكش هوية ده حتى عمرك طلع مش عمرك، أنا بمكانك أحرق نفسي ع العيشة المزيفة دي.

تجاهل يحيى وجعه المفرط وقال باستفسار فهناك كثير من الأسئلة بداخله التي لا يملك لها إجابة
- ليه عملت كل ده،؟ ليه خبيت نسبي؟
وأنا ايه اللي جابني عندك من الأساس؟!
أخذ سلطان يسأل نفسه بطريقة مستفزة: عملت ليه كدة، عملت ليه كدة، لأااني وببساطة حلفت لأبوك وقت موته وهو بيطلع الروح كدة وبيفلفص قصادي هو إني هربي ولاده، كنت وقتها لسه ماتولدتش بس ماقولكش فرحة ماهر فيك كانت قد ايه لما عرف ان اللي جاي ولد...

لدرجة انه قرر انه يسيب الوكر عشان مايبقاش نصيبك وقدرك زيه، تخيل،! كان عايز يبيع الكل وخاطر بحياته كلها، عشان بس ولي العهد اللي جاي بالطريق...
نظر له يحيى بتركيز وقال بهدوء يحسد عليه وهذه أول مرة يستخدم عقله ويلغي اندفاعه وعصبيته
- ليه بتكره أبويا وليه ماسجلتنيش بأسمه
- أسجلك بأسمه،؟ تعرف أنه كان دايما مستنيك و يقولي امتى يجي و أشيله بين إيديه كدة وأشبع من شوفته ويبقى سند ليا ولأخته ويشيل اسمي...

عارف يعني إيه أخليك تشيل اسمه، ده معناه إني حققت أمنيته وهو تحت التراب وده بعده، ساااامع ده بعده!
لأن كل حاجة أناااااا عايزها هو ياخدها مني، كل لما أعمل حاجة في الشغل ألاقيه عاملها أحسن منها، قربت وقتها من كبيرنا عشان أبقى دراعه اليمين بس هو اختار مين هاااا، اختار ماهر لأنه أشطر...

أنت مش عارف أبوك كان عامل ليا ازاي، ده كان زي عظم السمك لما بيقف بالزور لا قادر ابلعها ولا اتفها فقولت أكسرها واخلص منها وده اللي عملته بالضبط
صمت سلطان قليلا وأخذ يلهث بغل ثم أكمل بكره أكبر من سابقه...
ده حتى يوم ما حبينا سوا زي البني أدمين...
حبيبته هو وافقت عليه وتحدت الكل عشانه وانااااا رفضتني وراحت فضلت عليا واحد عقيم، وده كله ليه حصل، عااااارف ليه!

لأن أمك بنت الحسب والنسب خافت على صاحبتها مني وراحت بلغت حبيبتي بحقيقتي وياعالم ضافت ايه كمان وخلتها ماتطيقش تبص بوشي
أبوك أناني اتجوز وحب و عمل أسرة وبقى عنده بنت و ولد جاي بالطريق، لحد هنا كانت حياته تمام أوي. بس أنا مستحيل أخليه يتهنى، رحت وبلغت الكبير على عملة أبوك، وأنت عارف يعني ايه واحد يتجوز ويخلف برا الوكر بالسر، ده كسر القوانين...

بس اللي فاجئني إن الكبير طلب مني إني أبلغه أنه لازم يطلقها ويرجع، ببسااااطة عايزه يرجع لأنه معتمد عليه بحاجات كتير وميقدرش يستغنى عنه
شفتتتتتت، حتى في دي؟ الحظ لعب معه...
احنا كنا زمان اللي يعمل كدة ينقتل فورا بس ده ابن اللداغ، اللي الدنيا مكشرة ع الكل ومعه هو بس بتضحك ليه، شفت البخت، صحيح ماهي حظوظ.

بس أنا أسكت بعد ده كله؟ لاااا، رحت ونفذت فيه الحكم بإيديا دول آااااه ماهو محدش أحسن من حد واللي بيسري علينا لازم يسري عليه، وقتلت ماهر اللداغ بنفسي و وعدته إني هاخدك واربيك بس رجالتي أغبيا!

لما بعتهم يسرقوك ويدفعوا تمنك زي ما كنت متفق مع الدكتورة وقتها، اتفاجؤ أنها خلفت توأم بنت و ولد وماتت من قهرتها على حب عمرها، تستاااااهل زي ماحرمتني من حبيبتي حرمتها من جوزها أبو عيالها، بس التوأم ماكنش بالحسبان ده حتى الدكتورة بذات نفسها استغربت لأن وقتها الكل كان عارف إنها حامل بولد بس...

المهم لمينا الموضوع مع الممرضين اللي كانوا موجودين بكم قرش، ما أنا مش هقولك يعني على ضميرهم اللي بيتباع من أول مايشموا ريحة الفلوس
و رجالتي الأغبيا نفذوا كلامي بالحرف جابوا الولد بس زي ما طلبت وسابوا البت قال إيه أنا مأمرتهمش انهم يجيبوها معاهم، بعدها حاولت أوصل لبنات ماهر بس اختفوا سعد خدهم وطار...
- ليه مصر على اخواتي عايز منهم إيه، بعد كل اللي عملته
- أشغلهم هنا، يكونه متاحين للي رايح واللي جاي.

ما أنا نسيت أقولك إن شاهين طلع لأبوك بيقرف يقرب للستات اللي بالشكل ده، حبيت أولعه على خلفته من بعده، حبيت أخليكم ياولاد اللداغ تكسروا نفسكم بنفسكم
- ونجحت بكده!

- لااااااا مانجحتش لأن ولاد عمك حبوهم، بس ملحوقة كل حاجة تحت السيطرة و أولهم أنت، تعرف كنت مكتفي بعذابك بأنك تعيش وأنت مفكر إنك ابن حرام بس خلتني أغير رأي لما شفتك عايز تسيب الوكر عشان مراتك، تعرف وقتها شفت ماهر قصادي وكأنه خرج من القبر وتجسد فيك...
عايز تعمل عيلة يا ابن مااااهر. مستحيل أسمحلك بكدة، وزي ما عملت ب عمك سامر هعمل فيك دلوقتي
يحيى باستغراب وصدمة كبيرة
- سامر! ليه أنت عملت فيه إيه.

- حاجة بسيطة خالص، بس كل الحكاية أنه ماسمعش الكلام وأتجوز وحدة كانت لسه جايا الوكر فهو حماها من الكل واتجوزها هنا، كانت لسه صغيرة و هي الوحيدة اللي جت هنا وهي بنت بنوت
كانت حلوة أو يمكن احنا شفناها حلوة لأنها الوحيدة اللي كانت متحرمة علينا من بنات الوكر...
سنين كانت قصادنا ولازم نغض بصرنا عليها.

خلفت لجوزها بدل الولد تنين، كان عايش معاها ومتهني وبغير عليها جدا لدرجة كان ممنوع تطلع برا البيت عشان محدش يشفها والمشكلة أنها كانت مطيعه ليه بشكل عجيب، بس احنا حبينا نتهنا معه اشمعنى هو بس. اااايه غلطنا بالبخاري لما فكرنا كدة
يحيى بستفسار ومعالم الذهول من ما يسمع واضحة عليه: عملتم ايه؟!

- يعني هنعمل ايه يعني، اغتصبنا مراته لما كان مسافر بشغل، ولما رجع اتفجع بأنها انتحرت مايعرفش احنا اللي قتلناها عشان ماتتكلمش...

الروميو بقى ماسكتش ورضي بنصيبه وقال ده كان يومها لااااا، ده قلب الدنيا عاليها واطيها قال ايه ازاي ده حصل و إيه السبب عشان تعمل كدة. بس هو تحمق وتجنن لما شاف على جسمها علامات المقاومة وفهم الحكاية ايه وقبل ما يتكلم ويفضحنا عند الكبير قتلته وبسسسس، كان لازم يموت عشان أنا أعيش
شفت طيبة قلبي خليته يلحق مراته اللي بيحبها، أنا كدة ما أقدرش اشوف حبايب متفرقين.

وأنا دلوقتي يا يحيى يا ابن ماهر هعمل معاك نفس اللي عملته مع عمك بالضبط، هاااا إيه رأيك؟
بس أنا هعمل تعديل صغير وهو إنك هتشوف ده بث مباشر صوت وصورة لأنك الغالي ابن الغالي
قالها وهو يبتعد عنه و يذهب نحو تلك التي أقرب مايكون للجثة المستلقية على سرير حديدي...

ابتلع يحيى لعابه بخوف وهو يتبعه بنظراته لم يفهم ما مقصده أو دعنا نقول بأنه رفض أن يفهم وخاصة عندما وجده يجلس على أحد الأسرة واخذ يمرر يده بخبث على جسد مغطى بأسدال، ماذااااااا...
أسدال؟!
فتح عينيه على وسعهما حتى كادت أن تستدير وتحول رعبه لفزع وهو لا يصدق ما يرى ولا حتى
ما يسمعه الآن فذلك الجسد بدأ يفيق، أخذ يحرك رأسه برفض لما يحدث الآن ليصرخ بأسمها ما إن رأى وجهها
- غلاااااا.

توقفت سيارتهم ما إن وصلوا إلى مكان قريب من الوكر بعدما غابت الشمس تماما وعم الظلام بالسماء بشكل تام...
نظر شاهين لأخيه وقال بضجر بعدما جعله ينتظر هنا بعض الوقت: ها ندخل دلوقتي ولا لسه في حاجات عايز تضبطها
- ايه في إيه كنت بس بجهز قبر سلطان عشان أدفنه فيه
- واثق من نفسك مش يمكن أنت اللي تندفن بمكانه
- لو مقدرتش أكتب نهايته هسيبه يكتب نهايتي هو مش مهم، وبعدين اللي عنده أخ زيك مايندفنش بدري كدة.

كاد شاهين أن يرد عليه بتأكيد إلا أنه لفت نظره بأن هناك من يتسلل برا حدود الوكر وهو يتخفى من الأمن...
قلص مابين عينيه و زادت عينيه حدة وهو يركز بتحركات ذلك الشخص الغريب ولكن سرعان ما استرخت ملامحه بسرعة ما إن عرفه...

ترك أخيه يتكلم ولم يرد عليه وذهب نحو هدفه بخطوات سريعه كالصقر شاهين وما إن وصله حتى سحبه من الخلف نحوه كاد أن يضربه الآخر كردة فعل، إلا أن شاهين مسك ذراعه بقوة ولواها للخلف ليقول له بحدة وانزعاج
- تلفونك ليه مقفول من الصبح.

حودة بتنهيدة راحة ما إن سمع صوته ليقول: الهجين؟! الحمدلله إنك جيت أنا كنت جايلك بس تأخرت بسبب اللي حصل، ده يحيى باشا بالوكر عند الحاج سلطان، بس المشكله إني لما سبته كان مش بوعيه، لسه مافقش
ابتعد عنه وقال وهو ينظر ل ياسين: ما أنا عارف منه لله اللي كان السبب وضيعنا بغبائه وكان عاملي فيها ابو العريف
ياسين بضيق- ماكنتش غلطة يا هجين ذلتني فيها.

حودة بستغراب من ما سمع: حضرتك عارف؟! طب عارف كمان إن مراته هنا، ده الحاج ناويلهم الشر...
ياسين بجدية: مكانهم فين بالضبط؟
حودة بشرح: بالمخزن المهجور اللي تحت الأرض بنهاية الوكر من الناحية التانية اللي كان ممنوع أي حد مننا يوصله
- طيب، قالها شاهين وهو يريد أن يتخطاه إلا أنه توقف ما إن سمع حودة يكمل بسرعة، أنتم لو دخلتم الوكر هيمسكوكم ويكتفوكم
- بجد، قالها ياسين وهو ينظر للهجين بمغزى.

أومأ حودة برأسه وهو يقول: بجد يا باشا، دي أوامر الحاج بنفسه اللي أداها لكل رجالة الأمن والأعضاء كمان
ياسين باستفسار: هنعمل ايه دلوقتي
شاهين بتوعد غامض: سلطان مالوش بالوكر حاجة غير كم كلب بيجري وراه
- بس دي مجازفة بلاش تتهور
- في فرق بين التهور والثقة بس لو خايف
- مافيش لو مش ياسين اللي يخاف وأنت عارف ده كويس، بس أنت راضي اننا نتكتف كدة عادي.

- وماله، فيها ايه، قالها وهو يرفع منكبيه بقبول لما سيحدث ثم نظر لحودة وقال بأمر...
اسمعني، احنا هندخل الوكر دلوقتي و هيبقى صعب علينا إننا نوصل ليحيى بسرعة، ممكن يتم تحويل مكانه أو أنه يقتله، كل حاجة متوقعة من سلطان...
عشان كدة أنا وياسين هندخل من البوابة عادي وكأننا منعرفش حاجة وأنت عليك ترجع زي ما كنت خارج و اوعى حد يشوفك.

ترجع عند المخزن و عايزك تبقى زي ظل يحيى عينك ماتتشلش عنه أكيد سلطان هيسيبه محبوس وهيجي علينا لما يسمع إننا دخلنا الوكر ودي هتبقى فرصتك إنك تفك يحيى وهو لما هيتفك مش هيتخاف عليه بالعكس هيبقى وقتها يتخاف منه يحيى لما بيتعصب بيتحول
- أنت هتعرفنا ب يحيى ده بيضرب بغباء وابن اللذينا ضربه كله تحت الحزام، ما إن قالها ياسين حتى رد عليه حودة
- ايوة بس دي مراته معه و أكيد ده هيضعفه.

- اعمل اللي قولتلك عليه يحيى مايتخافش عليه
- تمام، قالها حودة وهو يعود أدراجه لداخل الوكر
اما شاهين وياسين ما إن جعلوا بعض الرجال الذين كانوا برفقتهم ينتشرون على حدود الوكر الخارجية وأخذوا يتسللون بداخله حتى توجها هما للبوابة
وما إن دخلوها حتى وجدوا جميع الأعضاء يقفون أمامهم كالسد البشري يمنعوهم من التقدم.

رفعوا الأسلحة بوجههم باستعداد تام للقضاء عليهم وهذا ما جعل الأخوة اللداغ يرفعون اياديهم للأعلى باستسلام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة