قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الأربعون

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الأربعون

توقفت سيارة الهجين أمام العمارة و ما إن نزل منها بهمة ليلحق به ياسين وهو يقول بعدم تصديق من سرعة الآخر
- بالراحة أنت مستعجل كدة ليه
نظر له شاهين وقال بنظرات تلمع بشوق
- عايز أخدها بحضني، عايز أشوفهاااا
ليقول ياسين بذهول من حالة أخيه هذه
- حبتها أوي كدة
شاهين بصدق: أنت بتقول إيه. روحي قصاد شعرة منها؟!

- هو أنت لحقت، قالها ياسين باستغراب شديد وهو يضرب كفيه ببعضها ويصعد خلف أخيه الذي ما إن وصل أمام شقتهم حتى رن الجرس وأخذ ينتظر فتحه بفارغ الصبر
اما في الداخل كانت ميرال تجلس على الاريكة في الصالة وهي تحاوط نفسها بشال قطني وعينيها شاردة على النافذة التي تطل على الخارج التي كانت لا تعكس سوا صورتها المنكسرة...

كانت غارقة بالتفكير هل قرارها صائب أم لا، وعمر؟ ماذا ستفعل معه هل لديها القابلية بتقبله بحياتها...
عند هذه النقطة أغمضت عينيها وهي تقطب جبينها بانزعاج من الفكرة كلها، روحها ترفض هذا الشيء...
لأول مرة عقلها وقلبها وجسدها وروحها يتفقون على شيء واحد وهو مستحيل أن يرضوا بغير ياسين حبيب و زوج لها ولكن بنفس الوقت يرفضون المسامحة والنسيان، وهذا هو قمة العذاب، عدم القدرة على النسيان...

شددت من احتضان الشال عليها وكورت نفسها بتعب وزاد حنينها أضعاف ما إن عادت ذاكرتها للمرة الألف ماحدث معها في الصباح الباكر، قبلة حارة من شفاه باردة زعزعت ثباتها
تعترف مع نفسها بأنها ضعيفة أمامه من الداخل ولكن مستحيل سترضى أن تضعف من الخارج يجب عليها الأحتفاظ بجمودها معه...

يالله كم قست وقست ولكن كل قسوتها ذابت ما إن عاد لها، وكأنه بعودته هذه يثبت بأنها لا تستطيع المقاومة أمام سحره الذي لطالمه انغمرت به...
وبرغم كل هذه المشاعر له بداخلها إلا أن هناك بقدر هذا كله وجع منه أيضا...
انتفض جسدها بخفه ما إن خرجت من تفكيرها هذا وشرودها على صوت جرس الباب...
أنزلت قدميها على الأرض وقبل أن تستقيم بالفعل وجدت سيلين تخرج من المطبخ وتوجهت للباب وهي تقول باستغراب لها.

- غريبة مين اللي هيجينا بالوقت ده؟!
زال استغرابها وتبدل إلى الضيق ما إن فتحت الباب و وجدت معذبها يقف أمامها ولكن ما جعلها ترفع حاجبيها وتضع يدها على الحائط عندما وجدته يريد الدخول لتقول
- يا نعم، على فين العزم إن شاء الله
رفع شاهين أيضا حاجبيه وكاد يرد لها حركتها وهو يقول. : عايز أشوف سيلا.

- العب بعيد ياشاطر مالكش حاجة عندي، قالتها بسخرية من طلبه هذا وهي تغلق الباب بوجهه ولكن قبل أن تغلقه حقا عادت للخلف عندما دفعه بقوة ودخل هو و أخيه
فعلته هذه جعلت ميرال تنهض بذهول من طريقتهم وهي تقول بضيق: ايه الجنان ده، أنتم ازاي تدخلوا كدة...
اقترب منها ياسين وقال: أنتم مش بتيجوا غير كدة
كادت أن ترد عليه إلا أنها التفتت نحو الآخر ما إن وجدته يقول لأختها بأمر
- سيلا فين، هاتيها.

كزت على أسنانها من أمره عليها وكأنه يحق له. لتقول بغيظ منه ومن أسلوبه: شاهين، اطلع برااااا
أومأ لها برأسه بتوعد ثم تخطاها وذهب على أول غرفة أمامه ما إن فتحها حتى وجدها فارغة ولكن قبل أن يصل للغرفة الثانية وجد سيلين تقف أمامه وهي تمسك أوكرة الباب وهي تقول بخفوت حاد
- بقولك مالكش حاجة عندي، اطلع برا، بابا عيان ومش حمل مشاكل، مش عايزة صوتنا يعلا ويصحى.

مرر شاهين لسانه على شفتيه ثم قال بسخرية بهمس مشابه لها
- أنتي مفكرة إنك ممكن تقدري تمنعيني من بنتي
- دي بنتي أنا وبس، ما إن قالتها وهي ترفع ذقنها بغرور أمامه حتى لانت عينيه بعشق خالص لها ليرفع أنامله ويمررها على وجنتها وهو يقول بتملك بعدما انحنى عند أذنها
- ااااانتي كلك على بعضك ملكي واللي يخصك بيخصني قبلك.

كادت أن تدفعه عنها إلا أنه كان أسرع منها عندما دفعها عن الباب بخفه وفتحه ودخل لتتوقف قدميه عن التقدم ما إن وجد تلك الصغيرة مستلقية بجسدها الضئيل على السرير وهي على وشك أن تغفو
من شدة تمعنه بها لم يلاحظ سعد الذي ما إن دخل حتى ركض إلى والدته واحتضن قدميها لتحمله سيلين بسرعة وتحتضنه بحماية ثم أعطته لميرال التي دخلت هي وياسين كلهم وذهبت بسرعة لتقف أمام شاهين وهي تقول ما إن رأته بدأ يتقدم نحو سيلا.

- ماتحلمش
- بابي، ما إن قالتها سيلا بصوت مبحوح وهي تمد يدها الصغيرة له حتى أبعد شاهين سيلين من أمامه وذهب نحوها ومسك يدها وقبلها بقوة بعدما جلس أمامها نصف جلسة وهو يقول بلهفة
- ياقلب بابي أنتي، وعمره...
لوت شفتيها بزعل وقالت بخمول مدلل
- سيلا عيانة
أخذ يمرر كفه الكبير على معالم وجهها و وجنتيها المحمرتين بشدة من أثر الحرارة وهو يقول بحنان لا يوصف
- سلامتك ألف سلامة يا نور العين أنتي
- بتحبني؟!

- عارفة أنتي الوحيدة اللي عرفتي توصلي لمكانة مامتك عندي، ما إن قالها حتى أخذت سيلين تحرك قدمها بتوتر وضيق من مايجري هنا لتنظر الى ميرال باستغراب ما إن وجدتها ما تزال واقفة وهي تحمل سعد الذي كان ينظر الى شاهين باختناق شديد فهو بنظره قد أهمله تماما ولم يسأل عنه أو حتى ينظر له.

- خديه من هنا، ما إن همست لها حتى استوعبت ميرال الأمر فهي كانت مستغربة من حالة شاهين ولم تنتبه لذهول ياسين الذي لم يبعد نظره عن سعد الصغير ليقول باستفسار بعدما أمسكها من عضدها ومنعها من الخروج
- ابن مين ده!
كلامه هذا جعل شاهين يقطب جبينه باستغراب وهو يلتفت لهم ليجد ميرال تحمل طفل ولكن ما جعله يستقيم حقا هو عندما وجد ياسين يقول بتمني شديد
- ده ابني صح.

- لاء ده أخويا أنا، ده سعد توأمي، ما إن قالتها سيلا بشكل تلقائي حتى عم الهدوء بالمكان
شاهين وآاااااه من شاهين لا توجد كلمات توصف ما حصل به الآن، شعر بإنه لأول مرة يشعر بإن بداخله انهيار حرفيا، حصونه دكت مع الأرض من ما سمع...

ابتلع لعابه بصعوبة ونظر إلى سيلا قليلا ثم التفت لذلك الصغير الذي كان يدفن وجهه بعنق خالته وهو يحاوطها بقوة ولكنه كان يشدد من احتضان ميرال كلما وجد والده يقترب منها بخطوات ثقيلة.
وما إن وصله حتى رفع يديه له وهو يقول بصوت يرجف حرفيا: تعال ياحبيبي
- مش بحبك، قالها وهو يخبئ وجهه مرة أخرى.
نعم كانت كلمات عفوية خرجت من طفل صغير ولكنها طعنت قلب والده.

- خديه ياميرال، ما إن قالتها سيلين حتى كاد شاهين يمنعها من هذا ولكنها وقفت أمامه وقالت بجبروت إمرأة
- ماتحاولش
ليقول شاهين بغضب: ابني مش بيحبني، أكيد مفكر إني تخليت عنهم ومش بحبهم
سيلين بتأكيد لكلامه: ما أنت فعلا عملت كدة
كز على أسنانه وقال بصوت عالي نسبيا
- سيليناااا
- صوتك، قالتها وهي تنظر لسيلا ليلتفت لها الآخر ليجدها تنظر لهم من تحت الغطاء بترقب...

التفت لسيلين ورفع سبابته وعضها بقوة وهو يرمقها بغضب ممزوج بألم من فعلتها به ثم ذهب الى سيلا
وأبعد عنها الفراش وحملها بين يديه واحتضنها بقوة كبيرة وأخذ يقبل رأسها ويشتم عطرها البريء هذا
ثم جلس على السرير ومال إلى الخلف قليلا وجعلها تتوسد صدره براحة وكأنه يملك كل الوقت لها
ثم سحب الغطاء عليهم وأخذ يمسد على شعرها الناعم وهو يقول: يالا نامي
رفعت سيلا وجهها له وقالت بنعاس
- مش هتسبنا وتسافر تاني صح.

- عمري ماهسيبكم، سامعة عمري، قالها وهو يشدد من احتضانها بعدما أعاد رأسها على صدره ونظره معلق بتلك التي تقف عند الباب وتعقد ساعديها بضيق من مايحدث ولكن ما باليد حيلة
وماهي سوى دقائق معدودة حتى وجد صغيرته قد استسلمت كليا للنوم، ليقبل جبهتها و وجنتها وتنفسها حرفيا ثم رفع جسدها عنه بحذر ثم وضعها بمكانها بعدما نهض وما إن دثرها، حتى استقام بطوله ونظر لقاتلته بعتاب ممزوج بقهر التي تجاهلت نظراته هذه وقالت.

- ياريت تاخد اخوك و تمشي قبل ما بابا وماما يصحوا وتبقى مشكلة بجد...
اقترب منها بشكل كبير جعلها تلتصق بالحائط وأخذ ينظر إلى بؤبؤ عينيها الغاضب ليهمس بغصة قلب
- محدش قدر يئذيني قدك، بعملتك دي كسرتي ظهري، عندي منك بدل الطفل اتنين، حرمتيني منهم ليه...
لترد عليه سيلين بقوة: لأنك ماتستاهلش تكون أبوهم
شاهين بوجع: ااااااااااخ سيلينا ااااااااخ، لو كان بس غيرك عملها لو كانت الضربة دي ماجتش منك أنتي...

سيلين بتأكيد على فعلتها: مش ندمانة على ده و لو رجع الزمن بيا لورا هعمل كده بردو بس كنت هحرص إنك ماتعرفش مكانهم
- لو أنا أذيتك زمان طاق، أنتي اذيتيني الطاق اتنين وتلاتة، صمت قليلا وهو يحرك رأسه لها ثم ابتعد وهو يكمل كلامه، هروح أشوف ابني...
ولكنها جعلته يتوقف عندما قالت بصيغة أمر
- اطلع من حياتنا مش عايزينك فيها.

- عارفة ليه ماحولتش أشوفك السنين اللي فاتت دي كلها برغم شوقي ليكي، لأني كنت عارف نفسي لو شفتك مش هاقدر أبعد تاني، فما بالك دلوقتي بدل وحدة بقيتو تلاتة و أجمل مافيهم انهم منك أنتي...
عندي روحين من عشقي، من عشق الهجين
انا لا هسيبك ولا هسيبهم...
غلطة عمري وحياتي اني بعدتك عني ومع ان ربنا يشهد إن اللي عملته من خوفي عليكي
سيلين بتهكم: خوفك عليا، ولا أذاك ليا...
- الاتنين، من خوفي أذيتك وأذيت نفسي.

- سؤال واحد بس
- اللي هو
- ليه ماثبتش جوازنا ليه خلتني أعيش أبشع شعور ممكن أي ست تعيشه، ليه خلتني خاطية بنظر الكل وأنا بريئة
عاد إليها وقال وهو يتنقل بنظره على معالمها
- لو قولتلك اني عملت كدة عشان أضمن إنك ماتكونيش لغيري...
- يعني بسبب أنانيتك دمرتني وضيعتني
- ليه ماتقوليش من حبي و جنوني فيكي وإني مستعد أعمل أي حاجة مهما كانت عشان بس ماتكونيش لغيري.

- أوعى تجيب سيرة الحب لأنك عمرك ماعرفت هو إيه، حبك مشوه ياهجين، مشوه!
شاهين بمشاعر صادقة وعفوية: أنا حبيتك بطريقتي اللي كبرت عليها ومعرفش غيرها، ماتطلبيش حاجة حلوة مني لأني عمري ماشفت حاجة حلوة بحياتي غيرك، لو في يوم تكلمت ع النعم اللي عندي هتكون كلها مختصرة فيكي
بس برغم كل حبي ليكي مش هسامحك على حرمانك ليا من ولادي، ابني مش طايق لمستي ليه...

عارفة ده معنى ايه، عارفة حصلي ايه وهو بيقولي مش بحبك، عارفة ايه لما اجي أشوف بنتي وانصدم إني عندي ابن كمان، كنتي ناوية تخبي لحد امتى...
سيلين باستغراب وهي تضحك بسخرية
- أنت اللي مش هتسامحني. مش أنت اللي رميتنا ومشيت ومابصتش وراك
شاهين بتوعد خفي لم تفهمه هي
- غلطة حياتي، بس هصلحها
- مش عايزاك تصلح حاجة. ابعد عننا بس، بابا تعبان أوي وقلبه مش هيستحمل التعب أكتر من كدة...

- والله دي مشكلة سيادة الوالد، انا مش هسيب عيالي ليوم واحد ولا هسيبك أنتي
ضربته على صدره وقالت: دول حقي أنا، أنا اللي تعبت فيهم مش أنت
مسك معصميها وقال: وأنتي كلك على بعضك بممتلكاتك ملكي وباسمي يابطتي وهتشوفي ازاي هرجعك لحضني من تاني
- مش هيحصل.

- هيحصل وهتشوفي، سواء كان بمزاجك او غصب عنك. سامعة ياحلوة، قالها وهو يقرص شفتها العلوية بقوة جعلها تتأوه وما إن ضربته حتى ضحك عليها بخفة وخرج ليرى فلذة كبده ذلك العنيد الذي على مايبدو قد ورث منه الكثير.

قبل هذه الأحداث بنصف ساعة عند ميرال ما إن خرجت من الغرفة وهي تحمل سعد بين ذراعيها متوجهة لغرفتهم وما إن دخلت و وضعته بسريرها هي واحتضنته بحنان حتى وجدت ياسين يدخل خلفها ويغلق الباب ليجلس على سرير سيلين ومال بجذعه العلوي ليسند كفيه على فمه و أخذ يراقبها من بعيد وهو ملتزم الصمت وبعينيه ألف حسرة.

كم تمنى أن يكون هذا الصغير ابنه هو من تلك القاسية، أراد هذا وبشدة، لما حتى القدر يعاكسه بهذا، لو كان لديه طفل منها لكانت لانت معه ولو قليل لأن هناك رابط بينهما ولكن دائما ماتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وخاصة معه هو، نعم يعرف أنه قد ارتكب جريمة بحقها وذبحها ولكنه نادم حتى النخاع...

وما أعظم من ألم الندم عندما يحتل شخص لسنين طويلة، ماذا تريد أكثر من ذلك هي لم لا تغفر، لم لاتعطي له فرصة أخيرة، يقسم برب السماوات و الأرض بأنه يذوب بها عشقا وقد حرم عليه نساء الكون من بعدها...
ابتسم بحزن عندما وجد ذلك الصغير يهمس بصوت واضح: خالتو هو بابا ليه بيحب سيلا بس وأنا لاء
- مين قال كدة؟!
سعد بحزن شديد: هو أول ما دخل راحلها هي ومابصش عليا
- راحلها لأنها عيانة.

سعد بحزن أكبر: هو لازم أعيا أنا كمان عشان يجي يشوفني.
- ماهو جا عندك وقالك تعالى وأنت مرحتش، ما إن قالها ياسين حتى دفن سعد نفسه بأحضان ميرال بسرعة وهو يرفض حتى النظر لعمه الذي لا يعرف أنه عمه أساسا
لينظر ياسين للأخرى وهو يؤشر للصغير بمعنى انظري ماذا حدث بالصغار بسببكم...

التزمت ميرال بالصمت وأخذت تربت على سعد بهدوء وما إن تأكدت بأنه قد غفى أخيرا حتى ابتعدت عنه ليقترب ياسين منه ليتمعن بوجهه وهو يقول بحب
- شبه أبوه أوي مش زي سيلا اللي طلعت نسخة منك
لدرجة اللي يشوفها يقول إنها بنتك أنتي
تنهدت ميرال وقالت
- مافيش فرق. بنت أختي بنتي
ياسين بتمني حقيقي.
- كان نفسي يبقى ده ابننا
نظرت له من طرف عينيها وقالت
- ربك رأف بحالي.

ياسين بحيرة: قوليلي أعمل ايه وأنا أعمله عشان بس تديني فرصة تانية
ميرال برفض قاطع: عمري مابفتح بيبان قفلتها في يوم، أي حد بخرجه من حياتي مايرجعلهاش
- أنا مش زي أي حد، أنا ياسين أول دقة بقلبك. أنا أول همسة أول حب. أول كل حاجة حلوة بحياتك
أول بوسة لشفايفك كانت مني، أول حضن دفاكي حضني...
لمعت الدموع بعينيها وقالت بثبات تحسد عليه.

- لو مفكر إن كلامك ده هيحنن قلبي عليك تبقى غلطان لأنه بيعمل العكس معايا بيقسيني أكتر. لأنه بيأكدلي إنك كنت عارف أنت إيه بالنسبالي وهونت عليك تكسرني
ما إن قالتها حتى وجدت فيض من الوجع يطوف داخل الدموع التي لمعت بحدقتيه لتتجاهل ما تراه الآن. لتقول بعدما أخذت نفس عميق بجدية
ياسين كويس إنك جيت هنا لأني عايز أطلق منك رسمي. وبكرة أو بعده بالكتير هيوصلك ابلاغ الدعوة اللي رفعتها.

التفت ياسين وأعطاها ظهره ورفع كفيه وأخذ يمررهم على وجهه بقوة يريد أن يبعد عنه غصته التي اجتاحته من كلامها وطريقتها. حتى نظراتها جامدة لا روح فيها وكأن الجليد سكن بمقلتيها
رفع رأسه للأعلى وهو يتنفس بقوة يبحث عن الهواء ولكن العكس حصل فقد شعر بأن الجدران التي تحاوطهم تخنقه أكثر...
تركها وتوجه نحو الباب دون أن ينطق بحرف وما إن فتح الباب وخرج حتى وجد شاهين هو الآخر يخرج من الغرفة المجاورة. ليقول له.

- روح أنت أنا مش جاي
أومأ له ياسين وخرج من الشقة بأكملها غير آبه بتدخل سيلين بالحوار وهي تقول لأخيه
- يعني إيه الكلام ده...
تجاهلها شاهين ولم يرد عليها ودخل إلى الغرفة التي يوجد بها نصف روحه، تقدم نحو سعد النائم وجلس أمامه على ركبتيه بتعب ما إن رأى وجهه الجميل، رؤيته هذه قد سلبت طاقته منه حقا.

لانت عينيه بضعف أمام هذا الصغير، شعور غريب اجتاحه جعله عاجزا أمامه، الهجين يعجز أمام طفل لم يبلغ بعد الخمس سنوات...
لا يعرف أيبتسم أم يبكي. هناك خلل بالهرمونات
حصل لديه...
اقترب منه وقبل جبينه بعدما أبعد خصلاته الحريرية قليلا بأنامله...
مسك يده وقبلها عدة مرات، أخذ ينظر له بحيرة لا يعرف ماذا يفعل أكثر من ذلك يعبر عن ما بداخله له...

- شاهين لازم تمشي الوقت تأخر أوي، ما إن قالتها سيلين حتى وجدته نهض اعتقدت أنه سينفذ ما طلبته منه إلا أنها وجدته يخلع حذاءه ويستلقي إلى جانب صغيره النائم
- أنت بتعمل إيه
- اطلعي برااا، مش عايز أشوفك، قالها بحقد لأول مرة يحقد عليها لأنها حرمته من صغاره كل هذه السنين، كادت أن تتكلم إلا أنه رفع سبابته أمامها وقال بتحذير حقيقي استشعرته هي.

كلمة كمان و أقلب البيت على اللي فيه. أنا أصلا مستغرب ازاي ساكت لحد دلوقتي
صمتت لأجل والدها المريض وتوجهت الى سريرها واستلقت عليه وهي تراقبه كيف يحتضن سعد ويقبل كل انش بوجهه ويده الصغيرة...
أخذت تراقبه لوقت طويل جدا ولم تشعر بنفسها والنوم يغشاها
القاهرة، في شقة غالية
كان يحيى يلعب البلاستيشن مع ابنه لساعات متواصلة مابين الضحك والهزار وما إن تأخر الوقت حتى حمل صغيره على كتفه وتوجه به لغرفته لينام.

بلال وهو يلعب بوجنتي والده وهو يقول
- بابا أنت بتحبني قد إيه
عضه يحيى من عضده بخفه ثم قال- بحبك كتير أوي لدرجة بتلفون منك خلتني أرجع على ملا وشي عشان أشوفك بس
- ياحبيب ابنك أنت، قالها وهو يقبله من وجنته ليبتسم له الآخر ولكن زادت ابتسامته خبث عندما سمع صوت غلاته يأتيه من خلفه
- يعني عايز تقنعني إنك سبت مزاجك وراحتك عشان بلال كلمك وقالك أنه عايز يشوفك و وحشته بس.

التفت نحوها وقال: والله ده اللي حصل يا غلا...
عقدت ساعديها أمام صدرها وقالت
- مش مصدقاك
رفع منكبيه ببراءة ثم التفت لصغيره وهو يقول
- شفت يابلبل مامتك مفترية ازاي
ليرد عليه الآخر بمشاكسة- آه شفت ربنا يعينك عليها
- بلااااال، ما إن صرخت به وهي تفتح عينيها بعصبية ليصمت الآخر بسرعة خوفا منها
التفت يحيى نحوها وهو يقول بعدما قطب جبينه بنزعاج: بالراحة على الولد.

- والله محدش مطلع عينه غيرك، قالتها وهي تتأفأف وتخرج للصالة. لتستقبلها والدتها وهي تقول
- مالك لاوية بوزك ليه، ده من ساعة ما دخل وأنتي مش على بعضك
غالية بتذمر- مدلع الواد آخر دلع
- وماله لما يدلع ابنه هو حيلته غيره
- يا أمي أنتي مش فهماني، ما إن قالتها حتى ردت عليها والدتها بضجر
- والله أنتي اللي مش فاهمة نفسك، شفتيهم من شوية قاعدين شكلهم يفتح النفس ازاي، وأنتي كنتي قاعدة زي البومة الفقر على جنب.

أشارت الى نفسها بذهول: أنا بومة فقر
ردت عليها بتأكيد: وأكتر من كدة كمان، والله ليه حق أنه يتجوز عليكي
غالية بضيق ممزوج بغيرة: ايه الكلام ده بس...
أنتي أمي والا حماتي، معايا والا معاه هو...
- والله أنا مابعرفش أسكت عن الحق أكتر من كدة.
أنتي كرهتيه بعيشته ياشيخة
- أنا،!
- ومالك مستغربة من كلامي ليه
- لأنك بتتكلمي وكأنك ماتعرفيش اللي حصلي منه
- كل ست شافت من جوزها الويل
غالية باختناق: محدش شاف اللي أنا شفته.

ردت عليها والدتها بتعقل: حتى لو يابنتي حتى لو، الراجل ندم واعتذر ألف مرة، خلصنا بقى انسي وعيشي، قولتلك جوزك مش هيطلقك لو وقفتي على شعر راسك، يبقى الست الذكية تعمل ايه تربيه وبعدين تحطه تحت باطها بشطارتها
وأنتي ما شاء الله عليكي ربتيه وطلعتي عينيه لسنين يبقى كفاية بقى داري عليه لايطير منك
لتقول غالية بغيرة قاتلة تأكلها من الداخل
- ماما ما تغيرش ده لسه كان باسكندرية مع وحدة.

والدتها بنصح: اللي متغيرش بالبعد يتغير بالقرب
- أبدااااا مش هيحصل، ما إن قالتها حتى صرخت بها والدتها بعصبية منها
- قووووووومي من قدامي، قلبي هيقف بسببك في يوم
غالية بلهفة: بعد الشر عليك يا حبيبتي
- موتي على إيدك يابت بطني. غوري من وشي
ما إن قالتها حتى ذمت غالية شفتيها بزعل ثم تركتها ودخلت إلى غرفتها وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة. لتزفر والدتها بتعب من عناد صغيرتها هذه.

لتنظر الى ذلك الذي كان يقف بالممر ينظر لها بحزن.
ليقترب منها وما إن جلس إلى جانبها حتى وجدها تقول بتأنيب
- الحق عليك
نظر لها وقال: بإيه، ده أنا عملت كل اللي عايزاه
- ولما عملت كل ده وشفتها عندت أكتر ماشغلتش دماغك ليه وخلتها تفوق لنفسها
يحيى بحيرة: أعمل ايه يعني؟

- لو أنت مستني إنها تقول إني سامحتك خلاص تبقى بتحلم. يابني غالية محتاجة اللي يكسر عنادها. دي قوية ومفترية محتاجة اللي أقوى منها لو أنت مش قدهااااااا يبقى ده كلام تاني
يحيى برفض لما سمع...
- مش قدها ده إيه! ده
أنا اللي قدها وقدها أوي كمان وهتشوفي يا أنا يا هي، بسسسس أنا مش عايز أغصبها على حاجة
ردت عليه بدهاء: مش يمكن هي بتعمل كل ده
عشان تغصبها يادغف!

رفع يحيى حاجبه بعبث وقال: إذا أنتي شايفة كدة، وماله نجرب الغصب ونشوف طعمه ايه
قال الأخيرة بحماس وهو ينهض و يتوجه لتلك العنيدة
لتبتسم والدتها فقد نجحت خطتها وهي جعل الآخر يعود لمشاكساته القديمة...
- يارب ازرع ما بينهم المودة والرحمة ياقادر يا كريم
قالتها من كل قلبها وهي ترفع يدها للأعلى.

اما عند غالية ما إن دخلت غرفتها أخذت تأكل أظافرها وهي تفكر بكلام والدتها ولكن ما يجعلها ترفض بشكل قاطع هو علاقاته النسائية التي لا تنتهي...
أخذت تنزع ثيابها بقهر شديد كلما تذكرت بأنه كان الأيام السابقة بأحضان إمرأة أخرى غيرها، الغيرة تأكلها حرفيا...
ارتدت بيجامة من الحرير باللون الأسود وفكت شعرها وأخذت تسرحه بالفرشاة وبأثناء ذلك وجدت بابها يفتح عليها دون استأذان.

لتنزلق من يدها الفرشاة ما إن وجدته يدخل ويغلق الباب بالمفتاح من الداخل، كادت أن تتكلم إلا أن كلامها تبعثر منها عندما وجدته بدأ يفتح أزرار القميص بهدوء اثر ريبتها
لتبتلع لعابها و أخذت تعود للخلف ما إن وجدته نزع القميص بشكل كلي وبلمح البصر اقترب منها ومسكها من رسغها ليسحبها نحوه
لتقول بتلعثم ما إن التصقت بصدره العاري
- هو في إيه، أنت بتعمل ايه، مش كنت ماشي
إيه اللي دخلك هنا؟!

- أمشي فين أنا عايز مراتي. قالها وهو يرفعها من خصرها للأعلى ليصبح وجهها أمام وجهه. لترجف شفتيها ما إن شعرت بأنفاسه تداعب حواسها بشكل خطير أرادت أن تبعده عنها و لكن العكس حصل ف الآخر لم ينتظر رفضها أو قبولها فقط اكتسح شفتيها
بقبلة متطلبة جعلت العالم يدور بها
وما إن ابتعد عنها قليلا حتى همست بلهاث
- سبني يامجنون أنت بتعمل إيه!

- جنون على جنون بقى وديني وما أعبد ما أنا سايبك الليلة، قالها وهو يرمي نفسه بها على السرير بعدما عاد لتقبيلها بحرارة جعل الأخرى يغيب عقلها منها رغما عنها
في أول ساعات الصباح، أي وقت شروق الشمس
عند شاهين كان مايزال مستيقظا وهو يحتضن صغيره فهو قد قضى كل الليل يفكر لينظر إلى سيلين النائمة.

لينهض من السرير وما إن ارتدى حذائه وهندم ثيابه حتى حمل سعد على كتفه وخرج من الغرفة متوجها لشقيته الأخرى وما إن دخل حتى وجد ميرال على السرير المجاور لها
ذهب نحو صغيرته وحملها بهدوء و وضعها على كتفه الآخر، ليستقيم بطوله وهو يحمل أطفاله على صدره وكل واحد منهم يسند رأسه على كتف...
وما إن حاوطهم بحماية حتى خرج من الغرفة لاااا لاااا بل هو خرج من الشقة بأكملها...

ليضعهم بالمقعد الخلفي لسيارته ما إن وصل الشارع
العام ثم توجه لمكانه واستقر خلف الدركسيون حتى ثبت المرآة الأمامية على صغاره ليبتسم لهم بحب أبوي كبير ثم أخذ يشغل المحرك وانطلق بهم بعيدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة