قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل السابع

عادت نداء الي بيت جدتها بالقاهرة حيث يوجد خالها مازن وزوجته ترددت في الصعود دون توجيه الشكر لهذا الأمير الذي ينقذها للمرة الثانية
لكنه لم يعطها الفرصة فعقب نزولها من السيارة اسرع بالانصراف لتشعر هي بالخواء
وجدت هاتفها يدق مرات متعددة دون توقف وما كان المتصل الا ريان اجابته بهدوء قائلة
ايوة يا ريان انا خلاص وصلت البيت.

ريان بصدق: انا أسف والله العظيم مش هتتكرر تاني انا بكرة هجيلكم البيت اسلم على خالك ومراته واستأذن من عمي مهاب اننا نخرج حتى، لو بعت معانا مراد
نداء بتهكم: وايه اللي حصل وغير رأيك كده
ريان: لأني غلطان مكنش ينفع اطلب منك نخرج من ورا اهلك بس عذري اني بحبك
ابتسمت نداء فهي تشتاق لسماع تلك الكلمة ربما لم تدرك بعد ان الكلام وحده لا يكفي وربما الفتيات جميعهن يضعفن امام كلمة أحبك...

نداء: خلاص يا ريان مش زعلانه انا هستناك بكرة بس اوعي تضحك عليا ومش تيجي
ريان بصدق: لا خلاص غلطة ومش هتتكرر
انهى ريان الاتصال ونظر ناحية صديقه بضيق قائلاً الحمد لله قدرت اصالحها كان لازم يعني صاحبك الزفت ده يأخرنا
رضا: يابني احنا اللي محتاجينه وبعدين حصل خير ياعم اومال هتسافر وتسيبها ازاي؟
ريان: ايوة هسيبها واسافر بس هتكون في وسط اهلها مش في حفلة مع ناس غريبة عنها والوقت متأخر.

رضا: خلاص المهم اننا اتفقنا وخلصنا الورق متزعلش بقي وافرد وشك مش كنت هتموت عالسفر
ريان: اكيد طبعا بس برده انا بحب نداء ومش عاوز اخسرها ولو ابوها وافق هاخدها معايا ومش هسيبها ابدا.

بفيلا ناريمان يجلس راسل يفكر بطريقة تجعله يتقرب من شمس فهي تبدو فاتنة ولكنها لن تكون سهلة ويبدو انه سوف يعاني من اجل الوصول اليها؛ اخذه تفكيره الي ناريمان فهي الوحيدة القادرة على مساعدته خاصة وانها لا تحفل كثيرا بأبنتها وهو لن يطلب شيئا خاطئا كل ما يريده هو الارتباط بها!

بينما شمس مازالت غير قادرة على استيعاب ما حدث وكيف انتهي بها الحال هكذا تنظر الي الفتي الملقي امام سيارتها وصراخ الواقفين حولها لا تعي شيئا الي ان استمعت الي احدهم يقول
يا جماعة الواد ده محتاج مستشفي ده مبيتحركش!
رد عليه الاخر قائلاً بحزم: ملناش دعوة ياعم ليجبلنا داهية
نظرت اليه شمس وهتفت بضيق لو سمحت انت وهو بدل ما تسيبوه مرمي كده ساعدوني اركبه عربيتي واوديه المستشفى.

استطاع الرجال المحيطين بمكان الحادث حمل ضياء ووضعه داخل السيارة واتصلت شمس مسرعة تستنجد بجدها عبدالرحمن
ش
شمس ببكاء وخوف: الحقني يا جدو
عبد الرحمن: في ايه ياحبيبتي ناريمان حصلها حاجة
شمس: لا ماما كويسة انا عملت حادثة واحد وقع قدام عربيتي ومقدرتش اوقف خبطته بالعربية
عبد الرحمن محاولا تهدئتها: انا في المستشفي هاتيه بسرعة وتعالي وان شاء الله مش هيحصل حاجة
شمس: حاضر انا في الطريق.

نظرت شمس ناحية ضياء الذي يبدو كجثة هامدة لتتمتم بحزن: يارب ميكنش مات انا مش حمل مصيبة زي دي؛ يارب يبقي كويس مقدرش اتحمل ذنب موت انسان؛ انتي طلعتلي منين انت كمان هو انا ناقصة!

استأذن سولي في الدخول الي مكتب والده ليأذن له سليم بهدوء
توجه سولي للجلوس امامه مبتسماً قائلا: اعتقد ان دي اول مرة اشوفك انت وماما بعيد عن بعض انتوا محسودين ولا ايه؟
سليم بهدوء: عاوز ايه يابن عمر!؟
سولي: مبتقوليش ابن عمر دي غير لما تكون متضايق مني.

سليم بجدية: مستحيل يا سولي، لما بقولك يابن عمر بكون محتاج لوجوده جمبي ولما بشوفك بحس انه لسه عايش، والسبب الأهم اني بحاول افكر نفسي دايما انك ابن عمر وان سبب وجودك هو نداء، لما قلبي بيقسي عليها ياسليم بفكر نفسي بتضحيتها والأذي اللي شافته بسببي
سولي: وليه حضرتك المرة دي طولت في زعلك منها دي اول مرة تحصل
سليم: لأنها اول مرة تتحداني بالشكل ده اول مرة تهين كرامتي، أمك تجاوزت حدودها.

سليم عمر: مع اني مش عاجبني كلمة امك دي بس انا واثق ان قلبك مش هيطاوعك تزعلها اكتر من كده
سليم: اطلع اطمن عليها ومتتكلمش معاها في حاجة
سولي مشاكساً: حاضر يادكتور هطمن واطمنك.

أسرع العاملون بالمشفي الخاص بدكتور عبدالرحمن الي استقبال الحالة المصاحبة لشمس وسط نظرات الخوف التي غمرت ملامح شمس
اسرعت ناحية جدها الذي اتاها مسرعا يطمئن على سلامتها فارتمت بأحضانه باكية بقوة
مر بعض الوقت ومازالت شمس واقفة امام الغرفة التي وضع بها ضياء تنتظر خروج احد الاطباء لطمأنتها بعد قليل وجدت جدها واحد الاطباء في طريقهم اليها.

شمس بلهفة: ايه الاخبار يا جدو طمني ارجوك حصله حاجة؛ مات ولا لسه عايش؟
ابتسم عبدالرحمن والطبيب من كلماتها وخوفها الزائد ليتحدث الطبيب قائلاً: الحمد لله لسه عايش احنا عملناله غسيل معدة والخبطة اللي في رجله يدوب عملتله شرخ؛ الولد ده كان مغمي عليه لأنه حاول ينتحر يا انسة شمس مش بسببك بالعكس لولا انه وقع قدام عربيتك كان هيموت من غير ما حد يحس بيه
شمس بحزن: ينتحر؛ معقول شاب صغير كده تهون عليه نفسه.

الطبيب: للأسف في ناس بتضعف ومبتتحملش ضغوط الحياة بس طبعا مفروض اهله يحاولوا يفهموا هو عمل كده ليه والافضل يتعرض على استشاري نفسي
وجهت شمس نظرها ناحية جدها قائلة: انا لقيت موبايله واقع على الارض ممكن نتصل على حد من اهله يجيله ولو سمحت ياجدو عاوزة ادخل اطمن عليه واعتذرله برده.

بالداخل كان ضياء يتحدث ببعض الكلمات الغير مفهومة وقد بدا اثر المسكن الذي تناوله يسبب له بعض الهلاوس ليمسك يد شمس بقوة متحدثاً اليها بحزن قائلاً: انا تعبان اوي ومحتاجلك اوعي تمشي وتسيبيني لوحدي
شمس بخجل: حاضر بس ارتاح انت شوية.

ضياء بهلوسة: انتي بتحبي ولادك التانيين بس ايه المشكلة تحبيني زيهم وتسألي عني هيحصل ايه يعني؛ احضنيني انا نفسي انام؛ نفسي احس اني بوحشك لما اغيب نفس اعرف حنان الأم اللي بيتكلموا عنه ده شكله ايه!
شمس بصدمة: هو بيخرف ولا ايه يادكتور
الطبيب مبتسماً: هو مش في وعيه ولما يفوق هينسي كل الكلام ده
ضياء: متسمعيش كلامه؛ اوعي تبعدي عني تاني.

ابتسم عبدالرحمن هو الاخر قائلا: خلاص يا حبيبي ارتاح وهي مش هتبعد بس نام انت شوية
نظر ضياء اليها مبتسماً بحب ثم اغمض عينيه وذهب في النوم مرة اخري ومازال ممسكاً يدها
نظر الطبيب الي عبدالرحمن موضحا: طبعا حضرتك يادكتور عارف انه مش في وعيه ده واخد شريط كامل من حبوب بتسبب هلوسة
عبدالرحمن: عارف ربنا يشفيه ويهديه؛ احنا هنمشي يا دكتور وليد بس لو في اي جديد كلمني وياريت تهتموا بيه لحد ما نشوف حد من اهله.

بحثت شمس بهاتف ضياء عن رقم تستطيع الاتصال به لتجد قائمة الاتصالات لا تحتوي سوى اسم فقط مسجل بكلمة (أماني)
شمس محدثة نفسها: جميل اوي ان الانسان يحي ان في انسان يبقي مصدر امانه؛ اما اتصل بقي وابلغهم باللي حصل
حاولت الاتصال مراراً؛ بينما الهاتف كان يحمله سليم بعدما تركته نداء وغادرت مسرعة عقب شجارهما معاً؛ ليأتيها الرد بعد قليل قائلاً
انت بتتصل ليه انا مش حذرتك تتصل عليها تاني.

شمس بتعجب: حضرتك انا اسفة بس صاحب الرقم ده عمل حادثة ومقلتش على موبايله ارقام غير الرقم ده ومكالمات كتير واردة من ارقام غير مسجلة؟
سليم بتوتر: حادثة ايه وفي اي مستشفي؟
شمس: احمم هقول لحضرتك هو حاول ينتحر وبعدين وقع قدام عربيتي وانا جبته المستشفي؛ مستشفي عبدالرحمن العزبي حضرتك تعرفها.

سليم بدهشة: اكيد اعرفها؛ ياريت تحاولي تكلمي والده او والدته لان انا أستاذه في الجامعة واكيد اهله بيدوروا عليه وانا مسافة السكة واكون عنده
انتهي الاتصال وظل سليم في صراع شرس بين ضميره الذي يعاتبه بقسوة وبين نيران غيرته التي تهلك روحه وتحرق قلبه وبين واجبه كرجل لا يتخلى عن شخص يحتاج الي مساعدة؛ ليتخذ قراره بلا تردد ويتوجه الي ضياء ليضع الامور في نصابها الصحيح.

لأول مرة منذ سنوات تجتمع زينة بأمها واخيها وزوجته ومعها ابنائها تشعر بسعادة بالغة فمازن كان ومازال الاقرب الي قلبها بين الجميع عوضها غياب والدها وكان سنداً لها رغم سنوات سفره الطوال
تحدثت نداء بمشاكسة قائلة: ايه الأخبار يا ضحي ياقمر هتقدري تعيشي هنا وسط الضوضاء والعشوائية الجميلة دي
ابتسمت ضحي قائلة: اي مكان مع مازن هو جنة بالنسبة ليا.

نداء بشقاوة: ياعيني عالحب؛ بس انا بتكلم بجد ومش عاوزة كلام روايات عاوزة كلام واقعي
ضحي بجدية: ياقلبي الغربة مرتبطة بالأشخاص مش بالمكان؛ مازن لما سافر كندا اول جوازنا وسابني هنا لوحدي كنت حاسة بغربة مميته ولما اتجمعنا سوا لقيت مكاني وراحتي وان شاء الله الحياة هنا حتى، لو صعبة المهم انه معايا وبس.

نظر اليها مازن مستفسراً: مفروض انتي بالذات تكوني مقتنعة بكلام ضحي وحساه؛ مش انتي ياعفريته مخطوبة وبتحبي خطيبك؟
صمتت نداء بخجل وهي تفكر قليلاً هل ريان يمكن ان يتخلي عن فكرة السفر من اجلها؛ وهل ان سافرت هي معه لن تشعر بالغربة كما يقولون؟
تولت زينة الاجابة عنها لتقول: سيبك منها يا مازن دي لمضة ولسانها طويل؛ وريان بتاعها ده هيموت ويسافر برة
مازن مستفسراً: هو معاه مؤهل ايه؟

زينة: هندسة بترول ومتخرج بتفوق وشغال في شركة كبيرة في القاهرة بس مصمم عالسفر
مازن: وانتي رأيك ايه ياندى هتسافري معاه
نداء: اكيد يا خالو بس مش دلوقتي طبعا لان بابا رافض فكرة الجواز قبل ما اخلص الكلية او عالأقل اكون قربت اخلص
مازن: ربنا يسعدك يا نودي بس عاوزة اتعرف على ريان بيه اللي خطف قلب حبيبة خالها
نداء: هو قال هيجي بكرة يسلم على حضرتك ان شاء الله
زينة: مقولتليش ليه يابت انه جاي؟

نداء: هو لسه مكلمني دلوقتي وكنت هقولك؛ وبعدين في ايه يا زينو خفي شوية كفاية علينا دكتور مهاب ده انا بحس انه ممكن يطلعلنا من اي مكان وريان بيبقي عامل زي المسجلين خطر وهو قاعد عندنا.

بعد ان انتهت شمس من محادثة سليم اخذت تفكر قليلا وقررت الاتصال بأحد اقارب ضياء وجدت احد الارقام حاول الاتصال عدة مرات فهاتفته
شمس: الو السلام عليكم
شريف بدهشة: عليكم السلام ورحمة الله حضرتك مين؛ ومعاكي موبايل ابني ليه؟
شمس بحذر: هو حضرتك والد الاستاذ ضياء
شريف بقلق: ماله؛ ابني حصله ايه؟

شمس: متقلقش حضرتك هو حاليا كويس بس عمل حادثة بسيطة وموجود في مستشفي عبدالرحمن العزبي هبعت لحضرتك اللوكيشن وكل التفاصيل
شريف: متشكر يابنتي انا مسافة السكة واكون عندكم.

استجاب سليم لضميره وتوجه لرؤية ضياء؛ صعد الي الغرفة الموجود بها ودخل اليه؛ نظر سليم اليه وتذكر كلمات نداء عن خوفها عليه وتفكيرها انه قد يلجأ للانتحار؛ للحظات احس بالقلق ان علمت نداء بما حدث؛ كيف ستكون ردة فعلها؛ اخذ يعاتب نفسه ويلعن غيرته التي تزداد بلا هوادة.

نظر ضياء حوله بتخبط فقد بدأ اثر المسكن يزول وبدأ يستعيد وعيه كاملاً؛ اغمض عينه وفتحها عدة مرات عند رؤيته لسليم وسرعان ما احس بالفزع متذكرا ما حدث بينهما اخر مرة
سليم بهدوء: حمد الله على سلامتك.

نظر اليه ضياء دون اجابة وملامحه بها الكثير من المشاعر المتناقضة فرغم خوف ضياء من انفعال سليم الا انه يلتمس له العذر؛ ينظر اليه ويود أن يغادر ويتركه ولكنه الأن بحاجة الي وجود شخص بجانبه يود ان يسأله عن نداء ويخشى ردة فعله
احضر سليم كرسياً ووضعه بالقرب من ضياء ونظر اليه قائلاً:.

انا عارف يا ضياء انك مستغرب اني جيتلك بس انا متعودتش اتخلى عن حد من الطلبة بتوعي لأني بعتبرهم ولادي؛ انا ونداء بنعتبر كل الطلبة اولادنا وأي حد فيهم بيقع في مشكلة او بيحتاج مساعدة بنقدمها قبل ما يطلبها
ضياء ومازال الصمت حليفه يبعد ناظريه عن سليم
استكمل سليم قائلاً: انا بصراحة مش قادر اتخطى اللي سمعته منك يا ضياء بس الشيء الوحيد اللي يشفعلك هو انك معذور للأسف نداء.

مفيش حد اتعامل معاها وموقعش في حبها مع فرق بسيط وهو انك ترجمة مشاعرك غلط لأنك بتشوف في ندا أم انت اتحرمت منها ومش مسموحلك تشوفها غير كده لأنها مش ملك نفسها هي ملكي انا؛ تغيرت نبرة صوته لتصبح اكثر جدية قائلاً: بصلي وانا بكلمك مش انت راجل برده يا ضياء وعارف ان الراجل لازم يتعلم المواجهة؛ الراجل بيتحدى الظروف ويصلح الغلط.

مظبوط كلامي يا ضياء؛ الراجل ميحاولش ينتحر ولا يموت كافر ويضيع مستقبله ويبقي خسر الدنيا والأخرة؛ احتد صوته اكثر عندما وجد ضياء منكساً رأسه دون اجابة ليرفع سليم رأسه ناظراً اليه بتحدي قائلاً: الراجل ميقولش لست متجوزة انه بيحبها يا ضياء مهما كانت اسبابه ومهما كانت الظروف صح؟

بدأ ضياء يستشعر مدى خطأه وما فعله؛ كيف تناسى وتمادي في مشاعره الهوجاء ناحية معلمته وصديقته وملجأه؛ كيف سمح لنفسه بإيذاء استاذه الذي لم يناله منه من قبل أي اذى على العكس سليم هو القدوة هو الرمز الذي يسعى جاهداً لأن يكون مثله يوماً ما؛ ولكن ماذا يقول كيف يدافع عن نفسه؛ تصرفاته بالفعل ليست تصرفات رجل؛ فالرجولة مواقف؛ وهو اثبت فشله في كافة المواقف واختتمها بمحاولة انتحاره.

نظر سليم اليه يتفحصه ورق قلبه لحاله فضياء بالفعل مازال طفلا رغم وصوله لهذا السن؛ الاحتياج شعور قاتل يقتل بداخلنا الكثير ويبدو ان ضياء يحتاج الي أب وأم؛ عائلة حقيقية؛ سند وصديق مخلص؛ حكمة وفهم للأمور بمنظور أخر؛ ضياء يحتاج الي اعادة تنشئة؛ لابد ان يتعلم ان الحياة حلبة مصارعة ينبغي الا نستسلم لضرباتها القاضية والا انتهت حياتنا قبل ان تبدأ؛ بل علينا أن نواجهها بكافة اسلحتنا؛ بالقوة والضعف واللين والقسوة بالحب والتجاهل لبعض الأمور والأهم هو التشبث بخالقنا وديننا حتى، اذا زادت علينا الصعاب واشتد البأس وجدنا سبيلاً للخلاص.

تحدث سليم بهدوء مجنباً غيرته وحنقه مؤقتاً ليقول:
اتمني يا ضياء تراجع نفسك وترجع لربك ولدينك وتاخد من اللي حصل درس تتعلم منه وانا معاك ومش هسيبك لوحدك هساندك لحد ما توصل لنفسك وتحقق احلامك بس اتمنى متخذلنيش
ضياء بخجل وتردد: بس انا مستاهلش حضرتك تساندني ولا حتى، تيجي تشوفني!

سليم بجدية: كلنا محتاجين فرص تانية يا ضياء كلنا بنغلط وانا قبل منك غلطت؛ يمكن كان الغلط غصب عني بس غلطت وضحيت بحبيبتي لكن ربنا عوضني واداني فرصة تانية واستغلتها وبقيت جدير بيها وبأولادي وثقة والدتي فيا اشتغلت وراعيت ربنا في شغلي؛ كبرت ثروة والدي وحافظت عليها؛ وربيت ابن اخويا لحد ما بقي مثال لشباب كتير في سنه بيتمنوا يبقوا زيه.

الانسان القوى بينكسر ويجبر كسر نفسه ويقوم ويحاول وانا لو متأكد انك تستحق فرصة تانية اكيد مكنتش هجيلك يا ضياء
غادر سليم المشفي بعدما اطمأن واخذ وعداً من ضياء بالعودة لدراسته والتركيز بمستقبله ولم يتركه الا لحظة وصول والده واخوته ويبدو ان ما حدث سوف يجعل البعض يعيدون حساباتهم من جديد.

تأكد سليم من حذف المكالمة التي وردت اليه من هاتف ضياء فهو لن يخبر نداء بحالته على الأقل في تلك الظروف هي لن تتحمل ما حدث.

تقدمت نداء بخطوات خجلة ناحية ريان ومازن تقدم اليهما بعض القهوة بعدما تناول الجميع وجبة الغداء؛ وجه ريان نظره ناحية نداء لينظر مازن اليه متأملاً لمعة الاعجاب الواضحة بعينيه ناحية نداء
تحدث بهدوء قائلا: اقعدي يانودي متنكسفيش
نداء بأدب: هسيبكم تتعرفوا على بعض براحتكم
ريان رافضاً: اقعدي ياندى
مازن: اهو قالك اقعدي ياست ندا
ريان موضحا: انا اسف بس بقالي فترة مشوفتهاش
مازن: وحشتك ولا ايه بقي؟

ريان بجرأة: جداً وهي عارفة
مازن: واضح انك بتعبر عن مشاعرك ومبتخفش.
ريان: الحياة مش محتاجة تردد كتير التردد بيضيع من ايدينا وقت وفرص كتير
مازن: واضح انك شخص عملي ياريان
ريان بذكاء: انا بحكم عقلي في اي خطوة باخدها لكن لحد نداء وقلبي اختار
مازن: اعتقد ان نداء اختيار قلب وعقل ولا أيه يانودي
نداء بعدم فهم: يعني ايه يا خالو؟

مازن: يعني انتي بمقاييس العقل ياحبيبة خالو عروسة مثالية؛ مال وجمال وعيلة وتربية ولو اجتمع الصفات دي مع بدايات حب يبقي ممتاز جدا
ريان بضيق نجح في اخفائه: كلام حضرتك مظبوط الحمد لله ندا ممتازة من كل حاجة بس انا برده مبصتش للحاجات دي انا حبيتها هي لان انا كمان مهندس ومن نفس عيلتها وماديا مش محتاج وبعدين يا دكتور مازن الايام هي اللي هتأكد حبي انا ونداء ولا ايه؟

مازن أكيد طبعا؛ انت متعرفش غلاوة نودي عندي اتمني من كل قلبي ربنا يسعدكم
انتهي الحوار بينهما على صوت زينة تخبر ريان بموافقة مهاب على خروجه مع نداء شرط أن يصاحبهما مراد
ليهم ريان مغادراً بعد أن احس بالاختناق من حديث مازن.

جالسا بمكتبه يبدو وكأنه قد تبدل بأخر حائراً لا يدري ما الحل مع قلبه الذي يهفو اليها وبين عقله الذي يؤيده في بعده؛ يحدثه مهاب ولا يستمع الي شئ سوى كلمات ضياء وهو يعترف لها بحبه
بغرفتها تبكي بلا انقطاع فمنذ تعرفت اليه لم يقسوا عليها هكذا لم يعنفها او يعاملها بتلك الطريقة تحدث اليها ولديها المشاغبان قائلان بمكر
بصي ياماما بابا غضبان منك جدا لأول مرة نشوفه بالشكل ده مش معقول هتفضلي تعيطي كده كتير.

نداء ببكاء وحزن: وانا اعمل ايه؟
قاسم: انا هقولك تعملي ايه بس تنفذي من غير مناقشة تمام
نداء باهتمام: قولي اعمل ايه يمكن كلامك يطلع مظبوط
بعد قليل من الوقت اسرع قاسم يعقبه عمار مهرولين بخوف مصطنع
الحق يا بابا ماما مغمي عليها ومش بترد
تناسى غضبه منها وغلبه قلبه ليهرع اليها وفي عقبه مهاب
اقترب منها وجدها ملقاه ارضاً شاحبة للغاية دموعها تكسو وجهها البرئ، حاول افاقتها دون فائدة.

ابتسم قاسم بمكر هامساً لنسخته الأخرى: شايف ياض امك بتعرف تمثل صح؟
ظل سليم يفيقها دون فائدة ليحملها بحرص ويستغيث بمهاب ليدخل مهاب الي الغرفة خافضاً نظره ارضاً
نظر عمار لشقيقه ليقول بقلق هي مش بتفوق ليه ياقاسم
قاسم: ها، دي باينها مغمي عليها بجد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة