قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي والعشرون

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي والعشرون

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي والعشرون

اقتربت من والدتها بحذر لينظر اليها مدحت بغضب قائلاً
اتفضلي اخرجي برة انتي السبب في الحالة اللي وصلتلها ناريمان؛ الدكتور بيقول انها كان هيجيلها ذبحة وتموت؛ اتفضلي روحي للولد اللي اتجوزتيه
شمس: لو سمحت متتكلمش معايا بالأسلوب ده؛ دي أمي مهما حصل
مدحت وانا جوزها وبقولك تبعدي عنها
امسك راسل يد شمس رغماً عنها ساحباً اياها خارج الغرفة إلى ان ابتعدا قليلاً ليتحدث اليها قائلاً بنبرة ارعبتها.

صدقيني يا شمس مش هسيبك؛ والكلب اللي فضلتيه عليا في لحظة ممكن اخلص عليه ومش هاخد ساعة واحدة حبس
شمس بخوف: متقدرش تقرب منه
راسل: انتي عارفه ومتأكدة اني اقدر؛ اوعي تفتكري اني لما حبسته كنت بلعب؛ أنا بس كنت بشد ودنه؛ لكن ممكن المرة الجاية البسه قضية مخدرات تضيعلك مستقبله أو واحد بلطجي ياخدله قرشين ويخلص عليه وننتهي؛ ووقتها مش هيهمني تتجوزيني أو لأ، اللي يهمني انه هيكون اختفي من حياتك.

فكري كويس ولو بتحبيه هتبعدي عنه من سكات وتعقلي...

انتهي سليم من اجراءات الخروج الخاصة بضياء والتي انتهت بسهولة كونه قد سجن دون دليل ولا تهمة ثابته؛ ولكنه سوف يكمل باقي مهمته فهو يعلم أن ما حدث من الممكن ان يتكرر ان لم يجد راسل رادعاً يمنعه عن ضياء
تحدث سليم إلى ضياء بجدية قائلاً
أنا بعتذر منك يا ضياء للأسف والدك حاول يقابلني اكتر من مرة بس أنا كنت في الصعيد ولسه راجع النهاردة
ضياء: حصل خير يا دكتور.

سليم مبتسماً: اكيد خير؛ مع ان واضح انك اتنفخت يا ضياء؛ هو اللي كان بيضربك كان بيتمرن فيك ولا ايه؟
ابتسم ضياء قائلاً: للأسف اللي كان بيضربني حافظ وبينفذ الأوامر من غير ما يحاول يفهم؛ بيضرب وبس
سليم بجدية: احكيلي بقى بالتفصيل الممل امتي وازاي اتجوزت شمس وانا على حسب معلوماتي متعرفوش بعض من زمان، وليه امها وابوها ميعرفوش خبر جوازكم.

أغمض ضياء عينيه بتعب محاولاً التركيز، ليسرد ببطئ على مسامع سليم قصته مع شمس وكيف بدأت واين انتهت
سليم بتعجب: يعني جدها الدكتور عبدالرحمن هو اللي طلب منك تتجوزها! طيب ليه مسافرتش لوالدها افضل.

ضياء: دكتور عبد الرحمن لما كلمني شرحلي كل حاجة؛ قالي انه طلب من والد شمس ينزل مصر ياخدها بس للأسف والدها صدمه بكلامه؛ قاله شمس اتخطبت لراسل غصب عنه ومحترمتش كلامه ورفض حتى، يسمع للدكتور عبدالرحمن او يعرف ايه سبب فسخ خطوبة شمس وراسل..

ابتسم ضياء بسخرية قائلاً: تخيل يا دكتور سليم أنا طول عمري شايف ابويا قاسي ومعندوش قلب لحد ما سمعت الكلام ده؛ ازاي أب يتخلي عن بنته وميحاولش يحميها لمجرد العند؛ أنا ابويا فعلا قاسي لكنه مش جاحد زي والد ووالدة شمس؛ أنا فعلا مشفق عليها جدا
سليم: يعني انت اتجوزتها مجبر؟
ضياء: لأ طبعا..
استرجع ضياء بذهنه مكالمة دكتور عبد الرحمن ليتذكر ما دار بينهما من حوار تكرر اكثر من مرة عندما سأله عبد الرحمن قائلاً.

انا مش بطلب منك تتجوز شمس شفقة او تعاطف أنا بطلب منك تتجوزها لأني حسيت انك بتحبها وهي كمان؛ لما تلجأ لإنسان واحد من بين ملايين وتحتمي بيه وقت ضعفك أكيد الانسان ده بيكون له مكانه غير كل الناس جوة قلبك؛ شمس لما راسل الحيوان حاول يعتدي عليها وهي ضربته وهربت كان ممكن وقتها تلجأ لحد من جيرنا او دكتور ربيع؛ كان ممكن تسافر أي مكان وتستخبي بس هي اختارت تستخبي من الكل معاك انت؛ فياريت يابني تكون فاهم كلامي وتصونها يا ضياء.

ضياء بحب: متقلقش انا هصونها وهحميها بروحي
عبدالرحمن: انا طلبت من المحامي يسجل وصيتي والوصية فيها طلب شخصي ليا اتمني تنفذه
ضياء: اتفضل حضرتك..
عبدالرحمن: القصر اللي عايشين فيه ده اغلي عندي من كل املاكي بيت ابويا واهلي من سنين واكتر مكان شمس بتحبه، انا كتبته باسمك يا ضياء
ضياء: ازاي حضرتك تعمل حاجة زي دي!

عبدالرحمن: اسمعني كويس؛ أنا عملت كده لأني متأكد اني اول ما أموت ناريمان هتبيع القصر وشمس للأسف بتحاول ترضي والدتها بأي شكل، انا بطلب منك تحول الجزء الاكبر من القصر لمستشفي لعلاج الاورام باسمي وفي وديعة في البنك هتساعدك تعمل ده، اعتبرها خدمة ليا، أنا لو عندي ولد كنت طلبت منه بس للأسف معنديش غير ناريمان ودنيا والاتنين مش هيفرق معاهم موتي...

ضياء: بس حضرتك ممكن تطلب من دكتور ربيع أنا حاسس ان دي مسؤولية كبيرة
عبدالرحمن: دكتور ربيع هيكون معاك ومش هيسيبك بس زي ما انت شفت هو راجل كبير وصحته متسمحش بمتابعة مشروع كبير زي ده لوحده، وبعدين انت خايف ليه! اعتبره امتحان ليك
ضياء بهدوء: تمام؛ زي ما حضرتك تحب؛ بس...
عبدالرحمن: بس ايه؟
ضياء: شمس موافقة تتجوزني؛ ولا حضرتك بتكلمني وهي لسه معندهاش خبر.

عبدالرحمن: هكلمها بعد اتأكد من قرارك يا ضياء؛ ولأخر مرة بأكد كلامي لو هتتجوزها شفقة او مساعدة؛ بلاش أنا ممكن انزل واتصرف؛ لكن انا يهمني ابقي مطمن عليها بعد ما أموت
ضياء بجدية: اطمن حضرتك أنا عمري ما اتمنيت انسانه تشاركني حياتي كلها غير شمس...
ابتسم ضياء باشتياق ونظر اليه سليم بتدقيق قائلاً: بس ناريمان وراسل مش سهل يتقبلوا الكلام ده ولازم نبقي مستعدين؛ وطبعا قانوناً انت عارف ان مفيش دليل ضد راسل.

ضياء بتردد: معايا الدليل بس صعب اظهره
سليم: دليل ايه ده!
ضياء: شريط كاميرا مراقبة كان موجود في بيت شمس وقت الحادثة وواضح فيه ان راسل حاول يعتدي عليها
أغمض ضياء عينيه بانفعال وأدرك سليم ان محتوي الشريط أثار غيرة وغضب ضياء فتحدث سليم قائلاً
الدليل ده هو الشيء الوحيد اللي هيوقف الكل عند حده
ضياء: مستحيل اسمح لحد يشوف مراتي والكلب ده بيحاول ي..
توقفت الكلمات على لسانه وصمت سليم قليلاً ليكمل بعدها قائلاً.

ان شاء الله مفيش حد هياخد خبر يا ضياء أنا هتصرف بمعرفتي وهعرف اربي الولد ده كويس وفي نفس الوقت لازم التسجيل اللي عندك نستخدمه في الضغط على راسل وعيلته...

عاد سليم منهكاً وقد كانت تلك سابقة أصابت نداء بالقلق الشديد فسليم من النادر الا يجيب اتصالاً هي صاحبته والاهم انه عاد متأخراً للغاية
القي بجسده على الفراش مغمضاً عينيه؛ بينما اقتربت منه نداء بقلق وريبة قائلة
سليم؛ انت كويس؟ في حد حصله حاجة
سليم بتعب: أنا كويس؛ بس مرهق ومحتاج اناااام
نداء: ايوة يعني كنت فين ومبتردش عليا ليه؟
سليم: بعدين يا ندا؛ مش قادرة اتكلم.

حاولت نداء الرد ولكنها لاحظت ارهاقه الواضح فانسحبت بهدوء تاركه اياه ينال قسطاً من الراحة مؤقتاً...

عاد ضياء إلى منزله بصحبة والده الذي ظل صامتاً طوال الطريق، صعدا سوياً إلى الدور الثالث حيث شقتهما، دلفا إلى الداخل ولم يجد ضياء أحداً من اشقائه او زوجة والده فتحدث بقلق قائلاً
اخواتي وطنط فين يا بابا؟
شريف: اخواتك وأمهم عند اهلها النهاردة بقالها فترة مراحتش عندهم وابوها كان عامل عملية ومحدش فينا راحله بسبب غيابك
ضياء: أسف يا بابا عارف اني تعبتكم معايا.

شريف بجدية: اسمع يا بني؛ انا وافقت على جوازك من البنت دي لأني حسيت انك بتحبها أو متعلق بيها؛ ولما جدها كلمنا انا مقدرتش ارفض وخصوصاً انه فهمني موقف امها وابوها؛ لكن احنا ملناش دعوة؛ اهلها أولي بيها
ضياء بتفهم: أنا مقدر خوفك وحاسس بقلقك يا بابا بس اطمن؛ مفيش حد هيقدر يعمل حاجة تاني.

شريف بغضب: هيعملوا ايه اكتر من اللي اتعمل؛ انت كنت هتموت في السجن وملكش دية، البلد دي ماشية كده ومش هتتغير؛ وانا خايف عليك وعلي اخواتك
ضياء: حضرتك كلامك مظبوط بس انا مش هتخلي عن مراتي مهما حصل
شريف: مش وقته الكلام ده؛ ادخل خدلك حمام
وانا مكلم الدكتور راضي جارنا هيجي يطمنا عليك ونشوف الجروح اللي في وشك وجسمك دي محتاجة مستشفي ولا ايه...؟

تحركت نداء بتمهل ناحية الدرج تحاول أن تستغيث بأحد، وجدت أمامها عمار فتحدثت بتعب قائلة
عمار، تعالي حبيبي كلم بابا يجي بسرعة
عمار بخوف مالك يا ماما
نداء: تعبانه وشوية؛ كلمه بسرعة علشان خاطري
بعد قليل اسرع سليم اليها، لم يدري ما العمل ظل واقفاً ينظر اليها بخوف إلى ان اقترب قاسم
قائلاً...
خلصنا يا بابا ماما هتولد وحضرتك واقف تتأملها
نظر اليها سليم قائلاً: يعني اعمل ايه.

عمار: يا نهار مش فايت، هي تيته ايه اللي خلاها تخرج النهاردة بس وتسيبنا، يا بابا اتصل على الدكتور، او وديها المستشفي
سليم: أه. صح صح لازم نروح المستشفي
قاسم: متخافيش يا ماما، ان شاء الله تقومي بالسلامة، وربنا يجعلها أخر الاحزان
سليم بخوف انزل بسرعة يا قاسم شغل العربية وانت ياعمار اسند ماما زمعايا
قاسم: حاضر يا بابا..

انتهي سليم وأمير من تلك التدريبات الشاقة التي لم يتلقياها طوال دراستهما بكلية الشرطة فرغم صعوبة السنوات الأربع السابقة الا ان التدريب تحت اشراف معاذ عمران أصعب بكثير، تأفف أحد الواقفين قائلاً:
احنا لو داخلين حرب مش هيعملوا فينا كده؛ دي مجرد دورة تدريبية؛ ايه البهدلة دي!
أمير بتعقل: يابني لازم نستعد لأي ظروف؛ والظابط مفروض يبقي لياقته البدنية عالية
الضابط بسخرية: لياقة ايه ياعم؛ ده احنا اتنفخنا.

قاطعهم معاذ بجدية غير قابلة للنقاش قائلاً.

أنا مش شايف ان سيادتك اتنفخت ولا حاجة؛ انت فاكر ان لو المجموعة اتعرضت لهجوم المجرمين هياخدوك بالحضن مثلاً، أنا بشرف على تدريبكم لأني هختار خمس رجالة ينضموا لفريق العمليات الخاصة؛ محتاجة رجالة بجد مش عيال داخلين الشرطة منظرة وبالواسطة؛ أي واحد فيكم عاوز ينسحب يتفضل من البداية أنا معنديش وقت اضيعه على الفاضي، وأي حد هيقرر يستمر مطلوب منه تنفيذ الأوامر والتعليمات بدون نقاش لأني مش هتساهل مع أي حد مهما كان، مفهوووم.

الجميع بجدية وانتباه: مفهوم يا فندم.

بكندا، استقبل عمار وجاسمين حفيدتهما الجميلة بترحاب وسعادة، تناولت سيلا طعامها بصحبة جديها ولكنها بدت على غير عادتها؛ كانت هادئة شاردة؛ تبتسم مجاملة لهما ليس الا
توجهت جاسمين لإعداد بعض الحلوى التي تفضلها سيلا؛ ونظر عمار بتدقيق لوجه سيلا قائلاً
مالك يا سيلا؛ في ايه مضايقك؟
سيلا: ولا حاجة يا جدو؛ انا كويسة، بس بفكر في حاجة وعاوزة اخد رأي حضرتك
عمار بجدية: قولي ياحبيبتي؛ عاوزة ايه.

سيلا: عاوزة اعيش معاكم هنا؛ حاسه نفسي مخنوقة من البيت ومحتاجة اغير جو؛ ممكن!
عمار بسعادة: ياريت طبعا؛ بس بابا وماما موافقين
سيلا بهدوء: لسه هقولهم؛ بس معتقدش هيرفضوا؛ انا عندي امتحانات مهمه ومحتاجة اركز وانا هرتاح هنا اكتر
عمار: خلاص حبيبتي انا هكلم بابا وانتي كلمي سارة وان شاء الله تفضلي معانا الفترة اللي تعجبك.

صمت عمار وتنهدت سيلا بحزن؛ فهي على يقين ان ابتعادها عن المكان لن يشكل فارقاً؛ فمن سكن القلب لا يغادره بسهولة؛ بل يحتله ويصبح مستوطناً له رغم البعاد والصد، ولكن عليها المحاولة...

كان أدم واقفاً مع احدي الفتيات يحادثها مبتسماً دون الالتفات إلى سلمي وكأنها غير مرئية امامه..
غادرت الفتاه، وتحرك أدم ناحية سلمي؛ توقعت أن يحادثها لكنه لم يفعل فاستوقفته بغضب قائلة
معذرة أستاذ أدم؛ أود التحدث اليك
أدم بجدية: لا اعتقد أن وقتي يسمح بذلك
سلمي بصدمة: حقاً! هل وقتك لا يسمح أم انك وجدت بديلاً فلم يعد وجودي يشكل فارقاً لديك؟

أدم بغضب أشد: هل نسيتي ما تفوهتي به بأخر لقاء بيننا؛ الم تطلبي مني الابتعاد عنك؛ الم تصرخي بوجهي قائلة انني الاحقك بكل مكان وانني اخيفك بتصرفاتي؛ الم تهددي بإبلاغ الأمن يا سلمي!
سلمي بحزن: أجل فعلت؛ والأن اعتقد انني محقة فيبدو انك لا تضيع الوقت وتبحث عن فتاة اخري تبثها اشواقك ومشاعرك الفياضة...

أدم بخفوت: اعتقد أن هذا أمراً لا يعنيك؛ واعتذر بشدة عن تصرفاتي السابقة فأنا كنت موهوماً بأن لديك قلب يمكنه أن يتفهم حبي وانجذابي اليك ولكنني كنت مخطئاً.

عادت سلمي وسامر إلى سكنهما وكلاً منهما شارداً منهكاً؛ لا يعلم سامر سبباً لحزنه غير انه قد أحب سيلا بقوة؛ احبها بمقدار لم يصادفه من قبل الا أنه لا يتقبل شخصيتها؛ وتفكر سلمي بأدم تشعر بالتخبط ناحيته فهي قد اعتادت وجوده؛ جذبها اهتمامه والحاحه في طلب ودها؛ لكنها شعرت بالخوف من الوقوع بالحب فقررت ابعاده؛ الا أنها لم تشعر بالراحة عندما ابتعد بل اشتاقت اليه...
حيرة وتردد وتساؤل لا اجابة له..

هل تسبب الغربة اضطراباً بالنفوس فيسرع كل منا إلى ركن يحتمي به، ربما ابتعاد سلمي وسامر عن وطنهما ووالديهما قد ترك بداخلهما فجوة وخواء جعلهما يبحثان عن أمان مؤقت تمثل بسيلا وأدم؛ وربما الحب يبحث عنا مسافراً معنا لا يعرف الحدود ولا الجنسيات؛ لا يكترث للمسميات بل يصيب من يشاء منا بأسهمه القاتله فنقع صرعي بين يديه.

قضي ضياء فترة طويلة نائماً؛ استغرق بنوم اشبه بغيبوبة مؤقته؛ كان يشعر بالاشتياق لرؤية شمسه الا أن الالام جسده قد اعاقته وجعلته يستسلم للنوم
افاق ضياء بعدما نال قسطاً كافيا من الراحة؛ تناول قرصاً من المسكن الذي وصفه له الطبيب؛ بحث عن هاتفه واجري اتصاله.

انتظر ضياء مطولاً آملاً أن تجيبه شمس دون فائدة، بدأ القلق يساوره مخيلاً له العديد من الأشياء السيئة، ربما تكون مريضه وربما نالها من راسل ووالدتها ما يسوء، أسرع ضياء مغادراً دون تردد، يقود سيارته بتهور ودون هوادة
وصل إلى وجهته، ترجل من السيارة مسرعاً، طرق الباب بقوة عدة مرات إلى أن وجدها أمامه
جذبها ضياء اليه بقوة محتضناً اياه وكأنه يحتمي بها ويحميها، تنهد بارتياح قائلاً.

مبترديش عليا ليه يا شمس؛ كده تقلقيني عليكي
لم تتحدث شمس فهي لم تكن تطمح من الدنيا بأكثر من ذلك الدفئ الذي تشعر به الأن، دقات قلبه تبدو وكأنها سياج يحيطها ويخبرها ألا تكترث لأحد فهي الأن بأمان؛ لن يمسها أحد بمكروه
ضياء بحب: شمسي؛ انتي نمتي في حضني ولا ايه؟
شمس بدموع: وحشتني يا ضياء، أنا أسفة، أسفة اوي
ضياء: مفيش حاجة تتأسفي عليها؛ أنا قدامك اهو كويس.

شمس محاولة الثبات وابعادها عنها فيكفيه ما عاناه بسببها
للأسف ماما تعبت بعد ما عرفت بخبر جوازنا؛ وأنا مش هقدر اشوفها بتموت قدامي واسكت
ضياء بتساؤل: يعني ايه؟
شمس: يعني انا عارفه انك وافقت نكتب كتابنا حماية ليا؛ ولأن جدو الله يرحمه طلب منك ده
ضياء: ولأني بحبك، اعتقد ان ده أهم سبب؛ أنا بحبك.

شمس بسعادة تعلم انها لن تدوم: مجرد وهم أنا وانتي كنا بندور على أمان مش لقيينه ولأن ظروفنا مشابهه لبعض؛ حصل بينا اعجاب، بس للأسف بمرور الوقت هنكتشف اننا غلطانين
ضياء بتهكم: وايه كمان!
شمس: لو سمحت يا ضياء بلاش تريقة؛ انا فعلا متشكرة جدا لوقفتك معايا بس...
دخلت شمس بنوبة بكاء قاسية كانت تعبر عن خوفها من ابتعاده؛ تشعر بالظلم يعانقها يود أن يزهق روحها؛ تشفق على ضياء من بطش راسل وقسوة والدتها.

ابتسم ضياء بحب؛ أمسك بيدها وأخذها خارج القصر متوجهاً إلى سيارته، جلست بالمقعد المجاور له وغادرا معاً لا تعلم إلى أين ولكن يكفي أنها معه
اوقف ضياء سيارته وترجل منها موجهاً حديثه إلى شمس قائلاً
انزلي يا شمس
شمس بتردد: احنا جايين هنا ليه؟
ضياء: هتنزلي ولا هتفرجي علينا الناس؛ اتفضلي خلينا نتكلم
براحتنا وننهي القصة دي زي ما حضرتك عايزة
احست بأن قلبها سيتوقف؛ ورغم انه أحس بها الا انه أصر على معاقبتها اولاً..

توجهت شمس بخطوات ثقيلة إلى داخل هذا الفندق الشهير، اخرج ضياء قسيمة زواجهما وقام بحجز غرفة خاصة بهما
بعد قليل دلفا سويا إلى الداخل، جلس ضياء على طرف الفراش واضعاً رأسه بين يديه بينما تحدثت شمس بهدوء قائلة
احنا بنعمل ايه هنا؟ كده غلط
ضياء ساخراً: متقلقيش احنا حسب معلوماتي متجوزين وبعدين متقلقيش انا جبتك هنا نتكلم براحتنا؛ قولتيلي انك عاوزة تطلقي؛ صح!
شمس بحزن: ايوة.

ضياء بجدية: بس انتي كده هتبقي خسرانة كتير يعني هتبقي مطلقة؛ وخسرتي خطيبك؛ ده غير ان جدك كتبلي قصر يساوي ملايين؛ معتقدش اني هتنازل عنه بسهولة
شمس: أنا مش عاوزة حاجة؛ والقصر جدو قالي انه كتبه باسمك لأنه كان نفسه يحوله مستشفي لعلاج الأورام بس ماما مستحيل كانت توافق وخاف انها تضغط عليا وتاخده...
ضياء: مش يمكن اطمع فيه
شمس بثقة: لأ طبعا.

ضياء بحدة: لأ ليه؟ أنا ممكن اضعف والفلوس تغريني عادي، منين جبتي الثقة دي كلها فيا؛ تعرفي عني ايه يا شمس؟
شمس بحب: اعرف انك غير كل الناس..
ضياء: ولما انا غيرهم بتتخلي عني ليه، بتقتليني بعد ما لقيت روحي بين ايديكي ليه، ردي عليا
شمس: علشان ده الصح؟ مستحيل هسمح لحد يأذيك بسببي.

ضياء: بصيلي وقوليلي سبب واحد يخليني ابعد عنك وانا متأكد انك بتكدبي وانك بتحبيني زي ما بحبك، اقترب منها بشدة ضامماً اياها اليه بتملك قائلاً: وانك محتاجة لوجودي زي ما أنا محتاجلك
شمس بقهر: بحبك ومقدرش اعيش من غيرك؛ بس مقدرش اكمل معاك؛ علشان خاطري يا ضياء انساني وعيش حياتك، ابعد عني أد ما تقدر..

ضياء بإصرار: مش هيحصل يا شمس لا انا هبعد ولا هسمحلك تبعدي؛ حد يتخلي عن سعادته، عن هدايته بعد سنين معصية، في انسان عاقل يقضي حياته في ضلمة وخوف ولما ربنا يبعتله شمس تنور عمره كله يطفيها بايديه؛ حد قالك عني مجنون
شمس: ضياء، علشان خاطري
ضياء: أنا مش هسيبك ومش هسمح لحد يقربلك بس قويني بوجودك؛ متكسرنيش وتسيب ايدي في نص الطريق.

شمس وقد القت بكل مخاوفها ارضاً فما قاله ضياء حقيقة؛ هي لن تتخلي عن سعادتها؛ سوف تحارب معه وله ولن سمح لأحد بسرقة احلامها
انتهز ضياء فرصة شرودها وباغتها بقبلة قاسية متملكه شغوفه قائلاً بعد ابتعاده عنها:
من يوم ما دخلت السجن وبقيت رد سجون اد الدنيا وانا بحلم باللحظة اللي هشوفك فيها واضمك لحضني؛ تقومي تقوليلي ابعد عني؛ في عروسة حلوة وبتحب عريسها تعمل كده
شمس بخجل: انا لازم امشي.

ضياء بجدية: مش هتمشي تاني ومفيش أي مكان هتروحيه من غيري؛ أنا وانتي هنقعد في الفندق لحد ما اخلص من راسل واوقفه عند حده والصبح هكلم والدك واحاول معاه مرة تانيه علشان ينزل مصر ونتمم جوازنا، أنا محتاج أنام وانتي في حضني...
شمس: هتندم يا ضياء، بمرور الوقت والمشاكل الكتير هتندم، أنا واحدة اقرب الناس ليها بايعنها
ضياء: ميهمنيش أي حد وكفاية اني شاريكي بعمري كله.

بعد مرور ثلاث سنوات...
احتضن سليم فتاة صغيرة ملامحها فاتنة، اخذ يقبلها بسعادة بينما نداء تنظر اليه بغيرة واضحة، ابتسم سليم اليها قائلاً
جميلة حبيبة بابا بتتشاقي ليه ومزعلة مامي
جميلة بحزن: bad mam
نداء بغضب: شفت بنتك؛ بقت قليلة الأدب جداا
سليم: نداء براحة عليها هي لسه صغيرة ومش فاهمة حاجة؛ يلا جميلة حبيبتي قولي لماما أسفه
جميلة: لأ، مش قول، هي اضربني
سليم بغضب: ضربتيها يا نداء؛ ازاي تعملي كده!

نداء: أنا مش هرد عليك على فكرة أنا هضربها بذمتك؛ اذا كان عمري ما ضربت اخواتها
اقترب منها تؤامها وقد عادا للتو من الكلية التي اصرا على دخولها مرتديان الزي الرسمي لكلية الطيران العسكري
تحدث قاسم قائلاً: وتضربينا ليه يانونو ده احنا كنا ملايكة
عمار: شوور وبأجنحة كمان
سليم: حمد الله على السلامة هو انتوا بتيجوا على السيرة.

احتضن عمار وقاسم نداء بتملك قائلين: جينا نشوف المسكينة دي؛ حبيبتي يا ماما من يوم ما خلفتي جميلة وبابا نسي الدنيا كلها علشانها
القي سليم بجميله إلى قاسم الذي تلقاها بخفة، وامسك بيد نداء قائلاً خد اختك انت وهو وروحوا عند نديم
ابتعد سليم ونداء ونظر قاسم وعمار إلى وجه صغيرتهما قائلين
شوفتي بقي يا جوجو عرفنا نتخلص من الدكتور علشان نلعب براحتنا، ابتسمت الطفلة بسعادة قائلة
Good boy.

قاسم باستنكار: لالالا امك بتعلم البت انجليزي وهتبوظ كل اللي بنعمله
عمار بتأكيد: قولي ورايا يا جوجو
اشطا يا معلم
جميلة: اسطا يا محلم
قهقه الاثنان سويا ورفعها قاسم عاليا مبتسماً بحب قائلاً
انتي حبيبة قلبي يا جميلة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة