قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

توجه مازن لغرفة زينة التي لم تغادرها منذ ان تركت بيت مهاب؛ نظر مازن اليها شقيقته قائلاً:
اتكلمي يازينه قوليلي حاسة بايه ياحبيبتي؛ انا مش قادر اشوفك كده.
زينة بتعب: مفيش حاجة تتقال يا مازن؛ مهاب خذلني انا موجوعة؛ في كلام تاني ممكن اقوله؟
مازن: انا فاهم بس هو معذور برده.

زينة: وانا عذرته وقولتله اعمل اللي يعجبك بس طردني يا مازن انت فاهم يعني ايه تبقي شاري انسان بعمرك كله ويرخصك؛ فاهم احساسي كان ايه وانا ماشية معاك وبتمني يقولي متروحيش
انا تعبانه؛ تعبانه ومش قادرة اتكلم لأني الكلام بيتعبني اكتر؛ مهاب ضيع سنين كنت بحاول احافظ فيها عليه وعلي بيتنا وولادنا ضيع كل ده بكلمة منه
مازن: خلاص انا اسف؛ انا بس خايف عليكي ومش عاوزك تسكتي كده.

زينة: متقلقش عليا انا اتعودت من زمان اوي على الغدر من اقرب الناس؛ يمكن اللي انا فيه دلوقتي درس من ربنا؛ كنت دايما اتهم ماما بالضعف والسلبية لأنها فضلت سنين عندها أمل في بابا
دلوقتي انا حسيت بيها؛ اوقات بنبقي عارفين ان مفيش أمل وبنكابر مرة بسبب الحب ومرة بسبب الاولاد والعشرة بس اهو بقيت في نفس موقفها لا أنا قادرة ابعد ولا قادرة اسامح وأكمل.

لم ولن تتغير ناريمان فهي لا تعرف معني اليأس والاستسلام بل تحارب دائما للوصول إلى ما تريد وهي ترى ان زواج شمس براسل سوف يقوي رباط زيجتها كثيراً فراسل ومدحت علاقتهما قوية للغاية واذا تزوجت ابنتها بشقيق مدحت لن يكون هناك مجال لابتعاده عنها على العكس سوف تسيطر على كل شئ.
خطت خارج غرفتها بخطوات متمهلة وجدت زوجها وشقيقه يتناقشا سويا في بعض الأمور فتحدثت بهدوء حذر قائلة.

ايه يا جماعة انتوا طول الوقت بتتكلموا في الشغل
مد مدحت يده اليها واجلسها بجانبه وابتسم راسل مجاملاً وهو يقول: ايه يا ناريمان بتغير على مدحت من الشغل كمان ولا ايه؟
ناريمان: حقي يا راسل ولا ايه؟
مدحت: حقك يا ستي بس الشغل ده مهم ومكنش ينفع يتأجل؛ قوليلنا بقي عملت ايه في موضوع راسل وشمس
ناريمان بثقة: هروحلها بعد شوية ومش هرجع غير وهي موافقة
مدحت: ليه هي مش موافقة؟

ناريمان بغرور: جري ايه يا مدحت هي بنتي قليلة ولا ايه؟! هو صحيح راسل ميترفضش بس بنتي ملكة جمال برده ومن حقها تدلع.
غادرت ناريمان عازمة على تحقيق غايتها ونظر مدحت بتمعن إلى شقيقه قائلاً
اشمعنى شمس يا راسل؟ البنت فعلا جميلة بس شخصيتها غيرك.
راسل: عجباني وشكلها ملهاش في الصحوبية فقلت ايه المانع اتجوزها!
مدحت: تسلية يعني؟

راسل: متخفش يا مدحت انا فاهم ان ناريمان تهمك ومتقلقش مش هعملك مشاكل؛ البنت فعلا داخلة دماغي ونفسي توافق.
نظر اليها مدحت غير مقتنعا بما قاله ولكنه لن يتسرع في الحكم على أخيه.

وقف امامها ناظراً إلى عينيها دون ان يتحدث وقابلت هي صمته بابتسامة ساخرة جعلته ينفعل قائلا
انا اتأسفت كتير يا زينة وقولتلك مكنتش اقصد وبعدين انا مش بنجم علشان اعرف ان والدك مريض
زينة بقسوة: ابويا مش مريض؛ انت اللي مريض يا مهاب؛ مريض ولازم تتعالج.
مهاب بغضب: زينة متنسيش نفسك وتغلطي لأني مش هصبر كتير.

زينة بقهر: انت عمرك ما كنت بتصبر يا مهاب انت بتعرف تجرح وبس واتعودت مني اني أسامح بس خلاص؛ دي كانت نهايتك معايا.
هدأت انفاس مهاب وتبدلت ملامحه وقد ايقن انه بالفعل خسر الكثير فالواقفة امامه ليست زينة؛ من كانت دوماً سنداً وسكناً؛ اضاعها بغبائه المعهود
اقترب منه وامسك يدها محاولاً استمالتها
لكنها ابعدت يده بنفور قائلة.

انت عارف يا مهاب يعني ايه تبقي روحك في انسان ويجبرك تسيبه؛ فاهم انا كام مرة اتنازلت واتخليت عن نفسي وكرامتي ومحيت شخصيتي علشان اكمل شخصيتك انت؛ انا وصلت لأخر مرحلة في التحمل معاك؛ ممكن ارجعلك بس صدقني هكرهك واكره نفسي؛ وممكن نبعد وعلي الأقل هنسيب لبعض ذكريات سنين قضيناها سوا
مهاب بترجي: ارجوكى يا زينة؛ انا أسف؛ مقدرش اعيش من غيرك انا مقدرتش اواجهك لأني غلطان.

انا هسيبك هنا ترتاحي وتفكري بهدوء وعارف اني مش ههون عليكي؛ انا غلطت ارجوكي متتسرعيش زي ما انا عملت عالأقل علشان ولادنا.

اقتحم مهاب المكتب الخاص بسليم دون استئذان
نظر اليه سليم غاضباً ثم تحدث بضيق قائلاً
في ايه يامهاب داخل زي الطور الهايج كده ليه؟
مهاب: زينة مش عاوزة ترجع
سليم: حقها
مهاب: سلييييم انا مش ناقص
سليم: لا بالعكس انت ناقص؛ ناقص مخ وناقص تربية وهي معذورة؛ انا رحتلها انا وندا وانصدمت لما شفت شكلها وملامحها المقهورة منك ومن عمايلك؛ انت ايه يا بني مبتفهمش؛ مبتتعلمش من اخطاءك ابدا.

كان ممكن تتعصب وتنفعل براحتك بس من غير ما تجرح مراتك وتطردها من بيتها يامهاب؛ ازاي بتحبها بالشكل ده وازاي تهينها وتبيعها بعد السنين دي كلها؟!
انا مش بقول اننا ملايكة وانت شيطان كلنا بنغلط وبنتعصب وبنقسى؛ بس مش بنبيع بالساهل زيك كده
مهاب واضعاً راسه بين كفيه مكتفياً بالصمت جعل قلب سليم يرق اليه.

سليم بهدوء: انت زودتها اوي يا مهاب ولازم تتحمل اي كلام هتسمعه من زينه وعلشان خاطر نفسك قبل الكل حاول تتحكم في غضبك ده شوية.

تحدث سولي إلى شجن وأخبرها بموافقة والديه على أمر خطبتهما؛ شعور بالسعادة الكاملة سيطر على حواسها تكاد تطير فرحاً وكذلك هو.
سولي: انا بقول نكتب كتابنا ولا حبيبتي معترضة
شجن بخجل: سليييم وبعدين معاك
سولي: خلاص بقي ارحميني وقوليلي كلمتين حلوين مش انا حبيبك وقولتلك اخبار تفرح اهو
شجن بصدق: بحبك
قبل أن يجيبها استمع إلى صوت رجولي يهتف باسمها قائلاً: شجن؛ دكتورة شجن يلا المحاضرة هتبدأ.

سولي بهدوء مرعب: مين ده يا شجن؟!
شجن: ده المعيد بتاع مادة التشريح
سولي: والله! طيب انا بكرة هكون عندك في المنيا وادعي ربنا اني مشرحش وشه امه؛ ازدادت نبرة صوته ارتفاعاً ليسالها بتقرير
وهو المعيد بتاع حضرتك يقولك اسمك كده عادي وحافظه من بين الالاف اللي معاكي
شجن بخوف: سليم خلاص اهدي انا هخلص المحاضرة ولما اروح هكلمك؛ تمام
سولي: براحتك؛ اعملي اللي يعجبك.

شجن بحزن: سليم علشان خاطري متضيعش فرحتي بخبر خطوبتنا والله انا ما بحب حد غيرك ولا في بالي حد ابدا؛ والدكتور ده اتقدملي قبل كده وانا رفضت واعتقد اني لما البس دبلتك في ايدي لا هو ولا غيره هيحاولوا يقربوا مني؛ متزعلش بقي.
سولي: روحي خلصي محاضراتك وروحي البيت وعرفي والدك اني جايلكم بكرة؛ مع السلامة.

غادر سولي قسم الشرطة مسرعاً؛ حاول أمير التحدث اليه لكنه لم ينتبه؛ قاد سولي سيارته عازماً امره على لقاء والده الأن
بينما سليم جالساً مع عدد من المستشارين القانويين يتناقشون في بعض القضايا دلف سولي غاضباً دون استئذان قائلاً بغضب
انا عاوز اسافر المنيا بكرة وحضرتك تيجي معايا نخطب شجن
نظر الموجودين إلى سليم كاتمين ضحكاتهم بصعوبة ولكن ابتسامة سليم جعلتهم يفقدون السيطرة على الموقف.

احس سولي بتسرعه فاعتذر مبرراً: أسف يا بابا أسف يا جماعة منتبهتش ان في اجتماع
سليم موجههاً حديثه للجالسين أمامه: بعتذر منكم نكمل بعدين؛ انتوا شايفين حضرة الظابط
مستعجل ازاي؛ مش بعيد ياخدنا كلنا على الحجز لو اعترضنا
غادر الجميع وبقي سولي صامتاً لينظر اليه سليم متحدثاً بعتاب قائلاً
من امتي يا سليم مبتعرفش تتحكم في نفسك انت كمان؛ هي عدوى وانتشرت ولا ايه!؟

سولي باندفاع: أسف يا بابا بس انا كنت بكلم الدكتورة شجن هانم افرحها بخبر خطوبتنا لقيت دكتور عندها بيقولها يا شجن المحاضرة هتبدأ
قهقه سليم بقوة على طريقة سولي وتقليده لهذا المعيد؛ ليهدأ بعد قليل متحدثاً بجدية قائلاً
وانت شايف ان الظروف تسمح يا حبيبي؛ يعني عمك مهاب عمل المصيبة ووقعنا كلنا فيها
وميصحش يبقي اخويا بيته هيتخرب واروح انا اخطبلك.

سولي: طيب اروح امهد لأبوها وافهمه الوضع؛ بس عالأقل يبقي عارف انها مش لحد غيري
سليم بتردد: بس ندا لو عرفت هتزعل؛ دي كانت هتاكلني لما عرفت انك بتحب
سولي: ارجوك يا بابا انا هتجنن؛ انت هتعرف تتصرف معاها وانا مش هعمل اي خطوة غير بموافقتها بس عاوز اطمن.
سليم: خلاص؛ قوم خلينا نروح ونتفاهم مع امك؛ هو اليوم باين من الصبح.

ظلت شمس تجاهد نفسها تحاول ان تقتنع بكلام ناريمان فهي مهما فعلت لن ترغب سوى بمصلحتها
ولكنها ترغب بالرفض لا تشعر بالارتياح؛ ابتسمت بسخرية متذكرة سامر وابتعاده عنها؛ تذكرت رفض رحاب القوي لها؛ اغمضت عينيها تبكي ظلماً من اناس لم تسبب لهم بحياتها أذي الا انها ابنة ناريمان.
ما الحل؟ هل ترفض راسل فتغضب والدتها؛ ام تعطيه فرصه فربما تكون مخطئة.

تذكرت ضياء وحالته الشبيهه بحالتها ودون تفكير اتصلت به ليأتيها رده بعد قليل بصوت تملؤه الفرحة قائلاً:
على فكرة كان نفسي اكلمك بس خفت ازعجك
شمس: عامل ايه يا استاذ ضياء؟
ضياء بهدوء: ضياء وبس؛ مفيش داعي لأستاذ والكلام ده.
شمس بخجل: تمام؛ اخبارك ايه طمني عليك
ضياء: بذاكر؛ عايش علشان اذاكر وبس.
ضحكت شمس بمرح: شاطر؛ كده هتنفذ وعدك بأذن الله وتطلع الأول.

ضياء: عاوزة الحق؛ انا بعد ما طلعت من المستشفي كنت كسلان جدا ومقضيها نوم؛ بس دكتور سليم؛ استاذي في الجامعة فاجئني بزيارته ليا في البيت ومعاه كل المحاضرات اللي ضاعت مني وبكده حطني قدام الأمر الواقع.
شمس: واو؛ ده انت حد مهم بقي؛ الدكتور بنفسه جالك البيت.
ضياء بندم: دكتور سليم مش اي دكتور؛ اعتقد ان مفيش حد يشبهه الايام دي
شمس بتردد: ممكن اسألك سؤال يا ضياء
ضياء: اكيد طبعا.

شمس: لو في قرار لازم تاخده بس محتار وخايف والقرار ده بتتوقف عليه حياتك تعمل ايه؟
ضياء: لو انا اللي في الموقف ده مش هقرر؛ لان المواقف دي بتحتاج صديق تاخدي رأيه او حد قريب منك يفكر معاكي؛ وبما اني لوحدي بفكر بتأني ولما بكون محتار في خطوة مهمه ببعد عنها خالص لحد ما توضح قدامي كل الامور وبعدها اقرر.
شمس بارتياح لكلماته: عندك حق؛ مش لازم اقرر المهم افكر كويس وكل شئ بأوان.

ظلت جميلة تتحدث فترة من الزمن إلى عمار تخبره عن حبها القوي لزوجها الراحل قائلة له
انت عارف يا قاسم انا بحبك اكتر واحد في البيت ده علشان اسمك
عمار بمشاكسة: طبعا يا تيته مصدقك بس انا نسيت اقولك اني عمار مش قاسم
جميلة بصدمة: انت ياواد انت مش سألتك أول ما قعدت انت عمار ولا قاسم قولتلي انك قاسم
عمار: ما أنا كنت عاوز اعرف هتقوليله ايه وطلع عندي حق وسمعت اعترافك.

جميلة بعدم تصديق: انا بصراحة عمري ما تخيلت ان سليم ابني يخلف عيال بالشكل ده؛ يمكن تكونوا اتبدلتوا في المستشفي يابني
عمار بغرور: معتقدش؛ انا وقاسم مفيش مننا كتير في الكون علشان نتبدل مع غيرنا؛ بس خليكي فاكرة كلامك كويس وانك بتحبي قاسم اكتر مني
جميلة: ياحبيبي انتوا كلكم غلاوة واحدة انا بس كنت بهزر معاك
اقترب منهما قاسم قائلاً بفضول: بتعملوا ايه ياض ولابس التيشرت بتاعي ليه؟

عمار: يا عم روح تيشرت ايه ده انت سارق نص هدومي وبتقول بتاعتك وبعدين ابعد عني خلاص انا قلبي انكسر بسببك
احتضنه قاسم بمرح قائلاً: ليه يا حبيبي حصل ايه قولي؟ اوعي تكون عاوز تخطب زي اخوك انت كمان.
عمار متناسيا ما حدث رد عليه بمرح قائلاً: عقبالنا ياعم والله انا فرحت لأخوك؛ تعالي نطلع ونشوف رأي نودي في الموضوع ده ايه اصل انا قبل ما انزل كنت سامعها بتزعق.

قاسم: ايوة فعلاً هي الوحيدة اللي بنعرف نوقعها في الكلام في البيت ده؛ يلا بينا.
نظرت نداء إلى سليم بحذر متسائلة بشئ من الخوف قائلة
ممكن اسألك سؤال؟
سليم بجدية: لأ يا ندا متسأليش
نداء: سليم اسمعني بس والله انا كنت عاوزة اطمن عليه مش اكتر علشان خاطري.

سليم بتحذير: قولتلك لأ وبلاش تعانديني يا نداء وعلشان تطمني وتهدي ضياء كويس وانا بتواصل معاه باستمرار وبأذن الله هينجح وبتفوق بس ياريت تتقي شري ومتسأليش عنه تاني؛ فاهمة؟
بكت بقوة وتفاجأ هو ببكائها القوي
سليم بتردد: ممكن افهم بتعيطي بالشكل ده ليه؟
نداء: مش عارفه بس انت زعلتني وانا الايام دي بعيط كتير ومن غير سبب.
احتضنها بحب وابتسم قائلاً:.

انا حاسس انك حامل في بنوته يا نودي وهتطلع رقيقة وبتزعل بسرعه؛ نظرت اليه بعينيها الباكية وقد زادتها الدموع بريقاً وجمالاً فاقترب منها
يخبرها مدي اشتياقه الا أن اصوات عمار وقاسم الهادرة ابعدته عنها
نداء برقة: افتحلهم يا سليم انا مشفتهمش النهاردة ووحشوني
سليم بضيق: متشفيش وحش ودي اشكال توحشك!

قام سليم بفتح باب الغرفة ليدخل كلاهما مسرعين ناحية نداء؛ فتحت نداء ذراعيها لكليهما بين نظر اليهما سليم ساخطاً وغادر المكان
عمار وقاسم بشقاوة: ماله الدكتور سليم؟ هو احنا جينا في وقت غير مناسب ولا ايه؟!
قهقهت نداء بسعادة قائلة: لا يا مجرم انت وهو وبعدين انتوا مش بتيجوا عندي غير وبابا موجود ليه؟!

قاسم وعمار بنفي: مش مقصوده طبعا؛ بس هو حظه معانا كده وبعدين سيبك منه وقوليلنا كنتي بتزعقي من شوية مع سولي ليه؛ اوعي تكوني مش راضية عن العروسة؟

غادر سولي إلى الصعيد بعد ان استطاع اقناع والدته بصعوبة بضرورة سفره وتحدثه إلى والد شجن.
حاول أمير الاتصال به اكثر من مرة الا انه وجد هاتفه مغلقاً
توجه سولي إلى بيت شجن بعد ان استأذن في الذهاب اليهم تاركاً هاتفه بالبيت
حاول أمير معاودة الاتصال بسولي فهو يشعر بالقلق بعد ان رأه مغادراً من قسم الشرطة.

نظرت نداء إلى الهاتف الموضوع فوق الطاولة لتشعر بسعادة حاولت تجاهلها لكنها لم تطق الانتظار ورغماً عنها اجابت اتصاله بلهفة؛ محاولة التبرير لنفسها أنه قد انقذها من قبل وتشعر ناحيته بالامتنان
أمير باندفاع: مبتردش ليه يا حيوان؛ قلقتني عليك يا سليم حصل ايه خلاك تمشي من القسم بسرعة كده
لم يأتيه رد فتحدث بغضب: ما ترد يا زفت انت
نداء بهدوء: انا نداء مش أبيه سليم.

أمير ناظراً إلى هاتفه بتعجب وفرحة وحزن واشتياق ورهبة من صوتها الذي زلزل كيانه تحدث مستفهماً
انتي في القاهرة ولا سليم عندكم في الصعيد
نداء: لا؛ ابيه سليم عندنا بس هو خرج وساب الموبايل وانت رنيت كتير وقولت اطمنك عليه موبايله كان فاصل شحن لما وصل وحطه يشحن وسابه وخرج؛ انا اسفه
لم يستمع إلى شئ؛ ولم يأبه لاعتذارها هل تعتذر اليه؛ لو تعلم أن صوتها اعاد اليه الحياة لما اعتذرت.

تحدثت نداء بكلمات حاولت وأدها ولكنها لم تستطع لتسأله بفضول قائلة
ليه مجتش مع أبيه سليم؟
أمير دون تردد: مقدرش
نداء: ليه؟ انت محبتش المكان هنا؟ ولا زعلان من أخر مرة شفنا بعض فيها؟
أغمض عينيه متنهداً بتعب وقد وصل اليها صوته متعباً يهمس اليها بما حاول اخفائه من قبل ليقول
انا مكنتش أعرف انك مخطوبة يا ندا؛ انا اسف بس غصب عني حبيتك.
دقائق طويلة انتظر منها اجابة وعندما لم يجد رداً انهي الاتصال.

وصعدت هي إلى غرفتها باكية بحزن لم تذقه من قبل مرارة وشعور بالانكسار؛ وبخت نفسها قائلة
انتي اتجننتى ياندا صح! اللي حصل بين ماما وبابا أثر على تفكيرك ازاي تسمحي لواحد غريب يقولك بحبك دي خيانة لحبيبك؛ ريان ميستاهلش من كده؛ فوقي لنفسك انتي خطيبة ريان حبيبك ومفيش غيره؛ أمير مجرد اعجاب بشهامة واحد وقف معاكي اكتر من مرة؛ فاهمه ياندا؟

اغلق هو هاتفه واحس بالندم ليس من حقه ان يخبرها بحبه؛ كيف يتجرأ ويخبرها بشئ ليس من حقه
حدث نفسه موبخا ولائماً وهو يقول
غبي يا أمير؛ غبي وضعيف من امتي بتضعف بالشكل ده ازاي تخون ثقة سليم واهله ازاي!

خطى مهاب إلى بيته بخطوات ثقيلة متعبة فقد أحس ببرودة البيت وغياب الدفئ الذي كان يغلفه بعد غياب زينة عن المكان
تلقته والدته بلهفة تسأله بترجي قائلة
زينه مرجعتش معاك يا مهاب؟
مهاب: لا؛ مش عاوزة ترجع دلوقتي.
هدى: وبعدين يابني هتعمل ايه؟!
مهاب بحدة: هعمل ايه يعني ابوس ايديها علشان تسامحني مثلا ما بقالي اسبوع بروحلها كل يوم واعتذر منها اعمل ايه تاني؟

تحدثت ابنته بخفوت قائلة: وهي ماما متستاهلش انك تحاول علشانها مرة واتنين وعشرة
مهاب بقوة: ملكيش دعوة ياندا؛ محدش يدخل مفهوم؟
ندا: لا يا بابا الموضوع ميخصكش لوحدك انا واخواتي محتاجين ماما.
مهاب ممسكاً يدها بقسوة: يعني ايه مش فاهم؛ بتتحديني مثلاً ولا هتضربيني لو مسمعتش كلامك
نداء وقد شعرت بالخوف من ردة فعله: بابا سيب ايدي انت بتوجعني.

تركها مهاب متحدثاً بشئ من الحدة قائلاً: اللي بيني وبين امك متدخليش فيه؛ والبيت مفتوح وقت ما تحب ترجع ترجع انا مش هتحايل عليها تاني
نداء: يبقي انت عمرك ما حبيتها فعلا؛ اللي يبيع بسهولة كده يبقي محبش مراته.
مهاب بعند: تمام؛ عندك حق والست اللي متقدرش تسامح جوزها تبقي مبتحبوش كفاية.
تداء: ماما طول عمرها هي اللي بتسامح؛ بس المرة دي انت طردتها قدامنا وقدام اخوها ايه المطلوب منها تعمله؟

مهاب: ورحتلها واتأسفتلها اعمل ايه تاني؟
نداء بحزن: انا طول عمري بتمني اتجوز واحد زي حضرتك؛ دلوقتي انا مرعوبة ان ريان يطلع زيك ويعمل فيا زي انت بتعمله في ماما؛ خايفه يبيعني وينسي العشرة والحب في لحظة غضب
مهاب وقد جن جنونه: اطلعي فوق ومش عاوز اشوف وشك قدامي؛ انت فاهمة اياك اشوف وشك قدامي ياندا؛ غوووري
نداء ببكاء: لو ماما رفضت ترجع انا هروح اعيش معاها؛ سامعني يابابا هروح لماما ومش قاعدة معاك.

هدى محاولة تهدئته: يابني حرام عليك كده استعيذ بالله من الشيطان يعني غلطان وبتكابر؛ هي بنتك غلطت في ايه؟ مش عاوزة تزعل علشان امها يا مهاب؟
مهاب: يا أمي الله يكرمك انا مش ناقص ومش عاوز حد يقولي غلطان لأني عارف اني اتزفت وغلطت بس اعمل ايه الست زينة بتقولي مرحلهاش تاني ولما تحس انها قادرة ترجع هترجع من نفسها.

هدى: ياحبيبي الست لما بتنجرح بتقول اي كلام ترد بيه كرامتها وانت الراجل يعني تطول بالك عليها مش تقعد تزعق وتتعصب بالشكل ده؛ دي زينة يا مهاب هتهون عليك ياحبيبي؟
لم يجيبها مهاب بل اكتفي بإيماءة خفيفه وصعد إلى غرفته عله يرتاح قليلاً
اغلق باب غرفته والقي بجسده على فراشه يتنفس بثقل محدثاً نفسه قائلاً.

اه منك يا زينة لو تعرفي اني بوجودك ببقي عامل زي العيل الصغير اللي بيطيح في الكل وهو مش خايف من حد لأن امه هتحميه ومهما يعمل هتسامحه؛ عارف اني زودتها ومستحقش
تسامحيني بس مقدرش ابعد عنك ومهما عملتي هتحمل؛ مهما عملتي هستني ترجعي لحضني تاني.

تشبثت بيده عندما ادار محرك السيارة عازماً على التوجه إلى المطار قائلة بصوت يشوبه الاحتياج والرهبة هامسة اليه بترجي قائلة:
ارجوك يا ريان حاول تأجل سفرك شوية مش بقولك الغيه بس خليك معايا انا حاسه اني ضعيفة اوي؛ اول مرة ماما تسيبنا لوحدنا واول مرة بابا يبقي قاسي علينا بالشكل ده انا مش قادرة استوعب.

ريان محاولاً تهدئتها: حاولت والله ياقلبي طلبت من الشركة تأجل سفري شهر او اتنين رفضوا وانا مقدرش اضيع فرصة زي دي؛ انا حاسس بيكي وعارف انك زعلانه مني بس صدقيني انا بفكر في مصلحتنا انا وانتي ومستقبلنا ياندا؛ وبعدين ابوكى وامك ناس كبيرة وناضجة عاوزك تفكري اني مسافر علشانك انتي قبل اي حد؛ وعموما انا فكرت اسافر استلم شغلي واثبت نفسي وقبل ما السنة تخلص هنزل نكتب كتابنا ونسافر مش هقدر ابعد عنك سنتين كاملين.

اغمضت نداء عينيها تحاول استيعاب كلماته ثم نظرت اليه وقد بدت ملامحها فاتنه بعيني ريان الذي اقترب منها محاولاً تقبيلها الا أن نداء ودون ان تشعر دفعته عنها بحذر وكأنها تعلم أن هذا ليس من حقه وان أميرها الحقيقي يستحق أن تحتفظ له بعذرية شفتيها
احس ريان بالغضب من ردة فعلها ولكنه كالعادة تحدث بهدوء قائلاً: ماشي يا نونو انا عارف انك لسه بتنكسفي مني بس كلها كام شهر وارجعلك وأخد حقي كامل.

انطلقت السيارة وشرد كلاً منهما في احلامه الخاصة
ريان يتوق إلى السفر والانطلاق ورغم ذلك لا يريد ترك نداء وراءه فرغم كل شئ هي اول من احب
ونداء تشعر بأن ابتعاد ريان سيزيد من معاناتها فهي تشعر بأن هموم الدنيا تحيطها تلك الفترة
وقبل أن تدرك نداء ما حدث كان ريان يصرخ بفزع محاولاً ايقاف السيارة عندما اوشك على التصادم بسيارة نقل ولكنه فشل في ايقاف السيارة لتدور عدة مرات وتنقلب رأساً على عقب...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة