قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الثاني

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الثاني

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل الثاني

أسرع سليم عقب سماعه لصوت نداء تستغيث باسمه ليصدم عندما رأي ابنائه يتشاجرون سوياً وكالعادة عمار وقاسم يدافعان عن بعضهما البعض بشراسة بينما نداء تحول دون وصولهم الي نديم
سليم بغضب: بس ياحيوان انت وهو بتضربوا بعض
نديم: حضرتك هما اللي بدوءا، انا كنت قاعد بذاكر لقيتهم جايين يغلسوا عليا وبعد شوية قاسم شتمني وقالي انت عيل ضعيف وابن امك، انا مش ضعيف يا بابا انا مبحبش اعمل مشاكل ايه العيب في كده.

سليم بجدية وقسوة جعلت نداء تخشى على طفليها من ردة فعله: ورايا على المكتب انت وعمار
نداء بترجى: سليم ارجوك براحة هما كانوا بيهزروا مع بعض
سليم: انا قولت عاوز عمار وقاسم بس ممنوع حد تاني يتكلم، سمعاني
نداء: حاضر انا أسفة
ظل سليم صامتاً قليلا ينظر اليهما بتقييم ليبدأ كلاهما بالتوتر من نظراته، تحدث قاسم قائلاً ببعض الخوف:
بابا احنا كنا بنهزر بس نديم كبر الموضوع عمار مكنش يقصد يزعله
سليم: انا سمحتلك تتكلم.

قاسم: لا، بس انا...
سليم: انت تخرس ومسمعش صوتك، انا سكت كتير عن تصرفاتكم وقولت بتدلعوا ومفيش مشكلة تعيشوا سنكم، لكن توصل انك تمد ايدك على اخوك اقطعلك ايدك انت وهو
المفروض تبقي سند لأخوك لو انت شايف انه ضعيف تقويه وتديله ثقه في نفسه مش تكسره وتتريق عليه زيك زي اي واحد حقير ممكن يتنمر عليه في مدرسته او بره البيت.

انتوا الاتنين أسوأ من بعض لأن انتوا تؤام روح واحدة مفروض لما واحد يغلط التاني يقفله ويقومه لكن انتوا العكس بتشجعوا بعض عالغلط وبس، ولو الوضع استمر على كده هيكون عقابي أصعب مما تتخيلوا
قاسم وعمار: بابا احنا أسفين
سليم: انا كمان أسف لان واضح اني فشلت في تربيتكم، اتفضلوا اخرجوا برة
قاسم وعمار: بابا بس اسمعنا احنا هنتأسف لنديم.

سليم: قولت اخرجوا برة مش هكرر كلامي تاني انا عمري ما مديت ايدي على حد فيكم مش عاوز الجأ للحل ده.

أمير...
بأحدي الاحياء السكنية الهادئة التي تمتاز بروعة التصميم القديم
استيقظ أمير من نومه كعادته ليؤدي صلاته ثم يتوجه لغرفة مجهزة لممارسة التمارين الرياضية
انتهي من رياضته ليتحرك باحثاً عن والده
وجده جالساً امام احدى الصور المعلقة بالحائط ينظر اليها باشتياق وحنين
ابتسم أمير بحزن ليقترب من والده محيطاً اياه بيديه مقبلاً رأسه قائلاً: صباح الخير يا بابا
والد أمير ويدعى رياض: صباح الفل ياحبيبي.

أمير: حضرتك مبتزهقش من القعدة دي، طيب انا بصحي بدري غصب عني علشان شغلي حضرتك ليه تذنب نفسك جنبي وتقوم معايا بدري كده
رياض: يابني انا متعود على كده من زمان وكفاية اني بقوم أصلي الفجر حاضر، غير كده لو مصحتش معاك مين هيفطرك يا كسلان
أمير بحب: ربنا يطولي في عمرك يا بابا انا بس خايف على حضرتك وعاوزك ترتاح
رياض: اتجوز يا سيدي وأنا ارتاح.

أمير مبتسماً: لما القيها الأول، انا صعب واحدة تخليني اتنازل عن حريتي واقع في الفخ بسهولة
رياض: كان غيرك أشطر، فضلت اقول نفس كلامك لحد ما شفت أمك وحياتك عندي قعدت معاها ساعه واحدة بعدها اتفقت مع جدك على كل حاجة ووافقت على كل طلباته من غير اعتراض
أمير: وأنا مستني اللي توقعني زي حضرتك كده بس ادعيلي انت بضمير.

رياض بجدية مصطنعة: بدعيلك بضمير بس انت اتلحلح شوية عاوز اشوف عيالك ياواد حواليا كده واشبع منهم قبل ما أموت
أمير: بابا بلاش الكلام ده عالصبح
رياض: خلاص ماشي يلا اتصل على سليم وقوله يجي يفطر معانا بقاله كتير مجاش المجرم ده ووحشني
أمير: كلمته وزمانه قرب يوصل
أمير: حضرتك مسافر امتي
رياض: بعد يومين هنحضر المؤتمر الطبي واتقابل مع دكتور سليم في المدينة نعمل العمرة ونرجع سوا بأذن الله.

قبل أمير رأس والده قائلاً: ادعيلي بقي وركز اوووي في الدعوة
رياض مبتسماً: حاضر هدعيلك واركز ياسيدي ربنا يحفظك من كل شر ويباركلي فيك يا أمير.

استيقظ سولي من نومه بنشاط كالعادة، تجهز للخروج وهم بالانصراف لكنه وجد جدته جالسه تقرأ بعض القرآن بالمصحف، اقترب منها بمحبة قائلاً: حبيبتي صاحية بدري ليه النهاردة
جميلة بعد أن ختمت قراءتها للقران تحدثت بلهجة بها بعض العتاب قائلة: متكلمنيش انا زعلانه منك.

سليم مبتسما: حد يقدر يزعل حبيبته برده، قبل يدها ليستكمل: والله ياتيته الايام دي التدريبات جامدة ومكثفه علشان خلاص هنتخرج برجع هلكان وبنام من التعب زي القتيل
جميلة: بعد الشر عنك من التعب ياقلبي متقولش على نفسك كده، بس انت بتوحشني وبقالي اسبوع كل ما أسال عليك يقولوا خرج وبترجع بعد ما أنام
سولي: خلاص أسف مش هتتكرر بعد كده هرجع من بره أدي لحضرتك التمام الأول وبعدين اطلع انام، كده خلاص اتصالحنا بقي.

احتضنته جميلة بحب وسعادة قائلة: مقدرش ازعل منك ابداً ده انت نور عيني وانت عارف
سولي: عارف طبعا ربنا ميحرمنيش منك، انا ماشي بقي ادعيلي
جميلة: ربنا يحفظك من كل شر ياحبيبي في أمان الله
أسرع الي الخارج وتحرك بسيارته ليأتيه بعد قليل اتصالاً اجابه بلهفة قائلاً:
صباح الفل ياحبيبي
شجن بخجل: صباح النور
سولي: معقول صاحية بدري، ولا لسه منمتيش اعترفي بسرعه.

شجن ضاحكة: في الحقيقة منمتش، انت عارف امتحاناتي قربت وكنت سهرانة بذاكر
سولي: ياخسارة، كنت فاكرك سهرانة تفكري فيا
شجن: سليم، عيب كده
سولي: بحبك، عيب ايه احنا بس نخلص اليومين دول على خير وبابا يرجع من السفرية بتاعته وهجيبه ونيجي نتقدم رسمي
شجن بتردد: بجد يا سليم، معقول هيوافقوا.

سولي بتأكيد: وهيرفضوا ليه، لما يعرفوا اني مقدرش اعيش من غيرك اكيد هيوافقوا طبعا، المهم عمي يوافق وياريت لو يوافق عالجواز علطول بلاش خطوبة وتضييع وقت
شجن: سليييم، هزعل منك بجد اتأدب
سولي ضاحكاً بصخب: عنيا يا باشا هتأدب حاضر بس برده بحبك
شجن وانا كمان يلا بقي سلام.

انهت الاتصال مسرعة حاول اعادته مرة ثانية لكنه لم يحظى بإجابة ليبتسم بحب قائلا: اه منك يامجنونة، بس لو اعرف اخد اجازة واجيلك المنيا كنت جيت جري.

بغرفة نداء وسليم استيقظ قبلها لينظر اليها بهدوء ليقترب مقبلا وجنتيها باشتياق لتفق بعد قليل ناظرة اليه بغضب طفولي قائلة: بتصحيني ليه انت زعلتني انبارح وشخطت فيا قدام ولادك وبالليل مهانش عليك تصالحني
سليم بجدية: اولاً تقولي صباح الخير وتديني بوسة كده...
ابتعد عنها بعد قليلا لينظر اليها بعشق قائلاً:.

عمار وقاسم في سن خطر المراهقة مرحلة صعب السيطرة عليها انا مقدرش اتهاون معاهم يانداء لأنك مدلعاهم لازم حد فينا يشد عليهم
نداء: انا مش مدلعاهم على فكرة
سليم: لا مدلعاهم جدا والا مكنوش قدروا يمدوا ايديهم على أخوهم قدامك، انا المرة دي اكتفيت بعقاب بسيط منعتهم من النادي اسبوع ومفيش كلام معايا نهائي، لكن لو اتكرر الموضوع عقابي هيفاجئك قبل منهم
نداء: انت من امتي قاسي كده يا سليم بجد انا مش مصدقة!

سليم: مش قسوة. انا لو قاسي هسيبهم يتمادوا في الغلط ولما يقعوا مش هيلاقوا حد يساعدهم، انا مليش حد يانداء ولادي هما عزوتي وسندي بعد ربنا، مش عاوز منهم حاجة غير انهم يحبوا بعض ويقفوا في ضهر بعض مهما حصل وياريت بعد كده لو هتناقشيني في حاجة تخصهم يبقي بعيد عنهم علشان مضطرش اعلي صوتي عليكي قدامهم
نداء: ياسلام، يعني كمان هتطلعني غلطانة.

سليم: وبعدين بقي من يوم ما رجعتي الجامعة وانتي مبقتيش تسمعي الكلام يادكتورة، نسيتي اني استاذك ولا ايه؟!
نداء بعشق لا تعلم له حدود: انت حبيبي وبس ياسليم.

جالسة بغرفتها تبتسم وهي تقرأ تلك الكلمات الرقيقة التي ارسلها اليها ريان تغلق عينيها باستمتاع ثم تعاود القراءة مرة ثانية، لم تستمع الي خطوات والدتها ولا دخولها الي الغرفة لتقاطع افكارها زينة قائلة:
بتحبيه اوي كده يا نودي
نداء: ماما! حضرتك هنا من امتي
زينة: من شوية بس انتي مش هنا، مقولتليش بتحبيه!
نداء: اكيد يا ماما انا بحب ريان اوي بحس حياتي ملهاش طعم ولا معني من غيره
زينة: ربنا يسعدك ياقلبي.

نداء: حضرتك ليه بتسأليني السؤال ده
زينة: خايفه عليكي
نداء: من ايه يا ماما انتي مش واثقة فيا او في ريان
زينة بحنان: واثقة فيكي اكتر من نفسي، بس مش واثقة في الدنيا ولا في الظروف
نداء: وريان
زينة: مقدرش احكم عليه الراجل موقف يا بنتي مستحيل كلام الحب يبقي دليل كافي ان اللي قدامك بيحبك العشرة والمواقف اللي هتمروا بيها هتأكد اذا كان صادق في حبه ولا حبه وهم
نداء: حضرتك كده خوفتيني.

احتضنتها زينة بقوة هامسة: مستحيل يكون قصدي اني اخوفك، انتي اغلي عندي من نفسي ياندا، لما حملت فيكي كان نفسي تكوني ولد لأني كنت مرعوبة اجيب بنت وافضل طول عمري خايفه عليها من كل حاجة ومن اي حد بس لما جيتي للدنيا وشفتك بعنيا خفت اكتر لانك بقيتي دنيتي كلها
نداء: ربنا يخليكي ليا يا ماما انا كمان بحبك اوي انتي وبابا.

زينة: عيشي حياتك ياقلب ماما ومتخافيش طالما مبتعمليش حاجة غلط واوعي تسمحي لأي حد يكسرك او يوجعك مهما كان قيمته عندك خليكي قوية، سمعاني؟
نداء: حاضر يا ست الكل مع اني مش فاهمة سر خوفك ده كله، اطمني ريان بيموت فيا ومستحيل يلعب بديله
زينة ضاحكة: اه منك يانودي ماشي يالمضة البسي بقي علشان نلحق حفلة ابن عمك مش عاوزين نتأخر ونودي الكبيرة تبهدلنا.

بالجامعة
داخل قاعة المحاضرات تجلس نداء امام الطلبة تناقشهم وترد على اسئلتهم، لاحظت شرود ضياء، طالبها المتفوق، ترى به نسخة مصغرة لسليم وربما نسخه مصغرة منها هي...
انتهت من المحاضرة لتهتف باسمه مناديه له برقتها المعهودة: ضياء، بليز استني عاوزة اتكلم معاك
نظر ضياء اليها بسعادة ليقف منتظراً قدومها.

توجهت نداء الي المكتب الخاص بها داخل الجامعة، ابتسمت بحنان وهي تتحدث الي ضياء قائلة: قولي بقي يا استاذ ضياء مالك مش مركز معايا من كام محاضرة، بس انا قلت اسيبك شوية يمكن تفوق من نفسك لكن محصلش بالعكس النهاردة كنت مش معايا خالص
ضياء: متشكر لحضرتك جدا، متشكر انك قدرتي تحسي بيا بالرغم اني اهلي عايشين معايا بنفس البيت ولا كأني معاهم مبيحسوش بوجودي او غيابي.

نداء: طبعا مش صح كلامك ده، بس طبعا الام بيكون عندها مسؤوليات كتير والاب بيكون...

قاطعها ضياء مبتسماً بسخرية يتخللها قهر وحزن دفين قائلاً: حضرتك امي وابويا منفصلين من سنين والأثنين اتجوزوا وخلفوا وعايشين حياتهم وانا شوية عنده وشويه عندها، اه ماديا الحمد لله معايا فلوس ووالدي بيديني اللي يكفيني وزيادة بس للأسف حتى، الفلوس بيديها لمراته وهي تديهالي مفيش بيني وبينه تواصل، يمكن مرات ابويا قريبة ليا عنه وعن امي.

مفيش حد بيهتم بيا وبيفهمني زي حضرتك، انتي الوحيدة اللي بتخليني عندي امل ومتمسك بالدنيا
انا ممكن افضل اسبوع كامل في اوضتي ومخرجش منها ومحدش فيهم بيفكر يسأل عني
نداء: خلاص وانا مش كفاية عليك ولا ايه؟ وبعدين مش انا اديتلك رقم موبايلي وقولتلك كلمني وقت ما تحب!
ضياء: طبعا كفاية، حضرتك اهم عندي من الدنيا كلها
نداء: وانا بعتبرك زي ولادي تمام يا ضياء وشايفة انك ليك مستقبل باذن الله.

ضياء مستاءاً: ياريت متكبريش نفسك بالشكل ده انا مينفعش ابقي ابنك
ارادت نداء الرد الا انها وكالعادة احست باقتراب معشوقها فأغمضت عينيها قليلا لتنظر ناحية الباب، دقائق ودخل اليها بابتسامته التي تعشقها ليتحدث قائلاً:
السلام عليكم
نداء: وعليكم السلام يا دكتور
سليم: ها خلصتي ولا لسه يا دكتورة
نداء موجهة نظرها ناحية ضياء: هتكلم شوية مع ضياء واخلص
سليم: ازيك يا ضياء اخبارك ايه.

ضياء: الحمد لله يا دكتور بخير، بستأذن من حضرتك يا دكتورة نداء همشي انا واوعدك اني هركز بعد كده واسف لو عطلتك
اكتفت نداء بالابتسام له وغادر هو، بينما نظر اليها سليم معاتبا.

بمنزل مهاب
تجلس زينة تشاهد التلفاز وينظر هو اليها، لاحظ انشغالها فقام بغلق التلفاز
زينة: ليه كده يا مهاب، انا بحب المسلسل ده
مهاب: ياحبيبتي المسلسلات دي كلها خيال بذمتك حد بيتفرج عالمسلسلات التركية، البداية واحدة والنهاية واحدة
زينه: عادي بس اهو خيال بنهرب بيه من الواقع
مهاب: وده من ايه بقي ياختي.

زينة ضاحكة: انت بتتكلم كده ليه، انا مقصدش حاجة، كل الحكاية ان الرومانسية اللي بيقدموها مش موجودة بالحقيقة فالناس بتميل ليها خصوصا الستات
مهاب: بذمتك انا مش رومانسي
زينة: انت، ازاي تقول كده، ده انت ملك الرومانسية استغفر الله العظيم سامحني يارب عالكدب
مهاب مقتربا منها بجرأة: واضح اني مقصر يا زينة حياتي ولازم اثبتلك اني رومانسي جدااا
زينة بخجل: مهاب كده عيب ابعد شوية.

مهاب: عيب ايه، ولادك الكلاب عند بيت عمي مع الحجة هدي، وانا وانت لوحدنا يا طعم، تعالي بس هقولك احلي كلام..

يجلس سليم عمر (سولي)، بمكتبه داخل مركز الشرطة امامه زميله بالعمل وصديقه المقرب امير
امير: ها يا سليم، هتسهر معانا ولا زي كل مرة
سليم: لا يا امير قلتلك محبتش السهرات بتاعت فؤاد والشلة دي
امير: يابني عادي احنا هننبسط معاهم ونضيع وقت وخلاص
سليم: لا يا ريس مرتحتش بصراحة، وبقالي فترة مرحتش الصعيد عند اعمامي هستغل اليومين الاجازة واقضيهم هناك، وبالمرة اشوف شجن.

امير: تمام ياعم، يا بختك يا سيدي انا بقي اما اسهر مع فؤاد او اقعد لوحدي بعد ما الدكتور رياض سافر
سليم: خلاص سافر معايا المنيا، هتعجبك جدا وهنركب خيل وهننبسط اوووي ان شاء الله
امير بحرج: لا يا بني انت رايح لأهلك انا هروح اعمل ايه
سليم: ايه العبط ده وانا وانت ايه يا امير، انت اخويا وصديقي وبيتي هو بيتك، بلاش كلام فاضي وروح جهز نفسك علشان الحفلة باليل وتعمل حسابك تبات معايا ونخرج من بدري عالصعيد.

بغرفتهما..
تنظر نداء الي سليم متعجبة صمته الذي قد طال لتقطع هذا الصمت بكلماتها: سليم
انت كويس
سليم: ايوة كويس الحمد لله
نداء: طيب ليه ساكت من وقت ما رجعنا من الجامعه
سليم: انا نبهتك قبل كده يا ندا، قلتلك بلاش تقربي من الطلبة بالشكل ده، خلي دايما في مسافة بينكم في التعامل، صح؟
نداء: حصل، وانا بنفذ كلامك، وعلاقتي بيهم بحدود
سليم بحدة طفيفة: والولد اللي كان قاعد معاكي النهاردة في مكتبك.

نداء: ضياء ده الاول عالدفعه ٣ سنين ودي اخر سنه له وبعتبره زي عمار وقاسم وانت عارف الكلام ده، بس حسيت انه مش مركز ومستواه بيقل فاتكلمت معاه
سليم: ياريت الموضوع ميتكررش
نداء: على فكرة كده كتير، انا مش بيبي علشان تعمل معايا كده، انا مش غلطت؟!
سليم ممسكاً يدها ليقربها اليه بقوة هامساً: انا لما اقول كلمة تتسمع يا نداء، انا سمحتلك تنزلي الشغل بعد ما اتفقنا ان شغلك ميأثرش على علاقتنا.

نداء: سليم انت مكبر الموضوع ليه كده، مش معقول تكون غيران منه!
سليم: انا بغيييير من ولادك مش هغير من واحد غريب
نداء: ماشي انا فاهمة بس الولد من سن ولادنا وله معزة خاصة عندي ياريت تهدى شوية؛ اقتربت منه بعشق يتراقص بنظراتها: يعني لسه بتغير حتى، بعد ما بقيت كبيرة كده
سليم هامساً: ماهو المشكلة انك بتكبري بتحلوي اكتر وتسحريني اضعاف الاول..

ليتحدث بصوت متقطع هامسا لها ببعض الحزم: ياريت تقدري خوفي وغيرتي اكتر من كده..

ببيت رحاب ومحمود، يتحدثان معاً بشأن اولادهما، سلمي وسيف، فكلاهما يود اكمال دراسته بالخارج، ترفض رحاب الفكرة بشده ويحاول محمود اقناعها
محمود بجدية: على فكرة خوفك الزيادة ده غلط لازم تتعودي ان الولاد كبروا ومسيرهم يبعدوا عننا ويستقلوا بحياتهم
رحاب: ايوة يستقلوا بحياتهم لما يكبروا مش وهما في سن مراهقة عاوزني اسيبهم يسافروا برة لوحدهم ازاي قلبي يطمن لحاجة زي دي.

محمود: يارحاب انا اتفقت مع سليم ان اخو مراته هياخد باله منهم ونداء وعدتك اكتر من مرة انهم هيبقوا تحت رعايته وبعدين مستقبل ولادك يستحق نغامر انتي شايفه الظروف انا عاوزهم يتعلموا تعليم مميز ويكونوا نفسهم
رحاب: خلاص اعمل اللي يريحك انت وهما انا عارفه مفيش فايدة.

احتضنها محمود محاولا ان يبثها بعض السكينة ليتحدث بجدية قائلا: ربنا الحافظ هنا او برة مصر وزي ما رزقنا بيهم بعد حرمان سنين هيحفظهم لينا ياحبيبتي، ادعيلهم انتي وبس
رحاب: ربنا يحفظهم يا حبيبي ويفرحنا بيهم، واهي فرصه ان ابنك يبعد يمكن ينسى بنت ناريمان ويفوق لنفسه
محمود: ربنا يقدرله الخير انا مش فاهم ايه مشكلتك مع البنت دي امها رمياها من سنين واتجوزت ومبتسألش عنها ليه تاخديها بذنبها.

رحاب: العرق دساس ياحبيبي هتطلع ايه يعني اكيد غلاوية زي امها وبعدين حب ايه اللي ابنك بيحبه ده مبيعرفش يعمل لنفسه كوباية شاي، ولو بنت ناريمان اخر بنت في الدنيا مش هيتجوزها طول ما أنا عايشة
محمود: خلاص يا رحاب مش كل يوم هتقوليلي الكلمتين دول كل شئ نصيب ولو له نصيب فيها هياخدها غصب عني وعنك وعن الدنيا كلها.

بكندا تجلس سارة تشاهد التلفاز وبجانبها سلسبيل بينما محمد ممسكاً بهاتفه ليدخل عليهم نديم الذي عاد من عمله هاتفاً بهدوء:
السلام عليكم حبايبي عاملين ايه
محمد: وعليكم السلام بابا، النهاردة جيت بدري
سلسبيل: بابا حبيبي
احتضن نديم ابنته بسعادة واخذ يلهو معها قليلا ليلتفت الي سارة بعتاب قائلا:
نديم: ها يا مدام سارة حضرتك لسه عاملة حظر؟
سارة: ولا حظر ولا حاجة، في شئ ناقص بالبيت مقصرة معاكم!

نديم: محمد حبيبي خد سيلا وادخل غرفتكم علشان جدو وتيته جايين الساعة ٨ يتعشوا معانا
محمد: حاضر بابا
نديم: من امتي علاقتنا بتعتمد على حقوق وواجبات يا سارة، عمري ما قلت انك مقصرة ومقدرش اقولها لان وجودك جنبي هو اللي يهمني؟
سارة: في كتير جنبك غيري معتقدش انك بقيت مهتم زي الاول.

نديم: سارة حبيبتي، صوفيا زميلتي وصديقة من سنين وانتي عارفه وعلاقتنا لا تتعدي نطاق الشغل اللي بينا هي شريكتي في المكتب ولولا مجهودها عمري ما كنت اقدر اوصل للمكانة اللي حققتها
وانتي مش مفروض تقارني نفسك بيها او بغيرها انتي غير الكل انتي عندي اهم من نفسي
سارة: ولما علاقتكم متتعداش الشغل بتتصل عليك في البيت ليه، بتقعد تكلمها وتنسي نفسك ليه؟

نديم: مع اني زهقت من تكرار نفس الكلام بس كانت بتكلمني علشان عميل عندنا انا اعرفه من فترة والشخص ده معجب بيها وهي مش قادرة
تقرر، بتسألني كصديق، المطلوب اجيلك اخد منك الأذن الاول قبل ما اكلمها ولا اعمل ايه..
سارة: لا متاخدش الاذن ومتزعلش نفسك خلاص مش هدخل في حياتك تاني ومش هغير عليك مبسوط كده
نديم بملل: بابا وماما جايين شوفي تحبي نستقبلهم هنا ولا نخرج كلنا، انا داخل اخد شاور وارتاح شوية.

ظلت سارة تبكي بخفوت فهي تعلم ان نديم بالفعل لا يكذب وان صوفيا مجرد صديقة، ولكن صوفيا جميلة بصورة واضحة وترى انها مازالت معجبة بنديم فلم لا يقدر هو غيرتها وخوفها، حاولت تهدئة نفسها قليلا؛ اقتربت من غرفتهما ودلفت بحذر؛ بحثت بعينيها عنه فلم تجده واستمعت الي صوت اندفاع المياه لتعلم انه يحاول تهدئة انفعاله منها بأخذ حماما بارداً كعادته.

جلست سارة تعاتب نفسها فهي منذ وفاة والدها الذي اعقبته وفاة والدتها وقد تبدلت كلياً اصبحت كثيرة البكاء هشة لا يمر يوم دون افتعال مشكلة جديدة مع زوجها وللأسف نديم متفهم لحالتها ويحاول مؤازرتها ولكنها بدأت تنتحب بقوة فقد أحست انه بدأ يمل منها؛ ولما لا وهي تبتعد عنه وتسمح لغيرها بالاقتراب.

انتهي نديم من حمامه وظل واقفاً ينظر اليها والي انفعالاتها المتباينة ليبتسم بقلة حيلة فهو مدرك لما تعانيه فزوجته متقلبة المزاج؛ رقيقة وموت والديها أثر بها وخاصة انها لم تكن بجوارهما؛ اقترب منها واحتضنها محاولاً احتوائها لتلتفت اليه بنظرات بها الكثير من العتاب والحب تود الاعتذار منه وله ولكن خجلها الدائم يمنعها ان تكون هي البادئة ليبدأ هو الاعتذار مقبلاً اياها قائلاً:
انا أسف.

سارة بحب: انا اللي أسفه وغبيه وعارفه اني مستحقش كل الحب ده؛ ارجوك يانديم تفهمني انا متلخبطة جدا وحاسة اني تايهه
نديم بلمسات وهمسات ساحرة: حبيبتي مش غبيه؛ حبيبتي غيرانة عليا ودي حاجة تسعدني جداا، بس ياريت تثقي فيا اكتر من كده
سارة بحزن: انا واثقه فيك بس مش واثقة في نفسي، انا عارفه اني مش زي صوفيا وفاهمة انها ذكية وناجحة في شغلها واي راجل يتمناها.

نديم: وانتي اقل منها في ايه يا سارة مين اللي وصلك الاحساس الغريب ده، فعلا صوفيا جميلة جدا بس انتي اجمل منها وده مش كلام وخلاص دي حقيقه هي ناجحة في شغلها بس انتي كونتي بيت واسرة وعندك بنت وولد زي القمر وده هي فشلت تحققه، انا في فترة من الفترات ارتبطت بيها وعجبتني لكن انتي قدرتني تسحريني ياسارة، انا بعشقك.

سارة بعيون تحكي الكثير ابتسمت بتردد قائلة: انا محتاجة لحضنك اوي يانديم وبتمنى تصبر عليا انا موت امي وابويا سحب روحي وخلاني حاسة بضياع غريب مع اني بقالي سنين مسافرة ومش معاهم بس وجودهم كان أمان بالنسبة ليا، ومرعوبة ان انت كمان تزهق وتبعد عني وقتها مش هتحمل
نديم: من اول يوم اعترفتلك بحبي وعدتك اني مش هبعد عنك غير لو طلبتي دلوقتي بجدد وعدي ليكي وبقولك اني مستحيل ابعد غير بموتي وبس.

عموما مش وقته الكلام ده خليني اشبع منك قبل عمار وجاسمين ما يوصلوا
سارة باعتراض هش: نديم مش هينفع
نديم بحب واشتياق جارف: هشششش انتي بقالك كتير بعيدة عني وحشتيني..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة