قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل التاسع عشر

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل التاسع عشر

رواية وصفولي الصبر الجزء الثالث للكاتبة نداء علي الفصل التاسع عشر

انتهت اجراءات عقد القران واصبحت تلك الرائعة ملكاً لمن يستحقها، سليم وشجن روحان خلقا لكي يكونا نفساً واحدة
ابتسم سولي بسعادة وبجانبه والده واشقائه الثلاث، بينما كانت جميلة تتخيل يوم ميلاد عمر وفرحتها التي لا توصف مراراً بايام طفولته وصباه ومرضه الذي شطر قلبها نصفين إلى ان تزوج بنداء وانتهت حياته قبل أن تبدأ تاركاً من خلفه امتداداً جعلها تتقبل وفاة صغيرها وأخذت من سولي ابناً وحفيداً.

كانت نداء جالسه بمواجهة سليم؛ زوجها وحاميها؛ معلمها وقدوتها؛ معشوقها الذي استطاع احياء روحها بعد سنوات كانت يائسة؛ رافضة للحياة فوهب لها بحبه حياةً جديدة بدايتها ونهايتها احتوائه لها...
رغم تفاعله مع الرجال الموجدين وتلقيه التهاني من الجميع الا أن عينيه تراقبها، يخشى عليها من السفر ومن نظرات النساء التي يدفعهم الفضول إلى التهامها بنظراتهم
تحدثت احدي السيدات بخفوت إلى والدة شجن قائلة
هي حماة شجن فين؟

سهير بتردد وخوف من عيون الحاسدين: حماة شجن هناك اهي، الدكتورة نداء
السيدة: اللهم صلي عالنبي دي صغيرة وحلوة اوي
سهير: اه يا حبيبتي؛ هي لسه صغيرة ومخلفة سليم وهي لسه في الجامعه
ابتعدت سهير متعلله بتحضير الطعام لتتخلص من تلك المرأة واسئلتها التي لا تنتهي
تحدث سليم عمر إلى مجدي قائلاً: ممكن ياعمي شجن تقوم معايا تسلم على تيته؟
مجدي: اتفضلما خلاص مقدرش امنعها..

سولي بأدب: حضرتك والد شجن وحتى، بعد ما تبقي في بيتي كلمتك تتنفذ
مجدي: نظر مجدي اليه ولم يعقب بينما مد سولي
يده إلى شجن وتوجها إلى جميلة اولاً ثم إلى نداء
احتضنتها جميلة بحب متمنيه لهما السعادة
بينما ظلت نداء تتفحصها بتدقيق تود أن يطمأن قلبها لمن اختارها وليدها زوجةً وحبيبة
اقتربت شجن منها قائلة
حضرتك عاملة ايه؛ نورتي المكان والبلد كلها
نداء في محاولة منها ان تبدو جدية بتعاملها
متشكرة حبيبتي.

شجن: ما شاء الله حضرتك جميلة جدا
سولي: اسكتي يا شجن لأن دكتور سليم بيعترض على الغزل سواء من الستات او الرجالة..
نداء بتأفف: اسكت انت يا سولي؛ روح عند ابوك وسيب جيجي معايا
جلست شجن بجانب نداء وابتعد سولي متوجهاً إلى مجلس الرجال مرة اخري
ظلت نداء تتحدث مطولاً إلى شجن تحاول ان تكتشف ابعاد شخصيتها ورويداً رويدا بدأت تشعر بالارتياح والتناغم معها؛ هي بالفعل جذابة وعفوية تشبه نداء إلى حد بعيد.

كان عمار وقاسم يجوبان المكان سويا مبتعدان عن الصخب والاصوات المتداخلة بالداخل
قاسم: انا صدعت يابني من الدوشة جوة
عمار: تعالي نروح عند مهاب
قاسم: سليم قال لما الحفلة تخلص هنروح كلنا نبات هناك
عمار: طيب روح هاتلي حاجة اشربها
قاسم باستنكار: ومتروحش انت ليه؟
عمار: انا اكبر منك
قاسم: هما الخمس دقايق دول هيخلوك تعمل كبير، وبعدين ايه ضمني انهم عرفوا يفرقوا بينا يمكن انا الكبير؟

عمار برفض: لأ طبعا، واضح اني الكبير، في فرق برده في التفكير
قاسم: طب مش هجبلك حاجة
عمار: خلاص غور؛ هروح اجيب لنفسي ومش هجبلك
قاسم: بس انا عطشان
عمار: خلاص اسكت هجيب ليا انا وانت، عيل رخم
توجه عمار للداخل وتفاجأ بسحر أمامه وقبل ان يتفادها صدمته بقوة لينهرها قائلاً: مش تبصي قدامك يا أنسة
نظرت اليه سحر بغيظ وغادرت دون رد، لتصرخ بفزع بعد لحظات عندما اصطدمت بقاسم الذي كان واقفاً بالخارج قائلة.

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، عفريت عفريت
نظر اليها قاسم بتعجب بينما هرولت هي خارج البيت معتقدة ان عمار وقاسم شخصاً واحداً أو بالأصح عفريتا متنكراً بهيئة بشر.

استمعت سلسبيل إلى كلمات سامر الذي بدا ولأول مرة ضعيفاً منكسراً وهو يقول
انا كنت بعتبر جدي عبدالرحمن مثل أعلي ليا اغلب وقتي كنت بقضيه معاه؛ اتربيت على ايده وكان قريب ليا اكتر من ابويا نفسه؛ بس للأسف الدنيا خدتني وبعدتني عنه تدريجياً لحد ما حلم السفر والدراسة اتمكن من تفكيري؛ للأسف اوقات مبنعرفش قيمة اللي في ايدينا غير لما يضيع، والموت مبيستأذنش حد ولا بيدينا فرصه نصحح اخطاءنا.

استكمل سامر كلمات غافلاً عن مشاعر سيلا قائلاً
انا قربت من شمس وحبيتها لأنها اقرب واحدة لجدها كنت شايف اني ارتباطنا هيكون شئ جميل يكمل علاقتي بيه وللأسف خذلته واتخليت عنها مع أول مواجهة مع امي.

تغاضت سيلا عن شعور الغيرة الذي توغل بداخلها وحاولت مواساته بعدما لاحظت بكائه القوي، اقتربت منه واحتضنته بحب ورغماً عنه أحس بالأمان بين يديها، بعد قليل تحولت مشاعر سامر لشئ من الرغبه فنظر إلى وجه سيلا بتردد ولم تفهم معني نظراته ليفاجئها بعد لحظات بأولي قبلاتهما..

تجاوبت سيلا مع سامر ولم تجد ما يمنع، فهو حبيبها وسنها وخبرتها لم تتح لها فرصه لتدرك أن ما يحدث خطأ، بينما أحس سامر بسعادة لحظية سرعان ما تلاشت عندما تحول تفكيره إلى اتجاه اخر قائلاً بحدة
انتي ازاي تتجاوبي معايا كده؛ أنا غلطت مفروض انتي تمنعيني
سيلا: بس أنا بحبك
سامر: يعني ايه بتحبيني؟ افهم من كده ان واحد حبيتيه قبل مني سمحتيله يقرب منك بالشكل ده
سيلا بغضب وندم: تقصد ايه؟ انتي غبي؛ غبي مبتحسش.

أنا عمري ما حبيت قبل منك يا غبي، بس انت صح؛ انت ضعيف ومتردد وانا مقبلش اكمل حياتي مع واحد زيك..
سامر بمشاعر متباينه: انا ضعيف ومتردد علشان رافض طيشك وجنونك.

سيلا: لأ يا سامر انت عاوز تحبني بطريقتك، عاوزني سيلا بشخصية شمس وده مش هيحصل أنا هفضل طول عمري سيلا بجنونها وعقله بتربيتي المتحررة المتحفظة؛ اتعلمت من ابويا وامي ان الحب بيقوي وان الحبيب بيقلب حبيبه بعيوبه قبل مميزاته وعلشان كده اوعدك اني هتخطي حبي ليك وهتشوف..
همت بالمغادرة وقد أحست ببرودة تغلفها، بينما أحس سامر بفداحة كلماته فاقترب منها يود الاعتذار قائلاً
سيلا أنا بحبك بس جرأتك بتخوفني.

سيلا بدموع: للأسف حتى، لو بتحبني مقبلش على نفسي اكون طول الوقت في موضع شك وتقييم، أنا بحبك ومش مكسوفة من مشاعري ومش ندمانه على اني ضعفت في لحظة وسمحتلك تقرب لأني بشر وطبيعي اغلط واصحح غلطي
سامر: وأنا كمان غلطت وبعتذر
سيلا: اعتذارك مرفوض، انا غلطتي هي اني اختارت غلط وهصحح الغلط ده ببعدي عنك
سامر برفض: اديني فرصه تانيه، أنا بس مش قادر اتقبل كل التغيير اللي بيحصل في حياتي.

سيلا بلهجة غير قابلة للنقاش: الفرصة انت طلبتها مرة قبل كده ووقتها حذرتك اني ممكن اقبل الغيرة لكن مستحيل اقبل الشك، أنا مش ملاك يا سامر، أنا بشر بيغلط وبيحب وبيكره ومن عيوبي اني مبقدرش اسامح اكتر من مرة.

اقتحمت ناريمان غرفة شمس بعد ان فقد الأمل في خروجها اليها
نظرت اليها شمس بخيبة أمل؛ بينما تجاهلت شمس نظراتها قائلة
هتفضلي حابسة نفسك هنا كتير؟
شمس: أنا مضايقة حضرتك في حاجة!
ناريمان: ايوة طبعا؛ انتي بنتي ومش عاجبني حبستك لوحدك كده؛ خلاص جدك الله يرحمه مات وارتاح من الألم، انا حاسة بيكي بس الحياة بتستمر
شمس بكره: انتي عمرك ما حسيتي بيا، انتي اصلاً معندكيش احساس.

صفعتها ناريمان بقسوة وتحدثت بتحذير: انا كنت بسيبك علشان جدك بيدافع عنك احترمي نفسك علشان مهما حصل أنا امك
شمس بانهيار: وانا مش عوزاكي، ياريتك ما كنتي امي ياريتك انا اللي مت وجدي فضل
ورغم قوة ناريمان الا ان كلمات شمس قد اصابتها بشدة
اختنقت شمس بدموعها قائلة: انتي عمرك ما أخدتيني في حضنك ليه؟ هو أنتي بتكرهيني! أنا عمري اذيتك.

ناريمان بهدوء: جهزي نفسك علشان ترجعي معايا بيتي، ميصحش تقعدي لوحدك وبلاش الدراما اللي انتي عيشاها دي
شمس ساخرة: بيتك ده فين! مع راسل؛ عاوزاني اعيش مع واحد كان هيغتصبني!
ناريمان: ملكيش دعوة براسل؛ انا اتفقت مع مدحت انه مش هيعيش معانا؛ وبعدين الولد جالك واعتذرلك وقالك انه مكنش في وعيه وانتي اخدتي حقك وخلصنا؛ متنسيش انه زخطيبك..
شمس بجنون: بتحلمي؛ انتي وهو بتحلموا انا لو هموت مش هتجوزه.

نظرت اليها ناريمان بتعجب قائلة: انا عارفه انك متأثرة بموت جدك وهسيبك ترتاحي يومين ياشمس؛ وخلي بالك انا عارفه دماغك وراسل حكالي عن الولد اللي ضحك عليكي وعاوزة تسيبي راسل علشانه؛ وبقولك اهو لو فعلا بتحبيه يبقي تبعدي عنه نهائي لأني ببساطة هقضي على مستقبله وهيكون ذنبه في رقابتك.

انتهي الحفل وغادر الجميع بعد تناول الطعام والحلوى ولم يبق سوى عائلة شجن وسولي
ظل سولي يحرك قدميه بتوتر فهو يهفو إلى لقائها بعيداً عن الجميع بعد اصبحت ملكاً له
استقام سليم واقفاً ومعه باقي افراد عائلته فاستوقفه مجدي قائلا
على فين يا دكتور سليم؟
سليم: الحاجة هدى مستنياني من بدري يا أبو ريان وانت عارف مقدرش اتأخر عنها
مجدي: بس ميصحش تروح تبات في دار غير دارنا؛ على الأقل خليك الليلة والصبح روحلهم.

سليم: احنا هنمشي وقبل ما نسافر هنيجي نسلم على الدكتورة شجن
غادر سليم وأبنائه وسلمت نداء على زوجة ابنها بحب قائلة:
خلي بالك من سليم يا شجن..
شجن بحب: حاضر، سليم في عنيا
أسعدتها كثيراً اجابت شجن ودعت بداخلها أن يحظي ابنها بسعادة لا تنتهي
جلست شجن تتناول طعامها على استحياء فنظرات سليم تحاصرها، رفعت عينيها اليه قائلة بخفوت
مش بتاكل ليه يا سليم، الأكل مش عاجبك
سليم بمشاكسة: مش مفروض العروسة تأكل العريس.

شجن بخجل: لأ مش مفروض، وبعدين العريس هو اللي بيأكل عروسته
نظر اليها بحب جارف وشرع في اطعامها قائلاً
أنا لسه جديد ومعرفش؛ اول مرة اتجوز، ثم ابتسم اليها غامزاً بعينيها قائلاً
وأخر مرة ان شاء الله
تنحنح مجدي مقترباً من الغرفة الجالس بها سليم وشجن إلى ان دلف اليهما قائلاً
منور يا حضرة الظابط
توردت وجنتي شجن خجلاً بينما احس سليم بضياع احلامه الورديه مبكراً.

انتظرت سهير عودة مجدي دون فائدة فهي تعلم أنه لن يسمح لسليم بالانفراد بشجن؛ هو يتصرف مثل الاطفال ولا يلق بالاً لأحد
مرت ساعة كاملة وشارفت الأخري على الانتهاء..
ظل مجدي يتحدث بامور مختلفة تارة بالسياسة وتارة أخري يسأل سليم عن عمله واسباب التحاقه بكلية الشرطه...
أخذ يخبر سليم عن مغامراته اثناء سنوات سفره الطويله، صمت مجدي قليلاً عندما استمع إلى صوت زوجته تناديه..

غادر مجدي ملبياً نداء زوجته على مضض بينما اعتذرت شجن قائلة
أسفه يا سليم
سليم بهدوء: أسفه على ايه يا حبيبتي
شجن: على كل حاجة، كفاية المؤخر والشبكة الكبيرة اللي طلبها بابا..
سليم: ولو طلب عمري كله مش كتير عليكي
تأفف مجدي قائلاً: عاوزة ايه يا سهير، مش شيفاني قاعد مع عريس بنتك
لم تجد سهير امامها حلاً أخر فاقتربت منه قائلة بدلال.

بقي كده يا مجدي، كنت بندهلك علشان اقولك انك وحشني واباركلك على جواز بنتنا أول فرحتنا تقوم تسد نفسي يا راجل
تفحصها مجدي بتعجب ولكن قربها منها جعله يعلن استسلامه متناسياً سليم وشجن مؤقتاً
بينما سليم قد تذكر امراً هاماً فاقترب من شجن بشدة قائلاً
هو مين العريس اللي كان متقدملك يا شجن
قهقة شجن بقوة فابتسم سولي قائلاً: انا بقول أبارك لحبيبتي على كتب كتابنا وبعدين اعملك تحقيق شامل يا دكتورة.

احتضنها بقوة وبادلتها هي الأخري بنفس القوة فقد كانت تخشي فراقاً يبعدها عنه؛ أحس بدموعها؛ فاحتضن وجههاً بكفيه قائلاً: متخافيش ياقلبي؛ وعدتك انك ليا والحمد لله ربنا كرمني بيكي وبقيتي مراتي يا شجن؛ مراتي وحلالي قدام الكل...
قبلها سليم بحب وعشق، تناسى كل شئ من حوله وأحس بالاكتمال معها وتنعم اخيراً برحيق شفتيها الذي جعلها يهيم بها عشقاً اكثر واكثر...

كانت نداء مهاب تشعر بالاضطراب والتوتر فمنذ اللحظة التي البسها بها أميرها خاتم ارتباطهما وهي تنظر إلى الخاتم بيديها بشكل مختلف؛ ليست المرة الأولي التي تتم خطبتها فيها ولكن مشاعرها مختلفه، تشعر أن أمير وضع روحه بين يديها نظراته وكلماته تنقلها من بئر يملؤه الخوف إلى واحة خضراء مزينة بالأمان، احست بانقباض بصدرها عندما اخبرها برحيله لعدة أشهر بمعسكر مغلق لتدريبات هامة؛ حاولت الا تبدي اهتماما ولكنها لم تستطع.

نظرت إلى هاتفها عله يتصل بها؛ لكنه لم يفعل؛ تحركت خارج غرفتها عندما استمعت إلى أصوات عمار وقاسم خارجاً فانتشلاها من تلك الأفكار التي تحيطها
قاسم وعمار: افتحي يابت يانودي احنا جينا
اسرعت نداء اليهما بسعادة قائلة: وحشتوني يا كلاب
قاسم: ياريتك كنتي اتنين يا نودي ياقمر، كنت انا اتجوزتك وعمار اتجوز التانيه
عمار: وليه انا مكنتش اتجوز ندا وانت تتجوز التانيه
قاسم: مش ملاحظ اننا من الصبح بنتخانق شكلنا اتحسدنا.

عمار: فعلا عندك حق، والحمد لله ان ندا ملهاش تؤام
نداء بضحك: انتوا اصلا صعب تلاقوا تؤام يتجوزوكم
عمار وقاسم: سيبك انتي وتعالي احكيلنا؛ هنركب خيل ازاي من غير ما حد يشوفنا
نداء بتفكير: مش عارفه؛ انا مش هينفع اركب خيل بابا هيزعل، بس ممكن اكلمه علشان خاطركم، بس تعالوا نسلم الأول على تيته جميلة ونونو حبيبتي.

اقتربت سارة بحذر من غرفة ابنتها بعدما لاحظت انعزالها بها طوال اليوم، دلفت اليها بخطوات هادئة معتقدة انها نائمة ولكن شهقات سيلا افزعت سارة فأسرعت اليها تحتويها باحضانها قائلة
مالك يا قلب ماما انتي تعبانه؟
سلسبيل بضعف: ايوة، تعبانه اوي يا ماما
ابتلعت سارة ريقها بخوف قائلة: في ايه، ايه بيوجعك
سيلا: واحدة صاحبتي جرحتني يا ماما وجعت قلبي وكسرتني
سارة بتردد: ابعدي عنها طالما قاصدة توجعك.

سيلا: هبعد، بس صعب، صعب اووووي
سارة: بتحبيها اوي كده يا سيلا
سيلا: للأسف بحبها وكنت شايفه ان الحب كفاية بس لأ، الحياة فيها حاجات كتير أهم من الحب.

احتضنتها سارة بقوة تود حمايتها، فهي تعلم أن انكسار ابنتها ماهو الا جرح من حبيب، كانت تشفق عليها منذ ولادتها من تلك اللحظة فقد عانت سارة كثييييرا اثناء ابتعادها عن نديم وارتباطها بأخر، كسر القلوب هو ازهاق للروح ببطئ شديد وصعوبته تزداد وتقوي عندما نراه بقلوب ابنائنا
حاولت سارة ان تستجمع قوتها فتحدثت إلى ابنتها بحب هامسة:.

اي تجربة بنمر بيها بنتعلم منها وتقوينا، والألم بعد شوية وبمرور الوقت بيقل وبنتعود عليه؛ بنصاحبه يا سيلا، لو صاحبتك تستاهل فرصه تانيه حاولي تسمعيها، ولو انتي خلاص شايفه انها هتوجعك بوجودها يبقي البعد عنها راحة ليكي وليها..
استمعت سيلا إلى والدتها بقلب محطم، فهي قد وعدت سامر بأن تتخطاه ولكن الألم الذي يعتصر قلبها الأن لا يمكن وصفه، هي احبته بقوة وصدق ولكن أن الأوان لكي تنضج وتتعلم الكثير بالحياة.

تحدث مازن إلى والدته مطولاً فهو لا يريدها أن تحمل نفسها فوق طاقتها
نادية: حبيبي انا مش عيلة صغيرة وعارفه بعمل ايه؛ وبعدين ابوك لسه جوزي وانا أولي بيه
مازن: بس حضرتك صحتك مش متحملة؛ ومفيش حد فينا منتظر منك تخدمي بابا في مرحلة زي دي
نادية بحب: يابني خلاص احنا كبرنا واللي بيني وبين ابوكم عشرة ومهما حصل مش هتخلي عنه
وعموما انت ممكن تجيب ممرضة معايا تاخد بالها من ادويته وانا ههتم بأكله وحاجته الشخصية.

قبل مازن يديها بامتنان قائلاً: حضرتك فعلاً أم عظيمة وست أصيلة، وصدقيني بابا رغم مرضه لكن ربنا بيحبه لأنك مراته لحد دلوقتي
نادية: الدنيا مش مستاهله يابني والله اعلم مين فينا هيموت قبل التاني؛ المهم عندي انت واخواتك تفضلوا بخير وربنا يحفظكم.

عادت نداء مهاب بعد قليل إلى غرفتها تاركة الجميع يتحدثون بحب بمواضيع شتى. بينما كانت هي شاردة تتساءل: هل اتصل بها أمير اثناء جلوسها بصحبة عائلتها، هل أرسل اليها واحدة من رسائله، تحججت بأمر ما وصعدت إلى غرفتها تبحث بلهفة عن اتصاله، ليأتيه بعد قليل اتصالاً من رقم خارجي
أجابة نداء الاتصال مسرعه قائلة: أمير!
اجابها ريان بحزن قائلاً: هو بيتصل عليكي متأخر كده يا ندا؛ معقول قدرتي تنسيني بسرعه كده.

نداء بقوة حاولت أن تدعيها: مين معايا
ريان: انا ريان وانتي عارفه صوتي كويس..
نداء بغضب: أنا معرفش حد بالأسم ده؛ وياريت متتصلش عليا تاني
انهت الاتصال ودموعها تتهاوي بقوة؛ فهي تشعر بنفور من صوته لا تود استرجاع لحظات ضعفها تحتاج إلى أمير الأن
ولأول مرة تبادر هي بطلبه، ظل أمير ينظر إلى هاتفه لا يصدق أنها تهاتفه
استجاب لاتصالها مرحباً بشدة وحماسة ولكن صوتها الباكي جعله يشعر بالاختناق.

أمير بخوف: في ايه يا ندا؛ انتي كويسة؟
نداء: انت مكلمتنيش ليه النهاردة
أمير: بابا كان تعبان شوية وانشغلت معاه؛ انتي زعلانه مني؟
نداء: ايوة زعلانه؛ بس مش منك انت؛ انا زعلانه من نفسي
أمير بحب: مش هتفرق، لو زعلتي من نفسك يبقي زعلانه مني؛ مش احنا واحد
نداء بخجل: هو عمو رياض عامل ايه؟
أمير: عمو رياض كويس الحمد لله؛ وبيسلم عليكي وبيقولك الواد أمير بيحبك وبيوصيكي عليا
قهقهة نداء وابتسم هو بسعادة ليستكمل قائلاً.

الواد سليم كتب كتابه؛ عقبالي يارب عن قريب
نداء: أمير كده هقفل السكه في وشك
امير: لااااا خلاص مش هقول حاجة تاني؛ بس اوعي تقفلي؛ ده انا ما صدقت، قوليلي بقي كنتي زعلانه ليه؟
نداء: مفيش حاجة مهمه، بس كنت مصدعه شوية
أمير: ودلوقتي حاسة بايه؟
نداء بصدق: لما بكلمك بحس اني كويسة وبس يا أمير، بحس اني مطمنة ومش خايفة
وقبل أن يستوعب اغلقت هاتفها تحاول الهرب منه ومن مشاعرها التي باتت تشكل خطراً عليها.

بينما اكتفي هو بما استمع اليه الأن فهو لن يتعجل في طلب المزيد.

أصبح المكان من حوله عقيماً لا تولد به أحلاماً ولا أمالاً، وكيف ينمو من رحم الظلم جنيناً؛ وقد رويت بذور ذاك المكان بمزيج بين دموع المظلومين، وجبروت وظلم من اناس لا تعرف الرحمة.

احتضن ضياء جسده بيديه يحاول أن يشعر نفسه ببعض الدفء بعد أن أحس بصقيع يغلف كل ما يحيط به؛ يترقب بخوف ما تخبأه له الأيام فبعد أن أحس أن الدنيا ابتسمت له أخيرا وقد اقترب من تحقيق حلمه بوصال شمس حياته واقتراب موعد تعيينه بالنيابة العامه؛ ضاع كل شئ بلحظات
هب من مكانه فزعاً عندما استمع إلى صوت أحد العساكر قائلاً: ضياء شريف، حضرة الظابط عاوزك
تحرك ضياء بخطوات ثقيلة متعبة يشعر بالذل والمهانة..

كانت نظرات الضابط تحمل الكثير من الشماته والسخرية وتحدث بجدية تحمل تهديداً واضحاً قائلاً
ها يا ضياء، عقلت ولا لسه؟
لم يجب ضياء سؤاله؛ فأشار الضابط بعينيه إلى المخبر المرافق له فقام بصفع ضياء بقوة جعلته يترنح في وقفته
نظر اليه ضياء بشجاعة قائلاً: صدقني هخرج من هنا وهتندم على عمايلك دي
انقض عليه الضابط يكيل له اللكمات إلى أن اوقفه أحدهم قائلاً: في محامي برة اسمه سليم الحسيني عاوز يقابل حضرتك.

اغمض ضياء عينيه بارتياح وقد أحس أن حياته لن تذهب هباءاً، فجسده لم يعد يقوى على تحمل المزيد..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة