قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الحادي والعشرون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الحادي والعشرون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الحادي والعشرون

طب مالك متوترة ليه؟ ده باباكي عادي يعني. أردف تليد ببلاهة قبل أن يتذكر ما سمعه من نانسي عن والد ريتال، ذلك الوغد الذي أهملهم لسنوات ومن ثم عاد بزوجة جديدة وابن له ليقوم بإلقاء والدتها خارج المكان لمجرد أنها أبدت إعتراضها.

أنا هروح أشوفه جاي ليه، خليك أنتَ هنا. أردفت بشرود وهي تتجه نحو الخارج بخطوات ثقيلة، توقفت أمام السيارة ليُشير إليها والدها أن تركب السيارة إلى جانبه لتنفذ دون جدال.
عملتي أيه في الإمتحان يا حبيبتي؟

كويس، في حاجة يا بابا؟ أيه اللي جابك هنا؟ أجابت على سؤاله بإقتضاب شديد ليعقد حاجبيه بتأثر شديد وهو يسألها بنبرة درامية: بدل ما تفرحي إن باباكي حبيبك جاي يطمن عليكِ بعد الإمتحان؟

بابا ياريت تدخل في الموضوع على طول وتقول عايزني في أيه لأن جو الأبوة اللي قررت تمارسها فجاءة دي مش داخلة دماغي.
يا ساتر يارب عليكِ نسخة من أمك في النكد. لم تُعقب ريتال على جملته تلك لكنها قامت بفتح باب السيارة وكانت على وشك المغادرة لولا أن جذب والدها ذراعها سريعًا وهو يوبخها قائلًا:.

تعالي هنا يا زفتة أنتِ بلاش فضايح قدام الناس، أقفلي الباب ده. لم تقاوم ريتال وقامت بتنفيذ طلبه وهي تتأفف بضيق شديد، أنطلق هو بالسيارة بعد أن قام بإغلاق جميع الأبواب من عِنده.

أحنا مش هنروح على البيت على طول، هاخدك ناكل برا الأول أنا عارف أنتِ بتحبي تاكل فين. أومئت بتملل وساد الصمت لبعض الوقت قبل أن يتوقف والدها أمام أحدى مطاعم الوجبات السريعة، جلست ريتال على أحد الطاولات في انتظار أن يقوم والدها بطلب الطعام.

أنتِ بتحبي اللحمة أكتر من الفراخ صح؟ وتقريبًا مش بتشربي حاجة في صودا.
بابا أنا مش باكل لحمة خالص ومش بشرب غير حاجات فيها صودا معظم الوقت، ممكن حضرتك تقعد وأنا هقوم أطلب الأكل.

ماشي يا لمضة، خدي الفلوس دي.
بعد بضعه دقائق عادت ريتال ومعها الطعام لتجلس أمام والدها وتتناوله في صمت بينما كانت تنتظر تلك اللحظة التي سيفصح فيها والدها عن ما يجول في خاطره فهي لم تقتنع بمشاعر الأبوة اللطيفة تلك التي ظهرت من اللامكان.

إلا قوليلي يا ريتال رأيك أيه في البت اللي صالح عايز يخطبها دي؟
دي حاجة متخصنيش، هقول رأي فيها ليه هو أنا اللي هتجوزها ولا صالح؟

دمك خفيف أوي، اللي أقصده يعني إن أنتوا يعني كبنات وستات بيبقى ليكوا وجهة نظر في بعض.
طالما هي عاجبة صالح فا خلاص يعني، هي حلوة في الشكل ومعاه في نفس الكلية يعني دماغهم زي بعض وبس.

أصلي شوفت صورة ليها سالي يا ستي فضلت بقى تقلب في كل الأكونتات اللي عند صالح لحد ما عرفت تجيب البت دي بس حسيتها مش أد كده يعني، صالح طالع ذوقه وحش مش زي عمه. أردف عبد الرحمن بثقة شديدة وبنبرة سخيفة لتنمو ابتسامة ساخرة على ثغرها وهي تهمس: طب ده بركة والله.

يعني أنا شايف مثلًا إنك أحلى منها بكتير جدًا معرفش ازاي صالح يسيبك ويبص لبنت زي دي. ها هو ذا غرضه الحقيقي يظهر على الساحة، يُريد أن يعبث بأعصاب ومشاعر ابنته، أزدردت ريتال ما في فمها بصعوبة حينما سمعت ما قاله والدها ولوهلة شعرت بإنقباض شديد في معدتها، تركت الطعام الذي في يدها ووضعته أمامها وهي تطالع والدها بمزيج من التعبيرات الغير مفهومة قبل أن تُردف: صالح أخويا وبس يا بابا ومفيش أي حاجة من اللي بتدور في دماغك أنتَ ومراتك دي.

بجد؟ أومال ليه أم صالح الله يرحمها ويغفر لها كانت شايفة حاجة تانية غير كده.
حاجة تانية ازاي يعني مش فاهمة؟

هو صالح نسي يحكيلك ولا أيه؟ لا ملهوش حق.
قول يا بابا بسرعة لو سمحت، طنط الله يرحمها قالت أيه؟ سألت ريتال بفضول شديد وهي تشعر بقلبها على وشك مغادرة قفصها الصدري من فرط التوتر والفضول، كاد والدها أن يُجيب عليها لولا أن جاءته مكالمة من زوجته جعلته ينتفض من مقعده.

أيه؟ طب أنا جاي حالًا، قومي يا ريتال بسرعة يوسف أخوكي وقع عالسلم ودماغه اتفتحت. استقامت من مقعدها بفزع وهي تلحق بوالدها نحو الخارج وللمرة الأولى تقريبًا شعرت بالقلق تجاه ذلك الطفل الذي أخترق حياتها مؤخرًا وعلى هذا النحو أنشغل كلًا من ريتال ووالدها بأمر شقيقها وبات الحوار الذي دار بينها وبين والدها غير منتهيًا...

بعد اطمئنان ريتال ووالدها على شقيقها توجهت هي إلى الأسفل حيث جدتها فهي لم تعد تطيق التواجد بالأعلى خاصة في وجود سالي، انتظرت الأخيرة رحيل ريتال كي تستطيع التحدث إلى زوجها على انفراد بشأن القضية غير مبالية تمامًا بطفلها المصاب حديثًا حيث جلست إلى جانب عبدالرحمن الذي كان يضم طفله بين ذراعيه وهي تقول بخبث:.

بقولك أيه مرزوق قريبي بيقولك نروح بكرة على البنك تحولي مبلغ كده من الفلوس اللي في حسابك وكمان تكتب عربيتك بإسمي زي ما اتفقنا.
أنا متفقتش مع المحامي الزفت قريبك ده على حاجة وبعدين أنا مش فاهم أيه علاقة العربية؟ يعني قولتوا أحولك جزء من الفلوس ونضرب ورق بمراتبي وقولت ماشي لكن العربية أيه نظامها؟

يا حبيبي صدقني الكلام ده في مصلحتك وهو أكدلي إننا لو عملنا كده كل حاجة هتبقى معانا زي الفل وزينة دي آخرها هتطلع منك بألف جنيه في الشهر وتبقى تورينا بقى هتصرف بيهم على بنتها ازاي، ده غير إنه بيقولي إنك من حقك تنقل ريتال من مدرستها اللغات دي وترميها في مدرسة أي كلام يعني هتقدر تضغط على زينة بكل الطرق.
طيب يا سالي أنا هدورها في دماغي كده النهاردة وهبقى أرد عليكي.

مفيش وقت، الجلسة ممكن تتحدد الشهر الجاي وزينة والمحامية بتاعتها واخدين ألف خطوة وأنتَ لسه متحركتش خطوة واحدة من مكانك.

ما خلاص بقى يا سالي قولتلك هشوف!

ماشي يا عبدالرحمن على راحتك. عند هذا الحد انتهت المحادثة لكن أفكار سالي لم تنتهي فهي لن تنفك عن الضغط على زوجها حتى تصل إلى مرادها.

بعد مرور يومان هاتفت مريم نانسي لتُخبرها بأنها في القاهرة لمدة يومان وأنها بحاجة إلى مقابلتها في أقرب فرصة لحدوث أمر طارئ وبالفعل لم تُضيع نانسي المزيد من الوقت وذهبت لمقابلتها على الفور، وبعد إلقاء التحيات وما شابه قررت مريم الدخول إلى صُلب الموضوع مُردفة الآتي:.

بصي يا نانسي أحنا عرفنا مين اللي عمل كده، هو الولد اسمه أدهم فعلًا بس هو مش في كلية طب ولا ساكن في المكان اللي قالك عليه هو كدب في كل حاجة ما عدا اسمه الأول بس. أعلنت مريم بهدوء شديد ولم يبدو عليها السعادة كما كانت تنتظر نانسي لكنها لم تُعلق على الأمر لكنها أردف بحماس:.

الحمدلله يارب، طب هو مقالش عمل كده ليه؟ حمدت نانسي الله بسعادة في البداية قبل أن تسأل بنبرة لا تخلو من التوتر مجددًا ليسود الصمت لبرهة بينما تحاول مريم تمهيد الأمر قبل أن تُجيب عن سؤالها بنبرة حادة قائلة:.

بيقول إن أخته الصغيرة كانت بتتعرض للتنمر يا نانسي وإنك أنتِ اللي بتتنمري عليها أنتِ وصحابك، مش بس كده ده كمان بيقول إنك كنتِ واخدة صور خاصة بيها من على موبايلها بدون علمها وبعتيها على جروب بتاعك أنتِ وصحابك ولما البنت عرفت حاولت إنها تنهي حياتها بسبب اللي عملتيه.

أيه؟ لا، أكيد في حاجة غلط، أنا،.

تقدري تثبتِ إن كلامه ده كدب؟ طب أنتِ أصلًا يا نانسي تعرفي اسم البنت أو تقدري حتى تخمني هي مين؟ ولا من كتر ما أنتِ بتعملي حاجات زي دي كتير مبقتيش تفتكري أسماء البنات؟ وبختها مريم بنبرة حادة قاسية لتزدرد نانسي ما في فمها بصعوبة قبل أن تُردف بنبرة لا تخلو من الخجل وإحتقار الذات:
لا، أنا عملت حاجات زي دي مع أكتر من بنت أنا وصحابي بس اللي حضرتك بتقوليه ده تقريبًا يعني هو اللي عملناه مع ريم،.

برا?و عليكي هي ريم وده أخوها.

طيب هو هيتقبض عليه صح؟

اه بس مش لوحده يا نانسي، أنا أتكلمت معاه وهو ناوي يخلي أخته تعملك محضر لأن التهديدات بتاعتك لسه معاها والحاجات دي كانت من حوالي سنة أو سنة ونص يعني مش وقت بعيد. أفصحت مريم عن تلك الكارثة لتُلقي نانسي ما في يدها من طعام على الطاولة وتصيح بهلع شديد قائلة:.

يالهوي! يعني أيه؟ لا أنا مش هينفع يحصل فيا كده أنا خلاص أتغيرت والله ومش هضايق حد أي تاني بس أنا مينفعش أدخل السجن، وبعدين هو أصلًا مش أنا أقل من السن ازاي هدخل السجن؟

كانت تراقبها مريم ببرود شديد ودون أي ذرة تعاطف ردة فعل نانسي على ما يُقال، فهي لم تتأثر كثيرًا بدموع نانسي أو نظرة الخوف الحقيقي داخل عيناها حيث أجابت على أسئلتها بهدوء شديد وبرد منطقي جعل الرعب يُسيطر على نانسي أكثر.

لا متقلقيش من موضوع السن ده كده كده اللي في سنك مش بيتحبسوا في نفس السجن بتاع الناس الكبار علشان أنتِ تحت السن.

هو أنا كده المفروض اتطمن يعني؟ أنا أعمل أيه دلوقتي؟ مريم أبوس إيدك اتصرفي أنا مينفعش، مينفعش أتسجن مستقبلي هيضيع،.

ومستقبل البنت وحياتها اللي كانت هتضيع كلها دي مفرقتش معاكي ليه ولو للحظة يا نانسي؟ صاحت مريم موبخة إياه بإستياء شديد لترتجف الجالسة أمامها من نبرة الصوت الحادة قبل أن تُردف الآتي من وسط شهقاتها:
غلطة والله ومش هكررها تاني أبدًا بس مينفعش يحصل فيا كده،.

طيب يا نانسي قومي روحي دلوقتي وأنا هشوف هتصرف في الموضوع ده ازاي.

كانت تعلم مريم حل لتلك المشكلة ولقد كانت مُدركة للوضع كله وللحقيقة كاملة لكنها أرادت أن تجترع الفتاة التي أمامها من الكأس ذاته التي كانت تُسقيه بالإكراه لجميع من حولها لعل ذلك يُساعدها في أن تُصبح إنسانة جيدة تشعر بآلام من حولها ولكي تتعلم درسها جيدًا ولا تكرر أفعالها الشنيعة تلك ما دامت على قيد الحياة.

قضت نانسي أيام لا تقل بشاعة عن تلك التي قضاها أقرانها بسبب تنمرها، لم تهنئ بليلة واحدة دون كوابيس متتالية عن كيف سيؤول بها الوضع وكيف ستكون ردة فعل والدتها حينما تعلم بذلك الأمر بل والأسوء ماذا سيحدث إن علم والدها ذلك الذي لم تراه منذ ما يزيد عن السبعة سنوات تقريبًا بحيث أصبحت بالكاد تذكر ملامحه، حاولت نانسي مهاتفة مريم أكثر من مرة لكي تسألها عن أي تطورات لكن الأخيرة لم تُجيب عليها قط.

في تلك الأيام كانت نانسي قد فقدت شهيتها تمامًا وكأن كل ما كان يُعاني منه من حولها يتكرر معها بصورة متطابقة، لاحظت والدتها ذلك في يومٍ أثناء تناولهم الغداء لتسألها:
مالك يا نانسي مش بتاكلي ليه؟ دي عدوة من ريتال ولا أيه؟ علقت غادة ساخرة لتسعل ريتال بقوة بسبب سخافة ما قالته عمتها، أمتعض وجه الجدة قبل أن توبخ ابنتها قائلة:
ملكيش دعوة بريتال يا غادة خليكي في بنتك لو سمحتِ.

جرا أيه يا ماما أنا بهزر يعني مقولتش حاجة وبعدين هي زينة تمشي أنتِ تدافعي ولا أيه؟

ومدافعش ليه هي مش حفيدتي زي ما نانسي حفيدتي برضوا ولا أيه؟ ده بدل ما تسألي بنتك أيه اللي زعلها ومخلي وشها بقى أد اللقمة كده!

طيب عن إذنكوا أنا هقوم أكمل أكل في الجنينة برا أنا ونانسي، تعالي معايا.

أردفت ريتال لإنهاء ذلك الجدل الذي لا فائدة منه وهي تسحب نانسي من يدها برفق ومن ثم تحمل الصحن خاصتها، بكل تأكيد تعجب الكل من ردة فعل ريتال ومن قربهم الغريب في الأيام الماضية وإن كانت الجدة قد سعدت بأن العلاقة بينهما قد تحسنت بصورة ملحوظة.

مالك يا نانسي أيه اللي حصل؟ من وقت ما كنتِ مع مريم آخر مرة وأنتِ نفسيتك متدمرة خالص.

مفيش حاجة أنا كويسة،.

أنا عارفة جملة أنا كويسة دي جدًا وعارفة إن عمر ما حد بيقولها تقريبًا غير وهو بيموت من جواه ونفسه حد يلحقه ويساعده، أنا هنا وبعرض عليكِ المساعدة بجد، المساعدة اللي محدش كان بيفكر يعرضها عليا حتى لو على سبيل المجاملة.

كانت تتحدث ريتال بصدقٍ شديد فهي تعرف جيدًا كيف هي تلك المحاولات البائسة في إقناع الجميع بأنها بخير لأن لا طاقة لها لشرح كم الآلم الذي تشعر به أو لأنها لم تُصدق يومًا أن أحدٍ يهتم لها أو لما تشعر به من الأساس بالرغم من أن ذلك كان من ألاعيب عقلها ونفسيتها المُضطربة فمن حولها كانوا مُهتمين حقًا، لم تُعقب نانسي على حديث ريتال على الفور بل صمتت لبرهة قبل أن تنفجر باكية دون أية مُقدمات مُردفة:.

أنا تعبانة أوي يا ريتال وخايفة جدًا، أنا غلطت كتير وفعلًا أستاهل أتعاقب بس،.

أهدي بس يا حبيبتي إن شاء الله كل مشكلة وليها حل، أنا مش فاهمة حاجة بس أكيد مريم عندها طريقة تطلعي بيها من المشكلة.

ريتال أنا عملت مصايب مش غلطات وعارفة إن ربنا زعلان مني وإن أنا لازم اطلب منه يسامحني على كل حاجة عملتها وأبطل أعمل الحاجات دي وكمان لازم اعتذر لكل الناس اللي آذيتهم،.

كل ده صح ومضبوط، يمكن لو عملتِ كده فعلًا ربنا يكرمك وتطلعي من المشكلة اللي أنتِ فيها.

حاضر هعمل كده. نبست نانسي وهي تُكفكف دموعها بواسطة المنديل الورقي الذي منحتها إياه ريتال قبل أن تقضم على شفتيها لثوانٍ ثم تقول بصوتٍ أقرب إلى الهمس:.

ريتال، شكرًا إنك موجودة. أستقامت ريتال من مقعدها على الفور وذهبت لعناق نانسي وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعانقها فيها عناقٍ أخوي ذو مشاعر صادقة، راقبت الجدة ذلك المشهد من داخل شرفة حجرتها وقد نمت ابتسامة راضية على وجهها الذي غلفت معظمه التجاعيد وقد شكرت الله داخل نفسها بأنها قد رأت اليوم الذي بدأت فيه الأمور تنصلح بين حفيدتيها.

في عصر اليوم التالي بالإسكندرية، ذهبت زينة إلى مكتب مريم بعد أن أخذت إذن من العمل لمدة ثلاثة ساعات تقريبًا لأن مريم كانت بحاجة إلى النقاش معها في أمر ضروري يخص القضية.

مريم أنتِ هنا؟ طرقت زينة على الباب لكنها لم تجد ردًا منها ونظرًا لأن علاقة مريم وزينة قد تطورت فقد أخبرتها مريم أنه يمكنها أن تنتظرها داخل المكتب في غيابها، على استحياء قامت زينة بفتح الباب لتظهر أمامها فتاة صغيرة بالكاد تظهر من خلال كُرسي مريم الكبير وقد كانت تعبث في أحد الأوراق فلم يكن وجهها واضحًا.

بقولك يا قمر متعرفيش طنط مريم فين؟ سألت زينة بلطف شديد وقد استخدمت لقب طنط لأنها استنتجت أن تلك الفتاة من الواضح أنها مقربة من مريم بحيث يُسمح لها الجلوس هنا.

رفعت الفتاة عيناها على الفور لتقابل زينة وتعتلي الدهشة وجه زينة والسعادة وجه الطفلة قبل أن تصيح في حماس شديد:
ميس زوزو. هبطت فريدة من الكرسي الضخم مقارنة بحجمها الضئيل قبل أن تهرول نحو زينة لتمنحها عناقٍ قوي دافئ، تجمدت زينة لثوانٍ تحاول إستيعاب ما يحدث قبل أن تضم الفتاة.

فريدة أنتِ هنا مع مين؟ مريم؟

أيوا أنا جيت مع مريومة النهاردة. زادت حيرة زينة أكثر فإستخدام الصغيرة لإسم التدليل يؤكد أن لها علاقة وثيقة بمريم، كادت زينة أن تسألها سؤالًا آخر لولا أن سمعت صوت خطوات من خلفها لتستقيم من جلستها التي كانت في مستوى فريدة.

ألتفتت نحو صاحب الخطوات لتجده هو، فؤاد والد فريدة يقف متكئًا على الباب يراقب المشهد في صمت مع ابتسامة صغيرة لتتوتر معالم زينة وكادت أن تتفوه بشيء لولا ظهور مريم والذي كان بمثابة حبل النجاة من هذا الموقف المحرج بالنسبة إليها.

أيه ده أنتوا اتقابلتوا؟ ده أنا كنت ناوية أعرفكوا على بعض. سألت مريم بحماس واضح وهي تبتسم ابتسامة تُشبه خاصة فؤاد إلى درجة كبيرة، حمحمت زينة قبل تُردف بتلعثم:
أنا، أنا مش فاهمة حاجة،.

ده دكتور فؤاد، قالت مريم وهي تشير إلى ذلك الذي يقف إلى جانبها وكادت أن تُكمل لولا أن قاطعها هو موضحًا الآتي:
هي عارفة أنا مين يا مريم، دي تالت مرة نتقابل فيها أنا وميس زينة.

لحظة واحدة كده، هو أنتِ زينة اللي بتدرس لفوفو في الحضانة؟

أيوا، ممكن افهم هو في أيه بقى؟

مفيش حاجة، فؤاد يبقى أخويا الكبير. أعلنت مريم بنبرة مرحة لتعتلي الدهشة ملامح زينة قبل أن تسألها بعد إستيعاب وإستنكار:
أخوكِ؟ ده اللي هو ازاي يعني؟ لا ما دي صدفة مش مقنعة خالص بصراحة.

مالك بس يا زينة منفعلة ليه؟ الحضانة اللي فيها فريدة اللي ماسكة الإدارة بتاعتها مرات مستر كان عندنا في المدرسة وهو ومستر رضوان عشرة عمر فلما فؤاد طلب مني أشوف حضانة لفريدة اقترحت عليه الحضانة دي علشان ناس نعرفها ومضمونة. كان تفسير مريم مُقنع لكنه زاد من دهشة زينة أكثر فكيف للقدر أن ينسج خيوطه بتلك الطريقة المعقدة وكأن كل شيء يؤدي إليه.

طب اتفضلوا اقعدوا ولا هتفضلوا واقفين ولا أيه، تعالي يا زوزو. تمتمت مريم وهي تُشير نحو الأريكة والكُرسي لكن زينة أمسكت بحقيبتها بتوتر وهي تُردف متجنبة النظر نحو فؤاد:
لا أنا أفتكرت إن ورايا حاجة مهمة ولازم امشي.

هو مش أنتِ لسه جاية؟ وبعدين كان في حاجات المفروض نتكلم فيها مع بعض.

أظن التأجيل يوم مش هيفرق كتير، أنا هبقى أعدي عليكي بكرة إن شاء الله، عن إذنكوا. حاولت زينة التملص من هذا الموقف الذي لم يكن مريحًا بالنسبة إليها، غادرت المكان سريعًا قبل أن تعترض مريم وقبل أن يعرض عليها فؤاد أن يقوم بإيصالها.

فلقد كانت واثقة من أنه كان سيفعل وبالطبع هي ما كانت لتقبل بشيء كهذا بتاتًا وذلك لعدة أسباب أولها وأهمها أنه لا يجب عليها ركوب السيارة مع شخص غريب عنها فهو ليس زوجها، شقيقها ولا أبيها، إلخ...

وثانيًا لأنه بسبب وضعها الحساس حاليًا فهي ستكون محط أنظار الجميع وكل خطوة تخطوها لأن المجتمع للأسف الشديد لا يقبل المُطلقات بل يضعهم في اختبارات دائمة وكأنهن قد اخطئن في شيء ما أو هناك خطب ما بهم، لقد كانت زينة تكره ذلك التفكير العقيم لكنها ليست وحيدة في هذا المجتمع لذا فهي مضطرة لأن تنصاع إلى قواعده...

بعد مغادرة زينة للمكان ساد الصمت لبرهة حيث كانت مريم تحاول استيعاب ردة فعل زينة الغريبة تلك بينما جلس فؤاد على الكرسي المقابل لمكتب مريم في هدوء وثبات شديد وقد أجلس صغيرته على قدميه، قطعت مريم الصمت وهي تسأله:
هو في حاجة حصلت مخليه زينة تتخض أوي لما تشوفك هنا؟

لا، هي مكنتش متوقعة بس مش أكتر، بالمناسبة هي كانت بتعمل أيه هنا؟

جايه تعمل حشو عصب، في مكتب محاماة يا فؤاد هتكون جايه تعمل أيه مثلًا في رأيك؟ سخرت منه مريم لميتعض وجهه قليلًا قبل أن يسأل بنفاذ صبر:
أيوا يعني عندها قضية ولا بتعمل أعلام وراثة ولا أيه الموضوع؟

لا ده ياريته كان مات يا أخي وريحها وريحني معاها، هي رافعة قضية نفقة.

نفقة؟ هي زينة مطلقة؟ سأل بقليل من الدهشة ليمتعض وجه شقيقته قبل أن تسأله بإستنكار شديد:
أيه ده مالك اتخضيت كده ليه؟ اه هو أنتَ هتعمل زي الناس اللي بتنبذ المطلقات؟ والله عيب عليك يا دكتور يا اللي المفروض إنك مثقف وبتفهم.

بس بس ثواني، أنا مقولتش حاجة خالص أنا كل اللي عملته إن أنا سألت واستغربت لأني مكنتش أعرف المعلومة كنت فاكر إنها مش متجوزة وبس لكن كونها مطلقة أو أرملة أو آنسة أيًا يكن يعني ده مش هيغير نظرتي ليها في حاجة.

أيوا أنتَ كده أخويا حبيبي اللي دماغه نضيفه وبيفكر زي البني آدمين، قولي بقى أيه رأيك فيها؟

من ناحية أيه بالضبط؟

في العموم يعني، أنا من وجهة نظري شايفة إنها يعني أمورة وشكلها صغير أوي وهي صغيرة فعلًا وكمان بنت ناس وتعليمها كويس نسبيًا وطيبة،.

أيوا وبعدين يعني؟

ولا قبلين يا فؤاد أنا بفضفض معاك يعني أصلها بقت صاحبتي أوي وبقينا نقضي معظم الأسبوع مع بعض وكده.

والله؟ طب ربنا يخليكوا لبعض قومي بقى يلا لو هنروح نتغدى علشان قدامي ساعة ونص على ما أكون في العيادة.

حاضر يا عم الدكتور المشهور. أردفت مريم بسخرية وهي تتجه نحو الخارج بعد أن طلبت من المساعدة خاصتها أن تُغلق المكتب بعد رحيلها، قضت بعض الوقت برفقة شقيقها وابنته الصغيرة بينما كان عقلها منشغلًا بمسألة نانسي فهي تظن أنها قد عاقبتها بما فيه الكفاية والآن حان وقت إخبارها بشيء يُطمئن قلبها قليلًا.

بالفعل في صباح اليوم التالي توجهت مريم إلى القاهرة لحضور جلسة هامة ومن ثم هاتفت نانسي لتقابلها في مقهى قريب من وسط البلد، كانت تنوي مريم أن تتحدث إلى نانسي بنبرة لطيفة مطمئنة لكنها لم تستطع لذا قررت أن تزف لها الأخبار الجيدة بطريقة حادة لعل ذلك يُفلح في تعديل سلوكها.

من فضلك قوليلي إن في أخبار كويسة أنا بجد مبقتش عارفة أنام ولا أكل ولا أي حاجة،.

في أخبار كويسة ياريت بس تعرفي تقدريها يا أستاذة نانسي، بصي في حد أتدخل وساعدك يا نانسي وخلاص أنتِ مش هتتحسبي.

بجد؟ يعني خلاص مفيش سجن ولا الكلام ده؟ طب مين الحد ده وعمل أيه؟

تقدري تعتبري أنه أقنعهم ميرفعوش عليكِ قضية وحاول يحل المسألة بشكل ودي معاهم وبصراحة الناس محترمين وطيبين بعيدًا عن إنك هتحبسي ابنهم بس هما معترفين بغلطته وشايفين إنه يستاهل يتعاقب عاللي عمله. أعلنت مريم بنبرة لا تخلو من الحدة بغض النظر عن أنها كانت تزف أخبار من المفترض أنها سعيدة إلى نانسي لكنها لم تكن تريد منها أن تسعد كثيرًا للدرجة التي تجعلها تنسى ذلك الإختبار الذي وضعت فيه.

الحمدلله يارب الحمدلله، طيب هو مين الشخص ده علشان أشكره على اللي عمله معايا؟

معرفش لما تقابليه أبقى اسأليه بنفسك.

طيب هو أنا هقابله فين؟ أنا مش فاهمة حاجة،.

أنا اللي عندي قولته بس خليكي فاكرة يا نانسي إنها اه المرة دي عدت على خير بس لو الحركات بتاعتك دي أتعملت تاني صدقيني أنا هبقى في صف الضحية، اه وياريت تبقي تروحي لريم تُشكريها إنها محبستكيش وتصبريها علشان أخوها الوحيد اللي أتسجن بسببك.

حاضر، شكرًا إنك ساعدتيني مش بس علشان أعرف اجيب حقي لا إنك ساعدتيني أفوق. تمتمت نانسي بصدقٍ شديد وهي تشيح بعيناها بعيدًا عن مريم خجلًا منها لتتنهد الأخيرة قبل أن تقول:
أتمنى إنك تكوني فوقتي بجد مش مجرد صحوة مؤقتة من الموت وترجعي تعملي اللي كنتِ بتعمليه زمان يا نانسي.

لا لا أوعدك بجد إن أنا عمري ما هعمل كده أنا حقيقي حرمت،.

ماشي هنشوف، أنا لازم أمشي دلوقتي.

أردفت مريم قبل أن تقوم بدفع حساب ما طلبته هي ونانسي ومن ثم قامت بإيصالها إلى أقرب نقطة إلى المنزل ومن ثم عاودت الذهاب إلى أحد مكاتب المحاماة الكبيرة لكي تستشير صديق قديم لها في شيء يخص قضية زينة.

بعد مرور شهر ونصف على تلك المقابلة كانت قد انتهت اختبارات ريتال لكنها لم تكن قد انتقلت بعد إلى حيث تقطن والدتها حيث كان عليها أولًا أن تُتم إجراءات نقلها إلى المدرسة والتي لم تكن تعلم أن غادة ستُعقد تلك الأمور عليها لسببٍ لم تعلمه زينة.

فمن المفترض أن العلاقة بينهم قد استقرت قليلًا بعد إنفصالها عن عبد الرحمن والآن بات عليها أن تنتظر انتهاء العام الدراسي حتى تستطيع نقلها إلى الإسكندرية، في الواقع كان هناك سبب منطقي لفعلة غادة تلك فلقد رأت أن العلاقة بين نانسي وريتال قد تحسنت كثيرًا وكيف أن وجود ريتال بالقرب من نانسي جعلها مُشرقة مرة آخرى وزاد من إقبالها على المذاكرة والنجاح والتحسن وبمشاعر أمومة لا تخلو من الأنانية المعتادة من غادة حاولت تعطيل رحيل ريتال عن ابنتها قدر الإمكان كي لا تنتكس مجددًا.

في عصر يومٍ كانت ريتال تحفظ تاريخة ولم يكن أحدٍ غيرها يتذكره على الأغلب استيقظت بتكاسل ومن ثم قامت بروتينها المُعتاد وقد كان اليوم يسير كأي يوم آخر فلم يكن يعلم أحدٍ أو حتى يهتم أن اليوم هو يوم ميلادها حتى والدتها لقد أنشغلت في حياتها الجديدة حتى نسيت أن تُهاتف ابنتها في يومٍ كهذا، عالية وحنين وتليد ثلاثتهم توقفوا فجاءة عن الظهور والتحديث على تطبيقات التواصل الإجتماعي وهذا الأسبوع في المدرسة لم يحضر تليد قط وعالية وحنين أخذ كلتاهما يعاملان ريتال بفتور غير مُبرر، أما عن نانسي فقد بدأت تعود إلى حياتها الطبيعية بصورة تدريجية.

ريتال بقولك أيه يا حبيبتي أدخلي بصي كده على الفستان اللي عالسرير عندي وشوفيه على مقاسك ولا لا.

حاضر يا تيته. تمتمت ريتال بقليل من الحيرة لكنها نفذت طلب جدتها، دلفت ريتال إلى الحجرة لتجد ثوب مزركش يجمع عدة ألوان معًا لكنها كانت متناسقة تمنح شعورًا لطيف وقد كان يليق بالأجواء التي كانت على وشك أن تبدأ نظرًا لإقتراب فصل الربيع.

أمسكت بالثوب بسعادة شديدة قبل أن تقوم بتجربته وكما توقعت لقد كان الثوب يناسبها تمامًا وقد جعلها تبدو كزهرة وسط حقل من النباتات المُزهرة، توجهت ريتال نحو الخارج لكي تسأل جدتها عن رأيها لكنها كادت أن تصطدم بصالح ولحسن الحظ أنها كانت قد غطت خصلات شعرها بواسطة وشاح رأسها، لمعت عين الأخير فور رؤيتها ووقف يُطالعها مع إبتسامة صغيرة بلهاء لتشتعل وجنتيها حُمرة وقد اضطربت معالم وجهها.

على فين بالفستان الحلو ده كده؟

لا مش، يعني مش رايحة حتة وكده ده تيته بس جابت الفستان ده وقالتلي أشوفه،.

طب ومالك متوترة كده ليه؟ على فكرة شكله حلو أوي عليكي والألوان مناسبة جدًا.

بجد؟ سألته بتلقائية شديدة فور ذكره لأمر الألوان فالطالما تعرضت للتنمر بسبب لون بشرتها الذي يعتبر داكنًا نسبيًا بالمقارنة بمعظم أفراد العائلة، أومئ صالح قبل أن يُجيبها بلطف:.

بجد، طيب أنا كنت خارج يا تيته علشان هقابل سارة نشوف حاجة ليها علاقة بالخطوبة لو عوزتي حاجة مني كلميني، عن إذنكوا. أمتعض وجه ريتال وهي تُشيح بنظرها بعيدًا عنه ومن ثم تعاود الدخول إلى الحجرة دون أن تودعه فاكالعادة لقد أفسد حديثه اللطيف بجملة سخيفة حول سارة.

بعد دقيقتين تقريبًا دلفت نانسي إلى الحجرة حيث كانت ريتال مازالت تقف أمام المرأة تتأمل إنعكاسها في المرآة ولم تكن قد بدلت ثيابها بعد، أقتربت نانسي قليلًا منها وهي تقول:
أيه الفستان الشيك ده يا ريتال؟ جبتيه منين؟

تيته جابتهولي النهاردة، حلو بجد؟

اه، أنتِ عارفة لو وحش كنت هقولك في وشك عادي مش هيفرق معايا.

مفيش فايدة فيكي يا نانسي، ها عايزة حاجة ولا أيه؟ مش عوايدك تيجي تقعدي معايا يعني.

بصراحة زهقانة وكنت جاية أقولك تعالي نخرج نقضي اليوم مع بعض النهاردة.

حاسة مكسلة اخرج بصراحة،.

بطلي رخامة بقى تعالي نخرج ومش هنتأخر كلها ساعتين تلاتة بالكتير وهنروح ونيجي بعربية ويا ستي اخرجي زي ما أنتِ كده بالفستان الحلو ده بس يعني ممكن تشوفي طرحة تانية.

حاضر يا نانسي.

بعد نصف ساعة تقريبًا كانت ريتال مستعدة للمغادرة وبالطبع هي لم تستغرق ذلك الوقت لتجهز بل نانسي من فعلت حيث بدلت ثيابها ووضعت بعض مساحيق التجميل وألحت على ريتال أن تفعل المثل لكنها رفضت وقالت أنها مكتفية بجمالها الطبيعي.

بصي أنا لبست بسرعة علشان خاطرك أهو أنا في العموم مش باخد أقل من ساعة، تعالي بقى علشان العربية مستنية برا ولو اتأخرنا الكابتن هيلغي الرحلة وهنتسوح.

يلا بينا، صحيح قوليلي هو أحنا هنقابل مين من صحابك؟ أوعي يكون حد من المدرسة.

لا لا هنقابل ناس متعرفيهاش بس هما لذاذ أوي يعني متقلقيش. تنهدت ريتال بعدم إقتناع فهي لا تثق في ذوق نانسي بتاتًا خاصة فيما يتعلق بإختيار الأصدقاء أو ما شابه.

بعد نصف ساعة تقريبًا توقفت السيارة أمام مقهى لطيف للغاية محاط بأنواع مختلفة من الزهور والزرع بشكل عام ولقد كان جزءًا منه مُغلق والجزء الآخر مفتوح يُطل على الشارع ويمكن رؤية السماء من خلال السقف المكشوف، كان المكان فاخرًا نسبيًا مما جعل ريتال تشعر بعدم راحة فهي واثقة من أن هيئتها لا تناسب المكان وأنها قد تتعرض للسخرية في أي لحظة...

مالك متخشبة كده ليه؟ ما تتحركي يا بنتي.

هو أحنا هنقعد فين؟

هما حاجزين ترابيزة في الجزء ال open air المقصود الجزء المكشوف من المقهى. أومئت ريتال وهي تتبع نانسي في صمت شديد.

توقفت نانسي عن السير أمام طاولة مُحددة لترفع ريتال عيناها عن الأرضية بتوتر شديد لكي تُلقي التحية على أصدقاء نانسي وفي تلك اللحظة صرخ الجميع في وجهها قائلين:
سربرايز surprise.

رمشت ريتال عدة مرات متتالية بتوتر وقد شعرت بنبضات قلبها تزداد وهي تحاول إستيعاب ما يحدث، قالب كبير من الكعك موضوع أعلى الطاولة وقد تم إشعال شمعتان في المنتصف تم تشكيلهم على شكل الرقم 18، كانت الطاولة محاطة بعدة أشخاص هم الأقرب إلى قلب ريتال وأولهم والدتها والتي كانت إلى جانبها مريم المُحامية والتي وقف صالح بجانبها هو وعطر أما عن الجانب الآخر من الطاولة فوجدت حنين، عالية، تليد.

وقفت تطالعهم بأعين دامعة من فرط السعادة التي قد امتزجت بالصدمة فهي لم تتوقع قط أن يقوموا بعمل شيء كهذا والأجمل من ذلك هو تجمع جميع أحبتها في مكان واحد وجميعهم هنا من أجلها، من أجلها هي فقط!

أنا بجد مش مصدقة نفسي، شكرًا بجد، حقيقي مش عارفة أقول أيه، تمتمت ريتال بتلعثم وتوتر واضح وهي تحاول كفكفة دموعها التي انهمرت من فرط السعادة والتأثر رغمًا عنها، ابتسمت والدتها بلطف قبل أن تقترب منها وتمنحها عناقًا كبير دافئ.

أنتوا بالذات مش مصدقة إنكوا جيتوا هنا!

أحنا عملنا خناقة كبيرة مع ماما وطنط علشان يوافقوا أننا نيجي وطبعًا ساعة بالكتير وهنتحرك أما الصايع ده هيقعد براحته. أردفت عالية ممازحة وهي تضرب حنين في كتفها بمزاح لسبب مجهول، طالعها تليد بطريف عيناه قبل أن يُعقب على جملتها بسخرية قائلًا:
لا أنا عادي معنديش أهل كده كده فهفضل معاكوا لحد لما في الكافية يطفوا علينا النور ويطردونا.

لا متقلقش أحنا كده كده مش هنتأخر علشان ماما ومريم هيرجعوا على اسكندرية تقريبًا. قالت ريتال تعقيبًا على جملة تليد لكن قاطعها صوت صالح الذي أقتحم المحادثة فور رؤيته لتليد يقف بالقرب من ريتال مُردفًا بنبرة مرحة تُخفي في طياتها استياء غير مُبرر:
لا ما هي المفاجأة إن طنط زينة مش هترجع على اسكندرية النهاردة هي هتفضل هنا.

يا صالح يا رخم متحرقش المفاجأة! صاحت زينة لتنتقل عين ريتال بين والدتها وصالح قبل أن تسأل بفضول طفولي وهي تصفق بكلتا يديها:
مفاجأة أكبر من دي؟ قوليلي يا ماما بسرعة مش قادرة استحمل تشويق أكتر من كده!

ربنا يسامحك يا صالح مكنتش عايزة أقولها أنا دلوقتي! أمري لله، الموضوع ياستي إن أنا هاخدك تباتي معايا في شقة مريم اللي هنا أنا استأذنت من جدتك وهي وافقت.

بجد يا ماما؟ سألت ريتال بنبرة مرتجفة من فرط الحماس لتومئ والدتها ب نعم لتقفز ريتال بين أحضانها وهي تضحك بصوتٍ مسموع بسعادة حقيقية، أقتربت منها مريم وهي تقول ممازحة:
طب ومفيش حضن لمريم صاحبة الإقتراح ولا أيه يا ست ريتال؟ قهقهت ريتال قبل أن تُعانق مريم بلطف، كان تليد يراقب المشهد بإبتسامة واسعة فرؤيته لريتال سعيدة جعل ذلك الشعور ينتقل إليه.

نانسي تعالي كده ثواني. قال صالح وهو يُشير إلى نانسي بأن تقترب قليلًا ليتحدثوا بعيدٍ عن الجميع، انتبهت ريتال إلى ذلك الأمر وودت أن تستمع إلى ما يقال لكنه لم تستطع لكنها كانت واثقة من أن نانسي ستخبرها على أي حال.

هو مين اللي عزم اللي اسمه تليد ده؟ أنتِ مش كده؟ سأل صالح بحنق شديد وهو يعقد حاجبيه أمام صدره لتتعجب نانسي من نبرته قبل أن تُجيبه بكل بساطة:
تليد من الشلة بتاعتنا ويعتبر قريب مننا وطنط زينة قالتلي أعزم كل الناس اللي ريتال بتحبهم.

نعم ياختي؟ اللي بتحبهم ازاي يعني؟ وهي ريتال بتحب تليد ده؟ سأل مستنكرًا وقد ارتفع صوته قليلًا ليلتفتوا جميعًا نحوه لكن لحسن الحظ لم يكن كلامه واضحًا لكن استياءه كان كذلك.

صالح هو مش أنتَ خاطب ولا أنتَ ناوي تعمل زي عمو عبدالرحمن وتتجوز عليها؟ ولا تتجوز عليها أيه مش لما تبقى تتجوزها الأول!

بس بس أنتِ كبرتي الموضوع كده ليه؟ الفكرة كلها إن أنا مش متعود إن ريتال يبقى ليها صحاب ولاد ومش متقبل الفكرة أصلًا. كان التوتر باديًا على صالح وهو يُعقب على حديث نانسي التي نظرت إليه بسخرية شديدة وقد نمت ابتسامة جانبية على شفتيها وهي تسأله بإستهزاء:
بعيدًا إنه صح ولا غلط بس أنتَ مش ملاحظ إنك المفروض ملكش دعوة وكده؟

لا ليا دعوة طبعًا مش بنت عمي وزي أختي ولا هي أتبرت مننا؟

يالهوي على خفة الدم! متبقاش تقعد مع خطيبتك كتير ها! سخرت منه نانسي ثم تركته يقف وحيدًا قبل أن يُبدي أعتراضه على سخريتها من حبيبته.

عندما عاد صالح كان جاء وقت الغناء ومن ثم فتح الهدايا لحين تقطيع قالب الكعك، بدأت ريتال بهدية نانسي والتي كانت عبارة عن ثلاثة من أوشحة الرأس باهظة الثمن ذات ذوق الرفيع، أما عن عالية وحنين فقد اشترك كلاهما في هدية واحدة والتي كانت عبارة عن برواز صور كبير مُزين بأضواء لامعة يحوي صور لريتال مع الفتاتين وبضع صور لريتال بمفردها، أما عن والدتها فلقد أخبرتها أن الهدية في المنزل ولم تُحضرها معها هنا في النهاية تبقت هديتان خاصة تليد وخاصة صالح، أعتلت الحيرة ملامح ريتال وهي تُفكر أيهما ترى أولًا...

افتحي الهدية بتاعتي الأول يا ريتال هي كده كده مميزة يعني فحتى لو جيه هدية بعدها مش هتفرق كتير يعني.

خلاص تمام، نبست بتوتر وقد نمت ابتسامة خجولة على وجهها، قامت بتفقد حقيبة الهدايا والتي كانت بداخلها عُلبة حمراء داكنة من القطيفة تحمل بداخلها سلسال فضي لكن لم يكن مُعلق به أي شيء.

دي سلسلة فضة؟ لا ومن غير لعبة كمان! سألت نانسي بتعجب ممتزج بالسخرية ليضحك صالح مستهزءًا قبل أن يقول:
شكل تليد مصروفه مكفاش بقى.

أنا قاصد أجيبها كده لأن ريتال عارفة هتعلق فيها أيه كويس. أردف بثقة تامة مع ابتسامة جانبية لعوب جعلت صالح يضم قبضته، ساد الصمت لبرهة بينما تحاول ريتال استيعاب ما يقصده تليد قبل أن تفهم غرضه، الخاتم الفضي خاصته!

إنه يريد منها أن تحتفظ به لكنه لم يتلفظ بها بشكل مباشر بل طلب منها بشكل غير مباشر أن تحتفظ به بل وترتديه على هيئة سلسال يُحيط برقبتها، نمت ابتسامة خجولة متوترة على ثغر ريتال قبل أن تشكر تليد بُلطف قائلة:
شكرًا يا تليد على الهدية الكريتي? دي، مكنش في داعي تكلف نفسك.

يا ستي ولا تكلفة ولا أي حاجة، هو أنا اشتريتلك عربية يعني؟ مع العلم إن أنا هشتريليك واحدة إن شاء الله بس مش دلوقتي. أردف تليد بنبرة جمعت بين المزاح والصدق وهو يغمز لريتال بإحدى عيناه، ضحكت هي بقليل من الخجل على الرغم من أنها لم تفهم مقصده جيدًا فلم قد يقوم زميلها في المدرسة بشراء سيارة من أجلها؟ إلا إن كان ينوي في يومٍ من الأيام أن يُصبح أكثر من ذلك.

افتحي الهدية بتاعتي بقى يا كتكوتة لما أشوف ذوقي بقى هيعجبك ولا أنتِ خلاص بقى انبهرتي بهدايا الناس التانية ومش فارق معاكي هديتي. أردف صالح بنبرة سخيفة ممازحًا ريتال التي طالعته بطرف عيناها وهي تبتسم ابتساة صغيرة دون أن تُعقب على حديثه بينما رمقه تليد بإزدراء وهو يهمس من بين أسنانه بصوتٍ أقرب إلى الهمس:
أيه يالا الكرينچ ده يالا.

لحسن الحظ أن صوت تليد لم يصل إلى أذن صالح فلا داعي لتخريب سعادة ريتال المؤقتة تلك، قرب صالح صندوق الهدية من يد ريتال لتقوم بفتحها بفضول شديد لتجد بداخلها ساعة يد باهظة الثمن نُقش بداخلها اسم ريتال باللغة الإنجليزية بالإضافة إلى أسورة لليد كُتب عليها بالإنجليزية Best friends forever أصدقاء للأبد، ابتسمت ريتال ابتسامة صغيرة حينما رأت الهدية وإن كانت لم تفهم الغرض من تلك الإسورة لكن صالح لم يتركها لحيرتها طويلًا وقام بتفسير الأمر مُردفًا:.

الحظاظة دي أنا جبت واحدة زيها لنفسي وهتبقى في إيدي أنا كمان علشان مهما بعدنا أو حصل أي حاجة تفضلي طول العمر فاكرة يا هانم أننا بيست فريندز وأخوات وقرايب وكله يعني، كمان حسيت هيبقى شكلها لطيف أوي لما تلبسيها مع الساعة.

بيست فريندز، أخوات، قرايب، وتربيزات بلياردو وبينج. سخر تليد بصوتٍ مسموع نسبيًا مستخدمًا عبارة من أحد أفلام الكوميديا التي تعتبر قديمة نسبيًا ساخرًا من عبارة صالح المبتزلة من وجهة نظره، حاولت ريتال ألا تضحك على جملة تليد لكي لا يستاء صالح لذا أخذت نفسٍ عميق قبل أن تشكر صالح على هديته بإمتنان حقيقي مُردفة:
شكرًا جدًا يا صالح بجد الهدية حلوة أوي، ربنا يخليك كلفت نفسك.

لا مفيش حاجة تغلى عليكِ أنتِ عارفة إن،.

إن غلاوتي من غلاوة عطر وإن أد أيه أنتَ شايف إن أنا مش مجرد بنت عمتك وأننا أخوات. صُعق صالح من حدة نبرتها التي أكتسبت نزعة ساخرة، ازدرد ما في فمه بقليل من الحرج لكن قد انقذه من ذلك الموقف السخيف صوت رنين هاتفه وقد كانت المتصلة متوقعة بالطبع لذا استأذن صالح منهم وذهب للتحدث في الهاتف.

جاء ريتال صوت صالح الذي يقف بعيدًا نسبيًا عنهم غاضبًا مستاءًا لكنها لم تتدخل حتى طلبت منها زينة أن تناديه لتناول الكعك لذا أقتربت منه بخطوات بطيئة ليخترق أذنها صوت سارة المستاء نظرًا لأن صالح كان يتحدث في هاتف من خلال مكبر الصوت.

أنا برضوا مش فاهمة أنتَ معزمتنيش ليه؟

تاني يا سارة تاني؟ قولتلك دي مفاجأة علشان عيد ميلاد ريتال يعني لازم كل الناس اللي تبقى هنا يكونوا ناس هي بتحبهم وقريبين منها ومرتاحة في وجودهم هي دي كل الفكرة.

وضح صالح بنبرة تُعد هادئة نسبيًا ولو أن صبره قد بدأ ينفذ لأن هذه كانت المرة الثانية أو الثالثة التي تُحدثه فيها سارة بشأن عيد مولد ريتال حيث أنها كانت تعرف بذلك الأمر منذ بداية الترتيبات، لم يروق رد صالح لها وقد زاد من غضبها لتقول بحنق شديد:
وهي ست ريتال دي مش هترتاح في وجودي ليه أنا مش فاهمة يعني.

يمكن علشان متعرفكيش؟ شافتك مرة أو اتنين بس تقريبًا؟ وحتى لما شافتك يوم قراءة الفاتحة مكنش الوضع ألطف حاجة. أوضح صالح قاصدًا نظرات سارة التي لم تروق له نحو ريتال وكذلك أنها كانت تُعاملها كطفلة لا كفتاة ناضجة أو مراهقة على الأقل، الأمر الذي أزعج ريتال كثيرًا وجعلها غير مُرتاحة في ذلك اليوم وقد لاحظ صالح ذلك واتخذ قرارًا داخليًا بألا يجمع ريتال مع سارة إلا في أضيق الحدود الممكنة.

خلاص يا صالح علشان شكلك حابب تتخانق.

لا والله شكلك أنتِ اللي طالبة معاكي خناق وأنا بصراحة معنديش طاقة فا نبقى نكمل كلامنا بعدين يا سارة. وبخها صالح بحنق شديد قبل أن يُنهي المكالمة ويزفر بضيق بينما يُعيد خصلات شعره نحو الخلف بعنف، لم ينتبه صالح لتلك الواقفة خلفه على مسافة كانت كافية لأن تسمع الحوار الذي دار بينه وبين خطيبته المُستقبلية.

ريتال، أنتِ واقفة هنا من أمتى؟

لسه جاية حالًا كنت بدور عليك، قصدي علشان يعني، ماما بتقولي هنقطع التورتة وكده، أجابت بتلعثم ليتنهد تنهيدة طويلة قبل أن يقول:
مش ملاحظة يا ريتال إنك آخر كام سنة بقيتي تتوتري أوي وأنتِ بتتكلمي معايا؟ مالك يا بنتي في أيه ده أنا صالح. تحدث صالح ببلاهة شديدة وكأنه لا يعرف السبب الحقيقي وراء ذلك، طالعته هي بهدوء شديد قبل أن تُجيب عن سؤاله بنبرة باردة لا تخلو من السخرية:.

ما أنا عارفة إنك صالح هو أنا قولت إنك أشرف يعني؟ وبعدين أنا مش متوترة ولا حاجة أنا بس لسه بحاول أستوعب المفاجأة اللي عملتوها، بجد أنا عمري ما توقعت إن حد يعملي حاجة زي كده.

أنتِ تستحقي كل حاجة حلوة في الدنيا دي بس المشكلة إنك مش مصدقة ده ودايمًا شايفة إنك أقل من اللي حواليكِ ومتستحقيش الحب والتقدير والإهتمام وصدقيني ده مش صح خالص، لو في حد في الدنيا يستاهل يتحب هو أنتِ وصدقيني أو لما تصدقي ده من جواكي هتشوفي الحب في عين كل اللي حواليكِ.

أفصح صالح عما يجول في خاطره لتأخذ هي نفسٍ عميق في محاولة منها لتنظيم أنفاسها وضربات قلبها التي اضطربت من حلاوة حديثه، شعرت ريتال بأن وجهها يكاد يشتعل من فرط الحرارة وقد كانت تعلم بأن الحمرة قد كست وجهها بكل تأكيد.

ابتسم هو ابتسامته التي تسحرها وقد كان ينتظر منها أن تُعلق على حديثه بكلامٍ لا يخلو من المشاعر والتأثر لكنها فعلت عكس ذلك تمامًا فلقد تغير كل شيء الآن بعد أن أصبح صالح في علاقة رسمية مع سارة لذا لا مجال للغزل أو المشاعر هنا، تنهدت ريتال تنهيدة طويلة قبل أن تنبس بهدوء:
شكرًا.

بس كده؟ ده ردك يعني على كل الكلام اللي أنا قولته؟ شكرًا؟ سأل بقليل من الدهشة لتطالعه هي بإبتسامة باردة قبل أن تسأل مستنكرة:
كنت منتظر مني أيه طيب؟ أعيط من كتر التأثر ولا أيه المطلوب؟

ومالك مستنكرة الموضوع ليه ما أنتِ بتعيطي طول الوقت عادي يعني أيه الجديد؟ عقب صالح على جملتها بمزاح سخيف دون أن ينتبه لكون جملته جارحة إلا حينما رأى تعابير وجه ريتال التي تبدلت على الفور ليعتذر منها سريعًا مُردفًا:
أنا أسف أنا أسف، أيه اللي أنا بقوله ده؟ مكنش قصدي بجد!

ولا يهمك يا صالح عادي محصلش حاجة، بعد إذنك أنا هروح أشوف ماما وصحابي. تحدثت ببرود تام وهي تحاول جاهدة ألا تسمح لعيناها بأن تدمع فهي لن تدع جملة سخيفة كتلك تُفسد مثل هذا اليوم الرائع لذا توجهت إلى الخارج وجلست إلى جانب أصدقاء المدرسة خاصتها.

مالك يا تليد قالب وشك ليه كده؟ سألت ريتال حينما رأت الإستياء باديًا على وجهه لتقترب عالية منها وتهمس في أذنها:.

أصله متضايق علشان قومتِ ورا صالح وسبتيه قصدي سبتينا يعني وقومتِ. فسرت لها عالية الأمر لتتنهد ريتال بحيرة فهي لا تدري لما كلما تحدثت إلى صالح أو ذكرت شيء عنه تنقلب أحوال تليد تمامًا، ربما كان هناك جزء ضئيل بداخلها يعلم الإجابة عن هذا السؤال لكنها كانت تحاول تجاهله تمامًا فهي لديها ما يكفي من المشاكل والهموم في الوقت الحالي ولا حاجة لها بالمزيد.

تليد تاكل شيكولاتة ولا كريمة؟ سألت زينة تليد لتقطع تفكير ريتال العميق ليبتسم تليد بلطف قبل أن يقول بأدب شديد في بداية حديثه:
أي حاجة من إيد حضرتك حلوة يا طنط، وبعدين حلويات أيه بقى والحلويات كلها قاعدة قدامي. ختم جملته بغزل رخيص بصوتٍ بالكاد مسموع كي لا تسبه ريتال أو تقوم عالية بطرده من المكان.

وأنتِ يا حنين تاخدي أيه؟

أي حاجة يا طنط والله أنا عايزة أنام جدًا حاليًا فمش هلاحظ فرق في الطعم حتى لو أكلتوني مخلل بدل التورتة. تمتم حنين بجدية تامة لينفجر الجميع ضاحكين وتكتفي هي بالإبتسام، خيمت تلك الأجواء المرحة على المكان وقد كانت تتعمد ريتال تجاهل صالح ما تبقى من الوقت بينما كان هناك عدم تناغم واضح بين صالح وتليد وبين تليد ونانسي لكن ذلك لم يمنع ريتال من الإستمتاع بوقتها.

في نهاية السهرة حينما بدأ البعض يرحلون جاءت مريم مكالمة عمل هامة، تعجب كلًا من زينة وريتال فالوقت يُعتبر متأخرًا قليلًا على مكالمات العمل، على أي حال أجابت مريم على الهاتف وأختفت عنهم لبضعة دقائق قبل أن تعود وقد نمت ابتسامة كبيرة على وجهها وهي تُردف:
زينة أنا عندي ليكي خبر حلو أوي، الجلسة بتاعتك أتحددت كمان أسبوعين!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة