قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث

لم تمتلك ريتال الجرأة على سؤال نانسي بطريقة مباشرة إن كانت هي صاحبة الرسالة أم لا، ففي حالة إن كانت هي المرسلة لم تكن لتعترف بذلك فإن كان عندها الرغبة أو القدرة على إظهار هويتها ما كانت لتبعث بالرسالة من هاتف آخر وحتى وإن اعترفت بذلك ماذا بعد؟ ريتال لن تقدر على مواجهتها وأخذ ردة فعل قوية إذًا لا يوجد أي فارق...

صعدت ريتال إلى الطابق الثالث حيث تقطن هي ووالدتها، دلفت إلى الداخل لتجد والدتها تجلس منهكة على الأريكة لتُلقي ريتال بحقيبتها على الأرض بإهمال ثم ذهبت لتجلس جانب والدتها والتي كانت ريتال تعلم بالفعل لم يبدو عليها الإرهاق، ببساطة لقد كان اليوم هو دورها في إعداد الطعام للجميع.
عملالنا أيه عالغداء يا ست الكل؟

فراخ مشوية ورز بسمتي وسلطات.
الله تسلم ايديك من قبل ما ادوق.

حبيبتي يا ريري المهم بس الأكل يعجب ماما بثينة والبنات. تمتمت والدتها مع ابتسامة صغيرة تنم عن إرهاق وحزن، طبعت ريتال قبلة صغيرة على جبين والدتها قبل أن تُردف: إن شاء الله هيعجبهم، بس أيه موضوع البنات ده؟ هو صالح مش هيتغدى معانا النهاردة؟

لا، قابلته الصبح كان متأخر عالمحاضرة وقالي أنه عنده سكاشن لحد بليل وهيخلص ويبات عند واحد صاحبه النهاردة وهيعدي عالبيت الصبح بدري يغير هدومه وبعدين يروح الكلية وعمك هيتغدى في الشغل زي كل يوم.
طيب،.

طب ومالك بتقولي طيب وأنتِ زعلانة كده؟ سألت والدتها بنبرة تنم عن معرفتها للإجابة مُسبقًا، اضطربت معالم ريتال قليلًا قبل أن تُجيب على والدتها بالنفي قائلة: لا مش زعلانة ولا حاجه أنا بس مرهقة يعني، وبعدين هو عمو أحمد سايبه يبات برا البيت عادي كده يعني؟

اه عادي، ثواني بس، أنتِ شاغله نفسك بيه ليه؟ مش ملاحظة إنك الفترة الأخيرة مركزة في أخبار صالح شويتين تلاتة كده؟
لا لا، يعني اه، أصله عادي يعني يا ماما ما هو قريبي وزي أخويا فيها حاجة لما اسأل عنه؟

كذبت ريتال على والدتها بنبرة كان من الواضح أنها مزيفة لتضحك والدتها لثوانٍ قبل أن تقول بنبرة ممازحة بينما تقوم بضرب ريتال في كتفها بخفة وهي تُتمتم: أنتِ شكلك فكراني عبيطة أو فكراني معدتش عالسن اللي أنتِ فيه ده مش كده؟

لا طبعًا يا ماما مش قصدي، بس يعني هو أنتِ كنتِ بتحبي قريبك وأنتِ في سني؟
سألت ريتال بإهتمام شديد لدرجة أنها تفوهت بجملة ساذجة تفضح طبيعة مشاعرها نحو صالح أو بمعنى أصح ما هو متوقع أن تؤول إليه بعد مدة ليست بطويلة، ابتسمت والدتها ابتسامة خبيثة قبل أن تسألها بمراوغة:
أيه ده هو أنتِ بتحبي قريبك؟

لا أنا مش بحبه طبعًا، لا بحبه، يعني زي أخويا قصدي، أنا بتكلم يعني من وجهة نظرك عشان أنتِ فاكرة إني بحب صالح وكده.

أجابت ريتال بتلعثم شديد وهي تشعر بنبضات قلبها تتسارع بينما أشتعلت وجنتيها، ابتسمت والدتها ثم أطلقت تنهيدة طويلة قبل أن تُردف: بصي يا ريتال يا حبيبتي هي كلمة حب دي كلمة كبيرة أوي ومعناها عميق، وعمتًا اللي أنتِ بتمرِ بيه هو إعجاب أو إنجاذب بتاع فترة المراهقة لكن الحب حاجة تانية خالص،.

أجابت والدة ريتال بنبرة جادة وهي تحاول إنقاذ ابنتها من الوقوع في فخ من فخوخ المراهقة وإن كانت على ثقة تامة أن ذلك سيحدث بنسبة كبيرة وأن حديثها لن يقوم بإقناع ريتال بنسبة مئة بالمئة أن تلك المشاعر ما هي إلا مشاعر غير حقيقية مجرد إنجذاب طبيعي للجنس الآخر في مثل هذا العمر وشتان بين هذه المشاعر والمشاعر الحقيقية بين الأشخاص الناضجيين الواعيين!

استمعت ريتال إلى حديث والدتها بإهتمام وإن كانت إمارات الإحباط والضيق قد بدت على وجهها، بينما في داخلها لم تقتنع تمامًا بحديث والدتها.

فلقد رأت ريتال العديد من النماذج لأشخاص وقعوا في الحب في مرحلة المراهقة واستمر ذلك الحب حتى انتهى بهم داخل عش الزوجية ولكن عند تلك النقطة تنتهي معرفة ريتال، حيث أنها لم تكن تدرِ إن كانت علاقتهم من بعد ذلك تسير بمنحنى جيد أم أنهم أدركوا في النهاية أن ذلك العش الذي تم بناءه كان أساسه مشاعر حبٍ هشه!

عالعموم وأنا في سنك، يعني كنت معجبة بشخص، ابن الجيران من الآخر، وفي نفس الوقت كان ابن خالتي كان بيحبني وعايز يتقدملي، كان انسان كويس جدًا وكان عنده استعداد يضحي بالدنيا عشاني وجو الأفلام ده.

طب وأيه اللي حصل؟ سألت ريتال بحماس شديد وكأنها تستمع إلى أسطورة من عالمٍ آخر، ابتسمت والدتها ابتسامة لم تبدو مريحة كثيرًا بالنسبة إلى ريتال قبل أن تتابع مُردفة: أنا وقتها كنت صغيرة أوي وكنت منجرفة وراء مشاعري وجو حب الولد اللي من نفس الحتة وكده ورفضت ابن خالتي واتجوزت ابن الجيران.

يعني أنتِ وبابا كنتوا جيران! أنا أول مرة أعرف المعلومة دي! نبست ريتال بدهشة شديدة وقد شعرت بمدى حماقتها أنها لم تهتم من قبل أن تعرف كيف تمت زيجة والدها ووالدتها.
أديكي عرفتي ياستي بس متقوليش قدام جدتك الحكاية دي، هي مش حابة أنك تعرفي.

اشمعنا يعني؟
عشان كانت شايفة إنها قلة أدب مني أنا وباباكي أننا نحب بعض بالرغم من أننا يعني مكناش بنخرج لوحدنا من ورا أهلنا ولا بنتكلم في التليفون مثلًا، وقت لما أنا كنت في المدرسة زيك كده مكنش كل الناس معاها تليفونات أصلًا لأنها كانت غالية جدًا ومش منتشرة للدرجة.

أومال حبيتوا بعض ازاي بقى إن شاء الله؟

كنت بشوفه في الشباك وكان بيقعد يبصلي، مثلًا لو ركبنا صدفة نفس الأتوبيس يدفعلي، كانت مدرسته قريبة من مدرستي فكان بيقف قريب من الباب لحد لما اخرج وبعدين يروح في اتجاه البيت كأنه بيوصلني يعني عشان يتطمن عليا.

جو أفلام الأبيض وأسود يعني، طب وفي الآخر اتجوزتي وأنتِ عندك كام سنة؟

كان عندي 17 سنة.

يا خبر أبيض يا ماما! هو مش ده جواز قاصرات ولا أيه؟ ازاي جدو وتيتا الله يرحمها وافقوا على حاجة زي كده؟

صاحت ريتال بإندفاع شديد لتتنهد والدة ريتال بضيق وهي تشعر بالندم لأنها قامت بإخبار ريتال بقصتها هي ووالدها، ساد الصمت لبرهة قبل أن تُجيب زينة على ابنتها بتملل مُردفة:
زمان كان في ناس كتير بتتجوز بدري كانت حاجة عادية يعني وقتها مش كارثة بغض النظر إن جدك كان معترض في الأول بس بعدين وافق.

يا ماما متحسسنيش إنك من القرن ال 19 يعني أنتِ مش كبيرة للدرجة!

مش كبيرة للدرجة بس الجيل بتاعي ظروفه وتفكيره وحياته غير الجيل بتاعك أكيد!

خلاص يا ماما ما علينا، صحيح هو أنتِ عرفتي توصلي لبابا النهاردة؟

لا، كل لما بكلمه يا إما بيكنسل عليا يا إما بيديني مشغول معرفش في أيه، أجابت زينة بقلة حيلة وضيق شديد لتُعجب ريتال على حديثها قائلة:
أنا قلقانة عليه أوي.

متقلقيش تلاقيه بيكلم صحابه أو مشغول في شغله ربنا يكون في عونه.

ايوا يا ماما بس هو مش بابا شغله الصبح وأحنا بليل؟ المفروض يكون في السكن أو يمكن خرج يسهر مع صحابه بقى،.

زاد حديث ريتال من اضطراب والدتها دون أن تدري، فلقد شعرت زينة مؤخرًا بإبتعاد زوجها عنها وعن اجتنابه التحدث إليها ومهاتفتها كما كان يفعل في السابق وأصبح يستغل عمله كحجة مقنعة للإختفاء وتجاهل الرسائل والمكالمات خاصتها...

بقولك يا ماما صحيح، عيدميلاد تيتا هيبقى يوم الجمعة الجاية وعمو بيقول أننا هنخرج نتعشى مع بعض يومها.

اه صحيح، خلاص نشوف هنجبلها أيه هدية وأكيد باباكي برضوا هيبعت هدية أو فلوس ليها.

يرد هو علينا بس الأول يا ماما وبعدين نسأله،.

على رأيك، يلا غيري هدومك عشان ننزل نتغدى وأقلعي الطرحة مفيش حد غريب.

أومئت ريتال بهدوء بينما تستقيم من مقعدها وتتجه نحو غرفتها وسرعان ما تنزع الوشاح وبينما تُطالع إنعكاسها في المرآة لمحت كيف أن خصلات شعرها قد تموجت وتبعثرت بفعل الرطوبة ومن المؤكد أنها إذا توجهت إلى الأسفل بتلك الهيئة فستلقى الكثير من السخرية لكون شعرها يبدو على تلك الهيئة لذا في النهاية قررت أن ترتدي وشاح رأسها مجددًا غير مبالية بحديث والدتها.

في صباح اليوم التالي استيقظت ريتال بكسل شديد على نغمات المنبه خاصتها والذي قامت بجعله على وضع الغفوة عدة مرات دون أن تدري وبمجرد أن استطاعت أخيرًا فتح عيناها والنظر إلى الساعة صدرت منها شهقة عالية وهي تهرول إلى دورة المياه حاملة معها ثياب المدرسة خاصتها.

كانت الساعة قد اقترب من الثامنة إلا ربع ولم تذهب ريتال بعد إلى المدرسة وبالفعل كانت الحافلة قد رحلت منذ وقتٍ طويل ولم تهتم نانسي أو عمتها أو أي شخص أن يسأل عن سبب غيابها على وجبة الفطور وعدم ظهورها أيضًا وقت مجيء الحافلة!

المُريب في الأمر هو عدم استيقاظ والدتها باكرًا ككل يوم ولم تهتم كذلك بضبط المنبه خاصتها لتوقظ ريتال أو هكذا كانت تظن ريتال لكن لم يكن هناك الكثير من الوقت للتفكير والتحقيق في سبب نوم والدتها لوقتٍ متأخر اليوم.

كانت تسب ريتال نفسها داخليًا وهي تهرول إلى الطابق السفلي بينما تحمل حقيبتها الغير مغلقة تمامًا أما عن مظهرها فكان مبعثرًا وكأنها قد نجت من عراك مع وحوش أسطورية، لم يكن هناك وقتٍ كافي كي تقوم بكي الثياب ولا وقت كافي لقضاء ما يقرب من الخمسة عشرة دقيقة التي تستنفذها يوميًا في إعادة ضبط وشاح رأسها.

في النهاية لم تهتم بكيف يبدو مظهرها كما لم تهتم بعقد رباط حذائها بشكل جيد لتدعس أحدى قدميها على رباط حذاء القدم الآخرى فتتعثر هي بقوة وتتخطى بضع سلالم حتى كانت على وشك أن تعانق البلاط البارد لولا أن إلتقطتها يد قوية ليغمرها على الفور رائحة عطر ثقيل ممزوج بصوت قهقه قادرًا على أن يُذيب الثلوج!

خدي بالك! على طول مستعجلة كده يا ريتال؟

سأل صالح من وسط ضحكاته وهو يطالع أعين ريتال السوداء اللامعة لينتفض جسدها بقوة وهي تبتعد عنه على الفور وقد كست الحمرة وجهها وقد تسارعت نبضات قلبها حتى باتت تشك بأن صالح يمكنه سماعها عن بعد، أشاحت بنظرها بعيدًا عنه وهي تقول بتلعثم وبنبرة لا تخلو من الخجل:
أنا أسفة، أنا أسفة جدًا بجد، حقك عليا،.

نبست وهي تحاول أن تسير مبتعدة عنه ليتحرك بخطوات سريعة بحيث يقف أمامها مجددًا وهو يُردف الآتي بنبرة هادئة:
استني بس رايحة فين؟ محصلش حاجة عادي يا بنتي مالك مخضوصة كده ليه؟

أنا أصلي اتأخرت أوي عالمدرسة، كده هطرد من أول حصة طبعًا لو عمتو وافقت تدخلني أصلًا، أجابته ريتال بتلعثم وبكلمات متقطعة ليُطالعها هو بهدوء قبل أن يعرض عليها الآتي:
طيب خلاص اهدي، تعالي أوصلك في طريقي.

لا لا شكرًا أنا هاخد أي تاكسي.

تاكسي أيه بس تعالي معايا، لو قلقانة طنط زينة تضايق متقلقيش أنا هقولها وبعدين أنا أخوكي الكبير يعني مفيش حاجة وأساسًا مينفعش تركبي تاكسي لوحدك!

بس أنا، مش هينفع اركب ال race! عقبت بتلعثم لأنها بالطبع لن توافق على ركوب دراجته النارية، قهقه هو لثوانٍ قبل أن يقول:
لا متقلقيش أنا واخد مفاتيح العربية النهاردة.

تمام،.

طب يلا ولا أيه عايزة تتأخري أكتر؟ سألها بمراوغة وهو يبتسم لتبتسم له ابتسامة صغيرة متوترة على سبيل المجاملة قبل أن تنبس:
لا لا يلا أكيد،.

كانت تسير بأقدام مرتجفة فعقلها مايزال يحاول استيعاب ما حدث قبل قليل والآن ها هي ذا تدلف إلى داخل سيارته لتجلس إلى جانبه، تثق تمامًا أن ما يحدث الآن يعد خطأ وتعلم أن والدتها ستغضب منها لأنها لم توقظها، لأنها تأخرت ولأنها في نهاية الأمر ذهبت لركوب سيارة صالح وحدهما، لكن ليس بيدها حيلة أو هكذا كانت تعتقد!

كانت رائحة عطر صالح تغزو السيارة حتى كادت تختنق ريتال ذات الأنف الحساس، سعلت بقوة فور ركوبها السيارة ليقوم صالح بفتح النوافذ ومن ثم قام بوضع حزام الأمان خاصته قبل أن يتمتم:
حطي الحزام وقولي الشهادتين!

أيه؟

يلا بسرعة مفيش وقت! صاح في وجهها لتفعل ما قاله بتوتر شديد وبينما كانت تنطق بالشهادتين انطلق صالح بسرعة رهيبة بعد أن قام بوضع الموقع الجغرافي للمدرسة على جهاز الملاحة GPS.

كانت ريتال تحاول جاهدة كتم صرخاتها وشهقاتها أثناء قيادة صالح، هي لم تعلم قط أنه بهذا التهور لا عجب أن والده يرفض إعطاءه السيارة في معظم الأوقات لقد كان محقًا!

أنتِ كويسة؟ خلاص قدامنا دقيقتين أهو.

لا، معدتي قلبت، لو لاقيت صيدلية قدامك اقف عندها بسرعة!

صاحت ريتال وهي تضع يدها بالقرب من فمها كدلالة على شعورها بالغثيان ليدير صالح وجهه عن الطريق وهي ينظر إليها ليتأكد أنها بخير بينما يُردف معتذرًا عن سوء قيادته:
أنا أسف بجد أنا بس كنت عايز ننجز مش أكتر.

صالح أبوس إيدك بص قدامك هنموت قبل حتى ما ألحق أسامحك!

أسف، أسف. اعتذر مجددًا وهو يقهقه بقوة بينما عاود النظر أمامه كي لا يتسبب في حدوث حادث على الأقل وليست ريتال برفقته!

شكرًا يا صالح فكرني مركبش معاك تاني! تمتمت ريتال وهي تغادر السيارة بمجرد أن توقفت أمام مدخل المدرسة ولم تكن تعلم في تلك الأثناء أن نانسي قد رأتها من شرفة الصف خاصتها.

هرولت ريتال نحو الداخل دون أن تودع صالح أو تلوح له فلم يكن هناك متسع من الوقت، كما أنها كانت ما تزال محرجة وبشدة من كم الأحداث المتلاحقة التي مرت بها برفقته!

أيه التأخير ده كله؟ الطابور خلص من ربع ساعة، اطلعي للمديرة قبل ما تدخلي فصلك يلا خلصي!

صاحت أحدى المشرفات في وجه ريتال لترمش لثوانٍ بصدمة وإحراج قبل أن تؤمي بإستياء ثم تصعد نحو الطابق الأول حيث يقع المكتب الخاص بالإدارة أو بمعنى أدق بعمتها والدة نانسي.

صعدت ريتال بخطوات ثقيلة وهي تتوقع كم التوبيخ الذي ستحصل عليه وإن كانت بداخلها تأمل ألا تعاملها عمتها بتعسف شديد، اقتربت ريتال بخطى بطيء وبقلق، طرقت الباب بهدوء وهي تفتح فمها محاولة البحث عن كلمات مناسبة مُردفة:
أنا،.

قاطعتها عمتها بنبرة جافة وهي تصيح بينما تصفع المكتب بيدها لتحتقن الدماء في وجه ريتال وهي تسمع الكلمات التالية:
أنتِ لسه هتتكلمي؟ اقفِ يا ماما على باب المكتب لحد لما جرس الحصة الأولى يضرب وبعدين تطلعي على فصلك ولو اتكررت هجيب ولي أمرك.

بعد بضع دقائق جاء ثلاثة لينضموا إلى ريتال في فقرة العقاب، اثنان من الفتيان وفتاة واحدة ولسبب ما لم يتلقوا التوبيخ ذاته الذي تلقته ريتال!

أيه ده وأنا اللي افتكرتك ملتزمة بقى وشاطرة وكده ما أنتِ حلوة وبتتذنبي زينا أهو!

صدرت هذه الجملة من تليد الذي ظهر من اللامكان لتشهق ريتال وهي تنتفض من موضعها قبل أن تُبسمل بصوت أقرب إلى الهمس، كانت تنتظر منه أن يسخر منها لكنه لم يفعل بل أعتذر قائلًا:
أسف مكنش قصدي أخضك، المهم متذنبة ليه؟ ميكب أب لا أنتِ مش وش ميك أب، ولا كنتِ بتتكلمي في الطابور؟ لا برضوا،.

اتأخرت، اتأخرت يا، أيًا كان اسمك مش فاكرة، ممكن بقى تبعد عشان محدش يزعقلي تاني بعد إذنك؟ تحدثت بضيق شديد وأنهت جملتها بطلبها بأن يبتعد عنها بأدب وهدوء.

هو أنتِ بتعامليني معاملة الممنوعات ليه يا بنتي؟ حد قالك عني إني Serial killer قاتل متسلسل ولا حاجة؟ سأل تليد ساخرًا وقد كانت جملته مُضحكة ولكن لم تكن ريتال في مزاج للضحك.

هو أنت معندكش حصص؟ مش المفروض تكون فوق دلوقتي يعني؟

يااه خايفة عليا من العقاب للدرجة دي؟

سأل تليد بمبرة درامية مُبتزلة وهو ينظر إلى داخل أعين ريتال مباشرةً لتضطرب هي على الفور وتُردف بتلعثم واندفاع غير مدركة لما تقوله:
أيه ده لا ما تولع أنا مالي أنا بس مش عايزه اتهزق تاني، كفاية اللي عمال يحصل معايا من أول ما اليوم بدأ!

ما تولع؟ كرر تليد ما قالته بمزيج من الدهشة وبعض الحرج لتتوتر هي أكثر ومن ثم تعتذر منه على الفور بنبرة أشبه بالنحيب مُردفة:
لا مش قصدي، أنا أسفة، بس أنا متوترة أوي ودي أول مرة اتذنب فيها في المدرسة والميس زعقتلي ومش حابة حد يزعقلي تاني.

أنا بهزر معاكي على فكرة مفيش داعي تتأسفي ولا حاجة، عالعموم أنا هفضل واقف هنا ومش همشي، اعتبري إن أنا كمان متذنب.

تمتم بنبرة في البداية كانت تبدو هادئة ولطيفة إلى حدٍ ما قبل أن تنقلب إلى نبرته المراوغة مجددًا لتتنهد ريتال بقلة حيلة قبل أن تبتعد بضع خطوات بحيث تقف بعيدة عنه.

بعد أن صدح الجرس مُعلنًا عن انتهاء الحصة الأولى لتأتى أحدى المشرفات لتخبرهم بأنهم يستطيعون الصعود إلى صفوفهم بالطبع بعد أن قامت بتوبيخهم مجددًا وتحذيرهم من التأخر مرة آخرى كي لا تزداد العقوبة.

صعدت ريتال السلم بخطوات بطيئة وهي تشعر بثقل وكأنها تحمل مبنى المدرسة كاملًا على عتقيها، كانت تحاول جاهدة منع نفسها في التفكير فيما حدث قبل قليل كي لا تبكي كالأطفال...

استطاعت بالفعل أن تنجح في ذلك ولكن بمجرد أن لمحت حنين وعالية في منتصف الصف هرولت نحوهم لتجهش في البكاء غير مبالية بمن حولها وأين تكون، ضمتها حنين سريعًا بينما وقفت عالية بالقرب منهم كي لا ينتبه من في الصف لما يحدث كي لا يقوم أحدهم بإصدار أي تعليق سخيف.

أهدي بس واقعدي كده احكيلنا أيه اللي حصل.

تمتمت عالية بلطف لتوميء ريتال وهي تكفكف دموعها بينما تحاول تنظيم أنفاسها وبعد أن نجحت في ذلك بدأت في سرد ما حدث بالتفصيل الملل للجالستين أمامها ولحسن الحظ قد تأخرت المعلمة فكان هناك وقتٍ كافي للثرثرة.

يعني أنتِ دلوقتي بتعيطِ ليه؟ عشان الموقف محرج ولا عشان وقعتي على صالح ولا عشان اتهزقتي من المديرة ولا عشان تليد لازق فيكي زي القرادة؟ سألت عالية بنبرة درامية أشبه بنبرة المُحققين وهي تحك ذقنها بإصبعيها الإبهام والسبابة لتزفر ريتال بضيق قبل أن تُردف:
تاني يا عالية؟ قولتلك كله!

طيب أنا هقول وجهة نظري اللي محدش طلبها أصلًا، أنا أظن، أظن يعني إن أكتر حاجة ضايقت ريتال هي إن صالح لمسها، طبعًا هو مكنش قصده ولا هي كان قصدها والموقف الحقير ده كله كان مجرد صدفة عبثية بس هي برضوا مازالت متضايقة من الفكرة نفسها.

تمتمت حنين بنبرة صوتها الهادئة الرزينة مُفصحة عن وجهة نظرها والتي كانت قريبة تمامًا للمشاعر والأفكار التي عصفت بريتال في ذلك الوقت، فهي تشعر بالحرج والضيق بشأن ما حدث مع صالح أكثر من أي شيء آخر...

الله أكبر عليكي يا حنين! أهي جابت الخلاصة، وبعدين، أنا محرجة أوي من اللي حصل أوريله وشي ازاي النهاردة عالغداء بعد ما وقعت في حضنه الصبح!

قالت ريتال وهي تسب نفسها داخليًا بينما اضطربت معالم وجهها طالعتها عالية بإبتسامة جانبية ساخرة بينما تفوهت ممازحة إياها قائلة:
ولا أي حاجة هتضطري تطلبي منه يصلح غلطته طبعًا ويتجوزك!

أيه الهبل ده صالح أخويا الكبير وبس! نبست ريتال دفعة واحدة وبسرعة شديدة وهي تُغلق عيناها بعدها كونها قد توقعت ردة فعل عالية وحنين على جملتها الغير حقيقية تلك!

نعم يا أختي؟

صاح الإثنتين في الوقت ذاته لتنتفض ريتال في رعب وهي تُدرك جيدًا مدى حماقة ما تفوهت به فهي واثقة تمام الثقة بأن مشاعرها تجاه صالح لا تمت بِصلة لمشاعر الأخوة وإن كانت لا تستطيع تحديد ماهية مشاعرها إلا أنها قد تجاوزت الأخوة منذ زمن وربما لم تكن كذلك من الأصل!

بقولكوا أيه نانسي داخلة قفلوا عالموضوع ده!

يا حفيظ يارب هو أنتِ ونانسي دي صحاب؟ سألت حنين وهو تُطالع نانسي بطرف عيناها لتُجيبها ريتال بنبرة أقرب إلى الهمس مُردفة:
لا، أحنا قرايب للأسف، بس هي مش بتحب حد يعرف الموضوع ده،.

وده ليه إن شاء الله؟

تقريبًا بتستعر مني أو حاجة.

مين اللي المفروض يستعر من مين بالذمة؟

سألت عالية بإستنكار وبمجرد أن تفوهت بجملتها سرعان ما دعست ريتال على قدمها بخفة كي تجعلها تصمت بسبب اقتراب نانسي من مجلسهم والتي كانت تسير بخطوات بطيئة واثقة قبل أن تُردف بتعجرف شديد:
أنتِ يا بتاعة أنتِ تعالي عايزاكِ!

أيه بتاعة دي على فكرة هي ليها اسم!

ممكن متدخليش أنتِ يا عالية أنا بحبك ومش عايزه نزعل من بعض!

لم تُعلق حنين على ما يدور بل أكتفت بمطالعة نانسي بإحتقار حيث أن حنين لطالما كانت تكره التواجد برفقة نانسي في مكانٍ واحد ولكن لم يكن عندها ما يكفي من الطاقة للشجار مع أمثال نانسي فهي تعلم أنه لا فائدة من ذلك على أي حال.

خلاص يا عالية أنا هقوم أشوفها عايزة أيه.

نعم يا نانسي اتفضلي. قالت ريتال بهدوء بمجرد ابتعادها عن حنين وعالية، طالعتها نانسي بإحتقار لثوانٍ قبل أن تجذب ذراعها بقليل من العنف وهي تسألها عن الآتي من بين أسنانها:
هو مش أنا قولتلك تبعدي عن تليد؟

ابعد عن تليد ولا صالح؟

الإتنين.

ما شاء الله، عالعموم أنا قولتها مية مرة قبل كده وهقولك تاني صالح ده زي أخويا وأحنا قرايب وبس وبما إننا قرايب وساكنين كلنا في بيت واحد طبيعي أننا نبقى بنتكلم، أما عن تامر ده فهو اللي بيجي يكلمني وصدقيني أنا مش مبسوطة بحاجة زي دي أصلًا!

عقبت ريتال على ما قالته نانسي بإستياء شديد إن كانت قد حافظت على نبرتها الهادئة محاولة تجنب المزيد من الجدل، كان الحوار يسير بشكل جدي تمامًا حتى اخطأت في اسم تليد ليظهر هو من اللامكان مقاطعًا حديثهم وهو يُردف بغضب طفولي:
تامر مين؟ أنا اسمي تليد!

بسم الله الرحمن الرحيم! أنتَ بتطلع منين؟

من أي حته بيتقال فيها اسمي! تمتم تليد وهو يغمز بأحد عينيه لتقلب ريتال عيناها بتملل قبل أن تُردف الآتي بأدب:
طيب عن إذنكوا بقى عشان أروح أكل قبل ما البريك يخلص.

روحي كلي على الله بس يبان عليكي في الآخر بدل ما أنتِ شكلك كأنك عيلة في ابتدائي كده.

علقت نانسي ساخرة من جسد ريتال الهزيل وقامتها القصيرة فلقد كانت بالفعل تبدو أصغر عمرًا لكن لم يكن الأمر محط سخرية، على أي حال لم يكن ذلك بإختيار ريتال بل لا يمكن لأحد أن يختار هيئته التي خُلق بها ولم يكن مظهر ريتال يسبب لها الحرج أو الضيق إلا حينما دلفت من بوابة المراهقة حيث بدأ الإختلاف يزحف إلى هيئة وجسد الجميع زحفًا عدا ريتال التي مازالت تبدو كما كانت قبل أربعة سنوات تقريبًا أي حينما كانت في الثالثة عشرة من عمرها.

ابتعدت ريتال بضيق شديد عنهما دون أن تنبس ببنت شفة فلا يوجد ردًا عندها على ما قالته نانسي بل كانت الصدمة تسيطر عليها فلم تتصور قط أن نانسي قد تتفوه بعبارة مُهينة كتلك أمام شخصًا مجهول بالنسبة إليها وبشكل خاص شخصًا مثل تليد!

مر اليوم سريعًا وعادت ريتال إلى المنزل وهي تدعو بداخلها ألا تصادف صالح اليوم فما حدث في الصباح الباكر يكفي كما أن يومها بشكل عام كان سيء فلا داعي للمزيد من الحرج في نهايته...

دلفت ريتال إلى داخل المنزل بهدوء وهي تتجه إلى الجزء الخاص بجدتها كي تقوم بإلقاء التحية عليها سريعًا خوفًا من أن يكون صالح جالسًا بالداخل فهي لا تملك الطاقة الكافية لمواجهته بعد ما حدث في الصباح أثناء ذاهبها المدرسة.

ولحسن الحظ ذلك لم يحدث أو هكذا كانت تظن، فبمجرد أن اتجهت نحو السُلم وكانت تخطو خطوتها الأولى مر من جانبها صالح الذي ظهر من اللامكان وهو يسير بسرعة البرق متجهًا نحو الخارج ويتبعه عمها أي والد صالح المستشيط غضبًا بينما يصيح:
أنتَ يا بني آدم أنتَ! أنا مش بتكلم معاك؟

خلاص يا بابا الكلام خلص.

ادخل يا صالح نتكلم فوق زي الناس الكبيرة العاقلة بدل ما أجي امسخرك قدام الناس كلها!

لم يهتم صالح بما يقوله والده بل ابتسم ابتسامة جانبية ساخرة قبل أن تختفي ملامحه أسفل الخوذة خاصته بينما يقوم بالإستعداد للإنطلاق بالدراجة النارية خاصته متسببًا في صدور ضجيج مع تصاعد طفيف لبعض الأدخنة قبل أن ينطلق مُسرعًا ليختفي عن ناظري ريتال...

عيل قليل الأدب مش متربي! وأنتِ واقفة عندك بتتفرجي على أيه ادخلي على جوا يلا!

صاح والد صالح المدعو بأحمد ولقد كانت تظن ريتال أنه يوبخها هي لأنها وقفت في جمود تراقب ما يحدث ولكنها كانت مخطئة فلم يكن يتحدث إليها هي بل إلى الصغيرة ذات الأعين الدامعة، عطر!

والتي وقفت تستند إلى أحد الأركان وهي تشاهد الشجار الذي يحدث بين شقيقها الأكبر ووالدها ولم تستطع أن تفهم سبب المشكلة فلقد كان ما يُقال معقد إلى درجة كبيرة كي يستطيع عقلها ترجمته ولكن لسبب ما كانت تشعر بأنها سبب المشكلة الدائرة بينهم والآن قد تعرضت للتوبيخ بلا سبب مما جعل تلك الفكرة تستقر داخل عقلها البرئ الصغير...

تعالي يا توتو. نبست ريتال وهي تضم الصغيرة إلى عنقها بحنان بينما أخفت عطر وجهها في كتف ريتال على الفور والتي كانت قد جثت على ركبتيها كي تكون في مستوى الصغيرة.

في أيه يا ريتال؟ مين اللي بيزعق كده؟ سألت والدة ريتال التي جاءت من الطابق العلوي مهرولة بحثًا عن سبب الضجيج، كادت ريتال أن تُجيبها لكن سبقها صوت عمها وهو يُجيب بحنق:
ده أنا اللي بزعق يا مرات أخويا، في اعتراض؟

لا مفيش اعتراض ولا حاجة أنا بس بتطمن في أيه؟ حصل مشكلة طيب ولا أيه؟ مالك يا توتو؟

لا إله إلا الله، هنقعد نرغي سنة بقى، ولادي وبزعقلهم عشان اربيهم أنا حر. صاح والد صالح بحنق وهو يتأفف لتشعر والدة ريتال بالإستياء الشديد لما قال فتعقب على حديثه متحدثة بنبرة غاضبة وإن كانت لم ترفع صوتها مُردفة:
لا مش حر، ده مش أسلوب تربية، أنتَ مش شايف البنت مرعوبة ازاي؟ دي طفلة حرام عليك.

والله أنا قولتلك أنا حر في تربية عيالي وياريت تخليكي في حالك وفي بنتك وأنا بقى لما أكلم عبدالرحمن هقوله قول لمراتك تخليها في حالها وتبطل تتحشر في اللي ملهاش فيه، ما هو مش عشان جيتي عشتي معانا كام سنة هتعتبري نفسك من العائلة وليكي حق تتكلمي!

صالح أحمد بصوته الجهوري موبخًا والدة ريتال وهو يتفوه بكلمات سخيفة وقاسية لا داعي لها، شعرت زينة بالدم يتجمع في وجهها والغضب يملأ كيانها ولكنها كانت تدري أنه ليس من الحكمة أن تدع الغضب يسيطر عليها وأنه من الأفضل ألا تعلق على تلك التراهات التي يتفوه بها، أما عن ريتال فلقد كانت تشعر بالغضب والضيق هي ايضًا ولكنها قررت أن تُعلن عن غضبها بالحديث حتى وإن بدت نبرتها مهزوزة وضعيفة بالنسبة للمستمع.

هو حضرتك بتكلم،.

استني أنتِ يا ريتال عمك عنده حق، ودي عطر لعمتك واطلعي شقتنا فوق. أوقفتها والدتها على الفور لتصمت ريتال احترامًا لحديثها قبل أن تُجيبها بكلمة واحدة بينما تُطالع عمها الأكبر بنظرات حارقة:
حاضر.

استجابت ريتال لمطلب والدتها واتجهت إلى الطابق الذي تقطن فيه عمتها وابنة عمتها نانسي، بمجرد أن اقتربت نانسي من الباب كي تقوم بطرقه جاءها صوت عمتها المنفعل من الداخل وهي تصيح بالآتي:
مش كل حاجة هتطلبيها هتجيلك في وقتها يا نانسي! قولتلك اصبري شوية في أيه؟

أنا مش هصبر ولو أنتِ مش هتجبيلي اللي أنا عايزاه أنا هكلم بابا يجبلي هو!

ابتعدت ريتال عن الباب فورًا وقد عزمت على ألا تدخل إلى بيت عمتها كي لا تسبب لهم حرج بسبب سماعها للجدال الدائر بين نانسي ووالدتها، عادت ريتال أرداجها وهي تُمسك بيدها أصابع عطر الصغيرة بينما تعود إلى الطابق الأول حيث تقطن جدتها.

توتو خليكي قاعدة مع تيتا هنا تمام؟

حاضر،.

تركت ريتال عطر جالسة مع جدتها وصعدت إلى الطابق الذي تقطن فيه هي ووالدتها وهي تحاول تهيئة نفسها لتقبل الحالة النفسية السيئة التي ستجد والدتها عليها بعد ما قاله عمها أحمد قبل قليل.

دلفت ريتال إلى الداخل ليتخلل أذنها صوت اندفاع المياه يأتي من جهة المطبخ، ذهبت ريتال في اتجه الصوت لتجد والدتها تقف بالقرب من الحوض وهي تقوم بتنظيف الصحون بطريقة عنيفة قليلًا وكأنها تحاول التخلص من غضبها وضيقها عن طريق ذلك.

ماما أنتِ كويسة؟

ادخلي أوضتك يا ريتال أنا مش عايزة اتكلم.

بس يا ماما،.

قولتلك ادخلي أوضتك! صاحت والدتها لتنكمش ريتال على نفسها على الفور وهي تومئ بحسنًا.

داخل حجرتها تمددت ريتال على سريرها بينما انهمرت الدموع الساخنة على وجنتيها، تتأمل سقف الحجرة في صمت وهي تتسائل بداخلها لم على الحياة أن تكون بهذه الصعوبة؟ لم على والدها أن يكون بعيدًا؟ ولم عليها أن تعيش هي ووالدتها داخل أسوار هذا السجن الذي اتخذ شكل بيتًا عائليًا؟ لم عليها أن تكون وحيدة لهذه الدرجة؟ لم على نانسي أن تكون بهذا السوء؟ لم عليها أن تواجه كل تلك المشاعر السلبية في مثل هذا العمر؟

في النهاية غفت ريتال دون أن تجف دموعها ودون أن تجد إجابة واحدة منطقية على تساؤلاتها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة