قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والعشرون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والعشرون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والعشرون

مذكراتي My Diary، بس كده هو ده اللي بدور عليه! نبست سالي بإنتصار أمتزج بقليل من التوتر فهي لا تعرف ماذا ستكون ردة فعل زوجها إن رأى ما تفعله الآن.
بدأت تُقلب في صفحات المذكرات صفحة تلو الآخرى حيث تقوم بقراءة السطور الأولى أو العنوان لكي تُفكر إن كان المحتوى يستحق القراءة أم لا، كانت معظم الأشياء تافهة غير مهمة بتاتًا بالنسبة إليها فليس هذا ما تبحث عنه...

(بابا نسي يتصل بينا النهاردة، حاسة إن بابا بقى مشغول زيادة عن الأول وماما متضايقة ومتعرفش السبب، بابا متغير معانا، ) أخذت تقرأ سالي تلك الأسطر بتملل شديد قبل أن تُردف بسخرية: اه يا حبيبتي أصله كان مشغول معايا أنا ومش فاضي ليكوا بقى. تابعت القراءة بتملل شديد وكادت أن تُلقي بالمذكرات بعيدًا لكن عيناها وقعت على صفحة تبللت طياتها بدموع ريتال والتي جفت متسببة في تجعد بسيط.

(كل الناس في المدرسة بتكرهني، النهاردة في بنت شبه ضربتني وأنا معملتش حاجة، أنا انسانة غبية وضعيفة مش بعرف أدافع عن نفسي، أنا فعلًا ولا حاجة زي ما هما بيقولوا، )
(نفسي بابا يرجع علشان أقوله كل اللي بيحصل هو أكيد هيجبلي حقي وينقلني من هنا، ).

(بابا جيه وياريته ما جيه، أنا مجروحه ونفسي أسيب الدنيا دي كلها وأختفي، نفسي ميبقاش ليا أي وجود، )
(بابا النهاردة ضربني لأول مرة، أنا حاسة إن أنا اتكسرت أوي وخلاص اعتبرت نفسي مليش أب وبقيت يتيمة، ).

لم تنكر سالي أنها تأثرت قليلًا بما كتبته ريتال لكن سرعان ما زال تأثير تلك المشاعر الإنسانية وعادت تُفتش أي شيء يخص صالح أو أي شاب آخر في العموم فؤكد أن فتاة مراهقة كريتال تشعر بالإنجذاب نحو شخصٍ ما وبالفعل وجدت سالي صفحة عنوانها بالأعلى هو اسم صالح لكن ريتال لم تكن مغفلة كفاية لترك مشاعرها مُبعثرة على تلك الورقة فلقد قامت بتمزيق معظم أجزاء الورقة تاركة بضع كلمات دون تكوين جملة مفهومة...

(صالح، زعلت منه، مشاعر، أخته، جواز، ).

وده أيه ده إن شاء الله يا ست ريتال؟ Re- arrange أعد الترتيب ولا أحذف الكلمة المختلفة؟ سألت سالي نفسها بسخرية لا تخلو من الغيظ قبل أن تُلقي بالدفتر بعيدٍ عنها بضيق وقد أدركت أنها لن تجد شيء مفيد هنا وبات عليها الآن أن تضع خطة بطلها الأساسي هو صالح نفسه.
أنتِ بتعملي أيه هنا يا سالي وسايبة ابنك لوحده برا؟ أفرضي وقع ولا بلع حاجة!

بس بس أنتَ عامل دوشة ليه؟ كنت ببص في الأوضة لو فيها حاجة محتاجة تتضبط علشان ناوية أرمي الحاجة اللي هنا وأجيب أوضة أطفال جديدة ليوسف حبيبي.
ده منك لنفسك كده؟ هو مش في حمار عايش معاكي في الشقة هنا المفروض تاخدي رأيه؟

ما هو عرف خلاص. تمتمت بلا مبالاة دون أن تدفع السبة عن زوجها ليطالعها بأعين يتطاير منها الشرار من فرط الغضب، أقترب منها وجذب يدها بعنف لتسحبها منه سريعًا وهي تستقيم من مقعدها وتطالعه بإزدراء قائلة: لا بقولك أيه الحركات النص كم اللي كنت بتعملها مع زينة دي متاكلش معايا يا حبيبي! أنا مش مكسورة الجناح يا بابا والقلم برده بعشرة! كان حديثها تهديدًا صريح له، اضطربت معالم عبدالرحمن على الفور وهو لا يدرِ ماذا عليه أن يقول أو أن يفعل لقد قامت للتو بجرح كبريائه وتحذيره.

غادرت سالي الحجرة تاركة زوجها يقف وحيدًا في حيرة هل يا تُرى اخطأ حينما منحها مساحة وقدرٍ أكبر مما تستحق أم أن ما حدث قبل قليل مجرد سوء فهم ناجم عن الغضب والتوتر...

بالعودة إلى الإسكندرية وداخل ذلك المنزل الدافئ والمريح للأعصاب بصورة غير معهودة بالنسبة إليها، أخذت تتأمل المكان بعيناها وقد داعبت وجهها نسمات الهواء اللطيفة القادمة من الشرفة، ابتسامة صغيرة نمت على ثغرها حينما وقعت عيناها على برواز صور بداخله صورة تضم زينة وشقيقتها في طفولتهم يقفون بين أحضان جد وجدة ريتال.

عجبك المكان يا ريتال؟
حلو أوي يا جدو ومريح للأعصاب، كمان الصورة دي حلوة أوي، هي دي تيته الله يرحمها صح؟

اه يا حبيبتي هي، على فكرة أنتِ واخدة منها كام حاجة في الشكل هي كانت حلوة أوي وملامحها جميلة زيك كده. أردف بأعين لامعة حينما ذكر زوجته التي رحلت عن هذه الدنيا منذ سنواتٍ عديدة وقد حاول جاهدًا التأقلم على فراقها طوال تلك المدة لكن رؤيته لريتال جعلته شوقه إليها يتضاعف.
بتكلم مين يا جدو؟ صاحت بها فريدة من الداخل والتي كانت تقوم بتنظيف أحدى الحجرات بينما تستمع إلى ألحان أغنيه ما بصوت عالٍ نسبيًا.

تعالي يا فريدة دي خالتك وبنتها. أجاب الجد لتُلقي فريدة ما بيدها وتهرول نحو الخارج بحماس شديد، تمنح زينة عناقٍ قوي ثم تفصله وتقف لتتأمل ريتال لثوانٍ وساد صمتٍ مُريب قطعه صوت زينة وهي تُردف: ريتال دي فريدة بنت خالتك، فريدة هي دي ريتال اللي حكتلك عنها.

أهلًا بيكي يا ريتال أنا بجد مبسوطة أوي إنك جيتِ أخيرًا كنت مستنياكي بقالي كتير.
بجد؟

أيوا أنا أخويا صغير أوي ومستنية حد من سني بقى نتكلم سوا ونسهر ونخرج، بصي أنا هلففك اسكندرية كلها حتة حتة وكمان ماما قالتلي إنك هتدخلي المدرسة اللي كنت فيها أو اللي في وشها تقريبًا حاجة كده فهعرفك عالمكان والمدرسين علشان الدروس وكده.

شكرًا أوي بجد أنا كمان مبسوطة أوي إن أنا بقيت معاكي هنا ومع جدو وعايزة أشوف خالتو برضوا وأخوكي الصغير،.

حينما تفوهت ريتال بتلك الكلمات كانت تتحدث بإبتسامة صغيرة سرعان ما تلاشت حينما ذكرت شقيق فريدة الأصغر فلسبب تجهله شعرت بغصة في حلقها فلقد خطر على بالها شقيقها الأصغر والذي تركته خلفها في القاهرة ولا تدرِ متى ستراه مجددًا، حتى وإن كانت تكن مشاعر الكره والبغض تجاه والدها فشقيقها الأصغر لا دخل له في الأمر وبالرغم من أنها كانت تحاول إقناع ذاتها أنها تكره ذلك الصغير وأنها لا تعتبره شقيقها إلا أن رابط الدم الذي بينهم كان أقوى من ذلك بكثير.

مالك سرحانة في أيه؟

لا مفيش حاجة يا ماما أنا بس بتفرج على المكان وبحاول أخد على شكل الأوضة وتفاصيلها وكده.

ماشي يا حبيبتي وواحدة واحدة على نفسك وأنتِ هتتعودي على كل حاجة، معلش يا فريدة ممكن تساعدي ريتال في ترتيب الهدوم والحاجة عقبال ما أروح أخلص الغداء مع جدو؟ طلبت زينة من فريدة بلطف لتوافق الأخيرة بحماس شديد وهي تقول:
من عنيا يا خالتو وبرضوا لو محتاجة حاجة في المطبخ أو من تحت عرفيني.

تسلميلي يا حبيبتي، وأنتِ يا ريتال فضي الحاجة في السريع بقى. أومئت ريتال قبل أن تقوم بإخراج ثيابها من الحقائب بمساعدة فريدة والتي سألتها الآتي بمرح:
أحكيلي بقى أنتِ في سنة كام، عايزة تدخلي كلية أيه؟ صحابك اسمهم أيه؟ بصي عايزاكي تديني نبذة كده عن كل حاجة ليها علاقة بيكي.

أنا مقدرة الحماس ده بجد بس أنا إنسانة مملة جدًا ومعنديش حياة أساسًا. أجابت ريتال بمرارة شديدة مقترنة بإبتسامة سمجة نمت على ثغرها.

أنا مش عارفة أقول أيه، أنا أسفة ليكي بجد لو دي نظرتك لحياتك ونفسك،.

متقوليش حاجة، عمومًا يعني أنا هبدأ تالتة ثانوي وأنا علمي علوم المفروض، عايزة أدخل كلية طبية علشان حابة مجال دراستها وحابة أكون بساعد الناس وأخلي ماما فخورة بيا طبعًا، عندي اتنين بنات صحابي عالية وحنين، تقريبًا مفيش حاجة تانية في حياتي.

بإختصار شديد أخبرتها ريتال بالقليل من الأشياء عن نفسها فابالتأكيد هي لن تخبرها عن في محادثتهم الأولى معًا عن والدها النذل الذي قام بخيانة والدتها وسلبها حقوقها أو عن تعرضها للتنمر في المدرسة وبالتأكيد لن تذكر ميولها الأنتحارية ومشاعرها نحو صالح والذي لم يبادلها إياها قط وذهب لخطبة فتاة آخرى غيرها...

سرحتي فين؟ كنت بقولك إن دي أحلام لطيفة أوي وإن شاء الله ربنا يكرمك وتدخلي الكلية اللي نفسك فيها وتكون خير ليكي ولو احتاجتي أي مساعدة في المذاكرة أنا هبقى معاكي.

تسلميلي بجد شكرًا، معلش أنا مرهقة جدًا ومش مركزة خالص أتمنى متزعليش مني.

لا يا بنتي مفيش الكلام ده أنا مقدرة جدًا، تعالي نفتح الشنطة الصغيرة دي. أومئت ريتال بلطف وهي تقوم بفتح الحقيبة وإلقاء محتوياتها كاملة على السرير الجديد خاصتها لتسقط منها الروشتة الطبية خاصتها دون أن تنتبه لكن فريدة لاحظتها وألتقطها على الفور لتقرأ محتواها.

ريتال هو أيه ده؟

هاه؟ ده دواء، دواء لمعدتي، كذبت ريتال ظنًا منها أن ابنة خالتها لن تعرف الحقيقة بالطبع لكن الأخيرة ضيقت عيناها بشكٍ لثوانٍ قبل أن تتنهد وتقترب من ريتال لتضع يدها على كتفها بلطف ثم تقول:
مش أحنا اتفقنا نكون صحاب؟ ليه بتكدبي عليا؟

أنا مش بكدب،.

ريتال أن اشتغلت مساعدة في صيدلية قبل كده وعارفة إن ده دواء اكتئاب وأن الدواء التاني بينظم ضربات القلب وقت ال panic attack. توترت معالم ريتال على الفور وازدرت ما في فمها بصعوبة قبل أن تقول بتلعثم:
لا، أصل، يعني،.

خلاص لو مش عايزة تتكلمي أنا مش هضغط عليكي أكيد. قالت فريدة بنبرة لطيفة وكانت على وشك مغادرة الحجرة لولا أن أوقفها صوت ريتال وهي تقول الآتي بقليل من الخجل:
لا خلاص استني، طيب ممكن توعديني متقوليش لماما على الموضوع ده خالص؟

أكيد لو حاجة ينفع تستخبى مش هحكيها أو يعني أنا كده كده مش هحكي يمكن أقنعك تحكيلها أنتِ بنفسك.

أنا أتشخصت إكتئاب وإضطراب قلق من شهر ونص تقريبًا والدكتورة كتبلتي على أدوية بس أنا مخدتهمش لحد ما تعبت أوي وكان بيجيلي نوبات هلع كتير واضطريت أخد الأدوية بس مفيش حد يعرف الموضوع ده خالص غير تليد، أعلنت ريتال بتلعثم شديد وقد كان الحديث عن ذلك الأمر أشبه بخروج روحها من جسدها، ساد الصمت لبرهة قبل أن يقطعه صوت فريدة وهي تسألها بفضول:
مين تليد؟

هو ده اللي لفت نظرك في اللي كنت بحكيه؟ سألت ريتال مستنكرة وهي تضحك لتشاركها فريدة الضحك بحرج قبل أن تعتذر منها قائلة:
لا مش قصدي أنا أسفة بجد،.

تليد ده زميلي في المدرسة وهو اللي أقترح عليا الدكتورة دي وأنا روحت بس محدش خالص يعرف ولا حتى ماما أنا مش عايزاها تقلق وهي ممكن ترفض موضوع الأدوية ده بس الدكتورة بتقول إن أنا محتاجاها مع جلسات العلاج النفسي يعني.

طيب أيه رأيك أنا أتكلم معاها؟ بصي أنا مدركة كويس إن الأمهات والأبهات كمان بيبقوا قلقانين أوي من موضوع الدكاترة النفسيين وإن في ناس لحد دلوقتي بيتعاملوا مع الناس اللي بيتعالجوا نفسيًا على إنهم مجانين أو بيشوفوا إنه شيء مُخجل لازم يتدارى ومحدش يعرفه بس، صمتت فريدة لوهلة لا تدرِ ماذا عساها تقول كي تُقنع ريتال بأن تُخبر والدتها بذلك الأمر، سرعان ما وجدت الكلمات المناسبة لذا تابعت مُردفة:.

أنا أظن إن طنط زينة واحدة مثقفة وعندها وعي وهتبقى مدركة إنك محتاجة للعلاج النفسي فعلًا وطالما الدكتورة شاطرة وكويسة وكتبتلك على أدوية يبقى ده الحل الأنسب.

أقنعتيني هتكلم معاها بس هفوت يومين كده ولا حاجة ماما لسه مضغوطة جامد من موضوع القضية ده والإجراءات بتاعت نقلي لهنا وفي ورق كتير بيخلص فهستنى يومين كده وأتكلم معاها علشان حرام يعني كفاية اللي هي فيه.

كانت ريتال صادقة فيما قالته وإن كان هناك جزء ما بداخلها يحاول التهرب من المواجهة فهي تعلم أن والدتها ستنهار تمامًا بمجرد معرفتها بذلك الأمر فشعور الذنب سيمزق قلبها لكونها لم تلحظ سوء حالة ريتال ولأنها لم تكن بجانبها في أصعب أوقات حياتها حتى وإن كان ذلك رغمًا عنها...

يومين بالضبط يا ريتال لو سمحتِ وياريت كمان تلتزمي بالأدوية بالجرعات المحددة لحد ما الدكتورة تقولك مثلًا توقفي أو تغيري الجرعة.

صحيح أنا مش عارفة هعمل أيه في الموضوع ده، المفروض أنا متفقة معاها أروحلها جلسات على الأقل مرتين في الشهر بعد ما أخلص امتحانات وأديني خلصت والنتيجة طلعت بس سافرت،.

مش عارفة بس في حل من تلاتة، يا إما نشوف دكتورة هنا وده مش أحسن حل يعني لأنه مش من السهل إنك تغيري الدكتورة بعد ما أرتحتي معاها في الكلام أو ممكن تروحي جلسة واحدة في الشهر تنزلي القاهرة لو ينفع أو الحل الأمثل بقى إنها تتابع معاكي أونلاين، النت مخلاش حاجة.

خلاص هستنى برضوا أول ما ماما تقول ننزل القاهرة وهروح للدكتورة أشرحلها ظروفي لو ينفع نكمل أونلاين ماشي مينفعش هسألها لو تعرف حد هنا ترشحه ليا.

خلاص اتفقنا يلا نكمل الحاجات اللي بنعملها. تمتمت فريدة بينما تتابع عملها هي وريتال، استغرق الأمر وقتٍ طويلة نسبيًا قبل أن ينتهوا من توضيب حجرتها ووضع أغراضها ومن ثم تناول أربعتهم الغداء سويًا حيث لم تستطع خالتها الحضور في ذلك اليوم لحدوث ظرفٍ ما.

مر يومان منذ وصول ريتال إلى منزلها الجديد، كانت تقضي معظم الأوقات داخل حجرتها تُعيد ترتيب الأغراض أو تتحدث في الهاتف إلى عالية وحنين وربما نانسي وفي مساء الليلة الثانية قررت مغادرة حجرتها والذهاب للجلوس في الشرفة الكبيرة لعلها تستطيع تصفية ذهنها قليلًا وبينما كانت تجلس في هدوء لطيف لمحت طيف جدها وقد نمت على وجهه ابتسامة صغيرة.

ازيك يا ريتال يا حبيبتي، معلش ممكن جدو يزعجك شوية؟ سأل جد ريتال وهو يدلف إلى داخل الشرفة بينما يحمل بين يديه كوبان من عصير المانجو الطازج.

لا طبعًا يا جدو مفيش إزعاج ولا حاجة أتفضل، أنا كويسة الحمدلله، حضرتك كويس؟

بقيت كويس، بقيت كويس لما أنتِ وزينة بقيتوا هنا في حضني.

للدرجة دي يا جدو مكنتش بتحب بابا وكان نفسك ماما ترجع هنا؟

مفيش أب يا حبيبتي بيتمنى إن بنته بيتها يتخرب بس أنا عمري ما أتمنيت إن البيت ده يتبني من الأساس لكنه كان نصيب، الجوازة دي كانت كلها غلط بس الحاجة الوحيدة الحلوة اللي فيها هو إنك جيتِ للدنيا.

شكرًا يا جدو بس أنا ساعات بتمنى لو مكنتش جيت أصلًا،.

بعد الشر عليكِ، أنا عارف إن التجربة مكنتش سهلة وبحاول أتخيل كم المشاعر السلبية والحزينة اللي حسيتِ بيها بس صدقيني ده إبتلاء من ربنا وأحنا لازم نقول الحمدلله ونصبر عليه وأوعدك يا حبيبتي إن اللي جاي كله خير وفرح بإذن الله،.

يارب يا جدو.

يارب يا حبيبة جدو، حاجة كمان، أنا عارف إنك لسه مش واخدة عليا أوي وعلى البيت والمنطقة والمحافظة كلها بس نصيحتي ليكي أوعي تضغطي على نفسك، أدي نفسك فرصة تتعودي على مهلك بلاش تستعجلي، أنا عارف إنه أكيد شيء صعب عليكي وأنتِ كبيرة كده تسيبي صحابك ومدرستك والبيت اللي عشتي فيه سنين حتى لو كنتِ شايفة إنك بتكرهي البيت ده بس أكيد في جزء جواكي أتعلق بيه.

شكرًا أوي يا جدو.

على أيه بس؟

على إنك متفهم ومش متضايق مني علشان أنا يعني واخدة جنب شوية أو بفضل في الأوضة كل الوقت لأن ماما بتضايق من الحركة دي.

ملكيش دعوة بماما أعملي اللي يريحك طالما مفيهوش ضرر عليكي.

اتفقنا، أنا هقوم بقى أجيب لينا حتتين كيكة كده ناكلها مع العصير.

يلا. أردف جدها بسعادة لتستقيم ريتال بحماس وتذهب لإحضار بضع قطع من الكعك ومن ثم قضت ساعتين تقريبًا برفقة جدها يتحدثون حول مواضيع عشوائية، تارة حول أحلامها المستقبلية والجامعة وتارة يُخبرها عن مغامراته في شبابه وكيف كان يعشق جدتها الراحلة.

بعد مرور بضعة أيام وبالعودة إلى ذلك المنزل ذو الجدران الشبيهة بالسجن دلف صالح إلى المنزل وهو يحمل في كلتا يديه عدة حقائب، ألقى التحية على جدته العجوز وهو يضع ما في يده أعلى الطاولة بينما يُردف الآتي:
ازيك يا تيته أنا جبتلك الحاجة اللي طلبتيها.

تسلملي يا حبيبي طب أقعد شوية أنا لسه عاملة شوية قرص سادة يستاهلوا بوقك هعملك كوباية شاي بلبن بقى تسقي.

تسلم إيدك يا حبيبتي. أردف بلطف شديد لتدلف جدته إلى المطبخ ويجلس هو بإنتظارها ولكن سرعان ما شعر بالملل وقرر الذهاب للوقوف برفقة جدته وفي طريقه إليها مر بالحجرة التي كانت تقطن بها ريتال قبل رحيلها عن هنا، شعر بغصة في حلقه على الفور وهو يخطو بخطواتٍ بطيئة نحو الحجرة.

قام بفتح الباب بهدوء وكأنه يعلم أنها بالداخل ولا يرغب في أن يفزعها لكن للأسف وجد الظلام يحيط بالمكان والفراغ يصرخ في وجهه، دلف نحو الداخل يتأمل المكان لتخترق أنفه رائحتها تلك التي لم يكن يدرك أن لها رائحة مميزة قبل الآن...

البيت وحش من غيرك أوي يا ريتال. همس متحدثًا إلى نفسه متخيلًا طيف ريتال يجلس أمامه، أطلق تنهيدة طويلة قبل أن يغادر الحجرة بشرود حتى كاد أن يصطدم بجدته العجوز.

أنا عارفة إنك زعلان علشان مشيت، هي وحشتني أنا كمان.

بس كده الأحسن ليها يا تيته،.

عارفة يا ابني، أنتَ متتصورش أنا بحس بالذنب اتجاه البت ريتال ازاي، سنين بعاملها بجفاء هي وأمها وكل ده ليه علشان أنت ونانسي متحسوش إنكوا أقل منها أكمن أبو نانسي سايبها من زمان وأنتَ أمك الله يرحمها يعني، كنت بقول لنفسي ريتال عندها أب وأم وخدت دلع من الإتنين مينفعش تتدلع مني أنا كمان.

اللي حصل حصل يا تيته وأكيد ريتال مش زعلانة منك كفاية وقفتك جنبها في المشاكل اللي حصلت الشهور اللي فاتت. قال صالح بلطف وهو يضع يده أعلى خاصة جدته مطمئنًا إياها لتبتسم هي بآسى قبل أن تُردف بنبرة تنم عن الشعور بالذنب:.

أهو أنا كنت بحاول أكفر عن ذنبي وأخدها في حضني علشان أنسيها اللي حصل، الغلطة غلطتي أنا يا صالح، أنا اللي معرفتش أربي عبد الرحمن فضلت أدلع فيه لحد ما باظ حتى أنا عصى كلامي ونفذ اللي في دماغه.

ربنا يهديه لنفسه بقى يا تيته، عمو عبد الرحمن خرب بيته بنفسه وكره بنته فيه وسالي دي أنا مش مرتاح ليها أبدًا وواثق إنها مش هتكمل معاه.

أنا كمان عارفة ومتأكدة البت دي مش بتاعت استقرار وبيت دي عايزة تلعب وتصيع ومن أول يوم قريت في عينها إنها بياعة وكلبة فلوس.

هو اللي اختار يا تيته وهو هيدفع تمن اختياره بس وقت لما يفوق مش هيلاقي حد فينا جنبه. تمتم صالح بجمود تام وقد لمعت عيناه بإنتصار حينما تخيل ما قد يؤول إليه وضع عمه بسبب غباءه الذي جعله يُحطم أسرته الصغيرة المستقرة ويركض من خلف تلك المرأة الطماعة الخبيثة.

عندك حق، اشرب الشاي بقى قبل ما يبرد.

حاضر، القرص زي العسل تسلم إيدك يا حبيبتي.

بالهنا والشفاء، إلا قولي يا صالح أخبار البنت اللي أنتَ هتخطبها أيه؟ معلش يا ابني بقيت بنسى بقى فكرني بيها. سألته الجدة بمراوغة ليبتسم صالح وقد فهم مقصدها قبل أن يقول:
سارة يا تيته، كويسة الحمدلله المفروض ننزل نشتري الشبكة بس كل شوية يحصل حاجة ونأجل النزول ربنا يسهل بقى.

طيب ممكن اسألك عن حاجة من غير عصبية ولا مضايقة؟

طبعًا يا تيته، لا عاش ولا كان اللي يتعصب عليكي أصلًا.

هو أنتَ رأيك أيه في الموضوع اللي مرات عمك أتكلمت فيه لما كنا بنتغدى قبل ما ريتال ما تمشي؟ سألت جدته بغتة لتضطرب معالم صالح على الفور وهو يزدرد ما في فمه بصعوبة، صدرت منه ضحكة ناجمة عن التوتر قبل أن يُعقب مستنكرًا:
يعني أنتِ يا تيته مش فاكرة اسم سارة بس فاكرة جملة أتقالت على الغداء من شهر تقريبًا؟

بطل لماضة وجاوب على سؤالي يا واد.

معنديش رد يا تيته، أصل ازاي أنا وريتال نتجوز يعني؟ الموضوع مش منطقي خالص أحنا لبعض أخوات وقرايب مش أكتر. قال صالح بتوتر وقد كان الخجل مسيطرًا عليه فمجرد التفكير في مثل ذلك الأمر كان غير مُريح بتاتًا بالنسبة إليه.

يااه يا صالح أنتَ لسه وشك بيحمر وتكسف زي وأنتَ عيل صغير؟

تيته لو في حاجة في البيت تانية نقصاكي أكتبيها في ورقة هجبهالك وأنا جاي من الكلية بكرة إن شاء الله. عرض صالح على جدته في محاولة بائسة منه لتغير مجرى الحوار وبالطبع فهمت هي ذلك لتبتسم ابتسامة حنون قبل أن تسأله بمزاح:
أنتَ كده بتغلوش على الموضوع يعني؟ ماشي يا عم صالح، اشرب الشاي زمانه تلج.

حاضر يا تيته.

صعد صالح إلى حجرته بعد حديثه مع جدته ومرة آخرى قد اضطربت مشاعره أكثر من ناحية ريتال، هو يشتاق إليها كثيرًا وربما أكثر مما كان يتوقع لكن هل الأمر مجرد شوق لأنه أعتاد على وجودها هنا بالقرب منه ولأنه أعتبرها شقيقته الصغرى لسنوات أم أن الأمر يفوق ذلك وهو لم يُدرك ذلك بعد؟ إن الأمر يسؤه كثيرًا أن تنحصر علاقته هو وريتال داخل إطار ما في أذهان الجميع فلقد أصبح الكل يضع فرضيات عن كون علاقتهم هي أكثر من القرابة والأخوة في حين لم يفكر هو في شيء كهذا من قبل لكن الآن بعد أن ذُكر الأمر أمامه عدة مرات شعر بتخبط شديد في مشاعره.

الأسوء من ذلك هو أن هذا التيه بكل تأكيد سيؤثر كثيرًا على علاقته بخطيبته المستقبلية والتي لم يكن يرى أية فتاة غيرها في السابق فهي كانت فتاة أحلامه التي تستحوذ على قلبه وفكره كاملًا لكن الآن لم يعد واثقًا من حقيقة مشاعره نحوها أو على الأقل مدى صدق هذه المشاعر...

بالإنتقال إلى ذلك المنزل الكبير دلف ياسين بعد أن قامت الخادمة بفتح الباب، أخذ يبحث بعيناه عن تليد لكنه لم يجده لذا اتجه مباشرة إلى حجرته لكن لم يجده كذلك لذا عرف على الفور أنه يجلس أعلى سطح المنزل فهذا هو المكان الذي يلجأ إليه تليد حينما يشعر بالضيق أو الحزن وقد كان محقًا بالفعل في تخمينه.

أنا قولت أكيد هلاقيك هنا طالما مكتئب كده، أول يوم في البعد بقى وحركات.

تاسع، تاسع يوم في البعد. تمتم تليد بجدية تامة دون النظر إلى وجه ياسين وبأعين شاردة ليقلب الأخير عيناه بتملل وهو يُردف ساخرًا:
قولتلك مية مرة دمك تقيل يا تليد.

مش بستظرف على فكرة، ريتال سافرت من تسع أيام بالضبط أنا عارف التاريخ كويس.

ده أنتَ قاعد بتعد الليالي حرفيًا بقى!

عايز أيه يا ياسين مش فاضيلك.

عايزك تفرفش كده، فين تليد بتاع زمان؟ وبعد إذنك بلاش أو?ر أنتوا كنتوا زمايل أو يعني ممكن نقول صحاب مش أكتر فبلاش تحسس نفسك بأزمة مش موجودة أصلًا.

أنتَ مش فاهم حاجة، أنا وريتال عندنا نفس الجرح، يمكن هي متعرفش ده بس من كل اللي أنا عرفته عنها وشوفتها بتمر بيه أقدر أكدلك إن في رابط كبير بينا،.

أنا مش قصدي أقلل من مشاعرك على فكرة أنا كنت بهزر بس اللي عايز أقوله إنك لازم تخرج من الحالة اللي أنتَ فيها، أنتَ ملحقتش تتعلق بيها وهي موجودة هنا فمتجيش تعمل كده دلوقتي بعد ما هي خلاص مشيت.

يعني أنتَ عايز أيه دلوقتي؟

بصراحة بقى عايز أخدك ونسافر الساحل نقعد أسبوعين تلاتة وأهي فرصة نخرج ونغير جو قبل ما تدخل في الدوامة بتاعت حجز دروس الثانوية والمذاكرة وكده. عرض عليه ياسين وهو يضع يده أعلى كتف تليد ليتنهد الأخير بضيق وهو يقوم بتعديل خصلات شعره المجعد كيرلي بطريقة لا إرادية قبل أن يُردف بتملل:
ماشي هجهز الشنط وأشوف لو في حاجة تضبيط في العربية قبل ما نسافر.

أيوا هو ده الكلام التمام.

في مساء اليوم التالي وبينما كانت ريتال تساعد والدتها في تجميع الصحون بعد انتهاءهم من تناول طعام العشاء أردفت الآتي بتذمر شديد:
ماما أنا زهقانة وكل يوم بعمل نفس الحاجة وفريدة كانت عند قرايب باباها وبقالها أسبوع تقريبًا مجتش.

طب عايزة نخرج؟ ننزل نتمشى على البحر أو نقعد في كافية أو كده؟

ماشي بس أنا برضوا ببقى زهقانة الصبح، هو ينفع أجي معاكي الحضانة؟ سألت ريتال بينما تتجنب النظر إلى والدتها حيث أنها كانت تتوقع ردة فعل حازمة منها مع رفض اقتراحها بالطبع.

تيجي الحضانة معايا تعملي أيه يا ريتال؟ تلعبي مع العيال؟

أنا عارفة أنك بتتريقي بس ليه لا؟ هاجي معاكي الصبح وهقعد ألعب مع الأطفال شوية ولو زهقت أو تعبت في نص اليوم هبقى أركب تاكسي للبيت هنا. تمتمت ريتال بينما تنظر إلى والدتها بأعين لطيفة كجرو صغير مستعطفة إياها لتقلب الأخيرة عيناها بتملل قبل أن تقول:
مش عارفة المديرة هتوافق ولا لا وبعدين هقولهم أيه جايبة بنتي الصغيرة معايا؟

يا زوزو علشان خاطري يا زوزو ولا أنا خلاص مبقاش ليا خاطر عندك؟

ماشي بس تصحي من بدري لو اتأخرتي دقيقة على ميعاد الصحيان مش هاخدك معايا.

ماشي اتفقنا. أردفت ريتال بحماس شديد قبل أن تهرول نحو حجرتها بحثًا عن شيء لترتديه في الصباح، جاء الجد من المطبخ وهو يحمل ثلاثة أكواب من الشاي والذي غاصت فيه أوراق النعناع الطازجة.

أنا موافق أوي على فكرة إن ريتال تروح معاكي الحضانة.

حتى أنتَ يا بابا؟

أيوا ليه لا؟ البنت هتتسلى وفرصة ترجعوا تقضوا وقت وتقربوا من بعض تاني بعد اللي حصل وفترة البعاد اللي بينكوا وكمان هي هتتعلم حاجات جديدة وتتعرف على ناس ويمكن يشغلوها مثلًا دوام جزئي كده لحد ما تبدأ دروس.

بس أنا مش عايزاها تشتغل أصلًا، هي لسه صغيرة أوي على الكلام ده.

أنتِ اللي بتقولي كده؟ ده أنتِ في سنها كنتِ فاتحة بيت وطبعًا أنا رافض الفكرة بس اللي أقصد أقوله إنها مش صغيرة أوي ولا حاجة وبعدين ده شغل بسيط ومع أطفال وهتبقى تحت عينك طول اليوم. وضح وجهة نظره بأسلوبه اللطيف المعتاد، لتتنهد زينة قبل أن تقول:.

طيب يا بابا هشوف هيوافقوا أصلًا في الحضانة ولا لا وبعدين نبقى نشوف الكلام ده، أنا مش ناقصة مشاكل وعبدالرحمن لو عرف حاجة زي دي ممكن يعمل حوارات ويقول إن أنا بخلي واحدة قاصر لسه بتدرس تشتغل وبتاع.

طب خليه يقرب منكوا تاني وأنا هعرفه مقامه.

ربنا يباركلي فيك يا حبيبي. تمتمت قبل أن تستقيم من مقعدها وتُقبل رأس والدها.

في صباح اليوم التالي وفي تمام التاسعة رافقت ريتال والدتها إلى الروضة، كان المكان مُبهج للغاية، ضحكات الأطفال تزين المكان وعدة ألعاب منتشرة في المكان بالإضافة إلى صوت الأطفال الذين يحاولون قراءة الحروف الأبجدية من أحدى الفصول.

أيه رأيك في المكان؟

حلو أوي بجد والأطفال عسل حقيقي، أنا عايزة أقعد مع الأطفال الصغيرين خالص اللي هما بيبي وكده نقعد نلعب.

دول في الدور التاني هوريكي السلم فين.

ماشي، أنتِ هتبقى تحت هنا صح؟

اه وشوية وهطلع أطمن عليكِ وكمان أنا معايا فطار ساعة كده وهخلي حد ينزلك تاكلي.

ماشي اتفقنا. أردفت ريتال بحماس وبالفعل نفذت زينة ما قالته، صعدت ريتال إلى الطابق العلوي وبدأت اللعب برفقة الأطفال.

كانت زينة منهكة في ذلك اليوم، المكان مزدحم وخمسة أطفال تم تسجيلهم حديثًا وفريدة تلحق بها أينما ذهبت وترفض الجلوس مع شخصٍ آخر غيرها وفي تلك اللحظة كل ما كان يشغل بال زينة هي أنها لا تريد مقابلة الدكتور فؤاد حينما يأتي لإصطحاب ابنته خاصة في وجود ريتال والتي ستلحظ اهتمامه بزينة على الفور.

ميس فريدة في ولي أمر عايزك برا.

طب مينفعش يا ميس تشوفي عايز أيه؟ أنا مش هينفع أسيب الأطفال خالص دلوقتي.

تعالي بس دقيقة وأنا هغطي مكانك، كده كده اليوم بيخلص ومعظم الأهالي هيجوا ياخدوا الولاد دلوقتي.

تمام. أردفت بقلة حيلة وهي تقوم بتعديل وشاح رأسها الذي تدهورت حالته بسبب اللعب والركض خلف الأطفال طيلة اليوم خاصة أن الفئة العمرية التي تقضي معها زينة معظم الأوقات صغيرة للغاية لذا من الصعب السيطرة على أفعالهم.

أيوا يا فندم تحت أمر، دكتور فؤاد؟

أهلًا يا مدام زينة، ازاي صحتك دلوقتي؟ سأل بإهتمام واضح وإن كانت نبرته لا تخلو من الرسمية، طالعته بقليل من الدهشة وقد اضطربت معالم وجهها قبل أن تُجيبه بتلعثم واضح:
الحمدلله، بخ، بخير، شكرًا لحضرتك، هو في حاجة ولا أيه؟

لا مفيش أنا كنت جاي أخد فريدة علشان بقالي شوية مجتش هنا وكنت حابب اطمن على حضرتك خاصة بعد التعب اللي حصل آخر مرة.

أنا بقيت تمام وزي الفل الحمدلله شكرًا لحضرتك، أنا مضطرة أرجع الفصل تاني بقى عن إذنك، باي يا فريدة متتأخريش بكرة إن شاء الله.

حاضر يا زوزو، باي. قالت فريدة وهي تلوح لها بوداعًا لتفعل زينة المثل وهي تراقبهم وهم يرحلون عن المكان.

بابا هي زوزو هتيجي عندنا البيت؟ سألت فريدة ببراءة شديدة وهي تطالع وجه أبيها الذي كان يحملها على ذراعه ليعقد هو حاجبيه ويسألها بينما يبتسم:
تيجي عندنا البيت ازاي يعني؟

تعيش في بيتنا، في الكرتون ال prince الأمير لما شاف ال princess الأميرة مرتين هو حبها خالص وكمان They married تزوجوا وهي عاشت معاه في القصر بتاعه.

طيب زينة princess ماشي بس أنتِ شايفة إن أنا Prince واستحقها فعلًا؟

أنتَ أجمل حد في الدنيا أصلًا وهي كمان. أجابت إجابة ربما لا تمت بسؤاله بصلة لكنها كانت بريئة نابعة من داخلها وقد أسعدت والدها كثيرًا وعلى الرغم من صغر سنها وعشوائية حديثها في معظم الأوقات إلا أنا ما قالته هذه المرة شغل عقل والدها الذي أخذ يُفكر في الأمر بجدية لبرهة...

هل يتوجب عليه أخذ المزيد من الخطوات نحو تلك المرأة أم أن الأمر مُجرد شرارة إنجذاب بين شخصين مر كلاهما بتجربة مريرة لا أكثر؟ لا يدرِ لكن ما يعرفه جيدًا هو أن زينة بدأت تشغل حيزًا من تفكيره خاصة بعد تكرار مقابلتهم عدة مرات عن طريق المصادفة.

بابي أنتَ روحت فين؟

معلش يا فوفو سرحت شوية، كنتِ بتقولي حاجة ولا أيه؟

كنت بقولك هي مريم هتيجي أمتى؟ وحشتني أوي أوي.

مش عارف هي عندها شغل بس هكلمها أخليها تيجي علشان وحشتني أنا كمان وعايز أتكلم معاها في حاجة مهمة.

في مساء اليوم التالي توجهت مريم إلى منزل والد زينة لتتحدث إلى زينة بشأن الإجراءات التي لم تنتهي بعد.

زينة أحنا محتاجين ننزل القاهرة بقى نخلص موضوع ورق ريتال ده بس أعملي حسابك الموضوع مش هيكون سهل. أخبرتها مريم بنبرة هادئة بينما تضع طلاء الأظافر خاصتها، عقدت زينة حاجبيها وهي تطالع الأخيرة بتعجب بينما تسأل:
ليه يعني؟ أنا وغادة خلاص علاقتنا ببعض بقت كويسة وهتديني الورق وكل حاجة أنا محتاجاها.

شكلك ناسية إنك مينفعش تنقلي ورق ريتال من مدرسة لمدرسة من غير موافقة عبدالرحمن، ده لازم يجي شخصيًا يخلص معاكي الإجراءات ده في ستات كتير بتتبهدل بسبب الموضوع ده لما يكون جوزها مسافر ولا في بينهم مشاكل لأنهم ممكن ينقلهم من مدرسة انترناشونال مثلًا لمدرسة أسوء ما يكون، من غير ما يرجع للأم.

طب وبعدين؟ أنا أعمل أيه دلوقتي طيب أتصرف ازاي؟ سألت زينة بهلع وتوتر شديد لتتنهد مريم وهي تحاول أن تطمئنها كالمعتاد مُردفة:
هنحاول نتكلم معاه بهدوء ولو موافقش ممكن نخلي أخوه الكبير أو والدته يتدخلوا ولو برضوا فضل مصمم هنعمل حاجة اسمها نقل الولاية التعليمية يعني بما إنك الحاضنة هتبقى المسئولة عن تعليمها.

أكيد مش هيخلص الموضوع بسهولة هو عايز يعطلي كل خطوة باخدها علشاني أنا وريتال خلينا نمشي في الإجراءات على طول.

أنا عارفة إنه انسان حقير وندل بس أنا متفائلة خير إننا هنحل الموضوع على طول إن شاء الله.

يارب يا مريم يارب، تمتمت زينة بعد أن زفرت بضيق لتعانقها مريم مطمئنة إياها.

في ضهر اليوم التالي كان يجلس تليد أمام المياه الزرقاء اللامعة بينما أكسبت أشعة الشمس القوية وجهه حُمرة، كان يستمع إلى موسيقى صاخبة من خلال سماعات الأذن خاصته لكن الأمر لم يدوم كثيرًا حيث اقترب منه ياسين ونزع عنه السماعات وهو يسأله الآتي بتعجب:
مش هتنزل البحر يا ابني؟

لا مش عايز أنا كده كويس. أجاب تليد بضجر شديد ليظهر الحنق على وجه ياسين وهو يسأله مستنكرًا بنبرة لا تخلو من الغيظ:
هو أنا جايبك هنا يا تليد علشان أخرجك من نوبة الإكتئاب تقوم تيجي تكتئب هنا؟

فكك مني بقى علشان قاعد بعمل حاجة مهمة.

بتتأمل صور ريتال تاني مش كده؟ لم يُجيب تليد على سؤاله بل رمقه بإشمئزاز قبل أن يُعيد النظر إلى هاتفه مرة آخرى.

عالية متعرفيش اسم المنطقة اللي ريتال قاعدة فيها في اسكندرية؟ أو مثلًا مامتها بتشتغل فين أي حاجة؟ بعث تليد تلك الرسالة إلى عالية على تطبيق الواتساب، أجابته على الفور بإقتضاب كالمعتاد:
لا معرفش، بتسأل ليه؟

ولا حنين تعرف؟

مظنش، ما تخلص وتقول عايز أيه؟

ياستي رايح أتقدملها، أنتِ مالك أنتِ ما تجاوبي وخلاص! أرسل تليد ساخرًا كالمعتاد مما أثار غيظ عالية والتي رفضت مساعدته.

تصدق كنت هقولك هسألهالك بس خلاص أنتَ متستاهلش المساعدة أساسًا.

خلاص أحسن مش عايز منك حاجة ولا من حنين، هي معملتش حاجة اه بس مش عايز منها حاجة برضوا أنا هتصرف. أردف تليد قبل أن يقوم بحظر رقم عالية على تطبيق الواتساب بسبب غيظه الشديد.

هي واحدة بس اللي بلجأ ليها في الحالات اللي زي دي، ألو، أيوا يا نانسي بقولك أيه، على الرغم من أنه لا يطيق التحدث إلى نانسي قط إلى أنه قرر مهاتفتها اختصارًا لمضيعة الوقت.

في ضهر اليوم التالي كانت زينة قد وصلت إلى القاهرة لمقابلة عبدالرحمن في مدرسة ريتال السابقة وتحديدًا داخل المكتب خاصة شقيقته، بمجرد أن خطت زينة خطوتها الأولى نحو الداخل شعرت بضيق شديد وتوتر حاولت جاهدة أن تُخفيه.

أهلًا أهلًا يا مدام زينة أخيرًا شرفتي. عقب عبدالرحمن ساخرًا وقد نمت على ثغره ابتسامة سمجة، لم ترد زينة التحية بل ذهبت لتجلس على أبعد مقعد عنه وهي توجه نظرها نحو غادة.

بعد إذنك يا غادة أنا عايزة الورق بتاع ريتال. أردفت متجاهلة تمامًا زوجها السابق ليرمقها بحنق قبل أن يُردف:
لا لا ثواني شكلك كده جالك زهايمر مبكر ولازم أفكر كل شوية، الورق مش هيتنقل غير لما أنا بنفسي أنقله.

لا أنا منسيتش علشان كده أنا جيت ولو سمحت أنا عايزة الورق بتاع بنتي علشان ألحق أنقلها لمدرسة تانية من بدري. وضحت بإقتضاب شديد لتصدر ضحكة ساخرة من الجالس بعيد عنها قبل أن يقول بنبرة درامية مصطنعة:
بصي يا زينة أنا النفقة اللي هدفعها دي مش هتكفي للأسف مصاريف مدارس لغات.

ملكش دعوة أنتَ أنا متكفلة بمصاريف بنتي وشوفت كذا مدرسة أسعارهم معقولة.

متكفلة بمصاريف مدرستها بمراتبك اللي مش مكمل 3 آلاف جنيه؟ ده اللي هو ازاي يعني؟ سألها بمزيج من السخرية والإستنكار لتطالعه بإحتقار شديد قبل أن تُجيبه مُردفة:
يا سيدي ملكش فيه هو أنا بقولك أدفع حاجة من جيبك! أنا مستعدة أدفع كل فلوسي علشان خاطر مصلحتها ومستقبلها.

ما هو بصي بقى أنا شايف إن الكلام ده كله ملهوش لازمة ريتال يا تدخل مدرسة حكومة يا إما بقى تقعد في البيت ونشوفلها عريس ولا علميها شغل البيت وخليها جنبك! صاح عبدالرحمن متفوهًا بتلك التُرهات لتتسع أعين زينة وهي تصفع بيدها المكتب خاصة غادة بينما تصرخ في وجهه في المقابل بينما تسأل بمزيج من الحنق والإستنكار:
هو أنتَ مجنون ولا شارب حاجة ولا في أيه؟ أيه العبط اللي أنتَ بتقوله ده؟

اللي بقوله مش عبط ولا أنا مجنون ولو سمحتِ متنسيش نفسك وأتكلمي معايا كويس وياريت تفضلي فاكرة إن كل حاجة في إيدي أنا!

استغفر الله العظيم يارب، بص يا ابن الناس اللي بيني وبينك انتهى ومبقاش بينا غير بنتنا اللي أنا محلتيش غيرها في الدنيا دي وأنا مش هسمح ليك أو لأي حد إنه يدمر مستقبلها أو يحاول يأذيها تاني وصدقني يا عبدالرحمن الأحسن ليك إنك تتعدل معايا وتبعد عن سكتي. صاحت زينة في وجهه بنبرة لم تتحدث بها قط، اضطربت معالمه وقد توتر بسبب نبرتها تلك وساد الصمت لبرهة قبل أن تنمو ابتسامة سمجة على ثغره وهو يُردف:.

الله الله، والله وطلعلك ضوافر وبقيتي تخربشي يا ست زينة ده أنتِ زمان مكنش بيطلعلك صوت بس ملحوقة كل حاجة وليها حل ومناخيرك دي أنا عارف ازاي هكسرهالك!

خلاص يا عبدالرحمن براحتك أنا بقى همشيها قانوني وهنشوف مين في فينا اللي هيكسر مناخير التاني، عن إذنكوا. تحدثت زينة بثقة شديدة قبل أن تستقيم من مقعدها تاركة إياه يشعر بالتهديد.

فور مغادرة زينة لمقر المدرسة قامت بمقابلة مريم حتى تقوم ببدء الإجراءات اللازمة كي تستطيع نقل الوصاية التعليمية، وبعد انتهاء الإجراءات عادت إلى الإسكندرية وحدها بينما بقيت مريم في القاهرة لكي تُنهي بعض الأوراق من أجل عدة قضايا.

في عصر اليوم التالي وبعد انتهاء زينة وريتال من دوامهم في الروضة طلبت ريتال من والدتها الآتي:
ماما أنا زهقانة ممكن نقعد عالبحر شوية؟

ماشي في كافية هنا تحفة بيبص على البحر على طول وبجد قاعدته حلوة أوي تعالي نتغدى هناك.

بس يا ماما ده أكيد هيبقى غالي أوي.

ملكيش دعوة أنتِ أنا اللي عازمة.

خلاص اتفقنا بس لما أخد فلوس من الحضانة هعزمك المرة الجاية.

ماشي يا ستي، يلا روحي ضبطي الطرحة بقى وأغسلي وشك وضبطي الدنيا.

حاضر.

بالفعل ذهبت ريتال لإعادة ضبط الوشاح خاصتها بعد أن صفعت وجهها بالماء البارد لعلها تنتعش قليلًا قبل أن تضع القليل من ملمع الشفاه خاصة والدتها، طالعت نفسها في المرآة وقد حاولت جاهدة إقناع ذاتها بأن هيئتها تبدو جميلة لكن بداخلها لم ولن تقتنع بشيء كهذا قط.

ريتال يلا أنا طلبت عربية على الأبلكيشن هتوصلنا لهناك.

يلا بينا. بالفعل ذهبت ريتال برفقة والدتها إلى ذلك المقهى وبينما كانت تجلس هناك هاتفتها نانسي بعد أن كانت ريتال تراسلها وتبعث لها صور متفرقة للمشهد الخلاب الذي أمامها وبضع صور ألتقطتها هي ووالدتها، راق المكان كثيرًا إلى نانسي للدرجة التي جعلتها تسأل عن اسم المقهى وعنوانه بالتفصيل، كان الأمر مُثير للشك قليلًا بالنسبة إلى ريتال لكنها غفلت عن ذلك الأمر حينما هاتفتها نانسي.

مالك يا ريتال قالبة وشك ليه؟ ده أنا جايباكي على البحر وطالبالك باستا جمبري أعمل أيه أكتر من كده؟ سألت زينة ممازحة إياها لتبتسم ريتال ابتسامة صغيرة مجاملة لكن سرعان ما غابت عن وجهها وظهر مكانها تعابير وجه حزينه بينما تُردف:
ماما صالح مسألش فيا من وقت ما جيت، ولا كلمني ولا بعت مسدچ وحتى لما كلمت تيته مقالتليش صالح بيسلم عليكي ولا أي حاجة، ده نانسي وعطر كلموني وهو لا،.

تلاقيه مشغول بس ولا حاجة وبعدين سيبك منه أحنا ورانا حاجات أهم منه.

بس يا ماما أنا مكنش عندي أهم منه، قصدي يعني اللي بينا مكنش قليل إنه يتأقلم مع غيابي وميبقاش فارق معاه كده، شعرت ريتال بغصة في حلقها بعد أن تفوهت بتلك الكلمات، إنها تشتاق إليه كثيرًا ولا تستطيع التأقلم مع عدم وجوده في حياتها اليومية كما أعتادت طوال تلك السنوات الماضية لكنه لا يشعر بالشيء ذاته مثلها أو هكذا كانت تظن...

مين قال إنه مش فارق معاه؟ أكيد فارق معاه بس هو أكيد مشغول بالكلية والكورسات والشغل الجديد اللي نزله ده غير إنه داخل على خطوبة وحوارات كتيرة وممكن يكون شايف إنه ميكلمكيش أحسن علشان ميحسش إنك وحشاه أو يحس إنه زعلان أكتر.

ماما لو حد عايز يسأل على حد ومهتم هيفضي جزء من يومه حتى ولو خمس دقائق لكن هو مش فارق معاه، كان حديث ريتال صحيح إلى درجة كبيرة فلو كان صالح يريد أن يهاتفها لفعل لكنه لم يفعل بغض النظر عن الأسباب التي منعته عن الإتصال بها.

فرضًا إن كلامك صح، هو خلاص مش فارق معاه أنتِ كمان مش المفروض يكون فارق معاكي، أنتِ داخلة على سنة مهمة جدًا في حياتك وكلها كام شهر وتبقي في الجامعة وتتعرفي على ناس جديدة وتبقى ليكي حياة تانية خالص.

قصدك إن أنا هنساه يعني؟ بس يا ماما مفيش حد بينسى أول حب في حياته، تمتمت ريتال بنبرة أقرب إلى الهمس خجلًا من والدتها ومن حقيقة مشاعرها والتي وللمرة الأولى أعترفت بها بشكل صريح وواضح، إنها تعتبر صالح حبها الأول وأجل لقد وقعت في حبه مهما حاولت أن تُخفي ذلك طوال السنوات الماضية...

ده كلام حقيقي فعلًا بس لما يكون حب بجد يا حبيبتي مش مجرد مشاعر مراهقة، بصي يا ريتال أنتِ كبيرة وعاقلة وأنا عارفة إنك هتستوعبي اللي هقوله، بصي طبيعي في سنك ده وفي المراهقة عمومًا إنك تحسي بإعجاب أو مشاعر ناحية أقرب وأول ولد تختلطي بيه وطبعًا بما إن صالح عايش معانا فهو كان الشخص ده.

ماشي يا ماما ممكن يكون كلامك صح بس ده مش هيغير اللي أنا حاسة بيه دلوقتي، أنا أساسًا مش عارفة وقت لما يعزمنا على الخطوبة هيبقى شعوري أيه، أنا قولت إنه خلاص بقى بالنسبالي ابن عمي مش أكتر بس قلبي مش قادرة يصدق الكلام ده،.

متسبقيش الأحداث لسه في وقت ويمكن لما يجي وقت الخطوبة تكوني شيلتيه من دماغك.

ماشي يا ماما مع إن المشكلة عمرها ما كانت في دماغي المشكلة كانت دايمًا هنا، نبست ريتال وهي تشير بإصبعها السبابة نحو موضع قلبها بآسى.

مش عارفة أقولك أيه بصراحة، أنتِ واخدة الحتة دي مني، أحنا قلبنا بيتحكم فينا بزيادة شوية، أنا وأنتِ محتاجين نتعلم ازاي نعمل موازنة بين قلبنا وعقلنا لأن مينفعش حاجة واحدة فيهم بس هي اللي تبقى مسيطرة على كل الأمور.

عندك حق يا ماما،.

طيب أنا هقوم أغسل إيدي وأعمل مكالمة عقبال ما الأكل يجي.

ماشي. بالفعل غادرت زينة مقعدها وغابت عن أعين ريتال والتي جلست تعبث في هاتفها منتظرة عودة والدتها بينما تحاول إبعاد صالح والمحادثة التي دارت بشأنه قبل قليل عن عقلها.

كانت تجلس على الكرسي وقد عدلت من موضعه قليلًا بحيث يصبح وجهها مُقابلًا لمياه البحر بينما كان مدخل المطعم من خلفها بحيث لم تكن ترى من يأتي أو يغادر المكان حتى أنها لم تلحظ وجوده ولم تراه قط...

ده شكل شط اسكندريه شط الهواء بجد ولا أيه؟ سأل ذو الأعين الرمادية المشوبة ببعض الزرقة بنبرته جمعت بين الهيام ممزوجة بنزعته الساخرة المميزة مقتبسًا مقطع شهير من أحدى الأغنيات بينما داعبت نسمات الهواء العليلة خصلات شعره المجعده.

وقعت عيناه الحادة ذات اللون المميز على تلك الفتاة، تلك الفتاة التي شغلت عقله وتعلق بها قلبه دون إرادة منه، كانت تبتسم هي ابتسامة واسعة نابعة من القلب بمجرد أن تطايرت في الهواء ورقة قد شكلتها على هيئة طير لشعورها بالملل بينما كان يتمنى بداخله لو يستطيع كلاهما أن يُحلقا معًا كما تُحلق تلك الورقة في السماء بحرية وسعادة بلا أسوار وحدود...

الفصل التالي
بعد 05 ساعات و 48 دقيقة.
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة