قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والأربعون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والأربعون

رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والأربعون

رمشت ريتال عدة مرات بتوتر نصف عقلها مع تلك الرسالة والنصف الآخر مع جدها، ألقت ريتال الهاتف في مكان عشوائي ونظرت نظرة أخيرة نحو إنعكاسها في المرآة قبل أن تتجه نحو الخارج، كانت خطواتها بطيئة مسكوة بكساء الخجل مزركش بتوتر ملحوظ، ذهبت لتُلقي التحية على الضيوف بطلب من جدها.
تعالي يا عروسة سلمي على الضيوف.

حينما رأت الدة تليد ريتال وجدت أنها لم تكن بالسوء الذي تتوقعه، لقد أرتدت ثوب مهندم وكانت ملامحها هادئة ولقد كانت بحاجة إلى بعض الوقت لتذكر أنها الفتاة نفسها التي قابلتها منذ ما يزيد عن سنتين برفقة تليد فلقد تغيرت هيئتها قليلًا ربما إزدادت في الوزن بضع كيلوجرامات بالإضافة إلى مساحيق التجميل وبلا شك لقد تحسن ذوقها في اختيار الملابس هكذا كانت تُفكر.

بدأت ريتال السلام بوالدة تليد التي ضمتها بين ذراعيها لكن بدلًا من أن تشعر ريتال بدفء شعرت برجفة تجتاح جسدها جعلتها تشعر بعدم الراحة، أنتقلت بعدها إلى شقيقته التي كان الحماس باديًا عليها ومن ثم ألقت تحية شفهية على والد تليد وعلى تليد نفسه الذي أخذ يُطالعها بأعين لامعة لم تدري ريتال إن كانت تلك اللمعة بسبب الحب أم من فرط الإضاءة لكن ما تعلمه هي أنها شعرت وكأنها ترى تليد لأول مرة...

لا تكاد تُصدق أنها ستجلس بعد قليل إلى جانب ذلك الفتى المشاغب من الصف الدراسي ذاته لتقرأ الفاتحة وبعدما كان يحاول التقرب إليها في الخفاء جاء إلى هنا مُفصحًا عن مشاعره في العلانية طالبًا يدها في الحلال على سنة الله ورسوله، أخرجها من تأملها السعيد والدتها وهي تسحبها بلطف نحو الداخل ومعها تسنيم ونانسي اللاتي رحبن بالضيوف مثلها.
في أيه يا ماما هو أنا لحقت أقعد؟

أنتِ بتسلمي وتدخلي لحد ما الرجالة يتفقوا وبعدها بنخرج نقرأ الفاتحة.
طيب وطنط؟

هجيبها دلوقتي تقعد معانا هي وأخته في ال Living هي وخالتك وهنقدملها جاتو وحاجة ساقعة أو هشوف هيشربوا أيه.
بالفعل غادرت زينة الحجرة وذهبت لإحضار والدة تليد شقيقته تسنيم، جلس جميع النسوة في الداخل وقدمت لهم زينة قطع من الجاتوه الفاخر وبضع قطع من الحلوى الشرقية مع مشروب غازي، جلست تسنيم بالقرب من ريتال وفريدة في حين أن زينة جلست إلى جانب والدتها.

ما شاء الله ابنك ده يا مدام زينة مش كده؟ سألت والدة تليد التي كانت على ما تذكر أن زينة لم يكن لها أبناء سوى ابنتها الوحيدة ريتال، ابتسمت زينة ابتسامة متكلفة وهي تُعدل من وضع إياد بين ذراعيها قبل أن تقول: اه إياد آخر العنقود.

أردفت زينة مُشيرة إلى صغيرة في حين كانت فريدة ابنة فؤاد تجلس بالقرب من ريتال، تعجبت والدة تليد ظنًا منها أن فريدة تكون ابنة زينة لا ابنة زوجها قبل أن تقول متعجبة: ما شاء الله ربنا يخلي، لما أتقابلنا مع الولاد قبل كده كنت فاكرة إن عندك ريتال بس أو ده اللي قولتيه وقتها يعني.

فريدة تبقى بنت دكتور فؤاد جوزي بس هي زي بنتي بالضبط فبعدها مع ولادي وإياد عنده خلاص قرب يكمل السنة. فسرت زينة الأمر ببساطة شديدة ولقد أعتادت أن تُسأل مثل هذا السؤال ولم تكترث كثيرًا بردة فعل المتحدثين إليها لكن نظرات والدة تليد جعلتها تشعر بقليل من عدم الراحة.
ما شاء الله ربنا يخلي، وأنتِ لسه بتشتغلي بقى ولا خلاص أتشغلتي بالأولاد؟

حاليًا مش بشتغل بس أنا وفؤاد كنا بنفكر مع بعض في مشروع حضانة كده وتبقى حاجة قريبة من البيت بس لما إياد وفريدة يكبروا شوية.
حلو جدًا، أنا زي ما أنتِ عارفة شغلي كله برا مع بابا تليد طول الوقت في مؤتمرات علمية وندوات وخلصنا الدكتوراة بتاعتنا واحتمال أعمل ماچستير تاني غير اللي أنا واخداه.

ما شاء الله اللهم بارك ربنا يوفقكوا، بس ده أكيد كان صعب عليكي توافقي بين البيت والسفر والشغل وكده. كانت زينة منبهرة بما انجزته والدة تليد بكل تأكيد لكنها سرعان ما أدركت أن ما قالته يعني أنها كانت تغادر البلاد تاركة أولادها بمفردهم، اضطربت معالم وجه والدة تليد ولم يروق لها كثيرًا السؤال لكنها ابتسمت ابتسامة صفراء قبل أن تُجيبها: للأسف كان الموضوع صعب بس كانت أختي هنا مع الولاد معظم الوقت لحد ما كبروا شوية وبقينا بناخدهم معانا في السفريات في الإجازات الكبيرة والمناسبات.

طب كويس أوي.
صحيح هي ريتال في جامعة أيه؟ جامعة خاصة مش كده؟

لا ريتال في جامعة اسكندرية عادي هي مجموعها كان جايب أسنان هنا.
كانت ريتال تستمع إلى المحادثة التي تدور بين والدتها ووالدة تليد حتى وجهت لها تسنيم الحديث لتنتبه لها ريتال:
حلو أوي الأوت فيت بتاعك يا ريتال أنتِ كنتِ متفقة مع تليد عاللون مش كده؟

شكرًا ربنا يخليكي، اه كنا متفقين عالألوان بس مورناش بعض اللبس نفسه خليناها مفاجأة. أجابت ريتال عن سؤالها بخجل شديد، ابتسمت تسنيم قبل أن تُعقب على ما قالته مُردفة:
تحفة تحفة بجد لازم أصوركوا كتير مع بعض.

اه ياريت بجد وأحنا مجهزين ديكور قرينا الفاتحة والحاجات دي برا.

أيوا شوفتها جميلة ما شاء الله، بقولك أيه هو ممكن اسألك سؤال غريب شوية؟

أكيد إتفضلي.

أنتِ وتليد حبيتوا بعض من أمتى؟ أو بلاش تليد أنا عارفة هو حبك من يوم ما شافك، من يوم ما قعدتي عالديسك بتاعه وسابك من غير ما يتخانق معاكي على غير العادة. سألت تسنيم بفضول شديد وقامت بذكر الموقف الأول الذي جمعها بتليد في أيامها الأولى في مدرستها الثانوية.

ده بجد؟ هو حكالك عن أول مرة شافني فيها؟

ريتال تليد مش بيعمل حاجة غير إنه بيحكي عنك من وقت ما عرفك سواء لياسين أو ليا.

أردفت تسنيم لتغوص ريتال في تلك اللحظة داخل شاطئ من الذكريات، يومها الأول في المدرسة ومحادثتها الأولى هي وتليد، يوم صدمت رأسه وهي تلعب بالكرة عن غير قصد، حينما رأسلها في محادثة خاصة فقامت بتوبيخه فأعاد إرسال الرسالة في المجموعة حيث توجد حنين وعالية.

أنا مكنتش متخيلة بصراحة إنه بيحكي عني كده بس أنا مبسوطة بصراحة، وبالنسبة لسؤالك أنا مش عارفة لحظة معينة أنا فجأة لقيت نفسي مش بفكر في حد غير تليد، عايزة اتطمن عليه وأشوفه مبسوط، كانت ريتال تفكر وهي تُجيب عن سؤال شقيقة تليد، كانت إجاباتها عامة حتى وجدت الإجابة الحقيقة عن سؤالها.

أنا عرفت إني بحبه لما حسيت معاه بالأمان، أنا ببقى مطمنة وهو جنبي وحاسة أني مش خايفة من أي حاجة وأي حد لأني عارفة إن هو هيدافع عني ويحميني.

ابتسمت تسنيم حينما سمعت إجابة ريتال والتي ربما كانت أقل رومانسية من خاصة تليد لكنها كانت كافية بالنسبة إليها، في ذلك الوقت بالخارج كان النقاش حول كل شيء ما يزال مستمرًا ولم تتوقف الأسئلة خاصة فؤاد وجد ريتال حول كل شيء يخص تليد وعائلته فلا ينوي جد ريتال أن يُكرر الغلطة نفسها التي حدثت من ما يزيد عن التسعة عشر عامًا.

أنا شاري لتليد شقة غي كومباوند في أكتوبر وما شاء الله الشقة 3 أوض وفيها حمامين مساحتها كييرة يعني وأكيد حضراتكو تيجوا تتنورونا تبصوا عالشقة وطبعًا هي لسه محتاجة شغل.

مفيش داعي للإستعجال دي فترة تعارف وبعدين الولاد مش هيتخطبوا أقل من سنتين أو يمكن أكتر ففي وقت للتجهيزات كلها قدام.

كان حديث فؤاد مقتضب يريد أن يضع النقاط أعلى الحروف ويبرهن لوالد تليد أنهم لم يوافقوا بعد أو على الأقل سيتم مناقشة العديد من الأشياء فهو لن يلقي بإبنته لأول شاب يأتي لخطبتها، كما عليه أن يثبت لوالد تليد أنهم لا أحد يكترث بما يملكون من مال وعقارات فهم لا يبحثون عن شخص ثري ليقدموا ابنتهم له بل يبحثون لها عن شريك حياة، وزوج صالح، وأب لأبنائها في المستقبل لا حساب بنكي أو بطاقة ائتمان متنقلة.

أجل المال والمستوى المعيشي أمر هام يجب أن يؤخذ في عين الإعتبار لكنه ليس المعيار الوحيد فالأموال تأتي سريعًا وترحل بسرعة أكبر لكن ما لا يتزحزح ولا يمكن إكتسابه هو الأصل.

طبعًا يا أونكل حضرتك عارف أنا لسه بدري لكن أنا بشتغل برا مع دراستي وإن شاء الله لما أنزل مصر تاني بعد التخرج هشتغل في مستشفى فترة وبعدين هفتح عيادة خاصة.

كانت هذه الجملة الأولى التي نطق بها تليد تقريبًا من بعد فقرة التعارف، كان يحاول تلطيف الأجواء وكذلك طمأنة قلب جد ريتال وزوج والدتها بأنه شاب جاد لديه خطط ولم يترك شيء للمجهول على قدر ما يستطيع، ابتسم فؤاد ابتسامة صغيرة وهو يقول الآتي جاعلًا نبرته أقل حدة:
إن شاء الله ولو عالمستشفى متقلقش أنا معارفي في المجال الطبي كتير وطبعًا والدك يعني هتدبر إن شاء الله شد حيلك بس.

بالنسبة للشبكة أنا مجهز فلوس ليها لكن لو مش هنعمل الخطوبة الأجازة دي وهنخليها الزيارة اللي جاية هيبقى معايا رقم أكبر.

أحنا هنقرأ فاتحة المرة دي والزيارة الجاية لو في نصيب وقبول نعمل خطوبة، بالنسبة للدهب أحنا مش بنحط رقم معين ده هدية من العريس لعروسته فبراحتك لو عايز تزود المبلغ أو تشتري بنفس الرقم.

قال جد ريتال ليومئ والد تليد مع ابتسامة واسعة، لقد اطمأن قلبه أن الطمع ليس من صفات هذه العائلة عكس ما كانت تتوقع زوجته تمامًا، ليتها ترى هذه العائلة كما يراها هو الآن، عائلة بسيطة ذات أصل طيب لا تُحركهم الأموال والثروات بل يسعون خلف سعادة ابنتهم كما يبحث هو عن سعادة تليد.

تم مناقشة بضع أشياء آخرى قبل أن تتم الموافقة على جميع الشروط والخطط المبدأية، لم يرفض تليد أيًا منها فلقد كان على أتم إستعداد أن يبيع كل ما يملكه ويمنحهم كل ما لديه في مقابل أن يجتمع بحبيبته، ساد الصمت لبرهة قبل أن يقطعه صوت جد ريتال قائلًا الآتي بصوت مسموع يصل إلى النسوة في الداخل:
طب مش هتسمعونا زغروطة؟

حينما جاءهم صوته انتفضت ريتال من مقعدها بحماس ممسكة بيد فريدة غير مُبالية بإظهار فرحتها المبالغ فيها أمام والدة تليد وشقيقته وعلى أي حال لقد سعدت الأخيرة كثيرًا بردة فعل ريتال فهي لا تتمنى شيء أكثر من رؤية شقيقها سعيد مع فتاة تحبه بحق ولا تخشى في إظهار مشاعرها لومة لائم.

نقرأ الفاتحة وبعدها يزغرطوا براحتهم.

بعد أن قرأ الكل الفاتحة قامت شقيقة تليد بإلتقاط بضع صور لهم لكن سرعان ما طلب منهم تليد التوقف عن إلتقاط الصور حينما تذكر أمر ما، طلب من ريتال أن تغمض عيناها قبل أن يُخرج من أحدى جيوبه علبة صغيرة من القطيفة، راقب الكل ما يحدث بتعجب حيث لم يخبر تليد أي شخص من عائلته أنه أحضر هدية من أجل ريتال.

ريتو دي حاجة بسيطة كده علشان لحد ما نجيب ننزل نشتري الشبكة.

فتحت ريتال عيناها لترى هدية تليد والتي كانت عبارة عن سلسلة من الذهب على شكل قلب حفر داخله الحفر الأول لتليد بالإنجليزية، طالعته ريتال بذهول وسعادة حقيقة قبل أن تشكره قائلة:
دي تحفة بجد يا تليد شكرًا، كلفت نفسك!

مفيش حاجة تغلى عليكِ، أقلعي السلسلة الفضة بقى وإلبسي دي. ساعدتها نانسي في نزع السلسال الفضي وإرتداء الذهبي بدلًا منه، أتسعت ابتسامة ريتال حينما رأت إنعكاس لصورتها في شاشة الهاتف خاصتها قبل أن يطلب منهم تليد إلتقاط المزيد من الصور لهم معًا.

يا جماعة ما تشغلولنا أفرحي يا عروسة أنا العريس والحاجات الجميلة دي.

أيه يا تليد الأغاني دي؟

ده تراث يا بنتي تراث، أصل مش هينفع نشغل يا دبلة الخطوبة علشان زي ما أنتِ شايفة مفيش دبل لسه وكده.

شغلوا يا سلسلة الخطوبة بقى. علقت نانسي ساخرة من تليد ليُطالعها بإشمئزاز من بشاعة المزحة التي قالتها قبل أن يسأل ريتال بإستهزاء:
جاية مع مين دي؟

معلش تبعي تبعي.

عارفة يا نانسي لولا إن ريتال بتحبك كنت، يلا ما علينا المسامح كريم.

تمتم تليد وقبل أن توبخه نانسي سبقتها زينة وهي تقترب منهم لتضطرب معالم وجه تليد فلقد كانت أكثر الأشياء التي تُخيف تليد المرتفعات، الثعابين، وأخيرًا زينة والدة ريتال.

في أيه يا طنط والله ما عملت حاجة.

أيه يا حبيبي مالك في أيه؟ ده أنا جاية أقولكوا ناخد صورة مع بعض ومع فؤاد. عقبت زينة على ما قاله بنبرة لا تخلو من السخرية وقد هربت منها ضحكة رغمًا عنها.

اه طبعًا يا طنط، أنجري يا بت يا نانسي خدينا صورة جماعية يلا.

ماشي يا تليد لما أهلك يمشوا بس. أردفت نانسي من بين أسنانها وهي تتعود له بينما تسحب الهاتف من يده لتلتقط منهم بضع صور.

بص خدوا الولد تحت جناحهم ازاي؟ وكل ده من أول قاعدة أومال لما يفضل داخل خارج في الخطوبة هيعملوا أيه؟ سمع فؤاد ما قالته والدة تليد لزوجها وقلب عيناه بتملل قبل أن يُقرر التدخل لإصلاح الأمر بذكائه المعتاد، رسم ابتسامة مزيفة على ثغره وحاول أن يجعل نبرته مرحة قدر الإمكان وهو يقول:
أستاذ أحمد شرفنا حضرتك أنتَ والمدام ناخد صورة مع بعض للذكرى ما أحنا خلاص بقينا عائلة واحدة ولا أيه؟

اضطربت معالم وجه والدة تليد وابتسم والده بتوتر قبل أن يدفعها زوجها برفق نحو المكان الذي وقفوا فيه جميعًا، إلتقطت نانسي الصورة الجماعية ولم ينسوا الجد بالطبع ولبرهة شعرت نانسي بأن لا مكان لها وسط ذلك الجمع لكن سرعان ما لاحظت فريدة ذلك وطلبت من نانسي الوقوف في وسط العائلة في حين أن فريدة ستلتقط هي الصورة.

مر الوقت بسلام حتى جاء موعد الرحيل ولقد حاول جد ريتال إقناعهم بالبقاء لتناول العشاء سويًا حتى يكون عيش وملح لكنهم رفضوا بأدب متحججين بشعورهم بالإرهاق من طريق السفر، حين غادروا المنزل بدأت النقاشات حول اليوم وحول كل شيء.

عروستك زي القمر يا حبيبي ما شاء الله، عرفت تختار يا تليد وأهلها ناس طيبين ومحترمين جدًا. علق والد تليد محاولًا تلطيف الأجواء وكذلك مشاركة ابنه سعادته، زمت والدة تليد شفتيها قبل أن تقول من بين أسنانها:
أممم زي القمر فعلًا بس أنتَ أحلى طبعًا ده كفاية إنك أبيضاني وملون كده لكن هي سمراء وأهلها عاديين يعني.

ماما أنتِ أكيد مقولتيش كده بجد؟ ده في حديث نبوي بيقول (ليس لعربي فضل على أعجمي، ولا أبيض على أسود إلاّ بالتقوى) وده كلام الرسول ? وأنتِ يا ماما تقولي أصلها سمراء؟ صُعق الكل من رد تليد الذي لم يكن متوقعًا بتاتًا لقد كان وقع رده أشبه بالصاعقة على والدته، ابتسم والده فخرًا بأبنه قبل أن يُعلق قائلًا الآتي ملاطفًا إياه:.

الله يفتح عليك يا شيخ تليد هو ده الكلام، أحنا لما كنا معترضين عالبنت مكنش على الشكل لأنه عيب وحرام والبنت أصلًا زي القمر.

وبعدين يا ماما على فكرة أنتِ بتنسي علشان ريتال دي أنتِ قابلتيها قبل كده وجبتيلها هدية كمان لما كنا في ثانوي. ظن تليد أن قام بتسديد هدف في تلك المعركة الكلامية لكن والدته قامت برد الصاع صاعين مُردفة الآتي بسخرية:
هو أنا هفتكر أيه ولا أيه يا تليد؟ ما أنتَ حكتلي عن مليون بنت قبل كده ومش أول واحدة أبعتلها أو تبعتلي هدية وأقابلها يعني.

لا أنتِ فاكرة يا ماما وبتعندي معايا بس مش أكتر، ووقتها كنتِ شايفاها زي القمر وكنتِ حبوبة وعسولة، ما علينا كده كده كل الكلام ده ملوش لازمة دلوقتي.

كان تليد يتحدث بضيق شديد وهو يضع يديه في كلتا جيوبه، أقتربت منه تسنيم لتقوم بشبك ذراعها مع خاصته بينما تُربت على كتفه كي يهدأ قليلًا، حاولت والدته تبرير موقفها قائلة:.

مش بعند أنا فعلًا كنت ناسية وبعدين هي شكلها أختلف في السنتين دول، أحنا وقت ما قابلنا البنت مكنتش أعرف موضوع الإنفصال ده وكل التفاصيل اللي حصلتلها ومشاكل باباها مكنتش حصلت وبعدين في فرق بين إنك تبقى معجب ببنت وشغل عيال ومراهقين وبين إنك تتجوزها.

سبحان الله أنا مش فاهم بجد، يعني عادي أبقى بلعب وبعك ومشاعر بتترمي في الأرض وكله أشطا لكن لما أخد خطوة جد وحلال تبقى مش عجباكي أنا مش قادر أستوعب يا ماما بصراحة.

علق تليد متعجبًا من وجهة نظر والدته الغير منطقية بالنسبة إليه، لقد كان قد توقع مسبقًا أن والدته قد تشعر بالغيرة من عروسه المستقبلية في المطلق بغض النظر عن ريتال لشخصها لكن أن يصل بها الأمر إلى هذه الدرجة فهو شيء لم يكن في الحسبان.

أنا مقولتش كده، تليد يا حبيبي البنت كويسة وزي الفل الفكرة كلها أنا كان نفسي تختار حد أحسن، عائلة أكبر، تبقى أحلى،.

ماما ليه محسساني إننا من أغنى عشر عائلات في العالم؟ أحنا اه الحمدلله مستوانا كويس بس من عائلة عادية جدًا وأنتِ وبابا مع احترامي بس خريجين مدارس عادية جدًا ولا انترناشيونال ولا لغات زينا ولا جامعات خاصة.

علق تليد ساخرًا في بداية حديثه وبغض النظر عن كون أسلوبه غير لائق لأنه في النهاية يتحدث إلى والدته لكنه في الوقت ذاته كان محقًا تمامًا حتى أن والده وافقه في الرأي حتى وإن كان متحفظًا على أسلوبه في الحديث.

الواد ابنك ده لسانه طويل بس عنده حق.

أيًا كان. تمتمت والدة تليد بحنق وهي تسير بخطوات سريعة مبتعدة عنهم، أسرع والد تليد ليلحق بها قبل أن يضع يده على كتفها بلطف بينما يغازلها قائلًا:
تعالي بس يا قمر، زعلانة ليه؟ مش أنتِ فعلًا طلعتي قابلتي البنت ومامتها قبل كده.

أنتَ عارف تليد خلاني أقابل كام بنت؟ ده غير اللي كانوا في النادي وغير الناس جيرانا في شالية الساحل أنتَ بتتكلم في أيه؟ أنا كنت فاكرة البنت دي مجرد واحدة معجب بيها وكنت شايفاها بنت لطيفة بتساعد تليد يركز في مذاكرته ويبقى أحسن لكن متوقعتش الموضوع يقلب بجواز أو على الأقل مش بالسرعة دي.

فسرت والدة تليد سبب تصرفاتها الغير مفهومة والآن أصبحت الصورة كاملة، لقد كانت بتفكريها المشوه بالذكورية ترى أنه لا بأس بأن يُرفها ابنتها بعشرات البنات التي يعرفهن ويلاطفهن لأنه لا يعيبه شيء كونه شاب لكن الأمر هذه المرة لم يكن مجرد إعجاب عابر بل نضج طفلها الصغير وأصبح رجلًا وقع في الحب وأراد أن يُكلل ذلك الحب بإطار الحلال.

وأيه المشكلة يا حبيبتي؟ وبعدين فين الجواز ده؟ ده لسه مجرد كلام وشوية اتفاقات وبعدين خطوبة وفترة طويلة يعرفوا بعض فيها وأحنا نعرفهم فيها.

أنا مش عدوة تليد أنا أمه وعايزة مصلحته بس هو مش قادر يفهم ده.

لو أنتِ أمه وبتحبيه تتمنيله السعادة وهو أدرى واحد بسعادته، أحنا كنا طول الوقت مسافرين ومش جنبه لا هو ولا أخته منعرفش هما بيحبوا أيه ومبيحبوش أيه هما أدرى بنفسهم. تحدث والد تليد بصراحة شديدة فلقد من طبيعته أن يعترف حينما يُخطئ أو يُقصر في شيء ما لكن والدة تليد لم تكن كذلك.

أيوا بس أحنا سافرنا ليه؟ مش علشان نبني ليهم مستقبل ونعيشهم عيشة أحسن؟

وعلشان اسمنا نكبر وأحنا كمان نكبر مش علشان الولاد بس، خليكي صريحة مع نفسك أحنا كنا أنانيين في جزء.

أنتَ شايف كده يعني؟ ماشي يا أحمد براحتك.

حاول والد تليد تلطيف الأجواء وأخذ يمازحها محدثًا إياها حول أشياء عشوائية في حين أخذ تليد يسرد أحداث اليوم من وجهة نظره إلى شقيقته أما عن ياسين فلقد كان ينتظرهم بجوار السيارة حيث كان هو أول من غادر كي يدع لهم الفرصة للنقاش كأسرة ولو لدقائق معدودة.

أما في الأعلى فكانت ريتال ما تزال تراقب إنعاكسها في المرآة والسلسال خاصتها الذي كان في السابق من الفضة لكن تليد إبتاع لها سلسال أجمل وأرق من الذهب، إلتقطت لها فريدة بضع صور آخرى قبل أن تقرر ريتال نزع حذائها ذو الكعب العالي الذي جعل قدمها تنتفخ وكذلك خلعت حجاب رأسها، أمسكت بهاتفتها على الفور وأرسلت لتليد الآتي:.

مش مصدقة إن اليوم ده جيه وبقينا مع بعض قدام الناس كلها، النهاردة قرينا الفاتحة وإن شاء الله زي دلوقتي كمان سنتين نبقي بنصلي العشاء مع بعض وأنتَ الإمام.

لا تدري ريتال من أين جاءها ذلك التخيل وكيف استطاعت كتابة تلك الكلمات لكنه تأثير اللحظات السعيدة، لقد أرادت أن تعبر له عن مدى سعادتها بكلمات مختصرة قدر الإمكان، حينما تأكدت من وصول الرسالة اتجهت مباشرة نحو المجموعة القديمة التي كانت تجمعها بتليد والفتاتين، لم تكن واثقة من أنهم سيقرأون الرسالة نظرًا لقدم المجموعة ولربما كانوا قد فعلوا خاصية عدم إظهار الإشعارات لكنها أرسلت صورة لها هي وتليد هناك على أي حال، كادت بعدها أن تغادر التطبيق لولا أن لمحت رسالة صالح مرة آخرى...

فريدة عايزة أوريكي حاجة، تمتمت ريتال وقد قررت مشاركة فريدة في ذلك الأمر، لاحظت الأخيرة تعابير وجه ريتال المضطربة لينتابها شعور بالقلق على الفور لتسألها بتوتر:
خير يا ريتال في أيه؟ لم تُجيب ريتال لكنها أعطت الهاتف إلى فريدة التي بمجرد قرأتها للكلمات المكتوبة اضطربت معالمها كثيرًا حتى أنها لم تجد ما تقوله في البداية.

فريدة، أنا مش، أنا مش فاهمة حاجة ومش عارفة أقوله أيه؟ مش عايزة أجرح مشاعره أكتر من كده بس في نفس الوقت إعترافه مبقاش ليه أي معنى دلوقتي.

وخايفة على مشاعره ليه؟ ما في داهية عادي، أقولك حاجة مترديش عليه أصلًا أعمليها سين وسيبيه كده.

تمتمت فريدة بلا مبالاة فمن وجهة نظرها أنه لا داعي لإحترام مشاعر شخص لم يحترم مشاعر غيره من البداية وعلى أي حال كل ذلك لم يعد يشكل فارقًا الآن فلقد طُويت صفحة صالح من حياتها تمامًا وكأنه لم يكن والآن هي أصبحت تنتمي لشخص آخر.

مش هبقى قليلة الذوق؟ أنا مش عارفة أنا بفكر معاكي بجد،.

ولا قليلة الذوق ولا حاجة هي دي الطريقة الصح اللي المفروض تتعاملي بيها الفترة الجاية ولازم يترسم بينكوا حدود أنتِ خلاص رسمي بقى في حد تاني في حياتك.

عندك حق، هو كده كده شوية وهيشوف الصور وهيفهم كل حاجة لوحده. أردفت ريتال وهي تنظر إلى الرسالة بطرف عيناها، لقد قرأتها أكثر من ثلاث مرات وفي كل مرة يزداد شعورها بالسوء لكنها قررت الأخذ بنصيحة فريدة وعدم إرسال رد على ما قاله.

أما عن نانسي فلم تُخبرها ريتال بأمر الرسالة فلقد كانت حالتها سيئة بالفعل بسبب ذلك الوغد المدعو أدهم فلا داعي لزيادة الطين بلة بإخبارها أن صالح قد أعترف بمشاعره فذلك سيجعل نانسي تشعر بعدم الثقة والمقت أكثر وربما ستشعر بالغيرة كون ريتال أصبحت عروسًا لتليد وفي الوقت ذاته حصلت على حب صالح في حين لم تحظى نانسي بشيء.

يا بنات أنا عازمكوا على العشاء النهاردة بمناسبة قراية الفاتحة شوفوا تحبوا تطلبوا أكل منين. أعلن فؤاد ليظهر الحماس على وجه الثلاث فتيات، لم يكن لدى أي أحد منهم طاقة للذهاب إلى تناول العشاء في الخارج لذا كان خيار التوصيل للمنزل هو الأفضل في الوقت الحالي.

سوشي؟ أقترحت نانسي لترحب فريدة بالفكرة لكن ريتال لم يروق لها الأمر كثيرًا.

طيب خلاص فريدة ونانسي يطلبوا سوشي وأنتِ يا ريتال شوفي عايزة أيه.

استقرت في النهاية ريتال على تناول وجبة مشويات متنوعة وأثناء انتظارها لوصول الطعام جاءتها مكالمة من تليد والذي قامت بتغير اسمه في قائمة الهاتف خاصتها ل تليدي وإلى جانبه إيموشن خاتم زواج، أنسحبت ريتال نحو الشرفة وجلست في الداخل تتحدث إليه.

ألو؟ أكلم ريتال خطيبتي لو سمحتِ؟

تحدث تليد بنبرة جادة لتنفجر ريتال ضاحكة قبل أن تسأله بنبرة لا تخلو من المزاح:
بقيت خطيبتك خلاص كده؟

في حكم المخطوبين يعني، أصلي هقول عليكِ أيه؟ ممكن أكلم ريتال اللي شارب عليها شاي؟ سألها تليد ساخرًا ولم تمنع ريتال نفسها من قلب عيناها بسخرية قبل أن تُردف:
شارب عليا شاي اه، تليد هو أنتَ بتحب تشرب شاي من أساسه؟

متدخلنيش في تفاصيل، المهم شكلك النهاردة كان تحفة ما شاء الله والماتشينج اللي كنا عاملينه طلع أحلى من أحلى حاجة كانت ممكن تيجي في بالي.

أيوا الصور طالعة تحفة، أحلى صور أتصورتها في حياتي بصراحة.

ده كده كده، المهم، أيه الرسالة اللي زي السكر دي؟ هرد عليها على فكرة متقلقيش بس كنت عايز أطمنك الأول إننا وصلنا الأوتيل اللي هنبات فيه للصبح قبل ما نرجع القاهرة،.

حمدلله على السلامة لو احتاجتوا أي حاجة قولوا على طول.

ماشي يا جامدة بقيتِ اسكندرنية خلاص.

اه طبعًا. قالت ريتال وساد الصمت بعدها لبرهة لقد كانت تشعر ريتال بأن تليد يرغب في قول شيء ما لكنه لا يقوى على ذلك أو ربما لم يجد الكلمات المناسبة، أخذ نفس عميق قبل أن يقول الآتي:.

طيب بعيدًا عن الهزار كنت عايز أقولك حاجة، بصي متزعليش لو ماما طريقتها كانت مش ألطف حاجة النهاردة وبابا كمان وقولي لجدو وأنكل فؤاد وطنط زينة ميزعلوش أنا كده كده هكلمهم واحد واحد أراضيهم، أنا عارف أهلي طريقتهم بتبقى يعني جامدة شوية بس هما مش قصدهم بجد.

كان حديث تليد لطيفًا حنونًا لم تتوقعه ريتال ولقد أثبت لها أنها أحسنت الإختيار فكون شريك حياتها شخص متفهم لا يخشى الإعتذار أو توضيح الأمور هو شيء هام للغاية بالنسبة إليها حتى وإن لم يعتذر تليد حقًا كما وعدها.

حقهم يخافوا عليك وطنط ليها حق تغير برضوا، أنا لو عندي ولد هكون غيرانة عليه وهعمل فيها حماة يعني.

يا ستار يارب هبقى أروح أخطبله من وراكي، المهم مش عايزك تضيقي بقى.

هيجيلك قلب تعمل حاجة من ورايا؟

بصراحة لا، بصي أنا لازم أقفل علشان هننزل نتعشى وهكلمك الصبح تاني إن شاء الله.

ماشي، تصبح على خير.

وأنتِ من أهلي.

حينما فرغت ريتال من مكالمتها أخذت تبتسم ببلاهة وهي تتأمل السماء ذات النجوم الساطعة، عقلها لا يكاد يستوعب ما حدث اليوم وكذلك ما قيل في تلك المكالمة، لقد تحقق حلم ربما لم تجرؤ من قبل أن تحلم به من الأساس، إنها على بعد خطوات من شخص أحبه قلبها بصدق أو هذا ما كانت تعرفه هي.

تناولت ريتال طعام العشاء برفقتهم وقبل أن تقوم بكتابة منشور للإعلان عن ذلك الخبر السعيد سبقها تليد وقد قام بوضع صورتين لهما معًا وأشار إليها في المنشور حيث قام بكتابة الآتي:
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات، اليوم زرت بيت القمر وطلبتُ مجاورته بالسحاب لكن ما رأته عيناي اليوم فاق القمر والنجوم جمالًا وسطوعًا، اليوم خطوت خطوتي الأولى نحو من اختارها القلب شريكة لحياتي.

قرأت ريتال المنشور بأعين دامعة من فرط السعادة، لم تكن تعلم أن تليد قادرًا على كتابة مثل هذه الكلمات المعسولة، لقد راق لها كثيرًا ما قام بكتابته وكذلك شعرت بالسعادة كون حماسه دفعه للإعلان عن الأمر قبل أن تفعل هي فعادة ما يكون الوضع معكوسًا، أخذت تقرأ ما كتب مرارًا وتكرارًا لا تكاد تصدق عيناها وقلبها كان عاجزًا على إستيعاب ذلك الكم من السعادة في وقتٍ واحد.

في الوقت ذاته وبالعودة إلى القاهرة، كان صالح يجلس وحيدًا في حجرته شبه المظلمة يُطالع الصور بذهول شديد غير مُصدقًا لم تراه عيناه، قرأ الكلمات نفسها مئة مرة محاولًا التأكد من صحة ما قرأه، مؤكد أنه أساء الفهم ولربما كانت مزحة سخيفة فمن المستحيل أن تخطو ريتال خطوة كتلك أليس كذلك؟ ودون أن تخبره أيضًا؟ هذا أمر لا يُعقل بالتأكيد!

لكن للأسف لم يكن أيًا من ذلك صواب بل مجرد وهم داخل رأسه فلقد كان كل ذلك حقيقي فلقد خطت ريتال خطوتها الأولى نحو زواجها من تليد، لقد قامت برفض صالح تمامًا وقد اختارت ذلك الشاب السخيف بدلًا منه والأمر اتخذ إطار رسمي، كيف لم يدعوه أحد؟ لِمَ لَم تُخبره؟ إلهي! هل تراه تأخر في إرسال رسالته تلك؟ هل لو كان أرسلها باكرًا وصب مشاعره في وعاء قلب ريتال قبل اليوم هل كان ذلك سيؤثر على النهاية؟ تُرى هل قرأتها ريتال؟ لعلها قرأتها وهو إلى جانبها وسخر كلاهما من مشاعره بلا خجل.

لم يُدرك صالح كم من الوقت مر وهو يُطالع ذلك المنشور، ينظر إلى الصور مرارًا وتكرارًا محاولًا ملاحظة جميع التفاصيل وفي النهاية قرر كتابة الآتي في تعليق:
ألف مبروك يا ريتال، ربنا يتمم على خير مش متخيل إن أختي الصغيرة بقت عروسة.

كفكف صالح الدمعة التي كادت أن تسقط من عيناها قبل أن يُلقي بهاتفه بعيدًا، بدل ثيابه سريعًا وغادر المنزل متجهًا نحو المرأب ليخرج دراجته النارية التي لم يقودها منذ مدة طويلة، جاب شوارع القاهرة دون وجهة محددة وهو يقود بسرعة جنونية غير مدركًا لأي شيء من حوله.

لم تستطع ريتال النوم في تلك الليلة، لقد كان عقلها يسترجع أحداث اليوم بأكمله والتي لحسن الحظ كانت معظمها سعيدة على غير المعتاد بغض النظر عن توتر الأجواء فور وصولهم والذي كان أمر طبيعي في مثل هذه المواقف لكن سرعان ما خطر على بالها شيء جعل سعادتها تندثر في لحظة، تتبخر وكأنها لم تكن ولقد كان ما تذكرته هو والدها...

عبدالرحمن أباها البيولوجي والذي كان من المفترض في الظروف الطبيعية أن يكون إلى جوارها في يوم كهذا، وأكثر ما أحزنها وأسعدها في الوقت ذاته هو وجود فؤاد والذي أدى دور الأب بكفاءة شديدة، أجل لقد أغناها عن غياب والدها ولقد كانت تشعر بالراحة والاطمئنان لوجوده ولقد كان خير الأب والسند لها لكن ذلك لن يلغي شعورها بالحزن لأن والدها الحقيقي هو من كان عليه أن يكون في تلك الجلسة، يرحب بوالد تليد ويتحدث إليه، يخبره كم أن ابنته جوهرة ثمينة لا تقدر بثمن وأنه سيعطيها فقط لمن يستحق قلبها ويحرص على سعادتها...

أخذت تتململ في الفراش وحينما أيقنت أنها لن تستطيع النوم الآن غادرت الفراش بل والحجرة بأكملها متجهة نحو الخارج، كان جدها يجلس في الشرفة وأمامه كوبًا من الينسون وفي يده المصحف الشريف يتلو منه بصوت مسموع نسبيًا، في البداية لم ينتبه لها لكن حينما فرغ من التلاوة أشار لها بأن تأتي إليه.

لسه صاحي يا جدو؟

بقرأ الوِرد بتاعي أنتِ عارفة، أنتِ اللي ليه لسه صاحية؟ مش عارفة تنامي من الفرحة ولا، ولا في حاجة تانية؟ سأل جدها وكأنه يعلم الإجابة مسبقًا ولقد كان قد خمن ما يدور في ذهنها وقبل أن تُجيب عن سؤاله سبقتها دموعها ليجذب حفيدته بين ذراعيه بخفة، صدح صوت شهقاتها في المكان ليربت على كتفها بحنان بينما يقول:
حقك عليا يا حبيبتي حقك عليا،.

كان نفسي، كان نفسي يكون معايا يا جدو، أنا أستحق إن بابا يكون جنبي في يوم زي ده، زي أي بنت تانية، تحدثت من وسط دموعها ليفصل جدها العناق ليكفكف دموعها بيديه بينما يقول بحزن أضعاف مضاعفة من خاصتها وإن حاول كتم ذلك داخله ورسم ابتسامة صغيرة على ثغره بينما يقول:.

أنا عارف إن ده واجعك وحاسس بيكي يا حبيبتي من غير ما تتكلمي لكنه نصيب وقدر والحمدلله أحنا معاكي وبنت خالتك وبنت عمتك وفؤاد، راجل ابن حلال وحنين عليكِ، أنا عارف إن مفيش حد يقدر يعوض مكان الأب لكن الحمدلله ربنا كرمك بزوج أم محترم وحنين.

الحمدلله يا جدو،.

معلش اختبار من ربنا، الحياة دي كلها عبارة عن اختبارات كتير وأحنا الحمدلله بنصبر ونحتسب الأجر والثواب عند ربنا.

ونعم بالله، ربنا يباركلي في عمرك يا جدو مش عارفة من غير كنت هعمل أيه؟

ويباركلي فيكي يا حبيبتي، يلا روحي أغسلي وشك وأمسحي دموعك دي على ما أحطلنا حتتين جاتوه من الغالي اللي الواد تليد ده جايبه وتقعدي جنبي تفرجيني الصور بتاعت النهاردة. طلب منها جدها بنبرة مرحة لا تخلو من الحنان محاولًا تلطيف الأجواء، مسحت ريتال دموعها سريعًا وطبعت قبلة صغيرة على وجنة جدها قبل أن تقول:
عيوني يا حبيبي.

بقيت ريتال لبعض الوقت في صحبة جدها يشاهدون الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالنوم قبل أن يغلبها النعاس وتتجه إلى حجرتها وقد أصبح قلبها أكثر خفة وقد امتلأ داخلها بالسعادة والرضا، في صباح اليوم التالي استيقظت ريتال بحماس غير معتاد وأول ما فعلته هو أنها تحسست السلسال الذي يحاوط عنقها، نمت ابتسامة واسعة على ثغرها قبل أن تبحث عن الهاتف بجانبها وحينما أمسكت به أخذت تقرأ تعليقات ورسائل المباركات وكان أهمها هو المجموعة خاصة الفتاتين وتليد وكان أول ما وقعت عليه عيناها رسالة تهنئة من حنين:.

ألف ألف مبروك يا ريتو أحلى عروسة شافتها عيني، شكلك زي القمر مع إني معترضة شوية على الإختيار أنتِ عارفة بس يلا مش مشكلة ممكن نسامحه علشان عرف يلبس نفس درجة الألوان اللي أنتِ لابساها وملبسشي فحلقي بدل سكري.

أرسلت حنين تلك الرسالة لتُبارك للحبيبن وقد أنهتها بسخريتها المعتادة من تليد، انفجرت ريتال ضاحكة حينما رأت رسالتها وكانت في انتظار شجار مؤكد بينها وبين تليد كالأيام القديمة.

ألف مبروك يا ريتال أنا لسه بحاول أستوعب الإختيار ولأول مرة بتفق مع حنين، ربنا يتمملكوا على خير يا ولاد. كانت هذه رسالة عالية وللمرة الأولى حقًا تتفق مع حنين في الرأي ذاته.

دُرية ونفيسة بنفسهم بيباركولي؟ الله يبارك فيكي يا ختي أنتِ وهي عقبالكوا.

ضحكت ريتال على ما قاله تليد وعلى الشجارات التي اشتاقت ليها كثيرًا وقبل أن تُجيب عن رسائلهم صدح صوت جدها من الخارج محاولًا إيقاظها.

صباح الخير يا جدو.

صباح الخير يا أجمل عروسة، معلش بقى يا فريدة أنتِ فضل يتقالك يا عروسة سنتين كاملين دلوقتي جيه دور ريتال، وإن شاء الله سنة كده واللقب يروحلك أنتِ يا نانسي. لاطف الجد الفتاتين ولم ينسى نانسي التي كان الحزن باديًا على وجهها لكنها سرعان ما ابتسمت حينما وجه جد ريتال حديثه نحوها.

ريتال تليد أتصل واستأذن إنكوا تتقابلوا النهاردة قبل ما يسافر، ياسين كمان معاه وأخت تليد.

وأنتَ جاي معانا يا جدو صح؟

ابن خالتك هيبقى معاكوا أنا ورايا مشوار كده هخلصه وهجيلكوا.

ماشي يا حبيبي.

بعد مرور بضع ساعات وتحديدًا في موعد الغداء ذهبت ريتال لمقابلة تليد برفقة الفتاتين وشقيق فريدة بالطبع، جلس جميعهم على طاولة كبيرة مطلة على شاطئ البحر ولقد كان تليد يجلس مقابلًا لريتال والمثل بالنسبة لفريدة وياسين.

مساء الخير يا ريتال هانم ليكي واحشة.

لا يا راجل؟

أو?ر أوي مش كده؟

مبالغ فيك بصراحة، أنا بجد يا تليد مش مصدقة نفسي حاسة كأني بحلم.

لا صدقي علشان المرة دي الحقيقة أحلى من الحلم، هانت يا ريتال هانت بجد كلها شهرين تلاتة وأرجع اجازة تانية إن شاء الله علشان نتخطب ومن بعدها كل حاجة حلوة هتحصل، هنجهز بيتنا ونمهد لحياتنا الجديدة،.

كان تليد يتحدث بحماس شديد وقد رسم مخطط سعيد أخذت تدعو ريتال أن يسير كما وضعه هو، ابتسمت ابتسامة سعيدة لكن سرعان ما تحولت إلى حزن كبير حينما تذكرت أمر رحيله مرة آخرى فهي لا تدري كم مرة سيقوى قلبها على الفراق...

مش عارفة الكام شهر دول هيعدوا عليا ازاي أنا مش هقدر أستني بجد من الحماس.

إن شاء الله هيعدوا بسرعة على خير وأرجع بقى، عارفة، أنا هخليكي تنقي كل حاجة في البيت على ذوقك أصل بيتنا يعني مملكتك الخاصة، المكان اللي هتبقي مقضية معظم يومك فيه فلازم تكوني مرتاحة ومبسوطة.

يارب يا تليد، مجرد تخيل اللي أنتَ بتقوله ده ممكن يخليني فرحانة لأسبوعين قدام.

أسبوعين بس؟ سأل تليد مستنكرًا لتضحك ريتال قبل أن تقول:
أسبوعين دول مدة طويلة يا ابني أنا بغرق جوا دوامة إكتئاب في خلاص كام ساعة بس ده أنا كده عاملة معاك واجب وبقولك إسبوعين.

لا لو كده كتر خيرك أوي. أردف تليد ممازحًا إياها، قاطع حديثهم وصول المشروبات في حين أن فريدة وياسين لم يتوقفوا عن الحديث عن تجهيزات عش الزوجية خاصتهم.

فلقد من المتوقع أن يقيم ياسين حفل الزفاف في توقيت مقارب لحفل خطبة ريتال وتليد لأنه لا يعلم متى سيكون بإمكان تليد العودة إلى مصر مرة آخرى، لقد كان النقاش هادئ في البداية لكن سرعان ما بدأت نبرة كلاهما تحتد أثناء الجدال حول النقاشة ولون الحائط وأين يتوجب عليهم وضع مكيف الهواء وما إلى ذلك، أتسعت أعين تليد في رعب قبل أن يوجه حديثه لريتال مُردفًا:.

أحيية هو أحنا هنبقى زيهم كده؟ يعني بدل ما نقضي الخطوبة حب ورومانسية هنتخانق على إن التلاجة كام قدم؟

ده فيلم رعب أنا عمري ما سمعت فريدة بتتكلم بالنبرة دي، شكلها كده هتبلع ياسين.

طيب يا حبيبي نسيبكوا أحنا بقى علشان شكلكوا مجانين دلوقتي.

أقعد أقعد مفيش حد هيقوم من هنا. أمره شقيق فريدة وهو يشير له بأن يجلس وعلى الرغم من أنه كان يصغر تليد في العمر إلا أن الأخير إنصاع لطلبه وجلس في مقعده بعدما كان يخطط إلى السير برفقة ريتال بمفرده.

طيب يا ريتو هنكمل كلامنا هنا عادي جدًا.

أنا كنت عايزة أقولك على حاجة. توترت معالم وجه تليد من نبرتها الجادة وأشار لها بيده أن تتابع، تنهدة تنهيدة طويلة قبل أن تقول:
تليد أنا بصراحة قلقانة عليك من السفر،.

هي أول مرة أسافر يا ريتو؟ ده أنا خلاص قربت أتخرج وأرجع، لا بأ?ور بس سنتين ونص هيعدوا هواء يعني إن شاء الله. حاول تليد طمأنتها لكن كلماته لم تؤثر فيها كثيرًا حيث تابعت قائلة الآتي بينما تعبث في أصابعها بعشوائية:
هتقول عليا عبيطة أنا عارفة بس الحياة برا كلها فتنة، أنتَ قدرت تقاوم البنات والشرب والعك ده كله بس أنا خايفة تضعف.

ريتال يا حبيبتي مش عايزك تقلقي أنا ببعد عن كل الحاجات دي بقدر الإمكان ومش بروح غير في المناسبات لو حد من صحابي هناك خطب أو هيتجوز لو عيد ميلاد حد لكن غير كده مبروحش.

حاول تليد تبرير موقفه لكن حديثه جعل ريتال تشعر بمزيد من القلق فإن كان يذهب إلى مثل تلك الأماكن في مناسبات محددة فسرعان ما ستأتي مناسبة تلو الآخرى حتى تعتاد قدمه على مثل هذه الأماكن ويجد نفسه قد سقط داخل دوامة من المحرمات التي لا نهاية لها.

ما هي دي مش أسباب كافية علشان تروح أماكن زي دي، مرة تروح علشان مناسبة اللي بعدها هتروح تسهر علشان ترفه عن نفسك.

عندك حق بس لازم تفهمي إن الدنيا برا مختلفة تمامً عن هنا وهناك ده العادي، مش هيخطفوني ولا هيجبروني أشرب يعني.

الصحبة ساحبة يا تليد لو صحابك اللي هناك دي عيشتهم وده العادي هيجروك معاهم.

عندك حق أوعدك مفيش حاجة من دي هتكرر تاني، فكي التكشيرة دي بقى. ابتسمت ريتال أخيرًا وقد شعرت ببعض الراحة لأنها خاضت مثل هذا الحديث معه بكل صراحة ووضوح.

أما عن نانسي فلقد كانت تشعر بأنها طرف سادس في هذا الموعد - في الواقع لقد كانت كذلك - فكل من الثنائي كان يتناقش في أمور تخصه وشقيق فريدة كان يراقبهم محاولًا إبقاء الأمور أسفل سيطرته ونظره في حين أنا نانسي كانت تجلس بتملل حيث لم يوجه لها أي حديث.

كان ذلك قبل أن يقطع ذلك الهدوء صوت رنين هاتفها ولقد كان المتصل صالح، لقد كانت تنتظر هذه المكالمة منذ الصباح الباكر مؤكد أنه سيتشاجر معها لأنها أخفت أمر ريتال وتليد لكنها لم تمانع فعلى الأقل هناك من يريد التحدث إليها حتى وإن كان محور الحديث شخصًا آخر غيرها، استأذنت منهم وذهبت للتحدث في الهاتف بعيدًا عنهم.

ألو، أيوا يا صالح مساء الخير.

أنتِ كنتِ عارفة من الأول مش كده؟ علشان كده طلبتي من عمتو تسافر اسكندرية الإسبوع ده، طب ليه؟ ليه مقولتليش؟ ليه سبتيني اتفاجئ من مجرد بوست عالفيس بوك كأني حد غريب؟

كانت نبرة صالح حادة وعلى ما يبدو أنه لم يحظى بأي راحة منذ الأمس، توترت نانسي من نبرته الحادة لكن سرعان ما شعرت بذلك التوتر قد تحول إلى إستياء لتقوم بتوبيخه دون مبالة قائلة:
فوق كده يا صالح أنا نانسي مش ريتال! لو عايز تعاتب حد عاتبها هي ولو مش معاك رقمها ولا أتمسح من عندك أبعتهولك عادي لكن أنا مليش دخل بالقصة دي.

نانسي أنا تعبان أوي، محدش حاسس بيا، أنا في نار جوايا من وقت ما شوفت صورتهم إمبارح أنا وقت ما شوفت الصورة وأنا في الشارع لحد دلوقتي مش قادر أرجع البيت ومش قادر أشوف حد وحاسس إني تايه،.

أتصدمت مش كده؟ أهو ده كان نفس شعورها وقت ما خطبت سارة ولا كان اسمها أيه الإكس بتاعتك دي لكن ريتال علشان كانت مشاعرها حقيقية ناحيتك قررت تختفي من الصورة وتكتم مشاعرها علشان تسيبك مبسوط ومبوظش علاقتك بالبنت اللي كنت المفروض بتحبها.

قررت أن تهاجمه نانسي وتطعنه في الجرح القديم، لقد كانت محقة لكن صالح لم يكن مستعدًا لمواجهة نفسه بمثل هذه الحقائق، حاول كالمعتاد إيجاد أي عذر أو إلقاء اللوم على شخص آخر غيره...

ياريتها إتكلمت وقتها يا نانسي كانت كل حاجة هتختلف وكنا أحنا الإتنين هنبقى مبسوطين، تليد ده عيل مش هيقدر يدافع عنها ولا يحميها.

لا واسم الله عليك أنتَ اللي راجل وهتعرف تحميها أوي!

أنا راجل غصب عنك وعن أي حد، أنتِ شكلك كده أتجننتِ أو طلعتِ ناقصة رباية فعلًا زي ما بيقولوا بس طريقتك دي تتعاملي بيها مع أي حد مش معايا أنا أنتِ سامعة؟ صاح صالح موبخًا إياها بشدة، لقد كانت جملتها مهينة للغاية ولقد كانت حجة مناسبة لصالح لتفريغ غضبه في شخص ما.

كانت نانسي تنوي الإعتذار منه عن ما تفوهت به لكن كلماته كانت جارحة تمامًا كخاصتها، ساد الصمت لبرهة دون أن يجرؤ أحدًا منهم على إنهاء المكالمة، بكت نانسي في صمت ولم يصدر من الهاتف سوى صوت أنفاس صالح المضطربة ولم تدري نانسي إن كان يبكي مثلها أم أن الثقل في قلبه أعاق تنفسه بسلاسة.

أنتِ هترجعي القاهرة أمتى؟ كان سؤاله غير متوقع وكانت نبرته هادئة كأن شيء لم يحدث، تنهدت تنهيدة طويلة أن تجيب بإقتضاب:
النهاردة بليل.

محتاجين نتقابل ونتكلم، خدي بالك من نفسك.

حاضر.

تمتمت بصوت بالكاد مسموع قبل أن تنهي المكالمة، لم تعود فورًا إلى الطاولة فلا مكان لها هناك لذا وقفت تُطالع مياه البحر الثائرة متأملة تقلباتها العنيفة بنظرات فارغة، لقد تحطم كل شيء وبقيت هي وحيدة خاسرة في القاع ككل مرة لكن عقلها كان أشد قسوة عليها من المرات السابقة، لقد إنهالت عليها أسئلة لا إجابة لها عندها ومع كل سؤال كان يزداد نزيف قلبها...

لماذا لم يكن أدهم شخص جيد كما ظنت؟ لماذا لم يتح لها الفرصة للتعبير عن نفسها وإظهار الجانب الجيد من شخصيتها والتي حاربت كثيرًا لإكتشافها؟ لماذا رحل عنها والدها؟ لماذا كانت والدتها بهذه الأنانية؟ لماذا لم يُحبها صالح؟ لماذا تركها أدهم تبكي وحيدة وقد شعرت بأنها لا شيء؟ هل كانت نظراته نحوه من وحي الخيال؟ هل كان إهتمامه مجرد وهم صغير من صنع عقلها البائس؟ هل كان هو أيضًا كذبة ككل شيء من حولها؟

نانسي أنتِ كويسة؟ سألت ريتال بقلق حقيقي لتُطالعها نانسي بأعين محمرة قبل أن تقول:
أنا كويسة مفيش حاجة متقلقيش.

أدهم كلمك ولا أيه؟ ولا شوفتي صور ليه؟

لا هو كده كده شالني من كل حتة وحتى أخته بقيت بتجنب أشوف أي حاجة تنزلها.

أومال مالك؟ عمتو أتخانقت معاكي؟

مفيش حاجة حاسة إني مصدعة شوية، هاخد تاكسي وأروح على بيت جدك مش هو برا؟

اه هو كلمني وجاي على هنا بس هتعرفي تروحي لوحدك؟

اه متقلقيش ممكن المفاتيح بس؟ منحتها ريتال المفاتيح وقد شعرت بغصة في حلقها، هناك خطب ما في نانسي لكنها لم تستطيع معرفة ذلك ولم تود أن تضعها تحت تضغط لكي تفصح عن ما يجول في خاطرها لكن بداخلها لم تشعر بالراحة.

بعد أن رحلت نانسي وتأكدت ريتال من سلامتها استأذنت منهم أن تذهب لدورة المياه سريعًا لتعدل من مساحيق التجميل خاصتها وتعيد ضبط وشاح رأسها، جلس تليد يعبث في الطبق خاصته لحين قدومها ولم يستغرق الأمر سوى بضع دقائق قبل أن تعود ريتال إلى الطاولة عيناها مُحمرة وكحل العيون الأسود قد لوث أسفل عيناها بينما تُشير بيدها إلى الهاتف خاصتها موجهة سؤالها نحو تليد بنبرة أقرب إلى الصراخ...

هو أيه ده؟ فهمني أيه ده؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة