رواية وصال مقطوع للكاتبة إيمان عادل الفصل التاسع عشر
ريتال، ريتال إلحقيني أبوس إيدك! أردفت نانسي برعب حقيقي وهي تُمسك بيد ريتال وكأنها على وشك تقبيلها بالفعل بينما ملأت الدموع عيناها وصُبغت وجنتها بالحمرة، تسرب الهلع إلى قلب ريتال وهي تحاول تهدأة الجالسة أمامها قائلة:
طيب اهدي اهدي بس وفهميني براحة في أيه؟
هيفضحني، هيفضحني يا ريتال، ماما لو عرفت الموضوع ده هتموتني وهتروح فيها، انقبض قلب المستمعة لهذه الجملة، ما الكارثة التي فعلتها نانسي وتخشى أن تُعرف لهذه الدرجة؟ لم تدرِ ريتال لكن أول من قفز إلى رأسها هو تليد فلقد توعد بأن ينتقم من نانسي أشد انتقام والآن على ما يبدو أنه قام بتنفيذ تهديده لها...
أهدي أهدي بس، أحنا هنفكر مع بعض براحة كده وأكيد هنلاقي حل، استني هنا ثواني. تمتمت ريتال بتلعثم فلقد انتقل إليها التوتر الذي تشعر به نانسي، غادرت ريتال الحجرة لدقيقتين قبل أن تعود وفي أحدى يديها كوب مياه وفي الآخرى عُلبة المناديل الورقية.
اتفضلي، اشربي كده وأهدي وفهميني براحة كده أيه اللي حصل علشان أعرف أساعدك.
تناولت منها نانسي الكوب بإيدي مرتجفة لترتجع كل ما في الكوب دفعة واحدة قبل أن تمنح الكوب لها مرة آخرى، تنهدت ريتال وهي تحاول أن تتحكم في توترها حتى تستطيع أن تهدأ من روع نانسي فلا يجب أن ينهار كلاهما في الوقت نفسه خاصة وأن نانسي لجئت لها لتساعدها.
ريتال أنا غلطت غلطة كبيرة أوي،.
غلطة كبيرة؟ أنتِ عملتي أيه بالضبط؟
بصي هو، في ولد كده أنا اتعرفت عليه هو أكبر مننا في جامعة يعني مش في المدرسة زينا،.
زفرت ريتال براحة دون إرادة منها حينما لم تنطق نانسي باسم تليد فلقد تظن ريتال أنه هو من أوصلها لتلك الحالة لكنها على الفور عاودت الشك حيثُ قالت لذاتها أنه لا يجب عليها إصدار الأحكام ببرائة أو اتهام تليد حتى تسمع قصة نانسي كاملة.
هو اسمه أدهم، المفروض إنه في تانية طب بشري أنا يعني عرفته من على السوشيال ميديا كان عملي فولو وعملتله فولو وبدأنا كلام يعني أنا معرفهوش في الحقيقة،.
وبعدين؟
اتقابلتوا طيب ولا حصل أيه؟
متقابلناش بس هو، طلب مني صور، أردفت بندم شديد وقد غادرت الكلمات فمها بصعوبة، أبتلعت ريتال الغصة التي في حلقها قبل أن تسأل سؤال قد يبدو سخيفًا لكنها سألته من صدمتها: صور؟ صور أيه بالضبط؟ صور ليكي يعني؟
صور ليا مينفعش حد يشوفها،
يا نهار أبيض! أنتِ بجد عملتي كده يا نانسي؟ أنا، أنا مش فاهمة أنتِ كنتِ بتفكري في أيه وأنتِ بتعملي حاجة زي كده؟ كانت ريتال تتحدث وهي تضع يدها على فمها بصدمة شديدة، انهمرت الدموع أكثر من عين نانسي وهي تُردف بإنكسار:.
غلطت يا ريتال، ضعفت قدام اهتمامه وحبه ليا، ريتال أنا طول عمري كنت محتاجة أحس إن في حد بيحبني، عمر ما في ولد أداني اهتمام زيه كده ومن بعد ما بابا سابني وأنا عيشت طول عمري بدور على حضن حنين يحتويني.
وأحتواكي؟ يا بنتي أنا مش بعايرك أنتِ صعبانة عليا أنتِ دمرتي حياتك من غير ما تقصدي! كانت ريتال توبخها عن غير عمد فعقلها لم يستوعب بعد الكارثة التي تتحدث نانسي بها، ازداد بكاء نانسي وهي تُردف من وسط شهقاتها:
طيب أعمل أيه دلوقتي؟ أنا غلطانة واستاهل ضرب الجزم كمان بس أنا والله مش هعمل كده تاني وعمري ما هغلط غلطة زي دي تاني، أنا بس عايزة أطلع من الموضوع ده بأي شكل،.
هنطلع منه إن شاء الله، أنتِ بس أدعي ربنا إنه يسامحك وإن شاء الله هيسترها معانا والموضوع يخلص من غير مشاكل أكبر من كده،.
يارب،
طيب أنا برضوا مش فاهمة هو بيهددك أنه هينزل الصور ويفضحك، عايز أيه بقى فلوس؟
لا، هو مش عايز حاجة، عايزة يفضحني وبس.
يا ستار يارب، طب هو أنتِ زعلتيه في حاجة ولا أذيتيه مثلًا؟ كانت تحاول ريتال الوصول إلى إجابة منطقية لعلها تُفسر سبب فعلته تلك لكن على ما يبدو أن نانسي لم تملك إجابة مفيدة حيث قالت:
لا خالص أنا كنت بسمع كلامه في كل حاجة.
ما هو واضح، طب ما ممكن يكون حد أنتِ أذيتيه ومش فاكره أو يكون الأكونت ده فيك أصلًا وهو اسمه حاجة تانية.
تفتكري؟
أنا بحط فرضيات مش أكتر، أهم حاجة بس إنك أوعي تحسسيه إنك خايفة منه لأنه لو حس إنك خايفة هيفضل يضغط عليكي.
حاضر، أعمل أيه برضوا؟
بصي أحنا لازم نطلب المساعدة من حد كبير ونكون بنثق فيه وكمان نضمن إنه ميحكيش حاجة لعمتو أو أي حد.
طب هنقول لمين؟
نقول لصالح مثلًا؟ هو أكيد مش هيرفض يساعدنا وهو كبير كفاية إنه يعرف يتفاهم مع الولد ده أو حتى يساعدنا لو هنعمل محضر أو كده.
لا لا صالح لا، مش هعرف أبص في وشه تاني في حياتي لو عرف موضوع زي ده، طبعًا أنتِ شمتانة فيا وزمانك بتقولي من جواكي طالما أنتِ عندك دم وبتتكسفي أو وبتتحرجي مكنتيش بعتي صور زي دي من الأول.
أنا عمري ما أشمت فيكي يا نانسي، حتى لو كنتِ أذيتيني وجيتِ عليا جامد أنا عمري ما أفرح فيكي في موقف زي ده لأنك أولًا بنت عمتي، ثانيًا بنت زيك زيي ومرضاش ليكي أذى أو فضيحة لقدر الله وثالثًا بقى إن مفيش أي انسان سواء بنت أو ولد يستحق إنه يتعرض للإبتزاز والتهديد.
أنتِ طلعتي كويسة أوي يا ريتال، أنا أسفة بجد على كل حاجة عملتها معاكي، ده أكيد ذنب اللي عملته فيكي، ممكن تسامحيني طيب؟
ترجت نانسي ريتال وقد كانت نبرتها مؤثرة للغاية وقد أصبحت في موقف ضعف وتمنت أن تسمع من ريتال أنها قد سامحتها لكن الأخيرة لم تقدر على النطق بتلك الكلمة فما فعلته نانسي طوال السنوات الماضية لن يُمحى آثره بكلمات اعتذار في وقت ضعف بل الإعتذار الحقيقي يكون في موضع القوة والسيطرة لا المهانة.
وبغض النظر عن الوضع فريتال لا تظن أن بإمكانها أن تغفر لنانسي ما فعلته معها حتى ولو ظلت تعتذر طوال حياتها، أطلقت ريتال تنهيدة طويلة قبل أن تُردف الآتي:
مش مهم الكلام ده دلوقتي يا نانسي المهم إننا نحاول نلاقي حل للمصيبة دي وبعدين نبقى نصفي الدنيا ما بينا.
أنا بجد خايفة أوي ومخي واقف مش عارفة ازاي هدخل الإمتحانات الأسبوع اللي جاي في الوضع بتاعي ده،.
متخافيش إن شاء الله خير، وبعدين يعني العملي ده بيكون سهل أوي وأنا ممكن أحاول ألم معاكي الدنيا، المهم بس أحنا محتاجين نكلم صالح في أقرب وقت.
حاضر،.
نانسي بقولك أيه أنا خطرت على بالي فكرة بس هنضطر نستنى لآخر الأسبوع اللي جاي علشان نقدر ننفذها فلو تعرفي تعطلي الولد ده شوية كده الدنيا هتمشي تمام.
حل أيه مش فاهمة؟
بصي يا ستي أحنا ممكن نطلب المساعدة من ماما وكمان هي معاها محامية يعني ممكن تعملي محضر مثلًا وتبلغي عن الولد ده وهما هيعرفوا يجيبوه وياخد جزاؤه.
اقترحت ريتال اقتراحًا كان الأكثر منطقية في مثل هذا الوضع، انتفضت نانسي من موضعها حينما سمعت ما قالته الأخيرة بينما تقول من بين أسنانها كي لا يصل صوتها إلى الخارج:
لا لا طبعًا أنتِ عايزة تفضحيني؟ يعني هنحكي لطنط زينة والمحامية وكمان يبقى في محضر وقضية؟ لا مش هقدر أعمل حاجة زي كده ماما هتعرف والناس كلها هيعرفوا، تبقى فرقت أيه الفضيحة دي عن دي؟
لا طبعًا الكلام ده مش صح، الحاجات اللي زي دي بيتم التعامل معاها بسرية ومحدش بيعرف حاجة وبعدين كده أحسن علشان تضمني إنه اتعاقب وأنا كنت قريت أصلًا عن بنات كتير حصلهم زيك كده وقدروا فعلًا يقبضوا على الولاد دول والموضوع بيتحل من غير أي فضايح.
كان حديث ريتال صادقًا وهادئًا للغاية في محاولة منها لطمئنة نانسي، ساد الصمت لبعض الوقت بينما تحاول أن تترجم اقتراح ريتال داخل عقلها لتنبس نانسي بالآتي:
مش عارفة،.
ما هو مفيش حاجة تخسريها وأظن الحل ده هيبقى أحسن من أننا نقول لصالح لأنه عصبي وممكن يعمل حاجة متهورة والموضوع يبوظ مننا زيادة وأحنا عايزين نلم الدنيا بقدر الإمكان.
صح أنتِ عندك حق، شكرًا أوي يا ريتال. أردفت نانسي بجدية وهي تعانق ريتال عناقًا فجائيًا لم تتوقعه الأخيرة حتى أنها لم تبادلها العناق حيث كانت في صدمة مما حدث.
بعد دقيقة فصلت نانسي العناق ومن ثم كفكفت دموعها سريعًا قبل أن تغادر الحجرة تاركة ريتال في دوامة من التفكير، هل كان اقتراحها صائبًا؟ وتُرى إلى أين سيؤول الأمر؟ هل حقًا تشعر بالحزن من أجلها أم أن كثرة الآلم أصابها بالتبلد؟ لم تدِر لكن ما كانت تعرفه جيدًا أنه يتوجب عليها أن تفعل كل ما في وسعها كي تنقذها من تلك الكارثة.
مرت ثلاثة أيام آخرى على تلك المحادثة، لم تنفك ريتال عن التفكير في الأمر وخاصة هوية الشخص الذي يقوم بإبتزاز نانسي وفكرة أن يكون لتليد أي علاقة بذلك الأمر كانت تؤرق بالها والأسوء أنها لم يكن بإمكانها أن تسأله بطريقة مباشرة أو حتى غير مباشرة فإن لم يكن هو الفاعل فستكون قد كشفت سر نانسي دون أي داعي.
لاحظ الجميع في المنزل بالطبع تحسن العلاقة بين ريتال ونانسي حيث كانت الأخيرة تُلقي عليها التحية في الصباح والمساء على غير المعتاد بل وكانت تجلس برفقتها لحل بعض الأسئلة أو المذاكرة بالنسبة إلى المواد المشتركة بينهم، بالتأكيد حاولت عمتها وصالح أن يعرفوا سر التغير المفاجئ لكن إجابة ريتال كانت ثابتة في كل مرة:.
مفيش حاجة حصلت، أحنا بس قعدنا مع بعض وحاولنا نصفي الدنيا بينا قدر الإمكان. كان ذلك الرد يجعلهم يصمتون وإن كان صالح لم يقتنع بالطبع لكنه لم يجد فائدة من الضغط عليها فهو لا يريد من حالتها النفسية أن تتدهور مرة آخرى.
بالإنتقال إلى الإسكندرية، ذهبت زينة إلى عملها في الموعد المعتاد وبمجرد أن لمحت فريدة أقتربت منها لترحب بها ثم سألتها حول الآتي:
فريدة هو بابا هيجي ياخدك النهاردة؟
مش عارفة يا زوزو، عايزة حاجة من بابي يجبها علشانك؟ سألت فريدة ببراءة شديدة لتقهقه زينة بقليل من الخجل قبل أن تُجيبها بلطف:
لا لا مش عايزة منه حاجة أنا كنت بس هسأله على حاجة كده، كلام كبار متشغليش بالك.
أردفت زينة وهي تقبض بيدها على المال الذي تركه والد الصغيرة في المرة الماضية، لقد أثار ذلك الأمر حنق زينة فهي رفضت أن تأخذ منه المال لأن المبلغ لم يكن يستحق لكن أن يترك لها قرابة ثلاثة أضعاف المبلغ فهو يُعد شيء مهين من وجهة نظرها.
انتظرت زينة بفارغ الصبر إنقضاء اليوم لسببين الأول أنها تنتظر مكالمة من المحامية خاصتها لتطمئنها أن الإجراءات تسير على نحو جيد والثاني هو قدوم والد فريدة لكي تتحدث إليه وتمنحه ماله.
بالفعل مر اليوم بسلام وقد طمئنت المحامية زينة أن كل شيء على ما يرام وأن يمكنها أن تأخذ حضانة ريتال بشكل مبدأي ثم ستأتي باقي الأشياء تباعًا في الأشهر القليلة القادمة، أخذت تحمد زينة الله في داخلها وهي تُفكر كيف ستكون حياة ابنتها حينما تنتقل إلى هنا؟ هل ستعتاد المكان بسهولة؟ هل ستجد لها مدرسة جيدة تناسبها؟ بالطبع لن تكون في نفس ذات المستوى خاصتها الآن لكنها ستحرص على إيجاد مدرسة جيدة قدر الإمكان...
انغمست زينة داخل أفكارها ولم يُخرجها منها سوى صوت والد فريدة ذو البحة المميزة وهو يُلقي التحية على أحدى المعلمات ويطلب منها أن تُحضر فريدة من أجله، اقتربت منه بخطوات بطيئة وهي تُردف:
يا دكتور فؤاد لحظة بعد إذنك.
تحت أمرك يا ميس زينة أتفضلي. حمحمت بقليل من الخجل لطريقته النبيلة تلك قبل أن تشيح بنظرها بعيدًا عنه وهي تُخرج المال من حقيبتها وتمنحه إياه قائلة:
اتفضل فلوسك يا دكتور فؤاد.
دي مش فلوسي ده حقك يا ميس زينة.
حضرتك أكيد عارف إن الرقم ده أكبر بكتير من اللي أنا دفعته لأن المسافة من هنا لبيت حضرتك مش كتير متكملش 60 جنيه حتى.
بجد؟ معلش أصلي مش بركب غير عربيتي الخاصة فمعرفش أسعار المواصلات أيه.
تحاذق وهو يتحدث بنبرة بريئة تمامًا لكنها لم تقنع زينة، هذا بالطبع بغض النظر عن أنه يساوي بين سيارة آجرى فاخرة وبين سائر وسائل المواصلات الأكثر إزدحامًا وأقل راحة، تنهدت زينة وهي مازالت تَمدُ يدها نحوه الممسكة بالمال ليتنهد هو قبل أن يسحب ورقة من الإثنتين وهو يُردف:
خلاص أنا هاخد مية وأنتِ تاخدي مية، اعتبري الخمسين جنيه الزيادة دول فريدة جابتلك بيهم Chocolates.
تمام بس المرة الجاية أنا مش هقابل بحاجة زي دي أبدًا وإلا مش هتتطوع إني أوصلها تاني لما حضرتك تكون مش موجود.
المرة الجاية هبقى ابعت العربية بالسواق توصل فريدة وتوصل حضرتك أنتِ وأم محمد متقلقيش. ابتسمت بتوتر شديد قبل أن تُردف بخجل:
إن شاء الله، عن إذنك. استأذنت منه لترحل من أمام عيناه بينما أخذ هو يراقبها بالقليل من الفضول قبل أن تأتي ابنته وتمنحه عناقًا كبير ثم تُمسك بيده ويرحل كلاهما عن المكان.
في ضهر اليوم التالي داخل المدرسة وتحديدًا في موعد الراحة في منتصف اليوم جلست ريتال برفقة عالية وحنين كالمعتاد لكي يتناولوا الطعام في أحد أركان ساحة المدرسة.
ريتال بقولك أيه ما تيجي ندخل نتوضى ونلحق نصلي قبل البريك ما يخلص. تمتمت حنين بينما تأخذ قضمة كبيرة من شطيرتها موجهة حديثها إلى ريتال لتُجيبها الأخيرة والتي كانت مستعدة حيث أنها لم تتناول الطعام من الأساس:.
ماشي تمام هسبقكوا عقبال ما تخلصوا أكل. بالفعل سبقتهم ريتال إلى دورة المياه ولحسن الحظ أن المكان كان فارغًا حتى تستطيع ريتال أن تتوضأ على راحة دون أن يلاحظ أحدٍ الجروح التي في معصمها والتي أوشكت على الإلتئام تمامًا وإن كانت تركت آثرًا واضحًا إلى درجة كبيرة.
بمجرد أن أنهت ريتال وضوءها وقبل أن تُعيد ضبط أكمام ثيابها دلفت حنين إلى الداخل لتقع عيناها على معصم صديقتها، مزيج من الحزن والإستياء أحتلوا كيان حنين وقد أدركت ما فعلته صديقتها لكنها حاولت قدر الإمكان أن تُخفي ذلك كي لا تجعل حالتها النفسية سيئة أكثر وقد قررت أنها ستتحدث إليها بشأن ذلك الأمر ولكن لم يكن الوقت مناسبًا الآن، أخفت ريتال ذراعها على الفور وهي تعيد ضبط ثيابها سريعًا وتتجه نحو الخارج.
فرغ ثلاثتهم من أداء الفرض وفي أثناء توجههم إلى الصف سبقتهم ريتال إلى المعتاد وكادت عالية أن تلحق بها لولا أن أوقفتها حنين وهي تقول:
استني عايزة أتكلم معاكي في حاجة بعيد عن ريتال وباقي الناس.
خير إن شاء الله قلقتيني.
ريتال بتعمل Self harming إيذاء النفس/جرح النفس.
أيه؟ أنتِ عرفتِ منين؟
شوفت دراعها وهي بتتوضى من شوية، معورة نفسها في كذا حتة والجروح سايبه علامة.
يالهوي عليكي يا ريتال، يعني هي ممكن تكون بتحاول تنتحر؟ سألت عالية بصوتٍ عالٍ وبفزع لتضربها حنين بخفة بينما توبخها قائلة:
بس وطي صوتك هتفضحينا! بصي أنا مش عارفة الموضوع وصل معاها لإنتحار صريح يعني ولا هي بتعمل كده بس،.
طب أحنا هنعمل أيه؟ نقول لمامتها؟ ولا نقول لصالح ابن عمها ده يساعدها؟
مش عارفة أفكر بصراحة،.
أكمل الفتاتان حديثهما بتأثر وحزن شديد وهم يقتربون من الصف ولم تنتبه أيًا منهم أن تليد كان على مقربة منهم يستمع إلى ما يقولون، بالطبع هو لم يسمع معظم ما قيل لكنه أدرك شيئًا واحدًا أن ريتال في مرحلة خطرة من مرض الإكتئاب وأنه إن لم يتم إنقاذها والتدخل بالمساعدة الطبية سريعًا فإن الأمر لن ينتهي على نحو جيد فلقد تخطى الأمر حاليًا البكاء والأرق ورفض الطعام فهي الآن على مشارف إنهاء حياتها.
بالفعل بمجرد عودة تليد إلى المنزل في ذلك اليوم قرر أن يطلب المساعدة من شقيقته بشأن ذلك الأمر لذا بدل ثيابه سريعًا ثم توجه إلى حجرتها.
تسنيم بقولك أيه عايز منك خدمة. أردف تليد وهو يقفز على سرير شقيقته بعد أن أقتحم حجرتها، تركت هي الحاسوب المتنقل خاصتها ورفعت عيناها نحوه واقتربت منه قليلًا وهي تبعثر خصلات شعره بينما تمازحه قائلة:
ياااه أخويا الصغير حبيبي قرر يطلب مساعدتي أخيرًا؟ ده أنا هعمل فرح بجد.
ياريت فعلًا تعملي فرح وتتجوزي ونخلص منك وبعدين أخوكي الصغير أيه ده أنا بقيت طولك مرتين وابعدي إيدك دي كده عن شعري.
قال بغيظ وهو يبعد يدها عن شعره الذي قضى وقتٍ طويل في ضبطه على هذا النحو، ضحكت وهي تعتدل في جلستها بينما تُردف بسخرية:
متدخلنيش في تفاصيل دلوقتي، قول عايز أيه خلص مش فاضية؟
عايز رقم الدكتورة صاحبتك، الدكتورة النفسيه.
ليه هو أنتَ حاسس إنك مش كويس؟ في حاجة مزعلاك؟ سألته بقلق شديد ليتنهد قبل أن يُجيبها مطمئنًا إياها مع ابتسامة صغيرة:
لا لا مفيش حاجة أنا تمام ده مش علشاني، أنا كان معايا رقمها بس ضاع مني.
ياه عالصدفة مع إنك معاك كل أرقام صحابي البنات يعني بس تمام هبعتلك الرقم على الواتساب وعنوان العيادة كمان. أردفت بمراوغة وهي تُذكر تليد بكيف كان لعوبًا حينما كان أصغر سنًا حيث كان يحب التعرف إلى جميع صديقاتها بالرغم من أنهم يفقونه في العمر لكن لحسن طلعته كانوا يمازحونه ويغازلونه، رمقها بإزدراء قبل أن يُتمتم:.
شكرًا ياختي. عاد إلى حجرته وأخذ يُفكر كيف عليه أن يفاتح ريتال في ذلك الأمر، هل سيذهب إليها ليخبرها بأنكِ مريضة نفسيًا وبحاجة إلى العلاج النفسي أيتها المخبولة قبل أن تقضي على حياتكِ؟
لا، قطعًا لا فتلك الجملة لم تبدو عاطفية قط...
إذًا هل عليه أن يتحدث إليها في المدرسة؟ لكنها قد تتخذ رد فعلٍ عنيف يلفت الأنظار، كما أنه لن يقوم بمراسلتها على الهاتف لأنها طلبت منه من قبل ألا يفعل...
في النهاية استطاع الوصول إلى حل وسط وهو أن يطلب من نانسي أن تُقنع ريتال بالذهاب إلى النادي الرياضي بعد انتهاء اليوم الدراسي، لا يعلم كيف ستقنعها لكنه واثق من أنها ستفعل، فهي لا تتردد قط في تنفيذ أي طلب يطلبه منها تليد وبالفعل في اليوم التالي قرب المغرب لمح تليد ريتال تجلس وحيدة في كافتيريا النادي وقد كانت تتناول شيء مجهول بينما تُحدق في الأوراق الموضوعة أمامها.
ازيك يا ريتال عاملة أيه؟
تليد؟ أيه الصدفة الغريبة دي؟ سألت بدهشة كبيرة وهي تزيح الأوراق قليلًا، سحب الكرسي المقابل لها وجلس قبل أن يُجيب على سؤالها بهدوء شديد وبجدية لم تعهدها به مُردفًا:
لا دي مش صدفة ولا حاجة، أنا عرفت إنك جاية هنا النهاردة وقولت أجي أتكلم معاكي بعيد عن المدرسة وكده. لم تُجِب ريتال على جملته بل أومئت في صمت ليحك مؤخرة عنقه بقليل من التوتر قبل أن يُضيف:.
أنا عارف إنك طلبتي مني منتكلمش وأبعد عنك وده من قبل المشاكل بتاعت الفترة الأخيرة بس أنا جاي النهاردة أكلمك في حاجة مهمة مش مرقعة ودلع يعني.
خير يا تليد إن شاء الله؟
ريتال أنا عرفت إنك حاولتِ تنتحري، أعلن تليد لتعقد حاجبيها على الفور وقد تسرب التوتر إلى قلبها حتى شعرت أنها على أعتاب نوبة هلع.
كيف علم بذلك الأمر؟ من أخبره عن محاولتها؟ فلا أحد يعلم غير صالح وهي بالطبع لا توجد أي فرصة للحديث بين صالح وتليد، وفي الواقع لم يكن تليد يعرف بل هو اخبرها ذلك لكي يتأكد من قول عالية وحنين وإن كانوا لم يعلموا بالطبع أنها قامت بمحاولة صريحة لإنهاء حياتها.
أنتَ عرفت منين؟ قصدي، قصدي أنتَ جبت الكلام ده منين؟ صمت لبرهة وهو يحاول أن يُهدئ من روعه، لقد حاولت بالفعل أن تُنهي حياتها ولقد كان هو سيفقدها إلى الأبد وهو لا يعلم سببًا لذلك، ولربما كان هو أحد تلك الأسباب وذلك قد يفطر قلبه!
ريتال ممكن تثقي فيا؟ أتكلمي معايا وفضفضي أنا والله مش هقول لحد حاجة،.
أنا تمام يا تليد مفيش حاجة، هي كانت غلطة ومش هتتكرر تاني.
أنتِ واثقة يعني؟ يعني لما تزعلي تاني أو يحصلك مشكلة مش هتعملي نفس العاملة تاني؟
أنا، أنتَ عايز أيه يا تليد؟ أنا مش فاهمة،.
أنا عايز أساعدك، ده بس كل اللي أنا عايزه، عايز أشوفك كويسه أنتِ مكنتيش كده أول لما جيتِ، كنتِ بتهزري وبتتكلمي وبتاكلي وحتى كنتِ بتفضلي ترازي فيا وتردي على هزاري السخيف بس دلوقتي، دلوقتي أنتِ انطفيتِ يا ريتال حتى عينيكِ مبقتش تلمع زي الأول،.
تحدث تليد بتأثر شديد ولوهلة شعرت ريتال بأنه يهتم بها حقًا فلقد كانت عيناه صادقة، أمتلئت عيناها بالدموع على الفور حيث لمس حديث وترًا حساس في قلبها، لقد أبدى اهتمامه بحزنها دون لوم أو توبيخ على عكس الجميع...
ساعدني يا تليد، أنا مش عايزة أفضل كده، لو هفضل على الوضع ده يبقى الموت أحسن بكتير، قالت بإنكسار شديد وقد هربت دمعة من أحدى عينيها لكنها قامت بمسحها سريعًا كي لا تشعر بأنها مثيرة للسفقة أكثر من ذلك، طالعها بحزن قبل أن يُجبر نفسه على رسم ابتسامة مطمئنة بينما يُردف:.
بعد الشر عنك، أنا هساعدك بصي أنا جبتلك رقم وعنوان دكتورة نفسية كويسة جدًا هي هتعرف تساعدك بالطرق الصح وإن شاء الله هتبقي زي الفل في فترة قصيرة.
طب أنتَ ضامن إنها كويسة؟ عارفها يعني؟
اه اه أضمنها برقبتي، أنا نفسي كنت بتعالج معاها من فترة.
بجد؟ أنتَ كنت مريض نفسي؟
ومين فينا سليم يا آنسة ريتال؟ سألها ممازحًا وقد اقتبس جملة من أحد الأفلام الشهيرة لتبتسم هي وقد لمعت عيناها ببعض الحماس لسماع حكايته ليصفع هو وجهه وقد فهم ذلك.
هحكيلك كل حاجة صدقيني بس خلينا فيكِ أنتِ الأول، بصي أنا كلمتها واتفقت معاها إننا نحجز أقرب ميعاد الأسبوع ده لأن الموضوع مش حِمل أي تأخير. أردف بجدية لتتوتر معالمها وهي تفرك كلتا يديها في بعضهم البعض، طالعها بنظرات مطمئنة قبل أن يُضيف:.
متخافيش يا ريتال، أنا عارف طبعًا إن خطوة العلاج النفسي دي مش سهلة وبتبقي متوترة ومش عارفة المفروض تقولي أيه وتتصرفي ازاي بس صدقيني الموضوع سهل وبسيط وميستحقش تفكير كتير أو توتر.
هصدقك يا تليد، أنا كده كده خلاص مفيش حاجة أخسرها.
طيب تحبي تروحي أمتى؟
مينفعش نأجلها بعد الإمتحانات؟ في مذاكرة كتير أوي اتركمت عليا ودلوقتي في فلوس المراجعات والدروس مظنش هيبقى معايا يعني تمن الكشف.
قالت بخجل شديد وهي تتجنب النظر إليه، فبكل تأكيد والدها لن يمنحها مال دون أن يعرف أين سيتم إنفاقه وبالطبع هي لن تُخبره بالحقيقة وكذلك هي لن تستطيع أن تطلب المال من جدتها حتى وإن كانت ستمنحها دون أي أسئلة فهي لم تعتد أخذ المال من أحد غير والدتها.
متقلقيش هي عاملة Discount خصم علشان أنتِ تبعي وكده فالرقم مش هيبقى كتير وأنا هسأل وأقولك الرقم هيبقى كام بالضبط.
لا مش مستاهلة أنا محوشة فلوس على جنب بس الفكرة إن الفلوس دي غالبًا هتكفي كشف أو اتنين بالكتير أوي.
ما أنا قولتلك متقلقيش بقى، المهم مين هيروح معاكي المشوار ده؟
هو مينفعش أروح لوحدي؟
لا ينفع طبعًا بس الفكرة أن المكان بعيد عن بيتك أعتقد وكمان هيبقى بليل.
خلاص هاخد صالح معايا وأمري لله.
وحياة، طنط! يعني بعد كل ده تقوليلي هتاخدي صالح معاكي؟ صاح تليد مستنكرًا لتنفجر ريتال ضاحكة قبل أن تُجيب على سؤاله بآخر قائلة:
عمال عايزني أخد مين يعني إن شاء الله؟
لا ولا حد، أقولك روحي لوحدك أحسن.
أنا قولت كده من الأول.
طيب أنا هقوم أمشي بقى علشان نانسي وصالح بتاعك ده جايين ومش عايزهم يشوفوني علشان وجع الدماغ. استأذن منها تليد ومن ثم ودعها وغادر قبل أن يأتوا بعد أن أخبرها بأنه سيرسل إليها اليوم والموعد وتكلفة كشف الطبيبة.
لم يتسنى لريتال أن تشكره كفاية لكنها أدركت أنه سيكون لديها متسع من الوقت لفعل ذلك حينما تقابله في المدرسة بالغد، لكن أكثر ما شغل بالها هو من عليها أن تصطحب أثناء زيارتها للطبيبة؟ هي تريد أن تُبقي على ذلك الأمر سرًا وفي الوقت ذاته لن تستطيع الذهاب بمفردها، إذًا ماذا عساها تفعل؟
سرحانة في أيه يا ريتال؟
هاه؟ مفيش حاجة، أنتَ جيت أمتى؟
من ربع ساعة كده خلصت الجامعة وجيت قابلت نانسي وعطر ومكنتش لاقيكي.
كنت قاعدة بذاكر هنا بعيد عن الدوشة اللي عند التمرينات وكده، بقولك يا صالح ممكن طلب؟
اتفضلي أكيد.
محتاجة منك توصيلة بكرة أو بعده لسه مخدتش قرار، هزور واحدة صاحبتي بس بيتها بعيد شوية عننا يعني. طلبت منه بقليل من الخجل ولكنها كانت بداخلها واثقة من أنه لن يرفض طلبها لكن رده قد هدم ثقتها تلك حيث أعتذر منها لإنشغاله بأمر أكثر أهمية بالنسبة إليه قائلًا:
بكرة أو بعده؟ أنا أسف بجد يا ريتال بس سارة كانت محتاجة تشتري حاجات ضروري وكنت نازل معاها أنا وعدتها يعني،.
لا خلاص تمام مفيش مشكلة طالما كنت متفق معاها من الأول.
تمتمت ريتال وهي تحاول ابتلاع تلك الغصة التي في حلقها، لقد أصبح يذكر سارة تلك كثيرًا وبدون خجل وكأنها أصبحت أمرٍ واقع ومتعارف عليه ولم لا فهي ستصبح خطيبته وزوجته المستقبلية عما قريب.
طب متضايقيش طيب، هو المشوار ده مينفعش يتأجل يومين كمان؟
لا، مش مهم أنا هتصرف متشغلش بالك.
قررت ريتال أن تعتمد على ذاتها وأن تذهب بواسطة سيارة آجرى من خلال أحد التطبيقات فهي كبيرة كفاية لفعل ذلك بمفردها، استأذنت ريتال من جدتها لكي تذهب وبغض النظر عن كون ريتال تمقط الكذب في العادة إلا أنها لم تستطع أن تُخبر جدتها أنها ذاهبة إلى زيارة طبيبة نفسية واضطرت إلى أخبارها بأنها ذاهبة إلى صديقتها...
بدلت ريتال ثيابها سريعًا وتوجهت نحو الخارج بعد قضاء ساعة كاملة من التردد وفي النهاية أدركت أنها لن تخسر شيئًا من المحاولة فلقد فقدت كل ما كانت تملك من الأساس أو هكذا كانت تظن، توقفت سيارة الآجرى بعد مدة ليست بقصيرة أمام ?يلا صغيرة وقد وُضع عليها لافتة كُتب عليها:
دكتورة مسك محمود/ أخصائي الطب النفسي والأمراض النفسية والعصبية وعلاج الإدمان.
قرأت ريتال اللافتة قبل أن تطلق تنهيدة عميقة ثم تخطو خطوتها الأولى نحو الداخل، كانت تسير بأقدام مرتجفة وقد بدأت تشعر بالندم على اتخاذها هذه الخطوة، لمحت موظفة الإستقبال والتي رحبت بالفتاة ثم سألتها عن اسمها لتُجيبها ريتال مُردفة بصوتٍ مهزوز:
ريتال عبدالرحمن محمد،.
تمام في حجز موجود بإسم حضرتك، قدامك حالة واحدة وبعدين هتدخلي للدكتورة، اتفضلي استريحي هنا.
شكرتها بعد أن منحتها المال ثم ذهبت للجلوس على أحد الكراسي المعدنية الباردة، كانت تتأمل المكان من حولها ولم تنتبه للجالسة بجانبها سوى حينما تحدثت لتكسر رهبة ريتال وهي تسألها الآتي:
أول مرة تيجي هنا؟
اه، هو واضح عليا أوي كده؟ سألت ريتال مع ابتسامة متوترة صغيرة لتضحك المستمعة قبل أن تُجيبها بنبرة مرحة:
بصراحة اه، أصل أنا كنت زيك كده أول مرة جيت فيها هنا برضوا.
هو أنتِ بتيجي هنا بقالك كتير؟ يعني مفيش أمل إني أخف وأبطل أجي؟
مين قال كده بس؟ أنا خفيت خلاص بس باجي كل فترة لما بيكون في ضغط نفسي كبير عليا علشان ميحصلش انتكاسة وأرجع أدخل في موجة اكتئاب تاني. فسرت بلطف لتبتسم ريتال ابتسامة تنم عن الراحة قبل أن تُردف:
اه فهمت، شكرًا،.
عفوًا، بالمناسبة أنا ميرال.
ميرال؟ سألت ريتال متعجبة قليلًا من الاسم الذي لم تسمع مثله من قبل لتعيد ميرال نطق اسمها مجددًا تأكيد عليه قائلة:
اه اسمي ميرال، وعلى فكرة عايزة أقولك على حاجة يمكن تشجعك تكملي في الموضوع، عارفة أنا مش باجي العيادة لوحدي، أنا باجي ومعايا جوزي اسمه أنس هو جوا عند دكتورة مسك دلوقتي.
أنتوا الإتنين بتتعالجوا؟
اه، الموضوع ده كان سبب أننا نحب بعض أصلًا ونقرب من بعض. فسرت الشابة وهي تتحدث بنبرة حالمة بينما لمعت عيناها لتلفت لها ريتال بكامل جسدها كدليل على الإهتمام بينما تسألها بفضول:
اتقابلتوا هنا في العيادة؟
لا هو أنا كنت أعرفه من قبلها بس مكنش في بينا كلام وهو اللي شجعني أجي أتعالج هنا وهو اللي عرفني على دكتورة مسك ده كمان كان بيدفعلي تمن الكشف. أردفت ميرال بأعين لامعة وهي تستعيد ذكريات لقاءاتها مع زوجها أنس هنا حينما كانت تتعافى من علاقة سابقة سامة.
زي تليد يعني، تفوهت ريتال بذلك دون أن تُدرك، هي بكل تأكيد لم تقع في حب تليد لكن حينما ذكرت الجالسة أمامها كيف بدأت قصة حبها هي وزوجها شعرت ريتال بأن هناك بعض التشابه بالنسبة إليها هي وتليد.
تليد ده ولد أنتِ بتحبيه؟ كان سؤال ميرال مباغتًا بالنسبة لريتال والتي كانت ترفض من الأساس أن تُفكر في علاقتها بتليد على هذا النحو، توترت سريعًا بينما تُجيبها بقليل من الخجل مُفسرة الوضع قائلة:
لا لا بحبه أيه؟ ده هو زميلي في المدرسة يعني وهو اللي اقترح عليا أجي هنا وقالي برضوا هيضبط معايا موضوع الفلوس ده،.
طب ده كويس أوي والله برا?و عليه إنه صغير كده وعنده الوعي الكافي وشجعك على حاجة زي دي. أومئت ريتال وهي تبتسم ابتسامة خجولة، ساد الصمت لبرهة قبل أن يقطعه صوت أنس وهو يغادر حجرة الطبيبة قائلًا:
نشوفك على خير يا دكتورة مسك، احتمال شهرين كمان ونجيلك أنا وميرال علشان تحجزينا في مستشفى الأمراض العقلية بعد اللي العيال بيعملوه فينا ده، أنا كان مالي ومال الخلفة بس ياربي!
هو ده جوزك؟
سألت ريتال بقليل من الإستنكار وهي تحاول كتم ضحكتها فلقد بدت ميرال تلك عاقلة وهادئة ولطيفة لدرجة كبيرة أم عن زوجها فيبدو مخبولًا أو غير عاقل بتاتًا، كان يبدو وسيمًا للغاية لكنه كان نموذجًا للفتى السيء أو الرجل السيء هذا نظرًا لأنه يبدو في الثلاثين من عمره تقريبًا.
حظي بقى يا بنتي أعمل أيه! نصيحة لو تليد ده زي أنس كده حاولي تهربي قبل فوات الأوان.
تمتمت ميرال بصوت شبه مسموع لتضحك ريتال على حديثها، اقترب أنس منهم قليلًا وهو يدنو من ميرال نظرًا لفارق الطول بينما يسألها بنبرة تحذير لتقهقه ميرال بينما تُردف:
بتقولي حاجة يا قطة؟
مبقولش، بحمد ربنا إنه رزقني بيك يا حبيبي ممكن نمشي بقى علشان أنا سايبة الولاد عند ماما وزمانهم جننوها.
طيب يلا بينا وأهو نلحق عربية الكبدة قبل ما تقفل وأحنا راجعين في الطريق، وأعملي حسابك الزيارة اللي جاية أنتِ اللي هتدفعي الكشف يا هانم أنا بدفع من قبل الخطوبة خدي بالك، كان المفروض أكتب الكلام ده في القائمة.
صدرت هذه الجملة من أنس وهو يُمسك بيد زوجته ويتجه نحو الخارج، أخذت تراقبهم ريتال وقد ظهرت ابتسامة واسعة على ثغرها فتلك المقابلة اللطيفة مع تلك الشابة وزوجها حسنت من حالتها المزاجية وجعلتها تتغلب نسبيًا على التوتر الذي تشعر به أو على الأقل جعلتها تنشغل عن التفكير طوال مدة الإنتظار للدخول إلى الطبيبة.
ريتال عبدالرحمن، اتفضلي.
أردفت المساعدة خاصة الطبيبة لتستقيم ريتال من مقعدها ببطء وهي تحاول أن تنظم أنفاسها قبل الدخول، دلفت إلى الداخل بعد أن طرقت الباب بخفة وسمعت صوت الطبيبة تسمح لها بالدخول.
جلست ريتال على الكرسي المقابل للطبيبة على المكتب خاصتها، ابتسمت الطبيبة بلطف وهي تخلص نظاراتها الطبية بينما ترحب بالجالسة أمامها قائلًا:
مساء الخير يا ريتال، أهلًا بيكي نورتيني.
أه، أهل، أهلًا بحضرتك، رحبت بها ريتال في المقابل بتوتر واضح لتتسع ابتسامة الطبيبة أكثر قبل أن تُردف:
أنا عارفة إنك متوترة شوية وقلقانة وده طبيعي جدًا على فكرة في أول مقابلة مع الطبيب أو الأخصائي النفسي لأنه شخص أنتِ مش عارفاه كويس وبتبقي فاكرة إنك مطالبة تحكيله كل حاجة عن حياتك ومرة واحدة كمان.
هو مش أنا المفروض أعمل كده؟ ولا حضرتك يعني هتسأليني؟ سألت ريتال بإضطراب واضح وقد تلعثمت قليلًا لتبتسم الطبيبة ابتسامة صغيرة مطمئنة قبل أن تُجيب على أسئلتها قائلة:
مفيش هنا المفروض، أنتِ هتحكي اللي حابة تحكيه أو تتكلمي فيه يعني اللي يخطر على بالك أو تحسي إنك محتاجة أوي تطلعيه لحد وطبعًا مش محتاجة أقولك إن هنا مساحة آمنة لمناقشة كل حاجة وأي حاجة.
شكرًا بجد لحضرتك، أنتِ شكلك شاطرة فعلًا زي ما تليد قال. ذكرت ريتال تليد دون إدراك منها وهي تحاول الثناء على الطبيبة والتي عاودت ارتداء نظارتها الطبية بينما تقرب دفتر ملاحظتها الصغير من يدها وتدون فيه الاسم الذي ذكرته ريتال بينما تقول بنبرة أقرب إلى التساؤل:
تليد؟
اه تليد، هو قالي إن حضرتك عارفاه وكده هو اللي أقنعني أجي النهاردة.
أنا ممتنة ليه جدًا إنه قدر يساعدك بس هو عرف منين إنك محتاجة مساعدة؟ أنتِ بتشاركي معاه مشاعرك أسباب حزنك أو مخاوفك مثلًا؟
تليد عرف إن أنا حاولت انتحر، تركت الطبيبة ما في يدها لثوانٍ وهي تنظر إلى داخل أعين ريتال قبل أن تدون ميول انتحارية قوية في الورقة الموضوعة أمامها ثم تسألها قائلة:
كانت المحاولة الأولى؟
لا، اه، يعني أنا، أنا كنت بأذي نفسي قبل كده بصور مختلفة لكن دي كانت المرة الأولى اللي أعمل فيها حاجة كانت هتقضي عليا تمامًا لولا إن صالح لحقني، صالح ده يبقى ابن عمي، فسرت ريتال للطبيبة وقد أجابت بإجابة مُبعثرة ذكرت فيها اسم لم تعرفه الطبيبة وتفاصيل عن محاولات سابقة لها في إيذاء نفسها.
ريتال لو تقدري توصفيلي شعورك حاليًا بكلمة واحدة هتبقى كلمة أيه؟
ضياع، أجابت على الفور بنظرة خاوية وبدون ذرة تردد لتدون الطبيبة ما قالته قبل أن تسألها سؤالًا آخر وهو:
لو تقدري تروحي مكان دلوقتي حالًا من اختيارك هتروحي فين وهتاخدي أيه معاكي؟ ومين؟
هختار مكان واسع، على البحر ونكون بليل زي دلوقتي، هاخد معايا ماما بس وممكن أخد معايا كتاب أو الموبايل علشان اسمع عليه أغاني،.
مش هتاخدي أكل أو شرب؟
لا مش مهتمة، يعني مجاش في بالي الأكل وكده لما حضرتك سألتيني.
تمام، أنتِ عندك أخوات؟
عندي أخ واحد، لا هو مش أخويا، أنا مش بعتبر إنه أخويا. دونت العديد من الملاحظات من تلك الإجابات التي أجابتها ريتال مع ذكر ردة فعلها عند الرد على كل سؤال منهم.
طيب يا ريتال أنتِ حابة تحكي دلوقتي عن أيه؟ أيه أكتر حاجة شاغلة بالك أو بتفكري فيها سواء كانت حاجة سلبية أو إيجابية.
أنا حاسة إني مخنوقة، كل حاجة عملالي ضغط حتى قاعدتي هنا، أنا عمري ما كنت هفكر أجي بس صالح وتليد الإتنين قالوا إن أنا مريضة نفسيًا ومحتاجة أتعالج،.
أنتِ شايفة إنهم غلطانين في إعتقادهم ده؟
لا هما صح على فكرة، أنا فعلًا مش مضبوطة، أنا طول الوقت بعيط وحاسة إن أنا في دوامة بتسحبني جواها كل ما بحاول أقاوم أو أطلع منها، أنا مبقتش أقدر أكل خالص ونومي مش متضبط بنام قليل في أيام وأيام تانية بنام كتير جدًا،.
بدأت ريتال تسرد ما يحدث معها وقد أغرورقت عيناها بالدموع، منحتها مسك بعض المناديل الورقية لتأخذهم منها وهي تشكرها قبل أن تتابع حديثها دون أن تطلب منها مسك ذلك مُردفة:
بقيت على طول مرهقة وتركيزي قليل أوي بقيت باخد وقت كبير في المذاكرة علشان أفهم اللي بذاكره ده غير إن مبقاش عندي طاقة للمذاكرة من الأساس،.
طيب أنا عايزة أقولك على حاجة من غير قلق يعني، دي أعراض اكتئاب واضحة جدًا ومحاولتك للإنتحار ده مؤشر إننا محتاجين علاج في أقرب فرصة لأن كده مفيش مجال للتأخير.
طيب أنا بيحصل معايا حاجة تانية معرفش ليها علاقة بالحالة النفسية ولا لا بس هو أنا روحت لكذا دكتور باطنة وهو ملقاش تفسير.
اتفضلي أنا سمعاكي، هو عمومًا أمراض الجهاز الهضمي ليها علاقة وثيقة بالأمراض النفسية.
أنا ساعات لما بتضايق أوي أو بتوتر أوي بحس إن أنا مش عارفة أخد نفسي، معدتي كلها بتوجعني وبحس إن أنا عايزة أرجع حتى لو مكنتش واكلة حاجة وطبعًا بيبقى في دوخة وممكن يحصل زي تشنج كده في إيدي، استمعت الطبيبة إلى ما تسرده ريتال بإهتمام وقد أدركت على الفور ما تقصده الفتاة لتُوضح لها الآتي بهدوء شديد:.
دي اسمها Panic attack أو بالعربي نوبة هلع، وهي ممكن تكون موجودة في أكتر من اضطراب نفسي ولكن بشكل أساسي في اضطرابات القلق اللي من الواضح إنك بتعاني منها،.
أنا خايفة أقول حاجة تاني تقولي إن أنا محتاجة اتحجز في مستشفى،.
لا لا الموضوع مش مستاهل خالص متقلقيش، على فكرة معظم الناس بتعاني من أكتر من مرض يعني فعادي متقلقيش أنتِ وضعك مش مأساوي. مازحت الطبيبة ريتال لتخفف من الأجواء، أخذت ريتال تثرثر معها في بعض الأمور دون الخوض في الكثير من التفاصيل فالحاجز بينهم لم يتم كسره بعد وبالطبع كانت الطبيبة مسك متفهمة لذلك جيدًا فعادة ما يكون المريض غير مطمئن للطبيب في الجلسات الأولى.
طيب يا ريتال أنا هضطر أكتبلك على أدوية لازم تلتزمي بيها، عمومًا الجرعات هتبقى قليلة فمفيش أي قلق أو كده وأتمنى الجالسة الجاية تكون ماما أو بابا معاكي لأني محتاجة أشوفهم ضروري.
تمام حاضر. تمتمت ريتال وهي تأخذ الروشتة من الطبيبة ثم تشكرها وتغادر المكان، شعرت ريتال بقليل من التحسن بعد تحدثها مع الطبيبة لكنها لم تستطع أن تُقرر هل ستبتاع تلك الأدوية أم لا؟
فالطالما كانت تسمع عن الآثار الجانبية لمثل تلك العقاقير وهي لا تعلم إن كانت ستتحمل ذلك أم لا، كما أنها لا تعرف إن كانت الصيدلية ستمنحها تلك الأدوية أم لا، كانت تسير بذهن شارد حتى وصلت إلى نقطة إلتقائها بسيارة الآجرى ولم تنتبه قط لذلك القابع داخل سيارته يراقبها من بعيد بهدف الإطمئنان عليها في صمت.
وصلت ريتال إلى المنزل وأول من قابلته هو صالح، أقترب منها مرحبًا بها وقد كان الإرهاق باديًا عليه.
أيه خلصت مشوارك بدري يعني.
بدري أيه بس دي خلتني ألف معاها في المول حوالي أربع ساعات ونص أنا رجلي مش حاسس بيها حقيقي، المهم عملتي أيه عند صاحبتك؟ وضح بتملل وتعب لتبتسم ريتال ابتسامة مُجاملة، باغتها بسؤاله وقد نسيت هي كذبتها لتُجيب على سؤاله بآخر بحماقة شديدة:
صاحبتي مين؟
مش أنتِ كنتِ عند صاحبتك؟
اه اه، هي تمام مفيش كويسة. أجابته بتوتر واضح وهي تقبض على حقيبة يدها ليطالعها بقليل من الشك وهو يسألها:
متأكدة؟
أيوا متأكدة، أنا هدخل أنام بقى علشان عندي مدرسة الصبح.
ريتال هو مش أنتِ قولتي إنك مش رايحة باقي الأسبوع علشان تقعدي تذاكري؟
اه صح نسيت، كويس إنك فكرتني. كان من الواضح عليها أنها تُخفي شيء ما لكن صالح لم يود أن يُصر عليها على الأقل في الوقت الحالي حيث أنه يمكن أن يتم تأجيل تلك المحادثة إلى الصباح.
في ذلك الوقت بالطابق العلوي كان عبدالرحمن جالسًا يتناول الطعام على الأريكة بينما يشاهد التلفاز، وقد كان ابنه الصغير يجلس إلى جانبه لتقترب سالي وهي تحمل ابنها بعنف وتضعه على الأرض بعيدًا عن والده بينما تقول:
قوم يا واد من هنا ادخل ألعب جوا، عبدالرحمن قولي أنتَ هتعمل أيه في قضية النفقة دي؟ سألت بحنق وهي تسحب منه الصحن لينتبه لها، رمقها بحنق وهو يسترد الصحن من يدها بينما يقول:.
المحامي الزفت قريبك ده عمال ياخد في فلوس وبيقولي إنه بيحاول يخلص حاجات ولسه مش شايفله أي أمارة.
متقولش على قريبي زفت ده محامي صايع وهيعرف يجبلك حقك منها ومش هيخليها تطلع بجنيه من وراك. كانت تتحدث بثقة شديدة وكأنها تذكر شيء يدعو للفخر ليرمقها زوجها بطرف عيناه بإشمئزاز قبل أن يُعقب على جملتها بحنق واضح:
والله شكلك ناوية على حبسي أنتِ وهو، ده بيقولي إننا ممكن نضرب ورق يعني يثبت إن مراتي أقل النص من اللي أنا باخده فعليًا على أساس يعني إن لما تاخد الحكم يطلع المبلغ بتاع النفقة رقم قليل أوي.
دماغ ألماظات بصحيح، طب والفلوس اللي في البنك؟ ما أنتَ شايل فيه فلوس كتير باسمك أنا بقول بقى تحولهم على حسابي علشان ميبقاش ليهم حجة.
ايوا بس،.
بس أيه؟ مش هتأمن على الفلوس معايا ولا أيه؟ ده أنا مراتك حبيبتك اللي ملهاش غيرك وفي الآخر ما كلها فلوس ابننا يعني. سألته بنبرة لعوب وهي تدعي الحزن بينما أوشكت على النهوض من مجلسها ليجذب عبدالرحمن ذراعها بلطف ليُجلسها مرة آخرى بينما يتمتم:.
طيب طيب هشوف أنا هعمل أيه في الموضوع ده المهم دلوقتي ريتال هتخلص امتحانات بكرة إن شاء الله وطبعًا أمها والمحامية السو دول هيرجعوا يزنوا تاني إن ريتال تروح تقعد معاها.
طب ما تسيبهالها.
اسيبهالها؟
اه يا عم سيبها هو أحنا ناقصين مصاريف؟ مش هي أمها عايزاها وبتزن علشان تاخدها خليها معاها وهي هتعرف لوحدها إنها مش حِمل المصاريف وهتيجي تبوس إيدك علشان ترجعها على زمتك ووقتها بقى تقدر ترجعها بشروطك.
أخذت تنفث سُمها في أذن زوجها والذي أخذ يستمع لما تقوله بتفكير عميق ليسود الصمت لبعض الوقت قبل أن يقطعه زوجها وهو يُردف:
أنتِ بتتكلمي صح، أنا محظوظ إني لاقيت ست دماغها حلوة زيك كده ده أنتِ اللي يوقع في سكتك أمه داعية عليه.
علشان تعرف بس قمتي يا حبيبي، المهم بس هو ينفع تنقل من مدرستها لمدرسة عند أمها على الترم التاني ولا لازم تفضل قاعدة على قلبنا هنا لآخر السنة؟ سألت بضيق شديد وكأن وجود ريتال هنا يسلب راحتها ورزقها بالرغم من أن الفتاة بالكاد تختلط بهم خاصة بعد أن نقلت إقامتها بالأسفل عند جدتها تجنبًا لهم.
مش عارف بصراحة بس أظن عادي، كده كده زينة مش هتغلب وهتلاقي حل علشان تاخدها.
طب كويس، أما أنتَ يا راجل أنتَ مش متمسك بيها ولا فارق معاك أوي إنها تعيش هنا أومال كنت عامل مشاكل مع اللي ما تتسمى دي ليه؟
كنت بضغط عليها مش أكتر وكنت فاكر إني كده هخليها تتراجع عن فكرة الطلاق بس طلعت ريتال كرت محروق ومفرقش معاها.
تصدق ريتال بنتك دي بتصعب عليا لا أنتَ عايزها وأمها سابتها هنا ومشيت وحتى صالح ابن أخوك اللي هي هتموت عليه سمعته كده بيقول إنه ناوي يخطب واحدة تانية.
كانت تتحدث سالي بمزيج من الشماتة والسخرية وإن كانت تدعي الحزن بنبرتها الزائفة تلك، لم ينتبه زوجها لجملتها كاملة سوى لمقطع واحد هو الذي لفت انتباهه ليسأل زوجته مستنكرًا:
هو صالح هيخطب؟
اه مع إن أنا صعبانة عليا أوي إنه مش هيخطب بنتك يلا أهو النصيب.
صعبان عليكي ليه إن شاء الله يا حنينة؟
أخوك الكبير ده على قلبه فلوس كتير وكله لأبنه صالح لأنه الولد والكبير يعني لو ريتال ارتبطت بيه هي هتاخد الفلوس دي كلها وفي نفس الوقت بقى هيبقى كارت تضغط بيه على أخوك علشان يوافق إنك تشاركه في شغله.
مجددًا أخذت تبصق كلمات لا خير فيها وهي تعبث بعقل زوجها والذي كان ينصاع وراء اقتراحتها كالمسحور فلقد علمت جيدًا كيف تسيطر على عقله في سنوات قليلة في حين أن زوجته الأولى لم تكن تستطيع فعل ذلك قط، صمت عبدالرحمن كثيرًا وهو يُفكر فيما تقوله وقد أنار حديثها منطقة ما في عقله قبل أن ينبس:
أنتِ دماغك راحت في حتت بعيد أوي،.
ولسه يا عبدالرحمن طول ما أنا جنبك هخليك تعيش ملك وتبقى فوق الكل أما موضوع خطوبة صالح ده بقى أنا عارفة هعمل فيه أيه كويس،.