قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

بعد ان وضعها على السرير برفق وحذر، امسك الغطاء ودثر جسدها تحته بعناية ومن ثم ابتعد بخطواته المتعجلة وسار للباب وفتحه، قال بعجلة وغضب
- اتصل بالحكيم وخليه يجي، بسرعة
انهى جملته وهو في بداية صعوده للسلالم، وصل للطابق الأخير وسار في ممره بغضب حتى وصل للحارس وامسكه من ياقته بقسوة وهو يهتف بثورة
- انت ازاي تتصرف بمزاجك ها، ازاي تاخدها لسجن التعذيب وانت عارف اني مش بسجن فيه حد، ازاي؟

صرخ بالأخيرة بغضب جامح قبل ان ينقض على الحارس بلكمات قاسية في وجهه وهو يهتف من بينهم
- كنت هتموتها يا غبي، كنت هتموتها
تراخى جسد الحارس وسقط على الأرض والدماء تسيل من وجهه بغزارة، فهرع الحارس الآخر وقال بسرعة لينقذ صديقه قبل ان ينقض عليه سيده من جديد
- السيده عايدة هي اللي قالتلنا اننا ننقلها لهناك، قالت ان دي اوامرك، فمش ذنبنا
- عايدة!، عايدة.

قال الأخيرة وهو يكور قبضته بغضب ويضغط عليها بحنق وغضب، التفت ونزل السلم حتى وصل للطابق الثالث واتجه لجناح عايدة واقتحمه، فأنتفضت الأخيرة بفزع من على السرير وهي تهتف بحدة
- في اية؟، دي طريقة حد يدخل فيها على حد!
انهت جملتها بصرخة ألم عندما جذبها من شعرها بقسوة وهو يقول
- تعالي هنا يا بنت ال
- شعري لا
قالتها وهي تنظر له برجاء، فقبض على شعرها بقسوة، فتأوهت بينما قال بصوت مرتفع غاضب.

- مين اللي قالك انك تأمري حراسي بأنهم ينقلو ريحانة لسجن التعذيب، ها
نظرت له بإرتباك بعد قوله ولم ترد، فهتف بحدة
- بتتصرفي من نفسك لية، وبتتصرفي بأسمي لية
فتحت شفتيها لتجيبه ولكنها لم تستطع إخراج حروفها، فهتف بنفاذ صبر وغضب جامح
- ما تردي
ظلت تنظر له، لحدقتيه التي تشع غضبا وقسوة، ومن ثم قالت بحنق وإنفعال
- مالك؟، متعصب اوي كدة لية عشان عملت فيها كدة؟، مش انت كنت عايز تعذبها فأنا ساعد...
قاطعها بصوت مرتفع.

- انا اللي اعذبها مش انتِ، وغير كدة مطلبتش مساعدتك
نظرت له بغيظ وقالت بصوت مرتفع حانق
- مطلبتش بس انا من نفسي ساعدتك، وغير كدة انا مرتكبتش جريمة عشان تزعقلي وتعالمني بالطريقة القاسية دي وعشان مين، عشانها!

قالت الأخيرة بغضب وحقد ومن ثم وضعت يدها على يده الممسكه بشعرها وحاولت تخليص شعرها من قبضته، فعلت بعد ان سمح بذلك حيث ترك شعرها واعاد يده بجانبه، فعدلت خصلات شعرها وهي ترمقة بغضب وقالت بغضب ممزوج باللوم
- انت بتعاملني الفترة دي وحش اوي و...
قاطعها ب
- وهتشوفي مني اوحش لو مبطلتيش تصرفاتك
- انا حذرتك.

قالها و هو يرفع سبابته امام وجهها بتحذير ثم إلتفت وغادر، فجلست على السرير بحنق في حين كانت نظراتها مُركزة على الباب قبل ان تلتفت وتمسك بالوسادة وتليقيها في إتجاه الباب وهي تصرخ بغضب وغيظ.

مستلقي جلال على الأريكة وهو ينظر للهاوية بشرود، كان شارد في قول عايدة عن عبد الخالق، فهل هو حقا حي؟، ولكن كيف؟، هذا الأمر يحيره جدا، فكيف انقذه الشيطان من الموت، كيف؟، اغمض عينيه وهو يتذكر ما حدث منذ اعوام..

هرع جلال لوالده بهجت المستلقي على الأرض بين دمائه، جثى على ركبتيه وامسك بوجه والده وهو يقول بفزع وخوف على والده
- بابا، متموتش، انا محتاجك
فتح بهجت عينيه ببطء ونظر لجلال وقال بصعوبة
- جلال، ابني
- بابا
- جلال، اسمعني كويس، اياك تضيع كل اللي عملته، عايزك تبقى انا، عايزك تملك كل حاجة، القصر والورث وكل حاجة
قال بهجت كلماته بتقطع وهو يلتقط انفاسه بصعوبة وبعد ان انهى جملته اصبح يسعل، فهتف جلال بخوف.

- مش هبقى مكانك لأنك هتعيش
- لا، خلاص انا خلصت مهمتي في الحياة دي، عايزك تكمل مكاني يا...
لم يستطع إكمال جملته بسبب سعاله، فقال جلال بسرعة
- قول لي مين، مين اللي عمل فيك كدة؟، حد قريب منك؟، قولي
اومأ بهجت برأسه، وحاول ان يخرج حروفه
- ع، ع
- حرف العين، عبد الخالق؟، جدو؟
نظر له بهجت وقبل ان يجيب على جلال تجصعت عينيه وصعدت روحه للسماء، فهتف جلال ببكاء
- لا، استنى، قول لي مين موتك عشان اخدلك حقك، قول.

انهى جملته بإحتضان والده وهو يبكي ويقبل رأسه ومن ثم مرر اصابعه على وجهه حتى وصل لعينيه واغلقهما، وفجأة توقف عن البكاء وتحولت نظراته للغضب والقسوة، ترك والده ونهض وإتجه لمكتب الأخير ودخله ومن ثم تقدم بخطوات سريعة غاضبة حتى وصل للمكتب وفتح احدى ادراجه واخرج سلاح والده ومن ثم إتجه للخارج وهو يحدث نفسه بصوت مرتفع متوعد.
- هموتك يا عبد الخالق هموتك.

وصل جلال لقصر عبد الخالق واقتحمه بعد ان ضرب الحراس، وهتف بصوت مرتفع غاضب
- يا عبد الخالق، تعلالي، يا عبد الخالق
نزل عبد الخالق على السلم وهو يهتف
- في اية؟، اية الدو...

قاطعه جلال بطلقته النارية من مسدسه في إتجاة عبد الخالق ولكنها لم تصيبه بل مرت بجانبه حتى استقرت في الحائط، فألتفت عبد الخالق ونظر للحائط بصدمة وفزع، نظر لجلال الذي صعد السلم بثلاث خطوات فقط ووصل له، أمسكه جلال من سترته وجذبه بقسوة قائلاً بحدة
- موته وارتحت!، موته وخدت بتار بنتك، موته
قال الأخيرة بصراخ غاضب، فهتف عبد الخالق بذهول
- موت مين؟
- انت هتستهبل!، ابويا، ابويا قتلته وهربت
- نعم!، بهجت مات؟

- اة مات، وانت اللي قتلته
- انت مجنون؟، اقتله ازاي وان...
- مش هصدقك
قالها جلال بصراخ، واكمل
- مفيش حد غيرك يا عبد الخالق هيعمل كدة، انت اللي ليك عداوة معاه
بعد ان انهى جملته جذبه واوقفه امامه، قال
- وكمان، هو قال لي قبل ما يموت انك انت، انت اللي موته
قال الأخيرة بقهر وغضب، ثم ركله بقدمه فتدحرج عبد الخالق على السلم حتى استقر جسده على الأرض، لحق به جلال ونزل لمستواه، امسك بذقن عبد الخالق وقال بخفوت مخيف.

- انت خدت بتار بنتك، وانا هاخد بتار ابويا يا عبد الخالق، هاخده بموتك
انهى جملته ونهض، تراجع للخلف بخطوتين وتوقف ووجه سباطة المسدس عليه، قال
- سلام يا، عبد الخالق
وضغط على الزناد فأنطلقت الرصاصة واستقرت في صدر عبد الخالق، فإبتسم جلال وغادر.
استيقظ من شروده على صوت رنين هاتفه، التفت برأسه ونظر للهاتف ومن ثم مد كفه والتقطه، نظر للشاشة فوجد المتصل عايدة، فأعتدل سريعا ورد.

- ازاي عايش؟ ازاي انقذه الشيطان؟، لية اعلنوا انه مات؟
قالها بتساؤل وحيرة بعد ان وضع الهاتف على اذنه مباشرةً، فقالت عايدة بغضب
- مش وقت اسألتك دلوقتي، انا متصلة بيك عشان اقولك اننا هنفذ الخطة
- بالسرعة دي!
- ايوة، والتنفيذ هيبقى بكرة، بكرة عايزة عبد الخالق يختفي من القصر
- لسة مخططتش ومظب..
قاطعته
- انا مخططة لكل حاجة، وهقولك هنعمل اية، بس اللي عليك انك تظبط مع رجالتك
- ماشي، قولي.

- هقول بس قبل ما اقلك على الخطة اياك تدخلني في الموضوع، ماشي؟
- ماشي.

في جناح الشيطان
كان الشيطان يقف خلف الحكيم الذي كان يمزج بضع محاليل ببعضها ويضعها في فم ريحانة التي مازالت فاقدة الوعي، رفع ذقنها قليلا لكي يساعدها على بلع المحلول، بعد ان انهى ذلك نهض والتفت للشيطان ليقول بهدوء.

- درجة حرارتها اقل من خمسة وتلاتين درجة مئوية ودة يعني ان درجة حرارتها منخفضة، فأنا لازم الحقها قبل ما تنخفض اكتر، فأنا اديتها دوا عشان يساعد على رفع درجة حرارة جسمها، بس محتاج اعمل حاجة، هتساعدها اكتر
- قول
- محتاجيين نغيرلها لبسها كله وبعدين نحطها تحت مية دافيه لمدة عشر دقايق او ربع ساعة وبعد ما تلبسها تحطها على السرير وتغطيها كويس، دة هيساعد على ان درجة حرارتها ترجع طبيعية
- ماشي، انا هعمل كدة.

اومأ الحكيم برأسه وقال
- ماشي، تسمحلي امشي؟

اومأ الشيطان برأسه سامحا للحكيم بالمغادرة، فسار الأخير للباب وغادر، بينما تقدم الشيطان وسار في إتجاة الحمام ليملأ حوض الأستحمام بالماء الدافئ، بعد ان فعل، خرج وإتجه لها ليجلس على السرير بجانبها، منحها نظرة سريعة قبل ان يطوقها بذراعيه ويساندها ليرفع جسدها قليلا من على السرير، ومن ثم ترك احدى يديه خلف ظهرها ليسندها والآخرى امسك بها طرف سترتها ولكنه لم يرفعه بل نظر لها لبرهة وهو يشعر بالتردد، تنهد بعمق قبل ان ينقل نظراته ليده الممسكة بسترتها ورفعها ببطء، ابعد نظراته عنها واكمل خلع ملابسها بالكامل ومن ثم حملها ونهض وإتجة بها للحمام ودخله حتى توقف امام حوض الإستحمام، نظر لوجهها الشاحب لبرهة قبل ان ينقل نظراته للحوض وهو يميل بجسدها ويضعها في الحوض بحذر، لكنه ابعدها سريعا عندما شعر بإرتعاش جسدها بين ذراعيه و نظر لها و همس بأسمها عندما رأى حركة جفونها.

- ريحانة
فتحت عينيها ببطء، نظرت له لكنها لم تره بوضوح بسبب ان رؤيتها مشوشة، فأغمضت عينيها مرة آخرى وما لبثت ان فتحتها عندما شعرت بأن جسدها وضع في ماء دافئ، فنظرت له وقد وضحت الرؤية لديها وقالت بصوت ضعيف يكاد يسمع
- بتعمل اية؟
نظر لها وقال بهدوء
- بساعدك
حركت رقبتها بصعوبة وهي تقول
- اية اللي حص...
توقفت عن إكمال جملتها حين رأت هيئتها تلك، فشهقت بفزع وهي تهتف بصوتها الضعيف
- اية دة، لا، لا.

قالت الأخيرة وهي تبدأ في البكاء في حين حاولت ابعاده عنها بحيث انها اصبحت تضربه بقبضتها الضعيفة على صدره بدون توقف، فتركها رغما عنه فسقطت بداخل الحوض بالكامل، فأسرع ومد ذراعيه لداخل الحوض واخرج وجهها، أصبحت تسعل وهي تلتقط انفاسها بصعوبة، فهتف بها بحدة بسبب خوفه عليها
- انتِ غبية، كدة هتأذي نفسك
نظرت له واصبحت تبكي اكثر وهي تقول بتقطع.

- انت بتعمل فيا كدة لية؟، حرام عليك، حرام
- مش هأذيكِ، صدقيني
وضعت ذراعيها حولها لتغطي جسدها بقدر استطاعتها وهي تبكي وفجأة توقفت ونظرت له وقالت من بين انفاسها التي تستنشقها بصعوبة
- ه، هيغمى عل، يا.

انهت جملتها وبالفعل فقدت الوعي، فأمسكها بإحكام وترك جسدها في الماء الدافئ لمدة قاربت العشر دقائق، ثم حملها وخرج بها للجناح واضعها على السرير ثم تركها وركض للخزانة ليخرج منها منشفة كبيرة وملابس لها وعاد لها، بدأ في تجفيف جسدها والبسها ملابسها، بعد ان انهى ذلك، حملها والتف حول السرير و وضعها في مكان نومه حيث كان جزئه من السرير جاف وليس مبلل، وضع الغطاء على جسدها بإحكام وجلس بجانبها وهو ينظر لها بعمق ونظرة غريبة تجتاح عينيه، نظرة ألم، ندم، شفقة، حنان، ظل ينظر لها لوهلة قبل ان ينهض فجأة ويتجة للباب، وقف امامه ساكناً قبل ان يضربه بقبضته بغضب وهو يهتف لنفسه بضيق وضياع.

- لية؟، لية حاسس بكدة لية؟
التف حول نفسه وهو يمرر انامله بين خصلات شعره بحدة قبل ان يفتح باب الجناح و يغادر، واثناء سيره في الممر قابل زهرة وامرها بأن تعتني بريحانة عقب ما يعود.

وصل ايمن لقصر والده عز الدين ، فأستقبله الاخير مرحبا به حيث احتضنه بقوة وهو يقول
- حمدالله على سلامتك يا ابني
- الله يسلمك يا بابا
- فرحان انك خرجت من السجن، نورت القصر يا ايمن
ابتعد ايمن عن حضن والده وقال
- و انا فرحان يا بابا، بابا
قال الأخيرة وهو يمسك يد والده ويضيف
- عايزك تسامحني على اللي عملته، انا اسف
- مسامحك، بس متكررهاش تاني، وتبعد عن طريق جلال.

- هبعد، انا تبت خلاص، انا دلوقتي بقيت من رجالة الشيطان
إبتسم عز الدين برضا و قال
- اخيرا بقيت في صف الشخص الصح، دلوقتي لو مت هبقى مطمن
- بعيد الشر عنك يا حج عز الدين
- حج!
قالها عز الدين بإستنكار، و اكمل
- انا مش حج يا ولد، دة انا لسة في عز شبابي
- باين
قالها ايمن بمزاح، فضربه عز الدين على كتفه بمزاح فتألم ايمن وقال
- ايدك تقيلة، وجسمي مش مستحمل
- تستاهل، عشان تحرم تقول لأبوك حج
- ماشي يا برنس، دي حلوة؟

- امشي يا ايمن، امشي
قالها عز الدين بحدة مصطنعة، فإبتسم ايمن وقال وهو يتجه للسلم
- انا اصلا كنت طالع لأوضتي، جسمي واجعني ومحتاج ارتاح، سلام يا حج
قال جملته وفر هاربا، فضحك عز الدين وإتجة لمكتبه وهو ينوي أن يتصل بالشيطان.

دخل الشيطان مكتبه و سار في إتجاة الحائط -في الجانب الأيمن- و وقف امام السيتارة الذي ابعدها بيده، فظهر الباب، ففتحه و دخل و اغلق الباب خلفه، تقدم للداخل من بين ذلك الظلام حتى جلس على السرير و مد يده للحائط و اشعل ضوء خافت بجانبه و من ثم مال قليلا و سند مرفقيه على فخذيه و اسند ذقنه على كفيه المتشابكيين و اصبح يفكر في كل شيء حدث منذ دخولها لحياته، في البداية جلال ادخلها لحياته و من ثم هو الذي جعلها تبقى في حياته على خطة انه سينتقم من جلال بها و من ثم ظلت هي باقيه في حياته، هو يعلم الآن انه اخطأ عندما جعلها تظل في قصره، بجانبه، فالعواقب اصبح يراها الآن، عاد للخلف بظهره حتى اسنده على السرير و اصبح ينظر للهاوية و فجأة اظلمت عينيه عندما تذكر والدته و ماضيه فجأة و بدون سبب، فقط قفزت في مخيلته صورتها عندما كانت تحترق، و صوت صريخها يتعالى في اذنيه، فأنتفض من مكانه و هو يضع كفيه على اذنه بقوة و يقول و هو يلهث.

- كفاية، كفاية
توقف الصوت عن التردد في اذنه فأبعد كفيه من عليها و هو ينظر حوله في حين جثى على ركبتيه و مد ذراعه و التقط صورة والدته و وضعها امامه و هو ممسك بها و اصبح يحدثها بحدة و عتاب و تأثر
- بقيت شيطان بسببك، مش قادر استمتع بحياتي، مش قادر احب، بقيت مربوط بالماضي و بالأنتقام، دة مريحك!..
توقف لبرهة و هو يتذكر كلمات عبد الخالق الذي قالها له سابقا.

- الغلط مش على امك بس و عليهم، الغلط عليك انت كمان، عشان هما غيروك و انت ساعدهم على كدة، و كمان انت إنسان عندك قلب بس انت اللي موقفه عن انه يعمل شغله الطبيعي، خليه يحس، يميل، و يحب، متخليش الأنتقام و الماضي يمتلكك لآخر ذرة إنسانية فيك.
- هعمل اللي بتقول عليه بس مش دلوقتي، هعمله بعد ما اخلص انتقامي، و انتقامي هيخلص بآخر روح هاخدها و اللي فضلالي هي، روح جلال.

قال الشيطان كلماته بإصرار و جمود، و من ثم نهض و ترك صورة والدته على الأرض و سار بخطوات ثابتة للباب و خرج و إتجة لباب غرفة مكتبه و لكنه توقف في المنتصف عندما سمع صوت رنين هاتفه فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة فوجد المتصل عز الدين فأجاب.

بعد مرور بعض الوقت
دخل الشيطان جناحه بهدوء فوجد زهرة جالسة مع ريحانة و هي تحاول إطعامها، و لكن ريحانة لا تأكل، فأقترب منهم و هو ينظر لريحانة الذي كان يبدو على ملامحها التعب و الضعف و الهزلان، توقف بجانب السرير و هو يقول
- مش عايزه تاكل؟
التفتت زهرة و نهضت إحتراما له و قالت.

- كويس انك جيت يا سيدنا، اصل الانسه ريحانة مش عايزة تاكل برغم محاولاتي بس هي رافضة، هي محتاجة تاكل اكل فيه فيتامينات عشان تسترجع جزء من قوتها، اصلها مش قادره تمسك معلقة حتى، اعصابها سايبه خالص
- خلاص، انا هتصرف، تقدري ترجعي لشغلك
اومأت زهرة برأسها و غادرت، بينما اقترب الشيطان من ريحانة و جلس بجانبها و هو يحمل الصينية، فنظرت له بعيون متعبة و هي تقول بصوت ضعيف جدا
- مش عايزه اكل، لوسمحت
- مش بمزاجك.

قالها و هو يضع الملعقة في الحساء، فأشاحت وجهها للناحية الآخرى و هي تغمض عينيها بتعب، فرفع نظراته لها و مد يده الممسكة بالملعقة و قربها من فمها حتى لمسه، ففتحت عينيها بضيق و نظرت له بطرف عينيها، فنظر لها بصرامة، فتنهدت و فتحت فمها فأدخل الملعقة في فمها و اخرجها لتبلع الحساء، و من ثم عاد و كرر ما فعله، فنظرت له و قالت برجاء
- مش قادره، هرجع، كفاية
نظر لها و قال
- بس انتي لازم تاكلي.

صمتت و هي تمسح فمها بظهر كفها في حين كانت تنظر له بتعمق قبل ان تقول بتساؤل
- بتساعدني لية؟، مش انت عايز تنتقم مني و تعذبني، سبني عيانه لغاية ما اموت
- لسه، انا ملحقتش اعذبك عشان تموتي بالسرعة دي
نظرت له بحزن و ضعف و همست
- كلامك كافي لتعذيبي
تبادلوا النظرات لدقائق قبل ان ينقل نظراته للطبق و يكمل إطعامها، عنوة.

بعد منتصف الليل
خرجت عايدة من جناحها و هي تسير على اطراف اصابعها بحذر و بطئ حتى وصلت لغرفة عبد الخالق، و دخلتها، توقفت امام سريره و نظرت له بشر قبل ان تتقدم منه و هي تخرج من جيبها إبرة، توقفت بجانبة مباشرا و اقتربت من اذنه و همست
- اسفة على الأزعاج بس محتاجاك ليومين كدة
إبتسمت إبتسامة جانبية و هي تضع الإبرة في ذراعه و اكملت
- نومة هنية يا عبد الخالق.

ابتعدت عنه و سارت في إتجاة باب الغرفة و خرجت و عادت لجناحها و فور دخولها للجناح، التقطت هاتفها و اتصلت بجلال الذي اجاب سريعا
- مهمتي تمت، دروك
قالت جملته و اغلقت الخط و من ثم القت بجسدها على السرير و هي تتنهد براحة و إستمتاع.

اشرقت شمس يوم جديد
فتحت ريحانة عينيها ببطئ و هي ترفع كفها لجبينها فتشعر بتلك القماشة الموضوعة على جبينها فأمستكها و نظرت لها و من ثم نقلت نظراتها حولها، فوجدت الجناح هادئ، فأعتدلت قليلا و نادت بصوت ضعيف نسبيا
- بيجاد
لا يجيب، فنهضت و اتت ان تتجة للحمام و لكنها توقفت و إلتفتت لإتجاة باب الجناح عندما سمعت صوته العالي الغاضب، فتقدمت و وقفت خلف الباب لبرهة و هي تستمع لما يقول.

بينما في الناحية الآخرى، كان الشيطان يصرخ بالحراس و الخادمة بسبب اختفاء عبد الخالق من القصر بأكمله
- انتوا بهايم، ازاي اختفى؟، يعني كل الحراس اللي جايبهم نايميين على ودانهم، مش حاسيين
اخفض الحراس رؤسهم بإحراج و صمتوا، بينما تقدم الشيطان من خادمة عبد الخالق الخاصة و قال بهدوء
- مين آخر واحد دخله إمبارح؟
- محدش دخله من بعدك يا سيدنا.

- و انتي سايباه بليل لوحده لية؟ مش انتي الخادمة بتاعته يعني لازم تكون معاه اربعة و عشرين ساعة و لا اية
قالها بحدة، فقالت الخادمة بصوت مرتجف
- ايوة انا خدامته بس السيد عبد الخالق مش بيحب حد يحرسه بليل و...
قاطعها بصوته الأجش الغاضب و هو يلتفت للحلراس و يأمرهم ب
- تدوروا عليه، تجيبهولي من تحت الأرض، لازم تلاقوه، سليم.

بعد ان انهى جملته تعالى صوت رنين هاتفه، فأخرجه من جيبه و نظر للشاشة فوجد المتصل رقم بدون اسم، فرد
- الو
قالها الشيطان من بين انفاسه الغاضبة، فرد الطرف الآخر بطريقة مستفزة
- مالك؟، بدور على عبد الخالق؟، مدورش عليه، عشان هو معايا و مش هتلاقيه حتى لو شقيت الأرض
- جلال يا...
قالها الشيطان بغضب مكبوت بعد ان تعرف على صوت الآخر، فقاطعة جلال بطريقة مستفزة
- متتعصبش بس، العصبية مش هتوصلنا لإتفاق.

- عرفت منين انه عايش؟
- مش مهم عرفت منين، المهم، عايز عبد الخالق؟، يبقى تديني ريحانة و اديك عبد الخالق
- لا
- مش بمزاجك
قالها جلال بحدة و اكمل
- ريحانة تخصني فأنت هترجعها و إلا، قول مع السلامة لجدك الحبيب، للنهاية لأني مش هسمح انك تنقذه تاني من الموت
- صدقني لو حصله حاجة لهدفنك في مكانك
قالها الشيطان بتوعد و غضب، فرد جلال ببرود
- انت اللي هتتحكم في دة، ان هيحصله حاجة و لا لا
- هستنى قرارك، خلال يوم، سلام.

قالها جلال قبل ان ينهي المكالمة، فأبعد الشيطان الهاتف من على اذنه و هو يضغط عليه بقبضته بحنق و غضب في حين كان ينقل نظراته لإتجاة جناح عايدة و هو يصرخ بحراسه
- روحوا دوروا عليه، واقفين لية
اسرع الحراس و غادروا لينفذوا اوامر سيدهم، بينما إتجة الشيطان لجناح عايدة و اقتحمة، فأنتفضت في مكانها بفزع
- في اية؟
قالتها بفزع مصتنع فهي كانت متأكدة انه سيأتي لها، توقف امامها و قال بحدة.

- انتي اللي قلتي لجلال ان عبد الخالق عايش، صح؟
- انا!
قالتها بذهول مصتنع و من ثم صرخت عندما جذبها من شعرها و انهضها و هو يقول بغضب
- مش عايزك تلعبيلي دور البريئة اللي معملتش حاجة، قولي، أنتي اللي عرفتيه؟
- لا
- برضوا بتكدبي
قالها و هو ينظر لها بغضب و شر، فقالت بهدوء
- لية شاكك فيا انا بذات؟
- عشان انتي الوحيدة اللي تعرفي انه عايش و انتي اللي ليكي مصلحة في كدة.

- لا، ظنك خاطئ، مش انا اللي ليا مصلحة في دة، دي عشيقتك اللي ليها مصلحة في دة
- ريحانة!
قالها بإستغراب، فأكملت بخبث
- ايوة، ريحانة، هي عارفه ان جدو عايش لأنها كانت بتيجي تقعد معاه بدون ما حد يحس بيها، فأكيد راحت قالت لجلال انه عايش، يعني هي اللي ورا اللي بيحصل
ترك شعرها و ابتعد عنها و إتجة للباب و هو يقول بتوعد.

- صدقيني، لو طلع كلامك كدب هيبقى اخر يوم ليكي في القصر دة، و لو كنتي انتي اللي ورا اللي حصل و بتتهميها عشان تنقذي نفسك، يبقى ودعي روحك
انهى جملته و غادر الجناح، فجلست عايدة على سريرها و هي تبتسم إبتسامة خبيثة منتصرة.

كانت ريحانة جالسة على الأريكة شاردة قلقة خاصا بعد ان علمت بأن عبد الخالق اختطف و الذي خطفة، جلال فمن المؤكد ان الشيطان سيشك بها، مسحت وجهها بكفها و هي تحدث نفسها
- لية عملت كدة يا جلال، لية؟
انتفضت ريحانة من مكانها عندما اقتحم الشيطان الجناح، شعرت بالخوف و الرعب عندما رأته يتقدم منها بخطوات سريعة غاضبة و عينيه تشع شرا و غضبا بجانب ظلامهما، فتمتمت بتقطع قبل ان يصل إليها
- مش انا.

امسكها من ذراعها بقوة و قال
- صحيح اللي سمعته، انتي اللي عرفتي جلال ان...
قاطعته بصدق
- لا، و الله مش انا، أنا مقلتلهوش حاجة عن جدو عبد الخالق
حدق في حدقتيها فشعر بصدقها، فترك ذراعها و ظل صامتا و هو ينظر لها، فقالت
- حقك انك تشك فيا لأني كنت جاسوسة لجلال بس والله، و الله انا مقلتش اي حاجة لجلال عنه و لا لمحتله عن جدو عبد الخالق ابدا.

انهت جملتها و صمتت و هي تنظر لحدقتيه فشعرت بتردده في تصديقها، فتنهدت و قالت بهدوء
- انا عمري ما هعمل كدة في جدو، انا مش هعض ايد الشخص اللي مدهالي و اللي حسسني بالحنان، انا كنت بعتبره زي ابويا، فأزاي هأذية؟
- هحاول اصدقك
- يعني انت مش مصدقني
قالتها بحزن، فنظر لها بجمود و قال
- تعرفي لية جلال خطفه؟
هزت رأسها بعدم المعرفة، فقال
- عشان عايزك، عايز يرجعك ليه، فخطفه عشان يساومني
- يعني عمل كدة عشاني!

قالتها بذهول، فنظر لها بتعمق و قال بتهكم
- مبسوطة؟
- لا طبعا
قالتها بنفور، فقال بطريقة مستفزة
- لية مش مبسوطه، المفروض تكون طايرة من الفرح لأنك هترجعي لحبيبك
- جلال مش حبيبي
قالتها بجدية و ضيق، فقال ببرود
- جوزك
- مش بعتبره كدة
اتى ان يضيف شيء و لكنها سبقته بقولها الحاد
- انا مش بعتبر جلال اي حاجة من اللي انت بتفكير فيها، ماشي
- يعني حاجة اعمق من كدة!
- انت لغاية دلوقتي مش شايف ولا فاهم؟

قالتها بتساؤل و خيبة، فتقدم منها و قال
- لا شايف و لا فاهم
تقدمت منه بخطوة و قالت بخفوت
- يعني عايزني افهمك؟
نظر له لبرهه قبل ان يتراجع للخلف بخطوتين و هو يقول
- مش عايز
و من ثم التفت و سار في إتجاة الباب و وقف قبل ان يصل للأخير و التفت و نظر لها بجمود و هو يقول
- هشيلك انتي الذنب لو حصله حاجة يا ريحانة
انهى جملته و غادر.

في احدى الأماكن المهجورة
- ازيك يا جدو، وحشتني
قالها جلال بإبتسامة مصتنعة و هو ينظر لعبد الخالق الذي اجسوه على الأرض و اسندوا ظهره على الحائط، فنظر له عبد الخالق بإستحقار، فقال جلال
- بقالنا سنين مشفناش بعض، موحشتكش؟
- لا
قالها عبد الخالق ب كرة، فقال جلال
- بس انت وحشتني يا جدو، دة انا مصدقتش لما سمعت انك عايش، اصل انا مكنتش اتوقع انك هتكون عايش ل لحظة دي، خاصا بعد اخر مقابلة بينا.

- اها و خاطفني دلوقتي عشان تاخد بتارك اللي متمش؟
- تؤ تؤ، بتاري خده ليا الزمان و القدر، انت مش شايف حالتك؟
قال الأخيرة بسخرية و شماتة، فتجاهل عبد الخالق سخريته و قال
- امال؟
- هساومك
- هتساومني
- حبيبتي عند الشيطان في القصر، فأنا عايز ارجعها فمش هعرف ارجعها ليا إلا بالطريقة دي
- حبيبتك ريحانة، صح؟
- ايوة، تعرفها؟
- ايوة اعرفها، و هي قالتلي على كل حاجة
- قالتلك على كل حاجة!، زي اية؟

نظر له عبد الخالق بإستحقار، فقال جلال بحدة
- قالتلك اية؟
- قالتلي على كل عمايلك السودة معاها و خداعك ليها و حقيقتك
- نعم؟
قالها جلال بصدمة و اكمل
- خداعي؟، حقيقتي؟، قالتلك اية؟
- انت استغليتها و استغليت ضعفها، انت ازاي جالك قلب تخدعها بالطريقة دي و ازاي تموت ابنها و ابنك؟
إتسعت مقلتي جلال بصدمة و هو يتمتم
- ابني و ابنها؟، ريحانة عرف...
قاطعه عبد الخالق.

- عرفت، عرفت كل حاجة و احب اقولك انها كرهتك و اتخلت عن حبك، انت خسرتها خلاص
نظر له عبد الخالق بإستحقار وشفقة و هو يكمل
- انت طلعت نسخة تانيه من بهجت، زعلان عليك بجد
نظر له جلال نظرة عابرة قبل ان يلتفت و يغادر الغرفة بسرعة و هو يكاد يفقد صوابه، من اين علمت ريحانة بحقيقته؟ و منذ متى؟

بدأ الظلام يسدل ستائره
دخل الشيطان قصره و هو يشعر بالغضب و الإحباط في آن واحد، سار في الممر و توقف عندما ناداه احدى حراسه
- سيدنا
فنظر له الشيطان، فأكمل الحارس
- السيدة ريحانة
- مالها؟

وصل الشيطان للطابق الأخير و إتجة للزنزانة التي بداخلها ريحانة و توقف امام الزنزانة و قال بصوته الأجش
- بتعملي اية هنا؟
رفعت رأسها و نظرت له و قالت
- دة مكاني
رفع حاجبية و قال بعدم فهم
- نعم!
أقترب الحارس و فتح باب الزنزانة فدخل الشيطان للداخل، بينما قالت
- لقيته؟
- لا
اخفضت رأسها و قالت
- اسفة
نظر لها لبرهة قبل ان يبعد نظراته عنها و هو يقول
- قومي
- انا بجد اسفة، لأن كل اللي حصل دة بسببي
- قومي.

- سلمني ليه عشان يرجع جدو سليم
التفت برأسه و نظر لها بحدة قبل ان ينزل لمستواها و يمسك ذقنها بقسوة و هو يقول بحدة
- انتي عايزه توصلي لكدة صح؟، عايزاني ارجعك ليه، بس انا مش هرجعك ليه يا ريحانة، هعذبك و هخليكي جمبي
نظرت له لبرهه قبل ان تقول بخفوت صادق
- ايوة، عذبني و خليني جمبك
قضب حاجبيه و هو يحدق بها بإستغراب قبل ان ينهض و ينهضها معه من ذراعها و يسحبها خلفه لخارج الزنزانة و هو يقول.

- لو مبطلتيش حركاتك دي صدقيني هتزعلي
نظرت لنصف وجهه و إبتسمت و قالت ببرائة مصتنعة
- حركات اية؟
توقف قبل ان ينزل السلم و التفت و نظر لها و قال
- مش عارفه؟
- لا
قالتها بخبث، فرمقها ببرود قبل ان يلتفت و ينزل السلالم و هو ممسك بكفها، وصلوا للطابق الثاني و ساروا في ممره حتى وصلوا امام جناحه و دخلوه.
- انت بجد مش فاهم و لا حاسس؟

قالتها و هي تقف و تسحب ذراعه معها، فتوقف و التفت و نظر لها، فأقتربت منه و هي مازلت ممسكه بكفه
- شكل فهمك بطئ في الحاجات دي
قالتها بمزاح و هي تبتسم، و من ثم اقتربت منه اكثر و وقفت على اطراف اصابعها و همست امام شفتيه و هي تنظر لحدقتيه بحب
- انا، بحبك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة