قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

كانت نظراته باردة في البداية و لكن بعد قولها الأخير شعرت بإضطراب حدقتيه و ذهولها بعض الشيء، فأكملت و هي تحدق في حدقتيه اكثر
- ايوة، انا حبيتك، مش مهم امتى و ازاي عشان انا نفسي معرفش، بس اللي اعرفه اني وقعت خلاص فهتلحقني قبل ما اقع اكتر ولا؟
قالت الأخيرة بمزاح و هي تبتسم إبتسامة جذابة، فصمت لبرهه قبل ان يقول بجمود يخفي خلفه اضطراب مشاعره
- مش ملاحظه انك بتتخطي الحدود؟
- مفيش حدود ما بينا.

قالت جملتها و هي تمرر اناملها على لحيته الخفيفة و تكمل
- و لو فيه انا هتخطاها، اصل مش بأيدي الموضوع دة
رفع كفه لكفها الموضوع على وجنته و امسك به و ابعده ببطئ و هو يقول
- الأحسن انك متحاوليش تتخطيها تا...
قاطعته بقولها المتحدي
- هتعمل اية يعني؟، انا مبقتش اخاف منك
احتدت نظراته في حين ضغط على كفها بقوة، فقضبت حاجبيها بإستنكار و هي تقول بضيق و عتاب
- هتضربني تاني؟
- ريحانة.

قالها و هو يجز على اسنانه، و اكمل و هو يضيق عينيه
- عايزه توصلي لأية بظبط، اية غرضك من حركاتك دي؟
- مليش غرض، هو الحب الأيام دي بقى ليه غرض معين؟!
قالت الأخيرة بضيق، فترك كفها و قال بطريقة احزنتها
- في، مثلا عايزه تحمي نفسك و حياتك
- انت لية دايما بتفهم و بتحلل غلط!
قالتها بعتاب و حزن، فرد بإستخفاف
- يعني عايزه تقنعيني انك فجأة كدة حسيتي بالكلام دة!

- لا مش فجأة حسيت بكدة، انا كنت حاسه بحاجة من نحيتك من فترة بس مكنتش متأكدة او بمعنى اصح كنت متشتته من بين مشاعري
- و اية اللي خلاكي تتأكدي من مشاعرك!
- حاجات كتير
- زي؟
- زي شعوري لما بكون جمبك، بحس براحة و أمان و...
قاطعها بتهكم بارد
- كلام افلام
اغتاظت من قوله، فرمقته بضيق و هي تقول بإستنكار
- كلام افلام!، على فكرة ردودك مستفزة و بضايق.

قالت الأخيرة بإنفعال و تلقائية، فإبتسم إبتسامة جانبية مستفزة و هو يقول
- دة انا
- لا دة مش انت، دة الشخص اللي انت بتصتنعة
نظر لها نظرة عابرة و هو يتخطاها و يقول
- بترغي كتير و بتتفلسفي، و انا مش فاضي لفلسفتك
التفتت و نظرت له بغيظ و من ثم هتفت بإنفعال
- على فكرة، انت رخم
توقف قبل ان يصل للباب بخطوتين و نظر لها من فوق كتفه ببرود و هو يلويها ظهره، و من ثم قال بجدية
- جهزي نفسك، هرجعك لجلال.

- جلال الكلب اتهجم علينا يا زهرة
قالتها والده زهرة بغضب و هي تبكي، و اكملت
- عشان عرف ان ريحانة عرفت حقيقته
شهقت زهرة بفزع و قالت
- و هو عرف منين انها عرفت؟
- معرفش يا زهرة، معرفش
- طيب بابا كويس؟ اتأذى اوي؟ و انتي؟
قالتها زهرة بقلق و خوف على والديها، فردت والدتها لتطمأنها
- إحنا كويسين
- اكيد؟
- اكيد يا بنتي، هكدب عليكي لية!
- طيب خليني اكلم بابا، عايزه اطمن عليه
- ماشي، هوديله التليفون
- ماشي.

بعد ثوان سمعت زهرة صوت والدها الضعيف
- ايوة يا زهرة
- بابا حبيبي، انت كويس دلوقتي؟، حاجة وجعاك؟
- رقبتي ملوحه بس
- سلامتك يا بابا، انا اسفه بجد
- بتتأسفي على اية يا بنتي؟
- عشان اللي حصل بسببي
- متتأسفيش، لأنه مش ذنبك يا زهرة
صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول
- قولي يا بابا حصل اية بظبط.

- هقولك، انا و امك كنا قاعدين في الصالة عادي، فجأة لقينا حد بيخبط على الباب بطريقة جنونية لدرجة اني حسيت انه هيتكسر، فأمك قلقت فقمت و فتحت، و اول ما فتحت لقيت السيد جلال بيتهجم عليا و كان باين عليه العصبية، قالي اني خاين و انه هيدفعني الدمن عشان قلنا للأنسه ريحانة الحقيقة و لما قلتله ان مش إحنا مصدقنيش و قالي ان مفيش حد يعرف بكل حاجة إلا انا
- ربنا ينتقم منه، يارب نخلص منه بقى.

قالتها والدتة زهرة بقهر، فنظر لها والد زهرة بصرامة، فصمتت، بينما قالت زهرة
- طيب هتعمل اية دلوقتي يا بابا؟
- مش هعمل، هو بأيدي اية اعمله؟
تنهدت زهرة بحزن و قالت بأسف
- انا اسفه بجد، كل دة حصل بسبب غبائي، بس انا لساني في وقتها فلت و مقدرتش استحمل ان الأنسه ريحانة تحبه للدرجة دي و هو ميستاهلش
- انتي مغلطيش يا زهرة، انتي اللي عملتيه صح، اتأكدي
إبتسمت براحة بعض الشيء و من ثم قالت
- بكرة هاجي اطمن عليكم.

- لا، متجيش
قالها والدها بسرعة، فقالت زهرة بإستغراب
- لية؟، في حاجة؟
- للأحتياط يا بنتي، متجيش احسن
- لا هاجي، انا عايزه اجي اطمن عليك و على ماما
- قلت متجيش
قالها والدها بصرامة، فتنهدت زهرة بآسى و قالت
- ماشي يا بابا
- هقفل دلوقتي يا بنتي عشان امك تدهنلي المرهم على رقبتي
- ماشي يا بابا، انتبه على نفسك و على ماما، سلام
بعد ان انهت المكالمة، وضعت كفيها على وجهها و اصبحت تبكي و هي تتمتم بقهر و آسى.

- امتى هنخلص من كل دة بقى، امتى؟

إتسعت مقلتيها بصدمة، لم تتوقع انه سيعيدها لجلال بعد رفضه للأمر، لما غير رأيه؟، هزت رأسها بالرفض و هي تتمتم
- لا، مش عايزه ارجعله
و من ثم اقتربت منه بخطوات سريعة حتى توقفت خلفه و قالت برجاء
- مش عايزه ارجعله يا بيجاد، مترجعنيش ليه
شعر بالحيرة من رفضها للرجوع، التفت ببطئ و نظر لها فوجد حدقتيها تلمع بالدموع بجانب نظراتها الراجية، فقال بهدوء
- لية مش عايزه ترجعيله؟، مش دة حبيبك؟

- بطل تقول الكلمة دي بقى
قالتها بإنفعال و اكملت
- هو مينفعش يكون كدة، الشخص اللي خدعني و استغلني و اذاني، مينفعش القبه بالأسم دة ابدا
قضب حاجبية و نظر لها بتعمق، فقالت بصدق
- ايوة انا مش بحبه، انا بكرهه، انا بكره جلال، سامعني
قالت الأخيرة بحدة و مع قولها نزلت دمعة على وجنتها، فمسحتها بكفها و اكملت بإنفعال
- انت لسه قايلي انك هتعذبني و هتخليني جمبك و انك مش هتسلمني ليه، لية غيرت رأيك ها؟

ظل يحدق بها لبرهه قبل ان يقول ببرود
- مزاجي
- يعني اية مز...
قاطعها بحدة
- انا قلت اللي عندي، جهزي نفسك، خلال يومين او يوم هسلمك ليه
انهى جملته و التفت و وضع كفه على قبضة الباب و قبل ان يبرمها سمعها تقول له بخفوت و هي تترجاه بصوت متحجرج
- بيجاد، متسلمنيش ليه، ارجوك.

ظل واقفا في مكانه لوهله و هو يشعر بالتردد في رده فعله الذي يجب ان يفعلها الآن، هل يتجاهلها؟، اتخذ قراراه، برم قبضة الباب و غادر، فأنخفضت تدريجيا حتى جلست على الأرض -نصف جلسة- و هي تزداد في البكاء، نعم هي تبكي لأنها لا تريد العودة لمن كسر قلبها و اذاه، و ايضا لرغبتها في البقاء بجانبه، بجانب من احبته، من تعهدت بأنها لن تتركه و بأنها ستساعده.

في احدى الأماكن المهجورة.

كان جلال جالس على الأرض بإهمال و هو ممسك بكأس الخمر بأحدى يديه و باليد الآخرى كان ممسك بصورة ريحانة كان ينظر لصورتها بصرامة و هو يحدثها بصوت ثمل
- ريحانة، انتي ليا، انتي ملكي، ها سامعة، مش هسمح للشيطان يبعدنا، مش هسمح لأي حاجة تبعدنا، انتي بتكرهيني؟، لا، مستحيل تكرهيني اساسا لأنك بتحبيني، انتي هتفضلي جمبي و هتفضلي ليا، سامعه.

قال الأخيرة بصريخ قبل ان يلقي بالصورة بعيدا، بغضب، مسح وجهه بكفيه و هو يتمتم
- ريحانة ليا، ريحانة ملكي
استلقى على الأرض و هو مازال يتمتم بتلك الكلمات، و اغمض عينيه و نام سريعا.

الساعة الحادية عشر مساءا
خرج الشيطان من الحمام و هو يجفف شعره بالمنشفة، تقدم من السرير و توقف امامه في حين كان يلقي بالمنشفة على الكومود، اعتلى السرير و اراح جسده في مكانه، لم ينظر لها ولم تحن منه إلتفاته حتى، وضع ذراعه على جبينه و اغمض عينيه بهدوء و ما لبث ان فتحهما عندما شعر بها و هي تضع رأسها على صدره و تقول بهدوء
- بم ان النهاردة اخر يوم لينا، خليني نايمه في حضنك.

بعد ان انهت جملتها مررت ذراعها لكتفه حتى استقر كفها عليه، و اكملت بخفوت حزين
- لآخر مرة
بعد قولها ساد الصمت، حيث اغمضت ريحانة عينيها لتنعم بلحظاتها معه، بينما هو، ظل ينظر لها من فوق لبرهه قبل ان ينقل نظراته للهاوية بجمود و شرد
- جلال، ازاي اذاكي و استغلك؟
قالها الشيطان فجأة، ففتحت عينيها ببطئ و ظلت صامته لبرهه قبل ان تقول بهدوء
- لية بتسأل؟
- عادي
قالها بجمود، فصمتت لبرهه قبل ان تقول بمرارة و ألم.

- مش هينفع
مرت دقائق و لم تسمع منه اي رد على قولها، فرفعت نظراتها له فوجدته مغمض العينين، فتنهدت قبل ان تبتسم بحزن و تعيد نظراتها امامها و تقول بألم
- سرقني، بدون ما احس و استغلني، و كدب عليا كتير لدرجة ان كدبه وصل لأنه يخليني عاقره، بعد ما قتل ابني
قالت الأخيرة بحرقه في حين سالت دموعها على وجنتيها حتى استقرت على سترته، و اكملت.

- دة المختصر و يعتبر هوامش بس، فقولي، ازاي عايزني ارجعله بعد اللي عمله فيا؟، انا لو رجعت لجلال يبقى ريحانة خلاص راحت، لأني هبقى عايشه معاه غصب، عايشه معاه بدون روح، هبقى حاجة ملكه بيتصرف فيها زي ما هو عايز، زي ما كان بيحصل في السنتين اللي كنت عايشاهم معاه، كنت مخدوعه فكنت ماشيه وراه و موافقاه في كل حاجة، حتى مكنتش بعترض على حاجة
تنهدت بعمق و هي تمسح دموعها بكفها و تبتسم بحزن و تقول بهمس.

- بس عادي، هستحمل، عشان جدو يرجع سليم.

انهت جملتها بدمعة حارة سالت من جفونها، فمسحتها و من ثم اغمضت عينيها لتنام، بينما في الناحية الآخرى فهو كان مستيقظ و كان قد سمع اقوالها التي اشعرته بالغضب، الغيظ، الألم، الحزن، الشفقة، نعم هو شعر بكل ذلك من اجلها، فتح عينيه و نظر لها من فوق بنظرات متداخله و هو صامت، ظل على هذا الحال لفترة وجيزة، و من ثم ابعد نظراته عنها و هو يتنهد بضيق قبل ان يعود و ينظر لها و هو يمرر كفه على ظهرها حتى استقر على شعرها و بدأ يمسح عليه برفق و حنان، و من ثم اغمض عينيه بهدوء لينام هو ايضا.

اشرقت شمس يوم جديد
داعبت اشعة الشمس وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج و هي ترفع كفها و تضعه على وجهها و مرت دقائق و ابعدته و هي ترفع نظراتها له، مازال نائم، فأصبحت تتأمله و هي ترسم على وجهها إبتسامة عاشقة جذابة، و فجأة تبدلت إبتسامتها إلى إبتسامة حزينة، فقد تذكرت انه سيعيدها لجلال و انها ستتركه، تنهدت بعمق قبل ان ترفع جسدها و تبتعد عنه و تنزل من على السرير لتتجة للحمام.

في احدى الأماكن المهجورة
فتح جلال عينيه بتثاقل و مررها حوله بتشتت قبل ان يسند جسده ليعتدل و يصبح في وضع الجلوس، كان يشعر بألم في انحاء جسده و الصداع كان يتملكه، فصرخ ب
- هاتولي ميه و قهوة، بسرعة.

بعد ان انهى جملته امسك برأسه و اصبح يدلكها و من ثم نزل لرقبته و فعل المثل، فأصبح يخرج تأوهات في حين كان ينظر حوله باحثا عن هاتفه فوجده، مد ذراعه و التقطه بكفه قبل ان ينهض و يتجة لخارج الغرفة بخطوات غير متزنة حتى توقف امام الأريكة المتهالكة و القى بجسده عليها و هو يهتف بحدة
- فين القهوة؟

بعد ثوان خرج الحارس و هو يحمل صينيه بها كوب ماء و فنجان قهوة، و تقدم من سيده و قدمها له، فأخذها الأخير و بدأ في شرب القهوة و بعد ان انهاها امسك بكوب الماء و سكب منه البعض في راحة كفه ليغسل بها وجهه، و من ثم قال بعد ان اعاد ظهره للخلف
- ها، اية الأخبار مع عبد الخالق؟
- حالته زي ما هي.

قالها الحارس لجلال، فأومأ الأخير برأسه قبل ان يشير بيده للحارس بأن ينصرف، و من ثم امسك بهاتفه و اصبح يقلب فيه بشرود، فقد كان يفكر ب، ماذا قرر الشيطان؟، هل سيعطيه ريحانة مقابل عبد الخالق ام لا؟، وضع الهاتف بجانبه و نهض و إتجة للغرفة الذي يحتجز فيها عبد الخالق.

خرجت من الحمام و توقفت و هي تقضب جبينها في حين كانت تنقل نظراتها حولها باحثا عنه، اين ذهب؟، تقدمت من السرير و هي مازالت تنقل نظراتها حولها و توقفت امامه و هي تزيل المنشفة التي تضعها على شعرها و تلقيها على السرير قبل ان تتجة للمرأة و تبدأ في تمشيط شعرها المجعد، و بعد ان انتهت غادرت الجناح و سارت في الممر و هي تنوي ان تتجة لغرفة الطعام خاصا بعد ان سألت الحارس عنه، و لكنها قبل ان تنزل السلم رأت عايدة وهي تنزل من فوق، فألتفتت ريحانة و اعاقت طريق عايدة و هي تنظر للأخيرة بنظرات شرسة في حين رسمت على وجهها إبتسامة خبيثة و هي تقول.

- عايدة، ازيك يا حلوة؟
توقفت عايدة و نظرت لريحانة ببرود و قالت
- احسن منك
- مفيش حد احسن مني هنا، صحيح، مش هتقوليلي مبروك لأني خرجت من السجن، و بالسرعة دي
- لا مش هقول لأنك هتدخليه تاني
- تؤ تؤ، مش انا اللي هدخله تاني، دة انتي اللي هتدخليه فخلي بالك، نصيحة من اختك
- اختي!
قالتها عايدة بإستنكار و هي تنظر لريحانة بطرف عينيها، و اكملت
- ميشرفنيش يكون ليا اخت زيك
- لا انا اللي يشرفني.

قالتها ريحانة بسخرية و إستخفاف قبل ان تلتفت و تغادر و هي تشعر ببعض من الراحة.
دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها و هي تنظر له فقد كان يقرأ الصحيفة، لاحظ انها تنظر له فرفع نظراته لها فأبتسمت، لم يهتم حيث اعاد نظراته للصحيفة مرة آخرى ببرود، فشعرت بالضيق من تجاهله، فرمقتة بغيظ قبل ان تمسك برغيف من الخبز لتأكلها.
- هتكاليه لوحدة؟

قالها بهدوء دون ان ينظر لها، فنظرت له بطرف عينيها و تجاهلته حيث وضعت الرغيف في فمها و قطمت منه و لم ترد، طوق الصحيفة و وضعها بجانبه و هو ينظر لها بطرف عينيه في حين اشار للخادمة بأن تتقدم لتقدم الطعام، و فعلت، فبدأ في تناول طعامه بهدوء
- ريحانة
قالها بهدوء و هو يرفع نظراته لها، فنظر له، فأكمل
- قوليلي، انتي فعلا هربتي من القاهرة؟
- ايوة، بتسأل لية؟
- طيب ازاي وصلتي للقرية دي؟
- بتسأل لية؟

- مفيش حاجة اسمها لية، انا اسأل براحتي و انتي تجاوبي
قالها ببرود و هو يضع قطعة من الجبن في فمه، فرمقتة بضيق و اجابت
- معرفش ازاي وصلتلها، انا فتحت عيني لقيت نفسي فيها
غمغم و سأل
- و لية هربتي من القاهرة؟
نظرت له و تنهدت قبل ان تقول
- هربت عشان زهقت من حياتي، حياتي اللي كانت عبارة عن فضايح امي و جوزها و مرمطي في شغلي و كلام الناس علينا
- و ابوكي فين؟

بعد سؤاله، ظهرت سحابة حزن في عينيها، في حين قالت بخفوت حزين
- بابا مات من و انا صغيرة
بعد قولها اخفضت رأسها، فحدق بها بتعمق قبل ان يقول بخفوت
- وحشك؟
رفعت نظراتها التي تلمع بالدموع و هي تومأ برأسها بالإيجاب و تهمس
- اكيد وحشني
و اكملت بحزن
- اصل بعد ما راح كل حاجة في حياتي اتقلبت و اتغيرت
ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يبعد نظراته عنها و يكمل طعامة بهدوء يظهره، و فعلت هي المثل
- ازاي وصلتي لجلال؟

قالها بهدوء بعد تردد كبير، فنظرت له لبرهه و قالت
- واحد خدني و وداني ليه، او بمعنى اصح باعني ليه
رفع الشيطان نظراته لها و إبتسم بسخرية و قال بجمود
- كان لازم اتوقع انه اشتراكي
نظرت له بإستغراب فأكمل
- جلال بيشتري البنات و بيتسلى بيهم و بعدها بيرميهم، بس انتي مرمكيش
- فعلا..
قالتها بمرارة و اكملت
- مرمنيش بس اذاني بضمير، و انت هترميني للي اذاني.

تبادلوا النظرات لدقائق بعد قولها، و من ثم ابعد نظراته عنها و اكمل تناول طعامه، فساد الصمت.

بعد مرور بعض الوقت
- قررت اية؟
قالها جلال للشيطان عبر الهاتف، فرد الأخير
- هنتقابل فين؟
إبتسم جلال بإنتصار و قال
- عند الحدود
- ماشي، بعد ساعتين هبقى هناك، هستناك انت و جدو
- اتفقنا، و انت جيبها معاك
ابعد الشيطان الهاتف من على اذنه و وضعه في جيبه قبل ان يسير بخطوات هادئة إتجاة السلم و يصعده حتى وصل للطابق الثاني، فإتجة لجناحه و قبل ان يصل له توقف و التفت عندما سمع نداء عايدة، تقتدمت منه و قالت.

- هتعمل اية مع جدو؟ امتى هيرجعلنا بالسلامة؟
- النهاردة
قالها ببرود، فقالت بسعادة مصتنعة
- بجد!، اخيرا جدو هيرجعلنا بالسلامة
نظر لها نظرة عابرة باردة قبل ان يلتفت و يتجة لجناحه.

دخل جناحه و سار فيه حتى توقف امام السرير و هو ينظر لها بإستغراب فقد كانت تمسك بنديل من القماش و تظرزه بأدوات التطريز فهتف ب
- بتعملي اية؟
رفعت رأسها و نظرت له و إبتسمت و هي تقول
- انت شايف اية؟
رمقها بضيق و سأل
- جبتي الحاجات دي منين؟
- طلبتها من واحدة من الخدم فجبتهالي
غمغم بهدوء قبل ان يلتفت و يتجة للخزانة، في حين عادت هي لما كانت تفعله، و ساد الصمت حتى قطعه و هو يلتفت و يبدأ في خلع قميصه.

- يلى قومي و اجهزي
رفعت نظراتها له و قالت بتساؤل
- اجهز لية؟، هنروح في حته؟
- نسيتي اني هرجعك النهاردة لجلال!
صمتت لبرهه و هي تنظر له قبل ان تقول
- لا منستش، بس مكنتش اتوقع ان بالسرعة دي، شكلك عايز تخلص مني بدري بدري
قالت الأخيرة بمزاح ممزوج بالحزن، فقال بجمود
- لخصي و قومي
- طيب استنى اخلص اللي بعمله، عشر دقايق بس
بعد ان انهت قولها شهقت بخجل و هي تهتف بذهول ممزوج بالإحراج
- انت بتقلع قدامي!

اغلق سحاب جاكيته و من ثم نظر لها ببرود قبل ان يلتفت و يتجة للحمام و يدخله.

بعد مرور عشرون دقيقة،
خرجت ريحانة من الحمام بعد ان ارتدت ملابسها، إتجهت للمرأة حتى توقفت امامها و بدأت في تمشيط شعرها و بعد ان فعلت، التفتت له، فقال و هو ينهض من على الأريكة
- يلى؟
- ايوة، بس ثانية
بعد ان انهت جملتها إتجهت للسرير سريعا و اخذت ذلك المنديل القماشي التي كانت تطرزه و عادت و توقفت امامه و قالت بحماس
- بيجاد، دة ليك، اتفضل.

قالت كلمتها الأخيرة و هي تمد كفها الممسك بالمنديل و تقدمه له، فنظر للأخير و من ثم نظر لها و قال
- بمناسبة اية دة؟
- وداعنا
قالتها و هي تبتسم بحزن في حين لمعت عينيها بالدموع، فظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينظر للمنديل و يأخذه منها، فقالت
- تبقى تفتكرني بيه، هو شكله مش حلو اوي بس ماشي حاله، و لا اية؟!

نظر لها مرة آخرى فلمحها تسجن دموعها تحت اجفانها قبل ان تخفض رأسها و هي تطبق جفونها للحظات ثم تعود لتفتحهما و ترسم إبتسامة هادئة و هي تقول
- يلى
انهت قولها و التفتت و إتجهت لباب الجناح في حين ظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينقل نظراته للمنديل الذي يمسكه بين كفه، وضعه في جيبه و سار خلفها.

- الشيطان و ريحانة مشيوا من القصر، هما جاينلك
قالتها عايدة لجلال عبر الهاتف، فقال الأخير
- ماشي
- انت اتحركت؟
- لسه
- طيب تبقى تقولي على اللي هيحصل
- ماشي
- هستنى إتصالك
- سلام
قالها جلال بنفاذ صبر قبل ان يغلق الخط، و من ثم التفت و نظر لحارسه و قال
- يلى هنتحرك، فهاتوا عبد الخالق للعربية
- حاضر يا سيدنا
قالها اثنين من حراسه قبل ان يذهبوا ليجلبوا عبد الخالق، في حين ذهب الباقي خلف سيدهم.

في الموعد المحدد
ترجل الشيطان من سيارته بعد ان فتح له الحارس الباب، تقدم من جلال الذي كان يتقدم، توقفوا مقابل بعضهما.
- فينها؟
قالها جلال و هو ينظر لسيارة الشيطان، فقال الأخير
- سلمني عبد الخالق الأول
ضحك جلال بإستخفاف و قال
- اسلمهولك عشان تاخده و تهرب!
- انا مش زيك عشان اهرب بعد ما اخد اللي عايزه
نظر له جلال بغيظ و قال بجمود
- خلاص، سلم و استلم في نفس الوقت.

اومأ الشيطان برأسه قبل ان يشير بكفه لأحدى حراسه لكي يخرج ريحانة من السيارة، في حين نقل جلال نظراته لسيارة الشيطان و ظل ينظر للأخيرة و هو ينتظر ظهور ريحانة، فقال الشيطان بصرامة
- هتفضل واقف كدة!؟
نظر له جلال بضيق قبل ان يشير لحراسه بإشارة يعرفها حراسه جيدا.

ترجلت ريحانة من السيارة و هي تنظر لهم من بعيد، تقدمت منهم و هي تسمع صوت دقات قلبها السريعة، فهي تشعر بالخوف، القلق و التوتر، الغضب!، توقفت على بعد امتار منهم و هي تركز نظراتها على جلال الذي كان ينظر لها بلهفة و اشتياق و قلق.
- ريحانة، وحشتيني يا حبيبتي
قالها جلال و هو يتقدم منها و لكن الشيطان اوقفه عندما امسك بذراع جلال، فنظر الأخير له، فقال الشيطان بجمود
- لسه، مش دلوقتي.

قضب جلال حاجبيه بضيق و هو يسحب ذراعه من قبضة الشيطان و يتراجع للخلف حتى توقف خلف كرسي عبد الخالق المتحرك و قال
- اهو جدك، خده
اشار الشيطان لآحدى حراسه بالتقدم، ففعل، فقال الشيطان
- خده للسيارة بس براحة
اومأ الحارس برأسه و إتجة لعبد الخالق و امسك بكرسيه و بدأ في جره حتى وصل للسيارة، فقال جلال
- اهو انت خدته، اديني ريحانة
- سايبهالك.

قالها الشيطان ببرود و هو يلتفت و يسير بخطواته الهادئة إتجاة سيارته فسار من جانبها و توقف عندما سمعها تناديه بخفوت
- بيجاد
لم يلتفت لها و لكنه كان يعلم انها تنظر له بنظرات حزينة مودعة او راجية، اكمل طريقة قبل ان تقول شيء و صعد سيارته و غادر، في حين تقدم جلال من ريحانة بخطوات سريعة و احتضنها من الخلف و هو يقول
- و اخيرا رجعتيلي، خلاص مفيش حاجة هتقدر تفرقنا.

كانت نظراتها الحزينة تتابع حركة سيارة الشيطان و هي تبتعد عنهم شيئا فشيء، تنهدت بآسى و ألم عندما اختفت السيارة من امام عينيها تمام و اخفضت رأسها و هي تمسح عينيها من الدموع في حين ابتعد جلال عنها و ادارها ليصبح وجهها مقابلا له و اكمل
- تعرفي قد اية كنت قلقان عليكي و انتي هناك خاصا و انتي معاه
نظرت له بجمود و قالت
- ممكن نمشي من هنا؟
- اكيد، يلى
قالها و هو يمسك بكفها و يسحبها خلفه للسيارة.

في سيارة الشيطان
بعد ان انهى الشيطان مكالمته مع الحكيم وضع الهاتف بجانبه و نقل نظراته لتلك الصحراء من خلف الزجاج و شرد فيها، في نظراتها، في صوتها و هي تناديه، في كل شيء يخصها، فجأة هكذا شعر بأنه يفتقدها و بهذه السرعة!، اخفض رأسه و هو ينظر للمنديل الذي يخرجه من جيبه، هذا المنديل الذي اعطته له، ظل ينظر له لدقائق و يتلمسه قبل ان يقربه لأنفه و يستنشق رائحتها منه.
- وقف العربية و ارجع للحدود..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة