قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العاشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العاشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل العاشر

- كل حاجة جاهزة؟!
قالها جلال بهدوء، فرد الطرف الآخر
- متقلقش، حملنا البضاعة في الشاحنة
- كويس، ابدء واتحرك، واقف على الحدود من بعيد واستنى مني إشارة
- حاضر
- وهبعتلك ايمن ورجالته يأمنولك الطريق من بعد الحدود
- خلاص، اتفقنا
بعد ان انهى جلال المكالمة، اعاد رأسه للخلف حتى استقرت على ذراعيه وهو يتنهد براحة ويحدث نفسه بصوت مسموع.

- زمان الشيطان دلوقتي شرب السم وهيخرج، وبعدها بساعتين يبقى السم انتشر في جسمه، ويموت قبل ما يوصل للقرية التانية
قهقه بصوت عالي وهو يقول بفخر
- دة انا عبقري، عبقري.

- متشربش
قالتها و هي تجذب الفنجان من بين اصابعه، رمقها بحدة، فقالت بهدوء اصطنعته
- مش بعرف اعمل قهوة فأكيد هتبقى وحشة ومش هتعجبك، انا هشربها وهخلي الخدامة تعملك فنجان غيره
ثم التفتت دون انتظار رد فعل منه وخطت خطواتها السريعة للباب فأوقفها بصوته الأجش
- رايحه فين؟
بلعت ريقها بصعوبة قبل ان تلتفت له وتجيب
- هروح اقولهم يعملولك قهوة غير دي
- مش قلتي هتشربي دي!

قالها مراقباً اياها، حدقت به للحظات، بلعت ريقها وإبتسمت بإرتباك وهي تقول
- ايوة قلت، هشربها فوق في الجناح
- اشربيها هنا، قدامي.

شعرت بالإضطراب والضياع، ماذا ستفعل الآن؟!، ارادت القاء الفنجان على الأرض وكأنه سقط منها من غير عمد ولكنها وجدت قدميها تتقدم منه وتجلس على الكرسي المقابل له، وبدأت في شرب القهوة المسممة، دون خوف!، نعم، لقد شعرت لبرهة انها تريد ان تنهي كل شيء، تنهي حياتها، تنهي هذة اللعبة، ولكنها ليست متأكده من شعورها تماما، أهي تريد الموت حقا!

وضعت الفنجان على الطاولة بعد ان شربته كله، رفعت نظراتها له واتت ان تقول شيء ولكنها تراجعت، في حين كان ينظر للأوراق الذي يمسكها بين كفيه بإهتمام وقبل ان ينهض وضعهم في ملف الى احد ادراج مكتبه التي تحمل مفتاح، وضعه فيه واغلقه.
إتجه للباب وهو متجاهلها تمام، وضع كفه على مقبض الباب، استدار قبل ان يخطوا للخارج لينظر لها ببرود وهو يقول محذرا.

- متستذكيش وتحاولي تهربي في غيابي، عشان مش هتعرفي وهتفشلي، وهتتعاقبي
التفتت ونظرت له وبعد ان انهى جملته إبتسمت بمرارة وقالت بسخرية
- عقاب اية اكتر من كدة!
إبتسم إبتسامة جانبية ساخرة وهو يقول بتهكم
- بتسمي اللي انتي فيه عقاب!
اشاحت بنظراتها عنه بينما غادر هو ومازالت الإبتسامة الجانبية الساخرة على وجهه.

- السيد جلال بيأمرك انك توقفي الدواء البتحطيه في اكل السيدة ريحانة
قال هذة الجملة والد زهرة عبر الهاتف، فصمتت زهرة لثواني قبل ان تقول لوالدها
- انا مش بحطلها الدواء اصلا
- نعم!
قالها والدها بغضب، ومن ثم صرخ بها
- عارفة لو السيد جلال عرف هيعمل فيكِ اية!
- و مين هيعرفه اني مش بحطه لها!، انت مش هتقوله اكيد فهيعرف منين!؟
- غبية
قالها بغيظ، فردت بغيظ مكتوم.

- ايوة غبية لأني سمحت اني ادخل في اللعبة دي مع اني عارفة عواقبها في الأخر
صمت والدها فأكملت
- انت الورطني يا بابا وورطت نفسك من البداية، بس عشان طمعت في شوية فلوس منه بعتله البنت وبعدها حاجة جرت حاجة
- ضميري بيأنبني لوحده، انتِ كمان هتبقي عليا يا بنتي!
قالها والدها بإنكسار بينما اكمل بندم
- كنت محتاج الفلوس عشان جواز اختك، عارف ان دة مش عذر للي عملته، بس...
قاطعته زهرة مقترحة برجاء.

- انا عايزه اقول للأنسة ريحانة على كل حاجة
- اياكِ
قالها والدها بفزع، واكمل برجاء
- تهضيعي نفسك يا زهرة وهتضيعيني وهتضيعي عيلتنا كلها، اياكِ يا زهرة، اياكِ
تنهدت زهرة بآسى قبل ان تقول
- انا هقفل دلوقتي عشان ورايا شغل
- ماشي يا بنتي، سلام
بعد ان انهت المكالمة، إتجهت للمطبخ لتكمل عملها.

تطرق الباب وتدخل فتجده جالس على كرسيه المتحرك، ينظر للهاوية بشرود، فقالت بطريقتها المستفزة
- عامل اية، يا جدو
كانت عايدة صاحبة هذا القول، فرفع نظراته لها ومن ثم عاد كما كان، ولم يرد
- انت لسة زعلان مني!
قالتها وهي تتجه وتجلس على الأريكة المقابلة له وتضع قدم على آخرى، فتجاهلها مرة آخرى ولم يرد، فتنهدت بعمق وهي تقول
- عارفة انك زعلان لأني مش بجيلك و...

- ياريت متجيليش خالص، مش عايز اشوف خلقتك، و متقوليش جدو لأنك مش حفيدتي
قاطعها بغضب ارعش يده، فقهقهت بطريقة مستفزة وقالت بسخرية
- براحة على نفسك يا جدو يا حبيبي، لتتشل اكتر ما انت مشلول
رمقها بغضب وقال ببغض
- عايزه اية يا عايدة؟!
- انت عارف
قالتها بخبث، هدأت ملامح وجهه قائلاً بهدوء
- العُقد اللي انتِ عايزاه، دة بيخص الشيطان حاليا، لو عايزة تاخديه روحي خديه منه، لو رضي يدهولك.

- ما هو مش راضي، عشان كدة جيتلك
- وتتوقعي اني هقنعه عشان يدهولك!، انا لسة بعقلي
نظرت له بشرمهددة اياه
- ما عقلك هيطير قريب لو فضلت ترفض طلباتي
صمت لدقائق قبل ان يقول
- عايزه العُقد لية يا عايدة؟
نظرت امامها وقالت
- يهمك في اية؟
- ردي على السؤال
- طماعة وعايزاه
قالتها بإبتسامة مستفزة، فإبتسم بتهكم وقال
- طماعة زي ابوكِ
- الفخر ليا اني اطلع زي ابويا.

نظر امامه ولم يرد، حيث نهضت هي وقالت بطريقتها المستفزة وهي تتجه للخارج
- كفاية عليك كده النهاردة، انا ماشية
- ياريت متجيش تاني
قالها بهدوء، فنظرت له بطرف عينيها وقالت
- مش هتخلص مني إلا لما تديني العايزاه
وغادرت، استنشق الهواء بعمق لعله يهدأ قليلا، فهي قد سببت له الضيق، اللعنة عليها.

في سيارة الشيطان
ضغط على زر الإجابة ومن ثم وضع سماعة الهاتف على اذنه وقال بعد ان سمع ما قاله الطرف الآخر
- نص ساعة و هكون عند الحدود
-...
- وزع الرجالة على الحدود للأمان
-...
إبتسم الشيطان بخشونة وهو يقول بثقة
- كل دة كان متوقع، خلاص، نفذ
انهى المكالمة ووضع الهاتف على المسندة ناظراً من خلف زجاج النافذة ومازالت الإبتسامة الخشنة الخبيثة على وجهه.

ظلت ريحانة جالسة في مكتبه دون حراك لمدة قاربت النصف ساعة، فهي كانت تتذكر كل شيء، تتذكر كل حدث وما مرت به من صغرها حتى الوقت الراهن، ولم تشعر بمرور الوقت.
- الفطور جاهز يا انسة ريحانة
التفتت ونظرت ل زهرة التي تقف بجانبها، لم تشعر بها ايضا، نهضت ريحانة وقالت
- مش عايزة اكل
و إتجهت للباب لتخرج، تبعتها زهرة التي قالت
- طيب اطلعلك الفطار للجناح!
- لا
- مالك!؟

قالتها زهرة بعد ان لاحظت شحوب لونها، فألتفتت لها ريحانة واجابتها
- مفيش، بس اطلعيلي بعد شوية واطمني عليا
ثم تركتها وإتجهت للسلالم تصعدها، في حين شعرت زهرة بالحيرة.
في حين كانت ريحانة تصعد، كانت عايدة تنزل، فتقابلا، أتت ان تتخطاها ريحانة ولكن عايدة لم تسمح واعاقت طريقها، فنظرت لها ريحانة بهدوء بينما قالت عايدة بطريقتها المستفزة
- اهلا اهلا ب، الخاينة
- عايزة اية؟
قالتها ريحانة ببرود، فردت عايدة بتهكم.

- عايزة سلامتك يا قمر، صحيحة، عرفت انك زعلانة من جلال، دة صحيح!
قالت الأخيرة بخبث، فقالت ريحانة بتساؤل
- عرفتي منين؟
- مش قلتلك اني بعرف كل صغيرة وكبيرة
- هو الشيطان خلاص، سافر!
سألتهاعايدة، فردت ريحانة بملل
- ايوة
- يا خسارة، ملحقتش اودعه
قالتها عايدة بدلع ممزوج بالحزن المصطنع، فتنهدت ريحانة وقالت بنفاذ صبر
- وسعي، عايزة اطلع
- امم، لا.

قالتها وهي ترفع حاجبيها بطريقة مستفزة اغاظة ريحانة، فدفعتها الاخيرة من امامها بغيظ فكادت ان تقع عايدة، لم تهتم واكملت صعودها للجناح، في حين ان عايدة تستشاط غضبا وغيظا.

جالس على كرسي مكتبه، يضع قدم على آخرى ويحرك اصبعه بطريقة روتينية على الطاولة وهو ينتظر اتصال احدهم، فجأة تعالا رنين الهاتف، فأوقف حركة اصبعه الروتينية والتقط الهاتف
- الشاحنة قربت توصل للحدود، رجالتك وصلت؟
هذا ما قاله المتصل لجلال
- لسة
- ومستني اية؟
- مستني الشيطان يمر من الحدود
- ماشي، عموما بعد ربع ساعة هنوصل والسيد بتاعنا مش عايز تأخير
- قله يطمن، كل حاجة ماشية حسب الأتفاق
- هنشوف، سلام
- سلام.

انهى المكالمة ثم اتصل ب ايمن.

- اوقف
امر الشيطان قبل ان يعبر من الحدود، اوقف السائق السيارة وترجل، التف حولها ليفتح لسيدة الباب، فترجل الشيطان من السيارة وهو يرتدي نظارته الشمسية الفاخرة، وفور نزوله تجمع رجاله من حوله على اثر اشارته، فقال بجمود
- الشاحنة الهتيجي دلوقتي مش هتعدي، و البضاعة اللي فيها، هتتاخد، فاهمين!
- فاهمين
صدح صوت رجاله بصوت موحد، فأكمل
- ولو حصل واستخدموا السلاح ضدكم اقتلوهم كلهم ماعدا رئيسهم.

اومأوا برؤسهم قبل ان يعود كل رجل من رجاله لمقره، وظل رئيسهم واقف، فنظر له الشيطان نظرة يفهمها جيدا، فأومأ برأسه هو الاخر وغادر، فألتفت وصعد السيارة مرة آخرى وهو ينظر للسائق
- اتحرك
و من ثم التقط هاتفه واتصل ب عز الدين
- ها عملت اية؟
قالها عز الدين بعد ان رد على اتصال الشيطان، فرد الاخير
- رجالتي متوزعين على الحدود ولو المعلومات اللي جبتهالي صح والشاحنة الجاية فيها سلاح، يبقى إحنا استفدنا كتير.

- إن شاء الله تكون المعلومات صح، عايز اقولك حاجة
- قول
صمت عز الدين وبدى عليه التردد، فعلم الشيطان وقال
- مش هأذي ايمن، بس هأدبه شوية
- متقتلهوش
- انت سمعتني قلت اية!، قلت هأدبه وبس
- و دة اللي انا عايزه، عايزه يرجع زي ما كان ويكون بعيد عن جلال و شره
- انا عديت الحدود، سلام
انهى المكالمة، امسك بسيجارته الفاخرة واشعلها، وضعها بين شفتيه وهو يفتح زجاج النافذة قليلا.

لم تعد تشعر بنصف جسدها، تشعر انه توقف عن الحركه ومعدتها تألمها إلى حد الموت، قطرات العرق تملأ جسدها، وصوت تأوهاتها الممتلأة بالألم يكاد لا يسمع فهي ضعيفه جدا.
صعدت زهرة السلالم وهي تحمل صينية بها بعض الفاكهة وتتجه إلى الجناح الخاص بالشيطان، توقفت امامه وطرقت الباب عدة مرات ولكن لا تجيب، فسألت الحارس
- انسة ريحانة جوه؟
- ايوة
- اومال لية مش بترد؟

هز كتفيه بعدم المعرفة، فشعرت زهرة بالقلق وطرقت للمرة الأخيرة وهي تنوي بعدها ان تدخل دون انتظار اكثر.
دخلت واغلقت الباب وهي تنظر لريحانة المستلقية على السرير وتلويها ظهرها، تقدمت منها وهي تقول بقلق
- انسة ريحانة، انتِ كويسة؟!
لا ترد، فوضعت الصينية على الطاولة واقتربت من ريحانة اكثر لتتوقف خلفها، مالت قليلا وهي تمرر يدها على ذراع ريحانة وتحركها في حين كانت تقول
- انسة ريحانة!، انسة ر...

شهقت بفزع فور رؤيتها لحالة ريحانة
- انسة ريحانة
صرخت زهرة بخوف، ففتحت ريحانة عينيها بصعوبة وقطرات العرق تسيل على وجهها، فتحت فمها واخرجت حروفها بصعوبة شديدة
- زهرة
جلست زهرة على حافة السرير بجانب ريحانة وقالت بخوف عليها
- انتِ شكلك كدة لية؟، اية الحصل
وضعت ريحانة كفها على كف زهرة وإبتسمت بضعف، قالت بصوت يكاد يسمع
- متخفيش عليا، انا كويسة
- اية الحصل؟

- جلال طلب مني احط السم للشيطان وانا بدل ما اسمم الشيطان واشربه السم، شربته انا
اتسعت مقلتي زهرة في صدمة هاتفة بعدم تصديق
- و انت مستغنية عن حياتك عشان تشربيه!، لية متخلصتيش من السم؟، لية عملتي ك...
قاطعتها ريحانة بضعف وصوت متقطع
- خلاص يا زهرة، الحصل حصل
قالتها وهي تغمض عينيها بإستسلام، فهتفت زهرة بخفوت وعينيها تمتلأ بالدموع
- انسة ريحانة!
نهضت بفزع وإتجهت للباب وفتحته، هتفت صارخة.

- جيبوا الحكيم بسرعة، بسرعة.

توقفت الشاحنة على الحدود وبدأ الرجال في إنزال البضائع وايمن ورجاله يقفون وهم يؤمنون المكان والبضائع وكانوا مسلحين.
- وقف البتعمله
قالها رئيس رجال الشيطان ممدوح ، فتوقف جميع الرجال الذين ينزلون البضائع ونظروا له بإستغراب في حين تقدم سائق الشاحنة وقال
- لية نوقف؟
- سيدنا الشيطان مدي اوامر ان الشاحنة دي مش هتعدي والبضاعة هتتاخد
نظر سائق الشاحنة لأيمن في حين كان ايمن يتقدم منهم، قال
- في اية؟

نظر له ممدوح وكرر قوله، فإبتسم ايمن وقال بمرح
- فكك من اوامر الشيطان دلوقتي، اية رأيك تيجي تشرب شاي يستاهل بؤك؟
- لا، ويلا اتسهل انت ورجلتك من هنا، و انتوا اكمل وهو يشير للرجال الذين يحملون البضائع نزلوا بقية البضاعة و سيبوها
- انت بتحلم
قالها ايمن وقد تحولت قسمات وجهه للصلابة في حين كان يخرج مسدسه ويوجهه بإتجاه ممدوح فإبتسم الأخير بسخرية وقال بتحذير
- انت البتبدأ.

- البضاعه دي لينا ومش هسمح ليك ولا لسيدك انك تاخدوها
و من ثم إبتسم بإنتصار واكمل
- واتسهل يلا، بدل ما تندم على روحك الهطير دلوقتي
نظر ممدوح حوله فوجدهم جميعا يوجهون السلاح ناحيتهم، قهقه ممدوح بسخرية وقال بتهكم
- فاكر نفسك ذكي؟
اشار لأحدهم من بعيد، فظهر جميع رجال الشيطان وهم مسلحين، حاوطوا رجال ايمن والبقية، فأعاد ممدوح نظراته له ورفع حاجبيه بطريقة مستفزة وقال
- ها، اية رأيك؟

قهقه ايمن بغيظ ومن ثم ضغط على زناد المسدس بإتجاه السماء وبعدها بدأ ضرب النار ينتشر في المكان من الطرفين.

- نعم؟
صرخ بها جلال بصدمة، بينما قال الطرف الآخر بغضب
- انا هدفعك الخسرته بسبب صفقتك الزفت
اكمل بتهديد
- لو واحد بس من رجالي مات روحك هتطير يا جلال بية
- اقفل دلوقتي
صرخ بها جلال وهو مازال تحت اثر صدمته، اغلق الخط دون انتظار رده، مرر انامله من بين خصلات شعره بغضب وقال
- ازاي يحصل دة؟، ازاي؟
صرخ بالأخيرة بغضب جامح وهو يزيح كل شيء موجود على مكتبه.

مساءً
خرجت ريحانة من الحمام وفور خروجها نهضت زهرة واسندتها حتى اجلستها على السرير بطريقة مريحة ومن ثم حملت الصينية وعادت له ووضعت الصينية على قدميها، قالت
- يلا اشربي الشوربة دي، هتفيديك اوي وهتديكي مناعة
- مش قادرة
قالتها ريحانة بضعف شديد، فإبتسمت زهرة وقالت.

- انتِ اتسممتي يا انسة ريحانة والسم كان هيموتك لأنه قوي بس الحمدالله الحكيم عمل شغله كويس وعملك غسيل معدة وخلص دوره، ودلوقتي دورنا، لازم تاكلي اكلات فيها فيتامينات وحديد عشان يبقى عندك مناعة قوية زي الأول اكملت مشجعة ها يلا كُلي
تنهدت ريحانة وهي تلتقط بالمعلقة بين اصابعها، فقالت زهرة
- وكُلي الفراخ اللي في الشوربة، مفيدة جدا
نظرت لها ريحانة وإبتسمت بإمتنان
- شكرا
إبتسمت زهرة، قالت.

- انا هنزل اكمل شعلي وشوية وهاجي اطمن عليكِ
اومأت ريحانة برأسها ونظرت لطعامها، فأتجهت زهرة للباب وقبل ان تغادر اوقفتها ريحانة بقولها
- متقوليش للشيطان
التفتت زهرة وقالت بأسف
- هو احتمال انه عرف، لأن السيدة عايدة جت وعرفت الحصل
قاطعتها ريحانة بغيظ
- يبقى اكيد هتقوله
اومأت زهرة برأسها بأسف بينما نظرت لها ريحانة بخيبة امل وقالت بحيرة
- طب لو سألني، هقول اية؟
تنهدت زهرة وقالت
- نبقى نفكر بعدين، يلا كملي اكلك.

كان رجال الشيطان واقفين على الحدود ينظرون لتلك الجثث المنتشرة على ارض الحدود والدماء الذي ملأ الأرض وامتصته الرمال، كان ممدوح يلف قماشة حول قدمة اليمنى -اسفل الركبة- فقد أُصيب بسبب الطلقة التي وجهها له ايمن في وقت الحرب، بينما كان ايمن جالس على الأرض يضع ذراعيه خلف رأسه ويحيطونه خمسة رجال مسلحين من رجال الشيطان فأمرهم ممدوح بأن يأخذوه للسيارة ومن ثم نظر للرجال الآخرين الذين يحملون البضاعة ويضعونها في الشاحنة فأمرهم بالإسراع، تنهد واخرج هاتفه، اتصل بالشيطان ليخبره ما حدث.

كان يقف في الشرفة ينظر للهاية وهو شارد في حين يمسك سيجارته بين اصبعيه ويخرج الدخان من انفه بهدوء، ايقظه صوت رنين هاتفه من شروده، فأخرجه من جيبه ونظر للشاشة فكان ممدوح ضغط على زر الإجابة ووضع الهاتف على اذنه وهو يسمع اقوال ممدوح له حيث يسرد له ما حدث، بعد ان انهى ممدوح سرد ما حدث، ساد الصمت لدقائق قبل ان يقول الشيطان
- و جلال مبنش!
- ولا لمحته
- خد ايمن للسجن عقبال ما ارجع
- حاضر، اي اوامر تانية؟

- ابعت ل عز الدين خبر ان صفقتي تمت
- اعتبره تم
انهى الشيطان المكالمة واعاد الهاتف الى جيب بنطاله ومن ثم وضع السيجارة من بين شفتيه واظلمت عينيه وهو يبتسم بإنتصار.

اعادت رأسها للخلف بعد ان وضعت الصينيه على الكومود واغمضت عينيها وهي تحاول ان تتذكر الحلم الذي حلمت به وهي فاقدة الوعي بعد ان شربت السم، كان قد اتى والدها لها في الحلم وحدثها، لكنها لا تتذكر ما قاله ابدا وهذا يغضبها ويحزنها ايضا.
- ادخل
قالتها بعد ان سمعت صوت طرقات احدهم على الباب، كانت زهرة
- خلصتي الشوربة والفراخ؟
- اه
قالتها ريحانة وهي مازال مغمضة العينين، فتقدمت زهرة وحملت الصينية وقالت.

- طيب محتاجه حاجة مني؟
- لا
- طيب لو حسيتي بأي تعب اخرجي للحارس وهو هيساعدك وهيطلبلك الحكيم وانا هبقى عندك
- ماشي
- اخدتي الدواء؟
- اة
- ماشي، تصبحي على خير
- و انتِ من اهله
و بعدها غادرت زهرة، فأراحت ريحانة جسدها على السرير ورفعت الغطاء للأعلى حيث يغطي جسدها بأكمله ووجهها ايضا، ثم اصبحت تبكي، دون سبب!

اليوم التالي
فتحت ريحانة عينيها بتعب ثم نظرت حولها وهي تشعر بألم بسيط في معدتها، فأدارت جسدها وانزلت قدميها لتلامس اصابعها الأرض ونهضت وهي تشعر بأن الألم يتزايد فخطت خطواتها ببطئ وتعب شديد بإتجاه الحمام وقبل ان تدخله وقعت على الأرض فاقده الوعي.

اخذت زهرة الصينية تحمل عليها كوب ماء وشطيرة وإتجهت بها لجناح الشيطان والذي تقيم فيه ريحانة، صعدت السلالم حتى وصلت امام الجناح وطرقت الباب، لكنها لا ترد فشعرت بالقلق ولم تنتظر كثيرا بل فتحت الباب ومررت نظراتها حولها حتى توقفت على ريحانة الساقطة على الأرض، فأسرعت للداخل في حين تقول للحارس
- تعالى معايا، بسرعة.

وضعت الصينية على الطاولة وتقدمت من ريحانة وهو خلفها، جثت على ركبتيها وهي تمسك برأس ريحانة وتحاول ان تفيقها ولكنها لا تستجيب
- شيلها
قالتها للحارس، فتقدم وحملها ليضعها على السرير في حين إتجهت زهرة واخذت كوب الماء وعادت لريحانة وجلست على السرير بجانبها، رشت الماء على وجهها فبدأت ريحانة تفيق، فتمتمت زهرة براحة
- الحمدالله الحمدالله.

فتحت ريحانة عينيها ببطء ثم رفعت كفها ووضعته على رأسها واصبحت تدلكها بألم وهي تنظر ل زهرة، فنهضت زهرة وقالت وهي تتجه لتحمل الصينية وتعود بها لريحانة
- يلا كلي عشان تاخدي الدواء
- مش قادرة، بطني وجعاني
قالتها ريحانة بألم وهي تعتدل لوضع الجلوس، قالت زهرة وهي تعطيها الشطيرة
- ما هو الدواء هيخففلك وجع بطنك، كُلي عشان تاخديه.

اومأت ريحانة برأسه واخذت منها الشطيرة واكلت منها القليل، شربت الدواء الذي اشعرها ببعض من الراحة -بعد وقت قصير-.

يقف الشيطان امام المرآة يهندم بدلته السوداء، انتهى و التقط جاكيت البدلة وارتداه وبدأ في ترتيب خصلات شعره بأنامله، في حين كان يحدث نفسه بصوت مسموع
- نخلص الشغل الأساسي الجاي هنا عشانه، قربت يا جلال، قربت
قال الأخيرة وعلى وجهه إبتسامة جانبية واثقة.

جالسة ريحانة في حوض الأستحمام والمياة تتدفق على جسدها، كانت تنظر امامها بهدوء تام وكان يبدو عليها انها في عالم آخر، بالفعل هي كانت كذلك فهي قد تذكرت ما قاله لها والدها في ذلك الحلم وما قاله قد سبب لها حيرة كبيرة وجعلها تتخبط وتضيع!، وضعت رأسها تحت المياة المتدفقة لعلها تساعدها في فهم ما قاله.

خرجت من حوض الإستحمام وهي تضع منشفة حول جسدها وبدأت في ارتداء ملابسها، خرجت وجلست امام المرآة، تمشط شعرها المبلل، بعد ان انتهت ظلت تنظر لوجهها، لملامحها، إن ملامحها باهته ولونها شاحب ويكسوها التعب والحزن!، تنهدت بعمق قبل ان تنهض وتتجه للسرير وتريح جسدها عليه، لتنام، فهي تشعر بالخمول الشديد!

- هعوضك على كل الرجالة الماتواوكل الخساير
قالها جلال وهو يحاول ان يهدأ الطرف الآخر
-...
- بس المبلغ دة كبير، مش معايا
-...
صمت جلال لبرهة قبل ان يوافق
- ماشي، مليون ونص هيبقوا عندك
و بعد ان انهى المكالمة القى هاتفه بغضب وهو يقول بغيظ
- كل دة منك يا شيطان، كل دة بيحصل بسببك، حسابنا بيكتر وكل ما بيكتر يبقى موت اسرع، صدقني.

مساءً
نهض الشيطان وعلى وجهه إبتسامة خبيثة، مد يده في حين نهض الآخر وصافح الشيطان بحرارة وهو يقول
- اتفقنا على كل حاجة، وانا دلوقتي معاك
اومأ الشيطان برأسه ومن ثم التفت وخطى خطواته للخارج في حين إرتسمت على وجهه إبتسامة شيطانية اظهرت انيابه، فتح السائق باب السيارة، فصعد وغادر.

امسك الشيطان بهاتفه فوجد خمسة عشر اتصال من عايدة، هي تتصل به من الأمس وهو يتجاهلها، وضع الهاتف بجانبه ونظر من خلف زجاج النافذة للطريق وما لبث عاد والتقط الهاتف عندما تعالا رنينه وكانت هي، فضغط على زر الإجابة وانتظر سماع صوتها
- حبيبي، عامل اية؟
قالتها عايدة بدلع، فرد بهدوء غاضب
- عايزه اية؟
- براحة عليا عشان انا حساسة
و من ثم قهقهت بدلع واكملت بجدية
- متصلة بيك عشان حاجة مهمة حصلت في القصر
- اية الحصل؟

سألها بجمود، فقالت
- عشيقتك..
وصمتت لتثير فضوله وغيظه وهو يعلم ذلك، فلم يتحدث، فأكملت بعد صمت دام لدقائق
- اتسممت
ساد الصمت منه، فقالت
- الو
وجدت الخط أُغلق، فنظرت للشاشة بغيظ وغضب.
- هنرجع القرية
أمر السائق، فنظر له بإستغراب، فأعاد قوله بحدة
- هنرجع القرية، دلوقتي، مش سامع!
أومأ السائق برأسه بتوتر وسلك طريق العوده للقرية.

كانت زهرة جالسة بجانب ريحانة التي كانت تتألم وتبكي من شدة الألم...
- اشربي دة طيب
- مش عايزة، مش هيفدني
قالتها ريحانة من بين شهقاتها، فنظرت لها زهرة بشفقة، فهي لا تعلم كيف ستساعدها، قالت
- طيب اية الواجعك؟
- كل حاجة، كل حتة في جسمي وجعاني
مسحت زهرة على شعر ريحانة وقالت
- طيب انتِ خدتي الدواء غير المرة اللي اتديهالك؟
- خدت تلاته
شهقت زهرة بعد ما قالته ريحانة صارخة
- حرام عليكي، غلط على جسمك.

مسحت ريحانة دموعها التي غرقت وجهها بيدها المرتجفة
- كنت موجوعة اوي
- استني بقى اتصل بالحكيم واشوف هيقولي اية
قالتها زهرة وهي تنهض مغادرة الجناح في حين ضمت ريحانة قدميها لصدرها وهي مازالت مستلقية على السرير ودموعها لا تتوقف.

مع بداية اشراق الشمس وصل الشيطان لقريته، لقصره.

وضع يده على مقبض الباب وبرمه، اغلق الباب ببطئ ومن ثم التفت ونظر لها من بعيد، اقترب ببطئ وهو يخلع جاكيت بدلته ووضعه على الأريكة، توقف امام السرير وهو ينظر لها يتأملها، لونها شاحب، ملامحها متعبة وحزينة، واثار دموعها مازالت على وجنتيها، مال قليلا فسمع صوت تأوهاتها الخافتة، مرر يديه على وجنتيها ليمسح اثار دموعها وشعور غريب يراوده، وجدها تفتح عينيها العسليتين ويبدو انها في مرحلة ما بين النوم واليقظة.

- بيجاد!
قالتها بخفوت يملأه اللهفة، نظر ليدها التي ترتفع وتمسك بيده الموضوعة على وجنتيها، جذبته لها بضعف اليها، فجلس على حافة السرير ثم استلقى بجانبها ونظراته معلقة بها، فأقتربت منه ودفنت رأسها وجسدها الضئيل في صدره وهي تستنشق رائحته التي جعلتها تغفو مرة آخرى، بينما كان هو بارد!، هادئ!، لا احد يعرف!

صباحا
فتحت عينيها العسليتين بهدوء، كان وجهه اول ما قابلته عينيها، فحدقت به، متى اتى؟، شعرت بالسعادة، بالسعادة!، لاحظت اقترابها الشديد منه، ولكنها لم تبتعد، ظلت تحدق به دون وعي وعلى وجهها إبتسامة صغيرة بلهاء، ابتعدت عنه بإرتباك عندما وجدته يفتح عينيه ببطئ، نظر لها بجمود وهو يمسح وجهه بيده ويعتدل قليلا وهو يقول
- مالك؟
مررت نظراتها حولها بإرتباك بعيدا عنه وهي تقول
- مفيش.

دقق بها قبل ان ينهض، سألها بترقب
- اخر حاجة كلتيها اية يوم الخميس قبل ما تتسممي؟
- نعم!
- مش اتسممتي!
قالها و هو يفتح الخزانة ويخرج ملابس له، فبلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول انا تفكر بأي شيء تقوله.

- مش بترد لية؟
قالها جلال بغضب.

- كنت مشغول
استنشق الهواء بعمق ليهدأ، قال بهدوء
- طيب، هطلب منك طلب
- خير
- عايز مليون ونص، وهبقى ارجع...
- لا
- لية، مش انا شريكك؟
قالها جلال بغيظ، فرد الآخر
- شراكتنا انتهت
- نعم؟!
هتف بها بخشونة، فقال الآخر
- انا بقيت شريك، الشيطان
قهقه جلال بسخرية وقال بغضب يخفيه
- انت بتهزر، صح؟
- لا.

احمر وجه جلال من كثرة الغضب، نهض ونزل السلالم بسرعة وهو يلهث من شدة غضبه، فهو يكاد ان ينفجر بأحدهم، إتجه لغرفة مكتبه ودخلها بعد ان صفق الباب بقوة كادت تكسره، إتجه لمكتبه وبدأ يعبث في ادراج مكتبه وهو يبحث عن شيء، فوجد ما اراد، اخرج المسدس وامسكه وعينيه تشع شرا وغضبا، نهض وغادر سريعا وامر السائق
- روح لقصر الشيطان.

نظر لها بطرف عينيه وهو يتجه للحمام مخبرا اياها
- لما اخرج هنكمل كلام
تنفست الصعداء ثم نهضت بسرعة فشعرت بالألم ولكنها تحملته وإتجهت للباب وفتحته، أمرت الحارس
- ناديلي زهرة، حالا
اومأ برأسه وذهب، بينما عادت ريحانة للداخل وجلست على الأريكة بتوتر وهي تنتظر زهرة
بعد مرور خمس دقائق كانت زهرة في الجناح مع ريحانة وكانا يتحدثان بهمس
- مش هينفع نقله اي حاجة من القلتيها.

قالتها زهرة بعد ان اقترحت لها ريحانة الكثير، فقالت ريحانة بضجر
- لية؟
- عشان هيسأل الحكيم
ضربت جبينها وقالت بقلق
- طب هنقول اية؟ هنقول اية؟
- سيبي الموضوع دة عليا، انا هتصرف
- طيب هيسألني
- اتهربي من السؤال
اومأت ريحانة برأسها وهي مازالت تشعر بالتوتر.

في غرفة الطعام
قدمت الخادمة الطعام وغادرت، نظر لها الشيطان وقال
- مستني الإجابة
بلعت الطعام الموجود في فمها بصعوبة ورفعت نظراتها اليه، همست بتوتر حاولت التحكم به
- إجابة اية؟
نظر لها بتعمق وإبتسم إبتسامة جانبية وكاد ان يقول شيء ولكن ذلك الصوت الغاضب الذي هتف بصوت عالي اعاقه، التفت ونظر للباب وهو ينهض بهدوء
- يا شيطان، تعالالي يا.

نهضت ريحانة ايضا وهي تشعر بالخوف، صُدِمت عندما رأت ان جلال هو صاحب تلك الجملة، بينما إبتسم الشيطان إبتسامة مستفزة وهو يضع احدى يديه في جيب بنطاله، وقد ادرك سبب مجيء جلال، اشار الشيطان للحراس الذين يقفون خلف جلال بأن يغادروا، فنفذوا اوامره.
- انت زودتها معايا اوي يا شيطان، وقت الحساب جه
قال جملته بغضب وشر في حين يخرج مسدسه ليوجهه بإتجاه الشيطان، فشهقت ريحانة بفزع وهي تنظر لهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة