قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الحادي عشر

- بجد!
قالها الشيطان بإستخفاف وهو يتقدم من جلال في حين ريحانة تنظر لما يحدث وهي مازالت تحت تأثير الصدمة.
- خايف!
قالها جلال بتهكم وعلى وجهه إبتسامة غاضبة، وهو مازال على وضعه، وقف الشيطان مقابلا له حيث اصبحت سباطة المسدس ملاصقة لصدره، وقال بسخرية
- وانت فاكرني اني بالمسدس دة هخاف!
- ايوة لازم تخاف لأن روحك هتطلع دلوقتي
قهقه الشيطان بإستمتاع ومن ثم نظر لجلال ببرود وهو يقول
- اخر حاجة اخاف منها، الموت.

- هنشوف
قالها جلال وهو يسحب المطرقة بأصبعه للخلف فيصبح المسدس جاهز للإطلاق.
- خليك شجاع لمرة واقف وواجهني بدون ما تستخبى ورا سلاحك
قالها الشيطان بطريقة مستفزة وهو ينظر لجلال بتهكم، فأغتاظ الاخير ولكنه اكظم غيظه‎، فأكمل بتهكم ممزوج بالجمود
- مش هتقدر صح!، شكلك خايف.

وما لبث انا انهى جملته حتى كور قبضته ولكم جلال في وجهه بقوة، فأرتد على اثرها جلال للوراء وسقط منه المسدس، نزف انفه ولكنه لم يهتم بل ثبت نفسه بقوة وتقدم بخطوات غاضبة وهو يرد اللكمة بأخرى اصابت الشيطان الذي لم يهتم بضربته، و بادله الشيطان اللكمة بأخرى اقوى اسقطت جلال على الأرض، بينما خرجت صرخة خافتة من ريحانة تلقائياَ لما حدث وهي تعود بخطواتها السريعة للخلف، فأصبحت تنظر لما يحدث من بعيد، بخوف وترقب وانفاس متسارعة.

رفع جلال نظراته للشيطان ببغض قاتم وهو يتلمس انفه ويرى الدماء على اصابعه، عاد لينهض بسرعة وحدة وهو يقول بحزم غاضب
- النهاردة نهاية حد فينا
وتقدم بخطوات سريعة إتجاه الشيطان وهو يكور قبضته ليلكمه، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية وقال بثقة
- لسة الوقت مجاش
وتفادى لكمة جلال التي كانت موجهة له حيث امسك بقبضة جلال بين كفه، قال بثقة وتعجرف
- انت مش ادي يا جلال..

فور انتهائه من قول جملته، لكم جلال لكمة حادة في وجهه تبعها بركلة من قدمه اطاحت به، فيرتد بسرعة وبعدم توازن ليسقط جسده على الأرض
- جاي تموتني!
قالها الشيطان بتهكم شديد وهو يقترب بخطوات ثابتة منه، اكمل ببرود
- مهما حاولت يا جلال، مش هتقدر تموتني، مش انت الهتاخد روح الشيطان منه اكمل بإبتسامة شرسة بس ببساطة ممكن اخد روحك.

ثم قام بحركة سريعة حيث التقط مسدس جلال بقدمه ووجه السباطة بإتجاه الأخير وهو يكمل بخشونة وعلى وجهه إبتسامة حادة
- ها اية رأيك؟!

كان جلال يستمع لكل ما يقوله الشيطان وهو يلهث من شدة غضبة ومازال على وضعه، حرك ذراعه حيث وضع كفه على الأرض وبدأ برفع جسده ببطئ ونظراته الحاده معلقة بنصف جسد الشيطان ولبرهه توقف عندما لمح ريحانة التي تقف على بعد امتار خلف الشيطان فنقل نظراته لها وهو يقف على قدميه ونظراته حادة كما هي.
- سامحني.

قالها جلال بعجز وهو يخفض رأسه امام الشيطان، فضحك الاخير بسخرية لاذعة بينما كانت هي تنظر لجلال بحزن وشفقة!، فحانت التفاتة من جلال لها، فإبتسم بداخله عندما رأى نظراتها تلك، فهو قد اخطأ وتسرع في رد فعل غضبه، لم يكن يجدر به ان يأتي ويفعل كل هذا، هذا ليس لصالحه، فهو لا يريد ان يخسر ريحانة بأي طريقة، لذلك استسلم، وهذا لصالحه الآن.
القى الشيطان بالمسدس على الأرض بإهمال و هويقول بتهكم شديد.

- طالع جبان، زي ابوك
انهى جملته والتفت ببرود ليغادر في حين رفع جلال نظراته الحادة الغاضبة إتجاهه وهو يكور قبضته ويضغط عليها بقوة ليكظم غضبه وغيظه ولكنه لم يستطع فبقول الأخير اشعل نيران الغضب بداخل جلال مرة آخرى، فتجولت نظراته حوله باحثا عن شيء حاد، فوجد سكين حاد -لتقطيع الفاكهه- فخطى خطواته الغاضبة الحازمة والتقطها من فوق الطاولة الصغيرة، إتجه بخطوات سريعة إتجاه الشيطان.
- حااسب.

صرخت بها ريحانة بفزع، تلقائيا وهي تنظر للشيطان وفي نظراتها يكمن الخوف الحقيقي، عليه!، فألتفت الشيطان سريعا وامسك بذراع جلال الممسكة بالسكين بعد ان لامست ظهره فمزقت سترته من الخلف وجرحته جرح طفيف.

كانت نظرات الشيطان لجلال مظلمة هادئة بعكس قوة قبضته على ذراع جلال الذي شعر بالألم، وبشدة، رفع الشيطان قدمه وركله بعنف ناحية بطنه، ارجعته للخلف بقوة حتى اصطدم بقسوة بأجساد قوية وكانوا حراس الشيطان، فأمسكوه من ذراعه والقوه خارج القصر بعد إشاره سيدهم لهم.

التفت الشيطان ونظر لها بجمود فبادلته بنظراتها البريئة التي يكمن بداخلها الخوف والفزع، فألتفت ونظر امامه صاعداً درجات السلم بهدوء متجها لجناحه، بينما كانت نظراتها تتابعه حتى اختفى من امامها، فألتفتت بنظراتها حولها بتشتت وهي تتذكر ما حدث منذ دقائق، فأغمضت عينيها بقوة وهي تمرراصابعها بين خصلات شعرها، كانت خائفه جدا عليه، على من؟، على الشيطان ام جلال!، فتحت عينيها والحيرة والضياع تكمن فيهما، على من كانت خائفه؟!، ليس لديها جواب على هذا السؤال.

دخل جناحه بخطواته الواثقة، فتح ازرار سترته وهو يتجه للسرير، خلع سترته والقاه بإهمال على الارض ثم جلس على طرفه، اسند كفه على فخذه وهو يتنفس بعمق ويغمض عينيه ليسترخي، فقفزت في مخيلته صورة والدته لحظة موتها، فشعر بالنيران تتدفق بداخله، فقبض على كفه بقوة في حين صوت صريخها يتردد في اذنه دون توقف.

دخلت لجناحه بتردد، فلم يشعر بها، نظرت له حيث كان يلويها ظهره فقبل ان تتقدم بخطوه واحدة وقفت مذهولة مما رأته، اقتربت بخطوات بطيئة وهي تدقق النظر، كان ندب كبير والذي يصل لخط طويل على ظهره، كانت تتسائل عن سبب ذلك الندب العميق، توقفت على يمينه وهي مازالت خلفه، اخفضت رأسها بعد ان بلعت ريقها وتنهدت بعمق وبصوت مرتفع، فشعر بها، فتح عينيه المظلمتين ونظر لها من فوق كتفه وتجاهلها وعاد كما كان، رفعت نظراتها له وتقدمت بخطواتها المترددة إتجاه الكومود لتخرج من احد ادراجه -صندوق الأسعافات الأولية- و من ثم التفتت ونظرت له فوجدته مغمض العينين وكأنه يسترخي، تقدمت والتفت حول السرير وصعدته، جلست خلفه حيث اصبح ظهره امامها فحدقت به لبرهه ومن ثم اخفضت نظراتها لصندوق الإسعافات الأولية وهي تفتح الأخير وتخرج منه زجاجة مطهر الجروح والقطن الطبي ومن ثم فتحت زجاجة المطهر ووضعت القليل منه على القطن ومن ثم اعادت نظراتها لظهره وهي تضع الأخير على ظهره ففتح عينيه بإنزعاج ونظر لها من فوق كتفه فهالها نظراته المظلمة وتنفسه الخشن كهمسه.

- بتعملي اية؟
بلعت ريقها بإرتباك وهي تنظر لنصف وجهه، قالت بهدوء اتقنته
- السكينة جرحتك...
اعاد نظراته امامه فعادت هي لما كانت تفعله، فساد الصمت إلى حد اصبحت تسمع صوت تنفسه الخشن فقط.

- شكل الجرح دة قديم
قالتها بصوت خافت وهي تنظر لندبه الكبير بعد ان انتهت من تطهير جرحه، اكملت بحيرة
- بس اثره واضح اوي، وكأنه جرح جديد.

مررت اناملها الرفيعة الناعمة على طول ندبه الكبير وهي تكمل بتخمين
- شكلك اتجرحت بحاجة حادة، وعن قصد
نظر لها من فوق كتفه بجمود، فرفعت نظراتها له وتأملته وهي تكمل
- امتى اتجرحت؟ وازاي؟
تنهدت بعمق قبل ان تصمت لبرهه ومن ثم همست له
- في حاجات كتير ليها نفس السؤال في حياتك، ونضيف ليهم انت لية بقيت كدة؟، برغم ان ممكن يكون جواك واحد تاني يعكس اللي انت عليه دلوقتي.

ابعدت اناملها من على ندبه واكملت بسؤال تريد معرفة إجابته
- لية بقيت شيطان؟
لا تعلم لما قالت كل ذلك ولكن بداخلها رغبة كبيرة لمعرفته واستكشافه فرغبتها هي من دفعتها لقول ذلك وتشجيعها على سؤاله، قالت ما رغبت به والآن، هي تنتظر إجابته!
اعدل رأسه ونظر امامه ببرود والصمت ساد في المكان لبرهه
- بتسألي اسألة كبيرة
قالها بهدوء بارد، فأخفضت رأسها بينما اكمل.

- و انتِ عايزه تعرفي الإجابة!، بس انتِ مش قد الإجابة ولا السؤال حتى
رفعت نظراتها له بحيرة وهتفت بخفوت
- لية؟
نظر لها من فوق كتفه وعلى وجهه إبتسامة جانبية وهو يقول
- لية دي، هتتكرر كتير، عشان كل ما هيتجاوب على سؤال هيطلع سؤال غيره.
- عشان حياتك معقدة الصراحة
قالتها بتلقائية دون تفكير، فأتسعت إبتسامته وتحولت للشراسة وهو يلتفت ويصبح وجهه مقابلا لها
- ما انتِ جزء من حياتي المعقدة.

قالها بغموض شرس، لم تفهمه، فنظرت لعينيه بضياع في حين جملته تتردد على مسامعها، فساد الصمت منها لدقائق وعندما استدركت ما قاله، فكرت في ان تسأله عن ما يقصده بقوله، فقبل ان تخرج حروفها وجدته يلتفت و ينهض من امامها ويتجه للحمام، فقبل ان يدخل الأخير، نادته
- بيجاد، استنى، لسة مك...
تجاهلها ودخل صافقاً الباب بقسوة افزعتها.

دخل جلال لجناحه وهو يترنجح، القى بجسده على سريره، كان يبدو على ملامحه التعب عكس نظراته التي تشتعل بنيران الغضب، اخرج تنهيدة عميقة من داخله لعلها تهدأ ذلك النار المشتعل بداخله، رفع رأسه قليلا وهو ينظر لهيأته التي اصبحت غير مرتبه، فساند جسده ونهض من على سريره وإتجه للحمام، ليأخذ حماما ساخنا.

خرج من الحمام وهو عاري الصدر، توقف لبرهة وهو يمرر نظراته في المكان، لم يجدها فلم يبالي بل إتجه للخزانة واخرج سترة بدون اكمام وارتداها على بنطاله الأسود الذي كان يرتديه، اغلق الخزانة والتفت وغادر جناحه مُتجهاً إلى الأسطبل.

كانت جالسة على العشب الأخضر في حديقة القصر، كانت شارده تحاول ان تنظم افكارها وذاتها ايضا، ماذا يحدث معها؟ لم تعد تفهم شيء!، مؤخرا اصبحت تشعر بالتخبط من مشاعرها المشتتة، أيعقل ان قلبها احب اثنين في آن واحد!، هزت رأسها بعنف، ما هذا الهراء الذي تفكر فيه، فهذه خيانه لجلال، وايضا هي ليست بغبيه لتقع في حب الشيطان، لا يوجد شيء فيه يدعي للحب، انه قاسي، بارد المشاعر، يعاملها و كأنها جارية لديه، يأمر فتنفذ دون اي اعتراض منها، هي تكره ذلك النوع، فكيف ستحبه!؟، هذا ما قالته لنفسها او حاولت ان تقنع نفسها به!، لأن حبه شيء جنوني لا يستوعبه سلامة عقلها.

بينما في الناحية الاخرى، اخرج جواده الأسود من الأسطبل إلى الأرض الخضراء الواسعة، فتعالى صهيل الجواد بسعادة، فإبتسم الشيطان بمسالمة وهو يملس على شعره الأسود الطويل وهو يقول
- وحشتك اوي كدة؟
تعالى صهيل الجواد، فإبتسم هو بصدق وهو يكمل
- طب تعالى ناخدلنا جولة
حرك الجواد رأسه، فأحتضن الشيطان رأس جواده الأسود بحنان وهو يملس عليه، امسك باللجام وسار به ومن ثم اعتلاه وانطلق به بحرية.

عادت عايدة للقصر وفور دخولها سألت عنه
- فين الشيطان؟
هزت الخادمة كتفيها بعدم المعرفة، فقالت عايدة بضيق
- يعني اية مش عارفة، هو في القصر ولا لا؟
اخفضت الخادمة رأسها واجابتها بتهذيب
- في حديقة القصر.

دفعتها عايدة بعدم اهتمام وإتجهت للسلالم وصعدتها حتى وصلت لجناحها، إتجهت للخزانة وفتحتها وظلت تنظر لثيابها بحيرة وهي تقول
- لازم استغل الفرصة وابقى مع الشيطان، فألبس اية؟
وظلت واقفه امام الخزانة لمدة قاربت العشر دقائق، في النهاية قررت ما سترتديه، فأخذته بسعادة.

بينما هي كانت جالسة سمعت صوت صهيل الجواد، فنظرت حولها فوجدت الشيطان يعتليه ويتقدم منها من بعيد، فنهضت بهدوء وهي تنظر له، وضعت يدها على صدرها ناحية قلبها عندما شعرت بدقات قلبها تسرع كلما يقترب اكثر، فشعرت بالحيرة والضياع، والارتباك، اوقف الجواد بالقرب منها و نظر لها بجمود لبرهة، سألها بهدوء
- تركبي؟
هزت رأسها رافضه و هي تقول
- لا، مش عايزه
ارتسمت على وجهه إبتسامة جانبية ساخرة وهو يقول.

- بمزاجك مثلا!
رفعت حاجبيها ببلاهة ومن ثم تراجعت بضع خطوات للخلف وهي تراه يترجل من على ظهر الجواد ويقترب منها، هتفت بثبات حاولت إتقانه
- مش هركب قلت، هتجبرني مثلا!
اظلمت عينيه وقال ببرود
- جاي على بالي اني اركبك، فهتركبي
- جاي على بالي اني اركبك، فهتركبي
قلدته ريحانة بطريقة ساخرة، فتقدم منها بخطواته الواثقة وهو يقول بشراسة
- لسانك طويل، عايز يتقص.

فور ان انهى جملته جذبها من ذراعها بقسوة فأختل توازنها وارتطمت بجسده بقوة فتأوهت، فلم يبالي حيث سحبها خلفه وجعلها تعتلي على ظهر الجواد عنوة وقد تجاهل تذمرها وتأوهاتها، اعتلاه خلفها وامسك باللجام، فنظرت له وقد ظهر الخوف في حتقديها العسليتين وهي تقول بخفوت خائف
- طب نزلني وهقص لساني.

نظر لها من فوق بسخرية ثم نقل نظراته امامه وضرب الجواد بخفه باللجام، فبدأ بالركض البطيء، فتسارعت دقات قلبها وبدأ الخوف يتملكها رويدا رويدا، فتمسكت بسترته، في حين اسرع الجواد في الركض فتمسكت به بقوة وهي تغمض عينيها وتدفن وجهها في صدره، فنظر لها من فوق بإستمتاع ومن ثم نظر امامها وهو يمرر كفه القوي على خصرها ويقربها منه، وإبتسامة صغيرة صادقة وجدت طريقها اليه.
- افتحي عنيكِ.

قالها الشيطان بهدوء، فلم تستجيب، فأعاد قوله بحدة خفيفة
- قلت، أفتحي عنيكِ، وبصيلي
فتحت عينيها ببطئ ونظرت له، قال أمرا اياها
- بصي قدامك، للطريق
خضعت ونظرت امامها، فأقترب من اذنها وهمس
- خوفك ملهوش اي لازمة، حاولي تستمتعي، هتحسي بشعور تاني، يلا جربي.

نظرت له بطرف عينيها ثم اعادتها للطريق وهي تتنفس بعمق، نظرت حولها للطبيعة وبدأ خوفها يتلاشى شيئا فشيئا، واصبحت تشعر بالسعادة والإستمتاع وهذا ظهر في حدقتيها العسليتين، فظهرت على شفتيه شبه إبتسامة عندما لاحظ ذلك
- كان عندك حق، ركوب الحصان ممتع اوي، مكنش له داعي اني اخاف اوي كدة، مش عارفة انا كنت خايفة لية!
قالت ذلك بهدوء وهي تنظر امها وانهت قولها بضحكة خفيفة، ومن ثم اكملت.

- اول مرة اركب فيها حصان كانت معاك
و نظرت له من طرف عينيها وقالت بتساؤل حائر
- في سؤال محيرني، يعني هو انت لما جيت تشتري حصان ملقتش غير اللون الأسود؟!
- لوني المفضل
- لونك المفضل!
قالتها بإستنكار فقال
- مالك؟
- بكره اللون دة
- هتحبيه
نظرت له وقالت بعدم فهم
- نعم؟

نقل نظراته من على الطريق لحدقتيها العسليتين وقد لمعت عينيه ببريق خبيث وهو ينقل نظراته لشفتيها الورديتين، لاحظت نظراته فهربت بحدقتيها بعيداً عنه، قالت بخفوت
- عايزه ارجع القصر
- هنرجع
قالها بهدوء وهو يوجه الجواد إلى طريق العودة لحديقة القصر الرئيسية.

جالس على كرسي مكتبة وهو يتلمس جرح وجهه الذي سببه له الشيطان، وباليد الأخرى يمسك بهاتفه الذي يضعه على اذنه ليسمع اقوال الطرف الآخر، وخلال حديثه مع الآخير كانت ملامح وجهه غاضبة ومتضايقة.

انهى المكالمة والقى بالهاتف على المكتب بإهمال وهو يجول بنظراته حوله حيث عقله يفكر، ماذا سيفعل الآن، جميع خططه تفشل، وهذا كله بسبب الشيطان اللعين، كم يكرهه ويتمنى ان يقضي عليه سريعا، لكن هذا صعب في الوقت الحالي، أنه يفكر في ان يوقف كل هذا لوقت قصير، حيث يطفئ ما اشعله من نيران وحيث يجمع شتاته وشتات من حوله ويفكر في كيفيه دفع المبلغ المطلوب للتعويض عن خسارة الصفقة الأخيرة، ولكن ماذا سيفعل بريحانة؟ هل سيتركها مع الشيطان اكثر ام سيعيدها له؟

نهض وإتجه للأريكه واستلقى عليها، اغمض عينيه ليسترخي قليلا، لكن عقله لم يكف عن التفكير والتخطيط.

ترجل من على جواده، مد ذراعيه لخصرها وحملها وانزلها، اقترب من جواده وملس على جسده بحنان وهو يشير للسائس بأن يأخذه ويعيده للأسطبل، فأتى السائس واخذ الجواد، فألتفت الشيطان ليراها و لكنه لم يجدها فقد سبقته وعادت للقصر، فتقدم بخطواته الواثقة ودخل قصره متجهاً لغرفة مكتبه.

دخلت ريحانة من باب القصر الرئيسي وسارت في ممره صاعدة درجات السلم واثناء صعودها قابلت عايدة التي أعاقت طريقها، فنظرت لها ريحانة بضيق في حين قالت عايدة بطريقتها المستفزة
- فين الشيطان يا انتِ
- اولا اسمي ريحانة مش انتِ، ثانيا لو عايزة تعرفي الشيطان فين روحي اسألي حد غيري
- لية مسألكيش!، مش انتِ عشيقته
ضايقتها كلمتها الأخيرة ولكنها لم تظهر ذلك حيث قالت لتغيظها ولكنها فشلت.

- كان معايا واتبسطنا اوي، عايزة حاجة؟
فقهقهت عايدة بسخرية وقالت
- اتبسطي براحتك يا حلوة قبل ما يرميكي زي العشيقات القبلك
ثم اقتربت منها واكملت هامسة بخبث في اذنها
- ولا انتِ مش عشيقة، انتِ جاسوسة خاينة، اخرتك الموت
دفعتها ريحانة بغيظ فأختل توازن عايدة قليلا ولكنها ثبتت نفسها وقالت بطريقة مستفزه
- مالك يا حلوة؟، خايفة؟

رمقتها ريحانة بغضب ومن ثم التفتت فتبدلت ملامحها للخوف فهي كانت تدعي الغضب لتخفي خوفها، صعدت بقيه الدرجات بصعوبة فجميع اواصلها ترتجف، فهي كلما تفكر في الأمر يتملكها الخوف، حيث تشعر انها تريد البكاء، مثل رغبتها الآن.

مساءً
لم تراه بقية اليوم ابدا فهو قد غادر لينهي بعض الأعمال والصفقات، لم تهتم كثيرا بمعرفة التفاصيل فكل ما يهمها انه بعيد عنها.

إتجهت للسرير واراحت جسدها عليه، اغمضت عينيها لترتاح قليلا، فهي تشعر بالتعب والنعاس، لكنها بدلا من ان تنام سريعا اصيبت بالأرق بسببه، فهي تفكر فيه، في ماضيه، تفكر وتتسائل عن سبب ذلك الندب، هل عاش حياة قاسية في صغره؟ ولذلك اصبح على هذا النحو الآن؟، فتحت عينيها وهي تعتدل في حين تتأفف
- مالي انا ومال ماضيه!، بفكر لية!، نامي بقى يا ريحانة.

قالت ذلك لنفسها بصوت مسموع، اعادت رأسها على وسادتها من جديد بحدة، ظلت تنظر للفراغ لبرهة، من ثم التفتت ونظرت لوسادته الخالية، فأخذتها بتردد وقربتها من انفها لتستنشق رائحته، وفعلت، فقفزت في مخيلتها صورته عندما لمحت إبتسامته هذا اليوم، فإبتسمت ببلاهة واغمضت عينيها فداعب النوم جفونها.

اليوم التالي
دخلت غرفة الطعام وجلست في مكانها، كان مكانه خالي، فسألت الخادمة
- الشيطان لسة مرجعش؟
- لسة
اجابتها الخادمة وهي تقدم الطعام لها، فأومأت ريحانة برأسها وبدأت في تناول الطعام؛ بعد ان انتهت من تناول طعامها نهضت وإتجهت للسلالم و صعدت للطابق الثالث دون ان يراها احد ودخلت لغرفة جده.
- عامل اية النهاردة؟
نظر لها وإبتسم
- جيتي!
اومأت برأسها وقالت
- كل ما بتجيلي الفرصة اجيلك، باجي
- كتر خيرك يا بنتي.

نظرت له وإبتسمت، كانت تريد ان تسأله عن شيء لكنها مترددة، فلاحظ ذلك وقال
- قولي عايزه تسألي على اية
إتسعت إبتسامتها و قالت
- بس هتجاوبني ولا زي كل مرة؟
- حسب السؤال
- اثر الجرح اللي في ظهر الشيطان، اية سببه؟
نظر لها لبرهة وقال بمزاح
- بتجيبي الأسئلة دي منين؟!
- اصل شفت الجرح دة
- شفتيه!، شفتيه ازاي؟
قالها بذهول و من ثم قهقه على سؤاله الغبي فضحكت بخفة هي ايضا ومن ثم ساد الصمت الذي قطعته هي
- هتجاوبني؟

- اسأليه هو
- مش بيجاوبني
- خلاص
- مش خلاص، انا عايزة اعرف
قالتها بحزن مصتنع، فإبتسم و قال
- عايزة تعرفي السبب؟
اومأت برأسها والفضول يطل من عينيها، فأجاب بعد صمت
- هو الجرح نفسه
- نعم!
قالتها بعدم تصديق وهي تكمل
- ازاي هو الجرح نفسه؟ ازاي يجرح نفسه جرح كبير زي دة!
نظر عبد الخالق لها بشرود وقال
- دي كانت البداية
رفعت حاجبيها بعدم فهم، فتحت فمها لتقول شيء لكن قبل ان تخرج حروفها قال هو.

- متسأليش اكتر، عشان مش هجاوب
نظرت له بخيبة آمل ولم تسأل عن شيء آخر، ولكنها تمتمت
- شكل الشيطان دة مجنون!
ظلت ريحانة تتحدث معه عن امور عدة ومن ثم نهضت واستأذنت للمغادرة.
خرجت و اغلقت الباب خلفها و إتجهت للسلالم و نزلتها
- بتعملي اية عندك؟
تسمرت مكانها ونظرت لمصدر الصوت وكان الشيطان، فبلعت ريقها بصعوبة وتوتر وهي تنظر له، صعد درجات السلم التي تفصل بينهمت ليقف امامها
- كنتِ بتعملي اية فوق؟
- مش بعمل.

خرجت منها كلماتها بصعوبة وجزع، كرر سؤاله بصوته الاجش الصارم
- كنتِ بتعملي اية فوق؟
- كانت معايا
قالتها عايدة التي تقف في بداية السلم من الأعلى، فألتفتت ريحانة لها بإستغراب، بينما اكملت عايدة
- انت متعرفش اني قابلتها قبل كدة ولا اية؟
نظر لها وقال
- كنتوا بتعموا اية مع بعض؟
نزلت عايدة بضع السلالم لتصل لريحانة وتقف بجانبها وتقول بإبتسامة مصتنعة وهي تنظر لها
- كلام بنات، عايز تعرفه؟
- عايدة.

زمجر بحدة، فنظرت له وضحكت بخفة قائلة بدلع
- بهزر
رمقها بإنزعاج وهو يقول لريحانة
- تعالي ورايا
ثم التفت وإتجه لجناحه، في حين اومأت ريحانة برأسها وهي تنظر لعايدة وهمست لها
- ساعدتيني لية؟
نظرت لها عايدة ببرود وقالت
- ليا اسبابي، بس صحيح، كنتِ بتعملي اية هنا في الدور؟
نظرت لها ريحانة وقالت
- مكنتش بعمل حاجة
ونزلت بقية السلالم وهي تتنفس الصعداء بينما دخلت عايدة لجناحها.

دخلت خلفه وإتجهت للأريكة وجلست عليها وهي تتابعه بعينيها حيث كان يقف امام الخزانة وبيده اوراق يقرأها
- كنت عايزني لية؟
قالتها بهدوء، فنظر لها من فوق كتفه ومن ثم اعاد نظراته للأوراق، فتنهدت بضيق وانتظرته حتى ينتهي مما يفعله.

- خلاص اتفقنا
قالها جلال للطرف الآخر الذي يحدثه عبر الهاتف ثم انهى المكالمة وهو يتنهد براحة محدثاً نفسه
- كدة اتصرفت في نص مليون، ناقصلي مليون، هجيبها منين؟
ظل يفكر كثيرا حتى قاطعه اتصال آخر فرد
- قررت ابقى معاك
قالها الطرف الآخر، فرد جلال بذهول
- نعم!
-...
إبتسم جلال بإنتصار وقال بعد ان انهى الطرف الآخر حديثه
- بتلف وبترجعلي، عرفت ان ملكش غيري!
-...
- كويس اوي، دلوقتي عايزك تساعدني
-...

- محتاج مليون جنية
-...
- نزورهم!
-...
- خلاص موافق، هنزورهم.

اغلق الخزانة والتفت لها وقال
- كنتِ بتتكلمي مع عايدة في اية؟
- ما هي قالتلك
- و انا هصدق!
- ايوة صدق، تحب اقولك كلام البنات؟
قالتها ببرود ساخر، فتقدم منها ببطئ وتوقف امامها وفجأة جذبها من شعرها فصرخت بفزع وهي تتألم، بينما قال هو بهدوء مخيف
- قلتلك اني هأذيكي لو طولتي لسانك، مش خايفة؟
وضعت يدها على يده الممسكة بشعرها وحاولت ان تفلت شعرها من قبضته، ولكنها فشلت، فنزلت دموعها وقالت بألم.

- لية بتعاملني كدة، حرام عليك
- ما انتِ مش بتسمعي الكلام، فهتتعاقبي
- انت حقير، شيطان حقير معندكش قلب، أبعد...
خرجت كلماتها منها بطريقة هسترية، فهي قد سأمت من هذه المعاملة وهذا الإجبار، لكنها لم تكمل جملتها حيث صرخت عندما وجدته يدفعها على السرير بقوة وقسوة، فرفعت رأسها ونظرت له والخوف والرعب يسكنان بحدقتيها، فقد كان يخلع سترته مع تقدمه منها، وكانت نظراته مظلمة، قاسية، شيطانية مرعبة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة