رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثاني عشر
- هتعمل اية؟
همست بها بخوف وصوت مرتجف وهي تراقبه حيث يتقدم منها ببطئ ويصعد على السرير، فبدأت دموعها تسيل على وجنتيها وهي تزحف للخلف قائلة
- انت مش هتعملي حاجة، مش هتقدر، ابعد عني...
و قبل ان تكمل جملتها صرخت عندما قبض على قدمها وجذبها له بقوة فأصبحت اسفله، فزادت في البكاء وهي تضربه بقبضتها المرتجفة على صدره وتركله بقدمها لكي يبتعد فأعاق حركة قدميها عندما ثبتها بقدميه.
- بيجاد، ابعد عني، ابوس ايدك، ابعد...
قالتها من بين شهقات بكائها الهستيري، كان جسدها يرتجف بقوة من كثرة خوفها، فأقترب منها ونظراته الشيطانية المظلمة ساكنة في عينيه، همس في اذنها بتلذذ
- شايفة شكلك عامل ازاي!، هتموتي من الخوف، طب مدام انتِ مش قد عواقب طول لسانك بتطوليه لية؟!، وانا حذرتك.
ابتعد بوجهه قليلا ونظر لحدقتيها الخائفة وهو يمرر انامله ببطئ على وجنتها وإرتسمت على شفتيه إبتسامة جانبية شريرة، اكمل بأسف ساخر
- بس انتِ مش بتسمعي الكلام فأستحملي العواقب
- بيجاد، ابعد عني.
قالتها بضعف ورجاء وهي مازالت تحاول دفعه بعيدا عنها برغم إدراكها انها ضعيفة امامه حيث اصبحت قوة دفعها له ضعيفة جدا، أمام نبرتها الضعيفة الراجية تغيرت نظراته القاسية المظلمة إلى نظرة غربية، دافئة!، لكنها لم تلاحظ ذلك التغيير بسبب دموعها التي اعاقت رؤيتها الواضحة، إبتعد عنها فأعتدلت سريعا وعادت للخلف حتى التصق ظهرها بخشبة السرير، فضمت قدميها لصدرها ودموعها لا تتوقف وإرتجاف جسدها يزداد في حين قفزت في مخيلتها تلك الصور والمشاهد المتتالية التي عانت منها كثيرا منذ صغرها وايضا صوت صريخ والدتها الذي يتردد في اذنيها دون توقف فوضعت يديها المرتجفتين على اذنيها وهي تضغط عليهما بقوة لعل ذلك الصوت يتوقف.
- انسي يا ريحانة، دة ماضي، ريحانة اهدي، انسي
همست بها لنفسها لعلها تهدأ.
كان يتابعها بعيون مترقبة وهو يقف بعيدا ويضع كفيه في جيوب بنطاله ببرود، التفت بهدوء وخطى خطواته لإتجاة الحمام، ودخله، فرفعت نظراتها لإتجاه الحمام وهي تتذكر ما حدث منذ دقائق فأصبح كل شيء متداخل امامها، ذكريات ماضيها وما حدث الآن، فبدأت تفقد وعيها ببطئ، حتى لم تعد تشعر بشيء.
في الطابق الثالث، تحديدا غرفة عبد الخالق.
كان جالس على كرسيه المتحرك وهو يمسك بصورة بين انامله وملامحة حزينة والدموع متحجرة داخل مقلتيه، كانت الخادمة تنظر له بشفقة وحزن على حاله، فهو في كل فترة يفعل ذلك وينظر لصورة ابنته التي قتلت فتصبح حالته كهذه التي تراها الآن، هي تعلم قدر المعاناه الذي يعيشها هذا العجوز، ولذلك تشعر بالشفقة عليه.
- هاتي مية.
قالها بخفوت، فأومأت الخادمة برأسها واحضرت له الماء وسقته، ثم اعادت الكوب مكانه وقبل ان تعود له قال
- سيبيني لوحدي شوية
نظرت له و قالت
- حاضر، ولو احتجت حاجة...
قاطعها بضيق
- ماشي
فأومأت برأسها وغادرت، فأعاد نظراته لصورة ابنته وشرد وهو يتذكر ما حدث في الماضي، فتنهد بعمق قبل ان يصمت لبرهة و من ثم حدث صورتها بعتاب.
- لو كنتي سمعتي كلامي يا فيروز مكناش وصلنا للي إحنا فيه دلوقتي وكنا اتجنبنا حاجات كتير واولهم كنا إتجنبنا شر بهجت، فاكرة لما قلتلك بلاش تتجوزيه وحذرتك بس انتِ اصريتي انك تتجوزيه!، انا كنت عارف نيتك وهدفك من انك تتجوزيه وانتِ كسبتي كتير وحققتي كتير من اهدافك معاه بس في الآخر خسرتي كل حاجة بس قبل ما تخسري كل العملتيه كنتي خسرتي اهم حاجة، خسرتي ابنك لما اذيتيه، لما فضلتي جلال عليه عشان ترضي بهجت، لما كنتِ شايفاه بيتعذب من بهجت وبيضرب وكنتِ ساكتة، والخلص عليه انتِ يا فيروز، لما بدأتي تعامليه زي جوزك، تعامليه كأنه واحد فقير من الشارع او كأنه عال عليكِ.
توقف لبرهة وهو يشعر بألم في صدره، تنهد بعمق ممتلأ بالألم ليكمل بعدها بندم.
- الغلط مش عليكِ لوحدك، الغلط عليا انا كمان عشان منبهتكيش، محاولتش انصحك وارشدك للطريق الصح، بس الغلط الهيفضل برقبتك لوحدك، هو ابنك الحولتيه من طفل لوحش، لشيطان ملهوش قلب هدفه الانتقام وبس إبتسم بمرارة وهو يكمل عارفة الانتقام اللي بينتقمه دة لمين؟، دة ليكِ، لأنهم قتلوكي، شفتي يا فيروز!، شفتي ابنك اللي انتِ اذيتيه واتخليتي عنه عايز يجيب حقك ازاي؟، مش ندامنة؟
كانت دموعه تسيل على وجنتيه بقهر، فهو يشعر بالألم الشديد في صدره، يشعر بالإختناق، لم يعد يتحمل الكتمان، يتمنى ان يعود به الزمن للوراء لكي يغير كل هذا الواقع الأليم ويصلحه.
- ياريت اقدر ارجع بالوقت عشان اصلح كل دة، يارتني كنت اقدر اقولك الكلام دة زمان، مكنش هيبقى دة حالنا
قالها بتمنى حزين ومن ثم صمت قبل ان يتنهد، قال بآسى.
- عارفة اية اللي متحسر عليه؟، عارفة مين الخسر في الآخر؟، الخسر انتِ وبيجاد بس، تعرفي، ان محدش بقى بيناديه بأسمه ودة طلب منه لأنه بيفتكرك، ابنك لسة بيحبك بس مجروح منك، تعالى شوفيه ازاي بيظهر البرود وعدم المبالاة للناس كلها بس انا الوحيد اللي عارف ان جواه بيموت، ابنك بيعاني من صغره لغاية اللحظة دي!
اخفض رأسه ودمعة حارقه فرت من عينيه وهو يتمتم بخفوت
- ربنا يسامحك، ربنا يرحمك.
يقف في الحمام امام المرآة ينظر لصورته المنعكسه من بين البخار، كانت نظراته حادة غاضبة، غاضب من ذلك الشعور الذي اجتاحه للحظة، يكره ذلك الشعور، هو شخص بارد لا يملك قلب ليشعر به، فلا يحق له ان يشعر بأي شعور تافه يغيره.
ارتدى سترته وإتجه للباب، وضع كفه على مقبض الباب وقبل ان يبرم الأخير جعل نظراته هادئة باردة تخفي ما يشعر به، برم مقبض الباب وخطى خطواته للخارج، رفع نظراته لها فوجدها فاقده الوعي، شعر بالفزع فأتى ان يقترب ولكنه تراجع وهو يتخلص من ذلك الشعور، تقدم بهدوء وإتجه للطاولة، التقط كوب ماء وذهب لها وقبل ان يجلس بجانبها وضع الأخير على الكومود وجلس محدقاً بها لبرهة قبل ان يعدل وضعيتها، مرر انامله على وجنتها ومسح دموعها ثم التقط كوب الماء وسكب القليل منه في كفه ومسح وجهها به، اعاد الكرة مرتين، اخذت ترمش بعينيها ببطئ حتى فتحتها، مررت نظراتها الزائغة حولها حتى توقفت عليه، فأنتفضت بفزع لتعتدل سريعا وهي تبتعد بخوف، وضعت قبضتها على صدرها وهي تفرك عليه فهي تتنفس بصعوبة، نهض وإتجه للباب قائلاً بصوته الاجش.
- لما تهدي انزلي عشان نتغدا، متتأخريش
وخرج، فأغمضت عينيها وهي تريح جسدها على السرير واصبحت دموعها تسيل على وجنتيها بهدوء قاتل.
بعد ان خرج من جناحه امر الحارس ب
- ابعت لزهرة تيجي الجناح.
ثم إتجه الشيطان للسلالم وصعدها حتى وصل لأخر طابق موجود في القصر، سار بمرره الطويل وهو ينظر بجمود للسجناء الذين يقفون خلف القضبان الحديدية.
- ماشي يا بابا، هقولها
قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف، صمتت لتسمع اقواله وقبل ان ترد عليه، اتت خادمة وقاطعتها بقولها
- سيدنا الشيطان بيأمرك انك تطلعي للأنسة ريحانة يا زهرة
- حاضر
قالتها زهرة ومن ثم قالت لوالدها
- سلام دلوقتي يا بابا، ورايا شغل
انهت المكالمة وذهبت لجناح الشيطان، وقفت امام جناحه وطرقت الباب ومن ثم دخلت
- انسة ريحانة!
قالتها زهرة بهدوء وهي تتقدم من ريحانة، ففتحت الاخيرة عينيها وقالت بلهفة وهي تعتدل لوضع الجلوس
- زهرة
وقفت زهرة امامها فجذبتها ريحانة من ذراعها لتجلسها وقالت
- زهرة، عايزاكِ تساعديني
- اساعدك؟
- ايوة
- في اية؟
صمتت ريحانة لبرهة قبل ان تقول ببطئ خافت
- عايزة اهرب من هنا
- نعم!
هتفت بها زهرة بعدم تصديق، فقالت ريحانة بمرارة.
- زي ما سمعتي، انا عايزة اهرب عشان انا مبقتش مستحملة، انا عايزة امشي من هنا، انا تعبت، انا لو طلبت من جلال انه ياخدني مش هيرضى و...
قاطعتها زهرة بإبتسامة وهي تقول
- على فكرة سيد جلال ناوي يرجعك
- بجد!
قالتها ريحانة بعدم تصديق ممزوج بالسعادة، فأكملت زهرة
- لسة جيالي مكالمة وعرفت ان سيد جلال عايز يهربك من هنا ويرجعك له، بس مش دلوقتي
- لية؟
قالتها ريحانة بخيبة امل وحزن، فردت زهرة.
- لأن هو مش هيبقى موجود في القرية الفترة دي
- هيروح فين؟
- معنديش معلومات كتير، بس العرفته ان عنده شغل برة القرية
اومأت ريحانة برأسها وهي تخفضها، فأمسكت زهرة بيدها بتردد وقالت بتساؤل
- انتي بجد عايزه ترجعي للسيد جلال؟
رفعت ريحانة رأسها و قالت
- اكيد
تنهدت زهرة بآسى بينما سألتها ريحانة
- لية بتسألي؟
- ولا حاجة
ساد الصمت قبل ان تقطعه ريحانة بقولها
- هو جلال هيطول في الغيبة؟
- لا، لمدة اسبوع او كام يوم.
اومأت ريحانة برأسها وقالت بمرارة
- يعني انا لازم استحمل تصرفات الشيطان لغاية ما يرجع جلال وياخدني
بعد ان انهت جملتها نهضت بتعب وإتجهت للخزانة وفتحتها لتأخذ بعض من الملابس لترتديها ومن ثم التفتت لزهرة وقالت
- لازم استحمل، صح!
فقالت زهرة بإبتسامة
- هانت
اومأت ريحانة برأسها وقالت.
- عايزة اغير لبسي.
- هرجع لشغلي.
دخل داخل الزنزانة الذي يوجد بداخلها ايمن، وقف بجمود ونظرات باردة تجتاح عينيه وهو ينظر ل ايمن الذي ينظر له بإرتباك.
- بقالك فترة طويلة مشرفتش زنزانتي يا ايمن بية، ها اية رأيك بالإستضافة؟!
قالها الشيطان ببرود وهو يضع كفيه في جيوب بنطاله، استطرد بتهكم
- شكل الاستضافة مش عجباك خالص
اخفض ايمن رأسه في حين عاد الشيطان للخلف وجلس على الكرسي الذي جلبه له الحارس، وضع قدم على آخر وقال بهدوء.
- انت اكيد كنت عارف ان اللي بتعمله هيوصلك لهنا
- لا
قالها ايمن بخفوت، واكمل
- جلال كان مطمني وقال انه مظبط كل حاجة وإن انا في امان
- و انت سمعت كلامه واطمنت!
اومأ ايمن برأسه، فقال الشيطان
- تعرف انك غبي!
رفع ايمن نظراته للشيطان، بينما اكمل الأخير
- انك تشارك جلال وتتفق معاه تضدي، دة اسمه غباء اكمل بتهكم ملقتش غير جلال تثق فيه يا ايمن!
- مفكرتش غير في الفلوس اللي كان هيديهالي جلال
- و ادهالك؟
- لا.
- صدقت انك غبي
صمت ايمن ومن ثم قال بصدق
- مش هعمل كدة تاني، اوعدك
قهقه الشيطان وقال
- انت فاكرني غبي زيك عشان اصدق وعدك؟
- خرجني من هنا، مش قادر استحمل
قالها ايمن برجاء، فقال الشيطان بتهكم
- لسة العقاب مبدأش عشان متقدرش تستحمل
- اوعدك اني هبقى معاك ومش هكون مع جلال تاني، بس خرجني
- مش محتاجك معايا.
قالها الشيطان وهو ينهض، قبل ان يلتفت ويغادر اشار للحراس لبدأ العقاب، فأومؤا برأسهم وبدأوا بالأقتراب منه وهم ممسكين بعصيان حديدية، فخرج الشيطان من الزنزانة وسار في الممر وهو يسمع صوت ايمن الذي يترجاه بأن يخرجه، ولكنه لم يهتم.
سارت في الممر حتى وصلت لغرفة الطعام ودخلتها بخطوات مترددة، إتجهت لمقعدها وسحبت الكرسي لتجلس عليه فحانت منها التفاتة حذرة لناحيته بطرف عينيها وسرعان ما استقرت على طبقها، اتت الخادمة وبدأت في تقديم الطعام فطوى الجريدة ووضعها بجانبه وبدأ في تناول طعامه بهدوء وهي ايضا، اثناء هو يتناول طعامه حانت منه نظرة عابره لها.
في مكتب جلال
- في ورق مهم ليا مع الشيطان لازم يكون معايا، هقولك التفاصيل عشان تقولها لبنتك وتوصلها لريحانة
قالها جلال بهدوء، فأومأ الرجل المسن برأسه بينما اكمل جلال آمرا
- و كل حاجة بتحصل لازم توصلي اول بأول
- حاضر يا سيدنا
- صحيح، بنتك وصلت كلامي ل ريحانة
- وصلته و الانسة ريحانة فرحت
- اسمها المدام مش الآنسة
صحح جلال بحدة، فتأسف الرجل المسن وردد
- المدام ريحانة.
رمقه جلال بحدة ومن ثم اشار له بأصبعه للمغادرة، فأخفض الرجل المسن رأسه وغادر، عاد جلال برأسه للخلف وهو يقهقه ويقول بتهكم
- انسة ريحانة قال.
أثناء كان يتناول الشيطان طعامه، اتت الخادمة وعلى وجهها ملامح الفزع وهي تقول
- الحق يا سيدنا الحق
نظر لها وقال بهدوء
- في اية؟
- السيد عبد الخالق اتعرض لأزمة قلبية
نهض بسرعة صارخاً
- اتصلوا بالحكيم.
اومأت الخادمة برأسها وركضت للخارج لتنفذ ما طلبه منها سيدها بينما هو إتجه مسرعا للطابق الثالث خاصةً لغرفة جده، كانت ريحانة تتابع ما يحدث بأنفاس منحسرة، نهضت بسرعة وهي تشعر بالفزع، إتجهت للباب وقبل ان تخطو اي خطوة للخارج تذكرت ان الشيطان لا يعلم بأنها تقابل جده وإن صعدت او اظهرت خوفها عليه ستكشف نفسها، فتنهدت بآسى وعادت لمقعدها.
بدأ الليل يسدل ستاره
في الطابق الثالث تحديدا غرفة عبد الخالق.
تقدمت عايدة منه وهي تقول بلهفة مصتنعة
- جدو سلامتك يا حبيبي، خوفتني عليك
إبتسم بتعب وقال
- الله يسلمك يا عايدة
- اية الحصلك؟ تعبت ازاي؟
- اقعدي يا عايدة و متتعبيهوش في الكلام
امرها الشيطان بجمود، فنظرت له عايدة وقالت
- ماشي
إتجهت للشيطان وجلست بجانبه قصدا، سألت
- الحكيم قالكم اية؟
- هيهمك في اية!
- مش دة جدي برضه
نظر لها وقال ببرود
- لا مش جدك
- لا جدي، صح يا جدو؟
قالتها بحزن مصتنع، نظر لها عبد الخالق بضيق، فقال الشيطان وهو ينهض ويقترب من عبد الخالق
- سيبينا لوحدنا
- لا، هقعد معاكم
نظر لها الشيطان بصرامة، فإبتسمت بغيظ و قالت
- ماشي، هسبكم لوحدكم
ونهضت مغادرة وهي تشعر بالغيظ والغضب.
جلس الشيطان على حافة السرير ومن ثم نظر للكومود حيث موضوع عليه صورة والدته، فتنهد ونظر لعبد الخالق وقال
- لسة بتعاتبها!
نظر له عبد الخالق بحزن وقال بخفوت
- لسة.
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية وقال بهدوء
- بطل تعاتبها زي ما انا بطلت من زمان
- انت بطلت!، بتضحك على مين، عليا ولا على نفسك
نظر الشيطان امامه بينما اكمل عبد الخالق
- انت لسة بتاعتبها لغاية اللحظة دي
إبتسم الشيطان بسخرية وهو ينظر له، وقال
- و انت جبت الكلام دة منين!
- انا عارفك و حافظك من صغرك
- يبقى انت مش عارفني، عشان انا اتغيرت.
- انت متغيرتش، انت لسة جواك الطيبة، لسة جواك الطفل اللي معاشش طفولته صح، انت بتخبي ضعفك واحتياجك وألمك ورا قسوتك وبرودك
- كلامك مش منطقي
قالها ببرود وهو ينهض
- كلامي منطقي وانت عارف ان كل كلمة قلتها صح بس بتنكر
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة وهو يقول بتهكم
- شكلك متأثر بأفلام زمان، سلام
انهى جملته وإتجه للباب وقبل ان يخرج من الغرفة قال عبد الخالق.
- انت محتاج حاجة واحدة بس، محتاج حد يساعدك في انه يخرجك من دايرة الماضي والانتقام وهيساعدك في انه يرجعك لشخصيتك الحقيقية، صدقني هتلاقي الشخص دة وهيساعدك بدون ما تحس
- كلام تافه
هتف بها الشيطان قبل ان يخرج من غرفة عبد الخالق.
كانت جالسه على السرير وهي تفكر، كيف حاله جده الآن؟ هل اصبح؟ بخير؟ هي تشعر بالقلق عليه.
رفعت نظراتها لباب الجناح الذي يفتح فوجدته يدلف للجناح، نظر لها ببرود و هو يتجه للأريكة ويجلس عليها، ظلت تنظر له بشرود فهي الآن تفكر في طريقة لمعرفة اي شيء عن حالة عبد الخالق.
- مالك؟
سألها بصوته الاجش، فزاغت نظراته بعيدا عنه وهي تقول بتلعثم
- ممكن اسألك سؤال؟
ظل ينظر لها ولم يرد، فسألته
- هو مين السيد عبد الخالق؟
- بتسألي لية!
- عادي
قالتها بتلعثم في حين ابعد نظراته عنها وهو يتجاهلها وينهض ويتجه للخزانة، فأغتاظت وقالت
- مش هترد!
- مش هرد
- لية؟
- عشان حاجة متخصكيش
صمتت لثوان قبل ان تقول
- طب هو كويس؟
نظر لها من فوق كتفه وهو يلويها ظهره قائلاً
- مهتمة بالموضوع لية؟
بلعت ريقها بصعوبة وهي تفكر في رد مناسب، فوجدت
- انا طبيعتي كدة، بحب اطمن على اي حد اعرفه
التفت ونظر لها بريبة
- تعرفيه!
توترت فتلعثمت وهي تقول.
- مش قصدي، هو يعني...
قاطعها بنفاذ صبر
- مش عايز اسمع قصدك
نظرت له بغيظ وقالت
- في حاجة اسمها اداب الحديث على فكرة يعني...
- بس
صرخ بها بغضب فأنتفضت بفزع، اغلق الخزانة بغضب وهو ينظر لريحانة ومن ثم تقدم منها بخطوات بطيئة ووقف امام السريرمقابلا اياها حيث هي تراجعت للخلف بخوف.
- لو سمعت صوتك هموتك، سامعة!
قالها بهدوء مخيف، فأومأت برأسها بخوف و خضوع.
بعد فترة وجيزة.
استلقت على السرير سريعا ووضعت الغطاء على جسدها بالكامل واغمضت عينيها ومثلت النوم حين دلف للجناح، نظر لها نظرة عابره وهو يتجه للأريكة ويجلس عليها بإهمال، ظل ساكناً ينظر للفراغ بشرود، ظل هاكذا لفترة قاربت الخمسة عشر دقيقة، نهض بعدها مُتجهاً للسرير لينام مكانه، التفت برأسه ونظر لها، كانت تلويه ظهرها فمرر انامله ببطئ على خصلات شعرها المتناثرة على وسادتها، ثم اقترب برأسه ليشم رائحة شعرها الجذابة فأغمض عينيه بإستمتاع ومن ثم اعتدل بجسده لناحيتها ومرر ذراعه على خصرها وجذبها له فأصبحت بين احضانه؛ كانت تشعر في البداية ببعض من الخوف عندما جذبها له، وفجأة تلاشى شعورها بالخوف واصبحت تشعر بدقات قلبها المتسارعة لقربه منها وذلك الشعور التي لا تعرف معناه تملكها.
- عارف انك صاحية، تصبحي على خير
قالها بهمس في اذنيها وهو مازال يشم رائحة شعرها، فإرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة.