قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

اشرقت شمس يوم جديد
فتحت ريحانة عينيها ببطئ ونظرت لمكانه ومن ثم اغلقتهما بنعاس وما لبثت ان فتحتهم مرة آخرى ونظرت لمكانه ولم تجده، فأعتدلت إلى وضع الجلوس وهي تمرر نظراتها حولها باحثة عنه، فلم تجده ايضا، تنهدت وهي تمسح وجهها بكفيها ومن ثم اقتربت من حافة السرير وانزلت قدميها حتى لامست اصابعها الارض وقبل ان تنهض سمعت طرقات احدهم على الباب فأذنت له بالدخول
- صباح الخير انسة ريحانة.

قالتها زهرة وعلى وجهها إبتسامة مشرقة، فبادلتها ريحانة الإبتسامة وهي تقول
- صباح النور
- في حاجة عايزه اقولهالك
- ماشي بس استنيني، هدخل الحمام مش قادرة وبعدها ارجعلك
قالتها ريحانة بحرج، فأومأت زهرة برأسها
- حاضر
إتجهت ريحانة للحمام و دخلته، بينما جلست زهرة لتنتظرها.

كان الشيطان يعتلي جواده الاسود وهو يتجول في الأراضي الخضراء الواسعة، كان يتابع بنظراته الحادة العاميلن الذين يعملون في هذه الأرض، كانوا يعملون بجد وهذا أعجبه، فأوقف جواده وقال بصوت مرتفع
- لكم مكافأة على شغلكم، هزودكم في الرواتب الشهر دة، ولو فضلتم تشتغلوا بنفس الطريقة دي هكافأكم اكتر
ساد الصمت بعد قوله وتعالت الدهشة على وجوه العاملين، فألتفت بجواده وغادر.

- حاولي تجيبي الورق دة بأي طريقة عشان مهم للسيد جلال
قالتها زهرة لريحانة، واكملت
- الورق دة يبقى معاكِ قبل ما تهربي من هنا، انا قلتلك التفاصيل الموجودة في الورق، حاولي تلاقيهم
اومأت ريحانة برأسها بشرود وسألت
- عندي سؤال
- اتفضلي
- القصر اللي جلال عايز ورقه، قصر مين؟
نظرت لها زهرة وقالت
- القصر بتاع السيد بهجت الله يرحمه او بالأصح القصر بتاع اجداد الشيطان والسيد جلال
- الشيطان وجلال!

قالتها ريحانة بإستغراب في حين اومأت زهرة برأسها، فأكملت ريحانة
- وهو فين القصر دة؟
- دة القصر، اللي انتِ عايشة فيه دلوقتي
نظرت لها ريحانة بدهشة وقالت
- انا مش فاهمة حاجة
- مش فاهمة اية؟
- انتِ بتقولي ان القصر دة بتاع اجداد جلال والشيطان، ازاي؟، مش دة قصر الشيطان بس!، فأية اللي دخل جلال و..
ابتلعت بقية حروفها حين شرد عقلها للحظة تفكر، اتسعت مقلتيها في ذهول وهي تهتف
- هو في قرابة ما بين الشيطان وجلال؟

ساد الصمت لدقائق حيث قطعته ريحانة
- مش بتردي عليا لية؟
تنهدت زهرة وقالت
- في حاجات كتير متعرفهاش ومنهم ان السيد جلال والشيطان، اخوات
انفجرت شفتيها في ذهول وصدمة مما سمعت.

دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها، نظرت لمقعده الخالي وتنهدت في حين اتت الخادمة وقالت بخفوت
- تحبي احط لحضرتك الفطور ولا هتستني السيد؟
نظرت لها ريحانة بشرود وصمتت لبرهة قبل ان تنتبه وتجيب بفتور
- هستناه
اومأت الخادمة برأسها وعادت للوراء، بينما ظلت ريحانة تنظر للهاوية بشرود وضياع!

خرج جلال من قصره وإتجه لسيارته فأسرع السائق وفتح باب السيارة ل جلال، فصعدها واغلق السائق الباب، امسك جلال بهاتفه وضغط على عدة ارقام، من ثم وضع الهاتف على اذنه وهو ينتظر رد الطرف الآخر
- كل دة عقبال ما ترد يا عجوز انت
قالها جلال بغضب بعد ان رد الطرف الآخر، فتأسف الطرف الآخر وقال
- معلش يا سيد جلال، سمعي على قدي و...
قاطعه جلال
- مش وقت سمعك دلوقتي، ها، وصلت الكلام اللي قلته لك لريحانة؟
- ايوة.

- كويس، تبقى تعرفني بكل جديد، وحاول تخلي ريحانة تجبلنا الورق في اسرع وقت
- حاضر
اغلق جلال الخط دون ان يرد ومن ثم نظر من خلف زجاج النافذة وهو يقول للسائق
- سرع
- حاضر
قالها السائق ومن ثم زاد من سرعة السيارة.

دلف لغرفة الطعام بهدوء وجلس في مقعده، فأقتربت الخادمة وبدأت في تقديم الطعام بينما كانت ريحانة تحدق به بشرود، أحقا جلال والشيطان اشقاء؟ لا يوجد اي تشابه بينهم سواء شكلا او شخصية!، وما يحيرها ان جلال لم يخبرها عن هذا ابدا، فلماذا لم يخبرها؟ وما سبب تلك العدواة التي تشتعل بينهم؟، لاحظ الشيطان تحديقها به، فنظر لها بطرف عينيه ببرود ومن ثم نظر امامه وبدأ في تناول طعامه، فهزت رأسها وهي تتنهد وتنقل نظراتها لطبقها، مدت يدها وامسكت بقطعة خبز وغمزتها بالمربة ووضعتها في فمها وهي مازالت تفكر، فهناك اسئلة كثيرة تريد ان تعرف اجابتها.

بعد ان انهى طعامه، نهض ونظر لها نظرة عابرة قبل ان يخرج من غرفة الطعام ويتجه لمكتبه، بينما كانت ريحانة تتابعه وفور خروجه القت بالملعقة على الطاولة بإهمال وعادت بظهرها للخلف وهي تدلك رأسها بضيق في حين تتأفف وتحدث نفسها
- هتجنن من كتر التفكير، هتجنن.

ثم نهضت وخرجت من غرفة الطعام لتسير في الممر وتصعد السلالم، توقف في الطابق الذي يوجد فيه جناحه ولكنها تذكرت جده عبد الخالق فنظرت حولها ومن ثم صعدت للطابق الثالث بحذر وإتجهت لغرفة الاخير ودخلتها بعد ان طرقت الباب بخفة، اقتربت منه ببطئ وهي تنظر له فهو كان نائم، توقفت والتفتت وإتجهت للباب مرة آخرى لتغادر لكنها سمعت مزحته
- جاية تزعجيني لية.

قالها بمزاج وهو مغمض العينين، اجفلف لوهلة ولكن سريعا ما عادت لطبيعتها وإرتسمت على شفتيها إبتسامة وهي تستدير له وتقول وهي تقترب
- انت صاحي!، افتكرتك نايم
- كنت نايم، بس صحيت لما دخلتي وازعجتيني
- اسفة على ازعاجك بس جيت اطمن عليك
قالتها وهي تجلس على الكرسي الذي يوضع بجانب السرير، فإبتسم لها بسماحة وقال
- انا كويس، شكرا لأنك جيتي واطمنتي عليا
إبتسمت له وقالت بعد صمت
- ممكن اطلب منك طلب
- اطلبي.

- ممكن اناديك ب، جدو
قالتها بخفوت وخجل وهي تخفض رأسها، فإبتسم بحنان
- اكيد، انا بعتبرك حفيدتي
إتسعت إبتسامتها وهي ترفع رأسها و تنظر له بسعادة
- شكرا يا جدو
نظر لها وقال بجدية مصطنعة
- بس في شرط
نظرت له بإستغراب فأكمل
- متبقيش مزعجة يا حفيدتي ومتتعبيش جدك، مفهوم؟
اومأت برأسها وهي تقول
- انا حفيده مطيعة، مش هتعبك، متخفش، بس اكملت بجمود مصطنع انا كمان عندي شرط
رفع حاجبيه وضحك
- مستغلة، قولي.

- تجاوب على اسألتي، كلها وبدون كدب
قهقه وقال
- يا سوسة، عشان كدة عايزاني ابقى جدك!
ضحكت بخفة و قالت بصدق
- لا طبعا، انا عايزاك تكون جدي
- مش مصدقك
قالها بمزاح، فنهضت وقالت
- عشان تصدق، هسيبك عشان ترتاح، اهو انا حفيدة مطيعة
إبتسم وقال
- ماشي، حاسبي ليشفوك الشيطان وانتِ خارجة من هنا
- متقلقش، سلام.

اغلقت الباب خلفخا بهدوء ومن ثم تقدمت من السلم ونزلت بضع خطوات ومن ثم توقفت وهي تتنفس بعمق وتجلس على احدى السلالم وشردت.
استيقظت من شرودها على صوت زهرة التي قالت بقلق
- انتِ كويسة؟ قاعدة هنا لية؟
نقلت نظراتها لزهرة التي كانت تحمل صينية، قالت
- عادي
اومأت زهرة برأسها وقالت
- طب الدواء، يلا خديه
مدت ريحانة ذراعها واخذت كوب الماء وقرص الدواء وشربته، قالت بإمتنان
- شكرا.

إبتسمت زهرة وعادت للخلف بضع خطوات بينما نهضت ريحانة وقالت
- فين الشيطان؟
- في مكتبه.

- وصلت للحدود؟
قالتها عايدة للطرف الآخر الذي تحدثه عبر الهاتف، فرد الطرف الآخر والذي كان جلال
- عايزه تعرفي لية؟
- مش انت اخويا، يعني لازم اطمن عليك
قالتها عايدة بخبث، فرد جلال بتهكم
- عشان تطمني عليا ولا عشان توصلي المعلومات للشيطان!
- اخس عليك، بتقول على اختك الوحيدة كدة
- انا معنديش اخوات، ماتوا
- لاه لاه، هتموتني وانا لسة عايشة، للدرجة دي بتكرهني!
قالتها بحزن زائف، فقال بنفاذ صبر.

- عايزة اية يا عايدة، انجزي
- عرفت انك عايز ورق القصر، عايز الورق لية؟
- عرفتي منين؟
سألها بحدة، فقهقهت وقالت بتباهي
- كل صغيرة وكبيرة بتحصل بعرفها من مصادري الخاصة، ها، انت مردتش على سؤالي
- انتِ عارفة جوابي
- اممم، بس انا مش هسمحلك تاخد القصر دة يا اخويا
- نعم!
- انت عارف اني بخطط عشان اتجوز الشيطان، والقصر دة هيبقى بتاعي لأني هبقى مراته و...
- انتِ خيالك واسع
قاطعها جلال بتهكم واكمل.

- عمر ما الشيطان فكر فيكِ ولا عمره هيتجوزك عشان هو عارف دماغك وعارف انتِ عايزه توصلي لأية
اغاظها قوله واشعرها بالغضب من تلك الحقيقة، فقالت بحزم
- استنى عليا، انا هتجوزه واصبر وشوف
- هستنى واشوف
قالها ببرود قبل ان يغلق الخط، بينما هي القت بالهاتف على السرير بغضب وهي تتمتم
- هتشوف يا جلال، هتشوف.

طرقت ريحانة بقبضتها على باب مكتبه عدة مرات ثم دخلت بعد سماع اذنه لدخولها، تقدمت منه ببطئ وهي تشعر بالإرتباك والتردد، رفع نظراته لها وتابعها حتى جلست على المقعد المقابل له، ظلت صامتة وهي تبحث عن بداية لحديثها ولكنها لم تجد.
- لو هتقولي حاجة قولي لو مش هتقولي اخرجي
قالها بجمود وهو يعيد انظاره الباردة إلى الكتاب الذي يمسكه بين يديه، فرفعت نظراتها له وقالت بتلعثم.

- هو انا، كنت عايزة، اطلب، قصدي اسألك عن حاجة
ظل صامت، فأرتبكت اكثر فشبكت اناملها ببعضهم بتوتر وهي تقول بجزع
- انا عارفه ان السؤال ميخصنيش ومليش اسأل فيه بس هو سؤال محيرني، المهم..
- ايوة، المهم
قالها بنفاذ صبر وهو يرفع نظراته لها، فأبتلعت ريقها بصعوبة وقبل ان تخرج حروفها التفتت للباب بعد ان سمعت طرقات احدهم عليه
- ادخل.

قالها الشيطان امرا، فدخلت عايدة وتوقفت عندما رأت ريحانة معه، فشعرت بالضيق ولكنها لم تظهر ضيقها حيث تقدمت وجلست على المقعد المقابل ل ريحانة، وضعت قدم على آخرى
- جيتي لية؟
سألها الشيطان بجفاء، فإبتسمت عايدة وهي تنقل نظراتها له وتقول بدلع مستفز
- كنت جاية اطمن عليك واشوفك، اصلك وحشتني
- عايدة
قالها بصرامة وهو يضع الكتاب على مكتبه بعنف، فإتسعت إبتسامتها وقالت بوقاحة ممزوجة بالدلع
- يا عيون عايدة.

نظرت لها ريحانة بإستحقار لأسلوبها الوقح، بينما كور الشيطان قبضته بنفاذ صبر قائلاً
- عايدة، قولي عايزة اية، مش فاضيلك
- يعني مش فاضيلي وفاضلها!
قالتها بحزن غليظ، فتحولت نظراته للحدة واتى ان ينهض فسبقته عايدة بقولها وهي تضحك
- خلاص هقول، بس متتعبش نفسك وتقوملي
رمقها بغضب فقالت وهي تنظر لريحانة بإحتقار آمرة اياها.

- عايزة نتكلم لوحدنا، اطلعي برة
نظرت لها ريحانة بإحراج ومن ثم نقلت نظراتها له ونهضت بصمت، قبل ان تخطوا خطوة واحدة قال الشيطان بحزم
- اقعدي
نظرت له ريحانة ببلاهة وظلت واقفة، فأعاد ما قال بحدة
- قلت اقعدي، مش سامعة!
جلست وهي تنظر له بجزع، بينما نظرت له عايدة بغيظ، قالت ببرود مصطنع
- خلاص، عايزها تسمع اللي هقوله، براحتك
وصمتت لبرهة قبل ان تقول.

- مش عايز تحقق امنية امك بقى وتتجوز، اصل انا عندي واحدة هتعجبك
نظر لها ببرود وقال بصوته الاجش
- بتتخطي حدودك
- مفيش حدود بين الأخوات
- اخوات!
قالها بتهكم، فصمتت عايدة لبرهة قبل ان تقول بجدية
- بص، من غير لف ودوران، انت عارف اني بحبك وعايزة اتجوزك و...
اتسعت مقلتي ريحانة في ذهول مما قالته عايدة، بينما قاطعها الشيطان عندما قهقه بسخرية وهو يقول
- مش كنا اخوات من دقيقة!

- انت عارف ان انا وانت مش اخوات إلا اسما، لأني انا اتولدت من ام و اب غير امك وابوك
- مش حاسة بالإحراج من نفسك!، مش مكسوفة!
- لا مش حاسة بأي احراج او كسوف عشان...
قاطعها
- عشان الفلوس والثروة هتعملي اي حاجة
- لا، عشان بحبك
- عليا يا عايدة!، دة انتِ بنت بهجت بيه
- بنت بهجت في الدم بس تربيه امك
اظلمت عينيه فجأة ولاحظت ريحانة ذلك، بينما اكملت عايدة بطريقة مستفزة.

- فبالتالي انا طالعة بجحة ومش بتكسف زي امك فهي المربياني، وزي ما بيقول المثل اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها
- عايدة
ناداها بهدوء مخيف تحذيري، بينما اكملت عايدة بلا مبالاة
- فاللأسف انا طالعة لأمك في طباعها السيئة كلها، اصلا معتقدش ان في اي صفة حلوة فيها
- عايدة، حاسبي على كلامك.

قالها بأنفاس لاهثة غاضية وهو يكور قبضته ببطئ والغضب بدأ يتملكه، بل تملكه، فإرتسمت إبتسامة جانبية متسلية على وجه عايدة وهي تقول ببراءة
- مالك؟، هو انا بقول حاجة غلط او بتبلى عليها مثلا!
نظرت امامها ببرود واكملت بطريقتها المستفزة
- واصلا انت عارف ان كلامي صح، ولا عايزني افكرك بالماضي اللي مضى!
- برة يا عايدة.

قالها بهدوء مناقض لنبرته الخشنة، في حين كانت ريحانة تتابعه بنظراتها المترقبة لتعابير وجهه ونظراته الغريبة الذي يحاول أخفائها خلف نظراته الحادة الغاضبة، انتفضت بفزع عندما هتف بغضب جامح
- اطلعي برة يا عايدة
شعرت عايدة بالخوف ونهضت لتغادر سريعاً، بينما ظلت ريحانة جالسة في مكانها وهي مخفضة الرأس، لا تعرف ماذا تفعل.
- ريحانة.

قالها من بين تنفسه الخشن، فرفعت نظراتها له ببطئ وتوجس في حين تسارعت دقات قلبها وتملكها ذلك الشعور مرة آخرى.
- اطلعي برة
- نعم!
قالتها ببلاهة، فضرب المكتب بقبضته وهو يقول بغضب
- بقول اطلعي برة
نهضت بسرعة وهي تشعر بالخوف وإتجهت للباب بخطوات سريعة متعثرة، وضعت كفها المرتجف على مقبض الباب وبرمته وخرجت، وقفت امام باب مكتبه، فسمعت صوت إرتطام زجاج على الأرض، فتراجعت للخلف بدهشة وصعدت السلالم بسرعة.

كان صدره يعلو ويهبط من سرعة تنفسه الخشن العنيف، وعيناه مظلمة كسواد الليل وكلمات عايدة السيئة عن والدته تتردد في اذنه، فهو لا يتحمل سماع اي كلمة عنها لذلك هو غاضب، امسك بسيجارته الفاخرة واشعلها ووضعها بين شفتيه ثم ابعدها ونفث دخانها بغضب.

مساءً
مستلقية على السرير، تنظر للهاوية وهي ساهمة، حيث كانت تفكر في امور عدة ومنهم الشيطان وعايدة، كيف لعايدة ان تحب شقيقها!، تذكرت كلمات عايدة انت عارف ان انا وانت مش اخوات إلا اسما، لأني انا اتولدت من ام و اب غير امك و ابوك، اعادت تكرار هذه الكلمات حتى فهمت ما علاقتهم ببعض، فأعتدلت جالسة وهي تحدث نفسها بصوت مسموع.

- يعني اللي فهمته ان الشيطان وعايدة مش اخوات، و لما قالت انها جت من ام واب غير امه وابوه يعني مفيش غير حاجتين، يا اما امه اتجوزت ابوها او ابوه اتجوز امها وبقوا اخوات بالأسم بس
ثم صمتت للحظات لتتعمق في التفكير
- هي قالت ان امه ربته، ودة معناه ان ام الشيطان اتجوزت ابو عايدة، فبالتالي امه ربتها
تنهدت بضيق وهي تحك جبينها وتكمل
- بس هي لية قالت عليها الكلام دة؟، اكيد في سبب.

عادت برأسها لوسادتها وصمتت لدقائق قبل ان تضيق عينيها قليلا وهي تتسائل
- اممم هو ممكن تكون حالة الشيطان اللي عليها دلوقتي بسبب امه؟!
هزت رأسها بعنف وهي تتأفف
- و انا مالي، مش لازم اعرف السبب ورا اي حاجة بتحصل او حصلت، انا ههرب من هنا ومش هرجع فمش هستفاد لو عرفت
بعد ان انهت جملتها اعتدلت وقالت بتبرم
- بس المشكلة، عندي فضول اعرف.

مسحت وجهها بعنف وهي تنهض، ظلت واقفة حين عصف برأسها سؤال لم يضيف لها شيئا سوا زيادة حيرتها
- طب هو جلال جه منين؟

امسك جلال بهاتفه ونظر للأسم الذي يتصل به وعلى وجهه إبتسامة خبيثة، قال
- كنت مستني اتصالك
وضع الهاتف على اذنه وقال
- عز الدين بية بيتصل بنفسه، واحشني يا خال
- فين الورق يا جلال؟
قالها عز الدين بحدة بعد ان تجاهل قول جلال، فرد الأخير بعدم فهم مصطنع
- ورق اية يا خال؟
- الورق الخليت ابني يسرقه
- انت قولت، أبنك اللي سرق، فأسأله وداه فين
- الورق معاك يا جلال، انا عارف
- انت بتظلمني.

- مش بظلمك، الورق معاك لأن ايمن سرقه من عندي وادهولك
- طب المطلوب؟
- رجع الورق
- اممم والمقابل
- المقابل!
- ايوة
- الورق دة ميخصكش يا جلال، رجعه
- ما انا عارف انه ميخصنيش عشان كدة اخدته، ولو عايزه، أنت عارف بقى
- عايز كام يا جلال
- مش عايز فلوس
- نعم!
- عايز العُقد
- نعم!
قالها عز الدين بصدمة وهو يسعل، بينما اكمل
- اي عُقد؟
- بتاع فيروز هانم، الله يرحمها
- مش معايا.

- ما انا عارف انه مش معاك، بس هتقدر تطلبه من الشيطان
- مستحيل اطلبه
- خلاص، قول سلام على ورق صفقتك اللي حطيت فيها كل فلوسك وثروتك
وفور انتهائه من قول جملته اغلق الخط ونظر من خلف زجاج الشرفة بإنتصار قائلاً
- ومن هنا، هنبدأ اللعب صح
إتجه للأريكة وجلس، فأعلن هاتفه عن وصول رسالة، ففتحها وقرأها فتحولت ملامح وجهه للغضب.

نهضت ريحانة من فوق السرير على اثر سماعها لضجة كبيرة في الخارج، تقدمت من الباب وخرجت، توقفت لثوان ثم تقدمت متجهة للسلم في حين كانت عايدة تنزل، فأوقفتها ريحانة وسألتها
- هي اية الدوشة اللي تحت دي؟
نظرت لها عايدة ببرود وقالت
- معرفش، انا هنزل واشوف
وتركتها ونزلت فتبعتها ريحانة وهي تشعر بالقلق
- في اية؟

قالتها عايدة وهي تنظر لذلك الرجل الذي يركع على الأرض امام الشيطان ويبدو انه نال الكثير من الضرب، في حين رفع الشيطان نظراته الحادة لناحيتها سرعان ما اعادها للرجل هاتفاً بتحذير
- ولأخر مرة هسألك، مين اللي باعتك كجاسوس لهنا، قول
نظر له الرجل بخوف ولم يرد، فتنفس الشيطان بخشونة ومن ثم قال بهدوء غاضب
- شكلك مش خايف وحابب تموت، ماشي.

فتقدم الحارس ومد كفه الممسك بالمسدس لسيده، فأخذه الشيطان ووضع سباطة المسدس على رأس الرجل، فبكى الاخير مترجياً اياه بقوله
- لا، لا يا سيدنا، متموتنيش، انا عندي عيال وعايز اربيهم، ابوس ايدك
تبع قول الرجل إمساك يد الشيطان ليقبلها، فدفعه الاخير بقوة فوقع الرجل على الأرض بينما قال الشيطان
- اخر فرصة، هتقول ولا؟
ظل الرجل صامتا، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية شريرة
- براحتك، أنت اللي اخترت مصيرك.

و بعد ان انهى جملته سحب المطرقة بأصبعه للخلف فأصبح المسدس جاهز للإطلاق.
كانت ريحانة تتابع ما يحدث وهي تشعر بالشفقة على الرجل، اندفعت ناحية الشيطان ووقفت امامه قبل ان يضغط على الزناد، فنظر لها بقسوة بينما قالت هي بشجاعة لم تدرك من اين اتت بها
- متقتلهوش، حرام
- ابعدي
- حرام يا بيجاد تقتله، هو مأجرمش
- قلت ابعدي
صرخ بها، فقالت بعناد
- مش هبعد، حرام تموت الناس
- دة خاين، والخاين نهايته القتل بالنسبة ليا.

ارتجف جسدها لكلماته وشعرت ببعض من الخوف ولكنها تخلصت من شعورها الأخير وقالت برجاء
- سامحه، سامحه عشان عياله، حرام يكبروا من غير ابوهم
إبتسم الشيطان بتهكم وقال
- اسامحه!، مفيش حاجة اسمها مسامحة عندي
- خلاص، اقتلني قبله
قالتها بحزم، فنظر لها ببرود وقال بجفاء
- هقتلك قبله
وضع اصبعه على الزناد، فأغمضت عينيها بخوف
- خلاص، هقول كل حاجة.

قالها الرجل قبل ان يضغط الشيطان على زناد المسدس، فنظر له الشيطان بينما اكمل الرجل بتردد
- السيد جلال، هو اللي باعتني، ومش لوحدي
فتحت ريحانة عينيها بسرعة واستدارت لتنظر للرجل بصدمة، بينما قال الشيطان
- مش لوحدك!
نظر الرجل لريحانة بطريقة غريبة وصمت، فحثه الشيطان
- كمل
فنظرت ريحانة للرجل برجاء وخوف قبل ان ينقل الرجل نظراته للشيطان بإصرار..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة