رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الرابع عشر
نقل الرجل نظراته بين ريحانة والشيطان ومن ثم رفع اصبعه ببطئ لناحية ريحانة وقبل ان يشير اليها انطلقت رصاصة غدر مرت برأسه، فصرخت ريحانة بفزع متسعة العينين وهي تنظر للرجل بصدمة بعد ان رأت الرصاصة تخرج من جبينه، في حين التفتوا الحراس ونظروا لمصدر انطلاق الرصاصة فلمحوا احدهم وهو يهرب.
- وراه.
هتف بها الشيطان امرا بقوة، فنفذ الحراس اوامره، في حين اقترب الشيطان من جثة الرجل وجثى على ركبته ومد يده ممسكاً بمعصمه يستشعر نبضه، القاه بغضب هامساً بحنق
- قتلوه
كانت عايدة تتابع ما يحدث ببرود حيث كانت ملامحها خاليه من اي تعبير بعكس ريحانة الذي تكسو ملامحها الصدمة والفزع مما حدث.
ساد الصمت في القصر قبل ان يتعالى صوت الطلقات النارية خارج القصر، فأنتفضت ريحانة بخوف وعادت للوراء بخطوات مرتجفة وهي تشعر بأصوات طلقات النار تقترب، واثناء تراجعها وقعت على الأرض في حين دخل المسلحين لداخل القصر وهم حاملين اسلحتهم ويوجهوها لناحيه الشيطان فرفعت نظراتها المهتزة التي تلمع بالدموع له، بينما كان ينظر الاخر لهم ببرود جليدي.
- ارمي السلاح و إلا هموتك.
قالها قائدهم للشيطان، فإبتسم الاخير بإستخفاف، القى بسلاحه على الأرض وقال بهدوء مخيف
- حابب تلعب في عداد موتك
بعد ان انهى جملته رفع احدى ذراعيه واشار بحركة معينة فظهر حراسه من خلفه في حين التقط سلاحه الذي القاه ونهض وهو يوجهه سباطة المسدس لناحية قائدهم، قال ببطء
- مين اللي باعتك؟
لم يجبه على سؤاله بل امره ب
- نزل سلاحك انت و حراسك
- مدام الاسلحة طلعت يعني مش هتنزل إلا بعد موت حد من الطرفين.
قالها الشيطان بجمود وقد لمعت عينيه ببريق شيطاني مخيف، ضغط على زناد المسدس دون سابق انذار فأنطلقت رصاصة واستقرت في صدر قائدهم، وبدأ الحرب بين الطرفين، فزحفت ريحانة للخلف حتى اختبئت في الزاوية وزادت في بكائها مع ازدياد إرتجاف جسدها الملحوظ، وضعت كفيها على اذنيها بقوة واغمضت عينيها، بينما صعدت عايدة السلالم بسرعة لتختبئ.
دام إطلاق النيران لفترة قصيرة وإنتهى على قتل جميع الرجال المسلحين وإصابه بعض من حراس الشيطان.
القى الشيطان بسلاحه على الأرض و هو يلهث ومن ثم مرر نظراته الهادئة لكل تلك الجثث الراقدة على الأرض، و من ثم التفتت وتقدم بخطوات ثابتة لمكتبه لكن ما لبث ان توقف واستدار برأسه ناظراً للزاوية فوجدها على حالتها تلك، هرع اليها وهو يسب بداخله، جثى على ركبتيه وهو يمسكها من كتفيها ويسألها بلهفة وقلق
- انتِ كويسة؟
نظرت له بخوف ودموعها تسيل على وجنتيها في حين مددت يديها المرتجفتين وامسكته من قميصه، قالت بين شهقاتها
- انا خايفة
ظل ينظر لها بتعاطف حتى إبتسم بدفئ بعد لحظات، همس
- متخافيش، انا معاكِ، تعالي
اومأت برأسها، فنهض وامسك بكفها بين كفه وساعدها على النهوض؛ وقفت على قدميها ونظرت له ببراءة عيونها اللامعة بالدموع، قالت بصوت مرتجف وهي تتشبث به
- متسبنيش.
وضع يده الأخرى على خصرها وسار بها لإتجاة السلم واثناء سيرها كانت تتجنب النظر للجثث والدماء ولكن عينيها خانتها ونظرت لهم فأغمضت عينيها بقوة وتشيثت به اكثر، شعر بإرتجافها القوي بين ذراعيه فنظر لها من فوق ثم مال قليلا وحملها بين ذراعيه واكمل السير، فنظرت له لبرهة قبل ان تسند رأسها على كتفه بإرتخاء.
- موتناه
قالها احدهم لجلال عبر الهاتف، فإبتسم جلال بينما اكمل الآخر
- بس خسرنا العشر رجالة اللي بعتناهم
- مش مهم اللي ماتوا، اهم حاجة ان حقيقة ريحانة متكشفتش
قالها جلال بجمود، فرد الآخر بتساؤل
- لية مش عايز تكشف حقيقة ريحانة؟
- مش دة الوقت الصح عشان اكشف حقيقتها
- يعني انت ناوي تكشف حقيقتها؟
قالها الآخر بتساؤل وحيرة اكثر، فلمعت عيني جلال بغموض وهو يقول ببرود
- متسألش في اللي ملكش فيه، سلام.
بعد ان انهى جملته اغلق الخط ووضع الهاتف على الكومود وهو يريح جسده على السرير.
اجلسها على السرير بحذر ولطف ليجلس بعدها بجانبها وهو يتطلع اليها، بينما ضمت ريحانة كفيها وضغطت عليهما لتوقف ارتجافهما فلاحظ هو ذلك، فمد كفه ووضعه على كفيها فرفعت حدقتيها اليه، في حين سألها
- لسة خايفة؟
- شوية
- الموضوع خلص فالخوف ملهوش لازمة
اومأت برأسها بعدم ثقة وهي تخفض رأسها، ساد الصمت لبرهة قبل ان تصعد على السرير وتنام في مكانها.
اشرقت شمس يوم جديد
فتح عينيه وهو يشعر بأنفاسها على رقبته فنظر لها من فوق، كانت نائمة في احضانه حيث كانت تدفن وجهها في رقبته لتستنشق رائحته وكانت تضع احدى كفيها على صدره وهي ممسكة بقميصه بخفة، والأخرى خلف اذنه، فنظر للهاوية وهو يتذكر ما حدث بالأمس.
كان جالساً على الأريكة يحدق بها بوجه متجهم، كان يتذكر حالتها عندما كانت خائفة، لا ينكر قلقه عليها، اغمض عينيه وهو يتنفس بإضطراب في حين إنتابه ذلك الشعور الذي راوده وهي بين يديه، فللحظة شعر انها طفلته الصغيرة التي تحتاج للأمان والدفئ والأحتواء؛ فتح عينيه وهو يتخلص من مشاعره المتضاربة، نهض بضيق وإتجه للسرير واستلقى في مكانه، اغمض عينيه وهو يتجنب النظر لها او الألتفات، لكن بعد دقائق شعر بيدها على صدره ففتح عينيه ونظر لها فوجدها تنظر له بعيون ناعسة وهي ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة فعلم انها في مرحلة ما بين النوم واليقظة، فأعاد نظراته للهاوية فشعر برأسها التي تضعها على صدره ليعود لينظر لها من جديد فوجدها نائمة، فتنهد بعمق وهو يشعر بالتخبط في مشاعره!
بدأت تستقيظ حيث فتحت عينيها ببطء وهي تشم رائحته فرفعت رأسها فتقابلت اعينهما
- انت...
قالتها بهدوء قبل ان تتوقف عن إكمالها حيث اتسعت مقلتيها بصدمة وابتعدت عنه سريعا، فأعتدل قليلا وهو ينظر لها بسخرية متسائلاً
- مالك؟!
- انت كنت بتعمل اية؟
قالتها ريحانة بتلعثم، فإبتسم إبتسامة جانبية وقال بخبث
- برأيك، كنت بعمل اية
اتسعت مقلتيها بفزع وهي تتخيل ما حدث، نظرت لجسدها هامسة بقلق
- انت عملت اية؟
اعادت نظراتها له وقالت بحدة
- انت استغلتني
- استغليتك!
قالها بتهكم وضحك بقوة، نهض ولاواها ظهره بينما اكملت بحزن وقهر
- يعني عشان كنت خايفة وطلبت منك متسبنيش، تستغلني!
نظر لها من فوق بجمود، بينما لمعت عينيها بالدموع وهي تكمل بضعف
- انت حقير
التفت وجذبها من ذراعها بقسوة قائلاً بحدة
- لو عايز استغلك هستغلك في اي وقت انا عايزه، فمش هستنى الوقت اللي هتبقي ضعيفة فيه.
اخفضت رأسها وهي تتألم من قبضته، فوضعت يدها على يده وحاولت إفلات ذراعها من قبضته فسمح بذلك في حين تركها وابتعد عنها.
دخلت ريحانة غرفة الطعام وجلست في مقعدها فتقدمت الخادمة وسألت كالعادة
- تحبي احط لحضرتك الفطور؟
نظرت لها ريحانة واومأت برأسها، بعد ان انتهت الخادمة من تقديم الطعام سألتها ريحانة بتردد
- هو الشيطان مش هيفطر؟
- لا
هزت رأسها وهي تنظر لطبقها ومن ثم بدأت في تناول طعامها في حين عادت الخادمة للخلف وبعد دقائق دخلت عايدة لغرفة الطعام وجلست في احدى المقاعد المقابلة لريحانة
- انسة عايدة!
قالتها الخادمة بدهشة بينما رفعت ريحانة نظراتها ونظرت لعايدة بهدوء، فقالت عايدة للخادمة
- حطيلي افطر
- بس...
قاطعتها عايدة بحدة
- قلت حطيلي افطر
اخفضت الخادمة رأسها وتمتمت بخضوع
- حاضر
قدمت لها الطعام ثم عادت للخلف فأتت احدى الخادمات وطلبتها فأستأذنت وغادرت، فظلت عايدة وريحانة بمفردهما.
- كان اية شعورك قبل ما يموت الراجل اللي كان هيعترف عليكِ ويفضحك؟
قالتها عايدة بعد ان بلعت الطعام، فنظرت لها ريحانة بينما اكملت عايدة وهي تنظر لها
- اكيد كنتِ خايفة زي الكتكوت
تضايقت ريحانة من كلماتها ولكنها لم تظهر ذلك، بينما اكملت عايدة
- تعرفي، انتِ لازم تشكري جلال
نظرت لها ريحانة بإستغراب و قالت
- جلال!
- ايوة، هو اللي بعت المسلحين عشان يقتلوا الراجل اللي كان هيكشفك
- و انتِ عرفتي منين؟
- مصادري الخاصة.
تنهدت ريحانة وهي تنظر لطبقها وعادت للأكل، فساد الصمت لدقائق قبل ان تقطعه عايدة بسؤالها
- انتِ لسة بتحبي جلال؟
نظرت لها ريحانة بإستغراب وقالت
- لية بتسألي؟
- هتجاوبي؟
صمتت ريحانة، فإبتسمت عايدة بسخرية وقالت بخبث
- اممم، ساكتة لية؟ مش عارفة تجاوبي ولا اية؟
نظرت لها ريحانة ببرود وقالت
- بتسألي اسئلة ملكيش فيها
قهقهت عايدة وقالت
- خلاص، عرفت الجواب
- الجواب!
تمتمت ريحانة بعدم فهم، فوضعت عايدة قطعة الخبز في فمها وانتظرت حتى بلعتها لتقول
- بس تعرفي، جلال مش هيسكت
- انا مش فهماكِ، اتكلمي بوضوح
قالتها ريحانة بضيق، فإبتسمت عايدة إبتسامة جانبية وقالت بغموض
- عمرك ما هتفهمي طول ما انتِ مغمضة عنيكِ
بعد ان انهت عايدة جملتها، نهضت وغادرت تاركة ريحانة في حيرة.
دخل الحارس و اخبر الشيطان ب
- السيد عز الدين برة
- دخله
بعد ثواني دخل عز الدين لمكتب الشيطان وجلس على الكرسي المقابل لمكتب الشيطان
- سمعت عن الحصل، انت كويس؟
قالها عز الدين بلهفة، فرد الشيطان بهدوء
- كويس
- عرفت مين اللي ورا دة؟
- مفيش غيره، جلال
قالها الشيطان بسخرية، فصمت عز الدين لبرهة قبل ان يقول بتردد
- بما انك جبت سيرة جلال، في حاجة عايز اقولها عنه
- قول.
بلع عز الدين ريقه بصعوبة وتوتر قبل ان يقول بجزع
- جلال عايز العُقد
- العُقد!
- عُقد امك فيروز
صمت الشيطان، فأكمل عز الدين بآسى وهو مخفض الرأس
- ابني ايمن سرق ورق الصفقة الأخيرة اللي حطيت فيها كل فلوسي واداها لجلال ولما طلبت من جلال يرجعهالي ساومني وطلب مني العقد و...
- هدهولك
قاطعه الشيطان بقوله الذي صدم عز الدين حيث رفع رأسه وقال بعدم تصديق
- هتدهولي!
- ايوة، هدهولك
اقترب واسند مرفقيه على مكتبه ليضيف بخبث.
- بس هيبقى، عُقد مزيف
نظر له عز الدين بعدم فهم، فإبتسم الشيطان بشر.
- اهي الفلوس
قالها جلال وهو يفتح احدى الحقيبتين التي تمتلأ بالنقود، فنظر له الآخر وإبتسم
- المليون ونص؟
- ايوة، لو مش مأمن اتأكد
- هتأكد
بعد ان تأكد الآخر من إكتمال عدد النقود، قال
- اتأكدت، الفلوس كاملة
- اكيد، دة انا جلال يا بيبرس، يعني مش هضحك عليك
- اكيد مش هتضحك عليا، وصحيح لو عايز صفقة سلاح جديد انا تحت امرك
- اكيد يا بيبرس
قالها بمكر قبل ان يلتفت بوجهه ويبتسم بإنتصار.
خرج الشيطان من مكتبه مع عز الدين وسار في الممر في حين خرجت ريحانة من غرفة الطعام وسارت في الممر فتقابلوا، توقفت وظلت تنظر له بينما نظر لها الشيطان بطرف عينيه ببرود واكمل طريقه، فشعرت بالضيق ولكنها تخلصت من شعورها سريعاً حيث صعدت للجناح ودخلته، جلست على الأريكة وشردت في اقوال عايدة التي سببت لها الحيرة.
بعد مرور الوقت
دخلت زهرة للجناح بعد ان سمعت الأذن من ريحانة تقدمت منها وقالت
- انسة ريحانة
نظرت لها ريحانة، فأكملت زهرة
- الورق، دورتي عليه؟
تنهدت ريحانة وقالت
- مدورتش على حاجة
صمتت زهرة لبرهة قبل ان تقول
- طب السيد جلال بيستعجلك عشان خلال يوم او يومين هيرجع
- بدري كدة!
قالتها ريحانة بإستغراب، فأومأت زهرة برأسها وهي تقول
- انا قلتلك انه هيغيب اسبوع او كام يوم بس.
هزت ريحانة رأسها و من ثم صمتت، عادت لتسأل لكن بتردد هذه المرة
- الشيطان رجع؟
- لا
- كويس، انا هقوم ادور على الورق
اومأت زهرة برأسها وقالت
- بس حاسبي
اومأت ريحانة برأسها وهي تنهض في حين غادرت زهرة، إتجهت ريحانة للخزانة وفتحت الدلفة الوسطى بسهولة وبدأت في البحث عن الأوراق المطلوبة.
عاد الشيطان للقصر بعد ان انهى عدة امور مع عز الدين، إتجه لمكتبه ودخله ليأخذ بعض الأوراق من ثم خرج وإتجه للسلالم ليصعدها حتى وصل للطابق الذي يوجد به جناحه.
كانت ريحانة تبحث عن الأوراق المطلوبة من بين اوراق أخرى كثيرة، فأخذت مجموعة منهم وبدأت في البحث ولكنها لم تجد ما تريد من بينهم فأعادتهم واخذت مجموعة آخرى واصبحت تبحث، توقفت عند احدى الورقات عندما قرأت اسم جلال في بدايتها والتي كانت تكشف عن الكثير من حقائق جلال، فشعرت بالفضول لتقرأ ما في هذه الورقة وبدأت في القراءة، فتغيرت ملامحها للصدمة مع كل حرف قرأته.
انتفضت من مكانها بفزع وهي تنظر للباب الذي فُتِح فجأة.