قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس عشر

كانت زهرة تسير في الطابق الرئيسي للقصر وهي تحمل صينية وتتجه بها للسلم، قبل ان تكمل صعودها توقفت والتزمت الصمت لكي تتعرف على من الذي يصعد خلفها، فنظرت خلفها فوجدت الشيطان يصعد وهو مازال في الطابق الأول، فألتفتت ونظرت إتجاه جناحه وإتسعت مقلتيها بفزع على ان تُكشف ريحانة، فأسرعت لجناحه ودخلته دون ان تطرق الباب وهذا ما سبب لريحانة الفزع.

وصل الشيطان للطابق الثاني وإتجه لجناحه
- شيطان
قالتها عايدة وهي تقف عند نهاية السلم، فتوقف واستدار ببرود ناظرا لها بينما تقدمت هي منه حتى وقفت امامه وقالت
- معرفتش احصلك النهاردة، كنت فين؟
- ملكيش دعوة
تخطت إحراجه لها وسألته
- صحيح، عرفت مين اللي ورا الحصل إمبارح؟
- انتِ عارفة كويس هو مين اللي ورا الحصل
- انا!، دة انا معرفش حاجة
قالتها بدهشة كاذبة، اضاق عينيه وهو يقول بتهكم.

- يعني مش عارفة ان اخوكي جلال هو اللي ورا الحصل!
- جلال!، مستحيل
قالتها بصدمة مصطنعة، فنظر لها من طرف عينيه ببرود قبل ان يتركها ويتجه لجناحه، فتأففت عايدة بغضب وهي تصعد السلم.

اغلقت زهرة الخزانة بعد ان اعادت كل الأوراق لمكانها، التفتت وتقدمت من ريحانة وهي تتردد في حين كانت ريحانة جالسة على السرير وهي تنظر للأرض والصدمة مازالت تتملكها
- اسفة
قالتها زهرة بأسف وهي مخفضة الرأس، رفعت رأسها ونظرت لريحانة فشعرت بالشفقة والحزن بعد ان رأت دموعها التي تحبسها بين جفونها، فأكملت زهرة بندم
- مكنش لازم اقولك على الحقيقة بس انا اتضايقت عليكِ وحسيت بالشف...

- مش عايزة اسمع حاجة، سيبيني لوحدي يا زهرة
قاطعتها ريحانة بصوت متحشرج وهي مازالت على وضعها، فظلت زهرة تنظر لها بإحباط قبل ان تتراجع ببضع خطوات للخلف
- حاضر، عن اذنك.

واخذت الصينية من فوق الكومود وإتجهت للباب، توقفت امامه والتفتت برأسها لريحانة وهي تشعر بالأسف عليها من ثم نظرت امامها ووضعت كفها على مقبض الباب وقبل ان تبرمه وجدت احدهم يبرمه من الخارج، ففُتِح الباب وظهر الشيطان، فأخفضت زهرة رأسها إحتراما له وهي تتراجع ببضع خطوات للخلف، نظر لها الشيطان بهدوء، فقالت بخفوت
- عن اذنك
اومأ برأسه فتخطته وغادرت، تقدم للداخل وهو يبحث عنها بعينيه فوجدها جالسة على السرير.

- مالك؟
سألها الشيطان بهدوء بعد ان لمح شحوب وجهها، فرفعت نظراتها له وقالن بخفوت لا حياة فيه
- مفيش حاجة.

انهت جملتها ولاوته ظهرها وهي تستلقي على السرير تحت انظاره التي تراقبها بعيون ضيقة، تقدم ببعض من التردد وامسك بالغطاء واضعه على جسدها فأغمضت عينيها وسالت دموعها على وجنتيها فحدق بها للحظات قبل ان يجلس على حافة السرير ويمد كفه على وجنتها ليمسح دموعها ففتحت عينيها ببطء ونظرت له بعيون يسكنها الحزن والخيبة، قال بهدوء زائف يخفي خلفه قلقه
- لسة خايفة من الحصل؟

نقلت نظراتها لكفه الذي يحتضن وجنتها ثم عادت ونظرت لوجهه، صمتت لبرهة قبل ان تبلع ريقها وتقول بهمس كان له اثر عميق جدا بداخله
- ممكن تحضني!
ظل يحدق بها دون ان ينطق بكلمة، فتراجعت للخلف وامسكت بكفه وجذبته بضعف، خلع حذائه واستلقى على السرير بجانبها، فأقتربت منه وخبأت جسدها الصغير بين احضانه، فحاوطها بذراعيه وربت على ظهرها بلطف، فأصبحت تبكي بألم وهي تتذكر كل كلمة قالتها لها زهرة منذ دقائق.

اعادت ريحانة نظراتها للأوراق في حين تقدمت زهرة بخطوات سريعة حتى توقفت لتضع الصينية على الكومود في حين كانت تقول من بين انفاسها اللاهثة
- الشيطان طالع، لازم نشيل الورق بسرعة
تقدمت بخطوات مُتعجلة من ريحانة التي تقف امام الخزانة وهي تكمل
- لحسن حظنا ان الحارس اللي برة مش موجود.

انهت جملتها وهي تأخذ من ريحانة الأوراق لتعيديها مكانها ولكنها توقفت ونظرت للأوراق بصدمة فنقلت نظراتها سريعًا لريحانة التي تغيرت ملامحها للصدمة وهي تقول
- الكلام اللي مكتوب عن جلال، حقيقي؟
ظلت زهرة تحدق بها بحيرة، فماذا ستجيب؟ اتقول الحقيقة ام ماذا؟!، أعادت ريحانة سؤالها برجاء
- زهرة، قوليلي الحقيقة، الكلام المكتوب دة، حقيقي؟
ظلت زهرة صامتة، فمدت ريحانة كفها بخشونة وامسكت بذقن زهرة بحدة رافعته اليها.

- الكلام دة كله غلط، صح؟، قوليلي انه كذب
نظرت لها زهرة بنظرات زائغة، فتراجعت ريحانة للخلف وهي تهز رأسها نفيا في حين تقول بإستنكار وعدم تصديق
- جلال مش كدة، جلال عمره ما يبيع سلاح او يقتل حد او ينصب، جلال عمره ما عمل اي حاجة من دي، انا عارفاه ومتأكدة ان...
قاطعتها زهرة بصوتها المرتفع نسبيا، والمنفعل.

- لا السيد جلال كدة، السيد جلال بيبيع السلاح وبيقتل الناس وبينصب وبيعمل علاقات مع عشيقاته وبيخدع وبيشتري البنات، زي ما اشتراكِ
اتسعت مقلتي ريحانة في صدمة، في حين تنهدت زهرة وهي تنظر لريحانة بشفقة، اضافت بهدوء
- السيد جلال مش ملاك زي ما انتِ شايفاه، دة العن من الشيطان نفسه
تراجعت ريحانة وهي تشعر بأنها صُعفت للتو، جلست على السرير بإهمال في حين التفتت زهرة وجمعت باقي الأوراق واعادتهم مكانهم.

قبضت على قميصه وهي تغمض عينيها بقوة في حين تزداد في بكائها وهذا ما سبب له القلق وظهر عليه حين قال
- ريحانة، مالك؟ انتِ تعبانة؟
- ايوة، انا تعبانة اوي
قالتها بصوت يكاد يسمع من بين شهقاتها، فأبعدها قليلا و قال بإهتمام ولهفة
- اية اللي واجعك
اقتربت اكثر ودفنت وجهها في صدره وهي تقول ببكاء
- مش جسمي الواجعني
ظهرت الحيرة على ملامحه بينما اكملت بتعب
- انا تعبانة، عايزة انام
من ثم اصبحت تبكي في صمت.

القى جلال بجسده على السرير وهو يتنهد بتعب، سرعان ما شرد، فقطع شروده صوت رنين هاتفه، فأخرجه من جيبه ونظر للشاشة، إبتسم بمكر وهو يرد
- ازيك يا خال
- الحمدالله، امتى هترجع القرية؟
- امممم، بعد يومين
- طب اول ما توصل القرية تعال لي
اعتدل جلال إلى وضع الجلوس وهو يقول بإستنكار
- اجيلك!، لا انت التجيلي
- انت العايز العُقد، يبقى تيجي وتاخده بنفسك ولو مش عايز تيجي يبقى العُقد راح عليك.

قالها عز الدين بغضب قبل ان يغلق الخط، فألقى جلال بهاتفه على السرير بغيظ ونهض.

ساد الظلام والهدوء في القرية.

فتحت عينيها بتثاقل ونظرت له، حركت حدقتيها بنظرات زائغة حولها وهي تتذكر ما حدث، فأعادت نظراتها له وحدقت به لبرهة قبل ان تبعد ذراعيه عنها بحذر وتنهض لخارج الجناح بهدوء.
في مطبخ القصر.

جلست زهرة على الكرسي وهي تتنهد بكبت، فمنذ ان قالت لريحانة عن الحقيقة، لم يكف عقلها عن التفكير، هي تشعر بالندم والشفقة على ريحانة؛ اخفضت رأسها وهي تمسح جبينها بكفها، وفجأة توقفت عن حركتها وهي ترفع نظراتها بإستغراب لريحانة التي تقف عند بداية المطبخ، فنهضت زهرة سريعا وهي تقول بقلق
- انسة ريحانة!، محتاجة حاجة؟

تقدمت ريحانة وجلست على الكرسي المقابل لكرسي زهرة، هلقت نظراتها للأخيرة بثبات وقالت بهدوء حاولت التحلي به
- اقعدي يا زهرة، عايزه اتكلم معاكِ
جلست زهرة على كرسيها ونظراتها معلقة بريحانة التي اكملت
- عايزاكِ تقوليلي كل حاجة عن جلال، عايزة اعرف الحقيقة
ظلت زهرة صامتة وهي تشعر بتردد والحيرة، أتخبرها ام لا؟، لاحظت ريحانة حيرتها، فنظرت لها برجاء، تنهدت زهرة بقوة قبل ان تتشجع وتسألها
- عايزة تعرفي اية بظبط؟

- كل حاجة، واولهم، ازاي جلال اشتراني
تنهدت زهرة مرة اخرى لكن بتثاقل، هزت رأسها ببطء
- مادام عايزة تعرفي ازاي السيد جلال اشتراكِ، فأنا هحكيلك الحصل من الأول
اومأت ريحانة برأسها وهي تعلم ان بعد ما ستسمعه عن جلال ستصاب بالإنهيار ولكنها ستتماسك، فهي تريد ان تعرف الحقيقة حتى لو هذه الحقيقة ستجعلها تتخلى عن حبها له.
نظرت زهرة للأرض وبدأت في سرد ما حدث منذ سنتين
- فاكرة الراجل الوصلك لقصر السيد جلال؟

اومأت ريحانة برأسها، فأكملت زهرة
- الراجل دة وداكِ عند السيد جلال وعرضك عليه مقابل فلوس صمتت لبرهة قبل ان تكمل بصعوبة وهي تخفض رأسها بحرج دة كان ابويا
تغيرت ملامح ريحانة للشحوب وساد الصمت لدقائق قبل ان تقول الأخيرة
- كملي
- وقتها السيد جلال وافق على عرض ابويا وشغلك في قصره كخدامة عادية وبعد فترة شغلك كخدامة خاصة له، والسمعته عن السيد جلال انه مش بيعين اي خدامة خاصة إلا لسبب معين.

عقدت ريحانة حاجبيها بإستغراب وهي تكرر بحذر
- سبب معين!
اومأت زهرة برأسها وهي تقول
- هتعرفي السبب وهتفهمي كل حاجة بعد ما اكملك
نظرت لها ريحانة بتركيز حيث اكملت زهرة
- في الفترة اللي كنتِ بتشتغلي فيها كخدامة خاصة كان السيد جلال بيشتري ادوية مهدئة وكان بيحطهالك في اي حاجة سايلة بتشربيها قبل ما تنامي
حدقت بها ريحانة بصدمة وهي تهتف
- نعم!، ادوية مهدئة؟
اومأت زهرة برأسها وهي ترفع نظراتها لريحانة وتكمل.

- السيد جلال عرف ان عندك عقدة من صغرك وانك بتخافي وبتجيلك اعراض لم...
قاطعتها ريحانة
- وهو عرف ازاي وانا مقلتلهوش إلا بعد ما إتجوزنا
هزت زهرة رأسها وقالت
- مش عارفة، انا بحكيلك اللي إتقال والسمعته من ابويا
هزت ريحانة رأسها بخفة وهي تنقل نظراتها للهاوية، بينما اكملت زهرة
- كان بيديكِ المهدئات قبل ما يعترف بحبه ليكِ وتتفقوا على الجواز، وقبل موعد عقد الجواز العرفي بيومين حطلك دوا منوم و...

توقفت زهرة عن إكمال جملتها وهي تشعر بالحرج مما ستقوله، في حين نقلت ريحانة نظراتها لزهرة وقالت بقلق
- واية؟، كملي
بلعت زهرة ريقها بصعوبة وهي تنظر حولها بتشتت، في حين هتفت ريحانة بحدة بسبب شعورها بالقلق والخوف مما ستسمعه
- بقولك كملي يا زهرة، كملي
اخفضت زهرة رأسها وهي تكمل بخفوت
- بعد ما عمل الدوا مفعوله ونمتي، دخل اوضتك و صمتت لبرهه قبل ان تكمل بصعوبة نام معاكِ وسرق برائتك.

إتسعت مقلتي ريحانة بصدمة ومن ثم هزت رأسها بعدم تصديق وإستنكار لما قالته زهرة، في حين قالت بخشونة وعدم تصديق
- مستحيل، مش مصدقة اللي بتقوليه، كلامك مش منطقي، يعني ازاي انا محستش بحاجة في وقتها!، وازاي انا ملاحظتش دة في يوم جوازنا؟!
نظرت زهرة لريحانة بشفقة، قالت بأسف
- عارفة ان اللي قلته صعب تصدقيه بس انا بقولك الحقيقة زي ما طلبتي مني
لمعت عيني ريحانة بالدموع وهي تقول بإنكسار.

- يعني جلال بجد عمل فيا كدة؟!
اومأت زهرة برأسها بأسف، ساد صمت قاتل، قطعته زهرة بقولها
- اكملك؟
- هو لسة في كمان!
قالتها ريحانة بمرارة، فقالت زهرة
- لسة في حاجة اخيرة، بعد جوازكم، انتِ اكيد فاكرة حملك الأول لما حملتي بالبيبي لمدة شهر وبعدها مات
ظهر الحزن في عيني ريحانة وهي تومأ برأسها، فأكملت زهرة.

- كان السيد جلال هو السبب في موت ابنك، الإبر اللي كان بيدهالك على انها مقوية للمناعة وللطفل دي كانت إبر بتضر حملك وكمان كان بيديكِ دوا للأجهاض على اساس انها فيتامينات، فمات الطفل، فأدى رشوة للحكيم عشان يقولك انك مش هتقدري تحملي تاني مع ان كان ممكن تحملي، هو كان بيديكِ حبوب لمنع الحمل لغاية اللحظة دي، بس انا مقدرتش اكمل اللي كان بيعمله فوقفتها بدون ما السيد جلال يعرف.

سالت دموع ريحانة كالشلالات على وجنتيها بقهر، في حين انهت زهرة حديثها
- وفي حاجة متعرفهاش، انك مش الوحيدة اللي اتجوزها السيد جلال عرفي، هو اتجوز كتير قبلك بس انتِ الوحيدة اللي احتفظ بيكِ لمدة الطويلة.
تنهدت زهرة وهي تعتذر بصدق.

- انا اسفة، اسفة عشان خبيت عليكِ ومعرفتكيش الحقيقة من الأول، اسفة لأني سببتلك الصدمة دي، اسفة لأني كنت طرف في الحصل واسفة لأني خيبتلك املك، بس انتِ كدة كدة كنتِ هتعرفي الحقيقة في يوم من الايام، والأحسن ليكِ انك عرفتيها دلوقتي عشان تفوقي من الوهم اللي انتِ عايشة فيه وتلحقي نفسك قبل ما تهربي مع السيد جلال لأنك لو هربتي معاه مكنتيش هتقدري تهربي منه ابدا، عارفة ان السمعتيه صعب عليكِ جدا وممكن يسببلك انهيار واكتئاب بس صدقيني انتِ هتنسي بسرعة وهتندمي لأنك حبيتي واحد زيه و...

قاطعتها ريحانة بإنفعال وهي تبكي.

- ازاي هنسى وانا مش مصدقة السمعته؟، صعب عليا اني اصدق السمعته والعرفته عن الشخص الوحيد اللي حبيته، جلال كان بالنسبالي كل حاجة، عمري ماكنت اتوقع انه يأذيني او يعمل فيا اي حاجة من اللي قلتيها، عمري ما اتخيلت انه وحش للدرجة دي، تصرفاته معايا وحنيته مكنتش سمحالي اني افكر ازعل منه لو عاملني وحش او زعلني، دة انا حتى سامحته بعد ما اجبرني على اني اجي هنا وانفذله طلباته، وازاي اصدق ان نظراته اللي كانت بتبينلي حبه ليا كدب!؟، قوليلي ازاي يا زهرة قوليلي.

سالت دمعة من عين زهرة وهي تستمع لما تقوله ريحانة، حقا تشعر بالألم والآسى من اجلها، وضعت كفيها على كفي ريحانة محاولة مواساتها
- والله عارفة انه صعب عليكِ، وعارفة قد ايه انتِ بتحبيه وبتثقي فيه ودة باين من طريقه كلامك عنه، بس هو ميستحقش حبك ولا يستحق ثقتك ولا يستحقك انتِ كمان، هو خدعك من البداية وانتِ عشان بتحبيه كنتِ زي العامية مش شايفة حقيقته.

اطلقت ريحانة تنهيدة تمتلأ بكل الوجع والألم الموجود بداخلها وهي تطبق جفونها فتنهمر دموعها الحارقة على وجنتيها، فهي تعلم ان زهرة تقول الحقيقة وانها محقة في قولها الأخير، ولكن بداخلها صوت يرفض تصديق ما قيل، فأصبحت تشعر بالضياع والتخبط.

في جناح الشيطان
فتح عينيه وعاد ليغلقهما حتى يفتحهما مرة اخرى حين وجد ذراعه خاليتين وجواره فارغ، أعتدل ونظر حوله وهو ينادي اسمها
- ريحانة، ريحانة.

نهض وإتجه للحمام ليبحث عنها، بعد طرقه على الباب ولا مُجيب دخله، نقل نظراته في ارجاء الحمام الذي كان خالي، فألتفت وإتجه لباب الجناح وفتحه وهو ينوي ان يسأل الحارس عليها ولكنه لم يجده!، فألتفت مرة آخرى وقد بدأ الغضب يصعد اليه رويداً رويداً، عاد للسرير وجلس على حافته، مال قليلا وسند مرفقيه على فخذية وهو ينظر امامه بجمود وعيون ضيقة في حين كان يفكر إلى اين ذهبت؟، هل من الممكن ان تكون هربت!، إبتسم بسخرية على اعتقاده ومن ثم تلاشت ببطء لتصبح ابتسامة خشنة وهو يحدث نفسه.

- مستحيل تهرب مني، من الشيطان، مش بالبساطة دي هتخرج من قصري، دة انا حتى مش هسمحلها تهرب
نهض بحدة وخرج من الجناح وهو يخفي قلقه امام نفسه!

خرجت زهرة من المطبخ وإتجهت لغرف الخدم بعد ان امرتها ريحانة بالمغادرة، في حين كانت الأخيرة جالسة على الكرسي وهي تنظر امامها بتغيب، غارقة في عالم الذكريات، ذكرياتها مع جلال، فكانت مع كل ذكرى تتذكرها يعتصر فيها قلبها من الألم؛ طبقت جفونها بقوة فسالت دموعها على وجنتيها ببطء تحرق روحها، بعد لحظات، نهضت وسارت بخطوات غير منتظمة لإتجاه الباب في حين ظلت بعض الصور والمشاهد من ذكرياتها مع جلال تتراءى امام عينيها كما لو كانت شريط سينمائي، خرجت من المطبخ وسارت في الممر، فجأة توقفت لتسقطت على الأرض بإنهيار، تبكي بقهر و ألم لعل آلام قلبها تذول والخزي الذي تشعر به يُطهر، وضعت كفيها على وجهها وهي تزداد في نحيبها، فما تشعر به من ألم يذبحها.

وصل للطابق الرئيسي وتوقفت قدماه بعد ان سمع صوت في الأسفل، نظر من بين الدرابزين بترقب ثم نزل للطابق الأخير والذي يضم مطبخ القصر وغرف الخدم، توقف مع نهاية السلم ونظر للممر المظلم نسبيا ومن ثم تقدم بخطواته الثابتة لنحوه وهو ينظر بعيون ضيقة لذلك الظل المنعكس على الحائط.
- ريحانة؟

قالها الشيطان بلهفة ممزوجة بالقلق وهو يتقدم منها بخطوات سريعة بعد ان رأى حالتها تلك، جثى على ركبتيه وهو ينظر لها بقلق، مد كفيه ليبعد كفيها من على وجهها فكانت عينيها حمراوتين من كثرة البكاء، مسح عينيها من الدموع بأنامله ثم مسح وجنتيها بحنان، رفعت نظراتها له ببطء، فتبادلوا النظرات لثوان قبل ان ترتمي بين ذراعيه حيث طوقت رقبته بذراعيها بقوة واكملت بكائها الذي عذب قلبه، ذهل في البداية من حركتها المفاجئة ولكنه تخلص من ذهوله سريعا وهو يضع ذراعيه على ظهرها بتردد؛ قال بخفوت حاني.

- خلاص اهدي، متعيطيش
بعد ان انهى جملته اصبح يربت على ظهرها بحنان مما جعلها تبدأ بالإسترخاء والتوقف عن البكاء تدريجيا، فأتى ان يبعدها عنه ولكنها لم تسمح له حيث كانت متمسكه به وبقوة.
- سيبني كدة
قالتها بضعف ورجاء، نظر لها من طرف عينيه وإبتسم بصدق
- ماشي.

وقف على قدميه وهو ممسكها من خصرها ومن ثم حملها بين ذراعيه، فأرخت ذراعيها قليلا وهي تسند رأسها على صدره الدافئ وتتنهد ببعض من الراحة، نظر لها من فوق وهو يتجه للسلم، صعده حتى وصل للطابق الثاني ومن ثم إتجه لجناحه ودخله، اقترب من السرير واجلسها عليه ليجلس بعدها بجانبها، ظل صامتا وهو يحدق بها، قالت برجاء
- ممكن متسألنيش مالك
حدق بها لبرهة قبل ان يومأ برأسه، فإبتسمت ببهوت وهي تهمس له
- شكرا.

إرتسمت إبتسامة حانية على شفتيه، عندما رأت ذلك مدت ذراعها ووضعت اناملها على شفتيه وهي تقول بإعجاب
- إبتسامتك حلوة
لا تعلم ماذا حدث لها ولكنها شعرت للحظة انها تناست حزنها امام إبتسامته الشفافة تلك!، نظر لها لبرهة ثم ضحك بخفة وهو ينهض
- مش هتنامي؟
اومأت برأسها و قالت
- هنام بس محتاجة حاجة
- اممم.

ظلت تنظر له وهي تشعر بالتردد والخجل مما تريد ان تطلبه منه، فهي تريده، تريد ان تشعر بدفئ صدره وان تشم رائحته فهذا يشعرها بالراحة والأطمئنان وفي حين آخر هذا يشعرها بالغرابة والخوف!، لم تعد تفهم نفسها، تنهدت بأستياء لتقول بعدها
- خلاص انسى.

ابعدت الغطاء واستلقت في مكانها واضعة الأخير عليها، بينما هو إبتسم بخبث، فهو يعلم ما الذي تريده، ألتف حول السرير حتى توقف امام الأخير من ناحية نومه واغلق الأضواء واخذ مكانه، في حين وضعت ريحانة كفيها اسفل رأسها وهي تفكر في ما الذي ستفعله او ما الذي يجب ان تفعله!
- ريحانة
نطق بها بهدوء، فإلتفتت له برأسها فقابلت وجهه حيث شعرت بأنفاسه، فبدأ قلبها يدق بسرعة، اكمل
- تعالي انيمك
- نعم!

قالتها بعدم إستيعاب وهي تحدق به بعينين متسعتين، فإبتسم إبتسامة جانبية وهو يرى تعبير وجهها تحت ضوء القمر الخافت، مد ذراعه وقرابها منه وادراها في مواجهة له ليضمها لصدره، وفور استنشاقها لرائحته استرخت وشعرت بالراحة، في حين همس في اذنها
- و كدة هتعرفي تنامي وترتاحي
- عرفت ازاي؟
- انتِ عرفتيني
- انا!
- نامي.

رفعت رأسها ونظرت له ثم اعادت رأسها لوضعها السابق وهي تتنهد بعمق قبل ان تغمض عينيها وتستسلم للنوم سريعا، في حين ظل هو مستيقظا بسبب مشاعره المختلطة التي تشعره بالتخبط في الفترة الأخيرة.

أشرقت شمس يوم جديد
- الحصل غصب عني يا بابا.

قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف، فهتف والدها بغضب
- يعني اية غصب عنك، أنتِ خربتي بيتنا يا زهرة، السيد جلال مش هيسبنا في حالنا
- متخفش يا بابا ان...
قاطعها بجنون
- مخفش اية بس، دة لو السيد جلال عرف هيموتني وهيفضحك
- مش هيقدر يعملنا حاجة
قالتها زهرة بثقة، واكملت
- واصلا مش انا اللي عرفت الانسة ريحانة على حقيقته هي اللي اكتشفت بنفسها وبعد كدة جت سألتي فقلتلها.

- و انتِ تجاوبيها لية هاا، انتِ كنتِ عايزة تعرفيها من الأول يا زهرة، انتِ المخطته لكل دة، أنتِ عايزة تخلصي على ابوكي يا زهرة!
انهى قوله بمرارة وحزن، فقالت زهرة بسرعة
- صدقني يا بابا العملته والهعمله كله لمصلحتنا
- لمصلحتنا ازاي يا زهرة!، انا حاسس انك مخبية عني حاجات، قوليلي يا بنتي الحقيقة، انتِ بتخطتي لأية؟
صمتت زهرة قبل ان تقول
- انا هقفل يا بابا عشان ورايا شغل، سلام.

اغلقت زهرة سريعا دون ان تنتظر رد والدها، نهضت وإتجهت للمطبخ.
- اعملوا الفطور وطلعوه لجناح سيدنا
قالتها رئيسة الخدم، فقالت زهرة
- لية لجناحه؟
نظرت لها رئيسة الخدم وقالت
- هو اللي امرنا بكدة
اومأت زهرة برأسها ولم تهتم كثيرا حيث تقدمت لتبدأ في عملها.

طرق احدهم على الباب
- ادخل
دخلت زهرة وهي تحمل صينية بها طعام، تقدمت لتضع الأخير على الطاولة وهي تقول
- صباح الخير يا انسة ريحانة، اتفضلي الفطور
نظرت لها ريحانة بإستغراب قائلة
- جايبينه هنا لية؟
- سيدنا امرنا بكدة
قضبت ريحانة جبينها بحيرة وهي تقول بتساؤل
- لية؟
- معرفش
- طب هو فين؟
هزت زهرة كتفيها بعدم المعرفة، فحدثت ريحانة نفسها وهي تعود لتمشط شعرها
- طب هو راح فين؟
- انسة ريحانة، ممكن اسألك سؤال.

قالتها زهرة بتردد، فنظرت ريحانة‎ ‎لصورة زهرة المنعكسة على المرآة وحثتها
- اسألي
- انتِ كويسة؟
استدارت ريحانة و نظرت لها، في حين اكملت زهرة
- يعني بقيتي احسن من إمبارح خاصةً بعد السمعتيه مني؟
هزت ريحانة رأسها وقد فهمت ما تقصده زهرة بسؤالها، فتنهدت وقالت
- انتِ اية رأيك؟
- انا شايفاكِ عادي، يعني احسن من إمبارح
- ممكن اكون احسن من إمبارح!

قالت ريحانة الأخيرة في حين لمعت عينيها بالدموع، فإبتسمت زهرة بحنان هامسة
- لا، انتِ اكيد احسن من إمبارح
نظرت لها ريحانة بعدم فهم في حين اكملت زهرة.

- حاولي تبيني انك احسن قدام نفسك، ان الموضوع مش فارق معاكِ، ايوة في البداية انتِ اتصدمتِ وعيطتي كتير بس دلوقتي وقفي كل دة، متعيطيش عليه، متعيطيش على اللي اذاكي خلي دة مبدأ عندك، حاربي دموعك ومتخلهاش تنزل، خليكِ قوية، انتِ إنهرتي في يوم بس بقية الأيام هتبقي قوية
ساد الصمت بعد ان انهت زهرة قولها، فظلت ريحانة تفكر في ما قالته زهرة، هي محقة بما قالته
- كلامك صح وانا معاكِ، بس هياخد وقت عشان انفذه.

- اكيد بس حاولي
اومأت ريحانة برأسها قبل ان تلتفت وتلتقط ربطة شعر لتربط شعرها، إتجهت بعدها لباب الجناح، فأسرعت زهرة بطرح سؤالها
- مش هتفطري؟
- هفطر تحت مع الشيطان
- الشيطان!
قالتها زهرة بإستغراب وشك، في حين خرجت ريحانة من الجناح، فألتفتت زهرة سريعا وحملت الصينية لتلحق بريحانة.

خرجت عايدة من جناحها وإتجهت لغرفة عبد الخالق، دخلتها دون ان تطرق الباب، فرمقها عبد الخالق بضيق فلم تهتم حيث جلست ونظرت له ببرود وهي تقول
- ازيك يا جدو؟
- مش كويس بعد ما شفتك
- طب اجبلك الدوا عشان تبقى كويس!
- جاية لية يا عايدة؟
- مفيش، جيت اطمن عليك
- مش اطمنتي خلاص؟، امشي بقى
- اممم، انت عايز تخلص مني لية؟
قالتها بحزن مصطنع، فقال بقسوة
- عشان كل ما بشوفك بفتكر ابوكِ الندل وبفتكر العمله في بنتي.

قهقهت عايدة بطريقة مستفزة وهي تقول
- ابوكِ الندل!، ماشي، هعدي شتيمتك بمزاجي
- امشي يا عايدة
- مش همشي إلا لما تقلي، عملت اية في الموضوع؟
- موضوع اية؟
- العُقد بتاع فيروز هانم
نظر لها بإستحقار صارخاً بحدة
- لو عايزة العقد روحي اطلبيه من الشيطان، قلتلك الكلام دة قبل كدة
- امممم انت مُصِر برضه على موقفك!
- ايوة مُصِر
- اممم ماشي، انا هعرف اجيبه لوحدي.

نهضت بخشونة وإقتربت منه، امسكت ذراعه وضغطت عليها بقسوة وهي تقول بإستمتاع شرس في حين كانت عينيها تلمع بالشر
- نهايتك قربت يا جدو، صدقني
تركت ذراعه وإبتعدت مغادرة الغرفة، فقال ببغض
- امتى هنخلص منك، امتى!

كانت ريحانة جالسة في غرفة الطعام تنتظره لكنه تأخر ولم يأتي، نهضت بضيق وإتجهت للخارج لكن سرعان ما تراجعت لتعود لمكانها مجددا عندما وجدته يدلف للغرفة، تقدم الشيطان وجلس في مقعده بهدوء، استفسر بعدم رضا
- مكلتيش فوق لية؟
- عادي، كنت عايزه اكل هنا
هز رأسه بخشونة، اشار للخادمة بأن تقدم الطعام، ففعلت.
- بقيتي احسن من إمبارح؟
رفعت نظرتها له واومأت برأسها وهي تقول بخفوت
- ايوة، شكرا.

لم يرد وبدأ في تناول طعامه، بينما ظلت هي تتابعه فلاحظ ذلك، و قال
- بتبصيلي لية؟ في حاجة عايزة تقوليها!
إرتبكت قليلا في البداية لكنها استرجعت هدوئها وهي تقول بفضول
- معندكش فضول تعرف لية كنت بعيط إمبارح؟
- لا
قالها بجمود، رفع نظراته لها واكمل
- انتِ طلبتي مني اني مسألكيش وانا بحترم طلبك
حدقت به لبرهة قبل ان ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة وهي تقول
- متوقعتش منك الرد دة.

نقل نظراته لطبقه وعاد لتناول طعامه بهدوء في حين اكملت هي
- تعرف، انا اكتشفت حاجة فيك، اكتشفت انك مش وحش للدرجاتي، احيانا بحس انك دافي جدا من جواك برغم القسوة اللي بتبينها للناس وليا، انت بجد مش بالسوء دة، في ناس اسوء منك بكتير و...
قاطعها بقهقهته الساخرة، رفعت حاجبيها بذهول، في حين قال بتهكم
- هو عشان عاملتك كويس إمبارح يبقى خلاص بقيت ملاك ومش وحش للدرجة دي والكلام اللي قلتيه!

- لا، مش عشان عاملتني إمبارح كويس، أنا بقالي فترة حاسة بكدة
لمعت عينيه بخبث وهو ينظر لها ويسألها بإستمتاع
- حاسه بأية؟
لمحت خبثه في طريقته، فإرتبكت وزاغت بنظراتها بعيدا عنه وهي تقول
- ولا حاجة
هربت من مقابلة عينيه بالنظر لطبقها ودس الطعام في فمها عنوة، فإبتسم هو إبتسامة جانبية قبل ان يمسك بكوب الماء ويحتسي منه القليل.

- الفلوس دي مزورة
قالها الرجل بغضب، فأبتلع جلال ريقة بصعوبة، تصنع الذهول
- مزورة؟، أزاي مزروة؟
- اسأل نفسك
- قصدك اية!؟
نهض الرجل بحدة واقترب من جلال لينهضه بقوة، امسكه من ياقة قميصة بقسوة وقال من بين اسنانه
- انت فاكرني عبيط يا جلال!، دة انا سالم يا جلال، سالم المحدش يقدر يلعب بديله معاه، عشان هقطعهوله
ابعد جلال يد سالم من عليه وقال بثبات اتقنه.

- انا اديتك المليون ونص فمش مشكلتي ان حد بدلها من عندك عشان يلبسها فيا
ومن ثم تقدم منه واكمل بخفوت
- ممكن يكون في جاسوس هنا ولا هنا، اتأكد من رجالتك ليكونوا خاينين
- جلال
هتف بها سالم بغضب جامح، اكمل بهدوء مخيف
- انت لعبت بديلك معايا، وهدفعك التمن
- هتدفعني التمن على اي اساس!

قالها جلال بحدة حقيقية، في حين التفت سالم وجلس في مقعده واضع قدم على اخرى، اشار لحراسه فتقدموا في إتجاه جلال وتجمعوا حوله، فنقل جلال نظراته حولهم ببعض من القلق، صرخ
- انا مزورتش اي فلوس
- لسة بتكدب!، أضربوه
تقدم حراس سالم وبدأوا في ضرب جلال بقسوة، فأمسك سالم بهاتفه وارسل رسالة للشيطان وكتب فيها المهمة تمت وضع الهاتف بجانبة وإبتسم بإنتصار.

بعد ان انهى طعامه نهض، فأبتعلت ما في فمها من طعام سريعا ونهضت، نظر لطبقها ثم لها، ليسألها بإستنكار
- شبعتي كدة؟!
اومأت برأسها، فقال امرا اياها بحزم
- اقعدي كلمي اكلك كله، أنتِ مكلتيش
نظرت لطبقها الممتلأ بالطعام فهي لم تأكل الكثير، قالت
- شبعانة
نظر لها نظرة عابرة قبل ان يلتفت ويتجه للخارج، فلحقته ولكنها توقفت عند باب الغرفة عندما وجدت عايدة تتقدم منه وتعوق طريقه.
- ابعدي.

قالها الشيطان بجمود لعايدة، فإبتسمت عايدة بدلع
- وحشتني
- عايدة مش فاضيلك
- لو مش فاضيلي انا هتكون فاضي لمين؟!
رمقها بحدة وهو يتخطاها فأسرعت واعاقت طريقه مرة آخرى
- استنى، عايزة اقولك حاجة
نظر لها بنفاذ صبر فقالت بجرأة
- امتى هنتجوز بقى؟
حدق بها لبره قبل ان يقهقه بسخرية بدت خشنة للغاية
- نتجوز!
- ايوة نتجوز، أنا بحبك من زمان واكتر من مرة قلتلك اني بحبك واني عايزة اتجوزك و...
قاطعها بصوته الأجش الحاد.

- عايدة، أمشي من وشي دلوقتي
- انت رافضني لية؟، رافضني عشان بنت بهجت ولا عشان في واحدة في قلبك!
قالت الأخيرة بخبث وهي تراقبه، تصلبت ملامحه للحظة قبل ان تعود كما كانت، جامدة
- ايوة، رافضك عشان في واحدة في قلبي
نظرت له بغضب، اخبرته بصرامة
- وانا مش هسمح بكدة
- بجد!
قالها بتهكم، فهتفت بغضب
- مين هي؟
كانت ريحانة تتابع ما يحدث من بعيد فلم تسمع حديثهم بوضوح، وهذا اشعرها بالضيق بجانب شعورها بالغيرة!

ظل الشيطان ينظر لها ببرود وإستمتاع مما زاد عايدة غضبا، فأقتربت منه وامسكته من ياقة قميصه، قالت بغضب جامح
- مش هسمحلك تكون لغيري مهما حصل، أنت ليا وكل حاجة ليك ليا، فاهم؟!
بعد ان انهت جملتها لمحت ريحانة التي تقف امام باب غرفة الطعام، قالت بحقد وهي تنظر لريحانة
- اللي في قلبك ريحانة
نقلت نظراتها له وقالت بحزم
- صدقني مش هسمح بدة ابدا.

واقتربت منه بغتة، تطبق شفتيها على شفتيه دون تردد او إحراج، فصدمت ريحانة مما فعلته عايدة وظلت تحدق بهم وهي تشعر بالغيرة والغضب!، أخفضت رأسها لكي لا ترى ما يحدث ولكنها لم تستطيع حيث رفعت نظراتها مرة آخرى لهم وبدون ان تشعر تقدمت منهم بخطوات غاضبة، لا تعرف ما سبب غضبها ولكنها غاضبة، توقفت قبل ان تصل لهم وإرتسمت على شفتيها إبتسامة شامتة وهي ترى الشيطان يدفع عايدة بعيدا عنه بقسوة فأصطدم ظهر الاخيرة بالحائط بقوة وقسوة مما سبب لها الألم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة