قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السادس والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السادس والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السادس والعشرون

اشرقت شمس يوم جديد
فتح الشيطان عينيه بإنزعاج عندما شعر بأنامل خفيفة تسير على وجنته، إتسعت مقلتيه في ذهول عندما رأها مستلقيه بجانبه تنظر له و هي تبتسم و تقول بنعومة
- صباح الخير
- ريحانة!
همس بها بذهول و من ثم مسح عينيه بكفيه بقوة، فإبتسمت بعذوبة و قالت
- لا مش بتحلم، انا هنا
ابعد كفيه من على عينيه و نظر لها لبرهه قبل ان يعتدل لوضع الجلوس و يقول بخفوت
- بتعملي اية هنا؟
- شايف اية؟

قالتها و هي تعتدل لوضع الجلوس مثله، فنظر امامه و هو يدرك الأمر، فقال بجمود
- مروحتيش لجلال لية؟
- مزاجي
قالتها و هي تحرك كتفيها بلامبالاة، فنظر لها بطرف عينيه و من ثم نهض و قال
- لا، مش بمزاجك تخرجي و ترجعي لقصري
رفعت نظراتها له باستنكار و من ثم نهضت و التفت حول السرير لتقف امامه و تقترب منه لتهمس بشراسة بجانب اذنه و هي تتخطاه
- لا بمزاجي.

انهت جملتها و دخلت للحمام و هي تبتسم بخبث، بينما ظل الشيطان واقفا في مكانه و هو يشعر بالإنزعاج، منها خاصا بعد ان لمح إبتسامتها تلك التي جعلته يشعر بأن هناك شيء غريب.

دخلت ريحانة غرفة الطعام و هي تهتف بضيق مصتنع
- مش المفروض تستناني!
قالتها للشيطان الذي تجاهلها تماما و هذا ضايقها، تقدمت و جلست في مقعدها فأقتربت الخادمة و قدمت الطعام لريحانة التي بدأت في تناول طعامها في صمت، فقد كانت مشغولة في تنظيم افكارها و ما ستفعله، الآن. رفعت نظراتها له و هي تلمع بخبث، قربت يدها بخفة من كوب الشاي الخاص به و دفعته ليسقط على الأرض فنهضت بسرعة و هي تتأسف و تقول بأسف مزيف.

- مش عارفة ايدي ازاي خبطته، انا اسفة بجد
نظر لها بطرف عينيه بضيق، فأردفت
- هصبلك غيره
انهت جملتها و امسكت بكوب اخر و وضعته امامه و من ثم التقطت الأبريق و سكبت له الشاي في الكوب و بعد ان انهت ذلك إبتسمت و قالت بصوت ناعم
- اتفضل
رمقها بتهكم و هو يقول
- هشربه بدون سكر مثلا!
- صحيح، هحطلك دلوقتي
التقطت السكرية و سألته
- كام معلقة؟
- اربعة
- اربعة!

هتفت بها بذهول، فرمقها بنفاذ صبر فأومأت برأسها و وضعت له الكمية الذي طلبها و من ثم قالت
- اهو، اتفضل
نهض و قال ببرود و هو ينظر لها
- اشربيه انتي بقى
انهى جملته و التفت و هو يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية ساخرة، في حين ضغطت ريحانة على قبضتها بغضب و هي تنظر له بغيظ.

في قصر جلال
دخل جلال لغرفة مكتبه بهدوء و جلس على كرسي مكتبه و وضع قدم على آخرى قبل ان يمسك بأحدى الملفات الموضوعة على مكتبه و يفتحها ليبدأ في نقل نظراته على الأوراق التي بداخلها بهدوء، بعد دقائق، مد يدة للهاتف و التقطه و اتصل بأحدهم و قال عندما سمع اجابة الطرف الآخر
- عايز اقترحات غير دي
- ماشي، هبعتلك
- عايزها بعيدة عن القرية
- معنديش
قالها الطرف الآخر بهدوء، فأمره جلال ب
- دورلي
- صعب.

- هستناك تجبلي اللي طلبته، بليل او بكرة بالكتير
قالها جلال بجمود و من ثم اغلق الخط دون ان ينتظر رد الآخر، و من ثم عاد بظهره للخلف و هو يرسم على شفتيه إبتسامة عريضة قبل ان يطبق جفونه للحظات ليرسم صورتها في مخيلته و يقول بثبات ممزوج بالاصرار
- يومين و هرجعك، يومين بظبط و هتبقي معايا، هتبقي معايا في يوم عيدميلادك يا ريحانتي.

في مكتب الشيطان
- جايلك النهاردة عشان اعاتبك على اللي عملته معايا، مكنتش متوقع انك تقل مني قدام جلال او غيره، مكنتش متوقع دة منك
قالها عز الدين بحزن ممزوج بالعتاب، فنظر له الشيطان و قال بهدوء فيه نبرة اسف
- اسف، مكنتش اقصد، انفعلت شوية
- مش مبرر
قالها عز الدين و هو ينقل نظراته امامه بضيق، و من ثم صمت لبرهه ليكمل بهدوء
- مش عايز تقول حاجة؟
- عايزني اقول اية؟
- تقولي عن جلال
- بلاش نتكلم عنه.

قالها الشيطان بهدوء و هو يمد يده و يمسك بأوراقه و ينظر فيها، فرفع عز الدين نظراته للشيطان و قال
- طب و ريحانة..؟
- مالها؟
- مش هتفهمني موضوعها!
صمت الشيطان و لم يرفع نظراته من على الأوراق، فأكمل عز الدين
- قولي، ازاي وقعت ورقة جواز جلال و ريحانة العرفي تحت ايديك و كمان، ازاي ريحانة وافقت على جوازها منك؟
ظل الشيطان صامتا، فقال عز الدين بضيق
- مش هتجاوب؟
رفع الشيطان نظراته لعز الدين و قال بهدوء.

- اجرت خدامه من الخدامين اللي بيشتغلوا عند جلال في القصر، خليتها تجبهالي
- ازاي عرفت تجبهالك؟
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول
- الفلوس بتخلي الواحد يعمل المستحيل بذات لو محتاج، وانا اخترت واحدة محتاجة، شربأتها بالفلوس و جابتلي الورق خلال يومين بطريقتها
هز عز الدين رأسه و سأل
- و انت عملت كدة لية؟
اعاد الشيطان نظراته للأوراق و هو يقول بلامبالاة
- عادي
- عادي!

قالها عز الدين بأستنكار و اكمل و هو يضيق عينيه
- مستحيل تعمل حاجة زي دي يا شيطان بدون سبب او هدف
نظر له الشيطان بطرف عينيه لوهله و من ثم اعاد نظراته للأوراق في حين هتف عز الدين بتفكير
- لتكون حبيتها؟!
تجمدت حدقتي الشيطان لبرهه قبل ان يرفع رأسه و نظراته لعز الدين و يرسم إبتسامة جانبية شرسة ساخرة، فأكمل عز الدين و هو يكمل تفكيره
- او اعجبت بيها!، انا بفكر بصوت عالي بس.

قال الأخيرة بمزاح عندما لمح ضيق الشيطان من كلماته، و من ثم ساد الصمت لدقائق ليقول الشيطان بثبات
- عايز تعرف عملت كدة لية؟، عملت كدة عشان اقهر جلال و...
قاطعه دخول ريحانة المفاجئ عن اكمال جملته، و كانت تهتف بإنفعال
- انت ازاي تع...
توقفت عن اكمال جملتها و اتسعت مقلتيها بصدمة و ذهول عندما ادركت ان الشيطان ليس بمفرده، فتوردت وجنتيها بخجل و أخفضت رأسها بإحراج و هي تتمتم بتلعثم ممزوج بالإحراج.

- انت معاك حد!، مكنتش اعرف، اسفة
ضحك عز الدين و قال و هو يشير لها بالإقتراب
- تعالي تعالي
رفعت نظراته لعز الدين و من ثم نقلتها للشيطان الذي كان يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية شامتة، اقتربت و هي تعيد نظراتها لعز الدين و تدقق في النظر اليه، تشعر بأنها تعرفه، هل قابلته من قبل؟، نهض عز الدين في حين توقفت امامه، فقال
- فكراني؟
هزت رأسها بلا و سألته
- اتقابلنا قبل كدة؟
- اتقابلنا في...
قاطعته عندما تذكرت.

- في الحفلة صح؟
اومأ برأسه و هو يبتسم و يقول
- بظبط
إبتسمت، فأكمل
- بس في وقتها معرفتكيش بنفسي كويس بسبب واحد
قال الأخيرة بمزاح و هو ينظر بطرف عينيه للشيطان و اكمل
- انا خاله، عز الدين
هزت رأسها و قالت
- إتشرفت بمعرفتك
- انا اكتر يا عرو...
- مش هتمشي بقى.

قاطعه الشيطان بها بسرعة لكي لا يكشف عز الدين الأمر، فنظر له الأخير فبادله الشيطان بنظرات تحذيرية، ففهم الآخر ان ريحانة لا تعلم بالأمر فأومأ برأسه و قال بهدوء
- انا همشي بقى عشان ورايا مشوار مهم
رمقت ريحانة الشيطان بضيق، فكيف يعامله هكذا؟، فقابل الشيطان نظراتها بنظراته الباردة قبل ان ينقل نظراته لعز الدين الذي إتجة للباب بخطوات هادئة حتى وصل إلى الأخير و غادر، فهتفت ريحانة بغيظ.

- انت ازاي تعامله كدة و تطردة؟، مش عيب!، مش اكبرمنك
لم يهتم بكلماتها و بدأ في قراءة بقية اوراقه، بينما جلست هي على الكرسي المقابل لمكتبه و اكملت بإنفعال
- انا لو مكانه كنت ربيتك، كنت علمتك الأدب، كنت...
توقفت عن إكمال جملتها لبرهه فقال بطريقة مستفزة
- خلصتي!
رمقته بطرف عينيها و اتت ان تكمل قولها و لكنه قاطعها بجمود
- جيالي لية؟
- صح.

هتفت بها قبل ان تعتدل في جلستها لتصبح مقابلة له تماما، تنهدت بعمق قبل ان تقول بهدوء
- عايزه اطلب منك طلب
- خير
- عايزة الف في القرية
رفع نظراته لها، فأكملت
- نفسي اشوف قريتك، مشفتهاش خالص من لما جيتها
وضع الاوراق على المكتب و عاد بظهره للخلف مرة الآخرى و ظل صامتا، فصمتت هي الآخرى لثواني قبل ان تسأله
- موافق؟، هتاخدني؟
- لا
- لية؟
قالتها بحزن و ضيق، فأجابها ببرود
- مش فاضيلك
- مليش دعوة، هتفضالي.

قالتها بحدة، فرمقها بإستخفاف، فقالت
- لو مخدنيش هروح لوحدي
- ماشي، روحي لوحدك
قالها و هو ينهض، فنهضت هي الآخرى بحدة و قالت بغيظ
- يعني كدة!
تجاهلها حيث تخطاها و إتجة للباب و غادر، فضربت الأرض بأحدى قدميها بضيق و غيظ و هي تسبه و تلعنه بداخلها.
خرجت ريحانة من القصر و هي تشتعل غيظا، سارت بخطوات غاضبة لخارج بوابة القصر لتوقف احدى عربات الكارو.
- لفين؟

قالها الرجل الذي يجلس في المقدمة و هو يمسك باللجام، فأجابت
- عايزاك تلففني في القرية
التفت برأسه لها و قال
- معاكي فلوس؟
- فلوسك عند الشيطان
قضب جبينه بعدم فهم فقالت
- يعني لففني في القرية و الفلوس اللي عايزها هيدهالك الشيطان بنفسه
- و هو انتي تقربيله؟
اومأت برأسها و من ثم نظرت امامها، بينما التفت الرجل و نظر للطريق و قد لمعت عينيه بالطمع.

دخلت زهرة للمطبخ و هي تتأسف من رئيسة الخدم عن تأخرها على موعد العمل بسبب محادثتها مع والدتها، فوبختها رئيسة الخدم قبل ان تقول لها بحدة
- مواعيد الشغل لازم تلتزمي بيها، و مش اي وقت تكلمي اهلك، في مواعيد للحاجات دي
صمتت لبرهه، فقالت زهرة بإحراج
- اسفة
فأكملت الآخرى
- شكلي اتساهلت معاكي فأنتي بدأتي تهملي شغلك، و لو فضلتي على الحال دة هضرك يا زهرة.

اومأت زهرة برأسها، فأكملت الآخرى بنبرة آمرة و هي تأخذ الصينية التي بها كوب القهوة من احدى الخادمات و تعطيها لزهرة
- خدي دة و وديه لسيدنا الشيطان في مكتبه و ارجعي بسرعة عشان وراكي تنضيف المطبخ كله
اومأت زهرة برأسها و هي تأخذ الصينية من رئيسة الخدم لتلتفت و تغادر المطبخ لتتجة لمكتب الشيطان.

طرقت زهرة على باب غرفة مكتب الشيطان و دخلت بعد انتظار دام لدقائق و لكنها لم تجده، فغادرت و سارت في الممر و هي تنظر امامها فلمحت ريحانة التي كانت تخرج من القصر، فأسرعت بخطواتها لتلحقها ولكنها لم تنجح، فتوقفت و هي تفكر، إلى اين سوف تذهب ريحانة؟، هل ستترك القصر؟، حكت رأسها و هي تشعر بالحيرة الممزوجة بالقلق، التفتت و عادت للمطبخ لتقوم بإنجاز عملها بعقل شارد.

- وقف هنا
قالتها ريحانة للرجل الذي نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
- في اية؟
- هي اية التجهيزات دي كلها؟، هو في مناسبة او حاجة!
قالتها و هي تنقل نظراتها للمكان الذي حولها فقد كان هناك مجموعة من الناس تقوم بتزيين هذا المكان، فرد الرجل
- لا مفيش مناسبة، بس احنا الناس عملنا لنفسنا يوم نحتفل فيه و نهيص فيه شوية عشان نخرج نفسنا من جو الشغل
اومأت برأسها بفهم و قالت و هي تبتسم.

- طب ينفع احضر معاكم الحفلة اللي عملينها؟
اومأ برأسه و قال
- اكيد
إتسعت إبتسامتها و قالت
- طب هي بتبدأ امتى؟
- بليل
- حلو، طيب قولي انتم بتعملوا فيها اية بقى؟
بدأ الرجل يقص لها كل ما يفعلوه في مثل هذا اليوم و هو يكمل تجوله بها في القرية.

دخل الشيطان لغرفة مكتبه و خلفه حارسه، جلس الشيطان على كرسي مكتبه بينما توقف الآخر امامه و هو يقول
- لحقناها و هي بأمان
- خلوكم وراها، مش عايزها تغيب عن عنيكم، و لو اي حاجة حصلت قولولي
اومأ الحارس برأسه و قال
- حاضر يا سيدنا، حاجة تانية؟
- لا
- عن اذنك
و من ثم التفت و غادر، فأمسك الشيطان هاتفه و اتصل ب
- ايمن، في مهمة جديدة عايزك فيها
- مهمة اية؟

مساءا
نزلت ريحانة من عربة الكارو و هي تنظر للمكان الذي زين بطريقة اعجبتها، تقدمت و هي تنظر حولها بإعجاب و سعادة، نقلت نظراتها للناس الذين بدأوا في الغناء و الرقص، فأرتسمت على وجهها إبتسامة سعيدة لرؤيتها لذلك، فهي منذ زمن لم ترى اشياء كهذه، بدأت في التصفيق لهذا الفتى الصغير الذي بدأ في الرقص، كان يرقص بطريقة اذهلتها و بعد ان انتهى اشارت له بالمجيء فأتى، فأنخفضت لتصبح على مستواه و قالت بصوت عذب.

- اسمك اية؟
- يحيى
- تعرف ان رقصك حلو
- شكرا
قالها بخجل، فضحكت على خجله و قالت
- انت قمور اوي يا يحيى و انت مكسوف
- و انتي كمان
قالها بخفوت، و من ثم قال بحماس بعد سماعه لغناء الجميع بأغنية اخرى
- تعالي ارقصي معانا
و من ثم امسك بيدها فنهضت و سارت خلفه لتصبح بين الناس، و بدء الفتى بالرقص و هو يحرك يديها معه، فأندمجت بالأجواء و بدأت في الرقص مع الجميع و هي تشعر بالسعادة و الاستمتاع.

فجأة شعرت بيد تطبق على رسغها ليجذبها و يخرجها من بين ذلك التجمع، حاولت التخلص من قبضة ذلك الشخص الذي لا ترى وجهه و لكنها لم تستطع، اصبحت بعيده عن ذلك التجمع بأمتار، فنظرت للشخص الذي اخرجها بحدة و قالت
- انت مين؟، ازاي تخرجني كدة؟
التفت الآخر و امسك بطرف قبعته و ابعدها قليلا من على وجهه لتراه، فرأته، فهمست
- بيجاد!
أعاد قبعته كما كانت و قال
- بتعملي اية هنا؟
- مش المفروض انا اللي اسألك السؤال دة!

قالتها بتهكم، و من ثم ساد الصمت لدقائق، فقاطعته هي بقولها الساخر
- هو انت جيت هنا عشان تسألني السؤال دة بس!
- لا
تجاهلت قوله و التفتت و قالت
- عموما انا راجعة، عايزة اتبسط شوية
اوقفها عندما امسكها من رسغها و جذبها له و قال بحدة
- تتبسطي بالرقص قدام كل دول!
حاولت التخلص من قبضته و هي تقول
- ملكش دعوة، سيب ايدي
قبض على رسغها اكثر و هو يقول بهدوء
- تعرفي هيسموكي اية؟
- ملكش دعوة
- يبقى عارفة.

- مش لوحدي برقص، مش شايف دي و دي و دي
قالتها و هي تشير للنساء الذين يرقصون، فقال بخفوت
- برضوا
جذبت يدها من قبضته بحدة و رمقته بضيق قبل ان تقول بنبرة متهكمة بعض الشيء
- مش وراك شغل، روح شغلك و سبني اعمل اللي اعمله، يلا
تنفس بنفاذ صبر عندما تركته و التفتت لتعود بين التجمع، ولكن قبل ان تدخل اسرع و جذبها من يدها بغضب، فتأوهت و التفتت و نظرت له بضيق و هتفت ب
- انت رخم لية؟!

تجاهل قولها و تقدم منها و حملها بين ذراعيه، فشهقت و قالت
- بتعمل اية؟
- ورايا شغل مخلصتوش، فمش ناقص عنادك
التفت و سار بها لإتجاة سيارته، بينما كانت تقول بضيق و نفاذ صبر
- نزلني، هصوت، نزلني بقى
بدأت تضرب الهواء بقدميها و هي تتمتم بنفس كلماتها، فأنزلها و لكن عندما وصل امام سيارته، فتح لها الباب، فرمقته بضيق شديد قبل ان تصعدها، فألتف حول السيارة ليصعدها.

أمسك جلال بهاتفه و اجاب على المتصل
- ها؟
- جبتلك البيت، هو في قرية بني سعيد
- بعيدة جدا
- ملقتش غيرها
- خلاص ماشي
- هي محتاجة تتظبط شوية
- يعني التظبيط دة هياخد قد اية؟
- مش كتير، يومين كدة
- حاضر.

كانت ريحانة جالسة تنظر من خلف زجاج نافذة السيارة بحزن و ضيق، فهي بعد ان وجدت شيء يسعدها انتزعه هو منها، تنهدت بعمق قبل ان تعود برأسها للخلف و تشرد، كان يتابعها من المرآة الامامية الداخلية للسيارة، كان يشعر ببعض الغضب منها، فهيكيف ترقص امام الجميع هكذا!، نظر للطريق، و بعد دقائق سمع صوتها الخافت.

- تعرف، اهل القرية كلهم شايفينك اية؟، شايفينك وحش و شيطان معندوش رحمة، انت لية مخليهم يرسموا الصورة دي عنك؟، لية متحسنش من صورتك في عنيهم
نظر لصورتها المنعكسة في المرآة الأمامية و من ثم عاد و نظر للطريق، فأكملت
- انت مش وحش للدرجة دي، مش وحش للدرجة اللي هما شايفينك بيها، اتفق معاهم انك قاسي شوية بس برضوا فيك حاجات حلوة كتير بس مش بتبينها
التفتت و نظرت له و اكملت.

- حاول تحسن من صورتك في عنيهم، اتعامل معاهم و انت بيجاد مش الشيطان، و شيل القناع بقى
اوقف السيارة فجأة، فأندفعت للأمام، فنظرت له بحدة و هي تهتف
- اية دة؟
- انزلي
قالها بجمود و هو ينظر امامه، فنظرت حولها فوجدت القصر، فقالت
- و انت مش هتنزل
لم يجيبها و ترجل من السيارة، فترجلت هي ايضا و سارت خلفه.

في جناح الشيطان
كان الشيطان مستلقي على السرير بجانبها، ينظر امامة بشرود، فهو يتذكر كلماتها التي قالتها له في العربة، التفت برأسه و نظر لها و قال بصوت خافت
- القناع دة عاش معايا كتير، صعب اشيله بعد الوقت دة كله
اعدل جسده ليصبح مقابلا لها، مد كفه ليمسك بكفها بخفة و يكمل
- بس ممكن احاول اشيله، بس بعد ما انهي اللي بدأته
انهى جملته و طبق جفونه لينام هو الآخر.

اليوم التالي
فتح عينيه و نظر بجانبه و لكنه لم يجدها، اعتدل و هو يمسح وجهه بكفيه، نهض من على السرير و سار بخطوات هادئة إتجاة الحمام و لكنه توقف عندما وجدها تخرج من الأخير و حدق بها بذهول عندما رأها تضع منشفة كبيرة حول جسدها، بينما هي كانت تجفف شعرها بمنشفى صغيرة و لم تنتبه له، تقدمت و توقفت عندما لمحته، فرفعت نظراتها وشهقت بفزع و هي تقول
- اية دة؟

و من ثم وضعت يدها حول جسدها بخجل و إحراج، و هتفت به
- بتبص على اية!، لف
تقدم منها و توقف امامها و قال بهدوء
- انتي خارجة كدة ازاي؟
- نسيت لبسي
قالتها بإحراج، فصمت و هو ينقل نظراته لعنقها ليحدق بعظمة رقبتها البارزة، شعر برغبة في ان يلمسها، فمد يده ليلمس عظمة رقبتها بأبهامة و يمرره عليها، فتوردت وجنتيها و تسارعت دقات قلبها و هي تقول
- بتعمل اية؟

رفع نظراته لها و اقترب منها فتراجعت للخلف، فتوقف و إبتسم إبتسامة جانبية قبل ان يضع يده بجانبة و يتخطاها ليدخل الحمام، فألتفتت و نظرت للباب المغلق و تنهدت بعمق.
بينما توقف هو امام المرآة و نظر لصورته المنعكسة و هو يحدث نفسة
- اية اللي انا عملته و اللي كنت هعمله دة؟
فتح صنبور المياة و غسل وجهه بعنف.

دخل الحارس لغرفة مكتب الشيطان بعد ان سمع اذن الأخير، تقدم الحارس و توقف امام مكتب سيده و قال
- السيد ايمن برة
- دخله
اومأ الحارس برأسه و من ثم التفت ليغادر و ليخبر ايمن بموافقة سيدة بالدخول له، دخل ايمن و القى تحية و هو يجلس على الكرسي المقابل للشيطان.
- ها عملت اية؟
قالها الشيطان لأيمن الذي اجاب
- مفيش اي تحركات من جلال ابدا
- ابدا!
- ابدا
حك الشيطان جبينه و هو يقول بشك
- في حاجة غريبة، اكيد.

- إمبارح روحتي فين؟
قالتها زهرة لريحانة، فأجابت ريحانة
- كنت بتفسح في القرية
- بجد!
اومأت ريحانة برأسها و هي تربط شعرها المجعد، فقالت زهرة
- و لوحدك!
- ايوة
- ازاي؟
- عادي
- و الشيط...
قاطعتها ريحانة
- انا روحت طلبت منه انه يلففني في القرية عشان اشوفها بس هو موافقش و قالي اروح لوحدي فروحت
هزت زهرة رأسها بدهشة، بينما مدت ريحانة يدها لتأخذ شطيرة من الجبن و تأكلها و هي تتجه للباب و خلفها زهرة.

بعد مرور بعض الوقت.

خرج الشيطان من غرفة مكتبة و سار في الممر ليصل للسلم و يصعده، وصل للطابق الثالث و إتجة لغرفة عبد الخالق و فتحها ببطئ و هو يتذكر لحظاته مع جدة، تقدم للداخل بخطوات بطيئة و هو ينقل نظراته حوله و كأنه يبحث عن جده الذي افتقده.
- بتعملي اية هنا؟
قالها لريحانة التي رأها تجلس على سرير عبد الخالق، فرفعت الأخيرة نظراتها له و مسحت دموعها من على وجنتيها و قالت
- مبعملش، بس جيت عشان جدو وحشني.

ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يتقدم و يجلس على الأريكة و هو يتنهد، فنقلت نظراتها له و حدقت به لبرهه و من ثم سألته بخفوت
- وحشك؟
اومأ برأسه دون ان يرفع نظراتها له، فقالت بصوت متحشرج
- وانا كمان، وحشني اوي
ساد الصمت لوهلة لتقطعة هي بشرود
- تعرف، جدو كان عندو امنية
لم يرفع نظراته لها، فأكملت
- امنيته كانت ا...
قاطعها بخفوت
- اني ارجع بيجاد، اني ارجع زي الأول
نظرت له و ابتسمت و هي تومأ برأسها و تقول.

- مش ناوي تحققله امنيته؟
صمت، فنهضت و تقدمت منه و جثت على ركبتيها لتصبح قريبة منه و همست
- ها؟، مش ناوي؟
نظر لها و سند مرفقيه على فخذيه و هو يحدق في حدقتيها اكثر و يقول
- لا
- لية؟
همست بها بحزن، فصمت، فقالت
- عشان ماضيك و لا عشان انتقامك؟
- مش هتفهمي
قالها بفتور و هو يعود بظهره للخلف، فنهضت و جلست بجانبة على الأريكة و قالت
- لا هفهم، جرب تقولي، و هفهم صدقني، جرب تفتحلي قلبك و لو لمرة.

التفت برأسه و نظر لعينيها التي تلمع بالدموع، فمدت هي كفها و احتضنت وجنته بحنان و نظرت له بالتشجيع، فأغمض عينيه و هو يتذكر كلمات جميع من حوله في هذا الأمر، فتنفس بخشونة، جميعهم لا يفهمونه، فتح عينيه و نهض بحدة و التفت و نظر لها و قال بإندفاع و كأنه يخرج ما خبئه بداخله لسنوات.

- واحد معاشش طفولته، ازاي بتطلبوا منه يرجع طبيعي؟، واحد شاف في صغرة كل انواع القسوة و الكرة، مستنين منه اية؟، مستنين يبقى طيب مثلا؟!
قال الأخيرة بخشونة ممزوجة بالسخرية
- بس انت فعلا طيب
قالتها بهدوء، فتقدم منها بخطوات غاضبة و امسكها من ذراعيها بقسوة و هتف بها
- انا مش طيب، انا شيطان و الشيطان عمرة ما يكون طيب، فاهمة
- و مين قلك انك شيطان؟
قالتها بهدوء و اكملت.

- انت اللي اديت لنفسك اللقب دة و الناس، فمش عشان لقبك كدة يبقى...
قاطعها بحدة
- بس
و من ثم دفعها بعيدا عنه فتراجعت للخلف و كادت ان تسقط و لكنها تمالكت نفسها، نظرت له بعتاب و حزن و قالت
- مش عارفة انت بتحاول تهرب من اية؟، انت عارف الحقيقة و عارف انت مين بس بتهرب و بتستخبى من نفسك، و دة الضعف بذاته.

قالت الأخيرة بشفقة مصتنعة و من ثم تقدمت و تخطته و غادرت، فأمسك هو بمزهرية من الزجاج و القها على الأرض بقسوة ليخرج كل ما بدخله من غضب و عجز!

بدأ الليل يسدل ستائره
في مكتب جلال
- ها جهزت البيت؟
قالها جلال عبر الهاتف للطرف الآخر الذي اجاب
- لسه
- طيب ناقصلكم كتير؟
- لا، بس على الموعد اللي انت قلته هتلاقيها خلصت
- ماشي، بقولك، متنساش الورد الجوري الأحمر تحطه في البيت
- متقلقش، فاكر
- ماشي، هقفل انا و كمل شغلك
- سلام.

انهى جلال المكالمة و من ثم القى بهاتفه على المكتب لينهض و يتجة للأريكة و يلقي بجسده عليها و يمد كفه ليلتقط احدى وردات الجوري الموضوعة بداخل المزهرية و يقربها من انفه و يشمها بهيام و هو يتمتم
- هانت يا ريحانتي هانت.

في قصر الشيطان
كانت ريحانة جالسه على السرير تنظر امامها بشرود، تتذكر كلماتها التي قالتها، هل اخطأت؟، تنهدت بعمق و هي تستلقي على السرير و لكن ما لبث ان عادت و جلست عندما رأته يدخل للجناح و يتجة للخزانة فتابعته بنظراتها، اخرج قميص من الخزانة و بدأ في خلع سترته ليرتديه، فوضعت ريحانة كفيها على عينيها و هي تهتف بإستنكار
- انا هنا على فكرى.

تجاهل قولها تماما و اكمل ارتداء قميصه و بعد ان انتهى تعالى صوت هاتفه، فرد
- نعم
صمت ليسمع الطرف الآخر و من ثم قال
- ماشي، انا جاي حالا
انهى المكالمة و إتجة للباب فأوقفته بقولها
- رايح فين؟
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و يقول بجمود
- بتسألي اسأله مينفعش تسأليها
- لية؟
قالتها بتساؤل، فنظر امامه و غادر، فشعرت بالضيق.

اليوم التالي
فتحت ريحانة عينيها بإنزعاج بسبب طرقات الباب، فهتفت بحدة
- مين؟
- انا زهرة يا مدام ريحانة
اعتدلت ريحانة و قالت
- ادخلي
دخلت زهرة و قالت
- صباح الخير
- صباح النور
- هتفطري هنا و لا تحت؟
- هو الشيطان رجع؟
- لا
- خلاص، هفطر هنا
- حاضر
قالتها زهرة و من ثم التلفتت و إتجهت للباب و ما لبثت ان عادت و التفتت لتنظر لريحانة و تقول
- صحيح، كل سنة و انتي طيبة يا مدلم ريحانة.

قضبت ريحانة حواجبها بإستغراب و صمتت لبرهه قبل ان تقول
- هو النهاردة كام؟
- عشرين مارس
- بجد!
هتفت بها ريحانة و اكملت بحماس
- دة النهاردة عيد ميلادي
إبتسمت زهرة و قالت
- ايوة، النهاردة عيدميلادك
نهضت ريحانة من على السرير و هي تقول
- وا نتي عرفتي ازاي ان اليوم عيدميلادي؟
- من بابا، اصل هو اللي كان بيجيب حاجات عيدميلادك للسيد جلال
اومأت برأسها و قالت
- اهاا
- هنزل اعمل لحضرتك الفطار.

قالتها زهرة، فأومأت ريحانة برأسها و من ثم إتجهت للخزانة و اخذت ملابس لترتديها و من ثم إتجهت للحمام.

مع غروب الشمس عاد الشيطان للقصر
سار في الممر و امر احد الخدم ب
- حضرولي الأكل
- حاضر يا سيدنا.

صعد السلالم حتى وصل للطابق الثاني و سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه، وضع كفه على قبضة الباب و برمها و دخل، وجد الأجواء هادئة و الظلام يعم المكان، تقدم للداخل فلمحها تحت ضوء الشمس الذي يكتسي بحمرة الخجل و هي نائمة على السرير، اكمل تقدمه و فتح الخزانة و اخرج ملابس ليرتديها و يتجة بها للحمام.

بعد ان دخل ابعدت الغطاء من على جسدها و نهضت سريعا من على السرير لتضيء الأنوار، فظهرت تلك الشموع التي تملأ المكان و الزينة الراقية الهادئة، اسرعت و اشعلت الشمع و بعد ان انتهت اسرعت لأمام المرآة لتتأكد من حسن مظهر فستانها الذي يتميز باللون السكري و الذي يظهر كامل ظهرها، رتبت خصلات شعرها سريعا و من ثم إتجهت للفونوغراف -جهاز قديم استخدم لتشغيل الموسيقى- و شغلته على موسيقى هادئة و من ثم تقدمت بخطوات متوترة للحمام، و طرقت على الأخير بعد تردد.

خلع الشيطان قميصه فأصبح عاري الصدر، تقدم من حوض الأستحمام ليفتح صنبور المياة، ففتحه و ما لبث ان اغلقه عندما سمع طرقات احدهم على الباب، فتقدم و فتحه فوجدها تقف امامه، قضب حاجبيه و هو ينظر لهيئتها، بينما ظلت ريحانة واقفة و هي تشعر بالإرتباك، و اخيرا استجمعت نفسها و مدت كفها و هي تبلع ريقها و تقول بشجاعة مصتنعة
- تسمحلي بالرقصة دي
- نعم!

هتف بها ببلاهه، فأمسكت بيده و سارت به لخارج الحمام لتقف مقابلة له في منتصف الجناح، اقتربت منه و وضعت ذراعيه حول خصرها و وضعت ذراعيها على كتفيه و بدأت في التمايل معه.
- مش عايز تسأل عاملة كل دة لية؟
كان ينظر لها كالمتغيب، فهو لأول مرة يشعر بأنه عاجز امامها، فهو الآن مسلوب العقل و الإرادة
- النهاردة عيدميلادي، فحبيت اشارك عيدميلادي مع جوزي.

قالتها و هي ترسم على شفتيها إبتسامة جذابة، بينما تجمدت ملامح وجة الآخر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة