قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

ساد الصمت في الغرفة بعد قول ريحانة الذي صدم عبد الخالق، لم يخطر في باله ابدا ان ريحانة قد تكون خائنة!، اخفضت ريحانة رأسها وهي تتنهد بحزن وتقول بآسى
- ايوة، انا جاسوسة لجلال، هو باعتني لهنا عشان اجمع له معلومات عن الشيطان واقتله
تنحنح عبد الخالق وهو يبعد نظراته عن ريحانة في حين كان يستدرك ما قالته الأخيرة منذ ثوان، فرمش بعينيه وهو يقول بحزن
- مكنتش اتوقع دة منك
بلعت ريقها وهي تخفض رأسها.

- غصب عني عملت كدة، لأن جلال اجبرني اني انفذ له كل اوامره واني اجي هنا وابقى جاسوسة، عارفة ان كان المفروض ارفض وفعلا انا رفضت في الأول وكنت عايزة اهرب ومنفذش اي حاجة بس، بسبب حبي له رجعت عن قراري ونفذتله طلباته، ايوة، انا سرقت اوراق مهمة من الشيطان واديتها لجلال وحاولت اقتل الشيطان نفسه لما طلب مني جلال اني اقتله
صمتت لبرهة لتلتقط انفاسها بإنفعال، اكملت.

- انا عارفة اني غلطانة وانا ندمانة لأني فضلت في القصر دة ونفذت اوامر جلال لو بأيدي اني ارجع بالزمن شوية لورا كنت هنفذ قراري وههرب من كل اللي انا فيه دة حتى لو كنت هتخلى عن حبي لجلال، الحب الطلع عبارة عن وهم
همست بالأخيرة بإنكسار، فقال عبد الخالق بهدوء
- الزمن مش هيرجع
- عارفة
قالتها بخفوت من بين دموعها فتنهد عبد الخالق وقال
- جاية تقوليلي حقيقتك لية يا ريحانة؟
ضمت كفيها لبعضهما وردت.

- عشان حاسة اني ضعيفة، انا خايفة منه، انا عارفة اني لوحدي وان محدش هيحميني من الشيطان ومن اللي هيعمله فيا لما يعرف حقيقتي
- طب مش خايفة اقول للشيطان عن حقيقتك؟
- معتقدش انك هتعمل فيا كدة
- لية؟!
لم ترد حيث اكتفت بهز كتفيها بعدم المعرفة، فقال بجمود
- انا مش هقدر احميكِ
رفعت رأسها ونظرت له بحزن فأكمل بشيء من القسوة.

- عشان انتِ جاسوسة ل جلال، عارفة لو كنتِ جاسوسة لحد غيره وجيتي طلبتي مني اساعدك كان ممكن اساعدك بس اي حد تابع لجلال يستاهل اليحصله من الشيطان، وغير كدة جاية تطلبي مني لية اني احميكِ ما تخلي الباعتك لهنا يحميكِ، ولا مش هيقدر!
قال الأخيرة بتهكم، فردت
- لا، جلال مخطت انه هيهربني اول ما يرجع من سفريته بس انا مش عايزة اهرب معاه ومش عايزة ارجع له ابدا.

- لية بتقولي عليه كدة؟، مش انتِ حبيتيه من الأول وعملتي كل دة عشانه!
- ايوة، انا حبيته وعملت كل دة عشانه بس، و هنا طغى البكاء عليها واعاقها لبرهة عن الاستمرار في كلامها ازاي هرجع لواحد خدعني لمدة سنتين واذاني واستغل ضعفي وجهلي لمصلحته الحيوانية!
اضاق عبد الخالق عينيه وقال بترقب
- انتِ حكايتك اية بظبط؟
مسحت دموعها بكفيها وقالت
- هحكيلك بس هتصدقني!
- هصدقك.

اومأت برأسها وهي تتنفس الهواء بعمق قبل ان تبدأ في سرد قصتها من بداية دخولها للقرية حتى لحظة اكتشافها لحقيقة جلال في حين لم تتوقف دموعها عن الإنهمار.

انتفض والد زهرة من فراشه بفزع بعد سماعه لكلمات زهرة واصبح يقول بصوت مرتفع غاضب
- انتِ عايزة تشوفي نهايتي ونهاية العيلة يا زهرة، انتِ عايزة تخربيها علينا، إحنا مش ناقصين مصايب حرام عليكِ، بتعملي كل حاجة من دماغك...
دخلت والدة زهرة على صوت زوجها المرتفع وقالت بخضة
- في اية؟، مالك يا حج؟
نظر لها وقال بتعب
- تعالي شوفي واسمعي بنتك عملت اية، بنتك عايزة تجيبني الأرض، بنتك عايزة تموتني.

نقلت والدة زهرة نظراتها لزهرة بإستغراب وتساؤل
- عملتي اية يا زهرة تاني؟، ابوكي بيقول كدة لية؟
نظرت لها زهرة وقالت بهدوء
- معملتش حاجة غلط يا ماما، تعالي اقعدي وهحكيلك
- مش غلط!، دة انتِ كل عمايلك غلط، انتِ مش بتسمعي كلامي وبتنفذي اللي في دماغك على اساس انه صح، انتِ تفكيرك كله غلط وبتفكيرك دة هنضيع كلنا
- صدقني مش هنضيع، دة لمصلحتنا، دة احنا كدة في امان.

جذبته من يده واجلسته امامها بصعوبة ومن ثم نظرت لوالدتها وقالت
- تعالي يا ماما اقعدي معانا واسمعي كلامي وافهميه عشان تفهمي بابا ان العملته لمصلحتنا
تقدمت والدتها وجلست بجانبهم
- ماشي قولي
اعادت زهرة ما قالته لوالدها، في حين كان ينظر والدها لها بحدة وهو يتنفس بغضب.

بعد إنتهاء ريحانة من سرد قصتها اخفضت رأسها وهي تمسح دموعها التي لا تريد التوقف عن الإنهمار في حين كان عبد الخالق ينظر لها ببعض من اللين، فبعد ما سمعه منها لان قلبه وعاد كما كان، فما تعرضت له ريحانة من جلال ليس بالهين بالإضافة إلى انها ضحية لذلك الوغد الحقير.
- هتحميني؟!
سألته ريحانة بخفوت من بين شهقاتها، فأجاب بصراحة
- مش هقدر احميكي بما فيه الكفاية لحالتي دي، بس انتِ ممكن تحمي نفسك بنفسك.

نظرت له بتساؤل فأكمل
- انا قلتلك الكلام دة قبل كدة، خلي الشيطان يحبك
- صعب اخليه يحبني
- انتِ جربتي؟
هزت رأسها نفياً، فقال
- طيب جربي، صدقيني هتحمي نفسك وهتبعدي عن شر الشيطان حتى لو بنسبة صغيرة
مسحت دموعها وتوقفت عن البكاء وقد شردت، تفكر بما قاله عبد الخالق وبعد ان شعرت بأن كلامه منطقي قالت
- ازاي اخليه يحبني؟
- هقولك، بس اول حاجة لازم تعمليها ان تكون شخصيتك قوية قدامه بس حنينه في نفس الوقت، فهماني!

نظرت له وهمست بفتور
- صعب ابقى قوية قدامه
- لية؟
- اصل انا جربت وانت شايف اللي عمله
قالت الأخيرة وهي تشير لوجهها، فنظر لها بشفقة وقال
- ممكن تجربي بطرق تانية مختلفة، بس اياكِ تتحديه او تستفزيه لأنه بيتهور بسرعة
- مجربة
قالتها بمرارة في حين إرتسمت على شفتيها إبتسامة جانبية، فإبتسم بدوره، فقالت
- طب انا هعرف اتعامل معاه بالطريقة الصح ازاي وانا معرفش عنه حاجة
- اية اللي متعرفهوش عنه؟

- كل حاجة عنه، ماضيه، حاضره، علاقاته، حياته
- بصي حاليا هقولك تعملي اية وتتصرفي معاه ازاي
اومأت برأسها، فبدأ في قول ما يجب عليها فعله فكانت بدورها تستمع له بإنصات، بعد انتهائه نهضت وقالت بتساؤل قبل ان تغادر.

- نظرتك ليا اتغيرت؟
- مكنتش اتوقع انك تكوني تابعة لجلال بس متخافيش، انتِ حفيدتي زي ما اتفقنا
قال الأخيرة وهو يبتسم بسماحة، فإبتسمت براحة وتمتمت
- شكرا
اغمض عينيه وفتحها فألتفتت وإتجهت للباب، وقبل ان تبرم مقبض الباب قال
- انتِ قلتي لجلال عني؟
استدارت وهزت رأسها بالنفي، فقال
- لية مقلتلهوش؟
- مش عارفة، بس حسيت ان مش لازم اقل له
- ماشي
ثم غادرت، وإتجهت لجناح الشيطان.

ترجل من على ظهر جواده واشار للسائس بإشارة يعرفها الأخير فتقدم واخذ الجواد للأسطبل في حين سار الشيطان بخطواته الثابتة لإتجاه القصر وقد كان هادئاً جدا وباردا! دخل القصر وإتجه للسلم ليصعده بهدوء حتى وصل للطابق الثاني، إتجه لجناحه ودخله في حين كانت عينيه تتجول في المكان حتى استقرت عليها، كانت ريحانة جالسة على السرير وهي تضم قدميها لصدرها وتسند ذقنها على ركبتيها وكانت شاردة، ابعد نظراته عنها حيث لواها ظهره وهو يتجه للأريكة ليجلس عليها، جلس واعاد نظراته لها، صدح صوته الأجش.

- تعالي
استيقظت من شرودها حيث رفعت رأسها ونظرت له بهدوء غريب!، فأشار لها بأصبعه بأن تأتي، فتحركت من مكانها ونهضت وإتجهت لناحيته حتى توقفت امامه بينما كان يتفحصها بعيون ضيقة من رأسها حتى اخمص قدميها.
- ادخلي ظبطيلي المية عشان ادخل استحمة بس قبلها هاتيلي لبس ليا من الدولاب.

التفت دون ان تومأ برأسها او تخرج حرف واحد من بين شفتيها وإتجهت للخزانة، اخرجت ملابس ليرتديها ومن ثم إتجهت للحمام وفعلت ما طلبه منها، خرجت وقالت بجفاء ودون تعبير على وجهها
- عملت الطلبته.

نظر لها بطرف عينيه ونهض، سار لإتجاه الحمام ولكنه توقف قبل ان يصل للأخير حيث توقف امامها وظل يحدق بها بتدقيق، فشعر بالذنب لوهلة خاصةً عندما رأى ذراعها الملتفه بالضماد ووجهها المتورم بعض الشيء والجرح البسيط الذي يكون اسفل شفتيها، ولكنه تخلص من شعوره سريعا في حين قال ببرود وهو يمسك بذراعها الملتفة بقسوة، جذبها له فرفعت نظراتها له بألم وحزن
- بتتعلمي بسرعة، شاطرة.

لم ترد عليه فلا يوجد لديها رد على قوله اللا داعي له، بينما قال
- من هنا ورايح كل حاجة بحساب، يعني فوري
لم ترد ايضا، فشعر بالضيق ولكنه لم يظهر حيث قال بتهكم
- مالك؟، ضربي اثر على لسانك!
- لا، ممكن تسيب دراعي
همست بها بضعف وهي تبعد نظراتها عنه، بينما نظر لها بجمود وقال بطريقة مستفزة
- لية؟، بوجعك؟
اومأت برأسها فإبتسم إبتسامة جانبية شرسة وقال بهدوء خشن بعض الشيء
- انتِ لسة مشفتيش حاجة مني.

رفعت نظراتها له وقالت بلوم
- وانا عملتلك اية عشان تعمل فيا كدة؟
- بدون سبب
قالها ببرود، فتنهدت بإستياء وهي تضع يدها على قبضته الممسكة بذراعها وحاولت إبعادها، فتركها بخشونة ليتخطاها ويدخل الحمام.

مساءً.

كانت ريحانة جالسة على احدى الكراسي الموجودة في الشرفة، كانت تنظر للسماء بعيون حزينة شاردة، بينما دخل الشيطان جناحه بعد ان انهى بعض الأعمال في الخارج فهو بعد اخذه للحمام الساخن، غادر القصر بأكمله، إتجه للخزانة وفتحها، وضع بعض الأرواق بداخلها واغلقها، إتجه للشرفة وهو يخرج سيجارة من جيبه ودخل الأخيرة ولكنه توقف لبرهة بعد اول خطوة حين ابصرها، تابع خطواته حيث جلس على الكرسي المجاور لها بهدوء، فشعرت به والتفتت برأسها ونظرت له وعادت كما كانت، وحل الصمت.

- امتى هبقى حره زي النجوم دي؟!
سألت بإستياء وهي تحدث نفسها بصوت مسموع دون ان تشعر، فنظر لها بطرف عينيه وهو ينفث دخان سيجارته بهدوء، بينما اكملت
- لية الطيور والنجوم والكواكب والحيوانات والناس ماخدين حريتهم!، كلهم بيستمتعوا بحريتهم إلا انا، دايما بيبقى في قيود واسوار حواليا، هو انا مش إنسانة زي بقيه الناس؟، هو انا مستحقش اني اعيش حياة طبيعية!
- لا، متستحقيش.

اتاها قوله الجاف بهدوء وهو ينظر امامه بجمود، فألتفتت ونظرت له بشرود وقالت وهي تؤيد كلامه بنبرة حزينة
- وانا بقول كدة برضه، مستحقش
بعد ان انهت جملتها ابرزت شفتها السفلية بتلقائية وبشكل طفولي، بينما قال بجدية
- مفيش حد على وجه الأرض ميستحقش انه ينعم بالحرية
نظرت له لبرهة قبل ان تبتسم إبتسامة جانبية ساخرة وهي تقول
- انت بتقول كدة!، طيب فين حريتي؟

استدار ناظرا لها، ظل يتأملها دون ان يجيبها على الفور، نطق اخيراً
- عايزة حريتك مني؟
اومأت برأسها وقالت
- ايوة، هتدهاني!؟
نظر امامه وقال بعد ثوان
- قريب جدا هدهالك
تنهدت بعمق وهي تعيد نظراتها للسماء، بينما هو وضع سيجارته بين شفتيه ببرود وساد الصمت من جديد.

في الطابق الثالث، تحديدا غرفة عبد الخالق.

مسحت الخادمة فم عبد الخالق بعد ان اطعمته ثم حملت الصينية وقالت
- انا هنزل ارجع الصينية للمطبخ وهرجعلك، محتاج حاجة من تحت؟
- لا، شكرا.

اومأت برأسها وغادرت بينما اغمض عبد الخالق عينيه وهو يحاول ان يسترخي فمنذ ان غادرت ريحانة في الصباح من غرفته لم يتوقف عقله عن التفكير في هل ما فعله صحيح بأن يجعل الشيطان يقع في حبها؟، هو يريده ان يعود كما كان سابقا لكنه يعلم ان الشيطان لن يعود إلا بالحب، لأنه سيغيره، يعتقد، ان هذا هو الحل الوحيد فهل سينجح؟! او هل ستنجح هي بهذا؟، ليس متأكد.
تنهد وهو يفتح عينيه ويجول بها حوله بتفكير فقال محدثا نفسه.

- بس صعب ريحانة تتعامل معه بالطريقة الصح مدام متعرفش ماضيه والمر بِه، كدة هتفشل
صمت وهو يفكر بفعل شيء سيسهل كل شيء ولكنه متردد.

اليوم التالي.

داعبت اشعة الشمس جفونها ففتحت عينيها بإنزعاج واعتدلت إلى وضع الجلوس وهي تمرر نظراتها حولها، مدت ذراعها في الهواء لتطرد ذلك الخمول الذي يملأها، ابعدت الغطاء من فوق جسدها ونهضت وهي تحدث نفسها بضجر بعد ان ادركت انه غادر الجناح
- زي كل يوم، بصحى ومش بلاقيه.

في مكتب الشيطان.

- عشاني المرة دي، خرجه
قالها عز الدين برجاء للشيطان الذي رد عليه بقسوة
- ولا عشانك ولا عشان غيرك، الكل عندي متساويين، ايمن غلط وبيتعاقب
اتى عز الدين ان يقول شيء لكن الشيطان سبقه بقوله الحازم
- الكلام في الموضوع دة منتهي
تنهد عز الدين بإحباط، قال
- ماشي
ساد الصمت لدقائق قبل ان يقول عز الدين
- جلال هيرجع النهاردة
- عارف
- هتعمل معاه اية؟
نظر له الشيطان وقال بهدوء
- ولا حاجة
- طيب، هتروح النهاردة تلعب قمار؟

اومأ برأسه وقال بثقة
- اكيد، اصل اللعب مش هيكمل بدوني
- هتكسب زي العادة
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية واثقة واومأ برأسه، نهض عز الدين قائلاً
- انا همشي دلوقتي
اومأ الشيطان برأسه فألتفت عز الدين حيث لواه ظهره وإتجه للباب، فأوقفه الشيطان بقوله
- عارف انك زعلان لأني منفذتلكش طلبك
استدار عز الدين وقال بهدوء
- لا، مش زعلان لأنك انت صح، انا غلطت لأني جيت وطلبت منك طلب سخيف زي دة.

- طلبك مش سخيف، لأنك اب بتحب ابنه فمش عايزه يتأذي حتى لو انت عارف انه وحش
إبتسم عز الدين بسماحة وقال
- شكرا لأنك متفهم، سلام
وغادر، فظل الشيطان جالسا في مقعده لدقائق معدودة قبل ان ينهض ويغادر هو ايضا.

اغلق جلال الحقيبة ثم حملها فشعر بالألم لكنه تجاهل الأمر، إتجه لخارج الجناح فأقترب احدى العمال وسأل بتهذيب
- حضرتك محتاج مساعدة؟
- شيل الشنظة
اومأ العامل برأسه وحمل حقيبة جلال وسار خلف الأخير.
صعد جلال سيارة الأجرة بعد ان تأكد من وضع العامل لحقيبته في السيارة، عائد الى القرية، قرية الشيطان.

سارت ريحانة في الممر حتى توقفت امام غرفة الطعام وهي تمرر نظراتها في الغرفة فقد كانت خالية تماما، تقدمت منها الخادمة وقالت
- اتفضلي
سألتها ريحانة
- فين الشيطان؟
- سيدنا مش هيفطر
هزت ريحانة رأسها ومن ثم قالت
- فين زهرة؟
- والد زهرة تعب فراحت تزوره
- هترجع امتى؟
- هي راحت إمبارح فإحتمال تيجي النهاردة
اومأت ريحانة برأسها والتفتت، فأسرعت الخادمة لتسأل
- مش هتفطري؟
- لا.

- متتصرفيش تاني من دماغك يا زهرة، تبقي تيجي ليا او لأبوكي وتستشرينا
قالتها والدة زهرة بلطف لأبنتها، فأومأت زهرة برأسها وقالت
- عنيا
من ثم نظرت لوالدها الذي كان يلويها ظهره، فقالت بصوت مرتفع قصدا
- انا ماشية
لم يهتم، فأعادت قولها فنظر لها من فوق كتفه وهو مازال يلويها ظهره، فتنهدت وهي تقول لوالدتها
- تبقي تحننيه عليا
- ماشي يا بنتي، يلا امشي عشان متتأخريش.

اومأت زهرة برأسها واقتربت من والدتها لتعانقها وهي تقبلها، ثم غادرت.

بعد مرور بعض الوقت
خرجت زهرة من غرفتها بعد ان اراحت جسدها قليلا، إتجهت للمبطخ ودخلته وهي تحيّهم
- صباح الخير
نظر لها بقية الخدم وحيوها، قالت احدهم
- والدك عامل اية دلوقتي يا زهرة؟
- حالته احسن دلوقتي
- حمدالله على سلامته
- الله يسلمك
تقدمت زهرة للداخل، سألت
- محتاجين اية عشان اعمله؟
- ارتاحيلك النهاردة يا زهرة
قالتها رئيسة الخدم، فأتت زهرة ان ترد لكن سبقتها احدى الخادمات بقولها.

- صحيح، الانسة ريحانة سألت عليكِ
التفتت لها زهرة وقالت
- طيب، هطلعلها
نظرت لرئيسة الخدم وقالت
- عن اذنكم، هروح للأنسة ريحانة
اومأت رئيسة الخدم برأسها، فإتجهت لخارج المطبخ وهي تنوي الذهاب لجناح الشيطان حيث ستكون ريحانة هناك.

كانت ريحانة جالسة على الأريكة وهي تتأفف بضجر، فهي تشعر بالملل، نهضت من على الأريكة بحدة وهي تحدث نفسها بصوت مسموع غاضب
- هو انا هفضل قاعدة كدة وشي في وش الحيط كتير!، زهرة مش موجودة والشيطان في شغله، يعني حتى مش هعرف انفذ اللي قالي عليه جدو
بعثرت شعرها بضيق وهي تكمل
- يوووه، اعمل اية، هطق
صمتت بعد قولها الأخير في حين كانت تنظر للشرفة، فجأة إرتسمت إبتسامة صغيرة على شفتيها وهي تحدث نفسها بخفوت.

- الحصان، ايوة، عايزة اركب حصان الشيطان
اعدلت خصلات شعرها وإتجهت للباب وفتحته، وجدت زهرة تقف امامها حيث كانت على وشك ان تطرق على الباب، فقالت ريحانة بإشتياق
- زهرة
وتقدمت منها لتعانقها مما سبب الدهشة لزهرة، ابتعدت ريحانة عن زهرة وقالت
- ادخلي
دخلت زهرة وجلست على الأريكة بجانب ريحانة التي قالت فور جلوسها
- ها باباكِ عامل اية؟
- حالته احسن من إمبارح
- كويس، يلا عقبال ما يخف
- يارب.

ساد الصمت لبرهة قبل ان تقطعه ريحانة بقولها
- بس انا زعلانة منك
- لية؟
- مقولتليش انك رايحة
- اسفة بس الموضوع جه فجأة، سامحيني
اومأت ريحانة برأسها بتفهم وقالت
- مش ملاحظة حاجة؟!
نظرت لها زهرة بإستغراب وقالت
- لا
رفعت ريحانة ذراعها الملتفة بالضمادات، فشهقت زهرة بخفة
- اية دة؟، اتكسرتي؟
ضحكت ريحانة على رد فعل زهرة وقالت بتهكم
- إتكسرت اية بس، دة انا اضربت بس
- اضربتي!، مين الضربك؟
- الشيطان.

قالتها ريحانة بحزن، فقالت زهرة
- ولية ضربك؟
- استفزته وعصبته وقلتله اني مش بخاف منه، ومن الكلمة دي اتجنن
نظرت لها زهرة بشفقة وقالت
- ضربه غبي صح!
- اكيد، هو دة سؤال!
ضحكت زهرة بخفة وساد الصمت الذي قطعته ريحانة مرة آخرى بقولها
- انا زهقت من القعدة هنا
- حقك الصراحة
صمتت زهرة لبرهة قبل ان تقول بعد ان تذكرت شيء
- النهاردة بليل في لعب قمار في الساحة، هتيجي؟
- بجد!
- ايوة، والسيد جلال هيلعب والشيطان.

- جلال!، هو رجع؟
- على وشك وصول للقرية
ظهر الإضطراب في عيني ريحانة، فقالت زهرة
- مالك؟، مش عايزاه يرجع؟
- لا مش عايزة، عشان خايفة
- خايفة!
- ومتوترة من مقابلته
- مش فهماكِ
تنهدت ريحانة وقالت بتشتت
- يعني لما بفكر في رجوع جلال واشوفه، المفروض يبقى رد فعلي ازاي؟!، ارجع زي الأول وكأن ولا حاجة حصلت، صعب عليا اعمل كدة، ولا اواجهه باللي عرفته عنه، مفيش عندي غير الخيارين دول
صمتت زهرة لتفكر ثم قالت.

- عندي سؤال، سواء انتِ اخترتي انك تواجهيه او تخبي عليه، هترجعيله؟، يعني هتهربي معاه لما يقولك تهربي؟
- لا
اجابتها ريحانة بتلقائية ودون تفكير حتى، اكملت
- مش هرجعله ومش ههرب معاه
- تماام، كدة الخيار التاني هو اللي هتعمليه
- اني اواجهه؟
- ايوة، عشان اللي باين عليكِ انك مش هتقدري تتعاملي معاه زي الأول، حتى لو حاولتي هتفشلي
- فعلا، انا مش هقدر.

- خلاص، واجهيه في الوقت المناسب ليكِ، الوقت اللي هتكوني حاسة فيه انك متماسكة وانك مش هتنهاري قدامه، يعني تمثلي القوة
هزت ريحانة رأسها بشرود، فقالت زهرة
- هتيجي الساحة؟
نظرت لها ريحانة وقالت
- مش عارفة
اومأت زهرة برأسها وهي تنهض في حين كانت تقول
- انا هنزل بقى عشان ورايا شغل، محتاجة حاجة مني؟
- لا، شكرا
- عن اذنك
غادرت زهرة، بينما ظلت ريحانة جالسة.

موعد الغداء
نزلت ريحانة ودخلت غرفة الطعام وبدأت في تناول طعامها بشراهة فقد كانت جائعة جدا، لم تهتم ولم تسأل عنه إلا بعد ان انهت طعامها حيث نظرت للخادمة وسألتها
- الشيطان مش هيتغدا صح؟
رفعت الخادمة حاجبيها وقالت بتلقائية
- لسة بدري على سؤالك
ادركت ما قالته، فأعتذرت وقالت بتهذيب
- لا، مرجعش اصلا
اومأت ريحانة برأسها وهي تنهض وتغادر الغرفة.

كان يسير بخطواته الواثقة في ارجاء القرية، حيث كان ذاهب لوجهة معينة، توقف امام احدى المنازل الخشبية ونظر لبابه القديم لبرهة قبل ان يركله بقدمه فينكسر ويظهر من خلفه رجل ينظر للشيطان بخوف ورعب، بينما إبتسم الشيطان بشراسة وهو يقول بهدوء مخيف
- ولقيتك يا بكري باشا
بلع بكري ريقه بصعوبة بالغة وقال بصوت مرتجف
- لقيتني ازاي؟
- هو دة سؤال تسأله للشيطان!
قالها الشيطان بعتاب متهكم، اضاف وهو يقترب من بكري.

- انت فاكر انك كنت هتقدر تهرب مني اكتر؟، هو انت هربت اصلا!
قهقه بخفة واكمل وهو ينزل لمستوى بكري
- انا كنت عارف مكانك، بس مكنتش فاضيلك، بس اهو فضيتلك على الآخر
- ا، انا ا ا، س، ف، سامحن، ي ي، ا شيط، ان
- اسامحك!، قهقه وقال بغضب مكبوت اسامح واحد ساهم في قتل امي وقتلي!
- دة كان زمان
قالها بكري بسرعة، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية وقال بلا تعبير
- وانا لسة عايش في اللي كان زمان، خدوه.

نهض الشيطان فتقدم رجاله وامسكوا بكري من ذراعه وجروه، بينما كان الأخير يهتف بخوف وتوسل مثير للشفقة
- سامحني، متعاقبنيش، انا اسف، مش عايز اموت
اختفى صوته فجأة، خرج الشيطان من ذلك المنزل وتوقف وهو ينظر للناس الذين ينظرون له بكره، بغضب، بإستحقار وخوف ايضا، لم يهتم لنظراتهم الذي اعتاد عليها حيث بادلهم بنظرات باردة وهو يسير من بينهم بعد ان اتاح حراسه الطريق له، صعد سيارته وغادر.

ترجل جلال من السيارة وسار بخطواته الهادئة لداخل قصره، دخل من البوابة وتوقف لبرهة وهو يمرر نظراته حوله قبل ان يتنهد براحة وهو يحدث نفسه
- القصر وحشني بجد
تحرك وصعد السلم حتى وصل للطابق الذي يوجد فيه جناحه، دخله وسريعا ما القى بجسده على السرير فخرجت تنهيدة تمتلأ بالراحة منه، فهو قد اشتاق لقصره ولسريره ولحياته، مال قليلا لينظر للساعة فوجدها الرابعة والنصف مساءً، فأغمض عينيه وهو يقول.

- هناملي ساعة و بعدها ابقى اقوم واجهز نفسي
وسريعا غض في نوم عميق.

توقفت ريحانة في الطابق الثالث ثم إتجهت لغرفة عبد الخالق بحذر ودخلتها بعد ان سمعت الأذن منه، في حين كانت عايدة تخرج من جناحها فرأت ريحانة وهي تدلف لغرفة عبد الخالق، فقضبت حاجبيها بإستغراب وهي تقول بتساؤل
- اية الدخل ريحانة اوضة جدو؟
حكت رأسها واكملت
- هي تعرفه؟، جاتله قبل كدة؟

لم تجد اجابة لفضولها، لذا تقدمت بخطوات هادئة لإتجاه الغرفة ووقفت امام بابها ثم اقتربت اكثر حتى وضعت اذنها على الأخير لكي تسمع ما حديثهم، لكنها لم تستطيع، فتراجعت للخلف وهي تفكر في فعل شيء ولكنها تراجعت عن ما كانت تنوي فعله، حيث التفتت وعادت لجناحها بهدوء.
في غرفة عبد الخالق، بعد ان اطمأنت ريحانة على صحة عبد الخالق، ساد الصمت في الغرفة لمدة قاربت العشر دقائق.

- عايزة تعرفي ماضي الشيطان؟
قالها عبد الخالق بعد تردد كبير، فنظرت له وقالت بهدوء
- لو قلتلك اة، هتقولي؟!
- ايوة هقولك
نظرت له بحماس وهي تنتظر ان يسرد ما لديه.

- الشيطان عانى كتير من صغره، هو مكنش قي الصورة اللي انتِ شايفاها عليه حاليا بس العاشه في صغره واللي عاناه من ظلم وقسوة، وغيره، انا فاكر لما كان صغير كان هادي جدا ومسالم، مكنش حد يتوقع انه يتغير للدرجة دي، بس هو اتغير، خاصةً بعد ما ابوه مات، اصل بعد موت فخر الدين بدأ يشيل المسؤولية، مسؤليته ومسؤلية امه فيروز، كان بيشتغل بالإيجبار ليل نهار وفي شغله اتعرض لذل كتير وضرب اكتر بس استحمل عشان امه، وفي الآخر جت فيروز واتجوزت الظلم ابنها، ابو جلال، بهجت، ومن هنا بدأ الشيطان يظهر، يعني بقى عدواني جدا وشرير وعينه اختفى منها البراءة، بعد فترة من جواز فيروز وبهجت، فيروز ولدت وجابت جلال ومع جية جلال اتغيرت معاملتها مع بيجاد، بقت تعامله زي بهجت بقسوة وبكره فجأة ودة موته من جوة.

صمت لبرهة يلتقط انفاسه قبل ان ينظر لها ويقول بحزن
- انا مش عارف اوصلك معاناته، بس انتِ كأنسانة هتحسي بالشفقة على طفل كل الحواليه بيعاملوه بقسوة، حتى اقرب واحدة له، واللي هي امه
تنهد واغمض عينيه ليمنع دموعه من الظهور فيهما، عاد لفتحهم ليقول
- كل دة بقلهولك بالملخص عشان حكاية الشيطان كبيرة اوي وصعبة
فجأة صمت وإبتسم بسخرية فنظرت له وسألته بإستغراب
- مالك؟
تجاهل سؤالها واكمل السرد.

- تعرفي، بنتي كانت انانية جدا، هي اتجوزت بهجت لغرض ولهدف هي مقالتليش عليه، بس انا عارفه، هي كانت عايزة توصل للحكم بعد موت فخر الدين بس بهجت جه وسرق منها الحكم اللي كانت خلاص خطوة وهتوصله، مش هقولك على محاولتها الكتير لقتل بهجت، بس اللي هقولهولك على آخر محاولة واللي ادت لموتها
نظرت ريحانة له بترقب وإهتمام شديد، فأكمل.

- اتفقت مع اقرب شخص لبهجت على انه يقتله مقابل اي حاجة عايزها، بس الشخص دة كان مخلص لبهجت ومن غبائها هي اختارته، واللي اكيد كان هيعمله اي شخص بيخلص لحد هيروح ويقوله، وفعلا الشخص دة راح وقال لبهجت كل حاجة و...
قاطعته ريحانة بتخمينها
- راح ضربها اكيد، صح!
- فعلا، ضربها بس مرتحش بضربها بس.

قضبت جبينها وهي تفكر لكن عبد الخالق لم يتيح لها الفرصة للتخمين او التفكير حيث اكمل وهو يتذكر ما حدث في حين كان ينازع دموعه بقوة.

ترجل بهجت من السيارة بعد ان فتح له السائق الباب، التف حول السيارة وفتح الباب ليجذب فيروز من شعرها بقوة وقسوة، فصرخت بألم وهي تضع يدها على يده التي تقبض على شعرها، جرها للميدان وصعد بها للمنصة، فأقترب رجاله وامسكوها من ذراعيها وساروا بها للخلف حتى توقفوا امام تلك الخشبتين الكبيرتين وبدأو في ربط ذراعيها بهما، كانت تبكي وتتوسل لهم بأن يتركوها، فتجمعت الناس وبدأوا يتهامسون، في حين وصلت سيارة عبد الخالق وترجل بلهفة وجزع، سار من بين الناس حتى توقف امام المنصة وهو ينظر لأبنته بصدمة، فهتف بغضب.

- بتعمل اية يا بهجت
استدار له بهجت ونظر له من فوق مع إبتسامة سمجة على شفتيه، اجاب
- كويس انك جيت يا، عبد الخالق، عشان تشوف نهاية بنتك الخاينة
- انت بتقول اية، انت اتجننت؟، هي عملت اية؟
قهقه وقال
- الصراحة، مش فاضي اشرح
انهى جملته وامسك بزجاجة جاز وبدأ يسكبها على جسدها، فأصبحت تترجاه وهي تبكي بخوف وقهر
- بهجت متقتلنيش، سامحني، انا اسفة مش هعملها تاني، حد يساعدني ارجوكم.

إبتسم إبتسامة جانبية ساخرة وهو يقول بتهكم
- انتِ اكيد مش هتعمليها تاني عشان هتبقي فوق
زادت من نجيبها لكنها مازالت تتوسله بذعر، في حين وقف ذلك الشخص الذي اتفقت معه فيروز لقتل بهجت بجانب عبد الخالق وقال لاخير
- تعرف بيعمل كدة لية
التفت ونظر له عبد الخالق، فقص عليه الآخر ما حدث.

صرخت فيروز وهي ترى بهجت يخرج قداحته ويضغط على زنادها، فألتفت عبد الخالق سريعا وإتجه للمنصة لكن رجال بهجت منعوه من العبور، فهتف بصوت مرتفع وهو يترجاه بأن يتوقف، لكن بهجت لم يبالي برجائه حيث القى القداحه على فيروز، فأشعلتها واصبحت النيران تنهشها، فأمتلأ المكان بصوت صرخاتها المخيفة.

وكان ذلك الفتى الصغير يرى مقتل والدته من بعيد ويسمع صوت صرخاتها التي اخترقت اذنه وقلبه حتى شقتهم دون رحمة، ظل ينظر لها من بعيد وكأنه صنم فهو لا يصدق ما يراه الآن، هز رأسه بعنف وهو يحرك شفتيه ب
- لا، لا، لا
فجأة أمتلأت حدقتيه بالدموع وهو يصرخ بصوت مرتفع باكي
- ماما.

فرت دمعة حارة من حدقتي ريحانة فمسحتها وهي تخفض رأسها، بينما كانت دموع عبد الخالق تنهمر بغزارة على وجنتيه، ف لمجرد ان يتذكر الأمر، يحزن ويتألم.
- عرفتي لية الشيطان بقى كدة؟!
قالها عبد الخالق بخفوت، اومأت برأسها وهي مازالت مخفضة الرأس، فساد الصمت في الغرفة، قطعه عبد الخالق بقوله.

- عايزك تعوضيه عن كل اللي عاناه الشيطان، صدقيني هو محتاجك، محتاج الحب، محتاج حد يمسك بأيديه ويخرجه من الحفرة اللي هو واقع فيها، محتاج يحس بالأمان، ميغركيش قسوته اللي بيبينها للناس كلها، انا عارفه، هو لسة بيموت من جواه صمت ليبلع ريقه و من ثم اكمل برجاء عالجي جرحه، عشاني، رجعي الشيطان لبيجاد.
نزلت دموعها على وجنتيها دون إرادة منها، قالت بصوت متحشرج
- هرجعلك الشيطان لبيجاد، وعد.

إبتسم عبد الخالق من بين دموعه وهمس
- شكرا يا بنتي
تنهدت بقوة وهي تمسح دموعها وتتمتم بخفوت
- العفو
ثم نهضت وغادرت دون اي كلمة أخرى.

دلفت للجناح وهي تنظر للأرض فقد كانت شاردة، توقفت في المنتصف بعد ان شعرت بوجوده، فرفعت نظراتها له ببطء، بينما نهض الشيطان وخطى بخطواته الثابتة لإتجاهها حتى توقف امامها، فلمح نظرات الحزن تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت جفونها، تجاهل ما لمح بصعوبة وقال بهدوء
- لسة عايزة حريتك؟
ظلت تنظر له ولم ترد، فأكمل
- النهاردة هديهالك، بعد ما ارجع من الساحة
- مش عايزاها.

قالتها بخفوت وهي تنظر لعينيه مباشرةً، فتبادلوا النظرات لثواني معدودة وكأنها ساعات بالنسبة لها، كانت تتذكر ما قاله لها عبد الخالق، فشعرت بألم في فؤادها، نعم هي تتألم لأجله فهو قد عانى الكثير، نزلت دمعة من حدقتيها وهي تشعر برغبة كبيرة في عناقه لعلها تواسيه على ما مر به، تشعر ان هذا واجب عليها، فخضعت لرغبتها واقتربت منه، مدت كفها له لتتسلل الى اسفل ذراعيه مقربة جسدها اليه معانقة اياه بحنان، دفنت رأسها في صدره لتستنشق رائحته، فسالت دموعها على وجنتيها وهي تهمس بصوت حاني لامس قلبه.

- انا عايزة ابقى معاك، خليني جمبك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة