قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

تشعر بدقات قلبه التي اضطربت فجأة بسبب شعوره إتجاهها وشعوره من هذا الحنان الذي يتدفق من هذا الحضن، الحضن الذي ذكره بحنان والدته، هي ذكرته به.

كور قبضته بقوة وهو جامد في مكانه، كانت عينيه تظهر مدى اثر ذلك العناق عليه، فأغمضهما بقوة وفتحهما فتحولت نظراته للجمود، وضع كفيه على ذراعيها بقوة وابعدها عنه بهدوء، نظرت له من بين دموعها بينما بادلها بنظراته المظلمة وهو يقول بهدوء اصطنعه امام نفسه، رغم بعثرة مشاعره بداخله
- غيرتي رأيك فجأة!، مش انتِ بنفسك الطلبتي حريتك مني
اخفضت رأسها بينما اكمل
- أنا بدوري بنفذلك طلبك.

مسحت دموعها ورفعت رأسها لتنظر له، قالت بصوتها المتحشرج من البكاء
- من امتى وانت بتنفذلي اي طلب بطلبه منك؟
- انتِ عمرك ما طلبتي مني قبل كدة عشان تقولي من امتى
تنهدت وقالت بإرهاق
- ماشي، انا دلوقتي بسحب كلامي، انا مش عايزة حريتي منك
- وانا عايز ادهالك
قالها ببرود وهو يضع يديه في جيوب بنطاله بعد ان ترك ذراعيها، فقالت بتعمد بعد ان توقفت عن البكاء
- لية عايز تمشيني؟، خايف لتحبني؟!

تجمدت ملامح وجهه لوهلة قبل ان يبتسم بسخرية، في حين اكملت
- انت خايف لتقع في حبي، لكونك شيطان، الحب عندك شيء ملغي
- انتِ قلتيها، ملغي
قال الأخيرة ببطء وكأنه يؤكدها امامها وامام نفسه بالأخص، فإبتسمت وقالت
- بس بالنسبالي الحب شيء متاح
ساد الصمت لدقائق وهم يتبادلان النظرات، تعمقت في النظر اليه حتى شعرت بتلك النظرة التي يحاول يخفيها، نظرة جزع واضطراب، فشعرت بالسعادة، فهي تأثر عليه ولو حتى بنسبة صغيرة.

- الصراحة، في مشاعر جوايا ليك، انت
قالتها بخفوت وهي تنظر له بنظرات حانية مترقبة، كانت تشعر بالتردد من قول تلك الكلمات فهي مازالت في صراع بسبب مشاعرها المتخبطة.
- انتِ مش اول واحدة ولا اخر واحدة تقول لي الكلمتين دول
قالها ببرود ممزوج بنبرة متهكمة، مما سبب لها الذهول، الضيق، الغيرة!، فهي تعلم ما يقصده ب اول واحدة، انه يقصد عشيقاته الذين سبقوها، خلصت نفسها من مشاعرها تلك وهي تقول بثقة اتقنتها.

- برضه، انا غير
نظر لها بتمعن متفحصا جسدها ومفاتنه من رأسها حتى اخمص قدميها وهو يقول بخبث
- غير!، من اي ناحية بقى!؟
نظرت له بشراسة ممزوجة بالضيق وهي تقول بتلقائية
- مش بالجسم ولا بالشكل على فكرة
- ماشي
قالها بلامبالاة وهو يتخطاها، فألتفتت بسرعة وقالت
- ما تيجي نتفق على اتفاق
توقف ونظر لها من فوق كتفه وهو يلويها ظهره، فأكملت
- انا هفضل عايشة هنا معاك و...
قاطعها قبل ان تكمل جملتها ب
- لا
- هو انا كملت لسة؟!

- رافض اي إتفاق معاكِ
بعد ان انهى جملته نظر امامه وخطى خطوتين فقط حيث اوقفته مرة آخرى بقولها الهادئ الخبيث
- ماشي، براحتك، متبقاش تيجي وتلومني على تصرفاتي بقى
لم يهتم بقولها حيث سار بإتجاة الباب وغادر بهدوء، فجلست هي على طرف السرير ومالت قليلا حيث اسندت مرفقيها على فخذيها، وضعت وجهها بين كفيها وهي تتنهد.

وقف جلال امام المرآة وهو يعدل بدلته، امسك بزجاجة العطر ورش منها على بدلته الرمادية، نظر لنفسه في المرآة برضا وثقة، ومن ثم التفت وغادر جناحه، وقصره.
كان ينظر من خلف زجاج نافذة السيارة وهو شارد في حين كان يحدث نفسه
- النهاردة الفرصة الأخيرة ليا، انا خسرت كتير قدام الشيطان والمرة دي لو خسرت، هنسحب عشان مخسرش اللي باقيلي، وهرجع ريحانة ليا، وهكتفي باللي معايا.

توقفت سيارة الشيطان، فترجل السائق سريعا والتف حول السيارة حتى توقف امام الباب الخلفي وفتحه لسيده، ترجل الشيطان بهدوء من السيارة ونظر امامه بجمود من خلف نظارته الأنيقة، خطى خطواته الواثقة لداخل الساحة حتى وصل لمنتصفها، فجلس في مقعده الرئيسي ووضع قدم على آخرى.

دخلت زهرة لجناح الشيطان بعد ان طرقت على الباب، تقدمت من ريحانة التي مازالت جالسة على طرف السرير، قالت
- انسة ريحانة
ابعدت ريحانة كفيها من على وجهها ونظرت لزهرة التي اكملت
- مش هتروحي الساحة؟
ظلت ريحانة تنظر لها بعدم إنتباه، فأعادت زهرة قولها بصوت مرتفع قليلا فأنتبهت ريحانة وقالت بتشتت
- مش عارفة
- طيب انا هروح، تيجي معايا؟
نظرت لها ريحانة بتفكير ومن ثم قالت وهي تنهض
- ماشي، هاجي، بس هغير لبسي.

- ماشي، هستناكي تحت
اومأت ريحانة برأسها وإتجهت للخزانة في حين التفتت زهرة وغادرت الجناح
بعد مرور خمسة عشر دقيقة، انتهت ريحانة من ارتداء ملابسها ومن ثم نزلت للطابق الرئيسي حيث كانت زهرة تنتظرها هناك.

- يلا؟
سألتها ريحانة، اومأت زهرة برأسها وسارت لخارج القصر وريحانة بجانبها.

جميع اللاعبين -الستة- جالسين في مقاعدهم ماعدا جلال، فهو لم يصل بعد، فنظر الشيطان للاعبين بجمود وقال
- هنبدأ
فرد عليه احد اللاعبين
- هنبدأ بدون السيد جلال!
- ايوة
قالها الشيطان وهو ينظر لذلك اللاعب بطرف عينيه.
- مين قال انكم هتلعبوا بدوني!
قالها جلال وهو يقف على مسافة منهم، فألتفت اللاعبين لينظرون له ماعدا الشيطان، تقدم جلال منهم وجلس في مقعده وهو يلقي التحية عليهم.

بدأت اللعبة، تم توزيع الشدة واخرج كل شخص منهم مبلغا كبيرا من المال ووضعه على الطاولة وبدأ كل شخص في رمي النرد طاولة الزهر في دوره.

وصل كلا من زهرة وريحانة امام الساحة فدخلوها وصعدوا السلالم المؤدية لمقاعد المتفرجين، جلسن في المقاعد الأقرب للساحة بعد عناء، مررت ريحانة نظراتها بين اللاعبين حتى توقفت عند جلال الذي فور رؤيتها له شعرت بالبغض والنفور!، أبعدت نظراتها عنه فوقعت نظراتها على الشيطان الذي كان يلعب بهدوء وثقة، ظلت تتابعه بهدوء.

فجأة تعالى صوت الجمهور بحماس فقد خسر ثلاث لاعبين، فتبقى جلال والشيطان ولاعب آخر، فتابعوا اللعب، فلم تكمل عشر دقائق حتى خسر اللاعب الآخر فتبقى جلال والشيطان، فقط.
- كالعادة، انا وانت في النهاية
قالها جلال بهدوء وهو ينظر للشيطان بنظرات متحدية، بينما كانت نظرات الشيطان باردة وهو يرد بثقة
- وكالعادة النهاية محسومة
- معتقدش.

قالها جلال بشيء من الثقة وهو يضع الكثير من المال على الطاولة، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة ولم يرد، حيث اكتفى باللعب.
كانت ريحانة تتابع ما يحدث بإهتمام وانفاس مضطربة لإنتظارها إعلان فوز، الشيطان!، نعم هي تريده ان يفوز امام جلال، فهي تعلم مدى كره جلال لخسارته خاصةً امام الشيطان، ستعتبر هذا إنتقام منها له بما انها لن تستطيع ان تنتقم منه لما فعله معها.

قد حان ان يكشف كلا من الشيطان وجلال عن اوراقه، فتعالت اصوات اهل القرية للحظة الختام، وعم الصمت فجأة، نعم لقد خسر جلال، كالعادة، وفاز الشيطان.
نهض جلال بضيق وغضب في حين نهض الشيطان بهدوء وببطء وهو يبتسم بطريقة مستفزة، تقدم من جلال ووقف امامه ليقول بطريقة مستفزة اغاظت جلال
- متزعلش، دي مش اول مرة تخسر
كور جلال قبضته بحنق وهو يأخذ نفسا عميقاً ليقول بعدها بهدوء اصطنعه
- مبروك عليك الفوز.

اومأ الشيطان برأسه ومازالت إبتسامته المستفزة مرسومة على شفتيه، التفت الأخير وسار وما لبث ان توقف عندما قال جلال
- تعالى نتفق على اتفاق
نظر له الشيطان من فوق كتفه وهو يلويه ظهره، فقال جلال بدون مقدمات
- اية رأيك نرجع، اخوات؟
ألتفت الشيطان بجسده ونظر لجلال بجمود وقال
- لية جاي دلوقتي تطلب اننا نرجع اخوات؟
تنهد جلال وقال
- عشان عارف اني دايما هفضل اخسر قدامك، فأنا مش عايز اخسر اكتر من كدة.

- قصدك عشان عرفت انك ضعيف قدامي
قالها الشيطان بنبرة قاسية بعض الشيء، فتحمل جلال غضبه وغيظه حيث لم يرد في حين اكمل الشيطان
- بس لا، انا وانت عمرنا ما كنا اخوات ولا هنكون
- يعني...
قاطعة الشيطان ب
- يعني انا رافض إتفاقك دة
انهى جملته والتفت ببرود وقبل ان يخطو خطوة واحدة قال
- كويس انك انسحبت بنفسك، كدة سهلتلي امور كتير.

ومن ثم خطى خطواته لبوابة الساحة، بينما كانت ريحانة تتابع ما يدور بينهم بلهفة، فهي تريد ان تعرف عن ماذا يتحدثون؟، نهضت ريحانة وخلفها زهرة وهبطوا السلالم بصعوبة بسبب الأجواء المزدحمة، فالناس يستعدون للمغادرة، توقفت ريحانة عند البوابة، فسألتها زهرة
- وقفتي لية؟
- مستنياه
- مين؟، السيد جلال!
قالت الأخيرة بإستنكار، فألتفتت ونظرت لها ريحانة بهدوء مُصححة
- لا طبعا، مستنيه الشيطان.

هزت زهرة رأسها وهي ترمق ريحانة بنظرات غريبة، فسألتها ريحانة
- مالك؟، بتبصيلي كدة لية؟
- انتِ لية الأيام دي غريبة؟
- نعم!، غريبة ازاي؟
قالتها ريحانة بعدم فهم، فقالت زهرة
- مش عارفة بس حاسة ب..
قاطعها صوت الحراس الذين يبعدون الناس عن البوابة ليمر سيدهم، فأتى احد الحراس امام ريحانة ودفعها بدون قصد فسقطت على الأرض فتأوهت، فأسرعت زهرة وجثت على ركبتيها لتسألها بلهفة
- انتِ كويسة؟

نظرت لها ريحانة ومن ثم للحارس الذي لاواهم ظهره وكأنه لم يفعل شيء، هتفت بغضب
- انت اتعميت؟، مش شايفني!
استدار لها الحارس برأسه ونظر لها ببرود، قال بطريقة مستفزة
- لا
- نعم!
قالتها بذهول من رده، فنظر لها بعدم إكتراث قبل ان يعود وينظر امامه، فظلت تنظر له بذهول حتى ادركت ما قاله وتجاهله لها فشعرت بالغضب، نهضت بمساعدة زهرة التي بدأت في تنظيف ملابس ريحانة من التراب بينما هتفت ريحانة به بغضب وصوت مرتفع.

- انت قليل الذوق ومش محترم
التفت لها الحارس مرة آخرى ببرود ولم يرد بينما اكملت
- بدل ما تبصلي لازم تتأسف ل..
قاطعها بإستخفاف
- اتأسفلك!
- ايوة تتأسفلي وت..
قاطعها صوت تعرفه جيدا
- في اية؟
كان الشيطان هو صاحب هذا القول، قالها وهو ينظر للحارس قبل ان ينقل نظراته لها، فأخفض الحارس رأسه بإحترام وقال
- مفيش حاجة يا سيدنا
- يعني اية مفيش حاجة!

قالتها بحدة وهي تبعد خصلات شعرها من على وجهها في حين كانت تنقل نظراتها له وهي تقول بإنفعال
- الحارس بتاع حضرتك وقعني والمفروض لما حد يوقع حد يساعده على الأقل او يتأسفله بس حُراسك يا ما شاء الله، زيك، باردين ومتكبرين...

كان ينظر لها وهو شارد بها وبكل حركة تصدر منها اثر إنفعالها، كانت هيئتها بالنسبة له ساحرة فقد كانت خصلات شعرها المجعد متناثرة على وجهها بتمرد والتراب الذي يزين وجنتيها بسبب اناملها التي وضعتها عليهم لتزيل خصلاتها، ايقظته من شروده عندما قالت بحدة
- هو انا مش بكلمك!
نظر لها بهدوء وسأل بصرامة
- مين اللي قالك تيجي الساحة؟، استأذنتيني؟!
- دة اللي هامك!
- ايوة، ردي
- انا كنت عايزة اجي فجيت.

نظر لها بترقب ومن ثم نقل نظراته لزهرة ثم للحارس، قال للأخير بهدوء مخيف
- حسابك معايا بعدين
ومن ثم مد ذراعه وامسك بريحانة من رسغها ليجذبها له وهو يقول
- تعالي
سار بها للسيارة تحت انظار سكان اهل القرية وزهرة وجلال الذي يتابع ما يحدث من بعيد بحنق وغيرة.
اصعدها السيارة وصعد بجانبها بهدوء، امر السائق باأن ينطلق ففعل، كانت ريحانة تحدق به بدون سبب فرأها من المرآة الداخلية، قال بهدوء وهو ينظر امامه
- عاجبك!

انتبهت لقوله ونظرت له، همست ببلاهة
- نعم!
رمقها بطرف عينيه ببرود، قال
- بتبصيلي من اول ما دخلنا العربية
بلعت ريقها وقالت بكذب
- لا مكنتش ببصلك بس كنت سرحانة شوية
نقل نظراته امامه بجمود ولم يرد، ساد الصمت لبرهة قبل ان تقطعه بإنفعالها المفاجئ.

- انت لية مخدليش حقي؟، يعني حارسك وقعني واسلوبه كان بارد، زيك قالتها بهمس و اكملت وقليل الذوق والأحترام، دة حتى مقالش اسف!، هو انت بتعملهم مبادئك وبتعديهم بطباعك ولا اية!
التفت برأسه ونظر لها بحدة
- قصدك اية؟
- مقصديش.

قالتها بطريقة مستفزة وهي تنقل نظراتها امامها ببرود، بينما ظل الشيطان ينظر لها بنظرات غريبة، مد ذراعه ووضع كفه على وجنتها، فنظرت له بطرف عينيها ومن ثم اعدلت وجهها لتصبح مقابلة له وقالت بإضطراب
- بتعمل اية؟
لم يجيبها حيث بدأ في تمرير انامله على وجنتها ليمسح ذلك التراب، فنظرت لكفه الموضوع على وجنتها ورفعت يدها لتمسك بذراعه وتبعدها، فقال بصرامة
- استني.

ازال التراب فأصبح وجهها نظيف، فنظر لها وقال بهدوء وهو مازال يتلمس وجنتيها
- التراب كان مالي وشك فمسحتهولك
نظرت له بتعمق قبل ان تومأ برأسها وتقول بخفوت وبعض من الخجل
- ماشي، شكرا
ابعد كفه من على وجنتيها ووضعه بجانبه في حين التفت ونظر امامه، قال بهدوء وصعوبة بعض الشيء
- العفو
إبتسمت ريحانة وهي تنظر له بنظرات حانية، ابعدت نظراتها عنه ونظرت من خلف زجاج النافذة وهي تتنهد بهدوء.

بعد مرور ساعات
بعد ان وصل جلال لقصره، إتجه لمكتبه ودخله وهو يتأرجح بخطواته، القى بجسده على الأريكة بإهمال فتأوه، اعاد رأسه للخلف وهو يخرج انفاسه الخشنة من بين شفتيه، مد كفه وامسك بزجاجة الخمر الموضوعة على الطاولة الصغيرة وفتحها ليشرب بطريقة مقززة عشوائية، فجأة اصبح يضحك كالمجنون وهو يتمتم ب
- انا ضعيف، قال انا ضعيف!، دة انا اقوى منه و من امثاله
مسح جبينه بظهر كفه و تمتم بآخر.

- ريحانة، انا هرجعك، انا قوي مش ضعيف، انا هقدر ارجعك ليا بقوتي
شرب زجاجة الخمر بأكملها، ألقاها على الأرض بإهمال بعد ان ادرك انه شربها كلها ومن ثم اعتدل لوضع الجلوس وهو يحدث نفسه بصوت عالي
- ريحانة ليا، هو ازاي يمسكها كدة!، لا وقدام عنيا!، وهي، هي مقاومتش
بلع ريقه ونهض، إتجه لمكتبه في حين كان يكمل
- انا قلتلها قبل ما ابعتهاله انها ليا، فاكر، ايوة انا فاكر، بس...

لم يكمل جملته حيث جلس على كرسي مكتبه وبدأ في فتح ادراج المكتب وهو يبحث عن شيء ما خطر على باله فجأة
- هو فين، فين؟، انا فاكر اني حطيته هنا
ظل يبحث عن الشيء ولكنه لم يجده فنهض بحدة وقال بعدم تصديق
- ورقه جوازي انا وريحانة، اختفت!
بعد ان انهى جملته التف حول مكتبه بخطواته المتأرجحة وخرج من مكتبه، إتجه للسلم وصعده واثناء صعوده تعثر وسقط، لم يتأذى و لكنه فقد الوعي.

في جناح الشيطان.

تحت ضوء القمر الخافت، كانت ريحانة مستلقية على السرير، بجانبه، كانت تحدق به بشرود فقد كانت تفكر في انها، كيف ستتصرف معه!، هي قد فكرت بأكثر من شيء لفعله لكن كل ما فكرت فيه وخططت له يحتاج الكثير من الجرأة والقوة، وهذا سيكون صعب عليها بعض الشيء ولكنها ستحاول، تنهدت وهي تبعد نظراتها عنه في حين ذلك السؤال الذي يحيرها من بداية اليوم مازال يطرح نفسه، والسؤال هو، هل هي تفعل ذلك لشعورها بالشفقة عليه ام لمشاعرها التي تكنها له؟!، لا تستطيع تحديد إجابة محددة ولكنها تيقن ان ما تفعله بدافع جانبها الإنساني ومن ثم مشاعرها، والقليل من الشفقة او عدمها، اعادت نظراتها له وهمست له.

- هعمل كل الهقدر عليه عشان اغيرك وارجعك لبيجاد، انا عايزة انسيك كل ماضيك، عايزة اعوضك عن القسوة اللي شفتها في طفولتك، انا هعوضك صدقني، بس اديني الفرصة، اصل انا عارفة انك مش هتسمحلي اني اقرب منك عشان اعوضك بس صمتت لبرهة قبل ان تبتسم بهدوء وتكمل بعزم انا هقرب منك وهخلي مشاعرك ناحيتي تغيرك من غير ما تحس.

بعد ان انهت جملتها اقتربت منه ودفنت وجهها في عنقه لتشم رائحته التي تعشقها، فتنهدت براحة وإستمتاع قبل ان تطبق جفونها لتنام.

أشرقت شمس يوم جديد
فتح الشيطان عينيه بإنزعاج على اثر اناملها التي تمررها على ذقنه
- صباح الخير
قالتها بهدوء وهي تنظر له بنظرات ساحرة، ابعد كفها من فوق وجهه بحدة واعتدل، في حين اكملت بصوت ناعم
- مالك؟
نظر لها بطرف عينيه قبل ان يمسح وجهه بكفيه، فقالت
- انت مش بترد عليا لية؟، عموما، يلا قوم اغسل وشك عشان ننزل نفطر، سوا
ابعد كفيه من على وجهه ونظر لهل بعيون ضيقة فسألت.

- مالك؟
- انتِ اللي مالك؟
- انا كويسة اهو
- بتخطتي لأية؟
قالها وهو يراقبها بنظراته، فأبتسمت ببراءة وقالت بخفوت
- مش بخطط لحاجة
هز رأسه وقال بإستخفاف
- صدقت
انهى جملته ونهض متجهاً للخزانة فأسرعت وسبقته حيث فتحت الخزانة واخرجت ملابس له، التفتت فوجدته يقف مقابلا لها، قالت برقة
- البس دة
تجاهلها ومد ذراعه من جانبها لداخل الضلفة، فنظرت له بخبث وقالت بطريقة طفولية وهي تمط شفتيها بشكل طفولي.

- مش هتلبس دة يعني؟!
نظر لها من فوق ومن ثم قام بحركة سريعة حيث جذبها له من خصرها مما اجفلها في البداية، همس بأنفاسه الحارة
- عايزة توصلي ل اية يا ريحانة؟!
بلعت ريقها بتوتر، قالت بتلعثم
- مش عايزة حاجة
وصمتت للحظة قبل ان تقول بثبات
- اة عايزة، البس دة
ورفعت ذراعها الممسكة بملابسه، فنظر للأخير والتقطه من قبضتها، تركها وإتجه للحمام، فإبتسمت هي بإنتصار وقالت بصوت مرتفع
- شكرا
لم يرد حيث صفق الباب بحدة، فضحكت.

فتح جلال عينيه بتثاقل وتعب، مرر نظراته الزائغة حوله ثم اعتدل لوضع الجلوس بصعوبة ووضع يده على رأسه واصبح يدلكها بقسوة بسبب الصداع
- يا اللي برة
هتف بها بصوت مرتفع، فدخلت احدى الخادمات سريعاً، فقال بحدة
- اعملولي قهوة، بسرعة
اومأت الخادمة برأسها وغادرت سريعا لتنفذ ما طلبه.

في غرفة الطعام
كان الشيطان جالس في مقعده المعتاد وهي ايضا، أقتربت الخادمة لتقدم الطعام، فنهضت ريحانة فجأة واخذت من الخادمة الإناء
- انا هقدمله الأكل، امشي انتِ
نظر الشيطان لريحانة بطرف عينيه ومن ثم للخادمة التي كانت تنظر له بحيرة، فأومأ لها برأسه، فغادرت، في حين بدأت ريحانة في تقديم الطعام واثناء تقديمها امسك برسغها بقوة فنظرت له بألم فرفع نظراته لها وقال
- تصرفاتك مش عجباني
- انا! لية؟
- حاسس ان..

قاطعته بمزاح
- حاسس مش متأكد
رمقها بحدة فصمتت، تركها واخذ منها الطبق ليضعه على الطاولة فأتت ان تقول شيء لكنه سبقها بقوله الصارم
- اقعدي وكلي، مش عايز اسمع صوتك
جلست في مقعدها وهي تنظر له بضيق، بينما بدأ هو في تناول طعامه، فتنهدت بإحباط.

بعد ان انهى الشيطان تناول طعامه نهض، فنهضت هي ايضا فنظر لها بطرف عينيه بنفاذ صبر قبل ان يسير لخارج غرفة الطعام وهي خلفه، دخل مكتبه فدخلت خلفه وسبقته لتجلس على احدى الكراسي، توقف ونظر لها بحدة وقال بنفاذ صبر
- اخرجي، انا مش فاضيلك
- عايزة اركب الحصان بتاعك، تعالى ركبني
قالتها بعد ان تجاهلت قوله وهذا اغضبه، فأقترب منها وامسك بذراعها لينهضها وسار بها لإتجاة الباب وهو يقول.

- صدقيني لو فضلتي على اسلوبك الجديد بتاع النهاردة دة هتندمي
- هتندمني ازاي؟
قالتها بطريقة استفزته، فتوقف وادارها له لينظر لها بقسوة، اتى ان يرد لكنها سبقته
- اها انا عارفة، لهتضربني لهتقرب مني غصب، المهم اكملت برجاء عايزة اركب الحصان، خدني وركبهولي
- قلتلك مش فاضي، وغير كدة مش كنتِ بتخافي منه؟
- كان زمان، دلوقتي مبقتش اخاف، دلوقتي بحبه.

قالت الأخيرة بطريقة غريبة، لم يهتم كثيرا، حيث التفت ووضع كفه على مقبض الباب وبرمه، اخرجها واتى ان يغلق الباب لكنها وضعت قدمها وقالت برجاء
- يلا بقى، عايزة اركبه
- قلتلك مش فاضي
- هما عشر دقايق، يلا
- قلت لا، وابعدي رجلك وإلا هقفل عليها
- مش هبعدها
قالتها بعناد، فهز رأسه ببرود قائلاً
- براحتك
واتى ان يغلق الباب لكنه توقف عندما هتفت برجاء طفولي
- بيجاد، يلا بقى.

نظر لها بضجر قبل ان يتقدم منها ويمسكها من ذراعها ويتجه بها لحديقة القصر وهو يقول
- شكل ايام الطفولة وحشتك عشان كدة قلبتي طفلة فجأة
- خلاص مش عايزة اروح في حتة
قالتها بضيق وهي توقفه، فألتفت ونظر لها، قال بهدوء
- احسن
وترك ذراعها وتخطاها، فأسرعت وامسكت يده، قالت وهي تبتسم
- بهزر، يلا نروح
انهت جملتها وسحبته خلفها وهي تشعر بالإستمتاع لما تفعله.

جلس جلال على كرسي مكتبه وفور جلوسه طرق احدهم الباب فأذن للطارق بالدخول
- السيد عز الدين برة
- دخله
دخل عز الدين لمكتب جلال وجلس على احدى المقعدين المقابلين لجلال، قال الأخير بنبرة ساخرة
- السيد عز الدين جايلي بنفسه عشان يشوفني!
- اة جايلك بنفسي، بس اكيد مش عشان اشوفك، عايز الورق يا جلال
- اهاا عشان الورق، ماشي.

فتح جلال احدى ادراج مكتبه واخرج منها ملف وقدمه له، فمد عز الدين يده ليأخذه ولكن جلال سحب الملف له قائلاً بإستخفاف
- هو انا هدهولك كدة بدون ما تديني اللي اتفقنا عليه!
- اللي اتفقنا عليه معايا
إبتسم جلال إبتسامة جانبية وقال
- طيب سلم وإستلم
نظر له عز الدين بإستحقار قبل ان يخرج صندون صغير من حقيبته ويضعه امام جلال، كان الأخير يتابعه بنظرات مترقبة
- اهو العقد، يلا هات الملف.

قالها عز الدين بجمود، فمد جلال يده واخذ الصندوق وفتحه فلمعت عينيه بالجشع، فقال عز الدين
- هات الملف، يلا
اعطاه الملف، فأخذه عز الدين وتأكد من ان هذا الورق الذي يريده وبعد ان تأكد نهض
- كدة خلصنا انا وانت، سلام
لم ينتظر رد جلال حيث التفت بعد ان التقط حقيبته وغادر، بينما كان جلال يخرج العُقد من الصندوق ليتأمله، حدث نفسه.

- هنفذ قراري بما ان العُقد بقى معايا دلوقتي، بس في الأول هرجع ريحانة وبعدها هنهي كل حاجة على خير.

اخرج الشيطان جواده الأسود من الأسطبل وإتجه به لها، فتراجعت للخلف بتلقائية وهي تهتف
- اوقف
رفع الشيطان حاجبه بإستغراب في حين لم يتوقف، فقالت
- متقربهوش اوي مني، عشان لسة بخاف منه
- مش قلتي انك بتحبيه وانك مش بتخافي؟
- اة بحبه بس بخاف منه شوية، شوية مش اوي
توقف وقال بهدوء
- طيب تعالي
- لية؟
- تعالي
قالها بصرامة، فخضعت له وتقدمت منه حتى توقفت بجانبه ونظرت له، مد يده وامسك بكفها ليقربه من رأس الجواد
- لا.

قالتها وهي تحاول سحب يدها، لكنه ضغط على كفها وهو ينظر لها بحدة، فبلعت ريقها وهي ترى كفها يقترب من رأس الجواد حتى لمسته، فأرتجف جسدها بخفة في البداية وقد شعر الشيطان بذلك فقال
- لو عايزة تبقي صاحبته لازم تعامليه بحنان وهدوء وبدون خوف
نظرت له، فأكمل وهو يلف ذراعه حول خصرها ليجذبها ويوقفها امامه وظهرها يقابل صدره
- جربي تكوني صاحبته، يلا.

نظرت له من فوق كتفها ومن ثم نظرت للجواد، بلعت ريقها مرة آخرى وهي تمرر كفها على صفحة رقبته بيد مرتجفه نوعا ما، فوضع الشيطان كفه فوق كفها فنظرت له بطرف عينيها، بينما قال بصصوت خافت
- حاولي تخلي ايدك ثابتة، يعني مترتجفيش
- مش بأيدي
نظر لها، فأكملت
- انا كدة من صغري لما بخاف او بتوتر ايدي بترتجف لوحدها
بعد ان انهت جملتها ابعدت كفها وقالت بحماس
- يلا نركبه.

التفتت بسرعة فأصطدمت بخفة في صدر الشيطان، نظر لها وابتعد قليلا بينما دلكت هي جبينها وهي تسير بخطوات بطيئة لإتجاه الجواد وتوقفت امامه، اتت ان ترفع قدمها لتضعها على الركاب لكنها وجدت كفيه القويين يرفعها من خصرها فجأة، فشهقت بفزع ونظرت له من فوق كتفها بعتاب
- خضتني
- اركبي، خلصي
قالها بهدوء، فرمقته بضيق قبل ان تعتلي الجواد
- هتسبني لوحدي؟
قالتها بعد ان رأته يتقدم ويمسك باللجام، فقال
- لا
- طيب اركب.

نظر لها بطرف عينيه وتجاهلها حيث بدأ في السير فسار الجواد، خافت وقالت وهي تمسك الجواد من شعر رقبته بدون قصد
- هقع
ترك الشيطان اللجام وتوقف لينظر لها، إبتسم بينما بادلته نظراته بنظراتها الفزعة وهي تقول
- والله هقع، وقفه.

قبضت على شعر الجواد اكثر بسبب خوفها فتعالى صوت صهيل الجواد وهو يرتفع بجسده، فصرخت بفزع قبل ان تسقط على الأرض، فاسرع الشيطان بعد ان رأى سقوطها وجثى على ركبتيه واضعاً كفه اسفل رقبتها قائلاً بقلق
- انتِ كويسة؟
اخرجت تأوهات تظهر فيها المها وهي تفتح عينيها ببطء وتتمتم
- طهري.

قالتها وبعدها اصبحت تبكي بألم، فأسرع ومرر احدى ذراعيه اسفل ظهرها والآخرى اسفل فخذيها وحملها بحذر، فتأوهات اكثر، نظر لها بقلق ظاهر وسار بها لإتجاة القصر، واثناء سيره قالت من بين بكائها
- كل دة بسببك، ااة طهري
بلع ريقة واعتذر بتردد
- اسف
نظرت له من بين دموعها فلمحت نظراته النادمة، فإبتسمت بتعب وهي تسند رأسها على صدره فسمعت دقات قلبه المضطربة.

امسكت عايدة بهاتفها وضغطت على عدة ارقام قبل ان تضعه على اذنها وهي تنتظر رد الطرف الأخر
- الو
قالتها بعد ان رد الطرف الأخر والذي كان، جلال
- نعم يا عايدة
- نعم يا عايدة!، مفيش ازيك ولا حاجة
- لا
- طيب تصدق انا غلطانة لأني فكرت اتصل بيك واسأل عليك
- ايوة، أنتِ غلطانة
كورت قبضتها بغضب وغيظ، بينما اكمل
- سلام
- استنى
- نعم
- كنت عايزة اسألك عن حاجة
- اية؟
- امتى هتاخد ريحانة من هنا؟
- ريحانة!، لية بتسألي؟

- عشان انا شاكة في حاجة
- بخصوص؟
- بخصوصها هي والشيطان
- مالهم؟
- انا حاسة ان الشيطان حبها، وهي كمان
قهقه جلال بعد سماع قولها وقال بإستخفاف
- ريحانة تحب الشيطان؟ أنتِ اتهبلتي صح؟، بصي، أحب اقولك ان احساسك غلط
- لا مش غلط
قالتها بحدة واكملت بثقة
- انا معايا ادلة كتير واولها تصرفاتهم، عموما، انا حبيت اقولك عشان تلحق نفسك
تغيرت ملامح جلال للغضب والقسوة وهو يقول بحزم.

- انا مش هسمح بحاجة زي دي تحصل، انا هرجع ريحانة النهاردة
- ايوة، رجعها ليك.

وضعها على السرير برفق، قال وهو ينظر لها بقلق
- هجبلك الحكيم
- لا، مش مستاهلة
قالتها بتعب، واكملت
- ناديلي زهرة
اومأ برأسه ونهض، إتجه للباب وفتحه وامر الحارس بأن يجلب له زهرة، فأومأ الحارس برأسه وغادر ليجلب زهرة، بعد دقائق عاد الحارس وطرق على باب الجناح، فتح له الشيطان فأخبره الحارس
- زهرة مش موجودة
- يعني اية مش موجودة؟
سأله الشيطان بحدة، فأخفض الحارس رأسه وقال.

- لما سألتهم عليها قالولي انهم بعتوها تجيب حاجات للقصر
التفت الشيطان واغلق الباب في وجه الحارس بغضب، عاد لها ليخبرها
- زهرة مش موجودة
هزت رأسها بإستياء، رفعت رأسها لتنظر له
- ممكن طلب
اومأ برأسه، فقالت
- ساعدني، عايزة اقعد
اقترب منها وجلس على طرف السرير وساعدها لتجلس، فنظرت له وقالت
- شكرا
ثم مالت قليلا وهي تمد يدها للدرج فأمسك ذراعها وقال
- عايزة اية؟

- علبة الإسعافات، فيها كريم للكدمات ولوجع الطهر، قبل كدة شفته
اومأ برأسه وفتح الدرج، اخرج منه صندوق الإسعافات الأولية واعطاها اياه، فتحتها واخرجت عبوة الكريم الخاص للكدمات ومن ثم وضعته بجانبها وبدأت في رفع سترتها وما لبثت ان انزلتها سريعا عندما ادركت انه معها، رفعت نظراتها له بإحراج وطلبت
- ممكن تخرج
- لا
قالها بهدوء قبل ان ينهض ليقترب ويجلس خلفها، مد يده واخذ العبوة من يدها فقالت بتساؤل
- هتعمل اية؟

- هدهنلك
قالها وهو يرفع سترتها من الخلف، فشهقت بفزع وقالت بخجل وإحراج
- لا، انا هعمل لنفسي
- مش هتعرفي
- هعرف
قالتها وهي تبعد يده، فأعاد يده مرة آخرى قائلاً بصوت دافئ ليطمأنها
- متخفيش، مش هعملك حاجة.

نظرت له من فوق كتفها وهي تلويه ظهرها، في حين بدأ هو في رفع سترتها من الخلف بأحدى يديه، وباليد الأخرى فتح العبوة، نظر لنصف ظهرها العاري و الذي كان لونه يميل للزرقة بسبب اثر سقوطها، فشعر بالذنب فهو من تركها وتسبب لها بهذا، تنهد بهدوء قبل ان يضع انامله المغطاة بالكريم على ظهرها، فتسارعت انفاسها وهي تشعر بأنامله تتحرك على ظهرها، اغمضت عينيها بقوة لتتحمل الألم والرغبة!

بعد ان انهى جلال مكالمته مع عايدة، نهض واصبح يجوب الغرفة ذهابا وإيابا وهو يفكر في قول عايدة الذي جعله يستشيط غضباً، كيف لريحانة ان تحب الشيطان؟ كيف وهي تعلم انها ملكه، ملكه وحده، هو لن يقبل بأن يشاركه احدا بها توقف امام مكتبه واخذ هاتفه، اتصل بوالد زهرة، فرد الأخير
- الو يا سيد جلال
- تعالى حالا
- انا تعبان يا سيد جلال ومش...
- قلت تعالى
قالها بحدة، فتمتم الآخر بإستسلام
- ماشي يا سيد جلال، جي.

- خمس دقايق وتبقى هنا
قالها جلال امرا قبل ان ينهي المكالمة.

ارتدى والد زهرة ملابسه واتى ان يخرج من منزله لكن زوجته اوقفته بقولها
- رايح فين يا حج؟
التفت ونظر لها، اجابها
- رايح للسيد جلال
- ازاي هتروحله وانت لسة تعبان!، كلمه وقله انك تعبان
- قلتله اني تعبان بس مهتمش واتعصب واصر اني اروحله
- دة راجل معندهوش قلب
قالتها زوجته بقهر، فتنهد الآخر وقال
- انا همشي بقى عشان قال لي متأخرش
- يارب يخلصنا منه ومن جبروته قريب
نظر لها زوجها وقال وهو يبتسم بأمل
- هيحصل
ثم غادر.

بعد مرور خمسة عشر دقيقة، داخل مكتب جلال
- اتأخرت عشر دقايق
قالها جلال بغضب، فرد والد زهرة
- الطريق يا سيد جلال
رمقه جلال بغضب وقال
- المهم، قولي اية الحصل في غيابي
- معرفش
- نعم؟، يعني اية متعرفش
- كنت تعبان وم...
- وبنتك فين؟، مقالتلكش حاجة
- لا
ضرب جلال المكتب بقبضته ومن ثم تنفس بعمق وهو يحاول إمتصاص غضبه، قال بتوعد
- حسابك معايا بعدين، بس دلوقتي في حاجة عايزها منك
نظر له الآخر، فأكمل جلال بهدوء.

- انا ههرب ريحانة النهاردة
- تهربها؟!
- ايوة، ههربها من قصر الشيطان وهرجعها ليا، المهم، قول لبنتك توصل الخبر لريحانة، اني النهاردة ههربها من قصر الشيطان، فتجهز نفسها
- حاضر هقولها، بس ازاي هتهربها؟
- هقولك...

عادت زهرة للقصر وهي تحمل الكثير من الأغراض، وضعت تلك الأشياء على الأرض وهي تلهث ومن ثم نادت على احدى الحراس ليحمل بدلا منها، فأتى احدهم وفعل، بينما سارت هي ونزلت السلالم وإتجهت للمطبخ
- جبتي الحاجات يا زهرة؟
قالتها رئيسة الخدم، فأومأت زهرة برأسها وقالت من بين انفاسها اللاهثة
- ايوة
- المشوار متعب
- جدا
قالتها زهرة وهي تمسح وجهها من العرق، فقالت رئيسة الخدم
- روحي اوضتك وارتاحيلك شوية.

أومأت زهرة برأسه وخرجت من المطبخ وإتجهت لغرفتها و دخلتها.

موعد الغداء
بدأت الخادمة في تقديم الطعام لسيدها الذي كان جالس بمفرده، انتهت من تقديم الطعام وتراجعت للخلف، فأمسك الشيطان بالملعقة وبدأ في تحريك الطعام بدون ان يأكل منه شيء، فقد كان شاردا بها وبما حدث اليوم، هو يشعر بالحيرة من مشاعره برغم ادراكه بها
- حاسب
قالتها ريحانة وهي تمسك يده الذي كاد ان يضعها في الحساء الساخن، فرفع نظراته لها بإستغراب وقال بإهتمام
- نزلتي ازاي؟
- برجليا.

قالتها بمزاح وهي تسير من خلفه لتجلس في مقعدها، فحدق بها وقال
- طهرك مش واجعك؟
قالها بلهفة ظاهرة في عينيه وهذا اسعدها، فإبتسمت وقالت
- واجعني بس الوجع ممكن اقدر استحمله
اومأ برأسه وتغيرت ملامحه للجمود وهو ينظر لطعامه ويبدأ في تناوله، بينما ظلت تتأمله لدقائق قبل ان تقول بحزن مصطنع
- كنت هتاكل بدوني!
نظر لها بطرف عينيه وقال بصرامة
- بلاش ترجعي وتعملي تصرفات الصبح
ضحكت بخفة وقالت بطبيعتها.

- ماشي، بس جاوب على سؤالي
- اة
- اية اللي اة؟!
قالتها بإستنكار واكملت بطريقة مضحكة
- يعني انت مش بتستفدن، لا قصدي مش بتفقدني، لا قصدي تسف...
نظر لها وقال وهو يبتسم بصدق
- اسمها هتفتقدني
إبتسمت وقالت
- ايوة دي، هكمل بقى، مش هتفتقدني لما مكلش معاك؟
- لا
- لية؟
- عايز اكل
- ما تاكل هو انا مسكاك!
قالتها بلامبالاة مصطنعة، فنظر لها بطرف عينيه واكمل تناول طعامه بدون ان يرد عليها.
- والله انت عسل.

قالتها فجأة وبدون سبب، فرفع رأسه ونظر لها بذهول، فضحكت وبدأت في تناول طعامها.

بدأ الليل يسدل ستاره
دخلت زهرة لجناح الشيطان بعد ان استأذنت، تقدمت من ريحانة التي كانت جالسة على الأريكة وقالت
- انسة ريحانة
نظرت لها ريحانة وقالت
- زهرة، كنتِ فين الصبح؟
- كنت بشتري شوية حاجات للقصر وبعد ما رجعت ارتحتلي شوية
- امم، ماشي
- انسة ريحانة
- امم
- في حاجة عايزة اقولهالك
- قولي
- السيد جلال
توترت ريحانة بعد سماع اسمه، فقالت ببطء
- ماله؟
- هيهربك النهاردة فجهزي نفسك.

انتفضت ريحانة رافضة
- لا، انا مش عايزة اهرب، مش عايزة ارجعله
- ماشي، على كدة قوليله على قرارك
- اقوله؟
- ايوة، عشان انا مش هقدر اقوله انك مش موافقة تهربي معاه، عموما، هو هيستناكي قدام القصر بس من ورا، فروحيله
- ازاي هروحله؟، في حراس و...
قاطعتها زهرة ب
- السيد جلال هيتصرف بالحراس اللي بيحرسوا القصر من ورا
صمتت ريحانة وهي تفكر، قالت
- ماشي، بس تعالي معايا
اومأت زهرة برأسها وقالت.

- انا كدة كدة كنت هاجي معاكِ، عموما انا هروح اكمل شغلي
- ماشي
نهضت زهرة وقالت
- عن اذنك
- استني
نظرت لها زهرة، فقالت ريحانة
- الشيطان مرجعش لسة؟
- لسة
اومأت ريحانة برأسها، بينما غادرت زهرة.

مساءً
سارت بخطواتها الخفيفة الحذرة من بين ذلك الظلام لخارج الجناح وسارت في الممر وهي تنظر حولها بترقب، توقفت امام السلم وخلعت حذائها لتمسك به، نزلت على السلم بهدوء وعلى اطراف اصابع قدميها، وصلت للطابق الرئيسي وتوقفت وهي تنظر حولها في حين حدثت نفسها بحيرة
- فين زهرة؟، قالتلي انها هتستناني هنا
سارت بخطوات بطيئة في الممر الذي يؤدي إلى الباب الخلفي للقصر
- رايحة فين؟

سقط حذائها من يديها وهي تلتفت ببطء وحذر
- رايحة ل جلال!
إتسعت مقلتيها في صدمة وتجمدت الدماء في عروقها، بدت كالموتى في هيئتها العامة، اضطربت انفاسها وتسارعت دقات قلبها وهي تحرك شفتيها المرتجفتين لتخرج حروفها بصعوبة
- بيجاد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة