قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

تقدم منها الشيطان ببطء وهو يقول بهدوء
- رايحة ل جلال!
إتسعت مقلتيها في صدمة وتجمدت الدماء في عروقها، بدت كالموتى في هيئتها العامة، اضطربت انفاسها وتسارعت دقات قلبها وهي تحرك شفتيها المرتجفتين لتخرج حروفها بصعوبة
- بيجاد!
توقف امامها مباشرةً، فرفعت رأسها ونظرت له وكانت الصدمة والخوف ساكنان في حدقتيها العسليتين، رفع زاوية فمه يإستخفاف وهو يقول بجمود
- لية مصدومة يا، ريحانة جلال بهجت!

تسارعت دقات قلبها اكثر وهي تتراجع للخلف بخطوات متعثرة، بينما اكمل
- مش دة اسمك برضه!
- عرفت، ازاي؟
قالتها بصوت مرتجف وهي تنظر له من بين دموعها التي ملأت مقلتيها، فأقترب منها وجذبها من ذراعها بقسوة وسار بها لمكتبه، فصرخت بفزع وخوف، ركل باب مكتبه بقدمه ودخل دافعاً اياها بقوة فسقطت على الأرض بقسوة، فبكت، رفعت رأسها قليلا فوقعت نظراتها على تلك الأوراق المتناثرة على الأرض من حولها
- فاكرة الورق دة؟

قالها ببرود وهو يجلس على الأريكة واضعاً قدم على آخرى، فنظرت له من فوق كتفها ومن ثم نظرت للأوراق والتقطت احدهم، فأتسعت مقلتيها اكثر وهي ترى رسالة جلال الذي ارسلها لها في بداية مجيئها لهذا القصر بين يديها الآن، نقلت نظراتها من بين الأوراق المتناثرة حولها بعدم تصديق، فألأوراق التي تراها الآن هي الأوراق التي تتذكر انها اعطتها لجلال، فكيف هي مع الشيطان؟، وضعت كفها على الأرض وساعدت نفسها على النهوض وهي تتمتم بتشتت وضياع.

- الورق دة، دة، ازاي؟
- حقك تقولي ازاي، اصل انتِ اكيد فاكرة ان الورق دة اللي اديتيه لجلال بس لا
قالها وهو يضع سيجارة بين شفتيه، أستدارت ونظرت له، فأبعد سيجارته من بين شفتيه وهو ينفث دخانها ويكمل بنبرة باردة كالثلج
- انا مش غبي عشان اسمحلك او اسمح لغيرك ياخد حاجة مني، انا اديتك الورق بمزاجي، وخليتك تديه لجلال بمزاجي وسمحتلك تفتحي دولابي وتفتشي في ورقي برضه بمزاجي
- يعني كنت عارف...
قاطعها ب.

- ايوة، كنت عارف انك جاسوسة لجلال
سالت دموعها على وجنتيها بقهر وهي تقول ببطء
- و، و عارف اني، اني، مرا...
- عارف
قاطعها بجفاء قتلها، صرخت به فجأة وهي تبكي
- يعني عارف كل حاجة وكنت بتلعب بيا، اية هدفك من انك تعمل كدة، لية مبينتش انك عارف من الأول؟، لية خلتني عايشة في خوف الفترة دي كلها!
قاطعها وهو ينهض ويتقدم منها.

- ايوة، كنت عارف كل حاجة وخططت لكل حاجة، وهدفي، هدفي اني اوقع جلال في الفخ اللي كان فاكر انه هو اللي هيوقعني فيه
توقف امامها مباشرةً وقال بقسوة
- انتوا مش بتلعبوا مع واحد سهل، انتوا بتعلبوا مع الشيطان، واللي بيحاول يلعب مع الشيطان بيبقى بيلعب في عداد عمره
ظلت ريحانة تنظر له بلا حراك، تحدق به فقط، بينما التفت الشيطان وهو يضع سيجارته مرة آخرى بين شفتيه ومن ثم يبعدها لينفث دخانها بهدوء وهو يقول بهزء.

- انتِ غبية
التفت وتابعته وهو يقترب منها من جديد
- عارفة لية!، لأنك وافقتي انك تدخلي في لعبة انتِ مش قدها بالعلم ان جلال ضعيف قدامي وانه مش هيقدر يحميكِ ولا يحمي نفسه
- انا مدخلتش في اللعبة دي بمزاجي
قالتها بخفوت وهي تنظر له بحزن، فرد بجمود
- بس كملتي فيها بمزاجك
- ايوة، كملت فيها بمزاجي لأني كنت بحبه وكنت مستعدة اعمل اي حاجة عشانه
- طيب مستعدة تتحملي العواقب عشانه؟!
- لا.

قالتها بثبات تلقائي، فأبتسم بسخرية قائلاً بتهكم
- ما تيجي على نفسك شوية كمان عشانه، عشان حبيبك
كانت تنظر له بحزن ومرارة قبل ان تخفض رأسها بإنكسار وتصمت.

خرجت عايدة من جناحها وهي تفرك عينيها الناعستان، نزلت السلم بتكاسل حتى وصلت للطابق الرئيسي وتوقفت بعد ان لمحت ضوء فألتفتت برأسها لإتجاه مكتب الشيطان فوجدت اضواءه مشتعله، قضبت حاجبيها بتساؤل وهي تحدث نفسها
- الشيطان لغاية دلوقتي صاحي!
إتجهت بخطوات بطيئة لمكتبه حتى توقفت على بُعد امتار من باب المكتب، فسمعت ما يحدث بالداخل، واثناء إستماعها إرتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة وهي تحرك شفتيها بخفوت.

- واخيرا، ريحانة اتكشفت
بعد ان انهت جملتها إتجهت للسلم وصعدته سريعا حتى وصلت للطابق الثالث وإتجهت لجناحها ودخلته، إتجهت للكومود والتقطت هاتفها سريعا لتتصل بجلال
- الو
قالتها عايدة بهدوء عبر الهاتف وهي تجلس على السرير، فقال جلال
- خير، متصلة في الوقت دة لية؟
- متصلة اسأل عليك وعلى ريحانة، هي جتلك؟
- لا، لسة
- طيب، احب اقولك انها مش هتيجي
- مش هتيجي!
- اها زي ما بقولك كدة، اصل حبيبة قلبك اتقفشت من، الشيطان.

- نعم!
هتف بها بصدمة واكمل بلهفة
- ازاي اتقفشت ها؟، انتِ قلتيله صح؟ اة يا بنت ال...
قاطعته بطريقتها المستفزة
- اخس عليك بتشتمني عشان قلتله!، عموما انا مقلتلهوش حاجة، انا صحيت فجأة وقلت انزل تحت شوية، فأكتشفت بالصدفة انه عرف و هي دلوقتي معاه
- معاه!
- ايوون، وتبقى تقرأ الفاتحة على روحها قريب.

بعد ان انهت جملتها ابعدت الهاتف عن اذنها واغلقته دون انتظار رده، تنهدت براحة وهي تريح ظهرها على السرير وتنظر للهاوية وهي تحدث نفسها بصوت مسموع
- كشف حقيقة ريحانة جه لمصلحتي، فدلوقتي بقى هلعب في الساحة براحتي.

- ازاي اتكشفت، ازاي؟، حد قاله؟، بس مين!
هتف بها جلال بعدم إستيعاب قبل ان يمرر انامله بين خصلات شعره وهو يلتف حول نفسه، اكمل بحدة
- ماشي، انا هعرف مين الخاين اللي عمل فينا كدة، انا هتصرف
انهى جملته بإلقاء هاتفه على الأرض بغضب ومن ثم التفت وصعد سيارته مغادراً سريعا وهو يسب ويلعن ويتوعد.

ساد صمت طويل في الغرفة، حيث كانت ريحانة صامتة تنظر للهاوية بنصف عقل وهي قابعة في مكانها، اما هو فقد كان جالس ببرود تام على الأريكة يتابعها بنظرات ضيقة مترقبة كالصقر
- تعرف..
قالتها بهدوء وهي تنقل نظراتها التي تلمع بالدموع له، واكملت
- انا قبل ما اجي لقصرك سمعت عنك كتير وكنت خايفة من اني اقابلك، وقابلتك، انا فاكرة اول مرة قابلتك فيها في الساحة..

- والمقابلة دي كانت سبب في اني اشك فيكِ بعد ما جيتيلي القصر
قاطعها بهدوء، فعقدت حاجبيها، بينما أكمل
- اصل جلال باعتلي واحدة قابلتها في الساحة تتجسس عليا!، فطبيعي اشك فيها مدام شكلها مألوف عندي
تذكرت لقائها به في الساحة سريعا، فنظرت له وقالت
- يعني انت كنت عارف اني جاسوسة لجلال من اول يوم جيت فيه القصر
- لا
قالها وهو يطفأ سيجارته في المنفضة الموضوعة على الكومود، اكمل.

- كنت شاكك بس، لغاية ما شفت الرسالة و...
قاطعته بتساؤل
- ازاي لقيت الرسالة؟
- مش مهم ازاي
- لا مهم عندي
نظر لها نظرة عابرة قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنها وهو يقول شيء بعيدا عن الإجابة التي تريدها
- في حاجة كمان غير الرسالة عرفتني كل حاجة
- مش فاهمة
قضبت حاجبيها وهي تقولها، فنظر لها وقال
- هتفهمي دلوقتي، ادخلي.

قال الأخيرة وهو ينظر للباب، فألتفتت ريحانة بدورها ونظرت للباب الذي ظهرت من خلفه زهرة وكانت مخفضة الرأس، فهتفت ريحانة بإستغراب
- زهرة!
ومن ثم تحولت نظراتها للفزع وهي تقول حروفها بتعجل
- انت عارف انها معايا صح!، بس هي ملهاش ذنب، متأذيها...
توقفت عن إكمال جملتها عندما قاطعها بقوله الذي يعتبر صفعة بالنسبة لها
- زهرة قالتلي كل حاجة، قالتلي حقيقتك من الأول
اتسعت مقلتيها في صدمة وهي تنظر للشيطان وتهتف بخفوت.

- كداب، انت كداب
نقلت نظراتها لزهرة وتقدمت منها بخطوات سريعة حتى توقفت امامها وقالت
- انتِ اللي قلتيله؟، هو بيكدب عليا صح؟
ظلت زهرة مخفضة الرأس فهي ليست قادرة على رفع رأسها لتنظر لريحانة، فمدت ريحانة اناملها لذقن زهرة ورفعته، فتحاشت زهرة النظر لريحانة التي قالت
- انتِ مش عايزة تبصيلي لية؟
- انا اسفة.

قالتها زهرة بصوت خافت به نبرة الإحراج، فتراجعت ريحانة للخلف من اثر صدمتها بعد ان امتلأت حدقتيها بالدموع وهي تتمتم
- لا، مستحيل، مش انتِ يا زهرة، لا
سالت دمعة من عين زهرة وهي تسمع ريحانة واقوالها التي قالتها بإنكسار
- انتِ اللي وقفتي جمبي، واللي كنت بعتبرك زي اختي، تعملي فيا كدة؟، تخوني ثقتي فيكِ
- دة لمصلحتك ولمصلحتي
قالتها زهرة وهي تنقل نظراتها لريحانة، هإبتسمت ريحانة بإستخفاف وهي تهتف بثورة.

- مصلحتي! انا مليش مصلحة في كل حاجة واي حاجة، انا دخلت في اللعبة دي كطرف زيادة ملهوش لازمة، فأزاي لمصلحتي؟!
أخفضت زهرة رأسها باسى وقالت
- عن اذنكم
وغادرت وهي تشعر بالشفقة على ريحانة التي كانت تضحك بإستخفاف وتقول بتهكم
- في الآخر كله بيبرأ نفسه وبيشوف مصلحته، دلوقتي انا المذنبة الوحيدة صح!، انا اللي شلت كل حاجة!، كلكم ظالمين، كلكم خاينين، انا بكرهكم كلكم، بكرهكم.

قالت كلماتها الأخيرة بإنهيار وبكاء، واكملت بصوت مرتجف ولكن حاد وهي تنظر للشيطان بغضب من بين دموعها
- كل دة بسببك، انت دمرت حياتي ودمرتني، انت لية ظهرت في حياتي؟، انت لية بقيت عدو جلال، انت سبب كل حاجة...
نهض الشيطان من مقعده واقترب منها بهدوء مخيف حتى توقف امامها، بينما كانت تكمل
- انت لو مكنتش سرقت حاجة غيرك مكنش كل دة حصل، مكنتش أنا اتورطت في اللعبة دي، م، آآآه.

لم تكمل جملتها حيث صرخت بألم عندما قبض على ذقنها بكفه وهو صرخ بصوت جهوري غاضب
- سرقت حاجة غيري!، مش انا اللي سرقت، دول هما اللي سرقوا كل حاجة، سرقوني وسرقوا حياتي وسرقوا كل حاجة حلوة فيها، فجاية انتِ تقولي اني سرقت!، انتِ متعرفيش حاجة.

قال الأخيرة وهو يدفعها بغضب، فأرتدت للخلف على اثرها وسقطت على الأرض وهي تنظر له بضعف، كانت نظراته حادة قاسية، فأخفضت رأسها وهي تدرك ما قالته، فشعرت بالندم، فما قالته تعلم انه خاطئ.
- وغير كدة انتِ اللي ورطتي نفسك عشان حبيب القلب، مش انتِ مستعدة تعملي اي حاجة عشانه؟، خلاص اشربي بقى ومتحطيش اللوم على حد
- كنت بحبه.

قالتها بإنكسار ودموعها تسيل على وجنتيها بطريقة مثيرة للشفقة، فأقترب فجأة ونزل لمستواها صارخاً بغضب
- خلي حبك له ينفعك، حبك الورطك في كل دة، واللي هينهي حياتك، ومتفتكريش انه هيجي ويحميكي مني دة بالعكس، دة هيبيعك زي الكلبة ولا هيسأل عليكِ
- عارفة انه مش هيحميني وهيبعني
قالتها بمرارة، ومن ثم نظرت لحدقتيه القاسيتين وهي تكمل بخفوت
- بس في حد غيره هيحميني، انا متأكدة
إبتسم بتهكم وقال بثقة.

- محدش يقدر يحميكي مني
- لا فيه
قالتها بثقة قبل ان تتغير نظراتها لنظرات حانية وهي تهمس وبداخلها امل طفيف
- انت، انت اللي هتحميني
حدق بها لبرهة قبل ان يقهقه بشراسة ويقول بجمود
- شكلك ناسية انك جاسوسة، وانا في قانوني الجواسيس اللي زيك نهايتهم بتبقى محسومة
- يعني هتعاقبني زي ما بتعاقب الباقي؟
- واكتر
- يعني هترتاح لما تشوفني بتعذب؟!
- جدا
- طيب ما تموتني علطول عشان ترتاح اكتر
- لا.

قالها وهو يبتسم ليظهر انيابه ويكمل وهو يمرر كفه على رقبتها حتى يصل لشعرها ويجذبها منه بقوه فيظهر الألم في حدقتيها
- حابب اتلذذ في تعذيبك شوية، اشوف الوجع في عنيكِ دول، واشوف الجروح اللي هتملى جسمك، واشوف دموعك دي على خدودك، بالمعنى، هموتك بس على البطيء
لمعت عينيها بالدموع مرة آخرى وهي تنظر لحدقتيه المظلمتين الذي يظهر فيهما القسوة بوضوح، فقالت بآسى خافت.

- كل دة لية؟، متوقعش ان سبب رغبتك في تعذيبي بسبب اني جاسوسة لجلال، فأية السبب الحقيقي؟، هو عشان حاولت اخدعك ولا عشان تثبت لنفسك انك تقدر تقضي على حاجة ممكن تكون ميلت ليها في يوم!
ضحك بخشونة على قولها الاخير، نظر لها بقسوة وهو يقول
- اسبابك وهمية لسبب، ان عمري ما ميلت لواحدة ولا هميل، خاصةً لواحدة مستعملة.

قال الأخيرة بقسوة وهو يقبض على شعرها اكثر، فتأوهت بألم وهي ترمقه بإنكسار ونظرات اللوم تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت اجفانها.
- وقت الكلام خلص
قالها قبل ان ينهض ويجذبها من ذراعها بقوة ويتجه بها للباب حتى اخرجها من غرفة المكتب والقاها على الأرض وهو يقول للحارسان
- خدوها للسجن، والباقي معروف
- حاضر.

قالها الحارسان في نفس الوقت ومن ثم تقدموا منها وامسكوها من ذراعيها فنهضت وهي تشعر بألم في انحاء جسدها خاصةً ظهرها، أغمضت عينيها بألم ومن ثم فتحتهم والتفتت برأسها و نظرت له بضعف في حين كانوا يسيروا بها وهم متجهين للسلم.

رنين هاتف مزعج يقطع هدوء الليل و يسبب الفزع والقلق لأصحاب هذا المنزل
- الو، مين؟
قالها والد زهرة بقلق بعد ان وضع سماعة الهاتف على اذنه، فرد الطرف الآخر
- الو يا بابا، دي انا، زهرة
قالتها زهرة بصوتها الباكي، مما زاد من قلق والدها الذي قال
- زهرة؟، مالك يا بنتي؟، بتعيطي لية؟
- مين يا حج
قالتها والدة زهرة وهي تقف خلف زوجها، فنظر لها من فوق كتفه وهو يلويها ظهره مُجيباً
- دي زهرة
- زهرة!، بتتصل دلوقتي لية؟

- استني اعرف
قالها بعجلة قبل ان يضع الهاتف على اذنه مرة آخرى ويقول
- زهرة، مالك يا بنتي؟
- بابا، الحقيقة اتكشفت خلاص
- اتكشفت!، بالسرعة دي
قالها بذهول، فردت زهرة
- ايوة
- طيب لية بتعيطي يا حبيبتي دلوقتي؟، مش احنا خلاص برة الموضوع
- اة، بس حاسة بالندم يا بابا والشفقة على الانسة ريحانة، هي ملهاش ذنب في كل دة
- عارف يا بنتي عارف، بس مش بأيدينا حاجة نعملها
صمتت زهرة وهي تبكي ومن ثم قالت بخفوت
- بابا.

- نعم يا بنتي
- هو انا اللي عملته غلط؟، لما رحت وقلت للشيطان على كل حاجة، انا كدة انانية صح!، عشان مفكرتش في الآنسة ريحانة اللي كانت بتثق فيا، انا خنتها، هي شايفاني خاينه يا بابا، هي قالتلي كدة.
قالت الأخيرة وهي تزيد في البكاء، فهي تشعر بالألم والشفقة على ريحانة التي تراها الآن، خائنة، فرد والدها بسماحة.

- هي بس عشان مصدومة قالت كدة، وغير كدة دة حقها لأنها مكنتش تتوقع دة منك يا زهرة، انتِ اللي عملتيه مش غلط بالعكس صح، بس الغلط اللي عليكِ انك فكرتي في نفسك وفيا وفي اهلك ف دي تعتبر انانية
ومن ثم تنهد واكمل
- بس تعرفي يا زهرة، معرفة الشيطان لحقيقتها من الأول دة لمصلحتها هي كمان، عشان غضب الشيطان دلوقتي اقل بكتير من غضبه لو كان اكتشف حقيقتها جديد، فأنتِ كدة خففتي عليها كتير.

توقفت زهرة عن البكاء واخذت تفكر بقول والدها ومن ثم قالت وهي تؤيده على حديثه
- كلامك صح يا بابا، لما فكرت دلوقتي عرفت ان دة لمصلحتها كمان.

بعد ان انهى والد زهرة المكالمة، قالت له والدة زهرة
- ها يا حج، في اية؟
التفت ونظر لها قائلاٍٍ
- تعالي جوة نتكلم
انهى جملته وإتجه لغرفته، فلحقته الآخرى.

دخل جلال قصره بخطواته الغاضبة، وإتجه لغرفة مكتبه ودخله وتوقف في منتصفه وهو يمرر نظراته حوله بتشتت في حين كان يتمتم بأسمها، ومن ثم سار بخطوات بطيئة للأريكة وجلس عليها وهو يمرر انامله من بين خصلات شعره في حين حدث نفسه بصوت خافت
- هعمل اية؟، ازاي هنقذها، ريحانة، ريحانة تحت ايد الشيطان، انا مش هسمحله يأذيها، مش هسمحله
قال الأخيرة بحدة ومن ثم مد ذراعه للطاولة ودفع كل ما عليها بقوة وغضب، واكمل.

- انا لازم اشوفلي حل، لازم اساعدها، بس، بس ازاي؟
اسند مرفقيه على فخذيه ومال قليلا ليضع وجهه بين كفيه، وبدأ في التفكير.

اشرقت شمس يوم جديد.

خرجت عايدة من جناحها ووجهها يشرق من كثرة سعادتها، وسارت في الممر ونزلت السلالم بهدوء حتى وصلت للطابق الرئيسي وسارت في ممره وفجأة توقفت واوقفت احدى الخادمات وسألتها
- الشيطان فين؟، في مكتبه؟
- لا، سيدنا مش موجود في القصر
- ماشي
قالتها عايدة وهي تتخطى الخادمة وتكمل سيرها لخارج القصر.

في قصر عز الدين
كان الشيطان جالس على الكرسي المقابل لمكتب عز الدين، وكان يضع قدم على آخرى وهو ينظر لعز الدين من بين دخان سيجارته.
- يعني عشيقتك الجديدة طلعت جاسوسة لجلال وانت كنت عارف!، طيب لية خليتها حواليك مع علمك انها خطر عليك؟
قالها عز الدين بتساؤل، فرد الشيطان ببرود
- مكنتش خطر عليا
- ازاي؟، هي اكيد كانت بتاخد ورق منك ومعلومات وبتوديها لجلال و...

- من الناحية دي متقلقش، عشان كل الورق اللي كانت بتبعته لجلال كان بيجيلي اول وانا كنت ببدله بنسخ مزيفة واخليها تتبعت لسي جلال
قالها الشيطان وهو يبتسم بمكر، فضحك عز الدين بخفة وقال وهو يغمز للشيطان
- دة انت مطلعتش هين ابدا
- ابدا
قالها الشيطان بثقة قبل ان يضع سيجارته بين شفتيه، فإبتسم عز الدين وهو يقول
- احسن ما فيك ثقتك بنفسك
فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية قبل ان يقول الآخر فجأة.

- صحيح، ناوي تعمل معاها اية؟، نفس عقاب اي خاين؟
ابعد الشيطان سيجارته من بين شفتيه ونفث دخانها و هو ينظر لعز الدين بجمود في حين لم يكن يظهر اي تعبير على ملامح وجهه، بعد صمت دام لدقائق، قال الشيطان بثبات
- لا
رفع عز الدين حاجبيه بإستغراب وقال
- لا!
نهض الشيطان وقال بهدوء
- عقوبه ايمن خلصت، ف هيخرج النهاردة
بعد ان انهى جملته سار للباب وغادر الغرفة، والقصر.

- جاية اساعدك لترجع ريحانة ليك، في طريقة واحدة بس، وهي انك تساوم الشيطان على حاجة
قالتها عايدة بهدوء وهي تنظر لجلال الذي كان يجلس امامها وهو ينظر لها بنظرات ضيقة مترقبة وهي تتحدث، فقال بعد ان انهت قولها
- اية سبب مساعدتك ليا؟، اكيد وراكِ حاجة
- هو انت دايما ظنك فيا وحش!
قالتها بحزن مصتنع واكملت
- تصدق، أنا غلطانة لأني قلت لنفسي اني اساعدك انت وريحانة.

بعد ان انهت جملتها نهضت واتت ان تغادر لكنه اوقفها بقوله السريع والذي كان يحمل نبرة تردد
- اساومه ازاي؟
فإبتسمت بإنتصار قبل ان تلتفت له وتقول
- هقولك
جلست في مقعدها مرة آخرى وقالت ببطئ
- تساومه بعبد الخالق
- عبد الخالق!
قالها بإستغراب واكمل
- دة مات من زمان
- ممتش
قضب جبينه بإستغراب وهو يهتف
- نعم؟
- الحقيقة اللي متعرفهاش، عبد الخالق، جدو، لسة عايش
حملق فجأة واسكتته المفاجأة، بينما اكملت.

- هو موجود في قصر الشيطان في اوضة منعزله عن الباقي، انا ممكن اساعدك ف...
قاطعها بقوله الحائر
- ازاي؟، هو مات قدامي و..
قاطعته ب
- ممتش بعد ما انت ضربته بالنار، هو كان على وشك الموت بس الشيطان انقذه، هفهمك بعدين كل حاجة بس تعالى نتكلم في المهم دلوقتي، انا هساعدك في انك تدخل القصر وتاخده وتساومه مع الشيطان ب انه يرجع ريحانة مقابل عبد الخالق فبالتالي هيرجعهالك بالغصب
- اياكي تكوني بتلعبي بيا.

قالها جلال بتحذير، فإبتسمت عايدة وقالت
- متخفش، عمري ما هلعب بيك
بعد ان انهت جملتها نهضت وقالت
- بص، انا همشي دلوقتي عشان لازم ابقى في القصر قبل ما الشيطان يرجع، بس انا وانت على اتصال عشان نكمل الخطة
- ماشي، بس امتى هنفذ؟
- في الوقت المناسب، الوقت اللي انا هحدده
اومأ جلال برأسه وقال
- إتفقنا، بس بسرعة
اومأت برأسها قبل ان تلتفت عايدة وهي تبتسم بإنتصار وخبث وهي تحدث نفسها.

- شكرا يا جلال لأنك هتمشي ورا كلامي وخططي، انت هتساعدني في اني اخلص منك ومن ريحانة اللي هيفتكرها الشيطان انها هي اللي قايله ليك على عبد الخالق، فهتبقى نهايتها ونهايتك في وقت واحد، وانا، هبقى قريبة من هدفي، هيبقالي خطوتين واوصله بعد ما ننفذ الخطة دي، شكرا مقدما.

حول تلك القضبان الحديدية ملقاة هي على الأرض الصلبة، تنظر امامها بجمود في حين دموعها تسيل على وجنتيها بهدوء فتختلط بالدماء التي تسيل من انفها، كانت كلماته اللاذعة تتردد في اذنها عمري ما ميلت لواحدة ولا هميل، خاصةً لواحدة مستعملة من قبل كلماته تلك اخترقت ضلوعها إلى حد اصبحت تتألم بداخلها بل تنزف فكلماته قاسية جدا عليها، اغمضت عينيها بقوة في حين ارتفع صوت بكائها.
- انسة ريحانة.

قالتها زهرة بحزن وهي تقف امام القضبان الحديدة وتنظر لريحانة بأسف، ففتحت ريحانة عينيها ونظرت لزهرة، فقالت زهرة
- انتِ كويسة؟
فإبتسمت ريحانة بإستخفاف وقالت بصوت يكاد يسمع
- كويسة اوي، مش شايفة!
أخفضت زهرة رأسها بإحراج وتمتمت
- اسفة.

ابعدت ريحانة نظراتها عن زهرة وهي تضع كفيها على الأرض لتساند جسدها على النهوض ولكنها لم تستطع على النهوض بشكل كامل، فجلست وزحفت حتى ساندت ظهرها على الحائط بجانب القضبان مباشرةً، فرفعت زهرة نظراتها لها ومن ثم تقدمت وتوقفت امام ريحانة وجثت على ركبتيها ومدت يدها من بين القضبان بزجاجة ماء وقالت
- اشربي شوية
نظرت لها ريحانة بتعب ومدت يدها لتأخذها وقبل ان تصل للزجاجة صرخ الحارس ب
- ممنوع تشرب مية.

نظرت له زهرة من فوق كتفها وهي تلويه ظهرها وتقول
- عارفة، بس هي عطشانة، فحرام
- اسف، مينفعش نخالف الأوامر
تنهدت زهرة بآسى وهي تنقل نظراتها لريحانة التي اعادت وضع يدها بجانبها، فقالت زهرة
- كنت عايزة اساعدك بس...
قاطعتها ريحانة ب
- عادي.

توقف الشيطان امام الشاحنة، فتقدم احد رجاله وفتح الشاحنة واخرج منها صندوق -من الكرتون- ووضعه امام الشيطان، فمد الأخير كفه فوضع الحارس مشرط في كف الشيطان، فبدأ الشيطان في فتح الصندوق بواسطة المشرط، وبعد ان فتحه نظر لما يوجد بداخله، فقال لسائق الشاحنة
- الأسلحة دي يتولع فيها
قضب السائق حاجبيه بإستغراب في حين هتف
- يتولع فيهم؟
- ايوة، بس مش انت اللي هتولع فيهم.

قال الأخيرة وهو يشير لحراسه ليتقدموا، فهتف السائق بحيرة
- مش دي اسلحتك، هتولع فيها لية؟
- مش هحتاجهم
قضب السائق حاجبيه بإستغراب ومن ثم التفت ليتصل بسيده، وبعد ان اخبر سيده بما حدث اعطى الهاتف للشيطان
- يعني تخليني اشيلها عندي الفترة دي كلها وفي الأخر تولع فيهم!
قالها الآخر، فرد الشيطان ببرود
- بمزاجي، وغير كدة هبقى اعوضك
- مش موضوع تعويض بس حرام الفلوس اللي ضاعت في الأسلحة دي، اية رأيك تبعهم ل...

قاطعة الشيطان ب
- شكلك خدت عليا، صح!
- اية؟، مش قصدي يا سيدنا، اسف
ابعد الشيطان الهاتف عن اذنه واعطاه للسائق و هو يقول لحراسه
- خدوا الأسلحة دي وولعوا فيها او ارموها من على الجبل
بعد ان انهى جملته التفت وإتجه لسيارته وغادر.

دخلت عايدة القصر وسارت في الممر ومن ثم توقفت وهي تسأل احدى الخادمات
- الشيطان رجع؟
- لا
اومأت عايدة برأسها وهي تبتسم، اكملت سيرها حتى تصل للسلم وتصعده وكانت تحدث نفسها
- كويس جدا ان الشيطان مش في القصر، هستغل الفرصة.

وصلت للطابق الأخير وسارت في الممر وهي تنظر للأشخاص الذين يقفون خلف تلك القضبان فهي كانت تبحث عنها فوجدتها، اقتربت من زنزانتها وتوقفت امامها وهي تنظر لريحانة من فوق، قالت بطريقتها المستفزة
- اووبس، ريحانة!
رفعت ريحانة رأسها بصعوبة ونظرت لعايدة بتعب، بينما اكملت عايدة ببراءة مصطنعة
- لما عرفت انك اتكشفتي زعلت عليكِ، قوليلي عاملة اية؟، كويسة؟
انزلت ريحانة رأسها وهي تتنهد بضيق، فقالت عايدة.

- مالك؟، مضايقة من قعدت السجن!، معلش معلش فترة وتعدي
- مش نقصاكي يا عايدة، امشي من هنا
قالتها ريحانة بحدة، فهتفت عايدة بحزن مصطنع
- اخس عليكِ، انا جاية اطمن عليكِ واخفف عليكِ وانتِ...
قاطعتها ريحانة
- بطلي تمثيل، انتِ جاية تشمتي فيا
ضحكت عايدة ونزلت لمستوى ريحانة، قالت بخفوت شرس
- ايوة، انا جاية اشمت فيكِ، الصراحة مش قادرة اقولك عن فرحتي لما عرفت انك خلاص اتكشفتي.

- عارفة انك فرحانه فيا، بس صدقيني فرحتك مش هتدوم
- لا هتدوم
قالتها عايدة بثقة قبل ان تنهض وتلتفت للحراس لتقول له
- في اوامر جديدة من الشيطان بيقولكم انقولها للسجن الفردي، سجن التعذيب اللي في السطح
- سجن التعذيب؟ ازاي و السجن دة بارد وخطير، وسيدنا مش بيسجن فيه حد
- لا، المرادي هيسجن، يلا نفذ اوامره
نظر لها الحارس بتردد، فقالت
- لو مش متأكد روح واسأل الشيطان.

فأومأ الحارس والتفت وهو ينوي على الذهاب للشيطان ليتأكد منه، فأسرعت عايدة بقولها
- الشيطان ادى اوامر ان محدش يزعجه، فلو رحتله دلوقتي وازعجبته أنت عارف هيعمل فيك اية
التفت الحارس لها وقال
- طيب اعمل اية دلوقتي؟
- نفذ اوامره
اومأ برأسه وقال
- حاضر
و من ثم إتجه للزنزانة وفتح بابها، دخل هو وحارس آخر ليتقدموا منها ويمسكوها من ذراعيها، فهتفت ريحانة بجزع
- في اية؟

لم يُجيبها احد، فنظرت ريحانة لعايدة بشك قبل ان تختفي من امامها حيث إتجهوا بها لممر مظلم وصعدوا بها سلم ضيق حتى وصلوا امام غرفة صغيرة، فتحوها، فكانت مظلمة، دخلوها والقوها بداخلها فنظرت حولها بفزع وخوف وهي تهمس بصوت مرتجف
- جبتوني هنا لية؟، ها
نظرت لهم فوجدتهم يغادرون، فهتفت بخوف
- لا متسبونيش هنا، لا
نهضت بصعوبة واسرعت للباب لتلحق بهم لكنهم اغلقوه قبل ان تصل إليه، فأصبحت تطرق على الباب وهي تصرخ ب.

- افتحولي، انا خايفة
مررت نظراتها حولها بحذر وخوف، فأرتعش قلبها وهي ترى ذلك الظلام يعم المكان، فأصبحت تطرق على الباب بكل قوتها وهي تبكي
- افتحولي، امانة عليكم، انا خايفة، أفتحولي، متسوبنيش
التفتت واسندت ظهرها على الباب وهي تنظر حولها وقد ارتفع نحيبها، ضمت كفيها المرتجفتين لبعضهما وهي تهمس برجاء
- متسبونيش، انا خايفة، خايفة.

ارتفع صوت شهقاتها وهي تبتعد عن الباب بعد ان خاب املها في فتحهم للباب وسارت في إتجاه زاوية الغرفة وجلست، ضمت قدميها لصدرها واصبحت ترتجف بقوة، بسبب شعورها بالخوف والرعب.

وصل الشيطان للقصر وسار في الممر وهو ينوي ان يتجه لمكتبه لكنه غير وجهته وصعد السلم حتى وصل للطابق الثالث وقبل ان يكمل صعوده اوقفته خادمة عبد الخالق بندائها
- سيدنا الشيطان
التفت ونظر لها، فأكملت وهي مخفضة الرأس
- السيد عبد الخالق عايزك
نقل نظراته لغرفة عبد الخالق و من ثم سار في إتجاه الغرفة ودخلها.
- كنت عايزني؟
قالها الشيطان وهو يجلس على الكرسي الموضوع بجانب سرير عبد الخالق، فرد الأخير بعتاب.

- اة عايزك، مش بتسأل عليا ولا بتيجي تشوفني لية؟، هو انا مش جدك؟
إبتسم الشيطان و قال بإعتذار
- اسف، انشغلت شوية
رمقة عبد الخالق بضيق قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنه، فتنهد الشيطان وامسك بيد عبد الخالق وقال
- معلش بقى انشغلت شوية، قلبك كبير
نظر له عبد الخالق وقال
- لا، قلبي صغير
إبتسم الشيطان بصدق، فأردف عبد الخالق بمرح
- حلوة الإبتسامة دي
تلاشت إبتسامته، فقال عبد الخالق
- يا رخم
- صحتك عاملة اية؟
- كويسة، انت؟

- كويسة
- باين عليك
قالها عبد الخالق بغموض، فقضب الشيطان جبينه وقال
- قصدك؟
- مش قصدي
قالها عبد الخالق وهو يبتسم بخبث، فنظر له الشيطان بعيون ضيقة
- عليا!
- الساعة كام؟
قالها عبد الخالق، فنظر الشيطان في ساعته
- غير الموضوع، الساعة اربعة
- طيب اخرج بقى، عايز ارتحلي شوية
- بتطردني؟
- ايوة، يلا
نهض الشيطان وقال
- ماشي، بس مقلتليش، كنت عايز اية مني؟
- مكنتش عايز حاجة، بس حبيت افكرك ان عندك جد تسأل عليه.

اقترب منه الشيطان ومال حتى وصل لرأسه وقبل جبينه قائلاً
- طبعا فاكرك، عشان انت اللي باقيلي
إبتسم عبد الخالق بسماحة، فأبتعد الشيطان وابتسم له ومن ثم غادر الغرفة وإتجه للسلالم و قبل ان يصعدها اتاه اتصال، فرد
- سيدنا الشيطان، رجالة الصفقة الجديدة وصلوا القرية واحنا اهو في الطريق لقصرك
قالها الطرف الآخر، فرد الشيطان
- ماشي، مستنيكم.

انهى المكالمة سريعا ونظر للسلالم العلوية لبرهة قبل ان ينزل السلالم ليصل للطابق الرئيسي و يتجه لمكتبه ويدخله.

الساعة السابعة مساءً.

خرج الشيطان من مكتبه بعد ان انهى مقابلته مع رجال الصفقة الجديدة، وإتجه للسلم وصعده حتى وصل للطابق الأخير وسار من بين الزنزانات حتى توقف امام زنزانة ايمن الذي كان يستعد للخروج
- شكرا لأنك خرجتني
قالها ايمن وهو يخرج خارج الزنزانة، فنظر له الشيطان بجمود وقال
- ياريت تتوب عن عمايلك، و تبعد عن جلال
- هبعد، صدقني
اومأ الشيطان برأسه، فقال ايمن
- تقبل اكون واحد من رجالك؟
- هجربك.

اومأ ايمن برأسه وهو يبتسم و يغادر، بينما التفت الشيطان وسار بخطوات ثابتة إتجاة زنزانتها وتوقف امام الأخيرة، قضب جبينه بإستغراب وهو يقول للحارس
- فينها؟
- نقلناها لسجن التعذيب
التفت الشيطان بسرعة وهتف بحدة
- نعم؟
- نفذنا اوامرك يا سيدنا
- انت مين امرك تعلم كدة
صرخ بصوت جهوري صاخب، فخاف الحارس وقال بتلعثم
- انت يا سيدنا، انت اللي امر..

قاطعه الشيطان بلكمة قوية وجهها لوجه الحارس الذي سقط على الأرض على اثر اللكمة.
- حسابك بعدين
قالها الشيطان بتوعد من بين انفاسه الغاضبة وهو يتراجع للخلف ومن ثم التفت وركض في الممر المظلم ليصعد السلم الضيق بسرعة وعجلة حتى وصل امام الغرفة الصغيرة، مد يده وفك المغلاق الحديدي، ففُتح الباب وظهرت هي.

كانت مستلقية على الأرض، تضم قدميها لصدرها وهي ترتجف من البرد و الخوف، كان وجهها شاحب وعينيها حمراوتين وشفتيها مائلة للزرقة واطراف اصابعها متجمدة، فإتسعت مقلتيه وتقدم منها بخطوات سريعة ليجثو على ركبته وهو يهتف بأسمها بقلق
- ريحانة
مد كفه لوجهها البارد وضمه هاتفاً بجزع
- ريحانة، اصحي، ريحانة.

لم يجد اي إستجابة منها، فشعر بالخوف عليها، فأسرع وحملها بين ذراعيه ليركض بها لخارج الغرفة وما لبث ان توقف وهو ينظر لها بعد ان سمعها تتمتم بشيء لا يفهمه، حاول ان يفهم ما تقوله، فهي كانت تتمتم ب
- بابا، ساعدني، بابا، انا خايفة
شعر بالحزن لأجلها والذنب، فقربها له اكثر وهمس في اذنها بندم
- انا معاكِ، متخفيش
ففتحت عينيها بصعوبة بعد قوله ونظرت له، إبتسمت إبتسامة باهتة متعبة وهي تخرج صوتها بصعوبة.

- انت جيت، يا بيجاد!
بعد ان انهت جملتها المتقطعة سندت رأسها على صدره واغمضت عينيها واستسلمت لإغمائها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة