قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الخامس والعشرون

تفحصها الشيطان بنظراته التي اظلمت، و تقدم منها بخطوات ثابتة و امسكها من ذراعها و اخرجها من جناحها و سار بها في إتجاة السلم و لكنه توقف قبل ان يصل للأخير بسبب توقفها، فألتفت و نظر لها فوجد جلال ممسك بذراعها الآخرى، فنظر للأخير بإنزعاج، بينما قال الأخير و هو يجز على اسنانه بغضب
- قلتلك دي مراتي و مش هخليك تاخدها
تنفس الشيطان بخشونة و قال بنفاذ صبر
- جلال، معنديش خلق اتخانق معاك.

فإبتسم جلال بغيظ و هو يقول بتهكم
- و لما حضرتك ملكش خلق، جيت هنا لية!
- جيت عشان اخدها و امشي
- وانت فاكرني هسبهالك بالساهل!
- انا مش مستنى انك تسبهالي، انا هاخدها اساسا.

انهى جملته و هو يجذبها له بقوة ألمتها، و خبئها خلفه، بينما ذهل جلال من حركة الشيطان السريعة، فبعد ان ادرك تقدم من الأخير و هو يكور قبضته بحنق و غضب جامح، و وجهها لوجة الشيطان الذي التقط قبضته بكفه بمهارة و ضغط عليها بقسوة و هو يطأطأ و يقول بهدوء مخيف، محذر
- بلاش تلعب في عداد عمرك الأخير.

و من ثم ترك قبضته و التفت و هو يمسك برسغها و يسير بها في بقية الممر ليصل للسلم و ينزله بثبات، خرج من قصر جلال تحت انظار الحراس المتسائلة، اصعدها السيارة و من ثم صعد هو في المقعد الأمامي ليقودها، فهو قد جاء بمفردة دون حراسه او سائقه.
فور اختفائهم من امام ناظري جلال، اخرج الأخير غضبه في تكسير كل شيء من حوله.

- اتصلي بزهرة، عايزة اطمن عليها
قالتها والده زهرة بقلق، فنظر لها زوجها و اومأ برأسه و من ثم امسك بالهاتف و اتصل بزهرة التي اجابت
- الو يا بابا
- رجعتي من عند المدام ريحانة؟
- ايوة يا بابا
- مفيش حاجة حصلت؟، يعني السيد جلال...
قاطعته زهرة ب
- لا مكنش موجود
- هات زهرة، عايزة اكلمها
قالتها والدتها، فتنفس الآخر بعمق و هو يقول بنفاذ صبر
- خدي كلمي امك عشان دوشتني
- ماشي
اخذت والدتها الهاتف و قالت بلهفة.

- زهرة يا بنتي، انتي كويسة؟
- متخافيش يا ماما، انا كويسة
تنهدت والدتها براحة و من ثم قالت بعتاب
- خلتيني اقلق عليكي
- اسفة يا ماما
إبتسمت والدتها و قالت بهدوء
- المدام ريحانة عاملة اية عند جلال؟
- متبهدلة يا ماما، انتي لو تشوفيها، هتصعب عليكي
- لية؟، مالها؟
- هقولك اللي حصل
و من ثم بدأت في قص ما رأته و ما قيل لها من ريحانة، فطأطأت والدتها بأسف و قالت
- حرام عليه، ازاي يعمل كدة فيها؟
- واحد حقير.

قالتها زهرة بإستحقار، فقالت والدتها
- طيب و انتي عملتي اية؟
- طلبت المساعدة من سيدنا الشيطان؟
- الشيطان!
قالتها والدتها بإستغراب، فغمغمت زهرة ب
- اه
- و عمل اية؟
- معرفش، بس هو خرج علطول بعد ما قلتله
صمتت والدتها لبرهه قبل ان تسأل
- و انتي طلبتي منه المساعدة هو بذات لية يا زهرة؟
- الصراحة لسببين، السبب الأول ان الشيطان هو الوحيد اللي يقدر يساعدها
- و السبب التاني؟
صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول بشرود.

- السبب التاني، اني حاسة ان سيدنا الشيطان مهتم بالانسة ريحانة شوية
- ماما معلش عايزة التليفون عشان اكلم جوزي
قالتها شقيقة زهرة لوالدتها التي قالت لزهرة
- هقفل دلوقتي يا زهرة عشان اختك عايزة تكلم جوزها
- ماشي يا ماما، سلام
- سلام.

دخلت ريحانة القصر خلف الشيطان الذي سبقها ببضع خطوات.
- بيجاد
قالتها بخفوت، و اردفت
- استنى
توقف و التفت لها، فتقدمت بخطوات متعرجة حتى توقفت امامه، نظرت له و قالت بأمتنان
- شكرا
نظر لها بجمود و هو يهز رأسه بخفة و يلتفت و لكن قبل ان يخطوا خطواته قالت
- كنت فكراك مش هتساعدني
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره، فأكملت
- افتكرت انك هتسبني، آآه.

تأوهت بها بألم، فقد شعرت فجأة بألم يخترق ظهرها، فألتفت بجسده و ظل ينظر لها، نعم لقد شعر بالقلق ولكنه لم يظهر ذلك، زاد قلقه عندما رأى على ملامح وجهها الألم و هي تطبق اجفانها بقوة، فتقدم منها و توقف امامها وقبل ان يسألها قالت بخفوت ممتلئ بنبرة الألم
- طهري، واجعني جدا، آآه
تأوهت مرة آخرى بألم، فتقدم بضع خطوات ليقف بجانبها و يحاوط خصرها بذراعه، فنظرت له، فقال بإقتضاب
- شكلك محتاجة الحكيم.

سار بها للسلم، فصعدت اول درجاته ببطئ شديد بسبب ألم ظهرها و تعرج قدمها. فتوقف فجأة، فنظرت له بإستغراب قبل ان تشهق بفزع و ألم عندما حملها بين ذراعيه، فهتفت ب
- بتعمل اية؟

لم يجيبها و اكمل صعود السلم بخطواته الثابتة حتى وصل للطابق الثاني، سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه، فتقدم الحارس و فتح الباب لهم عندما امره الشيطان بذلك عبر نظراته، تقدم للداخل و وضعها على السرير برفق و من ثم التفت و إتجة للباب و هو يقول
- هطلبلك الحكيم و هجبلك زهرة
لم يترك لها مجال الرد فقد غادر سريعا.

كان جلال جالس على كرسي مكتبه و هو يتنفس بخشونة بجانب الغضب الذي يكمن في حدقتيه مع حركة اصبعه الروتينية على الطاولة، لا يستطيع ان يفهم، كيف تجرئ الشيطان على اخذ زوجته؟، و كيف سمح له ان يأخذها!، كان يجب ان يمنعه من اخذها حتى و إن كانت هذة نهايته، طبق جفونة بقوة و هو يتذكر استسلامها للشيطان، اكانت تنتظره؟، تصاعدت الدماء بحرارة إلى رأسه لتلك الفكرة، فتح عينيه و هو يهز رأسه بعنف و يتمتم كالمجنون.

- ريحانة ليا، ليا و بس.

تلف الشيطان لجناحه و تقدم منهم، فنهض الحكيم و التفت للشيطان و انحنى للأخير احتراما له، فقال الشيطان
- ها، مالها؟
- اللي باين انها اوقعت على طهرها او اضربت عليه فورم، عشان كدة طهرها بيوجعها، فأنا اديتها ابرة تخفف علهيا الألم دة، بس من بكرة هنبدأ ندهنلها كريم و اسمه اديته لزهرة
اومأ الشيطان برأسه و هو ينقل نظراته لريحانة التي بدأت تغفو، فقال الحكيم
- عن اذنك
و من ثم غادر، فنهضت زهرة و قالت.

- هروح اجيب الكريم يا سيدنا
اومأ برأسه، فأردفت قبل ان تغادر
- عن اذنك
و غادرت، فتقدم الشيطان ببضع خطوات من ريحانة، ظل ينظر لها بطريقة لم تستطيع تميزها فقد كانت رؤيتها له متداخلة قبل ان تغفو تماما، فألتفت و غادر.

اشرقت شمس يوم جديد
- هو اتصل بيك؟، و طلب منك انك تساعده!، طيب انا مش فاهم، انت ازاي هتساعده؟، ازاي هتساعد جلال!
قالها ايمن بعدم إستيعاب، فألتفت له عز الدين و قال بهدوء
- مش هساعده يا ايمن، انا بس هروح معاه للشيطان و هتكلم مع الشيطان في موضوع ريحانة، اصل مينفعش اللي عمله الشيطان، ازاي يروح و ياخد ريحانة اللي هي مرات جلال قدامه كدة!، عيب، عيب اللي عمله.

- معاك حق ان اللي عمله الشيطان عيب بس ممكن يكون عنده سبب
- مهما كان السبب ملهوش الحق انه يعمل حاجة زي دي
طرق الخادم على باب جناح عز الدين و دخل عندما سمع اذن الأخير
- السيد جلال وصل
- ماشي، نازله دلوقتي
قالها عز الدين للخادم قبل ان يقول لأيمن
- انا همشي
اومأ ايمن برأسه و غادر عز الدين.

فتحت ريحانة جفونها بتثاقل و من ثم اغلقتهما مرة آخرى و ما لبثت ان فتحتهم لتنقل نظراتها حولها، اين هي؟، اعتدلت لوضع الجلوس و حكت رأسها و هي تتذكر ما حدث، فتنفست بعمق فشعرت ببعض الألم في ظهرها، نهضت من على السرير بحذر و قبل ان تخطوا خطواتها طرق احدهم على الباب، فهتفت ب
- ادخل
دخلت زهرة و هي تحمل صينيه بها طعام الفطور و قالت بنشاط
- صباح الخير انسة ريحانة
إبتسمت ريحانة بوهن و قالت
- صباح النور.

- يلا عشان تفطري
قالتها زهرة و هي تضع الصينية على الطاولة، فقالت ريحانة
- مليش نفس
- لا مينفعش، انتي لازم تاكلي
حكت ريحانة جبينها و قالت
- ماشي بس هدخل اغسل وشي الأول
- حاضر
و من ثم إتجهت ريحانة للحمام و دخلته، و بعد خمس دقائق خرجت الأخيرة من الحمام و إتجهت للطاولة و جلست على الأريكة المقابلة للطاولة و قالت لزهرة
- اقعدي افطري معايا
- شكرا، فطرت
- طيب ممكن تقعدي معايا بدل ما اقعد لوحدي.

اومأت زهرة برأسها و جلست، بينما مدت ريحانة يدها و اخذت واحد من التوست و وضعت عليه القليل من الجبن و بدأت في تناوله
- فين الشيطان؟
قالتها ريحانة بعد ان بلعت الطعام الموجود في فمها، فأجابت زهرة
- سيدنا الشيطان في مكتبه من إمبارح
- من إمبارح!

هزت زهرة رأسها بالإيماء، فشردت ريحانة لتفكر به، هل قضى كل الليل في مكتبه؟، لماذا؟ اهو لا يريد رؤيتها؟، إن ذلك، فلماذا ساعدها!، قطمت قطعة من التوست و من ثم قالت بشرود
- زهرة، قوليلي
- اية؟
- لما قلتي للشيطان عني و عن حالتي، قالك اية؟
- مقالش
نظرت لها ريحانة بخيبة امل و قالت
- طيب تعابير وشه؟
صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول و هي تتذكر
- لما قلتله تعابير وشه اتغيرت، بس مش عارفه اميزها بظبط.

تنهدت ريحانة بآسى و قالت
- ماشي
اكملت ريحانة تناول فطورها و انهته، فنهضت زهرة و هي تحمل الصينية و قالت
- هروح ارجع الصينية للمطبخ و بعدها هاجي عشان ادهنلك الكريم، صحيح، اخبار طهرك اية؟ واجعك؟
- واجعني بس مش اوي
- دلوقتي هنحطله الكريم و هيختفى الوجع
هزت ريحانة رأسها بالإيماء و قالت
- طيب انا هدخل استحمى عقبال ما ترجعي
- ماشي.

خرج الشيطان من الغرفة الموجودة في مكتبه و إتجة للمكتب و جلس على كرسيه و من ثم التقط كوب الماء و شربه قبل ان يعود بظهره للخلف و هو يتنهد بضيق، فهو لم ينم جيدا بسبب كثرة تفكيره الذي اصبح يزعجه مؤخرا.
طرق الحارس على الباب و دخل بعد سماعه اذن سيده، تقدم للداخل و اخفض رأسها و هو يقول
- السيد عز الدين و السيد جلال برة، عايزين يقابلوك يا سيدنا
رفع الشيطان حواجبه بذهول و هو يقول بإستغراب.

- جلال و عز الدين!
و من ثم اردف بهدوء
- دخلهم
اومأ الحارس برأسه و غادر ليخبر عز الدين و جلال بموافقة سيده لمقابلتهم، فبعد ثواني دخل عز الدين للمكتب و خلفه جلال، جلس عز الدين على الكرسي المقابل لمكتب الشيطان و بجانبه جلال الذي كان ينظر للشيطان بثبات مصتنع يخفي خلفه غيظه.
- خير؟، اية اللي لم الشامي على المغربي!
قالها الشيطان بتهكم و هو ينظر لجلال، تجاهل عز الدين تهكم الشيطان و قال
- الاول، عامل اية؟

- في احسن حال
- كنت جاي اتكلم معاك في موضوع مهم
صمت الشيطان بينما اكمل عز الدين
- جلال قالي على كل حاجة، مينفعش اللي عملته يا شيطان، ريحانة مرات جلال فمينفعش تروح تاخدها كدة و كأن ملهاش جوز تستأذن منه
كان الشيطان يستمع لأقوال خاله عز الدين بلامبالاة، و من ثم رسم على شفتيه إبتسامة جانبية و هو ينظر لجلال ببرود و يقول بطريقة مستفزة
- و هو الجوز دة مش قادر يرجعها لوحده!، شكله خايف
- شيطان.

قالها عز الدين بحدة و اكمل
- عيب اللي بتعمله، مش انت اللي تطلع منك التصرفات دي، انت كبير و المفروض انك بتفهم في الأصول، و المفروض انك عارف انها مراته...
قاطعه الشيطان ببرود
- مراته اللي متجوزها عرفي
كان جلال صامتا طيلة الوقت لكي لا تفشل خطته في إعادة ريحانة له بدون اي مجازفة و لكنه لم يستطيع الصموت اكثر، فأندفع بقوله الحاد
- اسمه جواز و اسمها مراتي فملكش دعوة يبقى جواز عرفي ولا لا.

و من ثم اردف بصوت مرتفع نسبيا
- و ريحانة هاخدها يعني هاخدها
- وريني ازاي
قالها الشيطان ببرود استفز جلال، فنهض الأخير بغضب و لكن عز الدين اجلسه مرة آخرى و قال
- اهدوا مش كدة و اكمل و هو ينظر لجلال هخليك تاخد ريحانة، فأهدى و متدخلش
تنفس جلال بخشونة و هو ينقل نظراته امامه بعيدا عن الشيطان، بينما نظر عز الدين للشيطان و قال بنفاذ صبر
- اسمعني...
قاطعه الشيطان بجدية.

- انت اللي اسمعني، انت عارف اني بحترمك، فلوسمحت متدخلش في الموضوع دة بذات عشان احترامي ليك ميتبخرش
شعر عز الدين بالضيق من كلمات الشيطان، فقال بحدة
- انا اكبر منك، ازاي تكلمني كدة ها!، يعني انا جاي عشان احل الموضوع دة فتيجي انت و تقولي كدة، تعرف، انت بكلامك دة قليت مني مش لسه هتقل
تنفس بعنف و اكمل.

- تعرف انا غلطان لأني جيت هنا، لأني جيت عشان انصحك لأني خايف عليك من اي فضيحة تمسك بسبب موضوع زي دة و بسبب بنت زي دي...
كان الشيطان صامت، ينظر امامه بجمود بينما كان يضغط على قبضته بشدة و هو يستمع لكلمات عز الدين التي بدأت تغضبه.
- عارف انها كانت عشيقتك بس هي مش ملكك هي ملك جوزها..
- و جوزها هو انا.

قاطعه الشيطان بها بجدية، فإتسعت مقلتي عز الدين بذهول و تشتت، بينما التفت و نظر له جلال بصدمة و عدم إستيعاب قبل ان يقهقه بسخرية ممزوجة بالشراسة و يقول بإستخفاف
- مراتك ازاي إن شاء الله!

مد الشيطان ذراعه لأحد الأدراج الموصدة في مكتبه ليفتحها و يخرج ملف به ورقه و يقدمها لهم، اتى ان يلتقطه عز الدين و لكن سبقه جلال و التقطه و فتحه بعنف، فأتسعت مقلتيه في صدمة، فهو زوجها ولكن كيف؟، و هذا توقيعها، ريحانة وافقت على هذا الزواج! كيف؟، رفع نظراته للشيطان وقال و هو تحت تأثير الصدمة
- اكيد الورق دة مزور
نظر له الشيطان بطرف عينيه و قال
- و هو انا زيك عشان الجأ للطرق دي!

عاد جلال للنظر في الورقة فتصاعدت الدماء لرأسه بعنف و هو ينهض من مكانه بغضب و يضرب مكتب الشيطان بكفه و هو يهتف
- قولي ازاي مراتك ها؟، ازاي ريحانة مراتك و هي مراتي اساسا
- و مين قالك انها مراتك اساسا
قالها الشيطان و هو يرسم إبتسامة جانبية مستفزة على وجهه.
- قصدك اية؟
قالها جلال و هو يتراجع للخلف ببضع خطوات، بينما سأل عز الدين
- ازاي مراتك؟
نظر الشيطان لعز الدين و اجاب.

- عادي اتجوزتها زي اي اتنين بيتجوزا، في شهود و مأذون و توقيع العروسه
- ازاي يعني عادي، في ورقة بيني و بين ريحانة تمنعك انك تكون جوزها
هتف بها جلال بغضب جامح، فنظر له الشيطان ببرود و قال بخبث
- اي ورقة؟، قصدك ورقة جوازكم العرفي اللي حرقتها!
- نعم!، حرقتها!
هتف بها جلال بعدم تصديق، فأجاب الشيطان ببرود
- ايوة حرقتها من زمان
التف جلال حول المكتب بخطوات غاضبة و امسك بالشيطان من ياقته لينهضه بعنف و هو يهتف.

- انت مجنون، ازاي تعمل كدة، ازاي تحرقها
نظر الشيطان ليدي جلال الممسكه بياقته ببرود و من ثم نقل نظراته له و قال بهدوء شرس
- شكلك مصر انك تلعب في عداد عمرك الأخير
و من ثم امسك بيدي جلال بقوة و دفعهم بعيدا عنه بعنف و جلس على كرسيه مرة آخرى و وضع قدم على آخرى ببرود و قال
- استحمل عمايلك يا جلال، فانت بدأت اللعبة دي، و انا اللي هنهيها
- هتنهيها بس بعيد عن ريحانة.

- انا اللي اقرر ان كنت هنهيها بعيد عنها ولا لا
اتى ان ينقض جلال على الشيطان ولكن اوقفه عز الدين بقوله
- كفاية اللي بتعملوه دة، تعالى معايا يا جلال
- مش همشي بدون ريحانة
- على كدة خليك واقف للصيح
قالها الشيطان ليستفز جلال و نجح، فأتى ان ينقض عليه جلال مرة آخرى ولكن عز الدين امسكه و سحبه بعيدا عن الشيطان و سار به للباب، فهتف جلال بحزم
- مش هسيب ريحانة، مش هسبها.

اخرج عز الدين جلال من غرفة المكتب و قبل ان يخرج عز الدين نظر للشيطان بضيق و من ثم غادر.

طرقت زهرة على باب جناح الشيطان، فنهضت ريحانة و فتحت الباب و قالت لزهرة
- كل دة تأخير يا زهرة!، لية اتأخرتي؟
تلفت زهرة للداخل و هي شاردة، بينما اكملت ريحانة
- طهري واجعني اوي يا زهرة، جبتي الكريم؟، زهرة!
قالت الأخيرة بصوت مرتفح لتجذب انتباة زهرة الشاردة، فتأسفت زهرة و اكملت و هي تخرج العبوة من جيبها
- جبت الكريم، اهو.

إتجهت ريحانة للسرير و جلست عليه و خلفها زهرة التي رفعت سترة ريحانة و بدأت في دهن الكريم على ظهر الأخيرة.
بعد ان انتهت زهرة، اعدلت ريحانة سترتها و هي تتنهد بعمق لتسأل زهرة بشرود
- زهرة، هو انا اللي عملته غلط؟
نظرت لها زهرة و قالت بتساؤل
- على اية؟
- على اني جيت مع الشيطان و سبت جلال
- انا مش شايفة ان اللي عملتيه غلط
- يعني انا مش خاينة؟
- خاينة!، لية؟
قالتها زهرة بإستغراب، فنظرت لها ريحانة و قالت بشرود.

- عشان سبت جوزي و روحت مع واحد تاني، اخترت واحد غير جوزي، حبيت واحد غير جوزي، كل الحاجات دي بدل اني خاينة صح!، انا مش عايزة ابقى كدة
قالت الأخيرة بآسى و اكملت
- مش عايزة ابقى خاينة بس في نفس الوقت مش قادرة ابقى مع جلال
اخفضت ريحانة رأسها و اكملت بحزن و قد لمعت عينيها بالدموع
- مش عارفة اعمل اية، قوليلي يا زهرة اعمل اية
نظرت زهرة لريحانة بضياع، اتخبرها بما سمعته؟

- انسة ريحانة، في حاجة سمعتها عايزة اقولهالك
مسحت ريحانة عينيها بكفها و من ثم رفعت رأسها و نظرت لزهرة التي اتت ان تكمل و لكن قاطعها دخول الشيطان، فتراجعت للخلف و هي تخفض رأسها قبل ان تقول
- عن اذنكم
و من ثم سارت بخطوات سريعة في إتجاة الباب لتغادر، و غادرت، فتقدم الشيطان للداخل و هو ينظر امامه بجمود و يقول
- عاملة اية النهاردة؟
كانت نظراتها معلقة به و هي تجيب
- كويسة.

بعد قولها ساد الصمت، فقد اتجة الشيطان للشرفة و دخلها بينما ظلت ريحانة جالسة في مكانها تنظر لظله المنعكس على الأرض و انتقلت نظراتها له عندما خرج من الشرفة و هو يحمل حزام السرج الخاص بالجواد و يتجة به لباب الجناح و لكنها اوقفته بسؤالها التلقائي
- هتروح تركب الحصان؟
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهرها، فأكملت بحماس
- لو هتروح عايزه اجي معاك
التفت بجسده و قال بجمود
- لا
- لية؟، انا عايزة اركبه.

- عايزة تركبية بعد ما وقعتي من عليه من قبل!
قالها بتهكم، فأندفعت بقولها
- انت اللي سبتني في وقتها عشان كدة وقعت
التفت و لاواها ظهره و هو يكمل سيره للباب
- عموما مش هاخدك عشان غلط تركبية و انتي طهرك تاعبك
اسرعت و نهضت بطريقة خاطئة جعلت ظهرها يؤلمها ولكنها تجاهلت المها لتسرع و تلحقه لتسير خلفه و هي تقول
- خايف عليا؟
توقف و نظر لها بطرف عينيه و من ثم اكمل سيره، فلحقته و هي صامتة.

توقف امام الاسطبل و نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره
- استني هنا
اومأت برأسها، و دخل هو، و بعد مرور دقائق خرج و معه جواده، فتراجعت للخلف فقد بدأت تشعر بالخوف و لكنها تجاهلت شعورها و تقدمت منه و توقفت على بعد متر، فنظر لها بسخرية و قال
- خايفة!
- لا.

قالتها و هي تنظر له بحزم، و من ثم تقدمت المسافة المتبقية بخطوات مترددة، نظرت للجواد لبرهه قبل ان تمد كفها لتضعه على رأسه بتردد، فحرك الجواد رأسه بنعومة فأرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة و بدأت تملس على رأسه بحنان.
- عايزة اسألك سؤال
قالتها بهدوء، فنظر لها، فأكملت بتردد
- لما قالتلك زهرة عني، حسيت بأية؟
حدق بها لبرهه قبل ان ينقل نظراته امامه بجمود، فنظرت له و قالت بوهن
- اجابة السؤال دة تهمني.

- محستش بحاجة
قالها بجمود، فظهرت سحابة حزن في عينيها و هي تقول
- هعتبر ان دي اجابة صادقة
- اعتبريها، ما هي دي الحقيقة
قالها بلامبالاة قبل ان يسير بجواده و يتركها، فأخفضت رأسها و هي تبتسم بسخرية و شفقة على حالتها، فهي قد لجأت لشخص لا يحبها، هل كانت تتوهم انه احبها؟، هي الآن اصبحت متخبطة بشأنه ان كانت تهمه ام لا!، مسحت عينيها من الدموع التي ملئت مقلتيها و تنهدت بعمق قبل ان تعود للقصر.

- عارف انها كانت عشيقتك بس هي مش ملكك هي ملك جوزها..
- و جوزها هو انا.

كانت زهرة تتذكر تلك الكلمات التي صدمتها عندما سمعتها دون قصد، فقد كانت تسير في الممر و هي تنوي ان تذهب للشيطان لتطلب منه ان تذهب لوالديها غدا لأن شقيقتها ستعود مع زوجها فتريد ان تودعها، فتوقفت امام مكتبه ولكنها لم تدخله بل ظلت واقفة امام الباب مذهولة مما سمعته و غير مصدقة، احقا الشيطان تزوج ريحانة؟، اتعلم ريحانة؟، تذكرت كلمات ريحانة.

- عشان سبت جوزي و روحت مع واحد تاني، اخترت واحد غير جوزي، حبيت واحد غير جوزي، كل الحاجات دي بدل اني خاينة
ما يبدو ان ريحانة لا تعرف انها زوجة الشيطان، فالآن هل تخبرها؟

دخل جلال قصره بخطوات غاضبة بعد ان طرد نصف حراسة، دخل مكتبة و صفق بابه بعنف، جلس على كرسي مكتبه و تنفس بخشونة قبل ان يضرب المكتب بقبضتة مرات متتالية و هو يهتف
- ازاي عمل كدة؟، ازاي دخل قصري و خد الورقة وانا مش حاسس؟، ازاي استغفلني!، ازااي
هتف بالأخيرة بغضب جامح و هو يزيح كل ما على مكتبه بيده.

بدأ الليل يسدل ستائره
دخل الشيطان لغرفة مكتبه و هو ممسك بملف بين يديه يقرأ فيه، تقدم للداخل و جلس على كرسي مكتبه دون ان يشعر بريحانة التي تجلس على الكرسي المقابل له
- مشغول لدرجة مش شايفني؟
قالتها بضيق و هي تنظر له، ابعد الملف من امامه و نظر لها بذهول و هو يهتف
- انتي هنا من امتى؟
- من بدري، مستنياك
- لية؟
- عشان همشي
- هتمشي!
قالها بإستغراب، فقالت
- ايوة همشي
- لفين؟
- لجلال
قالتها بهدوء، فهتف بها بحدة.

- انتي اتجننتي؟
- لا
القى بالملف على المكتب و قال بغضب
- مدام هترجعيله لية جيتي معايا من الأول؟
- غلطت
تنفس بخشونة و هو يرمقها بغضب، قبل ان يعود بظهره للخلف و يقول بأنفاس غاضبة
- ماشي، روحي، بس متتوقعيش مني اني اساعدك مرة تانية.

منعت دموعها من النزول بصعوبة و هي تنهض و تومأ برأسها و تلتفت سريعا لتغادر، و فور مغادرتها لغرفة مكتبه امسك بتمثال صغير من الزجاج و القاه بغضب و قسوة و من ثم تمتم بغيظ و هو يكور قبضته
- غبية، غبية.

سارت ريحانة في الممر و هي مازالت تقاوم دموعها، لم يمنعها ابدا و لم يحاول و هذا احزنها و اثبت لها انها لا تهمه، توقفت عن السير و التفتت عندما نادتها زهرة
- انسة ريحانة!، رايحة فين؟
قالتها زهرة بتساؤل، فقالت ريحانة بحزن
- هرجع لجلال
- نعم!
هتفت بها زهرة بذهول، و من ثم اردفت
- لية هترجعي؟
تنهدت ريحانة و قالت
- دة الصح اني ارجع
- لا
هتفت بها زهرة بأعتراض و اكملت
- اياكي ترجعيله، اصلا مينفعش ترجعيله
- لا ينفع.

سحبتها زهرة من ذراعها لأحد الأركان البعيدة عن الأنظار و قالت بصوت منخفض
- انتي هترجعيلة عشان بتعتبري نفسك خاينة؟
اخفضت ريحانة رأسها، فأكملت زهرة بتلقائية
- لو من الناحية دي متقلقيش، انتي مش خاينة لأن سيدنا الشيطان...
صمتت لبرهه لتبلع لعابها و تكمل
- جوزك
رفعت ريحانة رأسها لزهرة و اتسعت مقلتيها بصدمة و هي لا تستوعب ما قالته زهرة، فهمست
- بتقولي اية؟
- اللي سمعتيه، سيدنا الشيطان متجوزك، انا سمعته النهاردة.

هزت ريحانة رأسها بعدم تصديق و هي تتمتم
- الشيطان، جوزي!، طب جلال؟
- معرفش، بس سمعت سيدنا الشيطان بيقول انه حرقها
شردت ريحانة لدقائق لتتذكر ملامح وجهه عندما قالت للشيطان انها ستعود لجلال، هو غضب، نعم غضب و هذا ظهر على ملامح وجهه بوضوح ولكنها لم تلاحظ ذلك إلا الآن، ارتسمت على شفتيها إبتسامة مشرقة، فقالت زهرة
- هترجعي للسيد جلال؟
نظرت لها ريحانة وهزت رأسها بلا، فإبتسمت زهرة بإرتياح و قالت
- كويس.

و من ثم اردفت بإستفسار
- هتعملي اية؟ هتقولي لسيدنا الشيطان انك عرفتي؟
نقلت ريحانة نظراتها بعيدا عن زهرة و قالت بخبث
- لا
- ناوية على اية؟
- انا همشي دلوقتي
- لفين؟
- هخرج للحديقة شوية، محتاجة اكون لوحدي
انهت جملتها و التفتت و إتجهت للحديقة دون انتظار رد زهرة التي ظلت واقفة في مكانها تفكر.

قبل حلول منتصف الليل بقليل.

صعدت ريحانة السلالم حتى وصلت للطابق الثاني، إتجهت لجناح الشيطان و دخلته بهدوء، خلعت الجاكيت التي ترتديه و وضعته على الأريكة قبل ان تلتفت و تتقدم من السرير و تقف امامه و هي تنظر للشيطان و هو نائم، صعدت للسرير و استلقت بجانبه، وضعت كفيها اسفل رأسها و من ثم اصبحت تحدق به و هي تفكر، لماذا تزوجها؟ ايحبها؟، اذا لماذا لم يخبرها؟، ابعدت نظراتها عنه و هي تتذكر تلك الورقة الذي جعلها توقعها عنوة، اتلك الورقة كانت ورقة عقد زواجهم؟، اعادت نظراتها له و تنهدت و همست له بعتاب.

- مخليني اتعذب كل دة و في الآخر تكون جوزي؟

مدت كفها لتضعه على جبينه بحنان و تمرر إبهامها على لحيته الخفيفة برقة و تعود لتتأمله بحدقتين تشع عشقا له، كم شعرت بالسعادة بأنها له قانونا، و ما اسعدها اكثر انها ليست بخائنة، تتمنى الآن ان تعلمه بأنها سعيدة و لكنها قررت انها لن تظهر سعادتها تلك ولن تعلمه بأنها علمت بأنه زوجها فقد قررت ان تعطية درس صغير، إتسعت إبتسامتها و هي تقترب برأسها و جسدها منه و تهمس امام شفتيه بخبث.

- هتشوف مني ايام سودة يا شيطاني، استنى عليا
انهت جملتها و دفنت وجهها في عنقه لتشم رائحته التي اشتاقت لها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة