قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

أشرقت شمس يوم جديد
فتحت عينيها العسليتين بنعاس فهي لم تنم بشكل مريح بسبب قلقها وتفكيرها بما ستفعل، اعتدلت من وضعها النائم بجلستها، ووضعت يدها على رقبتها تدلكها فشعرت بألم بها فالنوم على الأريكة ليس مريح، نظرت بإتجاه السرير فلم تجده، فنهضت واتت ان تتجه للحمام لكنها توقفت عندما لمحت السفرة الموضوع عليها طعام الأفطار، فصرخت معدتها مطالبة بالطعام، تقدمت وجلست وبدأت في تناول الطعام بشراهة.

بعد ان انتهت من تناول الطعام، وضعت يدها على بطنها وهي تشعر بالشبع، سمعت طرقات زهرة على الباب مستأذنة للدخول، فهتفت سامحة لها
- صباح الخير انسة ريحانة
- صباح النور
- محتاجة اي حاجة؟
- لا، اة
إبتسمت زهرة و قالت
- اتفضلي
- عايزة لبس ليا
- حضرتك هتلاقيه في الدولاب، دايما بيبقى في لبس حريمي
رفعت حاجبيها بدهشة و قالت
- دايما؟!
اومأت زهرة برأسها، فأكلمت ريحانة بسخرية مستنتجه
- اكيد عنده عشيقات، صح؟

نظرت لها زهرة و لم ترد، فأكملت بضيق
- بكره النوع دة من الرجالة، ازاي بيتسلوا بكل البنات دي!، اسلوب قذر
إبتسمت إبتسامة مريرة واكملت
- ياريت الكل يبقى زي جلال، مكنش بيعمل كدة ابدا
نظرت لها زهرة بشفقة وسخرية اخفتها سريعا، تنهدت ريحانة وهي تنهض وتتجه للخزانة، فتحت الدرفة الأولى من الخزانة فوجدت ملابس كثيرة للنساء منها الفاضح ومنها الشبه محتشم ولكن اكثرها الفاضح، اغلقت الطرفة بغضب، فقالت زهرة بإستغراب.

- في اية؟
التفتت لها ريحانة بعد ان اغلقت الخزانة
- جيبيلي لبس جديد
رفعت زهرة حاجبها وسألت بحيرة
- منين؟
- معرفش
- الست اللي بتبيعلنا اللبس مش هتيجي النهاردة، هتجيلنا على آخر الأسبوع
- هاتيلي اي لبس، هاتيلي من لبسك
انفجرت شفتي زهرة بذهول
- لبسي؟
قالتها بإستنكار
- ايوة لبسك
- مش هين...
قاطعتها ريحانة بنفاذ صبر
- خلصي يا زهرة وهاتيلي لبس من عندك، انا مش هلبس اللبس العريان دة
- بس سيدنا الشيطان هيت...

قاطعتها بلطف مصتنع
- هاتيلي اللبس، دة جزء من الخطة، يلا يا زهرة
اومأت برأسها و غادرت لتجلب ما طلبته منها ريحانة، عادت للأريكة وجلست واراحت رأسها للخلف بشرود فهي اتخذت القرار، نعم، ستفعل ما طلبه منها و ستجلب كل المعلومات المطلوبة، ستخدع ذلك الشيطان، نعم تشعر بالخوف وعدم الراحة والطمأنينة ولكن ستحاول ان تتغلب على ذلك وان تتقن دورها جيدا لكي تنهي ما اتت لفعله هنا وتعود لحياتها السابقة.

عادت زهرة سريعا و معها جلابية، قدمتها ل ريحانة التي امسكتها و قالت
- شكرا، استنيني هنا عقبال ما ادخل البسها
اومأت زهرة برأسها وإتجهت للأريكة لتجلس بينما إتجهت ريحانة للحمام.

يتجول بجواده الأسود في الأراضي الخضراء الواسعة، كان ينهر العاميلن المتكاسلين بشدة، اوقف جواده عند ذلك الفتى الذي لا يتعدى عمره الخامسة عشر، قال بصوته الأجش
- انت ( اشار للفتى )، تعالى
التفت له الفتى بخوف ونهض ليقترب منه بتردد، نزل من فوق جواده و قال بحدة
- انت عارف القوانين، ازاي تيجي و تشتغل وانت معتدش ال 18 سنه
اجاب الفتى بتلعثم.

- محتاج فلوس، ماما تعبانة ومحتاجة حكيم يكشف عليها وعلاج فلازم اشتغل عشان اجيب فلوس بأسرع وقت
- اسمك اية؟
قالها بهدوء بعد ان اصبح في مستوى الفتى، فأخفض الفتى رأسه وقال بخفوت
- يحيى
هز رأسه و اشار لأحد رجاله بحركة محددة فأتى برزمة نقود، امسك الشيطان بيد الفتى الصغيرة ووضع بها رزمة المال، فأبعد الصغير يده بسرعة وقال رافضا
- مش عايز فلوس منك
رفع حاجبيه وقال
- السبب..؟

اجاب يحيى بطريقة طفولية، فهو طفل ويحفظ ما يقول الكُبار
- فلوس حرام، كل فلوسك بتجيبها من الحاجات الوحشة اللي بتغضب ربنا
احتدت نظراته و قال
- مين قالك الكلام دة!
اجاب بتردد وخوف
- ماما
هز رأسه وتحولت نظراته للبرود، نهض واشار لأحد رجاله واعطاه رزمة النقود وامره بأن يأخذ الفتى يحيى إلى منزله ويقدم هذا المال لوالدته، صعد على جواده مرة آخرى واكمل تجوله بهدوء.

خرجت من الحمام وهي تضع منشفة على شعرها المبلل، كانت زهرة تلعب بأظافرها، فرفعت ناظريها عندما شعرت بخروج ريحانة وفور رؤيتها اخذت تضحك لمنظرها، فالجلابية واسعة وكبيرة جدا على جسدها الضئيل
- بتضحكي على اية؟
قالتها ريحانة بضيق، فنهضت زهرة وهي تحاول ان توقف ضحكاتها
- الجلابية كبيرة اوي عليكِ، مش باينة منها اصلا
- متضحكيش
قالتها بحزم، فتوقفت زهرة عن الضحك واعتذرت، فأكملت ريحانة.

- كدة احسن انا عايزاها كبيرة وواسعة
رفعت حاجبيها بتساؤل وهي تسأل
- السبب؟
- للأمان
فهمت، فهزت رأسها وقالت
- طيب، حضرتك عايزة حاجة مني قبل ما امشي؟
- لا، تقدري تمشي
- عن اذنك
وغادرت الجناح، إتجهت ريحانة للمرآة الطولية وجلست امامها على الكرسي، ازالت المنشفة لتظهر شعرها الأسود المجعد، وبدأت في تمشيطه.

بعد ان انهت تمشيط شعرها، نهضت وإتجهت للشرفة الكبيرة، دخلتها وانبهرت، فهي كبيرة جدا وواسعة، ركضت وتوقفت امام السور الذي يطل على تلك الأرض الخضراء الواسعة جدا جدا، كم هو منظر طبيعي خلاب، فهي عاشقة للطبيعية وتستمتع كثيرا برؤيتها، جذب انتباهها ذلك الجواد الأسود الذي يركض بحرية في هذه الأرض الواسعة، شعرت بالنفور عند رؤيته، فهي تكرة اللون الأسود جدا لأنها تشبه حياتها بذلك اللون، فجأة ظهر الشيطان هو يركض خلف الجواد الأسود وفي ثوان وصل إليه وامسكه من اللجام، فتعالى صوت صهيل الجواد الأسود بغضب، فأقترب منه و ملس على شعره الأسود الطويل بحنان فهدأ واستجاب له، ثم ابتعد عنه بمسافة واصدر صوت غريب فبدأ الجواد بالركض مرة آخرى، وهو خلفه.

كانت تشاهد ما يحدث بدهشة فهذه المرة الأولى التي ترى فيها اسلوب كهذا، ارتسمت على وجهها إبتسامه ساخرة، فما يبدوا انها سترى هنا اشياء كثيرة ستثير دهشتها.

مر الوقت ببطئ شديد فشعرت بالضجر، نهضت من على الأريكة وإتجهت للباب وفتحته، وجدت الحارس يقترب منها و من ثم قال
- محتاجه حاجة؟
- عايزة اخرج من هنا، زهقت
- اسف حضرتك، الاوامر انه ممنوع تخرجي من هنا إلا مع السيد
غمغمت وهي تهز رأسها تفكر ومن ثم نظرت للحارس قالت
- هيرجع امتى سيدك؟

هز كتفه بأنه لا يعلم، فتأففت بضيق قبل ان تعود للداخل، وهي تغلق الباب اتت ان تغلقه بالمفتاح ولكن لم تجد اي مفتاح، فضربت على الباب بضيق، فهي كانت تنوي أن تبدأ في البحث عن المعلومات التي طلبها جلال، تقدمت بخطوات غاضبة ضائقة و جلست على السرير مربعة الأرجل، اسندت ذراعيها على ركبتها ووضعت كفها تحت ذقنها، منتظرة قدومه، وما لبثت حتى نهضت بسرعة وقد تراجعت عن فكرة انتظاره، ستفعل ما كانت ستفعله منذ دقائق، إتجهت للأدراج الخشبية الموضوعة بجانب السرير، فتحت الأول لم تجد شيء، الثاني والثالث كذلك، التفت حول السرير ومن ثم فتحت الأدراج ولم تجد شيء ايضا، فإتجهت للخزانة و فتحت الدرفة الأولى واخذت تبحث فيها ولم تجد فأغلقتها وإتجهت لفتح الدرفة الآخرى للخزانة وهي تتمتم بإستياء.

- شكلي مش هلاقي حاجة ولا هوصل لأي حاجة
لم تجد اي شيء ايضا في هذه الدرفة، وجدت ملابسه فقط، فأغلقتها وإتجهت للدرفة الوسطى من الخزانة وحاولت فتحها ولكنها كانت مغلقة، حاولت مرة واثنين وثلاث وفجأة انتفضت والتفتت عندما سمعت صوته الأجش
- بتعملي اية عندك؟
دقات قلبها تسارعت من فزعها، بلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مرتجف قليلا من اثر الفزع، و ايضا منه
- مبعملش
خطى متجها لها بخطوات ثابتة ونظراته الباردة و هو يقول.

- بجد!
اومأت برأسها، و قالت سريعا لكي تخرج نفسها من هذا الموقف
- انت لية حابسني هنا؟
توقف مقابلا لها فظهر فرق الطول بينهم، فهي كانت قصيرة بالنسبة له، تفحصها بعناية وهو يسألها مُتجاهلا سؤالها
- منين جبتي اللي لبساه دة؟
- من الخدامة، طلبته منها
- لية؟
- مش لاقيه لبس هنا يتلبس
- بالعكس، في لبس وكتير كمان
- مش هلبس اللبس اللي هنا
- لية، هيليق عليكِ
قالها بوقاحة، فقالت بإستنكار.

- هيليق عليا!، مش بلبس اللبس العريان دة
- من خبرتي الطويلة، عارف انه هيليق عليكِ، اووي
قال جملته بوقاحة اكثر وهو يتفحص جسدها بنظراته النارية الخبيثة، شعرت بالخوف من نظراته وعادت للخلف ببضع خطوات، إبتسم بسخرية قبل ان يتخطاها مُتجهاً للخزانة ليأخذ ملابس له، ساد الصمت لثواني قبل ان تعاود سؤالها الذي تجاهله
- انت لية حابسني هنا؟
-...
اكملت
- حاسه اني في سجن...
قاطعها ببرود وهو يلتفت و ينظر لها.

- سجن، اممم تشبيه حلو
- بتكلم بجد، انا النهاردة جيت اخرج من الجناح الحارس اللي برة مرضيش بسبب اوامرك، لية بقى امرته انه يفضل حابسني هنا؟!
قال وهو يقترب منها ببرود
- قلتلك قبل كدة، انتِ وقعتي تحت ايدي، و قلتلك كمان ان ممنوع تخرجي من الأوضة دي بدون ما تستأذنيني
ردت بنفاذ صبر
- طيب، و انا اهو بستأذنك، ممكن تخرجني من الجناح دة!
- لا
قالها بجفاء قبل ان يلتفت ويتجهة للحمام، هتفت بغيظ وغضب
- بارد.

اغلق باب الحمام بهدوء استفزها اكثر، القت بجسدها على السرير بغيظ، اهو حقا عديم الاحساس، بارد، ام يدعي ذلك؟!، اخذت تتأفف بضيق، تشعر بالأختناق حقا، تريد الخروج، شعورها بأنها سجينة هنا يزعجها و بروده يثير غيظها، نهضت بحزم و إتجهت لباب الجناح وفتحته فظهر لها الحارس، تجاهلته واتت ان تخرج من عتبة الباب اوقفها الحارس
- ممنوع حضرتك تخرجي
نظرت له بحزم و قالت
- بس انا عايزة اخرج، فهخرج
رد بهدوء.

- اسف، مش هينفع اخليكي تخرجي
صرخت غاضبة
- بس انا عايزة اخرج، انتوا هتحبسوني هنا!
لم يرد، فأستفزها صمته، فصرخت به
- ما ترد عليا
- دي اوامر مني، قلتلك قبل كدة
استدارت له بحدة عندما سمعت قوله البارد، كان هو لتوه خارج من الحمام، أكملت بحالتها
- و انا قلت قبل كدة عايزه اخرج.

اشار للحارس فتقدم الأخير واغلق الباب، بينما اتجه هو لطرف السرير وجلس عليه بهدوء اشعلها غضبا فوق غضبها، تقدمت بخطوات واسعة ووقفت امامه وقالت بغضب وصوت عالي
-انت مش بتسمع!، قلت عايزه اخرج، الوو، انت بارد لية؟، رد عليا، انت بارد و شخص مستفز و حقي..
قاطعها بنهوضه السريع واقترابه منها حيث امسك ذراعها ووضعها خلف ظهرها بقسوة ألمتها، فهتفت بألم
- يا حقير، ابعد، ايدي، يا حيوا...

ضغط على ذراعها بقسوة اكثر، كادت تكسرها، فصرخت متألمه، قال بهدوء مخيف
- لسانك طويل، مش ملاحظه كدة!
نظرت له وهي تتألم بشدة، قالت والدموع اقرب لعينيها من الألم
- ايدي، سيبها، ااه
- مش قبل ما تاخدي عقاب صغير عشان تحرمي تطولي لسانك عليا
بعد ان انهى جملته الأخيرة، انخفض قليلا برأسه وفي عينيه بريق مخيف، انقض على شفتيها بقبلاته القاسية، المؤلمة، الشرسة التي ذكرتها بماضي أليم، كريهة، لطالما هربت منه، بعد ثواني.

اصبح جسدها يرتجف بقوة، اطراف اصابعها اصبحت باردة، تطبق جفونها بقوة والدموع تسيل على وجنتيها، تراءت بعض الصور والمشاهد المتتالية امام عينيها، ذلك الصوت الذي يتردد في اذنها، كانت تحاول ان تبعده عنها بكل قوتها ولكن قوتها ضئيلة امامه، اصبح كل شيء متداخل امامها، ذكرياتها وواقعها، فجأة تهاوت بين ذراعيه فاقدة الوعي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة