قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس عشر

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس عشر

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس عشر

-من الجيد انك ارتديت حذاء يناسب طبيعة الأرض الزراعية..
كان ذاك تعليق ياسين الوحيد الذى ألقاه منذ خرجا معا من دار عمته بغرض الاستمتاع و زيارة الأرض الزراعية و كان ردها مجرد إيماءة من رأسها..
وصلا الان الى حيث مكان ظليل تحت شجرة كافور وارفة، جلست متنهدة على احد جذورها النافرة من الأرض وهى تتطلع حولها في إعجاب..
سال ياسين مستفسرًا: - هل تشعرين بالتعب!؟، قولى لو أردتِ العودة..

هزت رأسها رافضة: - لا لم اتعب، و لا يجب لنا العودة الان حتى لا تعتقد عمتك ان المكان لا يعجبنى..!؟، ما هي اقتراحاتك لقضاء الوقت حتى يأتي استدعاء عمتك من اجل الغذاء..!؟.
اندفع يقتطف بعض الثمار من هنا وهناك و يضعها أمامها و يجلس في أريحية على جذع أجوف كان بالقرب منها و أخيرا همس بنبرة مرحة: - اجمل اقتراح هو تناول الفاكهة حتى يحين موعد الغذاء..

غلبتها نوبة الضحك التي حاولت كتمانها فلم تستطع و هو يقشر الثمار التي حصل عليها مستمتعا، كان أشبه بمن حصل على شيء لا يقدر بثمن..
ناولها احدى الثمار المقشرة فرفضت باشارة من كفها فقال ناصحاً: - ستندمين ان لم تتذوقيها، هي تختلف تماما في طعمها عن ثمار المدينة..

شعرت بالفضول امام كفه الممدودة بالثمرة فتناولتها و بدأت في تذوقها و بالفعل وجدت طعمها شهيا جدا يختلف بالفعل عن طعم الثمار التي تتناولها في المدينة، فرفعت حاجبيها تعجبا، فابتسم في فخر منتشياً: - ألم اخبركِ!؟
هنا، كل شيء لا يزل يحمل الكثير من النقاء البكر الذى لم يُدنس بعد..
شعرت بالجوع فجأة، فهى حرفيا لم تتناول فطورها كما يجب، باستثناء لقيمات التحدى بين ياسين و صالح هي لم تتناول شيء يذكر..

اندفعت ناهضة من مكانها تتلفت حولها و أخيرا وجدت احدى أشجار الموز فاندفعت باتجاهها تقتطف منها ما تشاء، اندفع ياسين خلفها و كان يذلل لها ما لا تطاله كفها..
كم شعر بسعادة عجيبة و هو يراها بمثل ذاك الصفاء و الاريحية..
كانت تجرى كطفلة صغيرة انطلقت بعد ان فُك أسرها الذى طال لسنوات..

وصلا عند شجرة عريقة من السدر (النبق ) و قد وصلت اليها لاهثة و هو يتبعها بخطوات واسعة، و قفا يلتقطا الانفاس و فجأة وجدها تنهض تبحث عن شيء ما و أخيرا وجدته، ألتقطت احد الأحجار و رفعتها للأعلى تهم بحدفها فهتف ياسين ساخراً: - هل وصل بكِ الحنق لهذه الدرجة!؟
حسنا، هناك حجر اكبر الحجم في ذلك الجانب.

لم تنتبه لسخريته منها بل قذفت حجرها على احد الأغصان ليصيبه بمهارة هي نفسها تعجبت لها و سقط العديد من النبق كالأمطار على راس ياسين الذى حمى راسه بكفيه..
صفقت بمرح و اندفعت تلتقط حبات السدر تضعها في جيوب كنزتها القطنية البيضاء تحتفظ بها ككنز ثمين..

ابتسم ياسين لعفويتها، بينما نظرت هي لكفيها و قد غطاهما الغبار فاندفعت بتهور باتجاه احدى طلمبات المياه التي ترى الأرض المجاورة، لم تدرك ان الماء يندفع بذلك الشكل
القوى الا عندما وضعت كفها في اتجاه اندفاع الماء..
صرخ ياسين ليحذرها في نفس اللحظة التي وضعت فيها كفيها و كان صوت الماكينة هادر حتى ان صرخة ياسين المحذرة لم تصل مسامعها..

كل ما استطاعت ادراكه لحظتها ان اندفاع المياه القوى كان شديد بدرجة لم تسطع تحملها و اختل ثبات قدمها على الحافة الطينية للقناة التي تحمل الماء المندفع لمساره المحدد..
سقطت، وكان سقوط مدوى بحق، ما كادت تسقط حتى وجدت يد قوية تنتشلها من ذاك العمق المظلم الذى غاصت فيه لثوان..
شهقت وهى تجد نفسها بين ذراعى ياسين يربت على ظهرها محاولا تخليص رئتيها من بعض الماء الذى تخللهما
صرخ لتسمعه: - هل انت ِ بخير..!؟.

أومأت موافقة و هي تسعل محاولة التنفس بعمق
أسندها حتى شجرة السدر لتلتقط أنفاسها و هي تستند على ساقها القوية، بدأت ترتجف فخلع سترته يضعها على كتفيها ليدثرها بها..
أكد بحسم: - علينا العودة و فورا حتى لا تتعرضى لنوبة برد..
تلفت حوله فلم يجد الا احد الحمير الذى يأكل في هدوء دون ان يعطي وجودهما ادنى اهتمام
فك ياسين وثاقه و عاد به اليها، صرخت عندما رأته.

فقال مطمئنا بابتسامة: - لا تخافى، ليس كل الحمير كجحش صالح..
امسك كفها و اقترب بها من الحمار و دفعها برفق فوقه، ظلت تشعر بالرعب للحظات حتى استقرت فوق ظهره، و بدأ يسير بها الهوينى.

بدأت تهدأ قليلا عندما اعتادت حركة الحمار الرتيبة، و خطر ببالها خاطر كاد يجعلها تنفجر ضاحكة وهى ترى ياسين يجذب لجام الحمار خلفه بهذا الشكل، ما أروع المنظر و الشمس تميل قليلا للغروب و هي بدلا من ان يحملها فارس الأحلام على حصانه الأبيض.

و يعدو محاولا انقاذها، يجر الان المدعو زوجها حمارا يحملها عليه في محاولة أيضا لانقاذها، ابتسمت ساخرة هامسة: - الأهم ان الحصان و الحمار كلاهما ابيض، و اه لو فكر ياسين ان يركب معى ذاك الحمار المسكين..!؟، أمسكت ضحكاتها و هي تتخيل الحمار يئن ظلما و أخيرا يبرك ارضا قوائمه الأربعة تتمدد باستقامة من ثقل ياسين بالإضافة لثقلها..
انتبه ياسين فسأل مستفسرًا: - هل انتِ بخير!؟، لقد اقتربنا كثيرا..

أومأت موافقة و قد غابت ابتسامتها وهى تتساءل بجدية الان، كل تلك الخواطر حول ذاك الذى يمسك لجام الحمار الان، ولكن هل استطيع الأجابة على أهمها، هل زوجى ذاك، هو فارس الأحلام..!؟.

تمددت كالمتخشبة على ذاك الفراش المعدني العالى في تلك الحجرة التي جهزتها عمته لتضمهما بعد تناولهما العشاء، كانت حالها من التخبط و الاحراج كفيلة بجعلها تخرج مسرعة و تخبر عمته بطبيعة علاقتهما و ليكن ما يكون، لكنها تداركت نفسها و هو يؤكد لها ان كل شيء سيكون على ما يرام و ترك لها ذاك الفراش الواسع و توجه هو بكل نبل لتلك الأريكة الضيقة التي تقطن في الجانب الاخر من الغرفة و أولاها ظهره ليغط في نوم عميق هكذا اعتقدت و خاصة عندما تناهى لمسامعها صوت غطيطه العميق، وهو لم يكن كذلك، فقط هو حاول ان يدعى النوم رغبة في أشعارها بالراحة و عدم التوتر لوجوده معها في نفس الغرفة، لكن ما لم لبث ان داعب النوم جفونه بالفعل ليغط في نوم عميق..

تنفست الصعداء و بدأ النوم يداعب جفونها و بدأت بالفعل في الاستسلام له لكن، كان الناموس لها بالمرصاد و احتفل تلك الليلة بتذوق دم جديد على الرغم من ذاك الجلباب الذى أهدته لها عمته و الذى بالطبع يفوقها طولا وعرضا و الذى أصبحت فيه أشبه بطفلة ترتدى جلباب أمها امام المرأة لتجربته، و الذى يغطيها كليا الان كغطاء كامل لكن برغم كل ذلك لم تسلم من لدغات الناموس و تحليقه المستمر فوق رأسها، تنهدت بعد ان ضاع النوم و فارق جفونها و شعرت برغبة شديدة في الهروب من تلك الغرفة التي شعرت بانها تضيق عليها بما تحوى خاصة ذاك الناعس هناك في سكينة، و اغتاظت، لما لم يعرف الناموس الاحمق له طريقا مثلا عرف طريقها!؟، و لم لا يؤرقه و ينغص عليه نومه كما يفعل معها..!.

و يبدو ان نومه الهانئ ذاك لم يسعد به طويلا فما هي الا لحظات حتى حاول الاستدارة بجسده الضخم على تلك الأريكة الضيقة فما كان منه الا السقوط ارضا و الذى جعل كلاهما ينتفض للمفاجأة و ما هي الا ثوان حتى غطت وجهها و بدأت في الضحك بشكل هستيرى على مظهره في جلبابه الريفى الواسع الذى نفضه في غيظ و عاد من جديد يتمدد على تلك الأريكة الحمقاء رغبة في زيارة النوم لجفونه من جديد، بعد ان اطلق نحوها نظرة تحمل قدر لا يستهان به من الغيظ جعلتها تبتلع رغما عنها ضحكاتها التي لم تنته بعد..

دقائق فقط و بدأ النوم يتسلل لجفونه من جديد و
علا صوت الغطيط فبدأت هي تتحرك بحذر لحافة فراشها حتى تتبين ما يحدث لتجد رأسه ينحرف بميل عن الوسادة في وضع يجعله يصدر صوت شخير عال..

نزلت من على الفراش بصعوبة لأرتفاعه و اقتربت في حذر و انحنت بعفوية تحاول ان تعدل من وضع راسه على الوسادة حتى تسلم من صوت شخيره الذى بدأ يصم الاذان، يكفيها احتفال الناموس عليها حتى يصبح صوت شخيره العالى منغص اخر يمنعها النوم، وضعت بالفعل كفيها حول وجهه تحاول تعديل وضع راسه على الوسادة لكنه انتفض فجأة و أصطدمت جبهته بجبينها..
صرخ كل منهما متألماً..

كان هو اول من تكلم متعجباً: - أنا قلت ان هذه الليلة لن تمر بسلام ابدااا، ماذا يحدث هنا!؟، ما الذى أتى بكِ لأريكتى..!.
كانت تفرك جبينها صارخة: - كنت اُعدل من وضع رأسك على الوسادة لأخراس صوت غطيطك الذى افقدنى صوابى، أما يكفينى الناموس و تلك الوليمة التي يقيمها على امتصاص دمائى..!؟.
ادرك الوضع فأومأ متفهما ولم يعقب..
استكملت متنهدة: - يمكن لنا ان نتبادل الأماكن.

ربما يمكننى النوم هنا، و أمكنك انت النوم على ذلك الفراش الواسع و الاستمتاع بصحبة الناموس..
ابتسم أخيرا: - اقتراح رااائع، و نهض مسرعا و اندفع يحتضن طيات الفراش الواسع في فرحة غامرة و تركها تنعم بتلك الأريكة الحمقاء..

تمددت لعلها تستطيع النوم و لو لبضع دقائق و غفلت بالفعل، لكن، صوت ارتطام قوى ايقظهما معا في نفس اللحظة، كان صوت سقوطها هي هذه المرة متعرقلة في نومها بجلباب العمة الواسع، لم يتمالك ياسين نفسه من الانفجار ضاحكاً على مظهرها المزرى و هي تتشاجر مع اطراف الجلباب المذكرشة حتى تخلص قدمها من تشابكاتها..
كان دورها لتخرس ضحكاته بنظرات غاضبة كادت تقتله حقدا على استطاعته النوم دونها..

يا ألهى انها تموت شوقاً لغفوة قصيرة دون ازعاج، هل هذا كثير..!؟.
تنهد هو مشفقا عليها و هو يراها تكاد تنام واقفة مثل الخيل من شدة الإعياء..
نهض من الفراش و بدأ في جذب الشرشيف من عليه و فتح خزينة الملابس ليتناول بعض الشراشف الأخرى ويبدأ في ربطها سويا و أخيرا ينثرها فوق الأعمدة المتوسطة الطول للسرير المعدني لتصبح أشبه بالغلالة التي تغطى الفراش كله وأخيرا أشار اليها..

-هيا ادخلى قبل ان سيبقكِ الناموس للداخل..
اندفعت في سرعة جعلته يقهقه و هي تدخل أسفل تلك الغلالة من الشراشف..
و فجأة سمعت صوت الباب يُفتح، فأخرجت رأسها في حذر من خلف احد الشراشف و هي تهتف في تعجب: - إلى أين تظن نفسك ذاهبا!؟
ابتسم و هو يستدير ليحدثها: - سأذهب لأنام بجوار صالح..
سألت مستفسرة: - و ماذا ان اكتشفت عمتك انك نمت هناك تقريبا الليل بطوله..!؟.

قرر مشاكستها: - سأخبرها انى هربت من صوت غطيطك العالى كالعادة...
هتفت معترضة: - صوت غطيطى انا..!؟.
صرخ مغيظا أياها: - نعم انتِ، فليكذبنى احد.
ضغطت في غيظ على أسنانها و هي تلقى بأحد الوسائد باتجاهه هاتفة: - اذهب و اخبر الجميع اذا أردت هذا شأنك..
ابتسم و هو يتلقى الوسادة و يلقى بها جانبا على الأريكة دون ان تصيبه: - سأخبر عمتى ان صالح استدعاني للنوم بجواره ليلا و بالتأكيد لبيت دعوته كما كنت افعل دوما..

تسمرت نظراتها عليه و لم تعقب ليهتف هو بلهجة مشاكسة: - ادخلى خيمتكِ، فالناموس قادم..

اندفعت هي مصدقة إدعاءه لأسفل الشراشف التي تشبه الخيمة بالفعل لتسمع ضحكاته التي يحاول كتمانها وهو يخرج من الباب و يوصده خلفه في هدوء ليتركها تجول ببصرها في أنحاء تلك الخيمة وتبتسم لذكرى بعيدة كانت لها وأختها سماح عندما كانتا تصنع كل منهما خيمة تشبه هذه و تسميها بيتها و تدع كل منهما انها جارة الأخرى و تضايفها في بيتها لتقدم لها الشاي و المأكولات في تلك الأدوات القديمة التي ما عادت أمهما تستخدمها في المطبخ فتركتها لتجعلها هي و اختها وسيلة للعبهما...

دمعت عيناها للذكرى و تمددت تحت الخيمة و بدأت تغط في نوم عميق اخيراا..

شهقت مذعورة بعد ان أخرجت رأسها من تحت خيمتها وهى تتمطع في كسل عندما طالعتها الساعة على شاشة جوالها، لقد شارفت على الحادية عشرة، هل تأخرت في النوم لهذه الدرجة..!
نهضت في عجالة و دخلت الحمام الملاصق للغرفة و عادت ترتدى ملابسها و تندفع للأسفل..
كادت تصدم بياسين و هي تهبط الدرج فتمهلها
هاتفاً: - لم هذه العجلة..!؟.
هتفت: - لقد تأخرت في النوم جداا و كان علينا التحرك للرحيل منذ الصباح الباكر..

حدثها مطمئنا: - لا عليكِ، فعمتى لن تجعلنا نتحرك قبل تناول الغذاء على ايه حال..
تنهدت في راحة و بدأت تهبط الدرج في تؤدة هبط هو خلفها حتى وصلا لمكان العمة التي كانت تصب الشاي في الأكواب لتبتسم ما ان طالعها وجه مى: - صباح الخير و السعادة، يبدو انكِ نمتِ بعمق.
ابتسمت مى مجاملة: - اه، جداا..
همس ياسين بجوار اذنها: - عليكِ شكر احدهم على ذلك..

نظرت اليه و لم تعقب، و قد اعتلى الخجل وجنتيها لانها لاحظت ان العمة ادركت همسات ياسين لها، بالتأكيد تعتقد انه يسمعها كلمات الحب و الغرام لا انه يمن عليها بما فعله لاجلها...
تناول ياسين كوب الشاي و اندفع باتجاه صالح و هو يشير لعمته باشارة خفية ما وهو يبتعد..
قدمت هناء طبق ملئ بالمخبوزات الريفية الطازجة رائحته تفتح الشهية على الفور مع كوب الشاي..

تناولتها مى في امتنان و بدأت في التهامها باستمتاع شديد، الا انها غصت بأحدى اللقيمات حين ابتدرتها العمة هامسة: - لقد اطلعنى ياسين على حقيقة ما بينكما..
سعلت مى عدة مرات حتى استطاعت أخيرا التقاط أنفاسها في سلاسة أخيرا..

أومأت برأسها و كانها تسألها و ماذا بعد مما شجع العمة لتستطرد قائلة: - انتِ تعرفين ان ياسين بالنسبة لى هو ابنى البكر و انا لطالما تمنيت له السعادة و الهناء مع فتاة يحبها و يرزقه الله منها بالأبناء لأكن جدة لهم..
ابتسمت للحظات ثم غامت عيناها حزنا و هي تقول: - كنت اظن ان هذا الحلم قد أوشك على التحقيق عندما تزوج ياسين للمرة الأولى بهاجر
لكن..

لم تستكمل هناء جملتها و لكن مى أومأت متفهمة و دقات قلبها تتسارع في توتر، ابتسمت هناء بشجن: - ياسين تعذب كثيرا، تعذب لسنوات طويلة و انا صراحة أتمنى له حياة طبيعية و زوجة..

لم تسمع مى ما تبقى من حوار هناء كل ما سمعته هو صوت الماضى الذى بدأ يصدر صداه للمرة الثانية حياً أمامها مع اختلاف الوضع، الامس ام حازم و اليوم عمة ياسين لكن الجرح اثخن و الألم أعمق، و كل ما استطاعت مى إتيانه هو إيقاف ذاك السيل من الكلمات التي كانت تنساب من فم هناء دون حتى ان تعيها هي، اذا كانت لم تستطع إتيان رد فعل مناسب في المرة الأولى فهى لن تقف مكتوفة الايدى في المرة الثانية ابدااا..

لذا هتفت بصرامة: - رجاءً هذا الموضوع محسوم بالفعل، ما بينى و بين الدكتور ياسين لا يتعدى علاقة شراكة اجبارية وضعتنا فيها الظروف رغما عنا و ما ان تتحسن الأحوال حتى سيتخذ كل منا طريقة في الاتجاه الصالح له، و سيجد الدكتور ياسين تلك الزوجة المناسبة التي تهبكِ الاحفاد الذين تتمنين..
واندفعت مبتعدة تتحجج بإجراء بعض المكالمات الضرورية و قد تركت هناء فاغرة فاها من رد فعلها المبالغ فيه..

خرجت مى من الباب الاخر للدار تسير في هدوء باتجاه احدى الأشجار الضخمة و ما ان ابتعدت عن الأنظار حتى اندفعت تجرى كالممسوسة تختبئ خلف تلك الشجرة و ما ان وصلت اليها حتى انخرطت في بكاء عاصف
حتى انها حاولت قد استطاعتها السيطرة على تلك الشهقات التي صاحبته و لم تستطع..
ذاك الجرح القديم قد انفتح من جديد و لكن هذه المرة هي على يقين ان الجرح لن يندمل ابدا..

هذه المرة الوضع مختلف، هذه المرة ليس كرامتها و لا كبرياءها و لا حتى قلبها من انجرح، لكن هذه المرة الامر يتعلق بروحها..
انها تحبه، شهقت بعنف عندما اعترفت لنفسها أخيرا بذلك الامر الذى دارته كثيرا و ما عاد باستطاعتها إخفاءه في طيات صدرها اكثرمن هذا، و ياله من وقت قاتل لتقر بمثل ذاك الاعتراف..!.

نعم، انها تحبه، بل انها لم تحب احد غيره، حتى حازم الذى ظنت انه حبها الأوحد اضحى سراب بعد ان واجهته بحقيقته امام باب شقتها، شقتهما المشتركة..
انها تحبه، و يالقهر روحها و ألم قلبها و أنين كرامتها و نحيب كبرياءها..
أرغمت نفسها على كتمان شهقاتها و كفكفت دموعها بسرعة عندما أتاها صوت صالح يناديها لأجل الغذاء..

أومأت برأسها و تمالكت نفسها و قبل ان تدخل عليهم دخلت للحمام لتغسل وجهها و تطالعه في المرأة هاتفة: - انت قوية يا مى، لا تنسى انتِ ابنة ابيها، فقط لا تنظرى تجاهه و ستصبحين بخير، و عند العودة للشقة سيكون لنا شأن اخر علينا تصفيته..
خرجت من الحمام و هي أشد عزما و اكثر صلابة بعد ان دعمت نفسها بما يكفيها لتلك المواجهة على طاولة الطعام قبل ان يكون عليها مواجهته من جديد عند العودة..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة