قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

الفصل التانى
كانت صرخاتها كدعوة صريحة للجيران ليجتمعوا في لمح البصر عند مدخل شقتها مذهولين مما يحدث، فهى تصرخ ورجل ضخم الجثة ممدد على الارض في مدخل الشقة بلا حراك، اتصل احدهم بالشرطة بينما دخل احدهم للشقة يهدأها، كان رجل عجوز منحن الظهر ربت على كتفها في حنو ودفعها في رقة لتدخل تضع حجابها على رأسها..

انتبهت بالفعل انها لا تضع حجابها ولا مئزرها وكيف لها ان تتذكر في ظل ما يحدث ما يجب عليها ارتداؤه، دخلت تترنح لغرفتها في اخر الرواق الطويل وارتدت مئزرها المنزلى ووضعت حجابها على رأسها وخرجت من جديد لا تعرف ما ينتظرها وهى تُمسك هاتفها بيد ترتجف توتراً لا تعرف بمن يمكنها ان تتصل في مثل تلك الظروف وفى مثل تلك الساعة المتأخرة من الليل..

وأخيراً قررت على مضض الاتصال بصديقتها الدكتورة نادية وزوجها الدكتور خالد، لابد من وجود احد معها في تلك الورطة، ماذا سيحدث لها لو كان ذاك الرجل الممدد أرضا في الخارج
قد مات..!؟.
انتظرت على الهاتف الذى طال رنينه لترد نادية على الطرف الاخر بصوت ناعس، لكن ما ان شرحت لها ما حدث معها حتى انتفضت نادية واخبرتها بقدومها مع زوجها على وجه السرعة.

شكرتها مى بصوت مرتعش، و هي تغلق الهاتف وتتوجه للخارج، وما ان وصلت حيث ذاك الرجل الراقد حتى وصلت الشرطة
هتف الضابط في تساؤل: - ما الذى يحدث هنا!؟
اجابت هى بصوت حاولت إظهار الثبات في نبراته: - انا الدكتورة مى محمود الرفاعى وهذه شقتى والتى فوجئت بهذا الشخص المدد أرضاً يحاول اقتحامها و..

قاطعها صوت همهمة ألم، وفجأة، استيقظ الوحش، فلقد نهض الدخيل في تثاقل جعل ضابط الشرطة يتراجع مشهراً سلاحه وهو يهتف في تهديد: - مكانك..
استدار الدخيل في بطء وجلس لأقرب مقعد غير مبال بما يحدث حوله، وكأنه لا يرى الشرطة ولا اسلحتها المشهرة في وجهه، ولا تلك الجمهرة المحتشدة من الجيران على عتبة الشقة..

تنهد في ألم واضعاً كفه على رأسه موضع الضربة التى أتته من حيث لا يعلم ولا يحتسب جعلته يتمدد فاقداً للوعى لفترة لا يعرف طالت او قصرت ليستعيد وعيه على هذا المشهد الهزلى الذى يطالعه الان بنظراته التائهة وبصره المشوش..
هتف الضابط لعساكره أمراً: - أحضروه..
اندفع العساكرلتنفيذ الامر في سرعة وما ان هم احدهم بوضع كفه على ذراع ذاك الدخيل حتى
هتف في ثورة: - لماذا..!؟، ماذا فعلت..!؟

لم يعره الضابط اهتماماً ولم يجب على أسئلته بينما استدار لمى قائلاً: - ألحقى بِنَا يا دكتورة من أجل المحضر..
هنا وصل خالد ونادية، التى اندفعت تحتضن مى في إشفاق تُهدأ من روعها، بينما نظر خالد للدخيل الذى جلس الان مطأطأ الرأس متألماً ومحاصراً من قِبل العساكر..
أكد خالد: - تمام يا حضرة الضابط، الدكتورة ستلحق بك لنستكمل المحضر ونرى ما يجب فعله..

هنا صرخ الدخيل في ثورة: - عن أى محضر تتكلمون هنا..!؟، ثم أشار الى مى مستكملا بنفس النبرة الصارخة، أنا من يجب ان يحرر المحضر ضد هذه المتوحشة التى هاجمتنى.
هتفت مى ساخرة: - تتسلل الى شقتى فجراً وعلى استقبالك بكل سرور أليس كذلك!؟.
هتف في غضب هادر و بنبرات نافذة الصبر: - شقتكِ..!؟، أى تخريف هذ!؟
انها شقتى أنا..

هنا صمت الجميع، لم يحرك احدهم ساكناً حتى ضابط الشرطة أشار لعساكره بالانسحاب مبتعدين قليلاً واخذ ينظر بحيرة لكل منهما..
وكان الضابط اول من قطع ذاك الصمت مستفسرًا: - هل توضح من فضلك، ماذا قلت لتوك..!؟.

تحدث الدخيل بصوت متعب هدأت الى حد ما نبراته الثائرة وهو لايزل يضع كفه على موضع الالم و قد اكتشف إصابته بالفعل لكنه لم يبال: - انا الدكتور ياسين صابر نور الدين، وهذه شقتى أو بالأدق أملك نصفها شراكة مع احد أبناء العمومة، و هي ميراثنا من عمى المتوفى عدت بعدما سمعت خبر الوفاة من الخارج لأستلم نصيبى فيها و قد اشتريت بالفعل النصف الاخر من ابن عمى، هذا يعنى ان الشقة بالكامل قد أصلحت ملكى وهذا مثبت بأوراق رسمية، ثم استدار يبحث عن حقيبته التى كانت موجودة على جانب الحائط، احضرها له خالد في حذر وهو يتفرس في ملامح وجهه، استلمها ياسين شاكرا، فتحها و.

اخرج من احد جيبوبها ملف يحوى عدة أوراق تفحصها أولا ثم قدمها للضابط الذى استلمها على عجل وتفرس فيها للحظات ثم أعادها لياسين وهو يهز رأسه أسفاً مما أوقع قلب مى بين قدميها، وما ان همت بسؤاله حتى
هتف موجها حديثه لها: - يؤسفني أن أبلغك يا دكتورة ان عقده صحيح، وانه المالك للشقة..

تفرَّس فيها ياسين بنظرات مشوشة عزاها لاصابة رأسه، لكنه اكتشف انه فقد نظارته الطبية عندما سقط أرضاً، جال بنظره على ارض الردهة حتى لمحها اخيراً قابعة بالقرب من موضع جلوسه فاستطال حتى حصل عليها ووضعها لتستبين الرؤية اخيراً، ليبتسم ساخراً و هو يحدث نفسه و هو يعود لتفرسها و ذاك الذهول مرسوم على محياها الطفولى..
هل هذه طبيبة..!؟، لا يمكن ان تكون، فهى بالكاد طفلة هاربة من المرحلة الإعدادية بقامتها.

القصيرة تلك التى لا تتعدى المتر ونصف المتر
بقليل، بجانب جسدها الضئيل الذى يخلو في هذا المئزر المنزلى من اى ملامح أنثوية..
كان يتفرسها غير عابئ بنظراتها الملتهبة التى ترمقه بها بعد صدمتها من تصريح الضابط
هتف خالد في تساؤل: - ماذا يعنى ذلك يا حضرة الضابط..!؟، هل هذا يُعقل..!؟، مالكان لشقة واحدة وعقد كل منهما صحيح.!؟

أومأ الضابط: - نعم يحدث، وحدثت كثيرا من قبل، واضح ان عقد الدكتورة مى محرر من قِبل بن عم الدكتور ياسين، قالها الضابط وهو يتفرس في كلا العقدين بعدما احضرت مى عقدها على عجالة، و استطرد الضابط موجها حديثه لياسين، لقد نصب بن عمك على الدكتورة و باع نصف الشقة الخاص به لها بجانب نصفك يا دكتور ياسين بموجب توكيل محرر منك له..
هتف ياسين حانقاً: - لكن ذلك لم يحدث..!؟، انا لم أوكله في بيع او شراء اى شيء يخصنى.

صمت شمل الجميع قطعه الضابط للمرة الثانية وهو يشير لجنوده بالرحيل قائلا: - اعتقد انه لا داع في تلك الحالة للمحضر.!؟.

هنا انتبه كل من ياسين و مى، ليستكمل الضابط موضحا: - ستكون نهاية المحضر، يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، وكلاكما داخل الشقة و يمتلك نصفها بالفعل لو افترضنا بطلان توكيلك لابن عمك، فالدكتورة تملك نصف بن عمك و انت تملك نصفك، ولا اعتقد ان اى منكما لديه الاستعداد لتركها..!؟.
هتف كل من ياسين و مى في نفس اللحظة: - بالطبع لا..

هنا قال الضابط: - اذن عليكما التفاهم ودياً حتى تنتهى هذه المشكلة، لكن لو لازال لديكما النية للمحضر، فهيا الى القسم لأقوم باللازم..
هنا هتف العجوز الذى كان جالساً يتابع الحوار في صمت من البداية: - شكرا يا حضرة الضابط، لو عندهما النية لأية محاضر فستجدهما أمامك..
رحل الضابط بعساكره وبدأ الجيران في الرحيل واحداً تلو الاخر، لم يبق الا ذاك العجوز الذى.

جلس يتفرس في كل من مى وياسين بفضول وعلى شفتيه ابتسامة عجيبة لا تمت للموقف بأية صلة..
همست نادية لخالد بصوت هامس: - ما الحل الأن..!؟، كيف سنتصرف..!؟، وهى تنظر بشفقة لمى، كلاهما يملك الشقة، هل ستتركها له وترحل ويضيع شقاء عمرها في غربتها طوال السنوات الماضية..!؟.

لم يجب خالد، وتنهدت مى وهى تقف تتطلع لذاك المالك الاخر لشقتها في غيظ، و هي تقول هامسة بدورها: - لقد صرفت كل ما املك على هذه الشقة وتجهيزها لتكون عيادة لى بجانب مقر لسكنى..
كيف يمكننى البقاء الان..!؟.
، كيف آمن على نفسى..!؟.
، وما العمل في تلك الورطة..!؟.
و لم يكن عند احد منهم الحل الأمثل لتلك المعضلة..

على الجانب الاخر يجلس ياسين وقد اخرج رباط طبى عَصّب به رأسه ليضمد جرحه ليستهله العجوز متسائلا: - ماذا ستفعل الان يا ولدى!؟.

هز ياسين رأسه في بطء: - لا أعلم يا حاج، فلقد وضعت كل قرش أملكه في هذه الشقة لاشترى نصيب بن عمى، و كنت قد قررت أن أعيش فيها واجعل منها عيادة لى، الى أين يمكننى الذهاب، فأنا ليس لى أحد هنا يمكننى اللجوء اليه..!؟، كما أننى لا استطيع المغادرة، فمن أدرانى بكيفية تصرفها!؟، تساءل وهو يشير بطرف خفى لمى، ليستكمل مفسرا، في ظل عدم وجودى بالتأكيد ستغير قفل الباب وساعتها سأكون انا في الخارج وهى في الداخل، ويضيع حقى، ولن أتمكن من تنفيذ وصية أقسمت امام الله على تنفيذها مهما كلفنى الامر.

تنهد العجوز في تفهم..
وهتف ليسمعه الجميع: - ما الحل الان..!؟.

تنبهت مى و أصدقاءها، و عندما تأكد العجوز انه جذب انتباههم استطرد موضحاً: - واضح ان كل منكما متمسك بالشقة وهذا حقه لان كل منكما دفع سنوات طويلة من عمره و الكثير من ماله، بل ربما كل ما يملك بالفعل ثمناً لهذه الشقة، هز كل من مى و ياسين رأسيهما مؤكدين بصحة كلام العجوز، الذى استكمل قائلا: - وفى نفس الوقت ليس من المنطقى بقاءكما فيها معا..!؟، ألقى العجوز سؤاله البديهى و كان دوره ليتطلع لكل من مى و ياسين، لتصرخ مى هاتفة في حنق: - بالطبع لا، هذا لا يجوز، هو من سيرحل، فهذه شقتى ولن أتنازل عنها مهما حدث..

تنهد ياسين وتمطى في تثاقل مغيظ وهو يرد على كلماتها ببرود زاد من لهيب أعصابها المشتعلة: - وبالمثل يا، ونظر اليها من جديد متفرساً من اعلى لأسفل في استهانة وهو يستطرد، يا دكتورة، انها شقتى ولن ارحل..
هتفت مى حانقة: - ما هذه المصيبة يا ربى!؟.
هتف ياسين ساخراً: - سبحان الله، وكأنك نطقتها من على لسانى..
استشاطت غضباً وكادت تندفع اليه لتقتله، الا ان نادية أمسكت بمعصمها واخذت تربت على.

كتفها مهدئة، فهى بحق في موقف لا تُحسد عليه..
هنا تحدث خالد في هدوء: - هل عِندك استعداد لبيع نصيبك في الشقة يا دكتور ياسين..!؟.
هم ياسين بالاجابة عندما قاطعته مى هاتفة في خالد: - من أين لى بالمال يا دكتور خالد لاشترى نصيبه فأنت تعلم انى اشتريت أدوات تجهيز العيادة بما تبقى لى، حتى أننى لم ادفع ثمنها كاملا بل هناك العديد من الأقساط لابد من سدادها في مواعيدها المتفق عليها..!؟.

قال خالد وهو ينظر لزوجته التي أومأت مؤكدة على اقتراحه: - يمكننا أن نقرضك ثمنها..!؟.
هتفت مى رافضة: - لا، انا لا اقبل، كيف يمكننى سداد كل هذه الديون..!؟.
هنا هتف ياسين وهو لايزل على جلسته المسترخية يتابعهم في لامبالاة كأن هذا الشأن لا يعنيه من الأساس: - انا أوافقك في رفضكِ..
هتفت مى في غيظ: - و من طلب رأيك، رجاءً لا تدخل فيما لا يعنيك..

رد بضحكة مكتومة وهو يضع كفه على موضع جرح رأسه: - ومن قال أننى أتدخل فيما يخصكِ، انا أيضا ارفض، لكن ارفض البيع لكم من الأساس، فكرة البيع في حد ذاتها مرفوضة لاننى صرفت كل املك في سبيل الحصول على تلك الشقة من بن عمى و الذى فعل المستحيل ليشترى نصيبى ولم يفلح في إقناعى بالتخلى عنها..
هنا اندفعت مى مقاطعة: - اه بالطبع، لذا تحايل على الامر و زور توكيلا ليبيعنى أياها..

و نعم العائلة، و ربما تكون مشاركاً له في تلك المسرحية الرخيصة..
كان رد فعل ياسين مبهما، على الرغم من كلمات مى الجارحة الا انه استطاع الحفاظ على هدوء أعصابه و رباطة جأشه بشكل مثير للإعجاب و لكن رغم ذلك استطاعت هي بشكل فطرى ان تستشعر الغضب الكامن الذى ظهر لحظيا في نظراته الموجهة لها..

هنا كان دور خالد ليوجه كلامه لمى من جديد باقتراح معاكس: - اذن، ليس هناك من سبيل اخر لحل تلك المعضلة الا ببيع نصيبك انت يا مى للدكتور ياسين..!؟.

كادت مى تصرخ رافضة من جديد الا ان ياسين كان الأسبق هذه اللحظة ليضحك موجها حديثه لمى مشيرا لها ان تطمئن عندما استشعر ردة فعلها: - انا أيضا غير موافق، و ليس رغبة في الرفض للرفض و تعقيدا للامور، كان يلقى كلماته الأخيرة باتجاه خالد، لكن انا بالفعل لا املك مالا كما اشرت سابقا ليمكننى دفعه مقابل نصف الشقة التي هي بالفعل نصيب الدكتورة مى، فما بالكم بانها بالتأكيد تريد ثمن الشقة الذى دفعته كاملا، حتى ولو لم أكن مسؤولا عن تصرفات بن عمى و سلوكياته، لكنها لن تتنازل عن نصف ثمن الشقة هكذا..

أليس كذلك.!؟، تساءل و هو ينظر لمى التي اجابت بإيماءة موافقة على كلامه للمرة الأولى، ليستطرد موضحا: - كما أننى لا املك اصدقاءً مثلكم يمكنهم اقراضى..!؟.
، هنا هتفت نادية، ما الحل اذن لتلك المعضلة!؟، اما من حل يرضى جميع الأطراف..!؟.
، هنا هتف العجوز الذى نسى الجميع وجوده بالفعل في ظل المناقشات الحامية مبتسما في سعادة لا تمت للواقع بصلة: -أنا عندى الحل الاكيد لهذه المعضلة!؟
تطلعت جميع الأنظار اليه.

ليصمت لحظات صانعاً جو من الإثارة والترقب قبل ان يهتف في حبور: - زواجكما هو الحل الأمثل لهذه المعضلة..
صمت مطبق و ذهول تام غمر الجميع الا ذاك العجوز العجيب الذى جلس مستمتعا بما اثاره من جو للدهشة..
و أخيرا استفاق كل من مى وياسين من ذهولهما، ليصرخ كل منهما معترضاً.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة