قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث عشر

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث عشر

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث عشر

مرت عدة أيام منذ ذاك اليوم المشؤوم الذى ظهر فيه ذاك الاحمق المدعو حازم على عتبة منزلهما بهداياه، لا يعرف بماذا شعر عندما رأه خارجا من باب البناية، كل ما استطاع تمييزه هو دماءه التي كانت تغلى غيرة و قهرا و حقدا عليهما معا، على حازم غريمه القديم الذى ظهر من جديد و تلك القصيرة التي بدأت تحتل بالفعل قدر لا يستهان به من اهتمامه، حتى انه لم يستطع تمييز حازم وهو يحمل هداياه عائدا بها بعد ان رفضت مى قبولها..

يا لغباء الغيرة..!؟، و كيف لها ان تُعمى التعقل و تعصب عينىّ الحكمة..!؟.
كم من المرات حاول الاعتذار..!؟، انه لا يتذكر كم من المرات خرج من غرفته عازما على الذهاب لحجرتها و طرق بابها حتى يعتذر منها و يطلب الصفح على ما بدر منه في حقها
و الان، هذه المرة ليست استثناءً، فها هو يقف امام باب حجرتها يهم بالطرق على الباب لكن شهقات بكاءها التي وصلت من خلف بابها جعلت كفه تتجمد قبل ان تطرق..

يا الله..!، هل لازالت تبكى..!؟.
لا يعلم ما الذى عليه فعله، هل يطرق بابها ليحاول ان ينتشلها من بكاءها الذى يدرك جيدا انه سببه..!؟، ام يرحل تاركا أياها، و لا يحاول الاقتراب اكثر من هذا من محيط حياتها!؟، فاقترابه ذاك هو ما جلب على كلاهما ما هما بصدده الان..
تسمرت أقدامه و شهقات بكاءها تمزقه و تفقده ثباته و تعقله المعتاد، لم يشعر الا هو يغادر محيط حجرتها هاربا من سياط تنهداتها الباكية.

دقات متتابعة على باب حجرتها و أخيرا صمت مطبق جعلها تمسح دموعها و تنهض تقترب من الباب تتسمع ما يحدث بالخارج..
منذ ما حدث من عدة أيام وهى تبكى بحرقة عندما تتذكر نظراته النارية المليئة بالشك و صراخه في وجهها بتلك الكلمات التي جرحتها بشكل قاسى، حصيلتها من الكلمات القاسية الجارحة في تزايد مستمر، كلما اقتربت من رجل ما، زادت بشكل مطرد ألامها و اوجاعها و دموعها، و ذكرياتها الحزينة..

انتظرت طرقات أخرى لكن لم يكن هناك الا الصمت الذى دفعها لتفتح الباب قليلا حتى ترى ما هناك، و لم ترى على مستوى نظرها الا الفراغ، همت باغلاق الباب لتجد على الأرض هناك امام عتبة بابها علبة كرتونية مربعة تحمل بداخلها كعكة ما و بجوارها يرقد حزمة رائعة من الورود التي تفضلها..

فتحت الباب و اندفعت تنحنى لتتأكد ان هذه الأشياء التي تراها رؤى العين هي حقيقة، تلمست الأزهار بأناملها و فتحت العلبة الكرتونية الملونة ببطء ليطالعها كعكة ضخمة بالشيوكلاتة التي تعشقها و يتوجها بطاقة تناولتها بكف مرتعش و هي تبتسم عندما طالعتها الكعكة و ذاك المثلث الكبير المفقود منها في احد الأركان..

فتحت البطاقة ببطء و دقات قلبها تتسارع بشكل جنونى حتى انها ما عاد باستطاعتها ألتقاط أنفاسها من فرط انفعالها فأغلقت البطاقة من جديد و هي تدفع نفسها دفعا للهدوء و تمالك الاعصاب و ألتقطت عدة انفاس عميقة على فترات متقاربة و أخيرا فتحت البطاقة في عجالة حتى لا تفقد شجاعتها من جديد لتطالعها الاحرف ترقص امام عينيها، لم تنتبه الا الان ان عيونها لازالت تملؤها الدموع، كفكفت دمعها و بدأت في القراءة: - اسف، لا اعرف كم مرة على تكرارها حتى تصفحى..!؟!، لكن، انا حقا أسف فقد تماديت كثيرا و لا عذر لى..

فغرت فاها غير مصدقة، هل يعتذر بحق!؟.
اى نوع من الرجال هو..!، لم يصادفها مطلقا ذاك الرجل الذى يعتذر، بل و يجيد أيضا فن الاعتذار..
لا تعرف كم استغرقتها افكارها امام كعكته و زهوره و هي ممسكة بتلك البطاقة، الا انها نهضت في عجالة و هي ممسكة بالبطاقة و قالب الحلوى و توجهت لغرفته لتطوق بابها في تحفز..

خرج هو متصنعا النعاس وهو يضع كفه على فمه متثائباً وهو يقف امام الباب ناظراً اليها و الى ما تحمله في تعجب مصطنع: - ماذا هناك يا دكتورة مى..!؟، هل قررتى الاعتذار أخيرا!؟، فعلتى الصواب..
هتفت حانقة: - دكتور ياسين، لم يكن هناك من داع لكل تلك التكلفة لتقول انك اسف..
هتف متعجباً: - انا..!؟، انا لم افعل..
هتفت بحنق متزايد: - و هذه البطاقة، و قالب الحلوى و الورود.!؟.

هز كتفيه مستنكرا: - لا اعرف من احضرهم، ربما عِوَض او الحاج حسن..
-انت تمزح بالتأكيد، ما الذى سيجعل الحاج حسن يأتي بقالب حلوى و زهور حتى باب غرفتى..!؟.
هتف ساخراً: - وما الذى أتى به في السابق لاجده خارج من مطبخنا يحمل أدواتنا بيده..!؟
هتفت في صدمة شاهقة: - انت تغار من الحاج حسن!؟.
هتف حانقاً لأول مرة: - انا لا أغار بالمناسبة..

قررت اثارة غيظه و الأخذ بثأرها: - حسنا، سأعتبر ان الزهور و الحلوى أعتذار رائع من الحاج حسن، فمن غيره يستطيع الاعتذار بهذا الشكل الرائع..!؟.
استدارت مغادرة ليندفع من الحجرة و يقف أمامها يسد عليها الطريق هاتفاً: - بالمناسبة، انا من وضع الكعكة و الزهور..
هتفت بصدمة مصطنعة: - حقااا..!؟.
هز رأسه مؤكدا: - نعم..
تساءلت في حذر: - هل وضعتها لتعتذر..؟!؟
-لا..

اصابتها إجابته بصدمة ظهرت في أعماق نظراتها لتجعله يستطرد هاتفاً: - الأزهار من أجل الاعتذار، اما الكعكة، فهى من اجل عيد ميلادكِ..
همست غير مصدقة: - عيد ميلادى..!؟.
-نعم، ألا يوافق اليوم ذكرى عيد ميلادك..!؟ لقد عرفته من بطاقتكِ الشخصية يوم عقد قراننا.

أجاب بكلماته الأخيرة سؤال راودها، لكن، لازال الذهول يكتنفها من أفعال هذا الرجل القابع أمامها الان، لم لا تستطيع الاستمرار في خصامه و محاربته..!؟، لم لا يمكنها الغضب منه و الاستمرار في السخط و الحنق عليه..!؟، انه يستطيع بأفعاله ان يمحو كل حقد و غضب و حنق يمكن ان تظل أيام تشحن نفسها بهم تجاهه..
اخرجها من خواطرها عنوة وهو يهتف بمرح و ابتسامته التي تهلكها تتوج ملامحه: - كل عام و انت طيبة و بخير..

همست بخجل و احراج: - و انت طيب و بخير و سعادة..
أشار هو لقالب الحلوى الذى تحمله متسائلا: - ألن نأكل قالب الحلوى الان..!؟.
هتفت ساخرة رغبة في مشاكسته: - أعتقد انك اكلت حصتك منه بالفعل..!؟.
ارتجت كالعادة جدران المنزل حتى هي كادت تسقط قالب الحلوى من اثر ضحكته الصاخبة و هو يهتف مازحاً: - كنت اتذوقها فقط..!؟.
لتجاريه مازحة: - بالتأكيد، كيف انسى، أطباق الأرز باللبن..

قهقه من جديد: - الم تنسى بعد..!؟، يا لك من سوداء القلب!.
هتفت ساخرة: - نعم، انا سوداء القلب، و انت وردى الملابس الداخلية..
هتف ساخراً: - البركة في، كان سيقول فيكِ لكنه عدل حديثه قائلا، في قميصكِ الوردى..
-حسنا، على اى حال، شكرا لك على تذكرك يوم مولدى..
-لا شكر على واجب..

اندفعت لغرفتها و هو تحتضن قالب الحلوى كطفلها و وضعت الأزهار في احدى المزهريات التي تصادفها دوما في ذهابها و ايابها حتى تظل دوما اما أعينها..
و قبل ان تدفع باب حجرتها لتغلقه هتف بها هو: - ألن أنال بعضا من قالب الحلوى..!؟.

لم تجبه، لكنها فعلت اكثر الأشياء حماقة و طفولية قامت به في حياتها، أخرجت له لسانها و هي تغلق الباب و قهقهت حتى دمعت عيناها، و تعجبت كيف خرجت من غرفتها على حال و دخلتها الان بحال مناقض تمامااا، و كلتا الحالتين هو سببهما الأوحد...

فتح باب غرفته بعد ان سمع عدة طرقات عليه
اندفع ليفتح الباب في سعادة و ابتسامة اختفت فورا من على شفتيه عندما طالعه الفراغ..

نظر للأسفل ليجد طبق به مثلث كبير من الكعكة قابع امام عتبة حجرته لتعاود الابتسامة الظهور على شفتيه من جديد و هو ينحنى ليلتقط الطبق و يقرأ ما خطته اناملها على تلك الورقة التي ألحقتها بالطبق، اعتذار مقبول جداا، كعكة راااائعة، لم استطع ان أتناولها وحيدة دون مشاركتك أياها، سلامى لشرفتك المتنامية، بالهناء و الشفاء....

انفجر ضاحكاً عند ذكرها لبطنه المنتفخة قليلا ليضع كفه عليها رابتاً في اعتزاز، و يبدأ في إلتهام الحلوى في شهية مستمتعا و على شفتيه ابتسامة رضا و، معدته تشاطره الفرحة و تزغرد لأجل قالب الحلوى، هديتها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة