قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

أفعى حقا تكونين
تخونين الجميع ولا تستثنين
تقتلين كل من حولك، تدمرين
ولكن أنا لك بالمرصاد أحمل السكين
سأخنق أنفاسك ثم أقطع رأسك اللعين
ليرتاح قلبى الذي يطالب بثأره منذ سنين.

قال خالد بهدوء ما إن دلفت جورية إلى السيارة مجددا:
أخبار خالتك جليلة إيه؟
ظهر الحزن رغما عنها على ملامحها وهي تقول:
نايمة.
كاد أن يدير السيارة ولكنه توقف قائلا:
هو أنا ممكن أسألك سؤال شخصى؟
نظرت إليه، يدق قلبها بقوة، تخشى أسئلته الشخصية لها ولا تعرف كيف ستجيب عليها، ولكنها أومأت برأسها بهدوء، ليستطرد قائلا:
هو إيه اللي جواكى و مزعلك أوى بالشكل ده، أرجوكى إفتحيلى قلبك ومتخبيش عنى حاجة.

نظرت إليه للحظات تبغى هربا من كلمات لا تود قولها، فهو شئ خاص بها، لتدرك أنه جزء منها حتى وإن حاولت الإنكار، أو إبعاده عن حياتها، يظل فهد أو خالد، لا فرق بينهما، هو الأقرب لروحها، لتشيح بنظراتها عنه، تنظر إلى الأمام قائلة بحزن:.

خالتى جليلة مش جاية معايا عشان تطمن علية زي ماقلت، دى جاية زعلانة من جدى، لأول مرة أشوفها زعلانة بالشكل ده، أنا عارفة إنها مكنتش نايمة، بس هي حاولت تعمل نفسها نايمة عشان متتكلمش، حسيت أول ما دخلت بصوتها وهي بتبكى بس كتمت صوت بكاها أول مادخلت أوضتها، أنا عارفة إنها محتاجة تبقى لوحدها وإنها مش حابة تتكلم، بس كان نفسى تتكلم معايا وتفضفض، أنا زعلانة عليها أوى، وزعلانة من جدى بجد.
قال خالد في حنق:.

هو بصراحة جدك مستفز أوى، أنا لولا مكالمة فراس لية وأنا في المزرعة، أنا كنت...
قاطعته جورية قائلة بسرعة:
بالعكس على فكرة، جدى طيب جدا، يمكن مفيش أطيب منه في الدنيا، بس هو ساعات بيحبكها شوية، من خوفه علينا مش أكتر، أصل إنت متعرفش حكاية ماما وبابا، واللي أثرت فيه جدا وخليته بيخاف علية أكتر...
لتنظر إلى الأمام مجددا وهي تقول بشرود:.

جدى مش اللي حكالى على قصتهم، جدى أصلا مبيتكلمش خالص عنهم، خالتى جليلة اللي قالتلى، في يوم من الأيام بابا جه إشتغل عند جدى في المزرعة، شاف ماما، ووقعها في حبه، كان قاصد يوقعها علشان طمعان فيها، ولما جدى رفض جوازهم لإنه شاف طمع بابا في عينيه، ماما هربت مع بابا، تصور بابا إن جدى هيسامح ماما بعد الجواز، وهيرجعوا يعيشوا في المزرعة من تانى، بس جدى مسامحهاش، فإبتدى بابا يبان على حقيقته، معاملة وحشة وسكر وقمار، وماما إستحملت عشان خاطرى ولإنها كانت فاكرة إن جدى مش ممكن يسامحها لو رجعتله، وفى يوم جيت أصحى ماما مصحتش، جريت على جارتنا وطلبت مساعدتها، مكنتش أعرف إن ماما كدة تبقى ماتت، لما جارتنا شافت ماما وعرفت، حاولت توصل لبابا معرفتش، دورت في أوراق ماما، ولقت تليفون خالتى جليلة كلمتها وبسرعة كانت هي وجدى عندنا في البيت، وعلى ما جم كنا إكتشفنا إن بابا كمان مات بجرعة زايدة من الهيروين، الإتنين ماتوا في ليلة واحدة، هي إرتاحت من عذابها وهو...

تنهدت ثم إستطردت قائلة:
الله يرحمه بقى، مع الأسف في اليوم ده بقيت يتيمة فعلا، دفنا ماما وبابا ورجعنا المزرعة، أنا فاكرة حالة جدى أيامها كانت عاملة إزاي، كان متحطم، ولولا وجودى في حياته مش بعيد كان جراله حاجة، زي ما لولا وجوده في حياتى أنا كنت ضعت.
إنتفضت على يده التي مسحت دموعها والتي سقطت على وجنتيها دون أن تدرى، لتنظر إليه فوجدته يتأملها بحنان، أخفض يده قائلا:.

ماضى عدى بحلوه وبمره، وإنتى النهاردة بكل مافيكى من تكوينه، ربنا سخر جدك عشان يحميكى ويربيكى وسخرك عشان تعوضيه عن بنته، أنا مش عايزك تزعلى كل ما تفتكرى الماضى، حتى لو قصة مامتك وباباكى حزينة فكفاية إنك كنتى نتيجتها، ولا إيه؟
نظرت إلى عينيه تذوب بهما وبنظرتهما الحانية وبنبراته التي مرت على أحزان قلبها فجعلتها رمادا، ليقول في مرح ذكرها بفهد:
وبعدين كلامك خلانى أحب جدك، مش بالذمة دى معجزة أصلا؟

إبتسمت جورية رغما عنها، وكادت أن تقول، أحببته في الماضى وليس غريبا أبدا أن تحبه مجددا ولكنها آثرت الصمت وهي تومئ برأسها، ليدير خالد سيارته وهو يقول:
يلا بقى زي الشاطرة، قوليلى جدك عمل في خالتك جليلة إيه، حد بالذمة يزعل البسكوتة دى؟
إبتسمت وهي تقول:
هحكيلك ياخالد، هحكيلك.

كان الوداع في المطار مؤثرا للغاية، خاصة لهؤلاء الذين يودعون قطعة من روحهم قبل السفر، فعيون لين لم تحيد عن مؤيد الذي حاول تجاهلها قدر الإمكان ولكنه كان يجد عيناه تعود إليها لتلتقى بعينيها، يرى بهما رجاءا وطلبا للغفران، فيشيح بنظراته عنها رافضا أن يرق قلبه لها، فتصيبه بنيران الشك من جديد، ليجد نفسه مجددا يعود إلى عينيها فيجدها تغمضهما على دمعة مزقت نياط قلبه، كاد أن يذهب إليها، يأخذها بين أحضانه، يطمأنها بأنه لها قلبا وقالبا، حتى وإن لم يستطع لها غفرانا، فكيف يمنحها أملا في الغفران، وهو لا يعتقد أنه قادرا على أن يسامحها يوما، فهي لم تسامحه عندما ظنت أنه يخونها، لم تمنحه حتى فرصة للتبرير، فرصة للدفاع عن نفسه من تهمة هو برئ منها، فكيف يغفر لها ظلمها له وشكها به، منحها ظهره وهو يقسى قلبه، كما فعلت هي منذ مايقارب من أربعة سنوات، قضاهم بعيدا عنها في ألم وحزن ومرارة، يظن أنها تركته من أجل طفل، طفل لاذنب له في حرمانها منه.

أما جورية فكانت تقف مع ليلة تحدثها على جنب، بينما كان هناك من لا يحيد بناظريه عنها، يود لو طلب منها السفر معهم رغم إستحالة تلبيتها لهذا الطلب الغريب، يود لو لم يفارقها قط، ولكن لابد وأن يفعل فأخته تحتاجه بجوارها وهو يحتاج لأن يطمأن عليها، فإكتفى بوداعها بعينيه ولكن قلبه لن يودعها فهي نبضاته، يعترف بكل قوة دقاته أنه بات يعشقها، وأنه عند عودته سيضع حدا لزواجه من تلك الشاهيناز والتي لم تهتم بأخته ولم تتصل به حتى لتطمأن على حالتها، عندما يعود سيطلب الزواج من جورية، حتى وإن رفضت لخوفها على حياته الزوجية سيثبت لها بالدليل القطعي أن زواجه من شاهيناز منهار كلية من قبل حتى أن يعرفها، وسيمنحها ورقة طلاقه كدليل على ذلك.

، أفاق من أفكاره على صوت مؤيد وهو يقول له بحزم:
خالد، عايزك في كلمتين قبل ما تسافر.

نظر خالد إلى ملامح مؤيد المتوترة قبل أن يهز رأسه موافقا بهدوء، مشيرا له بأن يتقدمه، ليتقدمه مؤيد بينما ألقى خالد نظرة أخيرة بإتجاه جورية التي حانت منها إلتفاتة إليه لتتلاقى عيناها مع عينيه ليبتسم لها فبادلته إبتسامته بإبتسامتها الرقيقة والتي سارعت من نبضاته قبل أن تعود بناظريها إلى ليلة التي قالت لها شيئا ما، ليتنهد خالد قبل أن يتبع مؤيد، بهدوء.

قالت لها ليلة بإبتسامة ماكرة:
نظرات وإبتسامات، هو فيه إيه بالظبط؟
أشاحت جورية بعينيها عن عيون خالد وهي تنظر إليها قائلة:
هيكون فيه إيه يعنى؟بقينا يا ستي أصحاب، فيها حاجة دى؟
قالت ليلة بإستنكار:
أصحاب، يادى الخيبة القوية، يعنى إنتى عايزة تفهمينى إن خالد معتبرك صديقة وإنتى حولتى مشاعرك من منطقة الحب لمنطقة الصداقة فجأة كدة؟
قالت جورية بهدوء:.

ماهو لازم أعمل كدة، مش ممكن يكون بينى وبين خالد أكتر من الصداقة.
قالت ليلة بحزم:
قصدك مش ممكن يكون بينك وبين خالد صداقة، الصداقة ممكن تتحول لحب لكن الحب مستحيل يتحول لصداقة، متخدعيش نفسك، مشاعركم ظاهرة في عيونكم، وحبكم واضح انه قدر، زي حبى وحب فراس، مهما هربنا منه لاقيناه في وشنا، قالوها في الأمثال القدر والمكتوب مفيش منه هروب.
قال فراس وقد إقترب منهم في تلك اللحظة بإبتسامة:.

سامع إسمى، جايبين في سيرتى ليه؟
إبتسمت كل من ليلة وجورية لتقول ليلة بمزاح:
مجبناش سيرتك ولا حاجة، انت اللي بتتلكك.
نظر إليها فراس وهو يرفع أحد حاجبيه بإستنكار:
بتلكك؟طيب ياليلة، تقومى بس بالسلامة وأنا هوريكى مين فينا اللي بيتلكك.
إتسعت إبتسامة ليلة قائلة:
لأ وعلى إيه؟أنا ياسيدى اللي بتلكك، أنا مش أدك على فكرة، وإنت هتستقوى علية.
أمسك يدها يرفعها إلى شفتيه يقبلها بحنان قائلا:.

لو إستقويت على الدنيا بحالها، مش ممكن أستقوى على أميرتى.
تاهت بين ثنايا نظراته العاشقة ونبراته الحانية وقبلته التي سارعت من دقات قلبها، لتقول بحب:
ربنا يخليك لية يافراس وميحرمنيش منك.

إبتسمت جورية وهي تطالع هذان العاشقان لتدرك أن النهاية السعيدة لا تقتصر على الروايات أو الخيال فحسب بل قد نجدها في الحقيقة، فقد تحمل الحياة نهاية سعيدة لقصص العشق، والدليل على ذلك، هي قصة فراس وليلة والتي قد تحولها جورية يوما إلى رواية بعنوان، حدث بالفعل.

حانت لحظات الوداع الأخيرة، مع النداء على ركاب الطائرة المسافرة إلى باريس، ليقول خالد لمؤيد:
وصل جورية لبيتها يامؤيد، وإطمن إنها طلعت البيت قبل ما تمشى.
نظر الجميع إلى بعضهم البعض بنظرات ذات مغزي في ماعدا تلك التي إستشاطت غضبا وهي ترى ترحيب مؤيد الحار بهذا الطلب، وهو يقول:
أكيد طبعا.
بينما اعترضت جورية قائلة بإضطراب:
مالوش لزوم أنا هاخد تاكسى...
قاطعها مؤيد قائلا بلهجة قاطعة النبرات:.

مينفعش طبعا، أنا مصر يآنسة جورية.
لتنظر جورية بتردد إلى خالد الذي اومأ لها برأسه بهدوء، يخفى غيرة حارقة فرغم أن إيصال مؤيد لجورية إقتراحه هو، إلا أن تباسط مؤيد معها ونطقه بإسمها في أريحية، أشعل في قلبه النيران، تشاركه نيرانه لين، التي رغم إدراكها بقصة الحب التي تجمع أخيها مع تلك الجورية، إلا أن إصرار مؤيد على إيصالها للمنزل أثار حنقها، وغيرتها.
قالت جورية موجهة حديثها إلى ليلة:.

ترجعيلنا بالسلامة بإذن الله ياليلة.
إبتسمت ليلة إبتسامة باهتة فهي تخشى تلك السفرية التي قد تمنحها أملا للحياة أو توأد هذا الأمل وتقتل في جوفها الأنفاس، بينما قالت جورية لفراس:
خد بالك منها يافراس.
نظر فراس إلى ليلة التي بادلته نظراته قائلا بحنان:
ليلة في عينية.
ليوكزه خالد في كتفه قائلا:
طب يلا ياعم الحنين، الطيارة هتفوتنا.

إبتسم الجميع ليتجه العروسين إلى الطائرة، بينما تبعتهما لين بعد أن ألقت نظرة طويلة على مؤيد الذي بادلها إياها في صمت، ليكون خالد آخر المغادرين، قبل مغادرته ظهر تردده وكان من الواضح أنه يريد أن يقول شيئا لجورية التي تعلقت عيناها بعينيه ليتنحنح مؤيد قائلا:
إحمم، هستناكى برة في العربية.
نظرت جورية إليه تومئ برأسها بهدوء ليغادر مؤيد قبل أن تعود بنظراتها إلى خالد الذي قال بنبرات حانية:.

خدى بالك من نفسك ياجورى.
أومأت برأسها في صمت فلم تجد لديها قدرة على الكلام، تشعر بأنها تودعه للمرة الثانية، تخشى ان يكون وداعه لها كسابقه، بلا أمل في اللقاء، ليقول بتردد:
لو تسمحيلى أبقى أكلمك وأطمن عليكى؟
قالت جورية بضعف:
خالد أنا...
قاطعها بوضع إصبعه على شفتيها قائلا:
من فضلك مترفضيش.

نظرت إليه في حيرة إمتزجت بالخجل لينزل إصبعه عن شفتيها وقد أثار ملمسهما الناعم وإرتعاشتهما فيه أعتى المشاعر، ليستطرد قائلا:
ياريت، متحرمنيش من إنى أسمع صوتك، فيه كلام جوايا نفسى أقولهولك، بس مع الأسف، الوقت مش مناسب، بس أوعدك لما أرجع هنقعد ونتكلم، لازم نحط النقط على الحروف.

ظلت تنظر إليه في حيرة لا تدرى كيف تتصرف، تتمزق بين رغبتان، إحداهما قطع كل أمل قد يكون لديها ولديه عن مستقبل لعلاقتهما، وبين أن تترك الباب مواربا، وهنا لن تستطيع التراجع بل تثق بأنها ستستسلم وترفع رايتها البيضاء مع أول كلمات عشقه، لتنتصر رغبة القلب على كلام العقل في تلك اللحظة خاصة وأنها تشتاق له منذ الآن، لتومئ برأسها إيجابا في هدوء، فإبتسم بإرتياح، ثم قال:
أشوف وشك بخير.

إبتسمت له ليلتفت مغادرا ثم توقف بغتة وهي تنادى بإسمه ليلتفت ناظرا إليها، فقالت بنبرات رغما عنها حملت عشقها له:
لا إله إلا الله.
عقد حاجبيه وذكرى أخرى تطل أمامه حية وهو يراها تقول له نفس الكلمات، لتنفرج عقدة حاجبيه وهو يردد كما ردد في تلك الذكرى وبنفس التعبير قائلا:
محمد رسول الله، هتوحشينى ياجورى، بس هرجعلك بسرعة وده وعد منى.
إتسعت عيناها بقوة ليبتسم قبل أن يلتفت مغادرا بسرعة وهو يقول بصوت هامس:.

تناسخ أرواح أو قدر، أو حتى أحلام، خلاص ياجورى خلصت الحكاية، وجورية بقت لخالد وخالد بقى لجورية.
بينما تابعته جورية بعينيها قبل أن تتنهد وتلتفت مغادرة بدورها، وهي تشعر أنها قاب قوسين أو أدنى من الإستسلام كلية للماضى ونفض فكرة النسيان، للأبد.

كانت شاهيناز تغفو على مقود سيارتها حين أيقظها بقوة صوت زمور سيارة، لتعتدل وهي تنظر حولها بحنق، تدرك أنها قد نامت وهي تنتظر وصول مؤيد للمنزل، نظرت بسرعة إلى مكان سيارة مؤيد فلم تجدها، ليزداد حنقها وهي تدرك أنه لم يعد بعد، إذا فلقد قام بالمبيت لدى تلك الفتاة التي قضي معها الليلة، اللعنة عليه، ستريها وتريه غضب المرأة حين يخونها من تحب، أدارت محرك سيارتها، وكادت أن تذهب إلى المنزل حين رأت سيارة مؤيد تعبر بجوارها لتقف في مكانها بهدوء قبل أن يترجل منها كل من مؤيد ونبيل، لتوقف المحرك وهي تهبط من السيارة بعصبية وتتجه إلى مؤيد الذي ما إن رآها حتى إتسعت عيناه في دهشة قائلا:.

شاهيناز.
تجاهلت نظرات نبيل الساخرة، وهي تقول بحنق:
أيوة شاهيناز، شاهيناز اللي فضلت مستنياك طول الليل في عربيتها، كنت فين يامؤيد؟أكيد كنت بتتسرمح مع البيه.
إنتفخت أوداج نبيل غضبا وتقدم تجاهها خطوة ليوقفه مؤيد بيده وقد تجمدت ملامح مؤيد لتصبح ببرودة الثلج مما أصاب شاهيناز بالقلق والتوتر، خاصة مع تلك النبرات الصارمة والتي قال بها مؤيد كلماته موجها حديثه لنبيل قائلا:
إطلع فوق يانبيل.

نظر إليه نبيل فإستطرد مؤيد قائلا:
حالا.
أخذ نبيل نفسا عميقا قبل أن يبتعد مغادرا بينما أمسك مؤيد ذراع شاهيناز في قسوة وهو يبتعد بها متوجها إلى سيارتها قائلا في صرامة:
مش أنا اللي تيجى واحدة تفتكر نفسها ملكتنى، تسألنى رايح فين وجاي منين، لأ وتهزأ صاحبى أدامى كمان، لولا العشرة اللي بينا أنا كان بقالى تصرف تانى معاكى، إتفضلى إركبى عربيتك دلوقتى ومشوفش وشك تانى، مفهوم؟
توقفت شاهيناز وهي تقول له متوسلة:.

إستنى بس يامؤيد، أنا آسفة، والله العظيم آسفة، غيرتى عليك عميتنى، معرفتش أنا بعمل إيه ولا بتكلم إزاي، سامحنى من فضلك، وأوعدك مكررهاش مرة تانية، بس ما تبعدش عنى تانى، أنا ما صدقت لقيتك.
رمقها ببرود، لترفع يده إليها تقبلها قائلة:
أبوس إيدك...
نفض يده فقالت والدموع في عينيها:
خلاص يامؤيد، ميبقاش قلبك قاسى كدة.
زفر مؤيد قائلا:.

خلاص ياشاهيناز، خلصنا، وعموما وعشان بس تعرفى إنى أحسن منك وإنك ظالمانى، هقولك أنا كنت فين.
ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول:
أنا ونبيل كنا في إسكندرية بنشوف مكان هناك نبتدى فيه مشروع صغير كدة، وجينا عشان نجيب شوية أوراق وفلوس عشان نظبط الأمور هناك، يعنى هنرتاح شوية وهنرجع تانى.
عقدت حاجبيها قائلة:
وليه إسكندرية؟ما القاهرة كويسة.
قال مؤيد ببرود:.

عايز أبعد عن كل ذكرياتى المرة اللي هنا، وبعدين مش هتطلقى من خالد، إيه المشكلة بقى؟ماإنتى ساعتها هتكونى حرة وتقدرى تيجى معايا.
نظرت إليه في حيرة قائلة:
طيب وهتقعد أد إيه؟
قال بغموض:
مش عارف هنقعد أد إيه بالظبط، أسبوع، عشر أيام، على حسب ما نخلص، عموما إحنا هنبقى على إتصال وأول ما أرجع، هتصل بيكى عشان نتقابل علطول.
قالت شاهيناز بإحباط:
مكنتش حابة تبعد عنى المدة دى كلها.
لتنظر إلى عينيه قائلة بحب:.

هتوحشنى يامؤيد، لو بإيدى كنت سافرت معاك، بس مش هقدر أسيب ريم لوحدها، والكل مشغول بموضوع ليلة، واحتمال يفضلوا في المستشفى كتير.
إبتسم مؤيد بسخرية داخل نفسه فهي لا تعلم بعد أنه تم عقد قران ليلة بالأمس وأنها سافرت مع زوجها وأخواتها لفرنسا من أجل العلاج، ولكن ملامحه ظلت ثابتة لا تعكس شيئا وهو يقول:
صحيح ليلة أخبارها إيه؟
هزت شاهيناز كتفيها بلا مبالاة قائلة:.

معرفش عنها حاجة، إتخانقت مع خالد ومشيت ومن ساعتها مكلمتوش ولا هو كلمنى.
أومأ برأسه بهدوء ثم قال:
طيب روحى بسرعة قبل ما حد ياخد باله من غيابك.
أومأت برأسها إيجابا قبل أن تقول:
تمام وإنت متنساش تكلمنى قبل ما تسافر، وملكش دعوة بالبنات في إسكندرية يامؤيد.
رمقها بحدة، لتستطرد قائلة بسرعة:
خلاص خلاص، ميبقاش خلقك ضيق، أنا ماشية، سلام.
قال بهدوء:
سلام.

ولجت شاهيناز إلى سيارتها وأدارت محركها لتذهب بها يتابعها مؤيد بعينيه تقسو ملامحه، ليستمع إلى صوت صديقه يقول من خلفه:
بنى آدمة حقيرة ومستفزة، أنا مش عارف مستحملها إزاي بس؟
قال مؤيد بقسوة:
مضطر يانبيل، مضطر، بس هانت، كلها عشر أيام وهتاخد جزائها وساعتها هخلص منها، للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة