قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثلاثون

ويوماً ما ستأخذنى بدرب الحب ننسانا.
سأجلس على أرجوحة أنت صانعها تفلتها لتعود يديك تلقاها...
سنجوب عالم الكذب سيطوف حولنا الحزن لتكون النجاة يوم لقائنا الحافل فننسي كل ما كان.
وعلى شرفات الانتظار سأبقى أفكر في البعد يوماً لكن للقرب منك بالقلب قراراً.
خيالاً كنت أم وهماً سانتظر أن تأتى من الغيمات بأمطار تزرع على حدود صبرى أزهاراً.
بقلم، حنان صلاح.

جلس مؤيد فلم تعد قدماه قادرتان على حمله من هول الصدمة قائلا:
إحنا السبب ياخالد، صح؟
جلس خالد بجواره يغمض عينيه ويضع إصبعيه السبابة والإبهام على ذلك الجسر مابين عيناه يقول بحزن:
لأ مش إحنا، ده قدرها، ومتحملش نفسك فوق طاقتها يامؤيد، اللي زي شاهيناز بتكون نهايتهم كدة وأسوأ من كدة كمان.
نظر إليه مؤيد قائلا بمرارة:.

مفيش أسوأ من كدة ياخالد، دى ماتت منتحرة يعنى خسرت دنيتها وآخرتها وخليتنى أعيش طول العمر بذنبها، أفكر لو بس كنت خدت بالى من تصرفاتى معاها، لو كنت فهمتها بالراحة إنى مش ممكن أكون وياها، لو كنت حاولت أصلح غلطتى، جايز كانت...
فتح خالد عينيه و نظر إليه قائلا بحزم:.

متفتحش للشيطان مكان يدخل لأفكارك منه، زي ما شاهيناز فتحتله وخلاها تفتكر إنها بكل اللي عملته تقدر تحقق اللي هي عايزاه، خلاها تتصور إن حتى بموتها هتقدر تنهى الفضيحة اللي كانت هتطولها لو حد عرف باللى هي عملته، سمعت كلام الشيطان اللي خلاها أنانية حتى في موتها، مفكرتش للحظة واحدة ممكن يأثر على بنتها إزاي؟

للأسف يامؤيد الشيطان لو إتمكن من أفكارنا هيودينا في سكك مكناش نتصور إن إحنا نوصلها، ولا كنا نتخيل إن الحاجات دى ممكن تحصلنا، قاوم شيطانك يامؤيد بالإستغفار، واطلب ليها الرحمة، ده اللي في إيدينا ليها دلوقتى.
أومأ مؤيد برأسه ثم فرك وجهه بيديه وهو يقول:
أستغفر الله العظيم، ربنا يرحمها ويغفر لها ويغفر لنا جميعا.
ربت خالد على فخذ مؤيد قائلا:.

يارب، قوم بقى إغسل وشك وتعالى معايا عشان هندفنها، ونعملها كمان في البيت صوان عزا، أنا قدرت ألم الموضوع بسرعة عشان الفضايح وإتكتب في المحضر إن موتها كان قضاء وقدر، كانت بتميل تتفرج على مية النيل، فقدت توازنها ووقعت، مش عايز أفتح علينا ألف باب، وأشوه سمعتها وسمعة ريم بنتها، هي خلاص ماتت، ربنا يغفر لها بقى.
عقد مؤيد حاجبيه قائلا:
والشريط اللي معانا؟
قال خالد:.

وريته للين، هي الوحيدة اللي كان من حقها تشوفه، وده كان كمان قبل ما أعرف بخبر موت شاهيناز، دلوقتى هي ماتت والشريط ده مليان بذنوبها، كسرته طبعا، هعمل بيه إيه؟
أومأ مؤيد برأسه قائلا:
معاك حق، الشريط ده كان دليل برائتى أدام أختك، وآداة في إيدك لو شاهيناز طالبت بحضانة ريم، خلاص فعلا، مبقاش ليه أي لازمة، يلا بينا ياخالد، خلينا نقفل صفحة الماضى بحلوها ومرها.
أومأ خالد برأسه موافقا في، صمت.

إنتهى العزاء سريعا وكأن الأيام لا تريد أن تتمهل، لتمنح أبطالنا فرصة لمداواة جروحهم القديمة وأحزانهم الحالية، ليقف خالد مودعا مؤيد الذي قال:
أشوف وشك بخير ياخالد.
قال خالد بهدوء:
لسة مصمم تسافر وتسيب البلد؟
أومأ مؤيد برأسه قائلا:
مش هينفع أعمل أي حاجة غير كدة، كل حاجة هنا هتفكرنى بالماضى اللي عايز أنساه، أنا خلاص عملت اللي كنت قاعد علشانه وأثبت برائتى أدام الكل، هقعد ليه تانى؟
قال خالد:.

طب وشغلك في إسكندرية، و ريم؟
قال مؤيد بألم ظهر في عينيه:
إحنا مكناش لسة خلصنا ورق الشركة في إسكندرية، يعنى مش هنخسر حاجة، ولو نبيل حابب يكمل عشان سها هيكمل ويختارله شريك غيرى، أما ريم فمن الأحسن ليها إنها تفضل مفكراك باباها أحسن ما أصدمها من دلوقتى وأخليها معقدة نفسيا، جايز مع الأيام أرجع وأفهمها الحقيقة، بس الأكيد إنى مش هقدر أقولها أي حاجة دلوقتى.
تنهد خالد قائلا:.

أنا مش معاك يامؤيد في قرارك، بس هسكت على أمل إنك تقتنع لوحدك بإن وجودك معانا هو أنسب قرار ممكن تاخده.
ربت مؤيد على كتف خالد قائلا:
معتقدش، أشوفك بخير ياخالد، هروح أودع ريم وأمشى علطول.
قال خالد بدهشة:
إنت هتسافر باريس النهاردة؟
إبتسم مؤيد بهدوء وهو يقول:
لأ، لسة هلغى كل حاجة في إسكندرية الأول، فهسافر بكرة إسكندرية أخلص كل حاجة وبعدين هسافر على باريس علطول.
إبتسم خالد قائلا:
ربنا يوفقك يامؤيد.

إبتسم مؤيد إبتسامة باهتة ثم تركه مغادرا بخطوات سريعة، لينظر خالد في إثره قبل أن يتنهد ويذهب في الطريق المعاكس ليستنشق بعض الهواء، فقط يريد بعض الهواء، يشعر بالإختناق لما آلت إليه الأمور، يود لو إختلفت تلك الأمور قليلا، ولكنه القدر، وهو نفسه ذلك القدر الذي سيحمله في الغد إلى محبوبته ليريح قلبه المعذب في بعدها ويفضى لها بمكنون صدره.

بينما تابعت عيون تحمل العشق والإصرار مؤيد وهو يودع طفلته بعيون غشيتها الدموع، لتهز رأسها تنوى تغيير خططه كلية بعد أن إستمعت لحديثه مع أخيها لتقول بهمس وإصرار:
مش ممكن هكرر غلطة زمان وأسيبك تمشى من غير ما أصارحك باللى جوايا يامؤيد، وساعتها القرار هيكون في إيدك ياتقتلنى بسكينة بعدك، ياترحمنى وتسيبنى أعيش.

قال خالد لليلة عندما رآها تغلق هاتفها وهي تزفر بعمق:
لسة بتتصل بيكى؟
قالت ليلة بحنق:
أيوة ولسة مبردش عليها زي ما قلتلى وعلى فكرة ده هيقلقها ومش بعيد يجيبها القاهرة.
قال خالد بغموض:
مش هتلحق.
إتسعت عينا ليلة بفرح قائلا:
هتسافرلها، صح؟
إبتسم قائلا:
بكرة الصبح علطول، مش هوصيكى على ريم، خدى بالك منها إنتى ولين.
إتسعت إبتسامتها قائلة:
في عينينا ياخالد، متنساش توصل سلامى ليها ومترجعش من غيرها.

إتسعت إبتسامته وهو يقول بعزم:
هيحصل ياليلة، هيحصل.

إقترب خالد من طفلته النائمة بهدوء، نعم طفلته، يدرك أن الأبوة ليست بالجينات ولكنها بالشعور، لقد ولدت على يديه، وكان بجوارها أثناء نشأتها، يوم بيوم وسنة بسنة، حتى عندما أفاق من غيبوبته في تلك المستشفى، ورغم تخبطه من إدراكه بمرور عام كامل لا يدرى كيف مر وهل كان في الغيبوبة طوال ذلك العام أم كيف مر عليه دون أن يدرى أو يعلم أحد في المستشفى عنه شيئا؟، إلا أنه ترك تخبطه وأفكاره على جنب وهو يسرع إلى المنزل، يفتقد بشدة رؤية طفلته الحبيبة ريم، تلك التي لم تفارق صورتها خياله طوال الطريق ولم يشعر بالراحة أبدا حتى ضمها بين حضنه، يشبع توقه إليها.

عاد من رحلة الذكريات إلى أرض الواقع وهو يتأمل ملامح ريم الجميلة، يرى الآن تشابه ذقنها مع ذقن أباها، أما باقى ملامحها فتشبه أمها بشدة، تنهد قائلا بحزن:
إنتى بنتي ياريم، مهما حصل هتفضلى بنتي ياحبيبتى.
ثم دثرها بحنان ومال مقبلا جبهتها برقة ليعتدل ويراها تنظر إليه بعيونها الدخانية الجميلة بنظرة حزينة دامعة، جلس على الفور بقربها قائلا:
مالك ياقلب بابى؟فيكى إيه؟
إعتدلت جالسة وهي تقول له بصوت متهدج:.

إنت مقلتش الحقيقة يابابى، خبيت علية، صح؟
نظر إلى عمق عينيها في وجل قائلا:
خبيت عليكى إيه ياحبيبتى؟
قالت ريم بحزن:
قلتلى مامى سافرت، بس مامى مسافرتش، صح؟
لم يستطع أن يكذب عليها مجددا، خاصة وهي ترمقه بتلك النظرة ليومئ برأسه في هدوء، لتستطرد ريم قائلة:
مامى ماتت وراحت عند ربنا زي ماسمعت دادة فريدة وهي بتقول لدادة سناء، مامى ماتت زي مامة نودى صاحبتى، صح يابابى؟

أومأ برأسه مجددا لتنهمر الدموع من عينيها قائلة:
يعنى أنا مش هشوفها تانى يابابى، ومش هلعب معاها؟مش هتقولى تانى ياأميرتى الحلوة؟
ضمها خالد بين ذراعيه بسرعة، يربت عل رأسها بحنان وهو يقول بحزن:
مامى في مكان أحسن ياحبيبتى وأنا هنا، مش هسيبك، هكون ليكى مامى وبابى، هلعب معاكى وهقولك كمان ياأميرتى الحلوة.
ثم أخرجها من حضنه ناظرا إلى عينيها بثبات وهو يقول:.

مش أنا بس، آنطى ليلة وآنطى لين وآنطى جورية كمان، كلنا جنبك ومعاكى ومش هنسيبك أبدا.
ليصمت لثانية يتأكد من إستيعاب طفلته لكلماته قبل أن يستطرد قائلا:.

أنا عارف إنك زعلانة ياريم، عشان مامى مش معانا، بس لازم تعرفى إن كلنا في يوم من الأيام هنروح لربنا احنا كمان، هي دى الدنيا ياريم، كلنا هنموت، وهنتجمع تانى في الجنة وعشان تكونى مع مامى وبابى في الجنة لازم تكونى بنوتة طيوبة وتسمعى الكلام، اوعدينى ياريم، اوعدينى إنك هتكونى بنت بابى الشاطرة اللي هتسمع الكلام.
قالت ريم بصوت ضعيف:
أوعدك يابابى.
مد خالد يديه يمسح دموع ريم وهو يقول بحنان:.

عايز أشوف إبتسامة ريمو الحلوة عشان بابى مسافر بكرة ومش عايز يمشى من غير ما يطمن على بنوته.
عقدت ريم حاجبيها قائلة:
مسافر فين يابابى؟
إبتسم قائلا:
هسافر أجيب مس جورية تعيش معانا ياريمو، إيه رأيك؟
شعت عيون ريم بالسعادة وهي تقول:
ياريت يابابى ياريت.
إبتسم ليقبلها في جبهتها مجددا ثم يقول:
طب نامى بقى وإسمعى كلام عماتك وأنا مسافر، عشان أرجع بسرعة ومتأخرش، إتفقنا؟

أومأت ريم برأسها ثم تمددت على السرير ليدثرها خالد بالغطاء ثم يتجه إلى الخارج ليستوقفه صوتها وهي تقول:
بابى.
إلتفت إليها بتساؤل لتستطرد قائلة:
متنساش تدعى لمامى بالرحمة، وتقول الله يرحمك يامامة ريم، مس سوزان قالت لنا نقول كدة لما مامة نودى ماتت، وقالت إن الدعاء ليهم بالرحمة حاجة حلوة وبتسعدهم وتعرفهم إن إحنا كمان بنحبهم.
إبتسم خالد بحنان قائلا:
ربنا يرحمها ياريم، ربنا يرحمها.

إبتسمت ريم قبل أن تغمض عينيها ويدرك خالد أنها نامت على الفور من إنتظام أنفاسها، ليبتسم بحنان وهو يهز رأسه يمنة ويسارا قبل أن يغادر الحجرة مغلقا بابها، في هدوء.

قالت سها بإبتسامة:
كدة تمام أوى، أنا مش عارفة أشكرك إزاي يانبيل.
قال نبيل بمزاح:
حد يشكر جوزه ياهبلة؟
عقدت سها حاجبيها قائلة بحنق:
بس متقولش هبلة.
قال نبيل بسرعة:
خلاص يا ستي متزعليش، حقك علية، وبعدين بتشكرينى على إيه؟ده أنا المستفيد الأول من تجميعهم مع بعض وتصفية أي خلاف ما بينهم، ما إنتى مأجلة فرحنا لغاية مايرجعوا لبعض، وأنا نفسى يجمعنى بيكى بيت، يالهووووى، أنا خلاص ياسها مبقتش قادر.

إحمر وجهها خجلا وهي تقول:
خلاص يانبيل هانت، أصبر شوية.
قال نبيل:
ما أنا صابر أهو، هو أنا إتكلمت؟
ضحكت سها برقة، ليتنهد نبيل قائلا:
ضحكتك حلوة أوى ياسها.
إحمر وجه سها خجلا وهي تنظر إلى وجه لين الحائر لتقول بإرتباك:
طيب أنا، يعنى، هقفل معاك دلوقتى، وهبقى أكلمك بعدين، سلام.
إبتسم قائلا:
سلام.
أغلقت الهاتف، لتقول لها لين بلهفة:
ها، إيه الأخبار؟
إبتسمت سها قائلة:.

العربية هتيجى تاخد مؤيد الساعة عشرة الصبح، متقلقيش، كل حاجة زي ما طلبتيها بالظبط.
تنهدت لين بإرتياح وهي تتراجع في مقعدها تلمع عيناها بقوة قائلة بإبتسامة:
كدة حلو أوى، باقى ساعات ونبتدى اللعب بجد، وياأنا ياإنت يامؤيد ياحسينى.

كانت جورية تجلس في الحديقة، تمسك دفتر رسوماتها، ترسم على تلك الورقة ملامح خالد، وهو يودعها في المطار في آخر لقاء جمعهما، نظرت إلى تلك الصورة بحنين إلى مالك فؤادها الذي تجسد الصورة ملامحه وكأنها حية، ليست فقط كملامح ولكن كتعبير وشعور أيضا، لتمد يدها وتقطع تلك الصورة من الدفتر، تمسكها بين يديها، تلاحظ نظرته إليها والتي حملت الكثير من المشاعر، تبا، كم تجعلها تلك النظرة تتوق إليه، وتشعل قلبها قلقا عليه أيضا، خاصة وأن ليلة لا ترد على مكالماتها منذ أيام، وكذلك فراس، تخشى بكل ذرة في كيانها أن يكون مكروها قد أصاب خالد أو أصاب أخته ليلة وهي بعيدة عنهما لا تدرى ماذا يحدث لهما، تمتمت بألم:.

وحشتنى أوى، وغصب عنى مش قادرة أجيلك، خايفة، معرفش ليه؟
لتمد يدها تمسح بسبابتها على ملامحه بالصورة قائلة بعشق:
ياريت كان المكان غير المكان والزمان غير الزمان، مكنتش هبعد عنك أبدا ياخالد، لكن دلوقتى غصب عنى لازم أبعد وغصب عنى هقطع صورتك بإيدى وأمحيك من حياتى كمان.
كادت أن تقطع الصورة إلى نصفين، حين إستوقفتها يد رجولية وضعت على يدها، وصاحبها يقول بصوت حنون:
وأهون عليكى برده؟

إنتفضت جورية تنظر إلى الخلف بصدمة لتنهض ببطئ وهي تراه يقف أمامها، يطالعها بشوق، بعشق ظهر في ملامحه، لتتأمله بدورها في شوق، مالبثت أن نفضته عنها وهي تتمالك نفسها قائلة:
خالد.
إبتسم قائلا:
قلب خالد.
تلفتت حولها بسرعة ترى إن كان أحد غيرهما في المكان أو كان جدها بالقرب منهما، وعندما تأكدت من خلو المكان من الناس، نظرت إليه بسرعة قائلة:
إنت لازم تمشى بسرعة من هنا، أنا مش عايزة جدى يشوفك هنا.

جلس خالد على الكرسي أمامها قائلا بإبتسامة كبيرة:
بس أنا عايزه يشوفنا، أنا أصلا جاي مخصوص عشانه.
عقدت جورية حاجبيها بحيرة قائلة:
قصدك إيه، أنا مش فاهمة حاجة؟
إبتسم وهو يتراجع في مقعده يضم كلتا يديه خلف رأسه مغمضا عينيه قائلا بإسترخاء:
قصدى واضح ياجورى، أنا جاي النهاردة لجدك مخصوص.
ليفتح عينيه وهو يهز حاجبيه صعودا وهبوطا، مستطردا بإبتسامة واسعة:
عشان أطلب إيدك منه ياحبيبتى.
لتتسع عينا جورية في، صدمة.

قال مؤيد بحزن:
يعنى برده مصمم متسافرش معايا يانبيل؟
قال نبيل:
إنت عارف يامؤيد، حياتى كلها بقت هنا، شغلى، وسها، مبقاش ينفع أسافر تانى ياصاحبى.
اومأ مؤيد برأسه قائلا:
ربنا يوفقك يانبيل، عموما ابقى طمنى عليك واعزمنى على الفرح، أكيد هاجى.
قال نبيل بإبتسامة:.

وفرحى مش هيكون فرح من غيرك يامؤيد، أكيد هستناك ياصاحبى، بس إنت ليه محسسنى إنى مش هشوفك قبل ما تسافر، ماأنا هجيلك اسكندرية بس لما أشوف والد سها عايزنى ليه.
قال مؤيد:
عادى يانبيل، أهو بودعك إحتياطى جايز متعرفش تجيلى إسكندرية.
قال نبيل:
لأ جايلك متقلقش، هتوحشنى ياصاحبى.
إحتضنه نبيل فضمه مؤيد بدوره قبل أن يبتعد عنه مؤيد و يصعد إلى السيارة، ملوحا له بإبتسامة لتبتعد السيارة بسرعة.

أطرق مؤيد برأسه حزنا، يعلم أنه يبتعد عن كل أحبته وكل من إهتم لأمرهم، في البداية لين ثم ريم، والآن نبيل، ليتساءل في صمت، هل قراره بالهروب من الماضى هو قرارا صائبا؟أم أنه يحتاج إلى إعادة حساباته من جديد، ربما عليه العودة و التريث في هذا القرار، أو ربما عليه المضي قدما فيما إنتوى أن يفعله، زفر بحنق، فالآن لا يدرى ماذا يفعل؟رفع رأسه ينظر من نافذة السيارة، ليعقد حاجبيه بشدة عندما إتضح له أن هذا الطريق لا يؤدى إلى الإسكندرية، مطلقا، ليقول للسائق بحدة:.

إنت واخدنى على فين؟
توقف السائق بالسيارة على جنب ثم أزال قبعته، ليتهادى شعرها الأحمر الناري خلف ظهرها وهي تلتفت إليه قائلة بإبتسامة:
على الجنة ياحبيبى.
إتسعت عينا مؤيد في صدمة وقبل أن يستوعب تلك الصدمة، وجدها توجه علبة إلى وجهه لينطلق منها رذاذا، جعل الدنيا تلف من حوله، ليتفوه بإسمها في ضعف، قبل أن تسود الدنيا من حوله تماما، لتتأمله هي بإبتسامة حانية قبل أن تنطلق بسرعة إلى وجهتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة