قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثامن

لا بأس أن تبكي أوراق قلبك اللينة
لابأس أن تميل أغصان روحك الهينة
أنت ماء عذب لتراب الأرض الميتة
وتظل الدموع نقاء من الأوجاع النيئة
لا بأس بضباب يجتاح الأفكار السيئة
فما خبأت منك إلا الذكريات الشقية
بقلم، نور محمد.

كانت شاهيناز تجوب الحجرة جيئة وذهابا في غيظ، تتساءل بحنق، لماذا عاد مؤيد من جديد، وماذا يريد من لين؟هل حن لها؟هل إشتاق إليها؟هل نسي كل ما حدث بينه وبين لين؟ترى ماالذى قد تفعله لتحول بينهما مجددا؟
توقفت في مكانها فجأة، تتساءل، ترى أين هو الآن؟وماذا يفعل؟هل عاد لشقته القديمة؟ربما ستذهب إليه الآن لتراه، تتأكد من نواياه، أو ربما تخبره كم إشتاقت إليه...

نفضت أفكارها، تعرف النتيجة مسبقا، فلا داعى لخيبات الأمل المتكررة، هو لن يرضخ لها فهو مازال عاشقا لتلك اللين، وكل ما سينالها منه هو التقريع، وربما تلك المرة أخبر خالد بمحاولاتها الدائمة معه، لذا فالأولى لها الآن أن تحاول التفريق بين لين ومؤيد، يجب أن تمنع لقائهما، يجب أن تحول بينهما بأي ثمن، أما البقية، فستدع الأيام تقرر خطواتها التالية وقراراتها بهذا الشأن، الآن ستذهب إلى خالد تخبره أنها عائدة إلى المنزل فلديها صداع شديد يكاد يفتك برأسها، ستخلد إلى الراحة قليلا كي تستطيع التفكير بهدوء، نعم هذا ما ستفعله تماما.

إتجهت بخطوات حازمة إلى مكتب زوجها لتهز رأسها بهدوء تحيي صفاء مديرة مكتب خالد، قبل أن تكمل طريقها ليوقفها صوت صفاء التي قالت بإحترام:
خالد بيه مش في المكتب يامدام شاهى.
إلتفتت إليها شاهى عاقدة حاجبيها وهي تقول:
أمال راح فين ياصفاء؟
قالت صفاء:
مشي من شوية مع آنسة ليلة وصاحبتها.

ليزداد إنعقاد حاجبي شاهيناز وهي تتساءل عن سبب رحيله المفاجئ، ومن تلك الصديقة التي رافقتهم؟ لتومئ برأسها محيية السكرتيرة بهدوء، وهي تغادر حجرة المكتب متجهة إلى خارج الشركة، تمسك هاتفها و تتصل برقم زوجها خالد، مرارا وتكرارا، لكن للأسف، لا مجيب.

قالت ليلة:
ماترد على التليفون ياخالد.

لم يجبها خالد وهو يتجاوز تلك السيارة التي أمامه بصعوبة، يسرع بسيارته حقا، يود أن يطوى الأرض طيا ويوصل تلك الجورية التي قلبت حياته رأسا على عقب وشغلت أفكاره بأسرع وقت ممكن، يود حقا لو أغلق صفحتها للأبد، فبينهما بابا يحمل إليه رياحا عاتية، هو مواربا حتى تلك اللحظة وأضراره بسيطة ومحتملة ولكن إذا إتسع أكثر من ذلك ستقتلعه تلك الرياح من الجذور، وستودى به إلى حتفه بالتأكيد.

رن الهاتف مجددا لتحمله ليلة تنظر إلى شاشته وهي تقول:
دى شاهى ياخالد، ما ترد عليها، أكيد فيه حاجة مهمة عشان متبطلش رن عليك بالشكل ده.
قال خالد في لا مبالاة:
لأ عادى، ده الطبيعى بتاعها.
أغمضت جورية عينيها بألم، ترفض سماعه وهو يتحدث عنها، عن غريمتها التي حظيت بكل ما حلمت به جورية، حظيت بحبه، بدفئه، بحنانه، بإسمه، بطفلته، أما هي فلم تحظى منه سوى بعذاب الحب فقط، وياله من عذاب.

فتحت عيونها تنظر إلى الأمام، لتقع عيناها على مرآة السيارة، تتقابل عسليتيها مع عينيه الزرقاوتين، رغما عنها لم تستطع الإشاحة بناظريها، لتجمعهما نظرة طويلة، حبست أنفاسهما معا، ليكون هو أول من يشيح بناظريه عنها مركزا على الطريق مجددا ورافضا هذا السحر الذي يجذبه إليها، يجعله ضعيفا خاضعا، يود فقط لو كان هو وهي وحدهما، يزيد هذا السحر من رغبته في ان يتعرف عليها أكثر، أن يعرف تفاصيلها، ماتحب وماتكره، يود فقط لو إقتربت منه وأسكنها صدره، يشعر بأن هذا هو مكانها الطبيعي، تبا، إلى أين تودى به أفكاره، حقا إلى جحيم لا قبل له به...

أفاق من شروده على صوتها الرقيق وهي تقول:
العمارة اللي جاية دى لو سمحت.
توقف خالد بالسيارة، لتترجل منها جورية على الفور، شعرت بالدوار في نفس الوقت الذي خرجت من السيارة ليلة وأصبحت بجوارها لتسندها بسرعة، ترجل خالد بدوره وهو يراها بهذا الضعف والشحوب، ليقول بقلق:
المفروض نروح للدكتور ياآنسة جورية، من فضلك إركبى تانى.
هزت جورية رأسها بضعف قائلة:.

قلت لحضرتك الموضوع ما يستاهلش، أنا متعودة على الدوخة دى، شوية وهتروح، أنا متشكرة أوى، تعبتكم معايا، تقدروا تتفضلوا إنتوا وانا هبقى كويسة متقلقوش.
قالت ليلة:
متشكرة إيه بس ونتفضل إيه، أنا مش همشى غير لما أتأكد بنفسى إنك بقيتى كويسة.
قالت جورية بضعف:
أيوة بس...
قاطعتها ليلة قائلة في حزم:
مفيش بس، يلا بينا.

نظرت جورية إليها بضعف، حائرة ماذا تفعل وقد لاحظت ان خالد سيرافقهما، لتهز رأسها في قلة حيلة فهي تشعر بالضعف فعلا وربما حقا تحتاج أحدا بجانبها، حتى لو كان هذا الشخص، هي ليلة وأخيها، خالد.

قالت سها بإبتسامة:
خلاص والله يالين، إعتذرتيلى خمسين مرة والغلطة مش غلطتك اصلا، غلطة مرات اخوكى اللي مش عارفة مالها ومالى بس، واخدة بالها منى ليه؟والله ما أنا عارفة اخوكى مستحملها إزاي بس؟
قالت لين بإبتسامة:
مش للدرجة دى ياسو، هي صحيح عصبية وحمقية ولسانها أطول منها بس قلبها طيب، إنتى نسيتى مين اللي وقف جنبى في أزمتى، هي طبعا، انا مش حكيتلك هي عملت معايا إيه؟
قالت سها بسخرية:.

والله يالين انا مبقتش فاهماكى، إنتى طيبة ولا هبلة، ذكية ولا عبيطة.
قالت لين بإستنكار:
مين دى اللي عبيطة؟ما تاخدى بالك من كلامك ياسها.
قالت سها:
طيب خلاص متزعليش، بس والله إنتى على نياتك اوى لما تقولى على شاهيناز كدة، شاهيناز طيبة؟دى حية وسمها بيلدغ من تحت لتحت، بكرة الأيام تدور وتقولى كان عندك حق ياسها.
قالت لين:
طيب سيبينا من شاهى ومواويلها وقوليلى، فيه حفلة بالليل في بيت صافيناز، ها هتيجى معايا؟

قالت سها بإستنكار:
حفلة تانى، وملل تانى وكعب في الآخر يتكسر وراجل يطلعلى ويفكرنى سندريلا، لأ، شكرا يا ستي.
عقدت لين حاجبيها قائلة:
كعب إيه وراجل مين، وإيه حكاية سندريلا دى كمان؟
أطلقت سها ضحكة ثم قالت:
هو أنا مقلتلكيش؟
إزداد إنعقاد حاجبي لين قائلة:
قلتيلى إيه بس؟
قالت سها بإبتسامة واسعة:.

هقولك يالولو، هقولك على ليلة قابلت فيها فارس احلامى وبعبطى كالعادة مشيت، ومسبتلوش أي حاجة يوصلى بيها غير كعب جزمة مكسور، تقريبا كدة زي حكاية سندريلا، بس في الحكاية الأمير لقى أميرته، أما في الحقيقة، فسندريلا بتضرب نفسها بالجزمة إنها مديتلوش رقم تليفونها.
قالت لين بحيرة:
إنتى بتقولى إيه؟انا مش فاهمة حاجة خالص.
ضحكت سها مجددا وهي تقول:
تعالى ياأختى نقعد في حتة وأنا أفهمك كل حاجة.

كان خالد يتأمل شقة جورية البسيطة ولكن في نفس الوقت أنيقة تماما كصاحبتها، تحمل حقا الكثير والكثير من روحها، التي ورغم قصر المرات التي قابلها فيها، والتي لا تتعدى المرتين، إلا أنه يشعر أنه يعرفها وكأنها تربت على يديه، يحفظ سكناتها، إنتبه إلى وجود دفتر رسم كبير يقبع على الأريكة، إتجه إليه ببطئ ورفعه ليمسكه بين يديه، تأمل واجهته الرقيقة ليدرك مدى رقة صاحبته، حتى في إختيارها لدفتر رسم بسيط، كاد أن يفتحه لتتوقف يده في الهواء وضميره يؤنبه بشدة، فهذا الدفتر قد يحمل بعض أمورها الشخصية، كاد أن يضعه مجددا في مكانه ولكن فضوله تجاهها غلبه، ليفتحه بهدوء وما إن فتحه حتى تمنى لو لم يفتحه مطلقا، فهناك وبين ورقاته قبع هو في أماكن مختلفة، بجسده وروحه التي لم يعريها لأحد، جسدت جورية كل حركاته وسكناته، ضحكاته التي لم يراها أحد سواه، شروده، نظرات عشق لم ينظر بها إلى أي فتاة من قبل، أهكذا سيكون عندما يعشق إحداهن؟ما هذا؟إنه هو، يقف عارى الجزع، تلفح الشمس بشرته، يتصبب العرق من وجهه، وهو يمسك بالفأس، هل هذه هي صورته كمزراع؟ياالله كم تبدو الصورة حية للغاية وكأنه متجسدا أمامه، إنها فنانة بارعة، لا يستطيع أن ينكر هذا، عقد حاجبيه وهو يرى محيط تلك الصور، يشبه كثيرا محيط تلك الأحلام التي تراوده عن تلك الفتاة، بل تكاد تكون متماثلة، هاهي الطاحونة الزرقاء، وهاهو الكوخ الصغير المجاور لإسطبل الخيل، وها هو ذلك النهر الصغير وتلك الشجرة الكبيرة بجواره، ماالذى يعنيه هذا؟شعر بألم في رأسه، وهذا الصداع يعاوده من جديد، وضع يده على جبهته يدلكها بخفة، ليتجمد في مكانه تماما وهو يستمع إلى صوت ضحكاتها الصادرة من غرفتها حيث تساعدها ليلة على تبديل ملابسها والتمدد في سريرها، إنها تشبه ضحكات فتاة أحلامه، لا، لا تشبهها، إنها هي، تبا، ما الذي يحدث؟، إنه ضربا من الجنون، كاد أن يضع الدفتر من يده، ولكنه توقف حين رأى صورتها معه، كانا يقفان معا يتأملان مشهد غروب رائع، لم يلفت إنتباهه هذا المشهد الخيالي وإنما ما لفت إنتباهه هو لون شعرها، مختلف عن لونه الآن، يشبه تماما لون شعر فتاة أحلامه ومطلقة عنانه مثلها تماما، أما في الحقيقة فدائما ما ترفعه على هيئة ذيل حصان مع تغيير لونه بالطبع، من الكستنائي إلى البني المائل للحمرة قليلا، ليشعر بالرهبة، يتساءل في صمت عن كنه ما يحدث، والذي ليس عنده له تفسير آخر سوى أنه في ورطة كبيرة جدا، وأنه يجب أن يخرج من هذا المكان على الفور، ليعيد جمع شتات نفسه التي تبعثرت منذ أن رآها، والأدهى هذا الدفتر والذي هو عبارة عن تجسيد لأحلامه على ورق، ليتركه من يده، ثم يلقى نظرة أخيرة على باب الحجرة المغلق والذي يضم بين جنباته أخته ليلة وتلك الفتاة التي أربكت حياته بشدة، جورية، ليتجه بعدها إلى باب المنزل، يفتحه ويخرج منه مغلقه خلفه قبل أن يتجه بخطوات مسرعة تجاه سيارته وكأن شياطين الدنيا كلها في إثره.

إبتسمت ليلة قائلة:
أيوة بقى ياجورى ياقمر، خلى الضحكة تنور وشك.
إبتسمت جورية وهي تتأملها قائلة:
إنتى طيبة أوى ياليلة، بجد أنا مبسوطة إنى عرفتك.
إبتسمت ليلة قائلة:
القلوب عند بعضها ياقلبى، أنا كمان مبسوطة إنى عرفتك، ومبسوطة أكتر إن أخويا حبك إنتى.
أشارت لها جورية بالصمت قائلة:
بس، أخوكى برة، بلاش الكلام ده دلوقتى.
أشارت ليلة برأسها موافقة وهي تشير لفمها بعلامة الصمت، لتهمس جورية بحزن:.

بس عموما الكلام ده كان زمان، دلوقتى...
قاطعها رنين هاتف ليلة، لتنظر إلى شاشته وتجد رقم هاتف اخيها لتقول:
ده خالد، الظاهر مل من القعدة برة لوحده، أنا فعلا إتأخرت عليه.
لتجيب أخيها قائلة:
ألو، أيوة ياخالد، خرجالك حال...
صمتت وهي تعقد حاجبيها قبل أن تقول:
طيب تمام، أنا هروح، آه عارفاه، متقلقش، سلام.
لتغلق هاتفها وهي تنظر إلى جورية التي قالت بتقرير:
مشي، أكيد وراه شغل.
هزت ليلة رأسها نفيا قائلة:.

معتقدش وراه شغل، صوت مية جنبه وكأنه قاعد على النيل، وبعدين فيه حاجة في صوته مش طبيعية، متغير أوى، وكأن فيه حاجة مضايقاه، تفتكرى وجوده جوة شقتك فكره بحاجة من الماضى؟
هزت جورية رأسها بنفي قائلة:
معتقدش، فهد، قصدى خالد مجاش هنا قبل كدة، حياتى معاه كانت هناك في الوادى، ومعتقدش فيه حاجة هنا ممكن تفكره بماضينا مع بعض.
هزت ليلة كتفيها قائلة:
مش عارفة بقى، عموما ياخبر بفلوس، بعد شوية هيكون ببلاش.
لتنهض قائلة:.

أنا هقوم بقى وأسيبك عشان ترتاحى حبة وهجيلك بكرة بعد المحاضرات عشان أطمن عليكى.
إبتسمت جورية قائلة:
مفيش داعى تتعبى نفسك ياليلة، انا بجد بقيت كويسة الحمد لله.
رفعت ليلة حاجبيها قائلة بمزاح:
إيه ده إنتى مش عايزانى أجيلك ولا إيه ياجورى، قولى بقى إنك زهقتى منى.
قالت جورى في عتاب:
ازهق منك إيه بس، ده انا ما صدقت ألاقيلى أخت في غربتى دى.
إبتسمت ليلة قائلة:.

يبقى ياروح أختك تسيبيلى نفسك خالص بكرة هأكلك أكلة على مزاجى إنما إيه، تستاهل بقك.
إبتسمت جورية وهي تومئ برأسها، لتتسع إبتسامة ليلة قائلة:
يلا سلام.
قالت جورية:
سلام ياليلة.
غادرت ليلة تتابعها عينا جورية بإبتسامة مالبثت أن إختفت وهي تتساءل عن سبب مغادرة خالد المكان بتلك السرعة دون أن يصطحب ليلة معه، ليظل سؤالها عالقا، دون إجابة.

دخل خالد إلى حجرته في وقت متأخر، يتوقع أن تكون شاهيناز قد خلدت للنوم كعادتها، لتخالف توقعاته وهو يراها مستيقظة، تجلس في السرير، تبدو من ملامح وجهها أنها تبغى أن تفتعل مشاجرة معه وهو غير مستعد مطلقا لمهاتراتها، ليحدقها بنظرة باردة وهو يقول:
من فضلك، أنا راجع تعبان ومش حمل أي حاجة تضايقنى، لو عندك حاجة عايزة تقوليها ياريت نأجلها لبكرة، مفهوم؟
نفضت شاهيناز عنها الغطاء قائلة:.

بس اللي عايزة أسألك عنه مينفعش يتأجل لبكرة ياخالد.
زفر خالد قائلا في ضجر:
خير ياشاهى، عايزة تسألينى عن إيه؟
تفحصت شاهيناز ملامحه وهي تقول:
مين صاحبة ليلة اللي خرجت انت وهي معاها النهاردة وإتأخرت بسببها لغاية دلوقتى.
حدجها ببرود للحظات قبل أن يقول:.

أولا أنا متأخرتش بسبب حد، أنا سبت ليلة مع صاحبتها من بدرى ومشيت روحت قعدت على النيل شوية، ثانيا، أظن غيرتك علية دى جاية متأخر أوى ياشاهى، يعنى مشفتهاش غير في مكتب دار النشر ودلوقتى، إيه، فجأة لقيتى نفسك بتحبينى وبتغيرى علية؟
إقتربت منه شاهيناز حتى وقفت أمامه تماما لتضع يدها على صدره قائلة في دلال:.

أنا طول عمرى بحبك وبغير عليك ياخالد، ومش معنى إنى مببينش ليك، يبقى مبحبكش، لأ، سميها ثقة في نفسى، لإنى عارفة ومتأكدة إنى متخانش، ده غير إنى عارفة إنك معندكش مشاعر عشان تديها لحد ياحبيبى، طول عمرك وإنت قلبك جامد، رافض تحب وتتحب، وأنا عارفة إنك محبتش في حياتك حد غير إخواتك وريم.
قال خالد ببرود:
ولما انتى عارفة كدة، وغيرتك محتفظة بيها لنفسك، إيه اللي حصل فجأة وفجرها بالشكل ده؟

رفعت يدها تمررها على وجنته بنعومة قائلة:
لإن خالد نصار اللي أعرفه مبقاش خالد نصار من يوم ما رجع من السفر، بقيت بتسرح كتير ووضعك مبقاش مريحنى، بقيت أبرد من الأول معايا، ومعاملتك لية بقت أسوأ، وكأنى مش أم بنتك الوحيدة، تعرف أكتر حاجة صدمانى، هو إن خالد نصار اللي أعرفه، شفته من يومين في عيونه نظرة قلقتنى، نظرة خوف وقلق على واحدة ميعرفهاش، وده جننى، والله جننى.

أمسك خالد يدها التي تمررها على وجنته يوقفها ببرود قائلة:.

على فكرة أنا زي ما أنا متغيرتش، ومش معنى إن الإنسانية جوايا إنتصرت للحظة يبقى إتغيرت، أنا فعلا معنديش مشاعر أديها لحد وقلتلك الكلام ده من زمان، أما بقى سبب معاملتى ليكى إنتى بالذات، فإحمدى ربنا إنى كملت معاكى حياتى أصلا، وده من باب الشهامة مش أكتر، دى بقايا الشفقة اللي جوايا واللي مش عاجباكى دلوقتى، فمن فضلك، ياريت تلمى حواراتك دى، أنا قلتلك إنى تعبان ومش حمل كلام ملوش معنى يضايقنى.

ليتركها واقفة في مكانها ويتجه إلى الحمام، بينما تتابعه عيناها بحنق، تلعن إنكسارها الدائم أمامه، بل تلعن هذا اليوم الذي تركها فيه حبيبها، وتخلى عنها، لتضطر أن تتزوج وتصبح لقمة سائغة في فاه خالد نصار، ذليلة أمامه، تعيش حياة باردة خالية من الحياة، لتقرر وبكل حسم أن تبدل حياتها تلك، وأن تسعى إلى الطلاق ولكن بعد أن تتأكد من أن حبيبها سيتقبلها ولن يرفضها كما رفضها بالسابق، ستعمل على أن تجعله لها وحدها دون غيرها، ستجعله ينسى مجددا حبه القديم ليفتح قلبه لعشقها، وحتى تفعل ذلك ستظل مع الأسف، أسيرة هذا الرجل، زوجها، خالد نصار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة