قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

هل هذا أنت يافهدى؟ يامن لطوفان عشقك إستسلمت، أم أن هذا هو طيفك، خرج من أحلامى متجسدا، أو توهمت؟ أم هو شبيه لا يمت لك بصلة، ومنه حقا قد نفرت؟
من أنت حقا؟فلتخبرنى، قد حيرتنى الظنون وأتعبتنى، وإن لم تشفى غليلى بإجابة، سأدرك حقا أنى قد جننت.

قال فراس بإبتسامة:
قصتك الأخيرة ورغم ان مبقالهاش يومين معروضة إلا إنها محققة أعلى نسبة مبيعات في تاريخ الدار، ألف مبروك ياجوري.
إبتسمت جورية قائلة بهدوء:
الله يبارك فيك، متتصورش فرحتى أد إيه وأنا بسمع منك الكلام الحلو ده.
إتسعت إبتسامته قائلا:
يلا بقى شدى حيلك وألفيلنا حاجة جديدة بسرعة، عشان معرض الكتاب اللي جاي.
قالت جورية:.

والله يافراس أنا بفكر آخد بريك وأتصل بجدى يجيلى، أهو نقضى مع بعض يومين حلوين كدة أرتاح فيهم من ضغط الأعصاب اللي مريت بيه الفترة اللي فاتت عشان أخلص الرواية، ويمكن ساعتها أفكر فعلا في كتابة رواية جديدة، أو أأجل وآخد بريك السنة دى ومش مهم المعرض.
إتسعت عينا فراس بإستنكار قائلا:
مش مهم إيه ياجوري؟ده إنتى كاتبة الدار الأولى ولازم يكون ليكى رواية جديدة في المعرض، ده غير رواياتك القديمة طبعا.

كادت أن تقول شيئا ولكن طرق على الباب قاطعها، لتدخل منار سكرتيرة فراس وعلى وجهها يبدو التوتر وهي تقول:
أنا آسفة لمقاطعتكم ياأستاذ فراس بس فيه ناس طالبين يقابلوا حضرتك والآنسة جوري دلوقتى فورا ومن غير تأجيل.
عقد فراس حاجبيه قائلا:
ناس مين دول؟
ليدلف خالد إلى الحجرة بهيبته تتبعه شاهيناز و ليلة، نظر خالد إليهم بصرامة وهو يتأمل وجهيهما قائلا:
خالد، خالد نصار.

إتسعت عينا فراس في دهشة بينما أصاب الذهول قسمات جورية لتظهر الصدمة جلية على وجهها، وهي تنهض ببطئ، تتأمل ملامح هذا الرجل الماثل أمامها، بضعف، بشوق، بحنين ظهر في ملامحها، توقن أنها تحلم، ولكن تجاهل خالد التام لها و كلماته التالية والموجهة لفراس جعلتها تدرك أنها في كابوس وليس حلم، وهو يقول بغضب مشيرا إلى تلك الرواية بيده:.

ممكن أعرف إزاي تحطوا صورتى على أغلفة الروايات دى، أنا مش بس هقفلكم الدار، لأ، ده أنا كمان هوديكم في ستين داهية.
ليظهر التحدى على وجه فراس على الفور بينما عجزت جورية عن قول أي شئ تماما، بل دارت بها الدنيا وشعرت بسواد يحيط بها، يسحبها إلى أعماقه لتستسلم له وترحب بأن يضمها بداخله، في صمت.

قالت جليلة بجزع وهي ترى عزيز يمسك بقلبه بعد أن سقط من يده فنجال القهوة ليتحطم بقوة إلى شظايا:
عزيز، مالك، إنت بخير؟
جلس عزيز في مقعده وهو يأخذ نفسا عميقا يهدئ به انفاسه المتسارعة وذلك الألم في قلبه ثم يقول بضعف:
أنا بخير ياجليلة، شوية ألم بسيط في قلبى، والحمد لله بقيت كويس.
قالت جليلة في قلق:.

الموضوع ميطمنش، إنت لازم تروح تكشف عند الدكتور وتشوف سبب الألم ده إيه، ده مش أول مرة يجيلك، وأنا قلقانة عليك، قصدى يعنى، جوري لو عرفت...
قاطعها قائلا بسرعة:
اوعى تقوليلها حاجة، مفهوم ياجليلة؟، جوري فيها اللي مكفيها، ومش حمل توتر ولا قلق علية.
أومأت جليلة برأسها متفهمة، لتقول بعد ثوان:
هي متكلمتش النهاردة؟
هز عزيز رأسه نفيا قائلا:.

كلمتنى انبارح وقالتلى مش هتكلمنى غير بالليل، مشغولة أوى بعرض روايتها الجديدة.
قالت جليلة بفخر:
بعتتلى نسخة منها، منمتش غير لما خلصتها، ما شاء الله عليها، عندها موهبة تجنن وقلم حساس أوى.
شرد عزيز قائلا:
طالعة لجدتها بالظبط، في كل حاجة.

نظرت جليلة إلى ملامح عزيز الشاردة والتي تؤكد أنه هائم تماما داخل ذكرى زوجته الراحلة، لتطرق برأسها في حزن، فعزيز لن يراها أبدا وذكرى زوجته مازالت حية بداخله، كم هي بائسة حقا، أحبته لسنوات طويلة بعد وفاة أختها، حبا صامتا مغمورا داخل طيات قلبها، وهاهو يجعلها تدرك مرارا وتكرارا أن حبها سيظل للأبد، بلا أمل.
أفاقت من أفكارها على صوته وهو يقول:
إيه رأيك ياجليلة لو نروح لجوري القاهرة ونعملهالها مفاجأة؟

إبتسمت جليلة إبتسامة باهتة، وهي تقول:
مفاجأة حلوة فعلا، بس إنت نسيت إنك وعدت عابد إنك هتجوز بنته علا، والفرح الشهر الجاي، يعنى ورانا حاجات كتير عشان نجهزها.
أطرق عزيز برأسه بخيبة أمل قائلا:
فعلا نسيت، بس ده معناه إنى هفضل شهر كمان من غير ماأشوفها.
قالت جليلة تواسيه وقد شعرت بالشفقة عليه، لتقول بحنان:
هون عليك ياعزيز، مش يمكن هي اللي تيجى، ونشوفها كلنا.

رفع عزيز عيون متألمة إليها، مزقت قلبها حزنا عليه وهو يقول بمرارة:
إنتى عارفة إنها مستحيل هتيجى هنا تانى.

أومأت برأسها في أسى، تدرك أنه محق، فقد كرهت جوري هذا الوادى والذي يذكرها، بحبيبها الذي عشقته بكل جوارحها ليختفى ذات يوم من حياتها للأبد، تاركا إياها في أسوأ حال، لا هي بالحية ولا هي ميتة لتقرر الرحيل عن هذا المكان الذي تذكرها جنباته بحبيبها الضائع، ليقاطع افكارها دلوف فتحى المسئول عن مزرعة عزيز قائلا بسعادة:
عزيز بيه، عزيز بيه.
نظر إليه عزيز قائلا:
خير يافتحى.
قال فتحى بإبتسامة:
مهرة بتولد ياعزيز بيه.

لمعت عيون عزيز وإنفرجت أساريره وهو ينهض بسرعة متجها إلى الإسطبل يتبعه فتحى، لتتنهد جليلة وهي تتابعهم بعينيها، تدرك مدى عشق عزيز لمهرة، فرسة جورية، تماما كعشقه لزوجته الراحلة وحفيدتهما من بعدها، تتمنى فقط لو عشقها بنصف القوة التي عشق بها كل هؤلاء، ولكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء، يدركه.

أحست جورية بألم شديد في رأسها والضباب حول عقلها ينقشع تدريجيا، تسمع صوت إمرأة تقول بحدة:
على فكرة بقى، دى تمثيلية بايخة أوى منها عشان تتهرب من الوضع اللي هي فيه وصورة جوزى الموجودة على أغلفة رواياتها كلها.
زوجها، هل قالت فعلا أنه زوجها؟هل حقا فهد متزوج من تلك المرأة؟لتستمع إلى صوت فراس وهو يقول بحدة:
من فضلك يامدام، جوري مش بالشكل ده خالص، دى إنسانة محترمة أوى على فكرة ومستحيل تتصرف بالشكل ده.

قالت المرأة بحدة:
طبعا، ما إنت أكيد هتقول كدة، مش انت صاحب دار النشر اللي طابعينلها الرواية وغلافها.
هدر صوته الذي تحفظه عن ظهر قلب، والذي كانت نبراته تشعل دقات قلبها سعادة وعشقا ولكنها الآن نبرات صارمة خالية من الحنان الذي كان يعبق به صوته، صوته القريب منها الآن تلفحها أنفاسه الساخنة وهو يقول:
خلاص ياشاهى، مش وقته خالص الكلام ده، تفوق الآنسة ونبقى ساعتها نتكلم.

فتحت عيونها ببطئ لتطالعها عيناه، واللتان رغم صرامتهما إلا أن هناك قلق دفين رأته في عمق تلك العيون، لترمقه بنظرة طويلة صامتة حيرته، ورغما عنه وجد نفسه ينجذب بقوة لتلك العينين، يغرق فيهما حرفيا، تأسره نظرتهما، يتساءل بحيرة، هل تحمل نظراتها كل تلك المشاعر التي وصلته، هل تحمل حقا شوقا إمتزج بالعتاب؟نفض مشاعره التي تعجب لها وهو يقول ببرود:
حضرتك دلوقتى كويسة؟

ياالله، هل بات يحدثها الآن وكأنها غريبة عنه؟هل يتجاهلها عمدا؟أم هو رجل آخر كلية وليس حبيبها فهد؟ليطول شرودها، ويكرر خالد سؤاله بصوت أكثر حدة قائلا:
حضرتك بقيتى تمام دلوقتى؟
اعتدلت جالسة وهي تومئ برأسها دون كلمة، ليلتفت خالد إلى فراس الواقف بجواره قائلا:
هي خرسا؟
قال فراس بإستنكار:
لأ طبعا.
ليلتفت فراس إلى جورى قائلا بتوتر:
هي يعنى، عشان بس الصدمة...

صمت فراس وهو يراها ترمقه بنظرة محذرة، ليقول مستطردا بعد ان تنحنح:
إحمم، يعنى حضرتك كنت خيال كاتبة وفجأة إتجسدت أدامها طبيعى إنها تتوتر أو يغمى عليها من الصدمة زي ما حصل مع جوري بالظبط.
لينهض خالد قائلا بحدة:
يعنى إنت عايز تفهمنى إن وجود صورى على الغلاف كان خيال من الكاتبة، وحطيته على الغلاف فطلع بقدرة قادر زي صورتى بالظبط.
توتر فراس وكاد أن يتحدث ليقاطعه صوتها الذي وجدته أخيرا وهي تقول بضعف:.

ده اللي حصل فعلا.
لا يدرى خالد لما دق قلبه بتلك السرعة لسماع نبراتها الرقيقة، يشعر بالألفة تجاه هذا الصوت الملائكي ليلتفت تجاهها ببطئ يتأمل ملامحها بوجه خال من التعبير، ليقول بعد ثوان ببرود:
مين اللي رسم الصور دى؟
أجابته بهدوء ظاهري يحمل اضطرابا بين سكناته:
أنا.
ظهرت الدهشة على ملامحه لثوان ولكنها مالبثت ان إختفت فجأة كما ظهرت فجأة، وهو يقول ببرود:
وانتى مشفتيش لية أي صورة أو لقاء على التلفزيون؟

غشيت عيونها الدموع وهي تومئ برأسها في صمت، هي لا تكذب، فهي فعلا لم تفعل ذلك، ولقاءها به كان مختلفا بالمرة، وهذا مادفع الدموع لتسقط على وجنتيها بصمت أيضا، ليشعر خالد بغصة في حلقه لمرأى تلك الدموع، إنتفضت جورية على صوت تلك المرأة التي تدعى أنه زوجها وهي تقول:
إنت بتصدق الكلام الفارغ ده ياخالد، بتصدق دموع التماسيح دى؟
قال فراس بعصبية:
يامدام أنا مسمحلكيش.
قالت شاهيناز بحدة:.

وإنت مين إنت عشان تسمحلى أو متسمحليش؟
هدر خالد بقوة قائلا:
إنزلى إستنينى في العربية ياشاهي.
قالت شاهيناز بحنق:
بس ياخالد...
قاطعها قائلا بصرامة:
قلتلك إنزلى إستنينى تحت.
نظرت إليه بغضب ثم ألقت نظرات حانقة على الجميع قبل ان تتجه إلى الخارج بخطوات غاضبة، ليلتفت خالد لليلة التي وقفت صامتة طوال الوقت تلعن غبائها الذي تسبب في تلك الفوضى، ليقول بنبرة هادئة:
خليكى معاها ياليلة.

فكرت جورية، هل يحبها لتلك الدرجة؟أيخشى عليها؟تبا، كم يؤلمها هذا؟لتستمع إلى صوت تلك الليلة الرقيق كالنسمة وهي تقول:
حاضر ياخالد، عن إذنكم.

لأول مرة يلاحظ فراس وجود تلك الفتاة بينهم، إنها صهباء فاتنة، قشدية البشرة، هو يعلم أن الصهباوات ناريات الطبع ولكن تلك الفتاة تختلف عنهن كلية، فإلى جانب نعومة صوتها ورقة نبراته، فهناك أيضا تلك الرقة والتي تقبع في عيونها بلا حدود، أرسلتها إلى جورية في نظرة إعتذار تقبلتها تلك الأخيرة بهزة رأس صامتة، لتلتفت ليلة مغادرة الحجرة يتابعها فراس بعينيه يتمنى فقط لو تعرف إليها اكثر ولكن يبدو أنه ونظرا للظروف الراهنة لن يسمح له بذلك، أبدا.

إلتفت ينظر إلى خالد الذي قال بهدوء موجها حديثه إلى جورية:
هفترض دلوقتى حسن النية وان وجودى على أغلفتك من وحي خيالك ورسمك، رغم إنه شئ صعب يتصدق، ورغم إنه يرضى غرورى كراجل شفتيه إزاي معرفش صورة واحدة و مناسبة لكل أبطالك، بس للأسف، مش هقدر أسمح بالموضوع ده، حتى لو حسن النية موجودة.
قال فراس وهو يعقد حاجبيه قائلا:
قصدك إيه؟
نظر إليه خالد قائلا في تحدى:.

يعنى الأغلفة دى، هتتشال صورتى من عليها بأي شكل من الأشكال وإلا هرفع قضية على الدار وأكيد هكسبها.
إزداد إنعقاد حاجبي فراس قائلا:
بس اللي بتقوله حضرتك مستحيل.
قال خالد بسخرية:.

مفيش في قاموس خالد نصار كلمة إسمها مستحيل، أنا مش مستعد بنتي أو حد من عيلتى يتصدموا، و بدل مايشوفوا صورى على مجلات المشاهير ورجال الأعمال، يشوفونى مهرج على أغلفة روايات رومانسية سخيفة، ياتشيلوا صورتى من الأغلفة، ياهوديكم في ستين داهية، أدامكم فرصة لآخر الأسبوع، وده آخر كلام عندى.

ليلقى نظرة على جورية التي ظهر على ملامحها أعتى ملامح الألم، كاد أن يتراجع عن كلماته، ولكن شئ ما في أعماقه رفض هذا الضعف الذي شعر به يعتريه تجاه تلك المخلوقة، ليقرر وبكل حزم أن يوأد هذا الشعور في مهده، لذلك وبكل برود خرج من الحجرة تتابعه عيناها الحزينتان، ليقول فراس بعد إنصرافه ورؤيته لجورية تقف بضعف:
رايحة على فين ياجوري، خليكى شوية عشان ترتاحى، إنتى لسة تعبانة.
هزت رأسها نافية وهي تقول بحزن:.

أنا كويسة يافراس، بس محتاجة أكون لوحدى شوية.
قال فراس في شفقة:
بس احنا محتاجين نتكلم في اللي حصل النهاردة.
أغمضت جورية عيناها قبل أن تفتحهما مجددا قائلة:
من فضلك يافراس، خليها وقت تانى، بعد إذنك.
قال فراس بقلق:
طب تحبى أوصلك؟
هزت رأسها نفيا قائلة:
لأ، أنا كويسة متقلقش، سلام.

غادرت الحجرة بخطوات بطيئة تتابعها عينا فراس في شفقة، فهو يدرك كم كانت صدمة اليوم قوية عليها، إنها صدمة لايتحملها أعتى الرجال فما بالك بفتاة رقيقة كجورية، حقا كم يشفق عليها.

كانت لين تهز قدميها تناغما مع تلك الموسيقى التي يصدح صوتها عاليا في ذلك الحفل، لتقول لها سها بملل:
يلا بينا بقى يالين نروح، أنا بجد مليت.
إبتسمت لين قائلة:
نروح فين بس؟دى الحفلة لسة هتبدأ، والسهرة للصبح.
قالت سها بإستنكار:
صبح إيه بس؟لأ طبعا هي نص ساعة كمان ولو مروحتيش معايا، انا هروح لوحدى، دى حفلة مملة أوى، وانا بجد زهقت.
إتسعت إبتسامة لين قائلة:.

مسمعتكيش نور وانتى بتقولى على حفلتها مملة، كانت ندهت للبودى جارد بتوعها وخليتهم يرموكى برة الفيلا.
قالت سها بسخرية:
تحبى أروح أقولها الكلام ده بنفسى، واهو بالمرة أقولها إنك قلتيلى إنها كانت سمينة أوى في ثانوى وكانوا مسميينها البرميل.
إتسعت عينا لين بصدمة وهي تقول:
بس، يخربيتك، هتفضحينا، هو ده جزاء اللي تدى سرها لعيلة زيك.
قالت سها في حنق:
أنا عيلة يالين، ماشي، طيب أنا ماشية، ومش هتشوفى وشى تانى.

لتمشى سها بالفعل فنادتها لين وهي تضحك قائلة:
تعالى بس يامجنونة، رايحة فين؟أنا كنت بهزر.
لم ترد سها عليها وواصلت سيرها، بينما ضربت لين كف على كف وهي تقول بإبتسامة:
مجنونة والله، بس بموت فيها.

إلتفتت تنوى الإستئذان من صاحبة الحفل ثم المغادرة مع سها، ولكنها مالبثت أن إرتطمت بصدر صلب لرجل يرتدى بذلة أنيقة للغاية، أسندها لثانية ثم تركها وكأنها أفعى لدغته، عبقت رائحته المكان برائحة تبدوا مألوفة لديها، تعشقها وتكرهها في آن واحد، رفعت عينيها ببطئ من صدر هذا الرجل حتى عنقه لتبتلع ريقها بصعوبة تشعر أكثر بأنها تعرف هذا الرجل فمن غيره يمتلك هذا التأثير عليها، يشتت كيانها ويزلزله، ينثره إلى ذرات، وصلت عيناها إلى وجهه ليتوقف الزمان والمكان عند تلك اللحظة، لتتجمد كلية وعيناها تواجهان عيناه، تمتلئ عيناها بصدمة رغما عنها كانت واضحة جلية على محياها كله، بينما عيناه باردتان، تحملان بعض السخرية في طياتهما، كما يحملها صوته تماما وهو يقول:.

إزيك يالين؟
إبتلعت ريقها بصعوبة فأمامها تماما وقف من تتمنى أن ترتمى بين ذراعيه الآن ومن تتمنى في نفس الوقت أن تقتله، وقف أمامها من حاولت مرارا وتكرارا أن تنساه، وعندما ظنت أنها نجحت في ذلك، ظهر أمامها من جديد، إنه معشوقها ومعذبها، زوجها السابق، مؤيد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة