قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

كل قسوة منك ستذوب، فأنا أنثى من حرير
في قلبي لمعت نجوم عينيك و حب عتيق
بالله عليك كيف تهنأ و أذبح انا بلوعة حنين
أما لاحت لك شظايا أشواق كمشاعل حريق
تخترق الحواجز و تلهب آهات أيام و سنين
أمسك بقلبي و ذراعي فأنت البعيد قريب
خلت بعدك الأماكن و ما غيرك لقلبي أنيس
بقلم، نور محمد.

وقفت شاهيناز على باب شقة مؤيد، ترن جرس الباب بلهفة، ليفتح لها مؤيد الباب، إبتسمت وعيونها تلمع بإعجاب وهي تراه بلباسه المنزلي المريح، ينظر إليها مبتسما بدوره، مفسحا لها الطريق لتدخل إلى شقته، وما إن أغلق الباب خلفها حتى إندفعت إلى حضنه تضمه بقوة قائلة:
وحشتنى.
تفاجأ مؤيد من فعلتها تلك ولكنه تمالك نفسه بسرعة وهو يدفعها عنه برفق لتنظر إليه بحيرة، قبل أن تعقد حاجبيها قائلة:
هو أنا موحشتكش ولا إيه؟

إبتسم قائلا:
وحشتينى طبعا، بس إنتى أكيد عارفة عنى إنى مبلمسش واحدة متجوزة، ولا شكلك نسيتى ياشاهي؟
قالت في حنق:
لأ منستش، بس إنت عارف إنى هطلب الطلاق من خالد أول ما ييجى من السفر، وساعتها هكون حرة.
أشار لها بالتقدم قائلا:
لغاية ما تكونى حرة ياشاهى، مش هقدر ألمسك لإنى لو لمستك مش هسيبك وإنتى عارفة.
تجاهلت إشارته وهي تتقدم منه قائلة:
ومين قالك بس تسيبنى؟

أوقفها مؤيد بإشارة من يده ونبرة صوت صارمة رغم توتره من جرأتها وهو يقول:
شاهي.
توقفت في مكانها وهي ترفع يديها في الهواء قائلة:
خلاص خلاص، زي ماتحب.
وإلتفتت تتجه إلى الأريكة، تخلع عنها جاكيت فستانها وتلقيه بإهمال عليها قبل أن تجلس بهدوء ليتقدم بدوره ويجلس على مقعد في مواجهتها، ظهر الإحباط على وجهها ولكنها قالت بهدوء:
قريب وقريب أوى هتكون لية يامؤيد، خلاص هانت، مبقاش فاضل كتير.

نظر إليها قائلا بإبتسامة ساخرة:
زي ما قلتى ياشاهي، هانت خلاص ومبقاش فاضل كتير.
عقدت حاجبيها قائلة:
إنت مش على طبيعتك يامؤيد، أوعى تكون عرفت واحدة في إسكندرية وده خلى مشاعرك تتغير؟
تراجع مؤيد يستند إلى ظهر مقعده قائلا بإسترخاء:
ده كان زمان، أنا إتغيرت، ودلوقتى مفيش بنت تقدر تهز شعرة منى.
قالت شاهيناز بحقد:.

إتغيرت فعلا يامؤيد، مش عارفة بنت نصار عملتلك إيه؟، زي ماتكون سحرتلك، غيرتك من مؤيد اللي كان مدوب البنات وراه لمؤيد الاستريت، اللي مش وراه غير بيته وشغله وبس.
تجمد مؤيد عند ذكر لين وإعتدل عاقدا حاجبيه قائلا بحزم:
مبلاش السيرة دى، متقليبيهاش غم ياشاهي.
قالت شاهيناز بإبتسامة:.

معاك حق، أنا مبكرهش في حياتى أدها عشان خدتك منى، بس يمكن الحاجة الوحيدة اللي طلعت كويسة من موضوعها إنى بطلت أفكر في مصايب لصاحباتك اللي تعرفهم، انا كنت مرة هقتل واحدة منهم، بس انت سبتها قبل ما أقربلها، حظها بقى.
قال مؤيد بإبتسامة يوارى بها شعورا مريعا بالإشمئزاز من تلك المرأة المريضة:
أد كدة كنتى بتحبينى ياشاهى، إزاي بس كنت أعمى ومشفتش حبك ده؟

نهضت شاهيناز وجلست على ركبتيها أمامه، تمسك يديه، قائلة بعشق:
أنا مش بس بحبك، أنا بعشقك يامؤيد.
نهض مؤيد وقد شعر بالتوتر من إقترابها منه هكذا، قائلا بسخرية:
بس الظاهر بطلتى تحبينى ياشاهى وإلا كنتى حاولت تدبرلى مصيبة للين، عشان تفرقى بينا زي ماكنتى بتعملى مع صاحباتى زمان.
نهضت بسرعة مقتربة منه، تقف أمامه وهي تنظر إلى عينيه بحب قائلة:.

مين قالك بس إنى محاولتش أفرق بينكم، أنا عمرى ما بطلت أحبك، وفضلت لآخر لحظة أحاول، بس مقدرتش.
نظر إلى عيونها قائلا:
مشفتش منك يعنى اللي يدل على كدة.
قالت بحقد:.

لإنك مكنتش بتشوف غيرها، أنا حاولت كتير أفرق بينكم بس دايما كان حبكم أقوى منى، لغاية مالقيت السلاح اللي ممكن يقضى على أي علاقة حب، الشك والغيرة، بدأت واحدة واحدة أزرعها في قلب لين، لغاية ماجتلى فكرة انك بتخونها مع واحدة تانية وأثبتلها ده بالدليل القاطع واللي مقدرتش تشكك فيه.
عقد حاجبيه قائلا:
دليل إيه ده، أنا عمرى ما خنتها؟
إبتسمت في خبث قائلة:.

انت عمرك فعلا ما خنتها بس الشهادة اللي وريتهالها واللي أثبت فيها إنك ليك بنت من لحمك ودمك ومن غيرها، خلاها تتأكد من خيانتك.
إزداد إنعقاد حاجبيه قائلا:
زورتى الشهادة؟
إتسعت إبتسامتها الخبيثة قائلة:
لأ طبعا، إنت ليك فعلا بنت عايشة من أم غير لين، إنك متعرفش عنها حاجة فدى بقى غلطتك لإنك زمان مكنتش بتدور ورا علاقاتك وإذا كان ليها نتايج أو لأ.
أمسك بذراعها يقول في حدة:
البنت دى فين دلوقتى؟، إنطقى.

نظرت إليه في توتر قائلة:
إهدى بس، وهقولك، البنت دى تبقى، تبقى، ريم.
ترك مؤيد ذراعها وهو يتراجع، بصدمة.

قالت جورية بضعف:
إفهمينى ياليلة، قرارى المرة دى مش ممكن هتراجع عنه، جدى معاه حق، مينفعش أبنى علاقة مع واحد متجوز، لمجرد إنى بحبه و انه مش مرتاح مع مراته الأولانية، قراره بالإنفصال عنها مينفعش يكون متأثر بوجودى في حياته، أنا هفضل بعيدة عنه، يمكن يرجع لمراته ويكمل معاها لما أختفى من حياته، ولو محصلش، لو فعلا طلقها ساعتها ممكن يكون فيه أمل لعلاقتنا، لكن قبل كدة مستحيل.
قالت ليلة بحزن:.

أنا مش معاكى ياجوري في قرارك، علاقة خالد بشاهيناز منتهية من قبل ما يعرفك، والدليل على كدة إصراره على وجودنا لوحدنا في بيت تانى بعيد عنها، ووجودك إنتى في حياته يمكن عوض من ربنا ليه على حاجات كتير إستحملها في حياته وأولهم شاهيناز على فكرة، ورغم إعتراضى بس أنا هسيبك براحتك، لإنى واثقة إنى قريب وقريب أوى هفرح بيكوا انتوا الاتنين.
قالت جورية:
طيب سيبك من موضوعنا دلوقتى وطمنينى هتقدرى تنزلى الكلية امتى؟

قالت ليلة:
مش قبل آخر الشهر، ده لو فراس سمحلى طبعا، عاملين علية هو وخالد كماشة، أوامر اوامر، متقوميش، متنزليش، متعمليش، لسة مبقاليش يوم واحد في مصر وقربت أتجنن.
إبتسمت جورية قائلة:
معلش ياقلبى، كل الأوامر دى عشان خايفين عليكى، وياريت تكونى بنوتة شاطرة وتسمعى الكلام...
إبتسمت ليلة قائلة:.

بسمعه طبعا، مضطرة بقى، واللي مصبرنى رواياتك، بكمل قرايتها، على فكرة، إنتى مبدعة، وتقريبا بقيتى كاتبتى المفضلة، حبيت رواياتك أوى.
قالت جورى بإبتسامة باهتة:
شئ يسعدنى ياليلة، وهتحبيهم أكتر لما تعرفى إن في كل رواية فيه مواقف من الواقع، من قصتى مع فهد.
تنهدت ليلة قائلة:
حسيت بكدة على فكرة.
قالت جوريةبلهجة تحذيرية:
المهم ياليلة، مش عايزة خالد يعرف مكانى ولا يعرف حاجة من اللي قلتهالك دلوقتى، مفهوم؟
قالت ليلة:.

مفهوم.
قالت جورية:
هسيبك دلوقتى ترتاحى وأكلمك بعدين، لا إله إلا الله.
قالت ليلة:
محمد رسول الله.
ثم أغلقت ليلة الهاتف وهي تمنحه لفراس، الذي ولج للتو إلى الحجرة لينظر إليها بإستفهام لتهز رأسها نفيا قائلة بإحباط:
مفيش فايدة.

قال مؤيد بصوت مصدوم كلية:
ريم تبقى بنتي أنا؟
كادت شاهيناز أن تتحدث حين قاطعها صوت يأتى من خلفها قائلا بصرامة:
كنت متأكد على فكرة.
إلتفتت شاهيناز بحدة تنظر إلى صاحب الصوت لتجده خالد يرمقها بوجه جليدي الملامح، تدرك الآن أنه في قمة غضبه، لتقول بصوت مهزوز:
خ، خا، خالد.
إقترب منها خالد قائلا بنبرة حادة كالسيف تقطر غضبا:.

أيوة خالد، خالد اللي إستحمل قرفك، سامحك لما عرف بغلطتك قبل الجواز، كمل معاكى وإداكى أكتر من فرصة عشان تبقى واحدة محترمة ونضيفة، بس مع الأسف، اللي جاي من الوحل بيفضل طول عمره في الوحل.
قالت بإضطراب:
ياخالد أنا...
هدر قائلا بصوت صارم:.

إنتى إيه، ها؟إنتى واحدة حقيرة مكتفتش بإنها قربت من حبيبها بالغش، وحملت منه، لأ، راحت إتجوزت غيره ونسبت بنته ليه، وده طبعا مش كفاية عليها، راحت كمان فرقت بين حبيبها ومراته، عشان يرجع ليها من تانى، تفكير مريض من واحدة مريضة، أنا عايز بس أسألك، ذنب ريم إيه؟، ذنب لين إيه؟، ذنب مؤيد إيه؟وذنبى أنا إيييييه؟
صرخت قائلة:
كلكم مذنبين، كلكم مذنبين.

أشارت إلى مؤيد الذي مازالت علامات الصدمة واضحة جلية على ملامحه، قائلة:
ذنبه إنه محسش بية وبحبى ليه، وسابنى بعد ما غلط معاه، حتى لو كنت أنا السبب، فكان لازم على الأقل يستر علية ويشوف لو الليلة دى كانت نتيجتها طفل، وذنب لين إنها خطفته منى ومبصتش لماضيه قبل ما تتجوزه وذنبك انت عشان حسستتى إنك متجوزنى خلاصة حق، وإنك بتشفق علية مش أكتر، أما ريم.

فذنبها إنى أنا أبقى مامتها ومؤيد يبقى باباها، يبقى باباها ياخالد.
نظر إليها خالد بإحتقار قائلا:.

متجيبيش الذنب علينا، الغلطة غلطتك من البداية، طول عمرى حاسس إن جوازى منك كان أكبر غلطة في حياتى، والحمد لله إنى خلصت من الغلطة دى النهاردة، وعلى فكرة منصدمتش فيكى ولا إنصدمت من موضوع ريم، من أول مامؤيد ولين قالولى وأنا كنت متأكد من إن ريم هي البنت اللي انتى خدتى منها العينة، كل الشواهد كانت بتقول كدة، بس كنت محتاج إعترافك عشان أحرمك منها وأحرمك من كل حاجة حلمتى تاخديها ياشاهيناز.

ليشير إلى الكاميرات قائلا:
والحمد لله إتفقت مع مؤيد ليلة سفرى لباريس مع ليلة، انى أكون موجود وهو بيخليكى تعترفى بجرايمك، و قدرت معاه آخد إعترافك كله وأصوره صوت وصورة.
ليخرج من جيبه ورقة الطلاق الخاصة بها، يلقيها في وجهها المصدوم من كلماته وهو يقول:
دلوقتى أقدر أقول إنى إتحررت منك، وحققت إنتقامى، إنتى طالق ياشاهيناز، طالق، طالق.

نظرت إليه شاهيناز بصدمة ثم نظرت إلى مؤيد الجالس على كرسيه منهك القوى، لتقول له بهذيان:
مؤيد الكلام ده صح؟إنت كنت متفق معاه؟عشان خاطرى قولى إن كل اللي قاله ده غلط، قول إنه مش صح، قول إنك مخونتنيش يامؤيد، قووول.
رفع مؤيد عيونه إليها يظهر الكره في طياتهما وهو يقول بحقد:.

هقول ياشاهيناز، هقول إنك أحقر بنى آدمة شفتها في حياتى، وإنى مبكرهش في حياتى أدك إنتى، ياريتنى ما قابلتك ولا عرفتك، روحى ياشيخة منك لله.

نقلت شاهيناز عيونها بين خالد ومؤيد، لتطرق برأسها في إنكسار تنهمر دموعها على وجهها وهي تبتعد بسرعة خارجة من الشقة تتابعها عيون كل من خالد ومؤيد النافرة الغاضبة المحتقرة، وما إن غادرت حتى إلتفت إلى خالد إلى مؤيد الجالس بإنكسار ليشعر خالد بالشفقة عليه، إقترب منه خالد قائلا:
إنت كويس يامؤيد؟
رفع إليه مؤيد عينان دامعتان وهو يقول:.

وهكون كويس إزاي بعد اللي عرفته ده ياخالد؟بنتي كانت أدامى طول الوقت ده وأنا محروم منها ومحروم من كلمة بابا اللي حلمت بيها عمر بحاله، أنا مش قادر أستوعب المفاجأة.
قال خالد برفق:
أنا كمان كنت زيك، ضربة قوية خدناها بس الضربة اللي مبتموتش بتقوى يامؤيد، وأنا عايزك قوى عشان خاطر ريم.
قال مؤيد:
تفتكر هقدر أواجهها بالحقيقة دى؟
قال خالد بحزم:.

لازم نواجهها مع بعض ونمهدلها الموضوع ولازم كل حاجة غلط تتصلح يامؤيد، ما بني على باطل فهو باطل، ريم هتفضل بنتي طول العمر، الأبوة مش بالدم، بالعشرة والتربية، بس لازم كمان تعرف إنك باباها، صحيح مش هينفع نقولها الحقيقة مرة واحدة، وهنجيبهالها بالتدريج، بس أنا واثق ان ريم هتقدر تستوعبها وتستحملها، ريم بنت ذكية، وميتخافش عليها، صدقنى.

نظر مؤيد إلى عيون خالد الواثقة القوية ليستمد قوته منهما، يومئ برأسه بهدوء، وراحة.

وقفت شاهيناز في هذا الوقت المتأخر تتطلع بصمت إلى صفحة النيل العميقة أمامها، تتطلع إلى مياهه السوداء تماما كقلبها الآن، قد خلقه الله صافيا فلوثه البشر، كذلك كان قلبها في صغرها قبل أن تلوثه أفعال أباها وأمها، فلم تخبر أحدا قط عن نشأتها المتواضعة في منزل بحي فقير من أحياء القاهرة، لاقت من أبيها تعذيبا وقسوة ولاقت من أمها إهمالا ولا مبالاة بما يحدث لها، لتنشأ حاقدة كارهة لهما، تمتلئ نفسها بالحقد أيضا على أقرانها ممن يمتلكون حياة طبيعية تختلف عنها، لتكون الطامة الكبرى حين قتل أباها شريكه في التجارة وسرق المال، هكذا سمعته يخبر أمها في تلك الليلة المشئومة، ليصبح بعدها والدها هو توفيق حسان صاحب الشركة التي حولها بالرشاوى والفساد إلى شركة مشهورة، لتنغمس والدتها في الحفلات تاركة إبنتها تضيع، تشرب المخدرات وتنتقل من أحضان رجل لآخر غير آبهة بأي شئ، ليتوفى والدها وتتزوج والدتها بعده عدة مرات، حتى حينها لم تبالى شاهيناز سوى بنفسها فقط، وليذهب الجميع إلى الجحيم، لتستيقظ يوما في المستشفى يخبرونها أنها كادت أن تموت بجرعة زائدة من الهيروين، وكالعادة وفى أي مصيبة لها وجدت نفسها وحدها تماما، لتقرر الإقلاع عن المخدرات وقد وجدت نفسها فجأة تحب الحياة، وبالفعل أقلعت عن المخدرات بعزيمة وإرادة، وحينها تزوجت والدتها بوالدة مؤيد وأصبح لديها إدمان من نوع آخر، إسمه مؤيد، أحبته كثيرا بكل كينونته، مميزاته وعيوبه، وسامته وإستهتاره، عقله وجنونه، ولكنه لم يراها، ولن يراها قط، لتدرك فجأة أنها لن تشفى تلك المرة من الإدمان ولن تستطع الإقلاع عن حبه أبدا، سوى بالموت، نعم الموت، ربما هو الحل الوحيد لكل عقدها، فربما لو ماتت ما شعرت بهذا الألم الذي يعتصر قلبها الآن بقوة، ولإبتعدت عن حياة طفلتها فلا تنشأ مثلها، رغم أنها تدرك أن خالد ومؤيد سيحرمانها منها بالتأكيد، وحتى إن تركوها تراها فماذا ستقول لها عن سبب إنفصالها عن خالد وماذا ستقول لها عن مؤيد؟لقد خربت حياتها بالكامل وخسرت كل شئ، إذا فلتخسر حياتها بدورها، فلاشئ فيها قد يجعلها تتمسك بتلك الحياة الغريبة البائسة، صعدت على السور بسرعة ونظرت إلى المياه المتلاطمة بخوف ولكنها مالبثت أن أغمضت عينيها وهي تقفز في المياه، أحست بالمياه تغمرها، تخنقها، تسحب أنفاسها وتزهق روحها، حاولت التمسك بحياة تنساب من بين يديها، ومقاومة تيار المياه ولكنها كانت أضعف من أن تقاومها لتضعف مقاومتها رويدا رويدا حتى خفتت تماما وغاصت إلى الأعماق، وإختفت تماما من على سطح الماء، لترحل شاهيناز وقد خسرت دنياها وآخرتها، نسيت في غفلة منها أننا مهما عانينا في تلك الدنيا الفانية فعلينا أن نتمسك بالأمل في الله وأن نرجوا منه فرجا لهمومنا، فالمنتحر قانط من رحمة الله، مثواه جهنم، وبئس المصير.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة