قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الرابع عشر

انقضت ليلتان عليها وهي بالفندق ترتب أوراقها وجدولها الزمني من أجل التعامل مع وفد المراسلين، ورغم تعذر حضور زوجها إليها إلا أنه لم يكف عن الاتصال بها للاطمئنان على أحوالها، كانت تنسى كل شيء مع ما يقدمه لها من مشاعر عميقة تسحبها بعيدًا عن كل ما يؤرق مضجعها، أعطاها يزيد مفهومًا خاصًا للحب يذيب به الحواجز ويبدد الخلافات، استصعبت غيابه عنها لكنها لم تتشاجر معه لكون الأمر متعلقًا بمهامه العسكرية، تواصلت فرح مع رئيس تحرير جريدتها لتطلعه على المستجدات أولاً بأول لكونها تغطي للمرة الثانية الأخبار الخاصة بالقوات البحرية، سَعِد عبد السلام لتجاوزها أزمتها النفسية وعودتها لأجواء العمل من جديد، وبدأ في إعطائها بعض النصائح في كيفية تغطية مثل تلك المناورات بحرفية عالية، شكرته قائلة بامتنان كبير:.

-مش عارفة من غيرك يا مستر عبد السلام كنت هاتعامل ازاي في الموضوع ده
رد بهدوء زرين:
-أنا معاكي يا بنتي، ولو وقف معاكي حاجة كلمني على طول، ووقت ما تخلصي المقالات والتقارير بتاعتك ابعتيها على الايميل، وكمان هاخلي إيلين تتابع معاكي
-تمام
أوصاها مضيفًا بحنو أبوي:
-وخلي بالك من نفسك، المناورات فيها مجهود كبير
ابتسمت قائلة:
-حاضر.

أنهت معه المكالمة لتنتبه إلى تلك الدقات الثابتة على باب غرفتها، اتجهت نحوه لتفتحه، طالعت الواقف قبالتها بنظرات جادة فاستطرد قائلاً بلهجة رسمية:
-مدام فرح
زوت ما بين حاجبيها متسائلة بجدية وهي تنظر له بتمعن:
-ايوه
أشار لها موظف الفندق بكف يده متابعًا بنفس النبرة:
-الوفد الصحفي وصل في الريسبشن تحت، وفي انتظار حضرتك
هزت رأسها بإيماءات متكررة وهي تقول:
-أوكي، أنا جاية على طول.

أوصدت فرح الباب خلفه لتعيد ضبط هيئتها قبل أن تترك الغرفة لمقابلتهم، تنفست بعمق وهي تحدق في انعكاس صورتها بالمرآة، تعمدت أن ترتدي ثيابًا رسمية نوعًا ما لتشير إلى جدية الأمر، ويعد أول لقاء بينهم تعارفًا فأثرت أن ترتدي الكعب العالي ليضفي على مظهرها الأناقة والرقي، بدت حسنة المظهر في حلتها السوداء والتي تكونت من تنورة تصل إلى ما بعد ركبتيها بقليل، وكنزة بيضاء اللون عنقها ينتهي بأنشوطة عريضة، عدلت من ياقة سترتها وهي تبتسم لنفسها بثقة ثم وضعت حول عنقها بطاقة الهوية الخاصة بالتعريف بها، خرجت فرح من الغرفة متجهة للاستقبال وهي تتطلع لرؤية أفراد ذلك الوفد، بالطبع لم يكن من الصعب التعرف عليهم، فقد كانت هيئتهم العامة تشير إلى هويتهم، وقفت قبالتهم تطالعهم بنظرات ودودة، هتفت قائلة بلطف وهي ترسم ابتسامة رقيقة على ثغرها:.

-صباح الخير
ردت عليها إحداهن ممن يرتدين ثيابًا شبه كاشفة لمفاتنها:
-يا هلا، كيفيك؟
مررت فرح أنظارها عليها ترمقها بنظرات شمولية متأملة مظهرها الجريء، لم تكن ترتدي سوى سروالاً قصيرًا أبرز أغلب ساقيها، وكنزة ضيقة جسدت معالم جسدها بإغراء مقلق، تحرجت من هيئتها وتورد وجهها قليلاً من تخيل أعين الشباب عليها، بادلتها ابتسامة رقيقة عندما تابعت متجاهلة إياها:.

-أهلاً وسهلاً بحضراتكم، أنا فرح عبد الحميد، صحفية بجريدة الضحى والمسئولة عن حضراتكم
رد أحدهم بصوته الخشن:
-أهلاً بيكي أستاذة
وأضاف أخر بهدوءٍ:
-اتشرفنا
اقتربت ذات الثياب الكاشفة منها لتحدق فيها بنظرات مستخفة بها، وكأنها تتعمد التقليل من شأنها والتفاخر بمظهرها، استطردت حديثها قائلة بغرورٍ واضح عليها:
-بأعرف مين تكوني، أنا ديما غازي، مراسلة حربية!

ثم مدت يدها لتصافحها فنظرت لها فرح بغموض، لم تشعر بالارتياح نحوها وخاصة بعد ما قالته من عبارة أصابتها بالقلق، لم تتردد أكثر من ذلك في مصافحتها، ضغطت بأناملها على كفها، ثم تحدثت من زاوية فمها متسائلة بجدية:
-غريبة شوية إنك تعرفيني، أنا مش مشهورة أوي للدرجة؟!
ردت عليها ديما بنبرة شبه متعالية متعمدة رفع أنفها في كبرياء:
-هيك بأحب أعرف مع مين عم أتعامل.

ابتسمت بتهكم لتثير حنقها قليلاً، وبالفعل عبست تعبيرات وجه فرح تأثرًا بنظراتها وأسلوبها المزعج، زفرت بهدوء محافظة على جدية نبرتها وهي تقول:
-أها، كويس
نفضت ديما خصلات شعرها المموجة بكثافة – وذات اللون البني – للخلف متسائلة بدلال:
-متى راح نبلش؟
حدجتها فرح بنظرات ممتعضة وهي تجيبها:
-وقت ما تبدأ المناورات أكيد، يعني مش دلوقتي
تغنجت بكتفيها قائلة:
-مليح!

زمت فرح شفتيها مبدية استياءها من أسلوبها المستفز في التدلل واصطناع الرقة، ما أثار ضيقها حقًا حينما قالت:
-على فكرة أنا بأعرف أحكي مصري، بس مو بريفكت (ممتاز)
انتصبت فرح في وقفتها لترد بغطرسة محاولة استفزازها هي الأخرى:
-كل الناس بتحب تكلم بلغتنا، المصري مافيش زيه!
ادعت ديما الابتسام قائلة:
-إيه، كتير مهضوم.

شعرت فرح بالاختناق منها، وحاولت قدر المستطاع تمالك أعصابها كي لا تظهر ذلك أمامها فتستغل الأخيرة هذا وتتمادى أكثر معها، أشارت بكفي يدها متابعة:
-تقدروا ترتاحوا وهنتقابل تاني
رد أحدهم:
-على خير
وأضاف أخر باقتضاب:
-اوكي
تحركت ديما لتقف قبالة فرح، رمقتها بنظرات متحدية وهي تقول بثقة:
-بيصير، راح نتقابل اكتير بيبي.

لم تعلق عليها الأخيرة وظلت محدقة فيها بنظرات مطولة محاولة سبر أغوار عقلها، أنبئها حدسها بكون وجود تلك الشابة بالوحدة لن يمر مرور الكرام أو دون افتعال ما قد يزعجها، همست لنفسها بريبة:
-شكلك مش مريحني.

لفت خصلة شعرها المتدلية على جبينها حول إصبعها لتعبث بها وهي تتقلب على جانب الفراش، عدلت من وضعية الهاتف على أذنها لتكمل حديثها الليلي مع زوجها عبر الهاتف، تنهدت قائلة بامتعاض:
-مش عارفة، بس البت دي شكلها يقلق
رد يزيد بجدية:
-حطيها تحت عينيكي، بس عاوزك تبقي فاهمة كويس إنه مش أي حد سهل يجي يغطي أخبار حريبة ومايكونش معمول عنه تحريات دقيقة
اعتدلت في نومتها لتحدق في السقفية وهي تقول:.

-أنا فاهمة ده كويس، بس إحساسي...
قاطعها متسائلاً بفضول:
-شكلها عامل إيه؟
أزعجها سؤاله الأخير عنها، فردت متسائلة بعبوس طغى على نبرتها:
-قصدك إيه بالظبط؟
أجابها مازحًا:
-يعني حلوة؟
رفعت جسدها المسجى على الفراش لتغدو جالسة وهي ترد بانفعال واضح:
-والله، ده اللي همك
استشعر من نبرتها العصبية فهمس لها:
-يا فراشتي أنا عيني مابتشوفش غيرك إلا إذا...

صمت عمدًا ليستمتع أكثر بإيقاعها في فخ الغيرة الذي يظهر حبها أكثر له، نجح ببساطة في ذلك فهتفت هي بعصبية أشد:
-كمان إلا إذا؟ ماشي يا يزيد!
تحولت نبرتها للشراسة وهي تحذره بتهديد شديد اللهجة:
-إياك ألمحك بتبصلها كده ولا كده، ساعتها هاتشوف الزوجة المصرية على حق
كركر ضاحكًا من طريقتها، ووجد صعوبة في السيطرة على صوته حتى وهو يقول مازحًا:
-استر يا رب
استشاطت غضبًا منه، وما ضاعف من غيظها سؤاله القائل:.

-هي جنسيتها إيه؟
صاحت فيه بحدة:
-معرفش، تكونش ناوي تخطبها وأنا مش عارفة؟!
رد بهدوء:
-دي معلومات عامة يا بيبي
صرخت فيه بتشنج متذكرة نفس المصطلح الذي استخدمته تلك الجريئة معها من قبل:
-ماتقوليش يا بيبي!
كتم ضحكته بصعوبة وهو يقول:
-اهدي يا حبيبتي، أنا بأهزر معاكي
-إلا في ده!
-حاضر، هاشوفك من بكرة
-إن شاء الله
تابع مضيفًا بجدية:
-مش هاوصيكي، احنا أه متجوزين، بس الشغل مافهوش كده
لوت ثغرها قائلة بضيق:.

-الدور والباقي عليك
تنحنح مرددًا بخشونة جادة:
-إنتي عرفاني، في الشغل معرفش أبويا حتى
همست لنفسها بتوتر ملحوظ وهي تعبث بخصلات شعرها:
-ما هو ده اللي قلقني بزيادة.

توقعت أن تبدو غريمتها الجديدة متأنقة في ثياب رسمية بل ومتباهية بنفسها وبجمالها الصارخ، لكنها خيبت توقعاتها وارتدت ما يقارب الملابس الرياضية –تجمع بين اللونين الرمادي والوردي- مع حفاظها على مظهرها الجمالي، للحظة اهتزت ثقة فرح في نفسها وبدت متوترة من التعامل معها، وكأن الأخيرة قد قرأت ذلك بوضوح فيها فتعمدت اللعب على أوتار تلك المسألة، اقتربت ديما منها بخطوات متدنية متغنجة بجسدها الرشيق أمامها، رمقتها فرح بنظرة قوية تتفحصها عن كثب، كان الهواء يداعب خصلات شعرها المموجة فزاد ذلك من دلالها المستفز، التوى ثغرها قائلة بابتسامة مغترة:.

-كيفيك؟
أجابتها فرح بامتعاض وهي تنظر لها شزرًا:
-تمام
مالت عليها لتقول بنبرة غير مريحة متعمدة إثارة ريبتها أكثر:
-أنا مستعدة لليوم، كتير حاسة بالحيوية
ردت عليها فرح بعبوس لم تخفيه:
-الموضوع مش سهل على فكرة، احنا بنتعامل مع حاجة زي القتال الحي و...
قاطعتها بغطرسة وهي تشير بكف يدها:
-بأعرف كل شي، قولتلك من قبل إني مراسلة حربية، يعني بلشت بأكتر من هيك!

كتفت فرح ساعديها أمام صدرها لتنظر لها بحدة وهي ترد على مضض:
-بجد، طب كويس
ظلت كلتاهما تتبادلان نظرات متحدية رغم اختلاف طبيعة كلاً منهما، لكن الحدس الأنثوي لفرح لعب دورًا كبيرًا في تحذيرها من تلك الشخصية الغامضة، قطع تحديقهما المطول صوت أحدهم قائلاً:
-احنا جاهزين أستاذة
التفتت فرح نحوه وهي ترخي ساعديها قائلة بابتسامة مصطنعة:
-تمام، 5 دقايق وهاتكون معانا عريبة تنقلنا القاعدة البحرية.

هز الصحفي رأسه بتفهم وهو يقول:
-أوكي
استدارت برأسها من جديد لترمق ديما باندهاش والتي بدأت في التقاط صور سيلفي لها بأوضاع حرفية لتقلقها أكثر، انتهت الأخيرة مما تفعله لتتابع بحماسٍ:
-تعرفي، كتير برمت بالعالم، بس ها دي أول مرة بأشوف ضباط مصريين
لوت فرح ثغرها قائلة بتهكم وقد اشتدت قسماتها نوعًا ما:
-ماتشوفيش وحش، رجالتنا معندهومش ذوق، ناشفين وخشنين، وأسلوبهم جامد وخصوصًا مع الستات.

احتدت أعين ديما نحوها، بدت غير مقتنعة بما تقوله، ففغرت شفتيها قائلة:
-بالله!
-أه وأكتر من كده بكتير، لسانهم طويل، وإيدهم طرشة، ومش بيتفاهموا أبدًا
أطلقت ضحكة رقيقة وهي تهتف مادحة:
-يؤبرني ها القبضاي
لم تستطع تفسير ما قالته فزوت فرح ما بين حاجبيها متسائلة:
-مش فهماكي، قصدك إيه
غمزت لها ديما بطرف عينها قائلة بعبثٍ:
-يعني بأحب هيك نوعية من الرِجال، كتير بأتعلق فيهم، بيطيروا العقل!

انقبض قلبها بعد تصريحها الملبك للأبدان، فإن كانت حقًا من عاشقي الرجال الأشداء فحتمًا لن يفلت من قبضتها زوجها، خاصة أنه معروف لدى أقرانه بمدى صلابته وخشونة القوية، ابتلعت ريقها هامسة بقلقٍ انعكس على نظراتها:
-ربنا يستر، قلبي مش مرتاح
لحظات وأتى إليها أحد العاملين بالفندق ليقول بنبرة رسمية:
-العربية جاهزة يا أستاذة فرح
أومأت برأسها مضيفة بنبرة عالية:
-اوكي، يالا يا جماعة، هنتحرك دلوقتي.

صفقت ديما بيديها بحماس أشد وهي تثب في مكانها كالصغار:
-وأخيرًا هانبلش المغامرات
تجمدت أعين فرح عليها كاظمة ضيقها في نفسها، بدت مفاتنها تتحرك في انسايبة مثيرة مع ما تقول به من اهتزازات متحمسة، بالطبع تصرفات طفولية كتلك ستسلط الأنظار عليها بالتأكيد وستجعل الجميع يتحدث عنها، ستغدو بين ليلة وضحاها حديث من بالوحدة، تنفست بعمق لتضبط انفعالاتها قبل أن تتهور عليها، ضغطت على أسنانها هامسة لنفسها:.

-امسكي أعصابك يا فرح، ماتخليش واحدة سيلكون زي دي تستفزك!

استقل الجميع الحافلة التي تم إرسالها إلى الفندق لتنقل طاقم المراسلين إلى القاعدة البحرية حيث المناورة البحرية التي سيتم الشروع بها هناك، سُمح لهم بالدخول بعد التأكد من جميع الهويات ليبدأوا جولتهم السريعة والتفقدية به، نظرت ديما بانبهار لما حولها قائلة:
-ها المكان شو عظيم وكبير!
ردت عليها فرح مؤكدة:.

-إنتي لسه شوفتي حاجة، لما تلفي أكتر فيها هاتعرفي إنها من أكبر القواعد البحرية في الشرق الأوسط وعلى البحر المتوسط
هزت رأسها بتفهم وهي تسير بدلال نحو الأمام، وقعت أنظارها على بعض ضباط الصف بزيهم العسكري وشموخهم المهيب، هتفت بنزق وهي محدقة فيهم بنظرات إعجاب:
-لاك شوفي ها الحلوين!
لم تعلق عليها فرح واكتفت بالنظر لها بازدراء فأكملت بنبرة مليئة بالحيوية:
-كتير بيعقدوا بلبسهم!

لم تصمت تلك المرة عن مدحها الزائد في الضباط، قبضت على ذراعها مرددة بجدية:
-عادي يعني، هي أول مرة، احنا رجالتنا حمشين، مش بيعجبهم الحال المايل
عبست ديما بتعبيراتها قائلة بدلال:
-ما بأفهم عليكي، بس كتير حبيت هالأجواء!
سحبت فرح أنفاسًا مطولة لتجبر نفسها على الحفاظ على ثباتها أمامها، فالشكوك تساورها حول لجوء تلك السمجة لأساليب الاستفزاز لتجعلها تخرج عن شعورها، هتفت مرددة لنفسها بتحفيز:.

-اهدي، مافيش حاجة خالص، إنتي أقوى من الحركات المفقوسة دي!

تجاهلت ما تقوم به عن عمد لتركز في عملها مع باقي أفراد طاقم المراسلين، والذين كانوا أكثر جدية واهتمامًا بكل تفصيلة تدور في المكان، بعد برهة تجمعوا في الردهة الواسعة بالمبني الرئيسي بالقاعدة البحرية حيث كان في استقبالهم أحد القادة، لمحت فرح بطرف عينها يزيد وهو يقف في المقدمة مع الضباط المكلفين بتلك المناورة، شعرت بالفخر لكونه زوجها المشهود عنه بالكفاءة والتميز، تحاشى الأخير النظر إليها كي لا يتسبب ذلك في إحراجهما، حافظ على الرسمية بينهما وتفهمت هي ذلك، انتبهت لصوت القائد حينما استطرد حديثه قائلاً بجدية:.

-أهلاً وسهلاً بيكم في القاعدة البحرية، معقل أحد أهم فروع القوات المسلحة، واللي دوره مايقلش أبدًا عن الفروع التانية، طبعًا مش محتاج أتكلم وأضيع وقت عن تاريخ البحرية المصرية ولا الأسطول بتاعنا، بأفضل إننا نشوف ده على أرض الواقع، احنا واثقين في كفاءة ومهارة رجالتنا!
استدار برأسه ليشير إلى الواقف إلى جواره متابعًا:
-دلوقتي المقدم يزيد هايشرح لحضراتكم بإيجاز الخطوط العريضة لطبيعة شغلكم هنا.

تقدم خطوة للأمام منتصبًا في وقفته أكثر ليقول بنبرة رسمية للغاية:.

-شكرًا يا فندم، أكيد عند حضراتكم خلفية مبدئية عن طبيعة النوعية دي من المناورات المشتركة، هنبدأ فيها ببيان عملي عن إجراءات الدفاع والحراسة للمسطح المائي لميناء الإسكندرية، هيتم تقسيمكم مع المساعدين بتوعكم على حاملة الطائرات، والفرقاطة، واللانشات، والفريم، وهيتوزع عليكم جدول زمني خاص بأعمال المناورة بالترتيب، كذلك في كتيب مرفق عن السلامة والأمان أتمنى تقروه كويس وتلتزموا بيه، لو في أي استفسار المقدم آدم الجزار هيفيدكم.

همهمات خافتة سادت بين طاقم المراسلين لكنها منحت الفرصة لنظرات اثنين من العاشقين للتعبير عن حبهما الشغوف، ورغم تلك الابتسامة الصغيرة على ثغرها إلا أن أثرها ألهب مشاعره، أبعد عن تفكيره مؤقتًا الشرود في عشقه لها متابعًا بنفس اللهجة الجادة:
-قدام حضراتكم ساعتين قبل ما نتجمع عند نقطة التحرك، تقدروا تتفضلوا.

تراجع للخلف رامقًا زوجته بنظرة خاطفة قبل أن يوليها ظهره وينضم لزملائه، كانت في قمة سعادتها لكنها للأسف تلاشت في لحظة ليحل محلها القلق والتوتر حينما همست لها ديما بإعجاب:
-والله بيطير العقل
قست نظراتها نحوها لتقول بنبرة أنثوية تعني الفتك بمن يتجرأ على التطلع إلى من يخصها:
-على فكرة المقدم يزيد يبقى جوزي!
رفعت ديما حاجبها للأعلى مرددة بإحباط:
-عنجد؟ والله ما بأعرف!

حاولت أن ترسم ابتسامة مشرقة على ثغرها وهي تضيف:
-نيالك بيه
ردت عليها فرح بتجهم وهي ترمقها بنظرات محذرة:
-أديكي عرفتي، فيا ريت تاخدي بالك
فهمت على الفور نظراتها نحوها، أدركت أن نيران الغيرة ستأكلها حتمًا إن توددت إليه، التوت شفتاها بابتسامة أكثر لؤمًا مرددة بتسلية:
-شور بيبي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة