قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

طالعتها بنظراتٍ طويلة وهي تفكر مليًا في اقتراحها، فما قالته ليس بالعرض السخي لتقبله دون نقاش، وحتمًا ليس بالخيار الأخير لترتضي به، تعقدت ملامح فرح وهي ترمق سوسن بنظراتها الحائرة الممزوجة بالغموض، وقبل أن تحرك شفتيها لتبوح بما قررت فعله، ولجت مفيدة إلى داخل الغرفة، تجمدت أعينها المزعوجة على وجهها الصارم، ارتعشت من حضورها الذي كان مصحوبًا بالإهانة، زادت ملامحها تعقيدًا وبدت متحفزة للغاية، بادرت مفيدة متسائلة بهدوء مريب لا يتفق مع تعبيراتها الجادة:.

-اسمحيلي يا بتي بكلمتين؟
ما طمأن فرح قليلاً وأشعرها لحظيًا بالأمان هو رؤيتها ل يزيد يقف بالخلفية، أشعرتها نظراته نحوها معها، خرجت من تحديقها به على صوت زوجة عمه القائل بحرجٍ:
-اعتبريني زي أمك يا بتي، أنا مجوجالك (محقوقالك)
فغرت فرح شفتيها مصدومة بدرجة كبيرة من اعتذارها الغريب لها، سلطت عينيها عليها متفرسة نظراتها لها، رسمت الأخيرة بسمة صغيرة على ثغرها وهي تكمل:.

-أني معرفكيش، وخدتك بذنب واحدة تانية، حجك (حقك) عليا
ثم اقتربت منها وهي تفتح ذراعيها قاصدة احتضانها لكن تراجعت فرح بعيدًا عنها كردة فعل طبيعية متوهمة أنها تريد إيذائها، التفتت سريعًا بنظراتها القلقة نحو زوجها الذي هتف مطمئنًا إياها:
-متخافيش يا فرح، محدش هايعملك حاجة، مرات عمي جاية تتأسفلك على اللي حصل
تحركت رأسها عفويًا نحو مفيدة التي واصلت تبرير موقفها قائلة:.

-يا بتي أنا ست كبيرة، وياما دجت (دقت) على الراس طبول، معلش امسحيها فيا، أنا مقصودش
رأتها فرح وهي خفض أنظارها نحو عنقها محملقة في ندوبها، وضعت يدها لا إراديًا عليها لتخفيه عن أعينها متذكرة كلمتها المسيئة عن إصابتها تلك والتي طعنتها في مقتل، تابعت مفيدة مضيفة بأسفٍ أكبر:
-إنتي أحسن مننا كلنا، يزيد ولدي حكالي على اللي عملتيه.

مدت يدها نحو فرح لتمسك بكفها الذي يحجب الندوب، أزاحته برفق متابعة بصوتٍ شبه مختنق:
-ده فخر لينا يا بتي
نكست رأسها خزيًا وهي تكمل بندمٍ جلي:
-احنا اللي مسوخ مش إنتي
لم تصدق أذنيها وهي تستمع إلى اعترافها بخطئها في حقها، بل وإلى اعتذارتها المتواصلة علَّها بذلك تصفح عنها وتسامحها، اقتربت منها مفيدة لتقبلها أعلى رأسها وهي تطوق كتفيها بذراعها:
-إنتي معزتك هاتكون زي ولدي يزيد بالظبط، وبأقولك تاني حجك عليا!

تجمدت أعين فرح المصدومة على وجه زوجها الذي كان يرسل لها إشارات ضمنية من عينيه آملاً أن تقبل بالعفو عن زلاتها، جلست سوسن على طرف الفراش إلى جوارها، ثم وضعت يدها على ذراع فرح تستعطفها:
-علشان خاطري، ده إنتي هاتتبسطي معانا، بكرة حنيتي، وأهل البلد جايين وهاتبقى ليلة كبيرة، وعفا الله عما سلف
أضافت مفيدة هي الأخرى بود رغم جدية نبرتها:
-ربك بيغفر، احنا يا عباده مش هنسامح.

وكأنها بجملتها تلك تصعب عليها الاختيار أكثر، لم تستطع النظر إليها، بل استمرت في تحديقها ب يزيد الذي أشار بيده قائلاً:
-براحتك يا فرح، اختاري اللي إنتي عاوزاه، محدش هايجبرك على حاجة!
ترقب الجميع ردها وهي تجول بنظراتها أوجههم الحائرة، تساءلت بصوت شبه متحشرج وهي توجه حديثها لزوجها فقط:
-إنت عاوز ايه؟

دنا من فراشها فأفسحت له مفيدة المجال ليقف بجوار زوجته، جثا على ركبته أمامها ثم احتضن كف يدها بين راحتيه، ضغط عليه برفق قائلاً بابتسامة صغيرة:
-زي ما تحبي، ده قرارك لوحدك يا فراشتي، وأنا موافقك عليه مهما كان
ترك لها حرية الاختيار، فلم تشعر مثل كل مرة بضغطه عليها، بإجبارها على اتباع ما يريد هو، أغمضت عينيها متجنبة التحديق فيهم، ثم سحبت نفسًا عميقًا لفظته ببطء وهي تقول بصوت خفيض:
-خلاص!

سألها بقلب شبه منقبض من شدة التوتر:
-خلاص إيه؟
أدارت رأسها ناحيته لتطالعه بأعينها المتلألئة، أجابته دون أن تبتسم:
-هافضل
تهللت أساريره واتسعت ابتسامته على الأخير، نهض من جلسته يضمها إلى صدره بذراعيه، طبع قبلة صغيرة على وجنتها، ثم مال على أذنها هامسًا لها بنبرة العاشقين:
-ماحبتش في حياتي إلا إنتي!
أطلقت مفيدة زغرودة قوية أدهشت الجميع لتصيح بعدها بفرحة عامرة:
-ربنا يكرمك يا بتي.

بدا الحماس واضحًا على تعابير سوسن التي تحركت في اتجاه والدتها لتحتضنها هي الأخرى بسعادة وهي تقول بمرحٍ:
-أخيرًا يامه، كمان زغروطة علشاني بقى
طوت فرح تلك الصفحة الحزينة مكتفية بما نالته من اعتذارات شديدة وتوسلات بالبقاء، ربما لو كانت تشبه هايدي قليلاً في صفاتها الغليظة لأقامت الدنيا ولم تقعدها وأشعلت حروبًا ضروسًا من أجل رد اعتبارها.

-بطلي كسل ويالا بينا.

قالها يزيد وهو يزيح الغطاء عن جسد فرح التي كانت تغط في سبات عميق، أفاقت بصعوبة بعد أن تخدرت خلايا عقلها وتيبست أغلب عضلاتها بفعل إرهاق السفر المضاعف، ناهيك عن المجهود الذهني والضغط النفسي الذي تعرضت له في الساعات الأخيرة، كانت بحاجة إلى قسط وافر من الراحة، لكن قطع يزيد عليها تلك المتعة الخاصة، مدت يدها لتسحب الغطاء نحوها رافضة فتح جفنيها، صاح بها مستنكرًا حالة الخمول المتمسكة بها:
-يا فراشتي اصحي!

زمت شفتيها قائلة بتذمر وهي تمد يدها لتنظر إلى التوقيت في شاشة هاتفها المحمول:
-هانروح فين بدري كده؟
أجابها بحماسٍ ظاهر عليه وهو يمط ذراعيه في الهواء بحركات رياضية:
-هافرجك على البلد
تثاءبت بصوتٍ مسموع ثم وضعت الوسادة على رأسها لتقول بصوتٍ شبه ناعس:
-بس أنا تعبانة وعاوزة أنام، خليها وقت تاني
ألقى بثقل جسده على الفراش نازعًا الوسادة من عليها، مسد على خصلات شعرها المبعثرة ليزعجها أكثر، ثم تابع قائلاً:.

-يا حبيبتي ده أحسن وقت للخروج، الجو رايق وقبل ما الشمس تحمى، الجو هنا نار!
أومأت برأسها وهي تنظر له بنصف عين:
-طيب
داعب وجنتها بإصبعيه مكملاً بابتسامته المتحمسة:
-هستناكي تحت
-وقرايبك؟
-ملناش دعوة بيهم، خلينا في نفسنا يا حبيبتي
-ماشي
وقف يزيد أمام المرآة ليتأكد من هيئته، التفت بنظره نحو فرح الناعسة التي سألته وهي تحرك عنقها:
-مش هانفطر قبل ما نخرج؟
رد باقتضاب وهو يغمز لها بطرف عينه:
-لما نرجع إن شاء الله.

نهضت بثقلٍ عن الفراش وهي تقول بتعبٍ:
-أحسن برضوه، أنا ماليش نفس أكل
-طب يالا هستناكي، متتأخريش عليا
هزت رأسها قائلة بخفوت:
-حاضر
لوح لها بيده مودعًا إياها وهو يطالعها بنظراته التي تتفرس كل تفصيلة فيها، ابتسمت له برقة وأرسلت له قبلة صغيرة في الهواء، أغلق يزيد الباب خلفه لتتجه فرح بعدها إلى المرحاض وهي تقاوم بشدة ذلك النعاس المتملك منها على غير العادة.

لم تعرف ما الذي عليها ارتدائه تحديدًا في تلك الجولة الغامضة، لذا اختارت بنطالها الجينز وإحدى الكنزات البيضاء الطويلة، وانتقت لقدميها حذائًا رياضيًا، مشطت خصلات شعرها معًا، وعقدتها كذيل حصان كي لا يزعجها، ثم وضعت قبعة رياضية أعلى رأسها لتقيها حرارة الشمس، فالأجواء حارة في تلك المنطقة من صعيد مصر، كان الوقت مبكرًا إلى حد ما وهي تسير بصحبة يزيد خارج المنزل، التف بها نحو منطقة جانبية لم تكن قد رأتها بعد، سألته بفضولٍ:.

-إنت موديني فين؟
التقط كفها بيده قائلاً:
-هتعرفي دلوقت
أكملت سيرها نحو تلك المنطقة التي زكمت رائحتها الغريبة أنفها، بالطبع لم تكن بحاجة لتخمين ماهيتها، إنها بالإسطبل الخاص بالخيول، انفرجت شفتاها لتعبر عن اندهاشها وهي تسأله:
-إيه ده؟
سحبها إلى داخله وهو يرد على سؤالها بتساؤل متحمسٍ:
-ها إيه رأيك؟
ارتسمت على تعبيراتها علامات الإعجاب لوجود مثل ذلك المكان، رددت بانبهار:
-ماشاء الله، إنتو عندكم إسطبل؟

أجابها بتفاخرٍ:
-أيوه، ده بتاع عمي، تعرفي زمان أنا كنت بأركب خيل، بس بطلت عشان الدراسة والسفر وشغلي بعد كده
تأملت فرح الخيول الموجودة بالداخل بنظرات تحمل الإعجاب، فهي لم ترَ عن قرب ما يضاهيهم قوة ورشاقة إلا في سباقات الخيل الدولية، أخرجها من تحديقها بهم جملته القائلة:
-يالا تعالي جربي.

توترت وهي تنظر إليه متعجبة من دعوته لها لامتطاء أحدهم، تراجعت خطوتين للخلف مستخدمة يديها في الإشارة وهي تعترض بارتباكٍ:
-لأ، أنا ماليش في جو الأحصنة ده
أمسك يزيد بلجام أحد الخيول يسحبه إليه بعد أن شكر السائس القائم على رعايته، اقترب منها فتراجعت عفويًا للخلف، استغرب من ردة فعلها فسألها:
-إنتي خايفة ولا إيه؟
هزت رأسها نافية ومدعية الشجاعة:
-لأ.

أكدت لها تصرفاتها المتوترة أنها خائفة منه، جمد أنظاره عليها متابعًا بجدية:
- فرح إنتي ركبتي حصان قبل كده؟
عضت على شفتها السفلى وهي ترد بحرجٍ:
-بصراحة لأ
سألها مداعبًا دون أن يخفي بسمته المرحة:
-ولا حمار؟
زوت ما بين حاجبيها مستنكرة مزاحه السخيف وهي ترد بضيق:
-لأ
أشار لها بيده مشجعًا إياها على المحاولة:
-طيب تعالي، ده ركوبه تحفة، هاتحبيه صدقيني
احتجت بإصرار:
-أنا مش عاوزة.

مد يده ليمسك بها من رسغها ففزعت من إجبارها على الاقتراب من الجواد، صاحت بخوفٍ بائنٍ في نبرتها وهي تقاومه:
-يا يزيد بلاش
أصر على عدم تركها قائلاً بعنادٍ:
-مش هتخسري حاجة، جربي بس
ارتعدت من صهيل الخيول، وصاحت متوسلة:
-بلاش عشان خاطري، أنا مش عاوزة أجرب حاجة، أنا كده كويسة
ترك يزيد اللجام ليتمكن من الإمساك ب فرح التي نجحت في الإفلات من قبضته، حاصرها من خصرها قائلاً:
-تعالي بس
-لأ.

جذبها نحو الحصان هاتفًا بهدوءٍ محاولاً إقناعها بامتطائه:
-متخافيش أنا هساعدك
شعر بتلك الرجفة التي تعتري جسدها وهي تجاهد للابتعاد عنه:
-مش هاعرف أطلع
أشار بعينيه نحو السرج الخاص به ليريها موضع قدميها وهو يوضح لها:
-حطي رجلك هنا الأول، إيه الصعب في كده
ردت معترضة وهي تنظر له بقلقٍ:
-هاقع والله
-مش هايحصل، ارفعي جسمك لفوق
كزت على أسنانها متمتمة بتوتر مذعور وهو يضع يديه على خاصرتها ليتمكن من رفعها للأعلى:.

-يا لهوي
نهرها برقة متعمدًا استفزازها:
-إيه الجبن ده؟
ردت بغيظٍ:
-هو إنت هتركب ولا أنا؟
اتسعت ابتسامته المراوغة مرددًا بتسلية:
-إنتي يا فراشتي
حبست أنفاسها وهي تشحذ قواها وتنسقها معًا لتتمكن من الصعود على ظهره، صفق لها يزيد محفزًا إياها وهو يقول بإعجاب:
-برافو، اجمدي يا فرووح، عاوزك أسد في نفسك!
ردت ساخرة من أسلوبه العجيب في تحميسها:
-حد قالك إني قطز ولا هاروح أحارب مثلاً؟

كان الجواد ملاصقًا للقضبان الحديدية الخاصة بجوادٍ أخر، فرفضت الإمساك باللجام وتشبثت بتلك القضبان معتقدة أن ذلك سيحول دون سقوطها، بدت في مأزق وهي تحاول السيطرة على الجواد والحفاظ في نفس الوقت على اتزانها، نظر لها يزيد متعجبًا مما تفعله، حاول كتم ضحكاته الساخرة منها قدر المستطاع كي لا يستفزها وتثور عليه، تنحنح بصوت مرتفع وهو يقول:
-مكونش متوقعك كده بتخافي
ردت عليه بنبرة مهزوزة:
-العمر مش بعزءة.

أمسك يزيد باللجام الخاص بجوادها ليهدأ من حركته الزائدة، ثم أمرها قائلاً:
-سيبي يا بنتي الحديد، وامسكي اللجام ده
حركت رأسها برفض وهي ترد:
-هاقع
كتم بصعوبة بالغة تلك الضحكة التي تداعب ثغره متابعًا تبرير تبعات عنادها الخاطئ:
-أكيد، ماهو لو الحصان مشى وإنتي قافشة في الحديد هتقعي، فكري بعقلك كده
صرخت فجأة مذعورة حينما بدأ الجواد بالتحرك:
-عاا، ده بيمشي.

أبعد يديها عن القضبان ليجبرها على الإمساك بطرفي اللجام، ثم ربت على ظهر الجواد برفق لعدة مرات وهو يقول لها بمزاحٍ ساخرٍ:
-اطمني مش هايطير
تلون وردها بدموية متوترة مرددة بتبرمٍ:
-ما إنت علشانك عارف تتعامل معاه فمش خايف زيي
-واحدة واحدة وهتتعلمي
-ربنا يستر
سألها بعد أن امتطى هو الأخر الجواد الثاني:
-جاهزة؟
ابتلعت ريقها الذي جف في حلقها قائلة بارتباك:
-يعني.

تابع آمرًا بجدية آملاً في نفسه أن تلتزم بما أملاه عليها من تعليمات بسيطة تخص التعامل معه:
-افردي ضهرك
حاولت تنفيذ أمره بالانتصاب في جلستها على ظهر الجواد وهي ترد بنبرتها المرتجفة:
-ماشي.

شهقت لأكثر من مرة وهي تحاول الاعتياد على امتطائه، ولم يكف يزيد عن إلقاء النصائح عليها، فهو يرى أن خوفها المضاعف منه مبالغ بدرجة ملحوظة، فالمسألة بالنسبة له أبسط بكثير، وتشبه إلى حد كبير ركوب الدراجات العادية وكذلك البخارية.

دقائق وكان كلاهما يتجولان به بالقرب من الحقول الزراعية، بدت فرح أكثر تشنجًا وهي قابضة بأصابعها على طرفي اللجام رغم حركة الخيول البطيئة، راقب يزيد طريقة تعاملها المبالغ فيها معه باستمتاع مرح، سألها متعمدًا إخراجها من حالة التركيز الشديدة المسيطرة عليها:
-ها إيه رأيك فيه؟
ردت بنبرة مشدودة وهي تضغط على شفتيها:
-مش بطال
ثم سألته بجدية وهي تدقق النظر في خطوات جوادها:
-وده لو أنا حبيت أوقفه أعمل إيه؟

أجابها ساخرًا:
-تدوسي فرامل طبعًا، ودي عاوزة سؤال
التفتت برأسها نحوه نصف التفاتة لتحذره بلهجة شديدة:
- يزيد
رد بابتسامته العابثة:
-هتشدي اللجام كده وهو هايقف
-ماشي
سألها من جديد وهو يجوب بأنظاره أنحاء قريته:
-شوفتي بلدنا حلوة ازاي؟
ردت بعبوسٍ:
-أنا مش شايفة حاجة، خليني أركز بقى
رد مازحًا:
-هو امتحان ثانوية عامة، ده حصان يا بنتي، درجن درجن!
توترت أكثر حينما أسرع الجواد في خطواته، صرخت مفزوعة:
-أقف لو سمحت!

انفجر يزيد ضاحكًا من طريقتها في التحدث مع الجواد وكأنه كائن عاقل سيلبي أمرها اللبق على الفور، وثب جوادها عاليًا مطلقًا صهيلاً مرتفعًا فزاد هلعها، تشبثت أكثر باللجام وهي تصيح بخوف:
-إلحق يا يزيد، هاقع!
حاول تهدئتها كي لا تفزع أكثر، خاصة أنها بدأت تتصبب عرقًا، رد بصوتٍ أجش وهو يشير بيده:
-اهدي، ده عادي
ثم اقترب بجواده منها وأمسك بطرف اللجام ليجذبه للخلف قائلاً بتمرس معتاد منه:
-هسسس، بس.

استطاع بحرفية واضحة عليه إبطاء حركة الجواد رغم بعض الوثبات التي كان يقوم بها، رمقت فرح زوجها بنظرات معاتبة وتحمل التوبيخ لإجبارها على تجربة ما لا تجيده، شعرت بالإرهاق الشديد يضرب بكل عضلة في جسدها، غمغمت مع نفسها بضجرٍ:
-يعني كان لازم الطلعة دي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة