قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الثامن

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الثامن

رواية هي و الربان للكاتبة منال سالم الفصل الثامن

وبحذر شديد أجلسها على المقعد الخلفي بسيارته متأكدًا من تمددها عليه، ظلت فرح تتلوى بجسدها محاولة الخلاص من القيود الإجبارية التي شلت حركتها بالكامل، مال يزيد على أذنها يهمس لها بشيء ما، ثم اعتدل في وقفته قبل أن يصفق الباب ويلتف حول السيارة ليجلس خلف المقود، تبعه آدم ليلحق به كي يضمن عدم تطور المشادات بينهما، هتف متسائلاً بجدية:
-كله تمام معاك؟
التوى ثغر يزيد قائلاً بثقة مغترة:
-اطمن! دي مراتي.

سأله مهتمًا:
-احنا رايحين فين دلوقتي؟
أجابه بغموض زاد من ريبة زوجته الأسيرة بالخلف:
-هتعرف!

نظر له آدم مطولاً محاولاً سبر أغوار عقله، فعادة حينما يقدم رفيقه على أمر ما لا يفعله إلا أن كان مدروسًا وبعناية، لكن مع زوجته وتصرفاتها الغريبة مؤخرًا أصبح التنبؤ بأفعاله شيئًا مقلقًا، ضبط يزيد من وضعية المرآة لتظل أنظاره مسلطة على زوجته التي لم تتوقف عن الحركة أو الحديث بصوتها المكتوم طوال الطريق، بعد برهة وصل بها إلى بنايتها السابقة، صف السيارة أمام المدخل، فتساءل آدم بفضول:
-احنا بنعمل ايه هنا؟

غمز له يزيد دون أن يجيبه ليثير في نفسه الشكوك أكتر، لم يتوقف عقل فرح عن التفكير فيما تلتقطه أذنيها من كلمات مقتضبة تضاعف من قلقها وخوفها، بالطبع فهمت أنه يفعل ذلك عن قصد ليجعلها تعيش في حالة من التخبط والحيرة حتى لا يفسد عليها أي محاولة للمقاومة أو الرد بشراسة، هو يتعمد استخدام تكتيكات الحرب واستراتيجيات التخطيط معها وكأن ما بينهما معركة حامية، أخرجها من تفكيرها المحتقن ضده شعورها بيديه عليها، انتفضت أكثر مع رفعه لجسدها ليحملها بين ذراعيه نحو المجهول، لم ترَ أي شيء بسبب الوشاح الذي يعصب عينيها، لكنها خمنت أنها لم تبتعد عن القاهرة، فلم يتحرك بالسيارة لمسافة طويلة، سمعت صوته الآمر يردد:.

-استناني هنا شوية
أتاها صوت آدم قائلاً:
-ماشي، بس م...
قاطعه يزيد بجدية:
-خلاص بقى!

ظلت رغمًا عنها مستسلمة لحمله لها حتى سمعته يفتح باب منزل ما، هنا ازداد خوفها وارتعدت أوصالها، وتضاعفت دقات قلبها، ورغم ذلك تسرب إليها إحساسًا بالارتياح والسكينة، كان بالمكان رائحة ما تعرفها جيدًا، شيئًا جعل خوفها يخبو ويتضاءل تدريجيًا، لم تدم رهبتها كثيرًا حينما وضعها على الفراش مزيحًا العُصابة عن عينيها، رمشت بجفنيها عدة مرات لتعتاد على الإضاءة قبل أن تدير رأسها في كافة الاتجاهات لتكتشف أين هي.

تجمدت نظراتها على كل قطعة بالغرفة، إنها في منزلها القديم، وتحديدًا في غرفة والدتها وعلى فراشها، أدمعت عيناها تأثرًا، جلس يزيد إلى جوارها على الفراش ممددًا يده نحو بشرتها، ابتسم لها قائلاً:
-فراشتي، أنا جبتك هنا زي ما كان نفسك
لم تستطع الرد عليه بسبب تكميمه لفمها، لكن نظراتها الممتنة كانت واضحة للعيان، تابع مضيفًا بتحذير:
-أنا هاشيل البتاعة دي عن بؤك، بس يا ريت ما تعمليش حاجة مجنونة!

أومأت برأسها بالإيجاب فأزاحها عنها، لكنه لم يحل بعد وثاق يديها أو ساقيها، خرج صوتها متحشرجًا وهي تقول:
-إنت بتعمل ليه كده؟
احتضن وجهها بين راحتيه قائلاً بخفوت وهو ينظر مباشرة في عينيها اللامعتين:
-عشان مش عاوزك تبعدي عني!
خشيت من الاستسلام لمعسول كلماته الدافئة التي تخدر أوجاعها، فأخرجت تنهيدة مثقلة بالكثير من صدرها، تابع هامسًا بابتسامة صغيرة:
-احنا اتفقنا ننسى اللي فات، صح؟

وكأنها تحاول الهروب من حصار أسئلته التي تبدد خوفها، فرفعت يديها المقيدتين أمام وجهه لتقطع تأمله العاشق لها، أخفض قبضيه عنها ليحل وثاقها ضاغطًا على شفتيه مرددًا:
-كل حد فينا مر بتجارب قاسية، وعاش وقت صعب، فمش عاوزين نقف عند اللي حصلنا كتير
تابع فك وثاق ساقيها مضيفًا:
-ارمي ورا ضهرك وكملي حياتك عادي
فركت فرح معصميها دون أن تنبس بكلمة حتى هتف ناطقًا بنبرة أذابت حصونها الجليدية:
-أنا بأحبك، ومش هاتخلى عنك.

تجمدت أعينها على وجهه الذي أشرق مع نظراتها إليه، مد يده يتلمس بشرتها فسرى تيارًا قويًا في جسدها، همس لها يزيد مؤكدًا:
-الحب بينا كان وليد اللحظة، كبر رغم المشاكل والظروف، فبلاش نضيعه في لحظة مالناش ذنب فيها
ردت بصعوبة مقاومة موجة العواطف التي تحاصرها:
-خايفة أصدق وأعيش الوهم من تاني
ابتسم قائلاً بعذوبة وهو يمسح على وجنتها برفق:
-حبنا مش وهم!

انسابت دمعة حبيسة من طرف عينها لم تستطع منعها من الانهمار لتترك العنان بعدها للبقية، حزت رؤية عبراتها في نفسه وأوغرت قلبه نحوها، هو مدرك لحجم الصراع الداخلي في نفسها، أراد أن يخرجها من تشتتها ويعبر عن حبه الصادق لها، بلا تفكير طويل أحنى رأسه على شفتيها طابعًا قبلة حسية عليهما، تفاجأت فرح بما فعلته واتسعت حدقتاها باندهاش مصدوم مع ازدياد دقات قلبها، زاد من تعميق قبلته ليمنعها لحظيًا عن التقاط أنفاسها سامحًا للمزيد من مشاعره المتلهفة لها بالتدفق إليها.

تراجع برأسه مبتعدًا عنها هامسًا بصوت شبه لاهث:
-بأحبك يا فراشتي!
نظرت له مصدومة وقد نهج صدرها من فرط الحماس المفاجئ، احتضن وجهها براحتيه ليقربها إليه من جديد معاودًا تكرار قبلاته المشتاقة لها، لم تبدِ أي مقاومة معه، همس لها من بينهم:
-هافضل جمبك على طول.

ارتوت فرح لبرهة من عواطفه الجياشة التي أذاقها لها بالتتابع، تناسى كلاهما للحظات ما وقف عائقًا بينهما، حثته استجابتها المقننة على زيادة جرعة مشاعره بتمهل حذر حتى انخرطا كلاهما في مشاعر أشد قوة وأكثر التحامًا.

على الجانب الأخر ظل آدم مرابطًا أمام باب السيارة يراقب المارة بنظرات شاردة في بعض الأحيان، وبنظرات مزعوجة في أحيانٍ أخرى، طرق بأصابعه على سقف السيارة متسائلاً بامتعاض:
-هو طول فوق معاها كده ليه؟
هو يعلم أن رفيقه يرغب في مساحة من الخصوصية للحديث مع زوجته وإقناعها بسوء اعتقادها فيه، لكن ما يقلقه هو احتدام الجدال بينهما وربما تطوره للأسوأ، مط فمه للجانبين مضيفًا بتوجس طفيف:.

-ربنا يستر وماتقلبش معاهم بخناقة
انتبه لتلك الاهتزازة القوية في جيب بنطاله العسكري فأخرج هاتفه منه لينظر في شاشته، فرك طرف ذقنه مرددًا لنفسه بعد أن عرف هوية المتصل:
-مش مريحة نفسها، ولا مخبرين الحكومة
ضغط آدم على زر الإيجاب هاتفًا بمرح:
-أهلاً بالشاويش عطية
ردت شيماء بحدة ظاهرة في نبرتها:
-بطل بواخة وقولي إنت فين؟
أجابها بغموض استفزها:
-في أرض الله الواسعة
صاحت به هاتفة بانفعال:.

-إنت لازم تدوخني معاك يا آدم، قولي يزيد عمل ايه مع فرح؟
أجابها باقتضاب:
-ولا أعرف
سألته بفضول أكبر:
-ليه هو إنت مش معاهم؟
أجابها بتبرم متلفتًا حوله:
-أنا مذبول تحت يا حاجة
ردت متسائلة باهتمام:
-مذبول، مش فهماك، حصل إيه عندك؟
أوضح آدم مقصده قائلاً بتنهيدة متعبة وهو يعاود الجلوس داخل السيارة:
-يزيد أخد فرح وطلع على بيت أمها وأنا مستنيهم تحت
أتاه صوتها الصارخ بعصبية:
-وليه تسيبهم لوحدهم؟

مرر آدم يده على رأسه يفركها عدة مرات وهو يقول باستنكار:
-راجل ومراته، طبيعي يعقدوا يتكلموا لوحدهم ولا لازم أكون عزول بينهم؟!
هدرت فيه بضيق:
-مش جايز يتخانقوا ولا يمد ايده ويضربها وتبقى ولعت على الأخر، كلم صاحبك وشوف بيعمل ايه وطمني بسرعة، يالا سلام!
أبعد الهاتف عن أذنه ليحدق في شاشته مصدومًا، لكن أنهت زوجته المكالمة معه فجأة دون سابق إنذار ليردد بعدها بازدراء:.

-وربنا رفدي من الخدمة على إيدكم إنتو الجوز!

ربما لحاجتها الملحة لمشاعر تحتويها وتسحبها إلى عالم أخر بعيدًا عن أحزانها المتواصلة كان السبب الرئيسي في تجاوبها مع أحاسيسه القوية، تخلت فرح عن حذرها وتذوقت معه طعمًا جديدًا لمفهوم الحب العميق، خطت بإرادتها نحو ما قدمه لها منتظرة أن يغدق عليها بالمزيد، تمددت على الفراش وهو إلى جوارها حاجبًا عن عقله كل شيء إلا التعبير عنه عشقه لها، انحنى يزيد عليها مستندًا بمرفقيه على جانبي الفراش لينظر لها عن قرب شاعرًا بحرارة أنفاسها تداعب وجهه وتلهب قلبه أكثر، طالعها بنظراته العاشقة مكتفيًا بلغة الصمت في تلك اللحظة الخاصة جدًا، ولكن أتت الرياح معهما بما لا تشتهيه السفن، قطع خلوتهما رنين هاتفه المحمول فتصلب جسده وتبلدت حواسه، أطلق يزيد سبة خافتة من بين أسنانه المضغوطة وهو يبتعد عن فرح التي تراجعت للخلف ململة شتات نفسها بخجل كبير رغم كون ما تفعله معه طبيعيًا.

نهض عن الفراش ليجيب عن الهاتف وهو يقول بحنق بائن في نبرته:
-عاوز إيه؟
رد عليه آدم قائلاً:
-إنت هتبات عندك فوق، ما تنزلوا بقى
سبه يزيد منفعلاً:
-تصدق إنك...!
تحرجت فرح من طريقته الحادة في الحديث رامشة في عينيها وهي تحاول ضبط انفعالاتها المرتبكة، هتف آدم متسائلاً بضيق:
-طب وليه الغلط بس
هدر فيه يزيد بصرامة شديدة:
-اقفل يا آدم السعادي
-اوعى تكون اتعصبت على البنية الغلبانة اللي معاك.

رد عليه مغتاظًا من مماطلته وثرثرته الزائدة:
-إنت ناوي على موتك النهاردة
تذكرت فرح أن آدم بصحبتهما ينتظرهما بالأسفل، هو لم يصعد معهما لمنزلها وبالتالي انزعج من تأخيرهما الغير مبرر، بل وربما هداه تفكيره لشيء تخجل من التفكير فيه، هتفت بصوت متوتر:
-قوله احنا نازلين
استدار يزيد برأسه نحوها مبديًا سخطه من فساد لحظاته معها مرددًا بتهجم:
-عاجبك كده
رد عليه آدم بنبرة حائرة:
-هو في إيه؟ أنا مش فاهم حاجة.

توعده قائلاً بعيظ:
-هاطلعهم على جتتك
ضبطت فرح من هيئتها وهي تحرك جسدها لتنهض عن الفراش مستشعرة تلك السخونة الفائقة المنبعثة من بشرتها، خجلت كثيرًا مما أقدمت عليه، عضت على شفتها السفلى مسرعة في خطواتها قبل أن يراها زوجها، لكنه التفت نحوها فاعترض طريقها بجسده متسائلاً بجدية:
-استني رايحة فين
ارتبكت أكثر وتحاشت النظر إليه وهي تجيبه بتلعثم:
-احم، أنا داخلة الحمام.

مسح بظهر كفه على صدغها بنعومة مستشعرًا رعشتها الخفيفة من تلمسه لها وهو يهمس لها بنبرة ذات مغزى:
-احنا ملحقناش نكمل آ...
قطم عبارته عمدًا ليميل برأسه نحوها آملاً أن ينال من على شفتيها المغريتين قبلة أخري لكنها أبعدت وجهها عنه قائلة بجدية لا تتناسب مع الموقف:
-وقت تاني، دلوقتي ورانا شغل يا سيادة المقدم!

رفع حاجبه للأعلى مستنكرًا ما تردده، ابتسمت له ابتسامة متسلية وهي تقول بعبث غامزة له بطرف عينها بثقة لا تعرف من أين أتتها في تلك اللحظة:
-وإنت عارف الأوامر، أوامر!
رد عليها متحديًا:
-شكلي أنا اللي لبست
لم يسمح لها بالمرور وحاوطها فجأة من خصرها بذراعيه، قربها إليه بقوة ملصقًا جسدها به، شهقت مذهولة من حركته المباغتة تلك، ونظرت له بتوتر أكبر
تابع مضيفًا بغطرسة:.

-مش المقدم يزيد جودة اللي ينسحب من معركته في أولها
انفرجت شفتاها معبرة عن صدمة أكبر فتلقاهما بشفتيه ليكمل معركة مشاعره الحماسية معها بصورة عملية.

ضجر من انتظاره المطول بالأسفل في السيارة فآمال مقعده المنتصب ليتحول إلى ما يشبه الفراش مستدعيًا سلطان النوم ليؤدي عمله المعروف، أفسد عليه أمنياته اتصالات شيماء المتكررة والتي نغصت عليه هدوئه، اعتدل في جلسته هاتفًا بتبرم:
-ارحمي أمي شوية بقى
هتفت شيماء بغضب:
-ما أنا لو ينفع أجي عندك كنت جيت، بس بنتك مدوخاني معاها، وأنا عقلي مش فيا و...

قاطعها قائلاً بهدوء علها تصمت قليلاً وتكف عن مخاوفها الغير صحيحة:
-يا شيموو يا حبيبتي، سيبي الراجل يتفاهم مع مراته على طريقته
ردت موضحة سبب خوفها:
-فرح راكبة دماغها على الأخر، ويزيد عنيد ومش هايسكت، يعني هتولع يا آدم
رد مبتسمًا بثقة:
-لأ، اطمني
صاحت فيه بحدة:
-إنت على قلبك مراوح
هتف مازحًا:
-وإنتي الصادقة تكييف 8 حصان!
توعدته قائلة بغيظ:
-ماشي يا آدم، مسيرها تتردلك!

لمح بطرف عينه أطياف أشخاص ما تأتي من المدخل، دقق النظر فاتضحت الرؤية كاملة أمامه، فهتف بحماس عجيب بعد أن رأى يزيد مقبلاً عليه مشبكًا كفه في يد زوجته:
-أهوم نزلوا وجايين عليا
سألته شيماء بتلهف:
-ها فرح عاملة إياه؟
أجابها بمرح:
-الضحكة من الودن للودن!
ردت غير مقتنعة:
-شكلك بتشتغلني و...
ابتلعت عبارتها مجبرة حينما سمعت فرح تقول برقة:
-معلش عطلناك
ترجل آدم من السيارة قائلاً بابتسامته اللطيفة:.

-عادي ولا يهمك، طمنوني إيه الأخبار معاكو؟
أجابه يزيد بنبرة ذات مغزى وهو يشير له بعينيه:
-زي ما إنت شايف، سمنة على عسل!
لكزه برفق في كتفه مداعبًا:
-أموت أنا في الفطير المشلتت!
كتمت فرح ضحكتها بصعوبة وهي تستقل السيارة في حين استدار يزيد نحوها ليتخذ موضعه فيها، وضع آدم الهاتف على أذنه من جديد هامسًا:
-سامعة يا شيموو، سلام يا رويتر الشرق الأوسط!

دس الهاتف في جيبه ليجلس في المقعد الأمامي إلى جوار رفيقه، التفت برأسه للخلف محدقًا في وجه فرح المتورد وهو يقول:
-منورانا يا فرح!
ردت بابتسامة خجلة:
-ميرسي
اعتدل في جلسته قائلاً بصيغة شبه آمرة ليزيد:
-اطلع بينا يا دفعة على الوحدة
انزوى ما بين حاجبي الأخير مرددًا بنبرة متصلبة:
-مين ده اللي دُفعة؟

ابتسم آدم بسخافة مدركًا أنه مزحته تلك لم تكن موفقة بالمرة، خاصة وأن عبوس وجه رفيقه كان السمة السائدة عليه، أشار بسبابته نحو النافذة قائلاً وهو يبتلع ريقه:
-تخاريف نوم، ماتخدش في بالك يا سيادة العقيد أركان حرب مشير...

هزت فرح رأسها للجانبين مبتسمة من دعاباته المتواصلة والتي تضفي لمسة مرحة في خضم المشكلات مخففًا بهم وطأة الضغوط المستمرة على الجميع، تنفست بعمق وهي تدير رأسها للجانب لتحدق في الطريق بنظرات شاردة، فأمامها تحد جديد يحتاج منها المثابرة والقوة خاصة بعد استسلامها الغير متوقع مع دفء حب يزيد لها.

غفت أثناء رحلة الذهاب إلى الوحدة التدريبية فلم تشعر بما يدور حولها، فقد تمكن منها الإرهاق والتعب بالإضافة إلى ما ترتب على جسدها من أثار مجهودها الزائد في علاقتها الحميمية مع زوجها، استيقظت بصعوبة على إثر صوته القائل:
-حبيبتي، احنا وصلنا.

اعتدلت فرح في جلستها الغير مريحة مستشعرة ذلك الألم الذي ضرب عنقها وكتفيها بسبب تيبس عضلاتها، فركتها برفق وهي تتلفت حولها ناظرة بعشوائية إلى ذلك المكان الذي أتت إليه، لم يكن غريبًا عليها بالمرة؛ إنها نفس الوحدة العسكرية التي أقامت بها من قبل، تساءلت بصوت شبه متحشرج:
-هو احنا جايين هنا ليه؟
أجابها يزيد بوجهٍ خالٍ من التعبيرات:
-يعني مش عارفة؟
ردت متسائلة باستغراب ملحوظ على نظراتها:.

-هو مش هزار واتفاق مع شيماء و..؟
هز رأسه نافيًا:
-لأ طبعًا
أطال نظراته نحوها قائلاً بمكرٍ غامض:
-بس المرادي مش هاتبقي لوحدك يا فراشتي!
قطبت فرح جبينها مستشعرة وجود أمر خفي وراء جملته المريبة تلك، أكدت لها عيناه ذلك، بل وأثارت فضولها ببراعة، سألته باهتمام جاد:
-قصدك ايه...؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة