قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

تحركت أهدابه بثقلِ بيّن يرمقها كمن فقد قدرته علي الاستيعاب. أرخي قبضتهُ عن ذراعها في حالة صدمة من أمره فيما هرولت هي ناحية باب الغرفة حتى أغلقتهُ بمفتاحه الخاص ومن ثم استدارت له وقد أسندت رأسها عليه ترمقه بحذر خائفة مما هو قادم، عسر عليه استيعاب الأمر إينذاك ليهتف مُكررًا جملتها:
إتحرش بيكِ؟!، أمجد العزالي إتحرش بمراتي!

استبد بها القلق فقد إبتلعت ريقها بصعوبة لتجده يقترب منها هاتفًا بصوتِ جهوريٍ: ولسه فاكرة تتكلمي دلوقتي؟!، كُنتِ مستنيه أيه يا هانم!
نوراي بنبرة مُضطربة: كُنت هقولك. والله كُنت هقول. ممكن تهدي، خليني نتكلم بالعقل يا سليم.
صر سليم بأسنانة وقد إحتقنت الدماء بعروقة لينظُر إليها نظرات أثارت الريبة داخلها قائلًا: أفتحي الباب دا حالًا. إنتِ سامعه!

أومأت نوراي برأسها سلبًا. أخذت تُردد بنبرة ثابتة عكس الخوف الساكن داخلها: مش هفتح غير لمّا تهدي. وانت مش هتروح لأي مكان.
إستشاط سليم غضبًا إينذاك ليقترب منها أكثر ومن ثم هاجت فرائص وجهه ليكور قبضة يده بقوة، رفعها إليها. فزعت نوراي مما يفعل فأسرعت تحمي وجهها منهُ في حين ضرب الباب بقبضته قائلًا بحدة: إفتحي الزفت دا وبلاش تكوني ضحية غضبي. حسابي معاكي لسه مش دا وقته.

أبعدت ذراعيه بتوجسِ، تلألأت الدموع بعينيها لتقول خافته بصوتها: يعني هتجيب لنفسك مصيبة علشان واحد زيّ دا!، أنا خايفة عليك منهُ. مش علشان هو أقوي. الناس اللي من النوع دا بيكونوا أضعف من أضعف حد، انا خايفة عليك علشان هو ما يعرفش ربنا. معدوم الضمير، ما حدش بقي عارف يوقفه.

اِفتر ثغر سليم عن إبتسامة ساخرة، مدّ كفه ليرفع ذقنها إليه ومن ثم هتف بنبرة جامدة وعينين يتطاير منهما الشرر: والمفروض إني أسمع اللي عملهُ وأقف أتفرج علشان هو ابن كلب ما عندوش ضمير. طيب أيه رأيك ألبس طرحة وأقعد جنبك! أوعي من وشي.

رمقتهُ نوراي بنظرات حزينه تتوسل له بأن يهدأ، ولكن لا جدوي من حديثها فزوجها قد فار فائرهُ ولن يهدأ إلا بمُعجزة، شرد قليلًا بعقلها تفكر في حيلة ما، فيما ضغط هو علي راحتها ليسلب المفتاح منها وفي تلك اللحظه أغلقت عينيها لتفقد توازنها وتسقط بين يديه...

استحال لون وجهه للفزع الشديد، قام بضمها إليه ومن ثم حملها إلى الفراش ليبدأ في الربوت علي وجنتها بخفة قائلًا بقلقِ جليّ: نوراي؟! إنتِ كويسه!، نوراي فوقي.

وجدها في تلك اللحظه تُحرك أهدابها كمن يفتعل النوم، تنشق الهواء داخله وقد ضغط علي عينيه بإنفعالِ خفيف فقد أدرك خيلتها، وهنا نهض عن الفراش ليبدأ في فك حزام بنطاله وبنبرة جامدة تابع: نوراي!، تمثيلية حلوة جدًا براو. لا مغم عليها وبتحرك عنيها كمان، شوف أزاي!، إنتِ اللي جبتيه لنفسك.

فتحت عينيها علي وسعهما وهي مُتسطحة إلى الفراش لتتجه ببصرها إليه تجده يمسك بحزام بنطاله بين يديهِ لتصرخ في فزع: يا مامي، لا يا سليم. انا نوراي حبيبتك!
ضرب بالحزام علي طرف الفراش، لتنتفض هي مُتجهه ناحية النافذة وبنبرة مُتلعثمه رددت: لو لمستني، هرمي نفسي من هنا. علشان أريحك مني خالص.
سليم بجمود: أجيب لك كُرسي طيب علشان تطلعي عليه وتعرفي تنطي، أصل زيّ ما إنتِ شايفه القُصر بيحكم بردو.

تخصرت أمامه وقد لوت شدقها إستنكارًا لتردف بغيظِ: لا والله. إنت فاكرني بهزر، طيب قرب كدا يا سليم او أخرج من باب الأوضه وشوف أنا هعمل أيه؟!
القي الحزام أرضًا، سار ناحية الأريكة ليجلس عليها بثبات شديد. فقد أدركت هي بأنها تمكنت من إمتصاص غضبه لترمقهُ بنظرة غاضبة فيما أشار لها هو بأن تتقدم إليه: تعالي يا أوشين يا حبيبتي. قرّبي، تعالي.
نوراي بتلعثم تقدم قدمًا وتؤخر الآخري: مش هتضربني؟!

أومأ سليم برأسه سلبًا. إتجهت إليها لتجلس إلى طرف الأريكة بتردد جليّ، عضت علي شفتها السُفلي تنتظر حديثه إليها في حين تابع هو ناظرًا إليها بهدوء شديد:.

بصي يا بنت الناس، إنتِ مش هتكبري أبدًا. طفولتك في المواقف اللي زيّ دي مش هتنفعك لأن شكلك مش مُدركة اللي حصل؟!، إنتِ معايا علشان أنا اللي أحميكي. لكن إنتِ هتحميني من مين؟!، وعلشان أيه!، بتحميني من واحد مش بس بص لمراتي بشهوة لا دا إتجرأ عليها؟!، إنتِ مُدركة إنك كدا بتحميني مش بتأذيني بسكوتك؟! كُنتِ مستنيه لمّا يعمل فيكِ أيه! سليم النجدي مراتهُ بتتأذي وهو ما ينفعش غير أنه يكون هادي علشان هو وزير وكُل خطوة أو تصرف محسوب عليه،.

ومن ثم استئنف حديثه وهو يصرخ بها بصوتِ أجشٍ: يا شيخة ملعون أبو الوزارة علي الوزير علي أمجد العزالي واللي مستنيه. بقولك أيه يا نوراي إحنا ننهي حياتنا مع بعض لحد هنا. طالما هيبقي في خفايا بينّا، يبقي بلاها جواز بقي وبتاع. انا أصلًا نويت استقيل وهشتغل لهم سفاح.

نوراي بعينين دامعتين: قولت لك كُنت هقولك. كُنت مستنيه نسمه تفرح وترجع لحياتها الطبيعية تاني. انا مش بخبي عنك حاجة، انا خايفه تتهور ف تأذيه وتروح مني. خايفه ما تكونش جنبي ثانية وإنت طول الوقت تهددني بالفراق.

مسح سليم علي غُرة رأسه بتعب وهمّ يحفر في أعماقه. ليردد بنبرة هادئه أو ربما ضعفت من حديثها: ايه يعني هقتله وأدخل السجن!، طيب ما دا الطبيعي لواحد في حالتي إلا لو كان ديوث، وبعدين انا مش بهددك بالفراق ولا عُمري فكرت أعمل كدا. انا عاوز قلبك يقوي علي كُل الناس طول ما إنتِ برا بيتنا. ما تخافيش طول ما إنتِ علي حق، ما تنسيش إني وعدتك إن اللي هيدخل حزن جوا قلبك همحيه من علي الدنيا فما بالك بواحد فكر يقرب منك؟!

تنهد سليم بآسي وقد رسم إبتسامة باهتة علي ثغرهِ ليحاوط كتفها بذراعه ثم يقربها منهُ لتستند هي برأسها علي صدره قائلة بخفوت: أنا أسفه. بس أوعدني إنك مش هتتهور ولا تضربه. وصدقني لو صدر منهُ أي حاجة تانيه هقولك علي طول.

رمقها سليم بثبات ليطبع قُبلة حانية علي جبينها، ومن ثم نظر أمامه هازًا رأسه بصبر أوشك علي أن ينفد.

نامت أرضًا بجوار باب الغرفة، تقوست علي نفسها كجنين داخل رحم أمه وقد غفت رغمًا عنها بعد بُكاء أضنا قلبهُ ورفضًا قاطعًا من الإقتراب منهُ. سار في هدوء إليها نزل أرضًا يتحسس وجنتها التي تبللت بدموعها ليضع أحد ذراعيه أسفل رأسها وقام بوضع الآخر أسفل قدميها يحملها إلى أحضانه. إتجه بها إلى الفراش ثم دثرها جيدًا قائلة بخفوت:
شكلي هتعب أوي معاكي. بس تعبي وانا جنبك ولا حاجه قصاد اللي حسيته في بُعدك.

أنهي حديثه ليطبع قُبلة علي وجنتها. ينظُر إلى أهدابها الكثيفة المُتلاصقة وبراءة طفلة أُجهدت من شدة البُكاء ف نامت فما كان منه إلا أن قرب شفتيه منها طابعًا قُبلة طويلة علي شفتيها.

استقام واقفًا من جديد، ليتجه صوب الباب يفتحه بهدوء شديد فحان الآن الإلتقاء بهذه التي أوقعته في المهالك، بينما يشتاق قلبه لهفةً لرؤيتها...

سار بهذه الطُرقة الطويلة حتى وصل إلى الغرفة القابعة في نهايتها. قام بفتح الباب بحذرِ شديدٍ ليجد والدته تُحرك عينيها أعلي وأسفل بطريقه مُنظمة ولم ترفع وجهها إليه او تتفحص من القادم إليها، قطب ما بين حاجبيه وبعد بضعة دقائق من مراقبتها يجدها تتجه ببصرها يمينًا ويسارًا،.

رفعت إلهام بصرها إليه في هذه اللحظه، أخذت مُقلتي عينيها تتحرك حركةً سريعة فقد دخلت في نوبة عدم القدرة علي الحركة أو التعبير ولنقل ساءت حالتها وأصبحت غير صالحة لعملية التفاعل الاجتماعي، وهنا سالت قطرات الدموع منها. أخذت تبذل جهدًا مُضنيًا لترفع كفها ولكنها لم تستطع، هرول عاصم إليه يحتضنها بُحب جارف ثم ردد بنبرة مُتألمة: وحشتيني يا أُمي؟!

أخذت إلهام تنشج نشيجًا حادًا لعجزها عن إحتضانه فيما جثي هو علي رُكبتيه ليضع رأسه علي قدميها قائلًا ببكاء:
سامحيني يا أُمي، إني وصلتك للحالة دي، بس ما كُنتش أعرف، إنك بتحبيني للدرجة دي. يمكن فشلتي في دورك كأم، بس إنتِ أُمي مهما كان.

في صباح اليوم التالي،
نسمه؟!، إنتِ في الحمام؟!
أردف عاصم بتلك الكلمات وهو يتجه ناحية باب المرحاض يطرقه بتوجسِ ولكن دون إجابة، خفق قلبهُ فزعًا من غيابها، استبد به القلق من أن تكون قد فارقته، ليتجه خارج الغرفة بحركة سريعة،.

جلس الجميع علي مائدة الطعام، ليهتف عاصم بهم في قلقِ: ما حدش شاف نسمه يا جماعة؟!
ماجد وهو يوميء برأسه: إهدي يا بني مش كدا؟!، نسمه متعودة تعمل تمارين جري علي الصُبح وزمانها جاية.

تنفس عاصم الصعداء إينذاك، مرر أصابعه بين خُصلات شعره بأريحية ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئه: طيب صباح الخيرعلي الكُل!
السيده خديجه بحنو: صباح النور يابني، يالا أقعد أفطر.
هزّ عاصم رأسه موافقًا، قام بسحب المقعد قليلًا وما أن جلس حتى تابع بنبرة ثابتة: يعني هي كدا ما أتأخرت!
روفيدا بإبتسامة هادئه: لا يا سيدي. ما تخافش، مش هتهرب. هو في حد بيهرب من قدره؟!
عاصم بإبتسامة واثقة: أنا بقول كدا بردو.

في تلك اللحظه دلفت أنهار داخل حجرة الطعام تحمل عاصم الصغير بين ذراعيها فيما يسير رامي خلفها يحتضن راحة نيروز، سارت أنهار داخل الغرفة بضع خُطوات لتقف فجأه وقد حدقت بهذا الجالس، لتستدير مُجددًا تنوي الترجل خارج الغرفة قائلة بخفوت: يما.
وهنا تابع عاصم مُتوجهًا بحديثها لهُ: هاتي الولد يا أنسه أنهار؟!

شهقت أنهار في فزع وهي تواليهم ظهرها، إبتلعت ريقها بصعوبة لتقول بنبرة مُضطربة: ما أهو عفريت بقي لازم يعرف اسمي. أما أروح أديه الواد بدل ما يسخطني سحلية عوره.
استدارت أنهار مُجددًا، مشي بخُطواتها إليه تُتابعها نظرات روفيدا التي انفرجت أسارير وجهها لتقهقه بصوتِ عالٍ بعض الشيء وهي تجد أنهار تعطيه الصغير بأطراف مُرتعشة: مش قادرة. الله يسامحك يا أنهار.

رفع عاصم أحد حاجبيه، ليقول بنبرة ثابتة: مالك يا أنسه أنهار. إيدك بتترعش.
أنهار وهي تبتعد عنهُ: أصل الصراحه. إتعودت عليك إنك ميت، بس إنت طلعت عايش في الواقع. بس عرفت اسمي منين لمّا إنت انسي زيينا؟!، انا ما عونتش ليا عيش في البيت دا تاني، انا هستقيل قبل ما اتجنن وانا لسه في زهور شبابي وأبهي عصور العربدة. بس مشكلتي إني مُهذبه زيادة عن اللزوم.

عاصم بضحكة خفيفة: عربدة؟!، إنتِ في كُلية أيه يا أنهار؟!
أنهار بثقة وهي تُشير إلى نفسها: طب بشري، قسم جراحة و تش...
صمتت أنهار لوهلة وقد نظرت إليه بعينين جاحظتين لتقول بنبرة مرتعشه: بس. انا خلاص فهمت إنت ميت عايش أزاي. أصل انا وانا بشرح جُثة عملي علشان نعرف أسباب الوفاة وكدهون. جاتتني في الحلم، وقالت ليّ هنتقم منك يا نهر.

ثم استئنفت بنبرة أشبة للبُكاء: إنت هو صح؟!، انا كُنت بساعدك توصل للقاتل. تقوم تعمل فيا كدا؟!
عاصم بإندماج وبنبرة ثابتة: عملت أيه؟!، أصل انا بقتل ناس كتير. ف مش فاكر بالظبط.
أنهار بضيقِ: تقولي في الحلم يا نهر، مُفرد. تقل مني كدا؟!، يعني انا ربنا مبارك ليّ في منسوب المية عندي، تقوم إنت تقول الكلمة دي زيّ سد أثيوبيا علشان يحصل انخفاض في المنسوب وأبقي نهر واحد!

ماجد وهو يرمقها بضحكة مكتومة: يعني إنتِ متضايقة انه قال اسمك بصيغة المُفرد مش انه هددك بالقتل؟!
أنهار توميء برأسها سلبًا: تؤ تؤ. الأعمار بيد الله يا أبو رامي نيهاهاهاهاي.
ماجد صارخًا بها: برا. يا أهبل أخواتك.
أنهار بإمتعاض: طاه ما تزوقش، وبعدين انا مقطوعة من سجرة.
ماجد وهو يضرب غُرة رأسه بكفه: سجرة وطب؟!
عاصم ضاحكًا: دمك خفيف أوي يا نهر.
أنهار بغمزة من بين عينيها: ميرسي يا قمر.

بادلها عاصم الغمزة، استطاعت أن تنثر البهجة في المكان من جديد فهي تعشق هذا المكان جمّا ويُحزنها إنطفائة السعاده به، وهنا تابعت نيروز بنبرة مرحة: مسي يا قمر.
قهقه الجميع بسعادة فهذه الصغيرة هي خليفة أنهار داخل هذه اليلا، تحذو حذوها ولم يمنعها إختلافها من كسب قلوب الجميع.

تحول عاصم ببصره إلى الصغير القابع بين ذراعيه، قبل وجنته بحُب ليقول بحنو: دا لو نوراي آله طباعة. مش هتجيبه شبه سليم بالشكل دا؟!، سُبحان الله. سليم بكُل تفصيلة فيه.

طيب هو إنت رايح فين ها!، ها يا سليم!، رايح فين ها؟!
أردفت نوراي بتلك الكلمات وهي تُحرك ذقنه بين أصابعها يمينًا ويسارًا، أثناء إرتدائه ل سترته أمام المرآه، لينظُر لها ضاغط علي عينيه بنفاذ صبر: أرحمي أمي ها ها ها؟! ها ماشي ها!
قالها وهو يكور قبضة يدهُ وقد وجهها إليها، فيما تابعت نوراي بتلعثم: ح حاضر. ممكن تقولي رايح فين؟!، او أقولك علي فكرة أحسن. تاخدني معاك. إنت أكيد رايح تكمل المشروع صح؟!

سليم بثبات: إنتِ عاوزة أيه يا نوراي؟!
نوراي وهي تتشبث بعُنقه تنظر صوب عينيه مُباشرة: بتطمن علي حبيبي أنه هيهدا ومش هيعمل مشاكل خالص، علشان هو بيحب مراته وأولاده صح؟!
سليم وهو يمسك بكفها ثم يطبع قُبلة عليه: صح. طبعًا مش هعمل أي حاجة. إنتِ وعدتيني انك هتبقي تقولي ليّ لو اتعرض لك تاني. دا لو كان فيه حيل يعني!

نوراي بعدم فهم: ها؟!
سليم غامزًا لها: يالا يا ست الكُل علشان إتأخرت.

يا بني الحُب في الزمن دا ما بيأكلش عيش، هتعيش لوحدك لحد أمتي؟!، لازم يكون لك ضني من صُلبك. ولا إنت عاوز عيلتنا تنتهي بدري، دا ربنا حلل لك أربعة علشان الظروف اللي زيّ دي. يعني جوازك لا هو عيب ولا حرام.

قالتها سَكينة وهي تربت علي كف ابنها القابع بجانبها علي ألاريكة بغرفة الصالون. إبتسم لها زياد إبتسامة لم تصل إلى عينيه ليردف بهدوء: يا أمي. انا حبيت وإتجوزتك وأخدت نصيبي من الدُنيا، وربنا ما أرادش إني أكون أب. ف الحمدلله علي كُل حال وانا راضي بحياتي مع مراتي ومبسوط بيها.

إلتفتت سَكينة بكامل جسدها إليه، رمقته بنظرة غاضبة أعقبتها هاتفة بنبرة عالية بعض الشيء: بس انا مش راضية عن دا. من حقي يكون ليّ حفيد من صُلبي. وأفرح بيه وأخده في حُضني، ولا إنت عاوز نسلنا يتقطع من الدُنيا وبعدين تحرم نفسك ليه من النعمة دي وإنت سليم مليون في المية. من الآخر كدا يا زياد إنت لازم تتجوز وإلا هغضب عليك ليوم الدين ومش هتشوف وشي تاني. إنت سامع ولا لأ. وانا عندي العروسة، ما عليك إلا إنك تتعرف عليها وتتكلموا وفي أقل من أسبوع تكونوا متجوزين.

زياد بعصبية خفيفة: أيه اللي إنتِ بتقوليه دا يا أمي؟!، انا مش بفكر أتجوز علي مراتي. أيه الصعوبة في كدا؟!، اللي إنتِ بتقوليه دا مش هيحصل.

سَكينة بصرامة: يبقي إنسي إن ليك أُم.
في تلك اللحظه دلفت آلاء إلى الغرفة، وقفت أمامهما بثبات شديد لتقول بنبرة مكسورة حاولت جاهده ألا تُظهرها: مامتك عندها حق يا زياد. إنت من حقك تكون أب. وانا موافقة إنك تتجوز.

تباعدت نظراتها لنهاية هذا الجسر الذي تقف عليه كعادة كُل يوم تبدأ في عدوها مُنذ الصباح الباكر بداية من أولهِ حتى المفترق القابع في المنتصف ومنه تستئنف سيرها نحو القصر، تهيم بهذا المكان وجدًا، تري به نصفها الهاديء المليء بأحزانها حيث يوجد أسفل هذا الجسر بحيره ذات ماء صافية، تنهدت تنهيدة عميقة حيث إجتاح الشجن عقلها النشط مُنذ ليلة أمس وما تعرضت له من صدمات، بدأ الهواء يداعب جفونها وفجأه تجد يدين إلتفتا حول خصرها من الخلف، مال برأسه علي كتفيها يتنشق عبيرها الآخاذ بلهفة ومن ثم سمعته يهتف بصوته الخشن:.

مقدر وجعك، ومستحمل دموعك ال بتقتلني، بس مش هتنازل عن حلم أتمنيته من سنين علشان عنادك، إنتِ ليا يا نسمه!

أجفلت عينيها قليلًا، ومن ثم زفرت بأرق صاحبة نبرة مختنقه: أبعد عني بقي، أفهم انا بكرهك. إنت مُت جوايا.
رفعت أحد كتفيها للأعلي قليلًا محاولة التملص منه وبحركة متمردة إبتعدت عنه علي الأثر بينما قبض هو علي ذراعها بقوة يخالطها الحنو: بس إنتِ لسه عايشه جوايا، وانا ما بتنازلش عن حاجه بتنفسها.

في تلك اللحظه رفعت أحد قدميها لتضرب رسغه حتى يتركها لتجده يمسك قدمها ومن ثم مال بجذعه للأمام حتى تمكن من حملها بين ذراعيه مرددًا بحُب: شكر الله سعيكم.
تشنجت قسمات وجهها، وظلت تضرب صدره بقبضتها وهي تصرخ به أن يتوقف عما يفعله وما أن باءت مُحاولاتها بالفشل حتى أجهشت بالبُكاء تغرس أظافرها بلحم ذراعه:.

إنت ما عندكش أي إحساس، أبدًا مش حاسس ب اللي جوايا، انا مش مسامحاك. مُحاولاتك كُلها مش هترجعني ليك. دا في أحلامك وبس يا عاصم.

عاصم وهو ينظُر لها بحنو: إنت إتوجعتي وانا لأ. إنتِ حبيتيني وانا لأ، إنتِ الحنين قتلك وانا حديد ما بحسش، إنتِ الضحية وانا الجاني. بس انا حياتي واقفة عليكِ، مش كفاية بقي يا نسمه. انا راجع علشان أكون معاكي ومتوقع دا منك. بس الإحساس نعمة، بلاش أنانية وعلي فكرة. أرضي بقدرك علشان انا مش بس هكون معاكي في نفس الأوضه وهخنقك في حياتك. لا دا إنتِ هتربي أولادنا ف لازم تتقبلي أبوهم. ولا أيه؟!

أشاحت نسمه بوجهها بعيدًا عنه، أغمضت عينيها ببطء ومن ثم تابعت بهدوء: طيب ممكن تنزلني؟!
عاصم برفض قاطع: لأ. انا مرتاح كدا. وزيّ ما إنتِ عارفة، انا أناني ومش بفكر غير في راحتي.

هو أيه اللي جايبنا هنا يا بيه؟!
أردف إسماعيل أحد حُراس سليم بتلك الكلمات وهو ينظُر إلى هذا البناء الراقي، فيما تابع سليم وهو يترجل من سيارته:
في أيه يا إسماعيل؟، هو إنت كاتب كتابك عليّا وانا معرفش. رايح فين يا سليم بيه وجاي منين يا سليم بيه، أبقي فكرني أرفدك لمّا أخلص شغلي هنا.

وقف سليم أمام البوابة الإلكترونية بضع ثوان لتفتح أبوابها علي الفور، دلف سليم للداخل. سار في حديقة القصر قليلًا وقد ذأب في سيره حتى وصل إلى الباب الداخلي في الحال ومن ثم قام بقرع جرسه...

قامت إحدي الخادمات بفتح الباب ليهتف بها سليم بصوتِ أجشٍ: فين أمجد العزالي!
فغرت الخادمة فاهها في إستغراب، يهتف اسمه دون أن يسبقهُ بما يثقل من منصبه في الدولة لتُتابع الخادمة بتوترِ: في أوضه الجلوس. خير يا باشا؟!
سليم بعصبية مُفرطة: إنتِ مالك. فين أوضه الزفت دي!
في تلك اللحظه جاءت زوجة أمجد العزالي أثر الصخب، لتردف بنبرة هادئه: سليم بيه؟!، أهلًا بيك. نورت القصر!

سليم بثبات: بنور صحابه يا مدام. ممكن أقابل الباشا!
قالها باستخفاف ليجد أمجد يظهر أمامه وبنبرة حادة بإستغراب: سليم!
في تلك اللحظه هرول سليم إليه ليقبض علي كتفيه بكلا ذراعيه ومن ثم أرجع رأسه للخلف ثم أعادها يطيح جبهته بقوة،.

صرخت زوجته في صدمة وأخذت تهتف به أن يتوقف بينما أخذ سليم يلكم وجهه بصرامة ظهرت في وجهه الذي بدده الغضب. بدأ أمجد ينزف من عدة أماكن مختلفه في وجهه، ومن ثم سقط أرضًا وقد فرد ذراعية بإستسلام بعد أن نال ما يستحق...

وقف سليم أمامه، ليقوم بوضع قدمها علي قفصه الصدري وبنبرة عدوانية قاسية هتف: مراتي في كفه. والعالم دا كُله ب اللي فيه في الكفه التانية. أما إنت ف مالكش كفة عندي، أخرك أدهسك برجلي ومش هيبقي لك غير الموت. يا أمجد الكلب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة