قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

حدق ماجد به بتركيزِ شديدٍ، قام بالإمساك بقميص سليم من أخرهِ بأطراف أصابعه وبنبرة متسائلة أردف: هي هدومك متبهدلة كدا ليه يابني؟!، هو كان في حد عاجبه القميص، ف عزمت عليه بيه وهو رفض.

إفتعل سليم الضحك ليردف من بين أسنانه التي إصطكت ببعضها وهم يجلسوا معًا داخل حجرة المكتب بالمؤسسه وقد انضم لهم أوس: لا يا خفيف الجو حر مش أكتر، وإنجز بقي خلينا في المهم.
رفع ماجد أحد حاجبيه في تلك اللحظه، أطرق برأسه يفكر قليلًا قبل أن يلتفت إلى سليم قائلًا بنصف عين: إنت قتلت أمجد العزالي يا أبو النسب صح؟!

ضيق سليم عينيه بثبات مكورًا قبضة يده وقد إحتدم الدم بعروقهِ لينهض واقفًا ثم يستدر ناحية صديقه وما أن وقف أمامه حتى مال عليه بخفة قائلًا: هو إنت كُنت عارف، إنه بيضايق المدام؟!

أسرع ماجد بوضع كفه علي فمه وقد استدرك ما قاله لتوه، عاد بجسده للخلف فوق مقعده ثم تابع بنبرة مُتوترة: مراتك طلبت إنها هي اللي تقولك بنفسها. أيه؟!، في أيه! إنت هتتحول. مش عاوز أموت دلوقتي، سيبني أعمل ل أخرتي شوية طيب. أختك هتبقي أرملة!

صدرت قهقه عالية من فم أوس الذي يتابع المشهد بنوبة ضحك هستيرية. أستقام سليم في وقفته مجددًا ليقول بحدة: ما هو دا العشم يا عم ماجد وإنت طلعت قده.
ماجد وقد أدرك حُزن صديقه: يا سليم والله كُنت هقولك من غير ما تقول كدا، كُل الحكاية انها طلبت تتكلم معاك بنفسها، ودا اللي حصل؟

سليم بإبتسامة خفيفة من جانب فمه أعقبها حديثه الهائم في صورة ابنته الصغيرة: اللي حصل إني عرفت الموضوع دا من نيروز، مش من نوراي.
ماجد كاتمًا ضحكتة: مخلف رويتر ما شاء الله، البت دي ليها مُستقبل مُبهر في عالم المُخابرات.

جاب أوس ببصره بين الإثنين، ف لم يتخيل يومًا بأن تولد علامة وطيدة بينه وبين سليم النجدي ابدًا، وما لم يخطر علي باله قط أن المنصب لا يُغير طبع المرء، بل المرء هو من يوظف المنصب وفقًا لطبعه وإنسانيته وهذا نموذج حي علي حديثه، فقد أدرك جيدًا بأنه إذا ساءت أفعال المرء. ساءت ظنونه ومن حَسُن فعله قبل قوله، دائمًا ما تكون ظنونه أنقي من القُطن الأبيض...

في تلك اللحظه تابع أوس بنبرة هادئه متوجهًا بحديثهِ إلى سليم الذي هدأت فرائصهُ قليلًا: بالمُناسبة، خلوني أقترح فكرة نطبقها هنا في المؤسسه لو عجبتكم.

نحا سليم بصره إليه وكذلك ماجد الذي رمقه بترقُب جليّ فيما استئنف أوس حديثه باستفاضة: أنا بقول لو تبقي المؤسسه فيها فصول لتعليم أساسيات القراءه والكتابة للأطفال العاديين، يعني نحاول نخليها مُختلطة نوعًا ما. وبكدا هيحصل اندماج بين الفئتين من الأطفال فيبدأ أطفال الداون إنهم يحبوا الناس ويتفاعلوا معاهم وما يحسوش انهم مُختلفين عن الباقي، يعني نوسع مدارك الأطفال والأهالي بحُب وتفاعل الطرفين. فكرة الدمج دي هتسهل علينا كتير وهنبدأ بسهولة نحدد تطور الأطفال في المؤسسه.

رفع سليم حاجبيه في إعجاب فقد نالت هذه الفكرة إعجابه بدرجة شديدة، أومأ برأسه في ثبات ليردف بهدوء: جميلة جدًا الفكرة، بس تعتقد الأهالي هيقبلوا بدا. يعني إنت عارف مُجتمعنا، 5% بس اللي بيوعوا أولادهم بإحترام الإختلاف والباقي بينفر من أطفال الداون!

ماجد مؤيدًا لحديث سليم: عندك حق في اللي قولته، طيب أيه رأيك نعمل إجتماع لأولياء الأمور ونعرض عليهم الفكرة وبعدين ناخد برأي الأغلبية.

أبدي سليم موافقته المبدأية ل هذه الفكرة، فقد استعمرت عقله وتمني لو تنته بالقبول من قبل أولياء الأمور.

خرج من صومعة شروده علي صوت أوس وهو يردف بنبرة هادئه وقد اندمج كُليًا في الحديث: بس طبعًا بعد موافقة أولياء الامور، هنحتاج علي الأقل 3 بنات. ويكونوا خريجي كُليات كويسه وعندهم خبرة بالتعامل مع أطفال الداون، علشان يكونوا مُراقبين ليهم جوا المؤسسه وكمان يراقبوا تفاعل الفئتين مع بعض وهل تخطوا الاختلاف بينهم ولا في عقبات!

ماجد بإعجاب شديد: ما شاء الله عليك بجد يا أوس، إنت شخصية مُكافحة جدًا بتفكرني بواحد. تحب تعرف قصته؟!

طبعًا كان مُكافح جدًا، ومش بس كدا كان حنون أوي علي أمه وأخته. وطول الوقت بيشتغل علشان يوفر لهم كُل حاجه يحتاجوها، راجل أوي ورجولته ظهرت في أول موقف له مع الأميرة التائهه.

أردفت نوراي بتلك الكلمات وهي تجلس في حلقة مستديرة بصُحبه رامي ونيروز وكذلك أنهار، إنبطحت أنهار علي جانبها الأيمن وقد وضعت خدها علي راحتها وقد إندمجت في حديث نوراي وقد خيّم عليها غمامة من القلوب الحمراء لتردف بنبرة حالمة:
الله يا أبلة وأيه كمان؟!، وقعوا في حُب بعض مش كدا!

هزّت نوراي رأسها إيجابًا ليفتر ثغرها عن إبتسامة هائمة لتردف: البطلة حبت تهرب من الظروف وقساوة الدُنيا عليها، سرقت عربية البطل وجريت وهو طبعًا قدر يرجع عربيته تاني بس بعد ما أجهدته وطلعت روحه. ووقع في حُبها وهي كانت دايمًا بتشوف فيه بطل أحلامها، كانت حاسه إن بيه الدُنيا هتخاف تقسي عليها تاني وأبواب السعاده هتتفتح لها، حصلت ظروف كتير وناس حاولت تبعدهم عن بعض، بس الرجولة بتفرض نفسها في أي موقف. وما سابها غير وهم عندهم طفلين زيّ القمر.

رامي بمخيلة طفل تميل للتصور: طيب، انا عاوز أكون بطل زيّه يا طنط أوشين؟، وأكون بطل علشان نيرو تحبني.
أطلقت نوراي قهقه خفيفة. داعبت أصابعها النحيلة خُصلات شعره، أدركت نيروز بأن الحديث بشأنها وما نشبت تصيح ببراءتها: لا. انا حلوة.
رامي وهو يمسك كف يدها براحته الصغيرة: أيوة إنتِ حلوة. وانا البطل وهتجوزك.

أنهار ومازالت علي وضعها لتلوي شدقها بتفكه قائلة: يا خويا عليك يا حنين!، كُل الناس بقيت تحب وتتجوز. ما بشوفش في حياتي غير ثُنائي في كُل مكان أروحه. حتى فرغلي (الجمجمة بتاعتي)، جبت لها جُمجمة اسمها سُندس وحبوا بعض، وإمبارح لسه قافشه ذبابتين بيكتبوا كتابهم. إلااااا انا. هعيش وهموت سنجلاية كدا. مش لاقيه اللي يقولي صباح الخير بالليل حتي. عُمي البصر والبصيرة. دا انا ملكة جمال كفر أبو نقاوه.

نوراي وقد سعلت من فرط ضحكها لتقول بهدوء: أيه كفر أبو نقاوه دا؟!
انهار بفخر بالغ: اللي بيغنوا يقولوا. اتفرج ع الحلاوة حلاوة. دي بلدي ونقاوه نقاوه. أهم دول كانوا بيمدحوا في كفرنا.
رامي بإستنكار: صوتك وحش يا أنهار، علشان كدا مافيش بطل هيحبك.
أنهار وهي تلوي شدقها بإستنكار: بلا وكسة. دا انا أخر حاجه سمعتها عن الأبطال، كانوا أبطال 73. قطيعة. وع رأي المثل. السنجلة جنتلة والإرتشباط إحباط.

الف سلامة علي معاليك يا أمجد باشا.
أردف الطبيب الخاص بأمجد العزالي في إحترام وافر فيما رمقه أمجد بإستهجان، وطفق يضع رأسه علي الوسادة بألم نال منهُ، ترجل الطبيب خارج الغرفة. فيما وقفت دينا زوجته تضع ذراعيها أمام صدرها وبنبرة جامدة قالت: إيه علاقتك بمدام نوراي يا معالي الوزير، علشان جوزها يدفنك حي بالشكل دا؟!

أمجد بصوتِ أجشٍ ينم عن غضبه العارم من حديثها: دينا؟!، أخرجي برا الأوضه، ومش عاوز كلمة زيادة. إنتِ فاهمة؟!
تجهمت معالم وجهها بحنق بيّن، ذأبت في سيرها حتى أصبحت خارج الغرفة قد صفقت الباب خلفها بعصبية مُفرطة. ضرب بقبضته الفراش ليقول بنبرة تهديديه فجّه:
وحياة أمك ما هرحمك يا سليم، هاخد منك كُل حاجه وهرميك في السجن زيّ الكلب.

حركت قدميها في الهواء بإعتراض، تُعنفه بصرخات تصدر منها، فيما يحملها هو نحو الداخل ومن ثم أنزلها لتنظر إلى هذه الشقه بإستغراب شديد وقد قطبت ما بين حاجبيها.

جابت ببصرها المكان بأكمله، لتلتفت إليه من جديد وتجده ينظر إليها بثقته المُعتاده، تنشقت الهواء داخلها وبنبرة ثابتة تابعت: أيه المكان دا؟!
صدرت عنهُ غمزة حانية ليتجه إليها وقد أمسك كفها الصغير بين راحته، عَبرت قسمات وجهها عن الإمتعاض منهُ، فهي لا تُريد قُربه أبدًا فقد أساء الظن بها ولم تكُن هي سوي رحيمة بقلبه.

تغاضي تمامًا عن مُحاولتها لإبعاده، سار بها ناحية أحد الأبواب وما أن فتحه حتى أطلت هذه الغرفة التي قد طُليت باللون الزهري، مرسوم علي جُدرانها ذاك الوشم اعلي قبضتيهما. (مفُتاح يُعانقه قلب )، وكذلك إمتلأت الجدران بصورهما وكأن قلبيهما رغم الفراق يتصلان، برقت عينيها من شدة الفرحة التي حاولت جاهدها إسكاتها داخلها، بدأت تشق الإبتسامة ثغرها لتقول بنبرة مهزوزة وقد تلعثمت قليلًا:.

حلوة أوي الأوضه دي. بجد تجنن، شبه أوضتي بالظبط.
أفلت كفه منها، ومن ثم استدار ليواجهها لتتلاقي أعينهما فيما تابع هو يرمقها بحُب ظاهر للعيان: انا كُنت عايش هنا. وظبطها كدا علشان نعيش فيها سوي. مبسوطة؟!
اومأت نسمه برأسها عدة إيماءات ومازال الإنبهار هو سيد الموقف، وهنا رفع هو قبضته أمامها ليردف بنبرة حانية: أخبار الوشم أيه؟!
أخفضت نسمه بصرها تتفقد موضع الوشم علي كفها لتقول بنبرة خافته: موجود.

وما لبثت أن أنهت كلمتها حتى وجدته يُحاوط خصرها بذراعيه، كمَن يجد وردته قد ذبلت من شدة الإعياء والجفاف ف ود أن يُعيدها إلى أزهي نُضرتها، عَبرت قسمات وجهها عن إنعدام رغبتها في إقترابه منها لينصاع لحديثها الصامت وهي ترمقه ببرود وهنا أبعد ذراعيه مُجددًا ليقول بنبرة هادئة:
علي العموم. مش هضايقك لو إنتِ مش عاوزه دا. بس انا بحبك، ويمكن دي الحاجة اللي عُمري ما هفقد الأمل فيها.

نسمه بنبرة أشبه للبُكاء: بس انا عاوزه أمشي من هنا، ولو سمحت ما تجبرنيش علي حاجه انا مش عوزاها.
عاصم بإبتسامة خفيفة: يعني إنتِ مش عاوزه تعيشي معايا في مكان واحد؟!
أشاحت نوراي بوجهها للجهة الأُخري، وقد أومأت برأسها إيجابًا ليردف هو بنبرة ثابتة:
طيب تمام. تعالي.
ترجل عاصم خارج الغرفة، ومن ثم قام بفتح الباب الخارجي علي مصرعيهِ قائلًا بثبات ظهر جليًا في مُقلتي عينيه: أتفضلي يا نسمه. أرجعي اليلا.

مشت نسمه منكسه الرأس تتجنب نظراته لها، لتهرول خارج الباب فيما رمقها هو بنظرة خائبه بثت الحُزن في أعماقها، لا شك انها ترفُض حكمه عليها في السابق وبأنها عشقته بناءً علي جمال خلقته وعندما أصابها الأذي، ظن بأنها لن تلتفت لها. ولكن لا بأس فهي لا ترضي رؤيته وهو ينظُر لها بضعف لم تعتاده منه. قام بغلق الباب ما أن والته ظهرها تهبط الدرج، فيما وقفت هي لوهلة تقفز صورته أمامها مما يزيدها ألمًا. تنهدت بعُمقِ لترفع أصابعها إلى وجنتها تتخلص من أثر الدموع عليها...

فكرت قليلًا قبل أن تلتفت عائده للباب من جديد، ترددت لدقائق كي تقرع الباب ولكنها حسمت أمرها فطفقت تطرقه بهمة فاترة، إبتسم هو من خلف الباب، يتوقع هذا جيدًا، ف نسمه كما هي لم تفقد ذرة من جمالها الداخلي، كل ما فقدته هو الوزن، ويجب عليه أن يعترف بأنه كان يعشقها وهي علي هيئتها السابقة كثيرًا ولكنها أصبحت ذات جمال خاص. خاص لهُ هو فقط...

قام بفتح الباب بهدوء وقد تصنع الدهشه من عودتها ليقول بنبرة ثابتة: رجعتي يعني؟!
نسمه بنبرة متوترة: بص أنا هعيش معاك في البيت، علشان إنت جوزي في الأول والأخر يعني، بس...
قاطع عاصم حديثها مرددًا بظفر أثار حنقها: أنا أيه؟!
نسمه بعصبية خفيفة: هو انا قولت حاجه غلط، وبعدين ما تمسك في كُل كلمة بقولها، انا هعيش معاك بس مش هيكون في بينّا أي حاجة. لو موافق تمام. وإلا أمشي أحسن؟!

لم يأتها إجابة منه حيث قام بوضع ذراعيه أمام صدرهُ، بينما استدارت هي لتغادر المكان وهنا قبض علي ذراعها قائلًا بلهجة آمرة يخالطها الصلابة: موافق.

إنتِ رايحة فين، فهميني!
قالها زياد وهو ينظُر لزوجته بضيق فيما طفقت هي تضع ملابسها داخل حقيبة سفرها دون أن تنبس ببنت شفةٍ، وهنا تابع زياد بنبرة عالية بعض الشيء: آلاء. انا بكلمك؟!
رفعت آلاء بصرها ترمقهُ بثبات وداخلها يموج من الوجع، تابعت بإبتسامة فاتره لم تصل إلى شفتيها...

مسافرة يا زياد. هسافر لأي مكان أغير جو. وأفوق من اللي انا فيه، وإنت اسمع كلام مامتك. انا مش زعلانه، لو زعلانه كُنت طلبت الطلاق منك، بس انا عوزاك أسعد حد في الدُنيا. وانا عارفة إن سعادتك هتكون في طفل منك.

زياد بنبرة مُنفعلة: لأ غلطانة. سعادتي معاكِ إنتِ وبس، إحنا اللي بنعملها يا آلاء. لحد أمتي هفهمك إن انا ماليش غيرك.
آلاء بإنفعال جمّ: وانا لحد أمتي هستحمل وجع. واستحمل شماته الناس فيا وتدخلهم في حياتي علشان ربنا ما أرادش إني أكون أُم، الأمهات اللي هم عارفين كويس أوي وجع غياب النعمة دي ما رأفوش بحالي. إنت ك راجل هتستحمل انك ما تبقاش أب لحد أمتي؟!، بلاش تضحك علي نفسك يا زياد. وجب الفُراق.

بأقولك أيه يا وردة قلبي. هو إحنا مش هنجيب أخ ل رامي بقي ولا أيه؟!، أصلي شايفك كدا ما بتفارقيش حُضن أُمك!

أردف ماجد بتلك الكلمات وهو يغمزها بعينيه أثناء جلوسه إلى الفراش، فيما تابعت روفيدا وهي تجلس إلى منضدة الزينة قائلة بثبات: يعني عاوز أيه يعني يا ماجد!
ماجد وهو يصر بأسنانه: هاعوز أيه بس يا بومة قلبي. بس ربنا بيقول حُضن جوزك أولي من حُضن أمك وكلك نظر بردو.

نهضت عن المقعد في الحال، تحركت ناحية الفراش ومن ثم جلست عليه ترمقه بنصف عين: فين الشيكولاته يا ماجد؟!، ومن أمتي وإنت بتنساها من ساعة ما أتجوزنا.
ماجد وهو يضرب رأسه بتذكر: اوووبس. قولت ليّ بقي، اه يا طفسه. يا أم كرش إنتِ.
إنقضت عليه روفيدا تضربه بقبضتها الصغيرة وقد إمتعق وجهها غيظًا مما قالهُ فيما تابع هو بقهقه مرحة: كرش صغنون يا حبيبتي، تلاقيكي حامل!
روفيدا وهي تلوي شدقها: لا مش حامل دا كرشي.

طفق ماجد في تلك اللحظه يضرب كفيه بالآخر في نوبة ضحك إحتلته ليقول بظفر: أهو إعترفتي بنفسك!، الإعتراف بالحق فضيلة بردو.

استبهر الليل وكثرة ظُلمتهُ فيما تسلل ضوء خافت إلى الغرفة ليزيد من تدفئه الجو العام بها. تراص الأربعة إلى الفراش جنبًا إلى جنب. الوالدين يحتلان طرفي الفراش وبينهما يوجد الطفلين، رفع سليم ذراعه للأعلي قليلًا حتى مال ناحيتها كذلك فعلت هي ليقترب كفيهما من بعض ومن ثم تشابكت أصابعها بحُب حارف...

رمقها سليم بنظرة هائمة وكأنه يراها للمرة الأولي ويقع بحُبها بل ويهيم بها وجدًا، لم يُخفِ تنشب قلبهِ بحُبها فهو صريع هواها وبدونها يضل طريقه نحو الحياة.

تنهد سليم بأريحية شديدة لترتسم إبتسامة حانية علي ثغره مردفًا: تعرفي. إني مُستعد أبيع الدُنيا دي كُلها، وأعيش اللحظة دي في كُل دقيقه من عُمري؟!، البنت اللي بعشقها وأحلي طفلين منها. انا ليه ما أخطفكم ونعيش مع بعض علي جزيرة لوحدنا!

قال ذلك وهو ينظُر لطفليه بتمعُنِ، فهذا الصغير يُشبهه كثيرًا في صغره بينما جميلته قد ورثت عنهُ حنكته وذكائه ولم تتركها نوراي دون أن تضع بصمتها عليها، ف الصغيره قد أخذت وجنتي والدتها الممتلئتين وقد إصطبغتا باللون الوردي.

نوراي بسعادة: طيب ومستني أيه؟!، تعالي نروح للجزيرة بتاعتنا؟!
قطب سليم ما بين حاجبيه ليردف بتساؤل: جزيرتنا!
نوراي وهي توميء برأسها في حماسة بالغة: أه. حي شُبرا يا سليم، يالا نرجع زيّ زمان. نقضي فيه كام يوم. انا وإنت والولاد، وتنسي الشُغل دا شوية.

إِفتر ثغرهُ عن إبتسامة حانية، رفع حاجبه يُفكر فيما قالت ليرخيه مُجددًا قائلًا بإبتسامتهُ الجذابة: بقولك أيه يا أوشين؟!، تعالي جنبي.
هبّت نوراي من مكانها، إنتصبت واقفه لتسرع بوضع وسادة بجانب صغيرتها ومن ثم استدارت إلى الطرف الأخر، أفسح لها المجال قليلًا لتستلقي هي بجانبه وهنا تابع بنبرة هادئه: أكيد عاوزة تروحي الحي؟!
نوراي بطفولة أسرته: أوي أوي.

رفع سليم رأسها إليه قليلًا ليلثم جبينها قائلًا بحسم: انا تحت أمر أحلي أوشين.

في صباح اليوم التالي،
هرولت في هذه الرقعة الفارهة داخل النادي، تدور داخل هذه المساحات فقد إعتادت ذلك بل أدمنته، وقفت تلتقط أنفاسها التي تلاحقت بقوة، يرمقها هو بإهتمام وافر فقد رفض ذهابها بمُفردها، وفي تلك اللحظه جلست إلى الأرض من فرط الإرهاق ليأتيها صوتًا لم تسمعه مُنذ فترة،.

إلتفتت ناحية مصدر الصوت. إبتسمت إبتسامة لم تصل إلى عينيها لتردف بنبرة ثابتة: أستاذ عادل؟! أزيك!
عادل وهو يرمقها بإعجاب: كويس يا أنسه نسمة.
قطع حديثهما مجيئه، حين هتف بصوتِ جهوريٍ من خلف هذا ال. عادل، قائلًا بصرامة: مدام يابني!، بس ليك وحشه!
قالها عاصم وهو يربت علي ظهر عادل بقوة جعلته يندفع للأمام قليلًا ليستأنف حديثه ملتفتًا لها وهو يلقي لها قارورة مياة: أشربي.

تناولتها نسمه منهُ فيما استدار عادل بوقع بطيء يخشي ما سيراهُ ف هذا الصوت مألوف بالنسبه لهُ بل مألوف جدًا، وكذلك هذه اليد، قد سبق لها وأن مستهُ بسوء...

حدق عادل به في ذهول، تلعثمت العبارات في حلقه. وبدأ جبينه يتندي عرقًا قائلًا بتلعثم: إنت!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة