قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

يُقال بأنه ومن الحُب ما قتل ، بل ومن الحُب من إتقدت نيران الغيرة داخلهُ ليبخها للخارج فتأكل الأرض ومن عليها حتى تصير رمادًا دون أن يرف لهُ جفن، ومن الحُب ما أرهب صاحبه خيفة من أن تُصبح وردته في بُستان آخر فيغمرها رعاية وبدورها تفوح بعطرها إليه. ولا ننسي أيضًا ومن الحُب، بلي ومن الحُب الكاذب ما يجعل تلك البائسة تنظُر لهم جميعًا وكأنهم أشباه رجال، لم تجد أبدًا من يرحم الأُنثي داخلها...

نحت بصرها إليهما وقد إنكمشت خلجات وجهها في استعجاب، أمسكت بقارورة المياه بين أصابعها تُتابع الموقف بنظرات تساؤلية وهي تجد عادل الذي يتصبب العرق منه وقد استحال لون وجهه للصُفرة الفاقعة حينما التفت إلى مصدر الصوت قائلًا بنبرة وجلة:
إنت؟!
أومأ عاصم برأسة أعلي وأسفل بثبات وقد ابتسم لهُ إبتسامة ذات مغزي ومازال رافعًا ذراعه إلى كتف الآخر في حين تابع عاصم بنبرة جامدة: اه أنا!، بس هو إنت تعرفني؟!

ابتلع عادل ريقه بصعوبة وأخذ يهزّ رأسه سلبًا عدة هزات متوالية ليهتف بقلقِ جليّ: لااااأ. يمكن شبهتك بحد انا أعرفه.
ربت عاصم علي كتفه ببرود شديد، ومن ثم أبعد ذراعه عنه واتجه ببصره إليها ليجدها تردف بهدوء: علي فكرة دا أستاذ عادل. صحفي معروف، وبيجمع بينه وبين سليم شغل!، ودا يبقي عاصم جوزي يا أستاذ عادل!

أنهت كلامها وقد اتشحت ملامحها بهيبة مُخزنة لتنهض علي الفور وقد إقتربت بإتجاه عادل لتمد يدها إليه قائلة: نستأذنك بقي علشان عندنا شُغل.
نحا عادل ببصره إلى يدها الممدودة ناحيته، رفع وجهه يرمق عاصم بقلق ليجده ينظُر إلى كف زوجته بنظرات يتطاير منها الشرر، وهنا تابع عادل بإضطراب دون أن يمد يده إليها: علي العموم ألف مبروك يا مدام نسمه، بعد أذنكم.

عقدت نسمه ما بين حاجبيها في تلك اللحظه لتلتفت إليه بنظرات شك فيما ظهرت علي وجهه إبتسامة أثارت الغيظ داخلها لتقول بضجر: دي مش أول مُقابلة بينكم، صح ولا أنا غلطانه؟!
إقترب عاصم منها علي مهل ومن ثم الف ذراعه حول كتفيها وقد رمقها بنظرات ثاقبة ليقول بنبرة ثابتة: وإنتِ من أمتي بتقولي حاجه غلط؟!

رفعت كتفيها أعلي قليلًا ثم أنزلتهما في إمتعاض من لمسته لها وأريحية حديثه معها، فهي تعلم تمام العلم أن وراء توتر هذا ال. عادل، تهديد بيّن أو، هي لا تعلم بدقة الأمر لكن أيقنت أن عاصم القديم قد عاد بأفعاله لينتقم لغيرته ومن الواضح جدًا بأنه يراقبها مُنذ أمد بعيد...

أنزل عاصم ذراعه عن كتفيها حتى استقر علي خصرها ومن ثم ضغط عليه ليقربها منه أكثر وبنبرة باردة تابع: في أيه يا نوسه دا إنتِ مراتي مش واخدك تخليص حق؟!، أمشي كدا زيّ الشاطره وبلاش أقلب علي الوش التاني ماذا وإلا...

قاطعته هي عندما رمقته بجانب عينيها لتقول بنبرة باردة: مش باجي بالتهديد علي فكرة. واللي مُتأكدة منه إنك هددته أو عملت له حاجه.
عاصم مؤكدًا علي حديثها عندما ضغط علي ظهرها أكثر حتى إصطدمت بصدره بفزع، لاحظ إتساع عينيها من الدهشةِ ليقول بإبتسامة خفيفة: لا مؤاخذة يا أم العيال، أصلك وحشاني ونسيت التعامل مع الجنس الناعم.

باتت بين أحضانه، ضاغطًا هو بذراعه المفتول علي ظهرها ليخرج الكلام منها بالكاد رافعة عينيها إليه: بلدوزر دهس قطة، أبعد إيدك دي. هتخنقني يا إنت؟!
أرخي عاصم ذراعه عنها في تلك اللحظه لتبتعد عنهُ بأقصي سرعة لها وكذلك أردفت بنبرة لاهثة: دراع بني آدم دا ولا حديد يا ساتر. لحظة كمان وكُنت هلفظ أنفاثي الأخيرة، يالا قولي حالًا أيه علاقتك بعادل؟!

وضع عاصم ذراعيه في جيبي بنطاله، رمقها بنظرة ثابته وقد إخشنت نبرة صوته بوضوح قائلًا: انا ما بهددش، أنا بنفذ علي طول. واحد بيتعرض ل مراتي. تفتكري هسمي عليه!، لأ دا انا هعلم عليه، وبعدين هو اللي قلبه رهيف كدا. انا عاوزه ينشف شوية دي كُلها كام عَلقه علي كام خُسارة. مش حاجه تُذكر يعني يا ست الكُل، بس إنت ما تشغلي بالك بيه، علشان عداد خسايره ما يزيد. تمام؟!

وجدت شفتيها في طريقها نحو الإبتسام لتستوعب ما تفعله وتبدأ في إبعاد وجهها للجهة الأُخري هروبًا من نظراته لها، فيما عاد هو يضع ذراعه علي كتفها وبنبرة حانية تابع: يالا بينا.

أشعل سيجارته القابعة بين أصابعه بقداحتهُ الذهبية، ليأخذ نفسًا منها ومن ثم ينفث دخانها في الهواء ليكون غمامة بيضاء تحول بينه وبين سليم الذي يجلس في المقعد الُقابل لهُ دون إكتراث لغضبه الجمّ، ليتابع رائف (رئيس الوزراء ) بجمود: طيب والمشاريع؟!، هتعمل فيها أيه!

سليم بثبات بث الغيظ في نفس هذا المُختال الذي يعلم تمامًا بأن اعمال سليم كُلها تتسم بطابعِ الجد والمسؤولية ولا يحتاج لمَن ينبهه بذلك: الأجازة هتكون عبارة عن أسبوع فقط، فأنا هختزل شغل السبع أيام في يومين علشان أقدر اتفرغ لعيلتي شوية. وأظن معاليك عارف إني مش بحب حد يتدخل في شُغلي او يعرفني هتحرك أزاي؟!

أومأ رائف برأسه في خفةِ ليرمق سليم بنظرات ثاقبة وهو يقول: ماشي يا سليم اللي تشوفه.
نهض سليم من مكانهِ علي الفور. إتجه صوب الباب بخُطوات واثقه، أمد أصابعه إلى مقبض الباب ليديره وما أن فُتح حتى إلتفت مُجددًا إلى ذاك الرجل الذي يَبيَض شعر رأسه من يوم لآخر ومازال رافضًا العمل لأخرته ليقول بتهكم: وياريت تبقي تسأل علي أمجد العزالي!
رائف بإستفهام واضح: ماله؟!
سليم بإبتسامة ساخرة: مُجهد شوية.

قالها ثم ترجل خارج المكتب لتغيب الإبتسامة عن وجهه ويحل مكانها الجدية والصرامة فهو مثال للإتزان والكمال حتى لو كثُرت النواقص حوله...

إهدي علشان خاطري، طيب إسمعني كويس يا آلاء. إنتِ دلوقتي تروحي اليلا وانا ربع ساعة وهكون عندك. كُلهم مقررين يقعدوا اسبوع في الحي القديم، وبإذن الله هاخدك ونروح معاهم. بس كفاية عياط حبيبتي هتتعبي أكتر! في حفظ الله. مش هتأخر عليكي!

رددت نسمه هذه الكلمات وهي تجمع ما يخُصها داخل حقيبه سفرها ثنائية العجلات، دلف خارج المرحاض ومن ثم وقف ينظُر لها بترقب قائلًا: بتعملي أيه؟!
رمقتهُ نسمه لوهلة قبل ان تستأنف دس ما تحتاجه داخل الحقيبه فيما تابع هو بنبرة عالية إرتجف جسدها علي أثرها: خير يا نسمه؟!، رايحه فين كدا إن شاء الله؟!

إبتلعت ريقها بوجوم من صوته العال، قامت بغلق سحاب الحقيبه ومن ثم أسندتها أرضًا وهي تقول بضيقِ: هروح مع ماما خديجة والباقي للحي القديم، هنقعد مع بعض أسبوع.
إتجه بخُطواته إليها، إرتبكت قليلًا وبدأت تضغط علي أصابعها وكأن الغرفه تضيق بهما لتجده يقبض علي ذراعها بصرامة: وما عندكيش راجل تستأذني منهُ؟!

نسمه بتوترِ محاوله التملص من بين قبضته: بلاش الإسلوب دا معايا!، انا هنا مش علشان فرحانه بجوازي منك، ولكن اللي حصل ما بيتصلحش.
رفع عاصم أحد حاجبيه وبنبرة ذات مغزي تابع: بس لسه ما حصلش حاجه!، بس عندك حق لازم يحصل علشان ما تكونيش كدابة.

إبتعدت قليلًا للخلف وقد فتحت عينيها علي وسعهما بينما تبدلت ملامحه للغضب الجامح ليواليها ظهره وبحركة عصبية قام بإزاحة المنشفه عنه وبدأ في تمشيط شعره مُرددًا بوجوم: إتفضلي جهزي لبسي علشان مش هتروحي لوحدك طبعًا.
قامت بوضع أصابعها المُرتعشة علي فمها، جابت الدموع في بؤبؤي عينيها وقد ذُهلت مما تري وقد ابتسر لونها فزعًا لتهتف به بنبرة مهزوزة: أيه دا!

إنتبه عاصم لها وهو ينظُر إلى صورتها المنعكسة في المرآه ليقلق بشأنها ومن ثم يلتفت إليها قائلًا بتساؤل: مالك؟!
نسمه بنبرة فزعة: أيه اللي في ضهرك دا!

لانت ملامحه في تلك اللحظه، استدار ينظُر للمرآه من جديد فقد أدرك الآن بأنها وأخيرًا لاحظت تلك الندبات والإصابات المُميته علي ظهره، ف برغم مُحاولته لتجميلها ولكنه يجد صعوبة في مداواة الألم بها فهي أكثر المناطق التي نالت منها النار ولكنه يستمر في العناية بها بإستخدام الإبر وكذلك كريمات الحروق. تابع بنبرة ثابتة وقد تقابلت أعينهما في المرآه:.

لا حول ولا قوة إلا بالله. دا يا ستي يبقي جرح بسيط كدا وانا بلعب معاكي استغماية من تلات سنين، حلو كدا؟!

عَبرت قسمات وجهها عن الضيق من إستخفافه لما قالتهُ ولكنها أحست بغصة تسري في حلقها وجعًا عليه وكأن الوقت بينهما يعمل علي إتضاح الحقيقةِ وانجلاؤها للعيانِ، فليهدأ قلبها قليلًا فما مضي لم يكُن سوى سجن له، سجن كبريائه أمام شفقة الحُب أما هو فلم ينقص حبها داخله ذرة واحدة. لتردف بهدوء وهي تراقبه بعينيها وتجدهُ يلتقط من خزانته ذاك المرهم: انا ممكن أساعدك!

انفرجت اساريره عن ضحكة خفيفة، ليستلقي إلى الفراش قائلًا ب لؤم: امممم موافق.
اتئدت خُطواتها إليه، وما أن جلست إلى طرف الفراش حتى أمسكت بذاك المرهم وبدأت تنثره مكان الجُرح. أخذت تدعكه بأطراف أصابعها في خوفِ من أن يتوجع ليأخذها فضولها إلى سؤال ما لتقول بنبرة متوترة قليلًا: مين بقي إلى كان بيساعدك تحطه قبل كدا؟!
عاصم وقد إتكأ بذقنه علي الوساده أمامه: الممرضة الخاصة بيّا.

إمتعق وجهها غيظًا، رغبت لوهلة في البُكاء لتتماسك قليلًا وهنا أخذت تضغط بأصابعها علي موضع الجُرح وكأنها تنتقم لداخلها الذي يشتعل في حين تابع هو ب ظفر: ما براحة يا مدام. دا علاج حروق مش مساچ.
نسمه بعصبية خفيفة ولم تلتفت لحديثه: والممرضة تعمل مسا. ، قصدي تحط لك مرهم ليه!، مافيش ممرضين رجالة؟!
عاصم بتلذذ من غيرتها: لأ ما انا بحب الأيادي الناعمة.

بَلغ غضبها آخره لتنهض عن الفراش وبنبرة جامدة تابعت: طيب ممكن بقي تجهز علشان نمشي، لأني قلقانة علي آلاء جدًا.
استدار عاصم إليها ومن ثم تابع بنبرة ذات مغزي: طيب ومش قلقانة علي جوزك!
نسمه بإمتعاض ونظرات يتطاير منها الشرر: ما إنت زيّ الفل أهو وبيتعمل لك مساچ بأيادي ناعمة!

أطلق قهقه عالية أثر كلماتها، ضربت بقدمها الأرض في إنزعاج لتصر بأسنانها وبحركة إندفاعية ترجلت خارج الغرفة وهي تهزي بكلمات واضحة للغاية ليقول هو بإستفزاز: أحبك وإنتِ غيرانه!

تمام كدا كُل حاجه جاهزة. مافيش غير إن سليم وعاصم ونسمه يشرفوا.
أردف زياد ماجد الكلمات وهو يضع الحقائب في بهو اليلا بحماسِ بالغ فقد إشتاق لمسقط رأسهُ ورائحة والدهُ التي تفوح من كُل رُكن داخل الغرفة فدعونا لا ننسي السيد ناجي بكُل ذكري لهُ حركت داخلنا مشاعر جياشة.

تنهدت روفيدا بأسف لحال صديقتها القابعة بين أحضان السيدة خديجه وهي تنتحب بكُل آلامها، أخذت خديجة تربت علي ظهرها بحنوها المُعتاد لتقول بغضب بيّن:
أنا مش فاهمه هي الست دي عاوزه منك أيه!، دا ربنا نهي عن خراب البيوت. وياريت دا أي بيت، دا بيت ابنها؟!، انا مش عارفه هي جايبه قسوة القلب دي من أنهي مُصيبة؟!

آلاء بنبرة مُتقطعة: علشان خاطري يا ماما خديجة، خليه يطلقني انا تعبت!
خديجة بشهقة خفيفة: هششش، تفي من بؤك يا بنتي. ليه بتقولي كدا!، دا جوزك بيحبك يا آلاء ما تخليش الشيطان يُدخل بينكم.

نوراي بحُزن واضح: يا آلاء لو سمحتي إنسي كلمة طلاق دي شوية، إحنا لو شايفين زياد مقصر معاكي في حاجه كان الوضع إتغير، لكن هو بيحبك وإنتِ كمان. وكُل اللي بيحصل دا ربنا له حكمة فيه.
روفيدا بإستكمال: ونعم بالله، بإذن الله ربنا هيراضيكي حبيبتي بس الموضوع محتاج صبر.

كانت أنهار تُتابع حديثهن عن بُعد دون تدخل منها، فقد إندمجت مع الأطفال في لعبهم ولكنها تابعت بنبرة هادئه: طيب وليه يا أبله آلاء. ما تتجهيش للحقن المجهري!
آلاء بتركيز: أزاي؟! انا عاوزة طفل طبيعي من عند ربنا.
أنهار بتعجب قاطبه ما بين حاجبيها: أمال دا من عند الخلق؟!، ما هو من عند ربنا بردو. بس الحقن دا بيعالج حاجات كتير مش مساعده علي الخلفه.

نوراي مضيقة عينيها بترقب لتتابع بتساؤل: اشرحي أكتر يا دكتورتنا!
أنهار وهي تعض علي شفتها السُفلي: لا أقول أيه!، انا بستحي. معانا رجاله في المكان!
روفيدا بغيظ: بتستحي!، إنتِ دكتورة أزاي إنتِ مش عارفه، وبعدين ماجد بيتكلم في الفون، إنجزي إيه معلوماتك عن الحقن المجهري دا.
في تلك اللحظه فردت أنهار ذراعيها علي وسعهما لتقول بنبرة خافته: ضموا عليّا وانا أفهمكم.

نوراي بنفاذ صبر: إنتِ هتلاعبينا فتحي يا وردة!، ايه التهويل دا! ما تنجزي يا هبلة!

بدأت تسرد علي مسامعهن ما يتوجب علي آلاء فعله، أنصتن إليها بإهتمام شديد وهنا قطع حديثهن مجيء نسمه بصُحبه عاصم وسليم لتهرول ناحية آلاء ومن ثم إحتضنتها بقلقِ قائلة: آلاء. إنتِ كويسه حبيبتي؟!
آلاء بهدوء: الحمدلله.
نسمه بتفهم: انا أسفه يا جماعة علي التأخير، خلونا نمشي.

بدأوا بالدلوف داخل سيارتهم الخاصة لتبدأ رحلتهم إلى الحي القديم والتي ستستغرق قرابة الساعة، إنطلقت الثلاث سيارات حيث جهة واحدة عازمين الأمر علي أن ينسوا همومهم جميعها...

أيه كمية الصحافة دي؟!، وعاوزين أيه!
أردف أمجد العزالي بتلك الكلمات وهو ينظُر من نافذة غرفته بغضب عارم ليلتفت إلى مساعده الذي أفصح قائلًا بقلق:
بيقولوا يا باشا إن وصلهم خبر بتعرض معاليك لحادثة، وطبعًا ما صدقوا يتجمعوا تحت القصر علشان يعرفوا أسبابها.

مشي من جديد ناحية فراشه ضاغطًا علي قدمهِ المُصابة ليهتف بنبرة غاضبة وقد ضجت صيحاته داخل القصر: هو مافيش غيره. وحياة أُمي ما هرحمه.
(داخل سيارة سليم )،
حملقت بعينين جاحظتين أثناء تصفحها لأحد مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك). ذاك الخبر عن تعرُض أمجد العزالي لحادثة غير معلوم أسبابها حتى الآن.
تحولت ببصرها ناحية زوجها الذي إلتفت لها بإستغراب قائلًا: في أيه يا أوشين؟!

رمقتهُ نوراي بنظرات جامدة وقد ضيقت عينيها إستعدادًا لذاك الإنفجار داخلها لتقول بتساؤل مُتقد: أمجد إتعرض لحادثه؟!
تنحنح سليم قليلًا وعاد ينظُر أمامه من جديد ومن ثم تابع مُتصنعًا اللامُبالاه: أه سمعت قبل ما أجي إنه اتعرض لحادثة، بس الصحافة بتهول المواضيع، يعني هي مش حادثة ولا كلام فاضي. دا كان تدريب كاراتيه مش أكتر.

قالها سليم بأريحية شديده ليرفع كتفيه ببراءة مُطلقة ثم ينزلهما مُفتعلًا غفلته عن معرفة أسباب الموضوع فيما تابعت هي تهتف به: إنت يا سليم اللي ضربته صح؟!، انا عارفه إنك مش هتسيب حقك. وهتضيع نفسك وتحرمني انا وولادك منك، مش هترتاح غير لمّا يكون نهاية اللي بينّا فُراق بالغصب.

تجهمت معالم وجهه وهو يكور قبضة يده ثم يضرب مقود السيارة في غضب جامح ومن ثم أوقف السيارة علي فجأة ليلتفت بكامل جسده لها قابضًا علي ذراعها بنبرة أثارت ريبتها:
من أمتي سليم بيتغصب علي حاجه؟!، ومن أمتي بفرط في اللي ليّا!، ومن أمتي بخاف يا هانم. أنطقي من أمتي؟!

أجهشت بالبُكاء في تلك اللحظه، رمقتهُ بنظرة وجلة وقد وضعت قبضتها أمام وجهها تحتمي بها من صرخاته ونواتج عصبيته تلك: بس إنت مش هتقدر تقف قدام عُصبة من الظُلم. أنا وولادك محتاجينك، ما تعرفش هو بيفكر في أيه دلوقتي! انا خايفه أخسرك يا سليم. انا عاوزة أعيش معاك في راحة، مش كُل يوم أحط إيدي علي قلبي من الفزع وما بارتحش غير لمّا أشوفك داخل من باب اليلا.

لانت ملامحه لها ليقول بنبرة هادئه يُخالطها الحنان: تعالي.
إرتمت بين ذراعيه تحتضنه بلهفة، لتنظُر إلى طفليها القابعين بالمقعد الخلقي وغارقين في نومهما، في تلك اللحظه سمعا صوت طرقات قوية علي زجاج السيارة من كلا الجانبين.

تنقل سليم ببصره بين هذين الشابين في إستغراب فيما شهقت هي بفزعِ واضعة أصابعها علي فمها، أدرك هو لتوه بأنهما ثُمالا ليجد أحدهما يمسك بين قبضته قارورة من ذاك الشراب المُسكر...
إنزل يا عم الرومانسي!
سليم وهو ينظُر لزوجته قائلًا: إهدي وروحي اقعدي في الكنبه اللي ورا وامسكي الولاد كويس.
نوراي بتلعثمِ: أنا خايفة، دول سكرانين، أوعي تفتح لهم.

ضغط سليم علي عينيه في ثبات فقد إحترم مخاوفها ليقول بشبح إبتسامة لا تُغير من خوفه علي زوجته وابنائه: ما تخافيش وانا جنبك. إسمعي اللي بقول لك عليه.

أومأت نوراي برأسها إيماءة خفيفة وبدأت تعود بجسدها إلى المقعد الخلفي لتجد أحدهما ينتقل إلى النافذة الخلفية المُلاصقة لمقعدها، أسرعت بإحتضان صغيريها فيما وقف الآخر أمام السياره مانعًا سليم من السير بها وبدأت صرخاتهم الآمره تعلو مُجددًا: إنزل بقولك وهات الحلوة دي معاك.

بدأ سليم يطرق علي مقود السيارة بأطراف أنامله ومن ثم بدأ في إشعال أضواء السياره الأمامية مُحذرًا ذاك الذي يقف أمامهُ ولكن دون جدوي، فيما بدأ الأخر بالضرب المتوالي علي زجاج السيارة مُحاولًا كسره وبالفعل أحدث شروخًا به.
نوراي ببُكاء وصريخ عال: هنعمل أيه يا سليم؟! هيكسر الإزاز.

إلتفت سليم إلى زوجته ليجدها احنت ظهرها تُحاول حماية طفليه من كسيرات الزُجاج المُتطايرة، إحتدمت الدماء بعروقه ليلتفت وبدون تفكير قاد السيارة بحركة خفيفة ليصدم الرجل وقد أطاح به بعيدًا ومن ثم إنطلق بسيارته بأقصي سرعة لديه، تنفس الصعداء في تلك اللحظه فكاد أن يفقد صوابه خشيةً أن يمسهم سوء ولكن ذكائه هو خليله الدائم في كُل مواقفه...
أردف أثناء قيادته لسيارته قائلًا بقلق: نوراي إنتِ كويسه؟!

هزّت نوراي برأسها بخفة دون أن تنبس ببنت شفةٍ فيما تابع هو ناظرًا لها من مرآة سيارته: طيب كلميني علشان ما أقلقش!
مسح علي غُرة رأسه بهمِّ وقد أخرج زفيرًا مُشتعلًا ليعود هاتفًا من جديد: يا نوراي، إهدي حبيبتي. بعدنا وإنتهي الموضوع!، وبعدين انا جنبك.
نوراي بنبرة خافته: أنا كويسه. كُنت خايفه علي الولاد لمّا حاول يكسر الإزاز.

سليم بإبتسامة هادئه: لأ. إنتِ اللي قلبك خفيف زيادة عن اللزوم، بتفكريني بأُمي لمّا أبويا الله يرحمه كان يتخانق مع حد، كُنت فاكر مرة إنها نزلت الشارع تُصرخ وراحت وقفت قصاده وعملت نفسها أُغم عليها ومرة تاني أبويا كان واقف في محل البقالة بتاعه وكانت واحدة عاوزة تلف عليه وتتجوزه ف أُمي عرفت بالموضوع، وهوبا مسكت الست في قلب الشارع وراحت قالعه شبشبها ونزلت عليها ضرب ووصل الموضوع للشعر، يعني من الأخر عدمتها العافية. وأول ما أبويا سمع بالخناقة وجاي جري راحت عملت نفسها مغم عليها وإنها الضحية بقي وكدا.

إنفرجت أسارير وجهها بضحكة خفيفة، لتمحو عَبراتها عنها وبنبرة هادئه قالت: ربنا يديم وجودها يا سليم، كفاية إنها إدتني أحلي هدية بتحلم بيها أي بنت في الدُنيا ( زوج راجل )، الحُب كتير أوي يا سليم. بس الحُب اللي طرف منه راجل بيكون أحلي، إنت بطلي في كُل الأوقات. بس بصراحة حكاية الغيرة دي أمر مفروغ منهُ.

سليم بإبتسامة عذبة: عندما تُصبح أوشين أحد أطراف مُعادلة الحُب، ف ينبغي أن يكون الطرف الأخر يتسم بالرجولة وهذا يساوي في النهاية نظرة ثقه وضحكة صدق ولمسة أمان ف تثبت ليّ المعادلة حينها بأن الناتج بطل، ودا انا طبعًا يعني.
أطلقت نوراي قهقه عالية لتنسي علي أثرها ما تعرضت له مُنذ دقائق لينجح هو في ذلك وبجدارة وهنا تابعت نوراي بنبرة حانية: ربنا يحميك ليّا.

إنقضت الساعة علي خير وبدون أي خسائر بالمرة، إصطف سيارته أمام هذا البناء القديم ليجدوا الشباب في إنتظارهم،
ترجل هو في البداية ومن ثم أسرع في فتح الباب الخلفي لها. ترجلت هي أيضًا ليقوم بحمل عاصم بين ذراعيه ومن ثم هتف ب ماجد قائلًا: تعالي يا عم ماجد، شيل نيروز.
عاصم بإنتباة لتدمير زجاج السيارة: أيه اللي كسر الإزاز كدا؟!

سليم وهو يناوله الصغير وأعقب ذلك غمزه ذات مغزي: أمسك عاصم يا عم إنت. هو إحنا مسميينه علي اسمك وكمان مش هتشيل!

عاصم بتفهم ونبرة مازحة: يا عم سليم دا الحاجة الحلوة اللي في عيلتكم كُلها.
أحاط سليم خصر زوجته بذراعه لتستند هي عليه، فمازالت غير قادرة علي الوقوف بإتزانِ من أثر الفزع. إصطحبها بهدوء داخل البناية، وضع كفه في جيب بنطاله ومن ثم أخرج ذاك المفتاج.

ولج المُفتاح داخل الباب ليستطع بكُل هدوء فتحه، نظرت نوراي إلى الشقه التي رُتبت بعناية وكأن هُناك من يسكُنها فقد أعطي سليم ذاك المفتاح لجواد وطلب منهُ إحضار إحداهن لتنظيف المكان، تابعت نوراي بإستغراب وقلق شديدين:
إيه دا؟!، هو في حد جه نضف المكان دا؟!
لوي سليم شدقه بإستنكار ليقطب ما بين حاجبيه وكأنه لا يعلم عن هذا الأمر شيئا، ومن ثم نحا بصره إليها ثم تكلم سادرًا: لأ. انا ما طلبتش من حد ينضفه.

ضغطت نوراي بكفها علي ساعده أكثر لتنظُر له بخوف مقتربه منه أكثر فيما تابع هو بغمزه من عينيه: شكل الموضوع فيه عفاريت. انا بقول تعالي في حُضني علشان أحميكي.
أومأت نوراي برأسها في فزع لتحتضنه بذراعيها فيما جلت ضحكة عريضه علي مَبسمه من ردة فعلها تلك ليطبع قُبلة حانية علي جبينها، وفجأه.

روميو وچوليت يا خواتي! إنتوا هتحبوا في بعض كتير كدا وأنا والواد الغلبان دا شايلين عيالكم. وبعدين الرحمة دي نسمه بتلبس كالسون وهي نايمه!، لمّا حاسس إن صاحبي اللي نايم جنبي.

أطلق الجميع قهقهات عالية وخاصةً عند رؤية وجه عاصم وهو ينفعل علي زوجته التي أعلنت فرمان إنتقامها منهُ وهنا تابع سليم غامزًا لهُ: كُله بحسابه!

أنا هكلم سليم وبإذن الله هتكون راحت عنده.
دمدم زياد بعباراته تلك وهو يضغط علي أزرار الهاتف في قلقِ وخوفِ علي هذه العنيدة التي لطالما ناداها قلبه ولم تستمع له وفي تلك اللحظه قطع إتصاله مجيئها وهي تردف بنبرة ذات مغزي: أنا كلمتلك العروسة يا زياد!، وإتفقت علي ميعاد هتيجي فيه مع الست الوالدة علشان تتعرفوا علي بعض ولو اتفقتوا نحدد كتب الكتاب بسرعة.

أردفت سَكينة بتلك الكلمات وهي تجلس بجانبه علي الأريكة ومن ثم ربتت علي كتفه بثبات فيما رمقها هو بنظرة ثاقبة مرددًا بإستغراب...
كتب كتاب!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة