قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

صر بأسنانه بإنعدام صبر فقد نال الجزع منهُ، فالخوف ينتشر كالسرطان في خلايا قلبه من صرامة قرارها بالانفصال، رفع الهاتف يستمع إلى دقات الإنتظار ليجدها تُجيبهُ بنبرة واهنة: نعم يا زياد!

قالتها بألمِ جارفٍ ونبرة لا حياه بها في حين تابع هو بهدوء مُحاولًا السيطرة علي نفسهِ: نعم يا زياد!، يا حبيبتي. إنتِ مش شايفه أنه كفايه عليّا لحد كدا؟!، أنا فاض بيّا وما حدش حاسس ولا حتى إنتِ. هراضيكي ازاي وإنتِ أصلًا فاهمه رضايا علي أنه شفقه، للدرجة دي مش عارفة جوزك!

مسحت هي قطرة إنسابت منها في غُفوة من أمرها، بأطراف أصابعها لتقول بنبرة يتقطع لها نياط القلوب: لأ. عارفة جوزى كويس، بس مش علشان عارفه انه بيحبني، ف استغل الحُب دا وأحرمه من كلمة بابا.
زياد بعصبية خفيفة: يا ستي مش عايزها. لو بابا مش هتتقال من ابن آلاء، أنا مش عايزها.
قفز شبح إبتسامة ليُزين مبسمها لتردف إينذاك بنبرة هادئه: يبقي خلاص ناخد خطوة جادية في موضوع الخلفه دا.

زياد بتساؤل ولهفة: أيه هي الخطوة!
لَم تُباغته بإجابة سؤاله بل صدرت صرخه منها، ارتاع لها قلبهُ أثناء جلوسها إلى هذه الأريكة بغُرفة الصالون ليسقط الهاتف منها من فرط خوفها عندما إنقطع التيار الكهربي وغابت الأضواء عن المكان، أخذ يهتف بها بقلقِ جمّ: آلاء؟!، إنتِ يا بنتي!، بتصوتي ليه!
لم يأتيه إجابتها أيضًا ليقوم بغلق الهاتف مُقررًا الذهاب إليها...

هرولت روفيدا خارج المطبخ وقد أشعلت شمعة لتضيء المكان فيما تابعت نوراي التي كانت تحتضن صغيرها الذي نام بعد أن تشبع بالغذاء: هو مافيش غير الشمعه دي يا روفيدا؟!، الجو عتمه جدًا.
أنهار بتوترِ: انا قلبي إتوغوش كدهون، بقولكم أيه!، إنتوا إتصلوا ب أجوازتكم، ييجوا يشوفوا لنا حل في النور دا، بدل ما هم خدوا بعضهم وراحوا يقعدوا علي القهوة كدا.

نسمه وهي تنظُر لها بإستنكار: الموضوع مش مستاهل، شوية والنور هيرجع. أجمدوا شوية.
قامت نوراي بوضع الصغير بجانب شقيقته النائمة ومن ثم ذأبت بخطواتها ناحيه نسمه ثم جلست إلى جانبها تُردد بثبات مُصطنع: بالظبط، شوية وهيرجع بلاش نعمل حوار.
إنضمت روفيدا إليهما لتجلس إلى الجانب الأخر من مكان نسمه فيما تابعت أنهار التي جلست إلى جانب روفيدا وقد إنكمشت علي نفسها خِيفة: هو البيت دا مهجور من قد أيه؟!

روفيدا بتلعثم: بنيجي هنا كُل سنه، مش فترة كبيرة يعني بس ليه؟!
قاطعهن صوت إرتطام قوي قادم من إحدي الغُرف وأصوات نوافذ تُفتح وتُغلق تباعًا وهنا صرخت نوراي بهلع: يا مامي، أيه الصوت دا يا بنات؟!
أنهار وهي تتعلق بعُنق روفيدا: ياما. أكيد في حد عاوز ينتقم منا!
زفرت نسمه زفرة خفيفة، لتتجول بنظرها بينهن في استنكار قائلة: شوية هوي جامدين، قفلوا الشبابيك. أيه الفيزيا في ك، عاااااااااا.

تحولت نبرتها من الثبات إلى الهلع، وقد دوي صوت صراخها في المكان كُله وهي تجد جسد عريض ملفوف بملاءه بيضاء ووجهه صُبغ باللون الرمادي وعينيه يقطران عَبرات دموية منهما، وكذلك إمتلأ وجهه كُله بطعنات حادة جعلته أشبه بشيطان، وقف هو علي باب الحُجرة التي تغفو بها السيدة خديجه ومن ثم نظر لهما مُطولًا،.

إتجهن ببصرهن حيث تنظُر نسمه ولم تتوقف صرخاتها بعد، لتعلو صرخاتهن كذلك في نفس واحد، أخذت أنهار تتشبث بهن بفزعِ وما أن عادت بجسدها للخلف قليلًا بحركة قوية حتى إنقلبت الأريكه بهن، ليسقطن للخلف أرضًا وأصبحت أقدامهن تُحلق في الهواء، لتردف أنهار بنبرة صارخة: عفريت، شيطان، جِن، هعمل بِيِبِي علي روحي لأول مرة من ساعة ما كنت في كي جي وان.

نوراي وقد أغلقت عينيها بفزعِ مُتشبثه بذراع نسمه: ولادي!، حرام عليكم يا عفاريت. سيبوا ولادي. ألحقني يا سليم.
روفيدا بنبرة باكية: إحنا هنفضل متشعلقين كدا؟! م...
في تلك اللحظه رفعن أعينهن للأعلي، ليجدن ذاك الوجه البشع يميل برأسه إلى وجوههن الواحدة تلو الأخري، ليصرخن في نفس واحد.
أغلقن أعينهن من فرط الخوف، أخذن يُرددن الشهادة فيما بينهن وما أن فتحن أعينهن حتى إختفي هذا الوجه...

إعتدلت كُل منهن من جديد، وقفت نسمه مكانها وأخذت تجوب بأنظارها المكان باحثه عنهُ فيما تابعت أنهار وهي تستند علي ساعدها لتنهض: أكيد دا جُثه جوزك المرحوم اللي صِحي، أنا مُتأكده إنه إتقتل هنا وانتوا خبيتوا السر دا عني، وهو راجع ينتقم.
نسمه بخوفِ: أخرسي يا شيخه!، جوزي مش ميت.
استندت آلاء بظهرها إلى الحائط وهي تتقوس علي نفسها فيما تابعت نوراي بإضطراب: بقولكم أيه؟!، يالا ناخد ولادي ونجري بسرعة برا البيت.

آلاء برُعبِ: قطعت الخلف خلاص.
أنهار وهي تقضم أظافرها بخوفِ: ما إنتِ ما بتخلفيش أصلًا.
آلاء وهي تستشعر خيال أحدهم يقترب منها، لتنهض علي الفور وتحتمي بهن في زاوية من الغُرفة: كان عندي أمل. عااااا.
أخذت أنهار تُهرول إليهن، ولكنها كانت تتحرك بطريقه غريبه للغاية، حيث أبعدت قدميها عن بعضهما أكثر بزاوية حادة، لتقطب نسمه ما بين حاجبيها قائله بإستغراب: إنتِ ماشيه كدا ليه؟

أنهار وهي تُلقي بنفسها بينهن: بيحصلي تقوسات لمّا بخاف، سيبيني في حالي.
حملقن الخمسه إلى هذا المنظر، حيث أصبح هذا الوجه البشع ينضم إليه ثلاثه آخرون من نفس نُسخه الوجه. عَلت صرخاتهن أكثر عن ذي قَبل، وفجأه يجدن صغير لهذه المخلوقات قد إخترق صفهم ليقف أمام الفتايات مُباشرةً، وهنا تابعت أنهار بضحكة مصدومة: دول بيتكاثروا ذاتيًا ما شاء الله.

روفيدا بصوتِ خافت: ما تقوليش ما شاء الله ليحرقونا، إنتِ مش شايفه بيبصوا لنا أزاي؟!
في تلك اللحظه وجدن هذا الصغير يهتف بنبرة غليظة بعض الشيء وهو يقترب منهن أكثر: أنا العفريت أبو بنطالون مقطوع.
أنهار بنفسك هذه الضحكة البلهاء: طيب ما تخلي ماما تخيطوا لك يا حبيبي، نيهاهاهاي.

الصغير مُكررًا الجُملة بنبرة أعلي: أنا العفريت أبو بنطالون مقطوع.
نوراي بتلعثم وهي تختبيء خلف نسمه: طيب حضرتك ما تزعلش نفسك، أنا ممكن أخيطوا لك عادي، بس بعدها تنصرفوا.
بدأ يقترب أكثر منهن حتى تقلصت المسافه بوضوح جليّ ليصدح بصرخة عاليه جعلت أنهار تهتف بخوف بلغ أقصاهُ: يالهوووووي.

سقطت أرضًا مُغشيًا عليها، وكذلك تبعتها الآخريات دون فارق وقت لتظل نسمه تنظُر لأجسادهن وهي تتساقط في صدمة ومن ثم نظرت لتلك الأقنعه مُرددة ببلاهه: كُلهم أغم عليهم، انا بس اللي قوية.
أنهت جُملتها تلك لتسقط هي الآخري وقد إنضمت لهن فاقده للوعي...

أبعد الشباب تلك الأقنعه عن وجوههم، وهنا هرول سليم ناحيه زوجته، رفع وجهها إليه وأخذ يضرب علي وجنتها برفق فيما تابع رامي بسعادة: الله. ماما ماتت، حلوة اللعبة دي. عاوز ألعبها كُل يوم يا بابا.
رمضان بتأنيب ضمير: خياص كدا يا يجاله، انا هعيط. كيهم ماتوا!
إتجه ماجد ناحيه زوجته بعد أن خبؤا هذه الأقنعه بعيدًا عن الأعيُن.
تمكن الشباب من إفاقة الفتيات، صرخت نوراي بزوجها قائلة: عيالي فين يا سليم!

سليم وهو يُشير بأصابعه إلى أطفالهم النيّام بهدوء شديد: نايمين يا حبيبتي. خير، هو إيه اللي حصل!
أجابته أنهار التي استيقظت من غفوتها دون الإحتياج إلى أحدهم لتردد بنبرة بلهاء:
عفاريت في البيت. وكان في عفريت صغير بنطالونه مقطوع وعنده مشاكل عائليه ف بيطلع غضبه علينا. لو كان قالي من الأول كُنت خيط له البنطلون وحلينا الأمر سِلمي.

رقدت من جديد وقد أغلقت عينيها مُجددًا فمن الواضح انها تستكمل غُفوتها المؤقته من أثر الصدمة...

عاصم وهو يعاون نسمه علي الإعتدال في جلستها بعد أن طلبت منه تناول قطرات مياه لتستعيد رباطة جأشها وهنا ألقت بنفسها بين أحضانه لتقول بنبرة مُرتعشه: أنا خايفه يا عاصم. كان شكلهم وحش أوي.
عاصم وقد سنحت له الفرصة ليضمها أكثر إليه: ما عفريت إلا بني آدم يا روحي. خليكي إنتِ بس في حُضني وما تخافيش من أي حاجة.

ماجد مُفتعلًا الحيرة: بس البيت هنا عُمر ما كان فيه الكلام دا!، عيشنا فيه سنين عُمرنا كُله. أيه اللي إتغير!

السيدة خديجة وهي تترجل خارج الغرفه: في أيه يا ولاد مالكم!، وأيه اللي بيحصل هنا؟!
روفيدا تحملق بوالدتها: ماما؟!، إنتِ كُنتِ نايمه جوا ومش حاسه بأي حاجه بتحصل؟

السيده خديجه قاطبه حاجبيها بعدم فهم: نايمه أيه يا بنتي؟، دا انا كُنت بصلي العشا وخرجت لقيتكم نايمين. ف غطيتكم ودخلت كملت صلاة ومن ساعتها صاحيه.

تبادلن نظرات مصدومة فيما بينهن، أخذت آلاء تسعل برجفه خفيفة لتردف بهلع: صاحيه أزاي يا ماما خديجه وأزاي ما سمعتيش صريخنا؟!
سليم وهو ينهض عن الأرض واضعًا ذراعه بين خصر زوجته ليعاونها علي السير: شكله كان حلم جماعي. أنا بقول يالا ننام أحسن.
رمضان وهي يوميء برأسه: وانا هيوح، ايقناع دهون كان جايب حي (حر).

ركله سليم في قصبة قدمه ومن ثم تابع بهدوء: آ ااآآاة، وكُلنا بردو هننقع رجلينا في شوية ماية بملح من التعب، يالا إتكل علي الله إنت.

هرول رمضان خارج الشقه، فيما نهض عاصم من مكانه ليقول بنبرة هادئه: يالا يا حبيبتي علشان تستريحي.
إنصاعت نسمه لحديثهِ لتسير معه صوب الغرفه دون أن تنبس ببنت شفةٍ وكذلك فعل ماجد وروفيدا وقد صدقوا أن ما مروا به ما هو إلا أضغاث أحلام. في تلك اللحظه سمعوا طرقات علي باب المنزل وما أن نظرت السيدة خديجه من العين السحريه القابعه أعلي الباب حتى رددت: دا زياد.
آلاء وهي تشهق بتذكُر: زياد!

قامت خديجه بفتح باب المنزل، ليطل زياد قائلًا بنبرة قلقه: آلاء فين يا أمي؟
آلاء وهي تُهرول إليه: زياد. أنا خايفه.
عقد زياد ما بين حاجبيه في إستغراب، مسح علي ظهرها بحنو فيما غمزت له السيدة خديجة ليحملها بين ذراعه مُصطحبًا إياها إلى الغرفة المُخصصه لهما بهذا المنزل...

إنحنت خديجة بجذعها العلوي، لتضرب برفق علي وجنه أنهار وهنا فتحت عيونها ثم رددت بخضة: مش عاوزه أموت دلوقتي. انا لسه ما دخلتش دُنيا.
خديجه بضحكة هادئه: قومي يا هبلة نامي علي سريري. بعيد الشر عنك.
لتستكمل حديثها بصوتِ خفيض لا يسمعه سواها: الله يسامحك يا سليم إنت وأفكارك، جننتوا البنات.

في صباح اليوم التالي،
قامت نوراي بوضع عاصم الصغير داخل فراشه المُتنقل، لتقترب منه نيروز قائلة أثناء تقبيلها لأصابعه الصغيرة: عصوما. جميل ونيرو بتحبه.

بدأت تُداعب وِجنته فلم يمنعها إختلافها عن إدراك سِن شقيقها الذي لا يستطيع تناول المُقرمشات بين كفها، حيث وجدته ينظُر لهذا الكيس مُقربًا كفه منه ويبدو أن إختلاف ألوانه، جذب إنتباه عاصم الصغير فيما تابعت هي بنبرة فاضت بالحنان نحو شقيقها: لا دا وحش. أشرب لبن بس.
حاوطها سليم من الخلف ليرفعها إليها ومن ثم طبع قُبلة مطولة علي خدها قائلًا: صباح الجمال علي عيونك يا ست نيرو!، وحشتي سيم أوي.

مطت نيروز شفتيها بزعلِ ومن ثم إتجهت ببصرها نحو شقيقها الصغير لتشير بإصبعها إليه قائله: عصوما. اكل يا سيم.
سليم بتفهم: أوشين هتيجي تأكله دلوقتي.
نيروز برفض قاطع: لأ. عصوما ياكل.
أخذت تبدي إعتراضها بتحريك قدميها بإنزعاج ومازالت تمط شفتيها بعصبيه خفيفه فيما هتف سليم بزوجته التي جاءت تحمل معها قارورة صغيرة يوجد بها حليب دافيء للصغير لتقوم نيروز بإلتقاطها منها ومن ثم قربتها من فم شقيقها، ليرتشف هو منها،.

عادت تضحك من جديد، فعندما أحست برغبة شقيقها في تناول ما بكفها، أحست بجوعه ولما تهدأ قط حتى أطعمته بيدها، ف ما إختلافها إلا جُرعة إنسانية مُكثفه. إنسانيتها الزائدة جعلتها أكثر إختلافًا وليس مرضها الفطري.

أخذ سليم يُداعبها لتعلو قهقهاتها بالمكان وهنا تابعت نوراي بسعادة: مش يالا بقي نبدأ التمرين!
قالتها نوراي وهي تقف بجانب الفراش تنظُر لهما بحُب فيما جذبها سليم إليه حتى سقطت بجانب صغيرتها وهنا تابع سليم وهو يلتقط عاصم الصغير: نتصور مع بعض الأول.

قام سليم بحمل عاصم بين ذراعيه فيما وقفت نوراي بجانبه ليميل سليم بفمه إلى خدها وكذلك فعلت نيروز، لتبقي نوراي بينهما ويتم تقبيلها من الجانبين وهنا ألتقط سليم عدة لقطات من أسعد ما يكون، فهو الآن في مُنتصف حلمه الذي عاش عُمرًا يتمناهُ...

إنتهوا من إلتقاط صورهم ليرتدي الإثنان تي شيرتات من اللون الأبيض قد طُبع علي كل واحد منهم شكل حيوان أو طائر ومن ثم جلست نيروز إلى طرف الفراش وبدأ سليم في الضغط علي زر الكاسيت الذي سُجل عليه بعض أصوات الطيور والحيوانات. حيث يُطلب من نيروز الإشاره إلى صوره الحيوان أو الطائر الموجود علي التي شيرتات عند سماع صوته الصادر في الغرفه...

رفعت نيروز أصبعها السبابه إليهما حيث أنصتت إنصاتًا شديدًا وقد نجحت في التعرف علي هذا الصوت لتشير ناحيه سليم بسعادة غامرة حيث رُسم علي قميصه صورة (قطة) والصوت الذي سمعته بالفعل هو صوت (مواء قطة ).

إستمر التدريب لوقت ليس بالقليل استطاعت نيروز إجتياز هذا الإختبار بنجاح وافر فقد تخلت عن ميولها لوالدها وبدأت تُدرك حجم سعادتها عند كُل إجابة صحيحة مصحوبه بمكافأه تحفيزية من والديها...

فتحت عينيها علي وسعهما وهي تجد نفسها قابعه بين ذراعيه في فراشهما. عادت بجسدها للخلف حتى جلست إلى الفراش وهي تردد بغضب عارم: إنت بتعمل أيه هنا؟
كان يراقب ملامحها أثناء نومها، إعتدل جالسًا هو الآخر ومن ثم رفع أحد حاجبيه قائلًا بثبات: إنتِ بتفقدي الذاكرة بالنهار. ما إنتِ اللي طلبتي مني أنام جنبك!
نسمه وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه: طيب إتفضل، إخرج علشان عاوزه أغير هدومي!

عاصم بخُبث: هو صحيح!، كُنتِ خايفه ليه إمبارح؟! أصل انا أفتكرت إن اللي قولتيه دا حلم. بس لقيت نور التواليت بيفتح ويقفل بالليل.
شهقت نسمه بفزعِ، تحركت بسرعه فائقه إليه ومن ثم تشبثت بذراعه وراحت تُردد بتلعثم: صدقتني صح! انا خايفه وعاوزه أمشي من هنا.
عاصم ضاغطًا علي أعصابها: مش ممكن تكون لعنة!

نسمه بإستفهام وهي تنظُر إلى عينيه: أصل اللي ما بتسمعش كلام جوزها. ربنا بيغضب عليها، ف بتبدأ تشوف كوابيس وحاجات بتحصل، ما حدش بيشوفها غيرها.

رمقته بنصف عين لتنهض واقفه بثبات قائلة: انا عارفه إنك بتستغل الموقف علشان أرمي نفسي في حُضنك وأقولك أحميني وبعدها أسامحك وكدا!، إنسي طبعًا.

رمقتهُ بنظرة جامدة ثم والته ظهرها في طريقها إلى المرحاض وقد أغلقت عينيها بفزعِ تُقدم قدم وتؤخر الآخري فيما تابع هو بنبرة خبيثه أفزعتها: مياو!
صرخت في الحال وهي تهرول ناحيته تضربه بقبضتها في غضب من سعادته لرؤيه الخوف يعتمل داخلها...

ها يا ولاد، فين روفيدا؟
قالتها السيدة خديجه وهي تنظُر إلى ماجد بقلق فيما تابع هو أثناء وقوفه أمام باب المرحاض ينتظرها: لسه جوا يا أُمي.
عادت روفيدا تستكمل سيمفونيه التقيء من جديد، فقد دلفت داخل المرحاض لإجراء اختبار الحمل والتأكد من شكوكهم، فمُنذ الصباح وهي في حال متدهورة...

مرّت دقائق قليله ليجدها تدلف خارج المرحاض، قام ماجد بإسنادها علي الفور. حتى أجلسها إلى الفراش فيما تابعت خديجه بلهفة: الاختبار إيجابي؟
أومأت روفيدا برأسها إيجابًا، سعدت خديجه بشدة لتقوم بتقبيل وجنتي ابنتها تباركها بهذا الخبر السعيد،
بدأ ماجد يلتقط كفيها ثم يُقبلهما وكأنه علي أعتاب استقبال مولوده الأول، ناسيًا بأنهما أبوين لقردٍ صغير، قام ماجد بإحتضانها قائلًا بحُب: ربنا يخليكي ليا يا روفا.

علي الجانب الاخر
هو دا طلبك يعني؟! حاضر يا ستي من بُكرا نروح للدكتور. ونشوف الموضوع دا!، أيه تاني مزعلك؟

أردف زياد بتلك الكلمات وهو ينظر إليها بحنو، يمسح علي خُصلات شعرها بهدوء في حين تابعت هي بثبات: هقعد هنا فترة. علشان نفسيًا مش مُستعدة أرجع البيت.
زياد بحُزن لم يُظهره: ماشي يا لولو. زيّ ما تحبي.
آلاء بحُزن بالغ: ورود وحشتني. إنت عارف مشاكلها مع والدتك، لو سمحت جيبها ليّ هنا علشان تقعد معايا.

اومأ زياد برأسه مُتفهمًا، إقترب منها بهدوء يلثم جبينها قُبلة طويلة فيما أغمضت هي عينيها تتنشق عبيره الذي افتقدته ليوم واحد. فما حال قلبها إن تزوج بآخري تشاركها به...
هاجي لك بُكرا إن شاء الله.
مشي بضع خُطوات صوب باب الغرفه فيما هتفت هي بنبرة مهزوزة: إنت وافقت تقابل البنت يا زياد؟

إلتفت زياد إليها يرمقها بحنو وكأنه يُطمئنها بأن (زياد) لا يعرف للنساء سبيل إلا سواها، بسط كفه قليلًا فيما أسرعت هي بوضع كفها بينه وقد سمعا في تلك اللحظه ضجة آتيه من خارج الغرفة...

إنهالت المُباركات عليهما تباعًا، وما أن عرفت آلاء بذلك حتى تهللت أسارير وجهها وهي تحتضن روفيدا بسعادة غامرة: مبروك يا روفا.
روفيدا وهي تمسح علي ظهرها بحنو: عقبالك يا أم البنوته.
آلاء وهي تنظُر لها بتذكر: فكرتيني. زياد هيجيب ورود معاه بُكره.
روفيدا بإبتسامة حانيه: بس البنوته اللي في الحلم. ما كانتش ورود!

قاطعهن صوت سليم وهو يردد بحزم: ايه فرح ابن العمدة دا. وانت يا عم ماجد انت مش عارف إن ورانا شغل في المؤسسه.

ماجد وهو يوميء برأسه إيجابًا: عارف مُقابلة العمل. جاهزة يا أنهار.
أنهار وهي تضع حقيبه كتفها: جاهزة، بس ثواني أعمل سندوتشين جبنه رومي علشان جعانه!
سليم وهو يصر بأسنانه بصرامه: جبنة رومي أيه!، بنقول عندنا شُغل؟! إنتِ رايحه الحضانه.
أنهار وهي تنظر له من فوق كتفها: لاحظ إن بنتك تحت إيدي طول الوقت!
سليم رافعًا حاجبيه: هتعملي لها أيه يعني؟!
أنهار بثبات: هاكل سندوتشاتها وش كدا ومافيناش من الزعل.

سليم بإبتسامة خفيفة وهو يقبض علي ياقه فستانها: طيب قدامي يا هبلة.

إنت إتجننت!، إنت يوم ما تعوز تخلص منهُ، تتعرض لمراته! دا كويس إنه ما دفنك حي!
أردف رائف بتلك الكلمات في ضيق فيما تابع أمجد بنبرة أشبه بفحيح الأفعي: دي مش هتبقي أخر مرة هتعرض لها. انا هخليها تسلم لي نفسها. إنت بتستهين بقدراتي ولا أيه؟!

رائف بحدة: مشكلته انه ما قدرش يتلون بلونّا، واللي زيّ سليم دا مكانه مش هنا. لأنه هيبقي ضد أي مصلحة بيعملها. بس انا من رأيي تبعد عنه لأنه هيقدم استقالته قريب، يعني اللي انت عاوزه هو هيعمله بس بدون تدخل منك.

أطلق امجد قهقه عالية وهو ينفث دخان سيجارته بشراهة ليقول بنبرة صارمة: وانت فاكرني هسيبه يقدم استقالته بكرامته ويعيش كدا عادي!، انا هخليه يستقيل غصب عنه وبفضيحة. قصدي هيتطرد من الوزارة بس خلف الأسوار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة