قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

جأش قلبها فزعًا لحال صديقها وحبيبها قبل أن يكون أبًا لأولادها، جلسا أرضًا تحتضنه بين ذراعيها فيما سَكن قليلًا وهدأ حنقه. أردف بنبرة خالية من معالم الحياة وكأنه يستغيث بها قائلًا: ما تسيبينيش يا نوراي، انا من غيرك مش هقدر أكمل، فاض بيا. انا أتهديت من يوم ما وعيت علي وش الدُنيا وانا بعارف، طول عُمري عايش دور المسؤل اللي عمره ما عاش طفولته، بس علي الأقل كُنت مرتاح وانا سواق بسيط بيجري ورا رزقه علشان يحمي امه وأخته من الزمن، مافيش قذارة تساوي قذارة الطبقة دي، أنا قرفان من نفسي يا نوراي. أول مرة أندم علي قرار أخدته. انا موجوع يا نوراي، أحضنيني وما تتغيريش.

إبتلعت غصة في حلقها، إرتاعت خوفًا وهلعًا من سكينته هذه لا تعلم ما يُفكر به الآن ولكنه حتمًا سيُجاري أموره وقراراته بروية شديدة مهما نالت منه الدُنيا والظروف.
مررت أصابعها النحيلة بين خُصلات شعره، طالعته بنظرة حانية يجد هو فيها عالمًا من الطمأنينة يتنافي مع كسور قلبه وهنا تابعت نوراي بصدق وهي تضع وجهه بين كفيها:.

إنت أقوي من كدا، إنهيارك دا أكبر تصريح هيخليهم يهدوا طموحاتك، أوعي يا سليم تضعف حتى لو انا مش موجودة، أوعي تضعف أبدًا.
في تلك اللحظه سمعت أصوات تأتي من خلف باب الغرفه المُغلق بإحكام لتهتف روفيدا بقلقِ جليّ: نوراي، سليم ماله؟!، أفتحي لو سمحتي!
نوراي بثبات: لو سمحتي إنتِ يا روفا، عاوزين نبقي لوحدنا شوية.

إلتفتت نوراي مجددًا ترمقه بحُزن وكذلك تنهيدة عميقة وقبل ان يتثني لها الحديث مرة أخري وجدته يتابع وهو ينظر إليها نظرة جامدة وبصوتِ أجشٍ قال: انا هقدم إستقالتي.
رمقتهُ نوراي في صدمة لتردف بنبرة ذات وقع بطيء: تقدم إستقالتك!، سليم إنت مُتأكد من اللي بتقوله دا؟! إنت شايف إن راحتك في القرار دا؟!

أومأ سليم برأسه إيجابًا لتضع رأسه علي صدرها من جديد قائلة بنبرة ثابتة: لو مش هشوفك بتنهار قدام عيني تاني كدا، يبقي خلاص، استقيل.

كملي أكلك يا أمي؟!، دا طبقك زيّ ما هو.
أردف زياد بتلك الكلمات أثناء جلوسه أمام طاولة الطعام فيما تابعت والدته بوجهِ يكسوه الإمتعاض الواضح: شبعت يا ولدي.
رفعت آلاء بصرها إليها تطالعها بنظرة قلقه وبنبرة مُضطربة تابعت: ألف هنا يا أمي.
أومأت السيدة سَكينه برأسه إيماءة خفيفة، لتنهض عن طاولة الطعام في طريقها إلى المرحاض، وهنا تابع زياد بتساؤل: ورود ما جاتش أكلت معانا ليه يا آلاء؟!

طالعته بإبتسامة خفيفة وبنبرة يخالطها التوتر قالت: مش عارفه، قالت إنها هتنام. انا هروح أجهز ل ماما الفوطة عقبال ما تغسل إيديها.
أومأ زياد برأسه مُتفهمًا، ألقي بشوكته علي جانب طبقه ثم عاد بظهرهِ للخلف وقد جاش الهم في صدره ولا يعلم السبب حتى الآن.

أمسكت آلاء بمنشفة بيضاء اللون وبها نقوش مُزخرفة باللون الوردي، وقفت أمام السيدة سَكينه تمد يدها لها قائلة بإبتسامة صادقة: إتفضلي يا ماما نشفي إيدك، ويارب يكون الأكل عجبك؟!
أخذت المنشفة من بين يديها بحركة قاسية، عَبرت قسمات وجهها عن الصرامة الشديدة حيث شزرتها بنظرة كارهةٍ لتقول: أكلك بطلان زيّك.

ألقت كلماتها تلك ثم سارت تبتعد عنها، بينما حملقت آلاء في الفراغ لتسقط عَبرة سريعة علي وجنتها وقد فهمت مغزي هذه السيدة الآن وسبب كُل هذه القساوة ناحيتها.

واقفه كدا ليه يا قلبي!
قالها زياد وهو يضع كفه علي كتفها فيما كفكفت هي دموعها علي الفور لتحل الإبتسامة محلها قائلة: لا ولا حاجه يا حبيبي، شكلي سرحت شوية.

جلست إلى مكتبها بعد غياب أسبوع عنهُ، جالت ببصرها في كُل زاوية به لتستقر عيناها إلى هذا البرواز الموضوع علي سطح المكتب، صورة لهما معًا. قربت ذراعها لتتحسس وجهه بأطراف أصابعها النحيلة، شقت إبتسامة صغيرة طريقها إلى ثغرها ولكنها إبتسامة مكسورة، تنهدت تنهيدة عميقة لتضع البرواز في مكانه من جديد، لتسمع طرقات خفيفة علي باب مكتبها أعقبها دلوف فؤاد للداخل وبنبرة ترحيبية قال:.

الشركة نورت لمّا إنتِ جيتي يا نسمه، وحشاني يا بنتي!
نسمه وهي ترمقه بنظرة حنونه: وحضرتك طبعًا يا بابا فؤاد، أخبار الشغل أيه!
جلس فؤاد علي المقعد المقابل لها، ليرمقها بإهتمام شديد وبنبرة حاسمة: سيبك من الشغل خالص، إنتِ اللي أخبارك أيه؟، أوعي تكوني لسه تعبانة، مش عاوز الغاليين يزعلوا مني.

نسمه بتساؤل: مين الغاليين!
فؤاد بضحك: اممم، أهلك يعني ومعالي الوزير، إلا قوليلي إلهام أخبارها أيه؟!
تسلل الحُزن إلى جفونها في تلك اللحظه، هزّت رأسها سلبًا ترمقه بآسف لحال هذه السيدة: مافيش أي تحسُن يا بابا، والله العظيم باديها الدوا كُله في ميعاده. بحاول أتكلم معاها، نفسي ترد عليا أو تصرخ بس هي بعدت أوي بعقلها عننا.
فؤاد بثبات: هي الدُنيا كدا، اللي يزرع شوك، ينسي إنه هيحصد ورد!

اومأت نسمه برأسها في تفهم لتضم كفيها إلى بعضهما وبنبرة هادئه قالت: حضرتك عندك حق، بس هي هتحصد أيه أكتر من اللي هي فيه، لو سمحت يا بابا إنسي الماضي، نفسي تيجي تشوفها مرة صدقني هتفرح لما تشوفك وهتخفف عنها كتير.
رمقها فؤاد بحيرة، أشاح بوجهه بعيدًا عنها ليزفر ضيقًا فيما تابع نسمه بنبرة طفولية مُترجية إياه: لو سمحت، علشان خاطري، يا بابا فؤاد دا اول طلب هطلبه منك!، ممكن؟!

فؤاد بإبتسامة حانيه: ممكن يا نسمه، علشانك إنتِ وعاصم بس.
نسمه بإبتسامة باهته: الله يرحمه.
فؤاد بهدوء شديد، رامقًا إياها بثبات: ويرحمنا جميعًا.

أمسكي يا أبلة نعمة، أفتحي الشباك بقه علشان تشوفي مين اللي جابه لك.
أردف عبد الرحمن بهذه الكلمات وهو يمد يده لها بكتابٍ، فيما عقدت نعمه ما بين حاجبيها بإستغراب، تناولت منه الكتاب تقلبه بين كفها ليفتر ثغرها عن إبتسامة فرحه فهي تعشق هذا النوع من الروايات الغامض وبالأخص هذا الكاتب، إتجهت ناحية النافذة القابعه بالدور الأرضي تفتحها، لتجد رمضان ينظُر لها في حُب قائلًا: عجبك يا نعمة؟!

أومأت نسمه عدة إيماءات سريعة تنم عن فرط سعادتها، إنشرح صدره وتهللت أسارير وجهه علي أثر ضحكتها، ليجدها تمسك بقلمها وتخط علي ورقة ما بعض العبارات قائلة: شكرًا جدًا، كان نفسي في الكتاب دا من زمان .

تناول رمضان الورقة منها ليقرأ ما دون عليها ومازالت إبتسامته تُنير وجهه وهنا أمسك القلم ليكتب لها هو الآخر رغم قدرتها الفائقه علي السمع ولكنه رغب في أن يُدون لها شيء ك ذكري منه: انا علامي علي قدي، يمكن أكون خرجت من الإعدادية وإنتِ اتعلمتي في كُلية حلوة وصرفتي علي نفسك. بس انا بعرف اقرا وأكتب بردو. والحمدلله إن الكتاب عجبك .

باغتته نعمة بنظرة مُمتنة، لتحتضن الكتاب إلى صدرها وكأنه ك الكنز بالنسبة لها، بينما تابع رمضان وهو يُقرب أصابعه من بعضهم ليُشكل بهم رسمة (القلب)، قائلًا بصدقِ: انا بحبك، وعاوز أخطبك. مش عاوز رد منك ديوقتي ومش هضغط عييكي، بس هستناكي حتى لو هتفكيي بعد سنه.

تخضبت وجنتها خجلًا لتخفضها أرضًا، إبتسم علي فعلتها تلك ليغادر إلى عملهِ وكُله أمل بموافقتها...

روحتوا فيييين؟!، يا ولااااد، تعبتوني معاكم.
أردفت أنهار بتلك الكلمات وهي تتجول في حديقة اليلا مُغمضة العينين تبحث عن نيروز ورامي حيث يلعبان الغميضة معها، سمعت في تلك اللحظه صوت رامي وهو يهتف بضحكة طفولية: أجري بسرعة يا نيرو، هتمسكك.
استئنفت نيروز عدوها بعيدًا عن أنهار التي ظلت تتبع الصوت الصادر من الطفلين لتُصدم فجأه بشيء كبير الحجم، أخذت تتحسسه بذراعيها حتى تأكدت من أنها أخطأت الهدف.

أزاحت الوشاح عن عينيها لتفتح عينيها علي وسعهما وبنبرة مُتلعثمة قالت: إنت مين!
الطبيب رافعًا أحد حاجبيه: انا اوس، طبيب جراح وعندي مُقابلة مع معالي الوزير.
أنهار وهي تلوي شفاهها يمينًا ويسارًا بإستنكار وبنبرة مُغتاظة: طيب مش تفتح بدل ما تخبط في الناس تجيب لهم إرتجاج في المخ ولا حالات عظام، صدق اللي قال أوس، كان عندهم نظرة فيك بردو، إنك هتكبر وتبقي شبه البلدوزر اللي معمول له صيانة.

أوس وهو يصر بأسنانه: طيب وسعي من وشي بقه.
استدارت أنهار لتقف أمامه وتمنعه من السير مُرددة بصراخ: أيه يابا!، مالك واخد في وشك كدا، مش تخلي بالك إن في بني آدمين تحت بدل ما تدوس عليهم وانت مش واخد بالك!، أيه ما عندكش عيال تخاف عليهم!

أوس كاظمًا غيظة: لأ وابعدي عن وشي بقه.
رفعت أنهار كتفيها ثم أنزلتهما في عصبية خفيفة تستشيط غضبًا منهُ، فيما وصل الأخر للداخل ليستقبله سليم بترحاب شديد حتى دلفا معًا إلى غرفة مكتبه.

أشار له سليم بالجلوس، إنصاع أوس علي الفور لحديث سليم حين أذن له بالجلوس إلى الصوفة الموجودة داخل حجرة المكتب، إبتسم سليم بدوره ثم تابع بهدوء: تحب تشرب أيه!
أوس بثبات: قهوة سكر مظبوط.
إتجه سليم إلى سماعة الهاتف الموصلة إلى حجرة المطبخ ليطلب منهم إحضار القهوة ومن ثم يعود جالسًا إلى هذه الصوفه، شبك أصابعه ببعضهم ثم تابع بإبتسامة باهتة: كلمني عن الموضوع دا بكُل تفصيلة فيه.

اومأ أوس برأسه في ثبات، بدأ يسرد أحداث يومه داخل عيادته الخاصة، وعمليات نقل الأعضاء التي كثرت في الفترة الأخيرة وأكثر ما أثار دهشته أن الأشخاص المتبرعين جميعهم من أطفال الداون، جاءوا بصحبه أبائهم او الطبيب المسؤل عنهم بالدار، وأثناء سرد أوس لهذه الاحداث، شرد سليم به يري نفسه في كُل تفصيلة به، غضبه ونفور عضلات وجهه وهو يثور للحق وما أن إنتهي حتى تابع سليم بنبرة هادئه:.

انا أول مرة أسمع الكلام دا منك، انا أسست المكان دا علشان بنتي من الأطفال دول، وعلشان انا عانيت كتير وانا بعالجها وبمبالغ كبيرة جدًا، انا ربنا ميسر الحال معايا، بس الناس الفقيرة تعمل أيه!، دا كان تفكيري ساعتها لمّا خليت العلاج بالمجان، وعينت أمهر الأطباء واللي واخدين دكتوراه في دراسة المتلازمة دي، عُمري ما كُنت أتخيل ان الخير اللي عملته هيتحول في غمضة عين ل شر، ف أنا عاوز أطلب منك طلب، ممكن؟!

أحس أوس بصدق كلماته، وكذلك هو الأخر رأي نفسه في هذا الشاب الذي آكلته الهموم رغم طبقته الإجتماعية وكونه وزيرًا، أومأ اوس بهدوء ليقول: أكيد طبعًا يا معالي الوزير.

سليم بثبات: انا عاوز اللي إنت قولته دا يفضل سر بيننا، وكمان هعينك المسؤل من بعدي جوا المؤسسه، وهغير طاقم الأطباء بأكمله. خلينا نبدأ علي نضيف ونكمل الخير لأخره، انا كُنت عاوزك تراقب المؤسسه وكُل حركة فيها، وانا هتولي حكاية بيع الأطفال دي، الموضوع مش هيتنسي كدا بالساهل، معايا في الإتفاق دا؟!

أمد سليم كفه أمام أوس، الذي نظر إليها قليلًا يُفكر، وسرعان ما صافحهُ هو الأخري مرددًا بإبتسامة هادئه: مع حضرتك، طبعًا.

أنهت صلاتها ثم جلست علي رُكبتيها ورفعت كلا كفيها للأعلي تجأر إلى الله بما يُثقل صدرها، سالت قطرات الدموع علي وجنتيها أنهارًا أخذت تناجي الله بنبرة مهزوزة قائلة:
يارب، أنا موجوعة أوي إرشدني علي الصح يارب، تقبل دعواتي يارب، لو كُنت أذنبت ذنبًا مسك عني ذرية صالحه ف أغفره لي واكتنفني برحمتك، وسُر قلبي أنا وزوجي بهذه النعمة.

أنهت عباراتها تلك وأخذت تبكي بحُرقة وهي تتذكر حديث هذه السيده الذي آكل روحها، في تلك اللحظه سمعت طرقات علي باب الغرفه، كفكفت دموعها بوشاحها ثم نهضت لتقوم بفتح الباب، لتجده يتابع بإستغراب: آلاء، كُنتِ قافله الباب ليه؟!
آلاء بنبرة مبحوحة وهي تتجنب النظر إليه: صوت التي ي (T. V) عالي، ف قفلته.

هزّ زياد رأسه بعدم إقتناع، قام بإغلاق الباب خلفه، ثم قبض علي ذراعيها برفق ينظُر إلى بؤبؤي عينيها مُباشرة قائلًا: أيه اللي حصل يا آلاء، دموعك دي أيه سببها!
قامت بوضع كفها علي فمها تقاوم البُكاء مقاومةً ضارية، أخذت تبتعد عنهُ وتعود بخُطواتها للوراء لتجهش بالبُكاء قائلة بوجعِ:
مش قادره أستحمل أكتر من كدا يا زياد، مش ق...

قاطعها كفه الذي أمتد ليُكمم فمها برفق، يمنعها من الإفصاح بهذا الكلام الذي يحرق قلبهُ ويبث الرعُب في سائر جسده من فقدانها ليردف بنبرة خافته: ما تكمليش. لو كُنت غالي عندك، كفايه كلام في الموضوع دا يا آلاء، ما كُنا نسينا، ليه بتفتكريه تاني!

وضع رأسها بين كفيه، ركز بصره داخل عينيها وأخذ يهزّها بخفة قائلًا بإصرار: لو اولادي مش هيكونوا منك، مش عاوزهم. إرتاحي بقه وريحيني، انا كُل يوم بخاف، لأصحي ما الاقيكيش جنبي. أنا خايف، أوعديني إنك مش هاتسيبيني؟!
آلاء وهي ترتمي بين أحضانه: أوعدني إنت، إنك مش هتسمع لحد!
زياد وهو يُقبل جبينها: أوعدك، وحياة آلاء ما هبعد لحظة عنك.

علي الجانب الاخر،
زفر ماجد زفرة ضيق وهو يعاود الإتصال به من جديد ولكن دون جدوي ليتابع بنبرة خافته: مش فاهم، إتأخرت ليه يا زياد. الإجتماع هيبدأ والمندوب أديله ساعة مستني، آآه منك يا زياد!

الكُل في إنتظارك يا ماجد باشا.
قالتها السكرتيرة وهي تقف أمامه تحثه علي الذهاب لبدأ الاجتماع ليوميء هو رأسه في تفهم قائلًا: تمام.

روح مامي وقلب مامي، هيروح مع ماما نسمه ويسيبني!
أردفت نوراي بتلك الكلمات وهي تُقبل وجنتي عاصم القابع بين ذراعيها بنهم شديد، في حين تابعت نسمه بضحك: ما الولد معاكي من الصُبح، أحلو البوس لمّا جيت أخده؟!، وبعدين خدود الولد خلصت من الشفط، أرحميه.

ضيقت نوراي عينيها ترمقها بغيظ ومن ثم تخصرت أمامهما قائلة بثقة: انا أمه وهو ابني، وأشفط زيّ ما أنا عاوزه.
نسمه بعد أن أخدت الصغير من بين ذراعي والدته لتتوجه بالحديث إلى سليم الذي يجلس إلى الأريكة بحديقه اليلا يضع نيروز علي قدمه: إنت متجوز بني آدمة ولا آلة شفط!
إِفتر ثغر سليم عن إبتسامة عريضة، فيما تابعت نسمه وهي تتجه ناحيه باب اليلا الداخلي: أما ألعب معاه شويه قبل ما أنام، يالا باي.

في تلك اللحظه جلست نوراي بجانب زوجها ليقوم بإحاطه كتفها بذراعه فيما وضعت هي رأسها علي صدره وبحركة تلقائية قامت نيروز بتقليد والدتها لتضع رأسها علي صدر والدها كذلك.
رمقهما سليم بسعادة بالغة حين طبع قُبله علي وجنة نيروز لتهتف الأخري به قائلة بزعل طفولي: وانا يا سليم؟!
نيروز وهي تُحرك إصبعها السبابه بإعتراض: لأ، مامي لأ.

إبتعدت نوراي عنه قليلًا ثم تابعت وهي تنظُر لصغيرتها: بقه كدا يا نيرو، طيب ما فيش شيكولاته من مامي، تاني أبدًا.
نيروز بإبتسامة عريضة: مامي، أه.
أطلق سليم قهقه خفيفة سعيدًا لذكاء طفلته، ليلتفت ناحية نوراي قائلًا: الملكة وافقت.
في تلك اللحظه قرب وجهه ناحيتها فظنت هي بأنه سوف يلثم جبينها، لتتفاجأ به يميل عليها قليلًا مردفًا بنبرة خبيثة: أحبك وإنت مُطيع كدا.

حملقت به نوراي في صدمة، لتغمس وجهها في سُترته قائلة بغيظِ: أيه اللي إنت كُنت هتعمله دا وهي البنت موجودة.
سليم ضاحكًا: أصل الإنسان دعيييييف.
صدح الهاتف الخاص به ليقطع مزاحهما، ليُجيب سليم علي المتصل حيث ردد قائلًا: لحظة وهكون عندك.
أغلق الإتصال علي الفور، ثم نهض عن الأريكه وسط نظرات نوراي المُستفهمة له لتقول: رايح فين يا سليم؟
سليم غامزًا لها: خمسة وجاي، ما تخافيش.

أومأت نوراي برأسها في تفهم، ليجد هو يد الصغيرة تتشبث به ليُقرر أخذها معه لمُقابلة هذا الشخص.
سار في باحة اليلا الداخلية ليترجل خارج الباب الرئيسي لها، سار كذلك بمحاذاة السور ثم إنعطف يمينًا ليجد هذا الشخص المُلثم يقف أمامه قائلًا: سليم انا أخذت قراري، انا موافق علي اللي قولته. انت عندك حق، ولازم أبدأ من جديد.

علت ضحكة عريضة شفتي سليم ليسارع في إحتضانه بسعادة غامره، فيما لاحظ هذا الشاب الذي أزاح الوشاح عن وجهه هذه الفتاة الشقراء الصغيرة لينزل إلى مستوي قامتها ومن ثم يقوم بإعطائها صندوقًا متوسط الحجم يحوي مجموعة من الشيكولاته المُغلفة قائلًا وهو يُقبل وجنتها: حبيبة عمو، أزيك يا نيروز؟!

نيروز وهي تلتقط منه الصندوق لتميل علي وجنته ثم تطبع قُبلة رقيقة منها، تعبيرًا عن سعادتها لجلبه هذا الصندوق لها، إنتهي اللقاء بذهاب هذا الشاب، إستعدادًا لمواجهة أقسي عليه مما عاناهُ في الماضي، بل أقسي لأبعد الحدود...

عاد سليم للداخل من جديد، لتتجه نوراي بخُطواتها ناحية زوجها وبنبرة مُتسائله قالت: هو مش كدا؟!
سليم وهو يوميء برأسه إيجابًا: بالظبط، تعالي خلينا نتكلم في أودتنا.
سارا معًا للداخل لتقوم أنهار بإصطحاب الصغيرة إلى غرفتها، وما أن دلفتا حتى تابعت أنهار بتساؤل: أبله نسمه، إنتِ لسه قاعدة مع عاصم؟!
نسمه وهي تنظُر للصغير بحنو جارف: كُنت مستنيه لمّا ينام.

وهنا إنتقلت نسمه بحديثها إلى نيروز التي ظلت تنظُر لها طويلًا لتقول بحنو وهي تقترب منها: نيروز، بتبصي ليّ كدا ليه؟!، إنتِ زعلانه من ماما نسمه!، الله مين اللي جاب لك الحاجات الحلوة دي!
قالتها نسمه وهي تُداعب وجنتي الصغيرة فيما أمسكت نيروز بذراعها وأخذت تجرها معها ناحية باب الغرفه قائلة: أفتح باب!

نسمه عاقدة ما بين حاجبيها ولكنها إنصاعت لحديثها لتقوم نيروز بسحبها في الممر حتى وصلت إلى غرفة نسمه ثم هتفت من جديد: أفتح باب!
نسمه بضحكة خفيفة: يادي الباب اللي مجننك.
قامت نسمه بفتح باب غرفتها، لتدلف الصغيرة أولًا للداخل وفجأه رفعت ذراعها إلى هذه الصوره المُعلقة علي الحائط لتقول بطفولة شديدة: دا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة