قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس والعشرون

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس والعشرون

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس والعشرون

( ما خاب من قال يارب، وخسر من لجأ ل غيره، فلا تكونن منهم ف يُنسيك الله ذاتك الأولي )...

تدلي فكه وهو ينظُر صوب وجه سليم الغاضب، مال بجسده قليلًا ليجلس إلى المقعد المُجاور للرجل ثم سأله بنبرة مُلتهبة تتلهف للإنتقام: والموضوع دا ياخد معاك اد أيه؟!
أردف الرجل بنبرة هادئة: أسبوع بالكتير يا باشا.
طرق سليم علي سطح الطاولة بحسم، ليعود ينظُر إلى الرجل مُبتسمًا: الوقت دا كتير أوي، بس تمام. إتفضل إنت.

نهض الرجل علي الفور مُغادرًا الغرفة فيما استدار عاصم ليجلس مكان الضيف وبنبرة جامدة تابع: قنابل يا سليم؟! إنت واعي ل اللي بتعمله؟!، إتقي الله في نفسك وبنتك ومراتك، الناس دي ما تستاهلش اللي هتعمله.

سليم بجمود وعينين حادتين: الناس دي خطفوا بنتي من غير ما يراعوا ظروف مرضها. أخرهم ضغطة واحدة وهنسفهم. ودا قرار نهائي.

عاصم مُحاولًا تهدئته: مش يمكن نيروز ترجع قبل الإسبوع؟! ساعتها هترجع عن اللي بتعمله دا صح!
سليم رامقًا إياه بحدة: إنت بتكلم عيل صغير يا عاصم؟، انا بنتي هترجع ومش ههدا إلا بعد ما نفسهم ينقطع من علي الدُنيا يا إما بحُكم الإعدام العادل. أو أنفذ انا وأبقي استخدمت قانون سليم النجدي.

تنهد عاصم تنهيدة مخنوقة، ف صديقه قد جُن وثارت ثائرته وحتمًا نتائج هذه الثورة ستكون فادحة، مسح علي وجهه بيأس فياليتها تعود كي يعود هو الشخص الذي يتفادي الإساءة بحُسن تصرفه وذكائه فيلقي من العدو صديق يصطف في النهاية له، ولكن دوائه هي، ف ياليتها تعود...

مر إسبوع كاملًا، مازال الحُزن يُلقي ب شحناته بين الجميع لا يشعرون سوي بسلبية الأوضاع، حالة من التفكُك شاعت بينهم، لا يتواجد سليم داخل منزل (رمضان ) إلا قليلًا. كذلك نوراي باتت تتغذي علي السوائل المُهدئه ف تغدو في سُبات طويلٍ،.

إزيك يا أدهم. أقدم لك مدام (دينا )، تبقي زوجة (أمجد العزالي )، وطبعًا قررت تساعدنا علشان هي مُتأكدة من براءة سليم.

أردف ماجد بتلك الكلمات وهو يقف أمام أدهم داخل مكتبه في حين رمقه أدهم باستغراب ليتحول إليها بنظراته قائلًا: أهلًا مدام دينا، إتفضلي اقعدي.
بادرته بإبتسامة لم تصل إلى عينيها جالسة إلى المقعد المُقابل له وكذلك فعل ماجد، إلتفت أدهم إليها مُتابعًا بإهتمام وافر: بس مش غريب إنك تتحالفي معانا ضد جوزك؟!
دينا بإبتسامة ساخرة: هيكون غريب أكتر لو شوفت الظُلم وحقارة البني آدم دا وسكت عليهم.

أومأ أدهم برأسه مُتفهمًا، تنحنح قليلًا قبل أن يباغتها ب سؤال يتلهف ل معرفة إجابته: أيه العلاقة بين أمجد وعزيز تفصيليًا؟!

دينا باستطراد في الحديث: هما في المُجمل أصدقاء من سنين، من قبل ما يبقي وزير للبيئه. وبقي وزير بواسطة من واحد أمريكي ل رائف بيه. دايمًا بيسافر له بإستمرار ومش بيقول اسباب ل سفره الكتير دا، أما بالنسبه للفُندق ف انا عرفت منه بالصُدفة أنه بتاعه هو ونفس الشخص، ولكن موضوع الخزنه الكبيرة دي حقيقي بحثت كتير ومافيش أي وجود ليها.

هزّ أدهم رأسه عدة إيماءات خفيفة، ليستند بساعدية علي سطح مكتبه قائلًا: طيب المطلوب من حضرتك إنك ترقبيه علشان نوصل ل الخزنة دي ومكان نيروز، تمام؟
دينا بثبات: تمام.
باغتها أدهم ب سؤال آخر حينما قطب ما بين حاجبيه مردفًا بتساؤل: هو هيرجع من أمريكا أمتي؟!
دينا بإيجاز: النهاردا، ركب الطيارة من تلات ساعات يا أدهم بيه.

حبيبتي إنتِ كويسة؟!، أكيد دي أعراض حمل إن شاء الله.
أردف زياد بتلك الكلمات في أمل ولمعة عين فيما هزت آلاء رأسها بخفة وهي تستند علي ذراعه الممدود لها كي يُِعاونها علي النهوض قائلًا بحنو: إن شاء الله خير. يالا خلينا نروح للدكتور علشان نعمل الإختبار.

في تلك اللحظه سمع زياد طرقات خفيفة علي الباب. ضغط علي عينية في ضيقِ لأنه يعلم تمامًا مَن الطارق وهنا رأها تطُل من خلف الباب وبنبرة هادئه علي غير عادتها تابعت: انا قررت هروح معاكم. عند الدكتوره.
تبادل زياد وآلاء نظرات تساؤلية، أشرقت ملامحها لوهلة ظنت بأن والدة زوجها ستتغير معها وتُصبح أكثر لينًا فيما أردف زياد بغير تصديق: عاوزة تيجي معانا بجد؟!

سَكينة بحدة: مالكم مصدومين ليه إنتوا الجوز؟!، خلص يا زياد بدل ما مراتك تتعب من كُتر الوقفه.

انصاع زياد لها في سعادة وهو يسند زوجته برفق مُتجه بها خارج الغرفة، أرواحهما تتلهف بأن تُلضم بقوة عند مولد قطعة منهما. إتجه بها إلى الدرج يهبطا، كانت والدته تسير معهما دون ان تنبس ببنت شفةٍ فقط تراقبهما بإمتعاض ظهر جليًا علي قسمات وجهها...

أركبها زياد السيارة بحنو ليلتفت ناحية والدته يحثها علي الدلوف وما أن إنتهيا حتى قاد السيارة إلى طريق العيادة وقد سبقه قلبه إليها، يتخيل وجه الطبيبه وهي تبتسم إبتسامة عريضة مؤكدة إيجابية هذا (الحمل )...

مرت النصف ساعه عليهما وكأنها دهرًا، أوقف السيارة بحركة حماسية ليترجل خارجها كي يستدير ناحية الباب المجاور لمقعد زوجته، يقلق بشأنها ويرفض أن تبذل مجهودًا يُرهقها. لوت سَكينة شدقها وهي تري عيني ابنها تكاد تُطلق قلوبًا حمراء مُشتعلة بلهيب الحُب فيما إتجهوا ناحية العيادة ليبدأ قلب آلاء ينتفض داخل ضلوعها، أغلقت عينيها قليلًا ثم أخذت شهيقًا طويلًا أتبعه زفيرًا ينم عن قلقها الجامح، مسح علي ظهرها بحنو وكأنه يُخبرها بوجوده دومًا إلى جانبها، بادلته إبتسامة هادئه ليسروا داخل العيادة...

يا نهاي إسود، يا نهاي أغبي (أغبر )، قنابل. قنابل؟! انا عُميي (عُمري) ما شوفتها غيي في الأفيام بس، أوعي يكون في الحقيقة بتعمي (بتعمل)، بوووم وإنفجيات؟، ما تتكيم يا أستاذ ماجد أبوس ياسك (راسك )؟!

أردف رمضان بتلك الكلمات وهو يغدو ويروح داخل الغرفة يضرب كفًا بالآخر فيما ضغط ماجد علي عينيه ثم تابع بغيظِ: بوووم؟! أيوة يا خويا هي اللي بتعمل بووووم. سليم ناوي يوريها لك علي الحقيقة ما تقلقش خالص.

رمضان وهو يلطم وِجنتيه بشدوه: يا نهاي إسود. مش عايز أشوف خايص أنا. طب وهنتصيف (هنتصرف) إزاي!

رمقهما عاصم بنظرة جامدة، لم يلفظ ب حرف واحدٍ. ظل ينظُر ل شاشة هاتفه مرارًا ليأتيه رسالة من أدهم يُعلمه بمكان تواجد سليم. فعندما رفض سليم ذهاب أحدًا معه بحُجة أنه موضوع خاص بأحد زملائة، أسرع عاصم بإخبار (أدهم ) عن مكان هذا الفندق كي يبقي هناك ويخبر عاصم ما إن كان سيقصد سليم هذا الفندق أو لا. وبالفعل قصده...

هبّ عاصم واقفًا ليقول بنبرة مُتوترة بعض الشيء: بقول لكم يا رجالة. أنا همشي دلوقتي ضروري وإنت يا ماجد البنات في حمايتك إنت ورمضان.

إتجه عاصم مُغادرًا المنزل فيما تابع رمضان بتوترِ: أنا أعصابي سابت. هيوح أعمي لنا شاي، نيوق (نروق) أعصابنا.
داخل الغُرفة الأُخري
سليم راح فين؟ هو مش عاوز يشوفني؟

تشدقت نوراي قائله بنبرة خافتة لا حياة بها، فيما تابعت نسمة التي تجلس خلفها وتمشط خُصلات شعرها بحنو جارف. لتردف بهدوء تردعها عن التفكير تجاه زوجها بسلبية: معقول بردو يا نوراي؟ دا إنتِ روحه، في حد بيفارق روحه. الظروف قاسية عليكم بس. والله هتُفرج ونيروز هترجع لحُضنكم تاني.

كانت تجلس إلى الفراش تضم ساقيها إلى صدرها وتحاوطهما، بذراعيها لتميل مُلصقة جبهة رأسها بركبتيها قائلًا بوجع مرير: لو بس أسمع صوتها وأتطمن إنها بخير، طيب بيأكلوها أيه؟ بيعاملوها إزاي؟! وجعوها كام مرة! أنا خايفه بنتي ترجع ل نقطة الصفر تاني، أنا موجوعة أوي.

ائتكل داخل نسمه ألمًا لحال صديقتها، وأثناء شرودها في حديث نوراي، أحست بأن هُناك خُصلات كثيفة تسقط علي راحتها، نزلت بعينيها للأسفل لتجد خُصلات نوراي تنهال أرضًا. جحظت عيناه بفزعِ لتسقط قطرة دموع منها، كاتمة شهقتها داخلها، ف كثرة التفكير أهلك ( نوراي ) ليصبح جسدها هزيلًا ولا سيما نال من شعرها...

قبضت علي راحتها وهي تبتلع ريقها بصعوبة ومن ثم قررت إخفاء هذه الخصلات حتى لا تُصاب نوراي بإحباط أكثر مما هي عليه.

في تلك اللحظه دلفت أنهار داخل الغرفة، إبتسمت بهدوء وبنبرة حانية تابعت: لمّا بتصحي من نومك، كأن القمر رجع من جديد.
بادلتها نوراي إبتسامة صادقة، فيما أخرجت أنهار من هذه الحقيبة البلاستيكية التي تحملها قطع شيكولا مُغلفة ومن ثم تضعها أمام نوراي قائله: جبت لك الشيكولاته اللي بتحبيها.

تناولتها نوراي منها. بدأ في فتح واحدة منهم وما أن قربتها من فمها وهمّت أن تلتهم قطعة منها حتى تذكرت ابنتها لتُعيدها أرضًا مُجددًا وبنبرة متوجعة تابعت: نيروز بتحبها أكتر مني، هخليها لها لم ترجع وهناكلهم سوي.
إبتلعت أنهار غصة في حلقها، تلألأت الدموع بعينيها لتقول وهي تتماسك متجة ناحية باب الغرفة: هخرج برا شوية وهرجع.

رمقتها نسمه بآسي وهي تعلم وجع (أنهار ) التي تلوم نفسها بقسوة. تظن أنها المسؤلة عن ذلك وتنسي بأن هذا الحدث مكتوب عند الله من الأساس،.

إرتدي بذلة ( الجارسون )، غطي الكاب ملامحة كُليًا بعدما أعطي أحد العاملين ب المطبخ مبلغًا ليقوم بإرتداء ملابسه، ليدلف داخل الفُندق من الباب الخلفي له، وهذا الباب مُخصص للعاملين بالفُندق. أمسك هذة الطاولة المُتحركة يدور بها بين الضيوف، جاب ببصره المكان يحفظ كُل تفصيلة به حتى يسهل عليه دس القنابل بأماكن بعينها فيما بعد...

وصل عاصم بصُحبة (أدهم ) الذي أخبر الأمن بكونة أحد أفراد الشرطة جاء من مكان بعيد ويرغب في حجز مستعجل بالفُندق، تفهم الأمن لذلك. دلفا داخله،
جابت أبصارهما المكان كُله، ذأب عاصم في مشيته ناحية الطُرقة المؤدية لغُرف الطواريء وجُناح المطبخ الكبير، وما أن همّ يدلف داخل إحدي الغرف حتى وجد سليم يترجل خارج حجرة ما،.

هرول عاصم إليه وبنبرة جامدة تابع: سليم؟!
إلتفت لهُ سليم يرمقهُ بنظرة باردة ولما يتحرك أبدًا عن رؤية عاصم فيما استأنف عاصم بنبرة خافته وهو يقترب منه: عاوز توصل لأيه يا سليم؟، بتفحص المكان علشان تعرف هتفجره إزاي؟!
رمقه سليم بصرامة، ذم شفتيه بإمتعاض ليسير مُتجاوزًا عاصم دون أن ينظُر له وفجأه وجد أدهم يقف أمامه علي بُعد خُطوات وبنبرة هادئه تابع: إزيك يا سليم باشا؟!

سليم وهو ينظُر أمامة بصلابة ينتظر معرفة هوية هذا الشخص عندما تابع عاصم بثبات: أدهم. الظابط اللي ماسك قضيتك، أنا اللي جبته معايا. لأنه عاوز يساعدنا وهيثبت براءتك بس إنت إرجع سليم من تاني علشان خاطر بنتك وابنك، وعلشان خاطر نوراي. بلاش تضيع نفسك وتضيع اللي بيحبوك معاك.

سليم وهو يصر علي أسنانة: أهدا إزاي وانا مش عارف أحمي بنتي؟! اوعي تقول لي إهدا. إبعد عن طريقي يا عاصم لأبعدك بطُرقي.

إلتفت عاصم يمينًا ويسارًا، ومن ثم إقترب منه حتى تقلصت المسافة بينهما ليهمس بخفوت: الفندق كُله كاميرات مُراقبة، خلينا نمشي وبعدين نتفاهم برا.
أدهم بهدوء واشفاق: أنا مش بلومك علي تصرُفك دا يا معالي الوزير. بس صدقني مافيش حاجه هتتغير لو فضلنا نقتل في بعض، لأن وقت الإنفجار في ناس أبرياء تاني هتموت. وبكدا إنت إتحولت ل قاتل وظالم وصدقني مش هتختلف ساعتها عن أمجد وعزيز.

سليم بجمود: مش عاوز اختلف عنهم، طول عُمري كُنت مُختلف وما أخدتش غير وجع القلب وحرقته فيها أيه لما اتشابه معاهم مرة، أنا عاوز أكون ظالم. الظُلم مافيهوش وجع قلب. لو كُنت ظالم (نيروز ) كانت هتفضل في حُضني. أنا محتاج أخدها في حُضني أوي.

سالت قطرات الدموع من عينيه تباعًا فلأول مرة ينهار وجعًا أمام غُرباء عنه، ف ضعفة وحدها نوراي من شهدته، ضغط عاصم علي عينية يتحكم بهما لا يجب أن يضعف فالأوجب من ذلك مؤازرة صديقه...

أسرع عاصم يحتضنه في وجع، أخذ يضرب علي ظهره ضربات قوية ويعبق حديثه بحرارة عميقة حين أردف: إجمد يا سليم، إنت أقوي من كدا؟!
أدهم مُتأثرًا بالمشهد: سليم باشا. أنا معاك حتى لو الدُنيا كُلها ضدك، وعلشان كدا أنا هوصلك بشخص عارف الفندق دا بكُل تفصيلة فيه. مش همنعك عن اللي هتعمله بس فكر كويس إنك ساعتها فعلًا هتكون نسخة جديدة عن أمجد وعزيز...

أخذت تفرك كفيها بتوتر ظهر في رعشة جسدها، صلبت أنظارها بإتجاة مُختبر التحاليل التي دلفت إليه الطبيبة عقب إستلامها ل إختبار الحمل، ربت زياد علي ظهرها بحنو يهديء من روعها فيما قضمت أظافرها بإبتسامة طفولية وهنا أردفت سَكينة بإمتعاض: هي الدكتورة دي، إتأخرت كدا ليه؟!
زياد بإبتسامة خفيفة: خير إن شاء الله.

فُتح باب المعمل أخيرًا لتظهر الطبيبة، رفعت بصرها إليهم. ترمقهم بهدوء حتى جلست خلف مكتبها، توترت قليلًا في الحديث الذي بدي ثقيل علي لسانها حينما قالت بنبرة مُتلعثمه: أنا أسفه بخصوص اللي هقوله ل حضراتكم، بس تجربة الحقن المجهري مع حضرتك فشلت للأسف المرير.

وقع قلبها من مكانه لتشهق آلاء بألم حطم حصون قلبها، وضع زياد رأسه بين كفيه وقد نكس رأسه حُزنًا فيما استأنفت الطبيبة بنبرة آسفه حزينة: بويضة حضرتك ضعيفه في نشاطها جدًا أو تكاد تكون في اوهن تكاسلها، الحقن المجهزي ناجح في الحالات بنسبه 90%، بس حالة حضرتك لم تتقبله أبدًا.

أخذت تنشج أمام الطبيبة نشيجًا حادًا كالأطفال، لتضع كفها علي معدتها قائله بوجع: ليه ما نفعش؟ خلينا نجرب تاني علشان خاطري. أنا والله كُنت باخد العلاج في وقته، أنا نفسي في طفل يا دكتور.

لمعت عيناي الطبيبة لوهلة، فيما تابعت سَكينة وهي تنظُر لها شزرًا: ما قولنا أرض بور ماحدش صدق، بتندهوا في مالطة؟
وقفت آلاء في مكانها ثم هرولت خارج العيادة، أخذ زياد يهتف بها في حُزن ولكنها لم تنصت له، لحقها علي الفور وما أن أصبحت بالشارع حتى جذبها من ذراعها حتى تتوقف عن سيرها ليقول بإختناقِ: رايحة فين يا آلاء؟

في تلك اللحظه أجابته سَكينة مُرددة بنبرة جامدة وهي تُبعد ذراعه عنها: هو أيه اللي رايحة فين؟، إنت ماينفعش تكمل معاها. وعلي جُثتي تدخل البيت تاني، محاولات وحاولنا وصبرت عليها علشانك لكن ورحمة أبوك يا زياد لو ما طلقتها لأتبري منك ل يوم الدين.

لم تتمالك آلاء أعصابها أكتر من ذلك، فأخذت تصرخ بها في حدة وقد إرتفع صوتها عاليًا: إنتِ عايزة مني أيه؟ أرحميني بقي كلامك بيقتلني. عاوزة تبعديه عني لية؟، أنا عاوزاه جنبي، ما تبعديهوش عني. كفاية بقي، إرحمي قلبي أنا بتعذب. إنتِ ماعندكيش ضمير، حسبي الله ونعم الوكيل فيكي.

وجدتها سكَينة فرصة كي تنتقم منها، لتصفعها علي وجهها لكمة قوية تركت أثر ملحوظ علي وِجنتها، جحظت عيناي زياد في صدمة فيما أخذت آلاء تبكي وجعًا من قلبها المكلوم مُضيفًا إلى ذلك صفعتها القوية،.

زياد بنبرة جهورية: أيه اللي إنتِ عملتيه دا؟، إنتِ إزاي تضربيها. مين إداكي الحق تعملي كدا في مراتي؟!

رمقته آلاء بنظرة مكسورة ثم قررت تركه مُهرولة بعيدًا وما أن استدار كي يلحق بها حتى وجد والدتهُ تهتف به في استغاثة واضعة كفها علي قلبها،
آآآآه. إلحقني يا زياد؟!
في تلك اللحظه سقطت أرضًا مُغشيًا عليها فيما هتف هو بصراخ وهو ينزل إليها: أمي؟!

إنت مُتأكد إن اللوا دا هيساعدنا. مش هيبلغ عني يا أدهم؟!
أردف سليم بتلك الكلمات وهو يجلس داخل غُرفة الصالون الخاصة بمنزل (عُمران الدسوقي). لواء مُتقاعد، أومأ أدهم برأسه إيجابًا ليردف بهدوء: أكبر مثال ممكن تشوفه عن الخير ومُناصرة الحق.
في تلك اللحظه أطل ذاك الرجل الذي ظلف علي السبعينيات من عُمره، مشي إليهم بخُطي وئيدة ومن ثم أردف بنبرة تنم عن رُقي صاحبها قائلًا: السلام عليكم يا شباب.

أجابوا علي تحيته فيما نحا ببصره ناحية سليم مردفًا بثبات: إزيك يا معالي الوزير؟!
سليم بإبتسامة ثابتة: كُنت. لكن دلوقتي أنا مُجرم هربان.
إِفتر ثغرهُ عن إبتسامة من جانب فمه، ومن ثم تابع بتساؤل: أنا معاك إنك هربت علي فكرة، وإلا ما كُنتش هتعرف ترجع حقك، ها يا سيدي. عاوز رسمة تفصيلية ل فندق (سانت ريجيس ) تعمل بيها أيه؟

دارت المُحاورات داخل عقل سليم ليبدأ بتحليل حديثه ويستنبط منه بأن عمران علي علم بما مر به سليم سابقًا وأن من أخبره بهذا لَم يُخبره سبب رغبة سليم بإمتلاك هذه الرسمة، إبتسم عمران بهدوء ليقول ضاحكًا بخفة:
المعلومات عنك؟، عرفتها من أدهم. ها أجاوبك علي أيه تاني؟!

عاصم مُتدخلًا بهدوء: كُل الحكاية إن بنت سليم إتخطفت زيّ ما حضرتك عارف، ف إحنا شاكين إنها موجودة جوا الفندق، ولأنه كبير ف مش عارفين نحدد بالظبط. وحضرتك هتساعدنا في دا بالرسمة.

استطاع عاصم أن يُقنعه بوجهة النظر هذه، اومأ عمران برأسه مُتفهمًا. ليقول بنبرة يُخالطها الحنين: أنا فعلًا حافظ الفُندق دا، كُنت بتردد عليه كتير انا وزوجتي الله يرحمها، كانت ذكريات، وبإذن الله بُكرا هكون مجهز لك الرسمه. ربنا ينصرك علي الظُلم. البلد مليانة ظُلم وبلاوي والطبقة دي بالذات كُلها فساد. أنا جربت كتير أوي...

نهضوا علي الفور بعد ان أتفق معه سليم علي موعد لإستلام خريطة تخطيطية للفندق وما أن خطي سليم بضع خُطوات حتى أوقفه سؤال عمران الهاديء: إنت بريء بجد يا سليم؟!
إلتفت سليم له ثم أردف بحُزن وحشرجة في حلقة: والله العظيم بريء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة