قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

أدارت مقبض الباب بتوجُسِ شديدٍ، وما أن فُتح الباب قليلًا حتى وقفت تتأمل هذه السيده التي تتدبر حال النجوم كُل يوم، تغفو علي مقعدها كذلك. نست تمامًا صوتها مُنذ حادثة غياب قرة أعينهما، ودت نسمه لو تهزها بشدة حتى تفيق، تصرخ بها، تنهال عليها بما يُضني قلبها، ولكن داخلها يتآكل من هذا الصمت القاس عليها، خطت بقدميها للداخل، لتسحب بدورها مقعدًا من الخيزران داخل الشرفة ثم جلست بهدوء شديد وراحت تنظر للسماء هي الأخري...

أخذت نفسًا عميقًا متوهجًا بنار الإشتياق ثم تابعت بنبرة مهزوزة: تعرفي إنه بالرغم من توتر علاقتنا قبل ما عاصم يمشي ويسيبني، بس وحشني صوتك أوي يا ماما إلهام، وحشني خناقك فيّا علشان أبعد عن عاصم، عارفه كمان. ،.

صمتت للحظة تبتلع غصة في حلقها ثم سالت عَبرة حارة علي مُقلتيها، لتُغمض عينيها بجزع مما تُعانيه منذ سنوات ثم استئنفت بلهيبِ مشتاق: وحشني بردو لمّا ما كان يسمع لك، وأد أيه كان متمسك بيّا، ليه بعد دا كُله سابني، رغم انه وعدني، انا عايشة بوعده دا لحد دلوقتي، بيتقال عليا مجنونة علشان بحس بريحته في كف إيدي وكأنه سابني إمبارح بس.

سلطت بصرها تنظر للسيدة إلهام بخيبة أمل، فلن تُجيبها أبدًا، تعلم ذلك تمام العلم، ولكن لا تستطع التفريط بها، تود لو تُشفي مما هي فيه، فهي تعمل جاهدة للحفاظ علي هذه السيده حُبًا وتقديرا لمن غاب عنها دون سابق وعدًا بالغياب...

نكست نسمه ذقنها، تقلصت عضلات وجهها رجفًا لتضع رأسها بين كفيها، تتحايل علي عقلها بأن يُوجده أمامها في الحال تشكي له من ظلمة نفسها بدونه لتجد عقلها يهتف بها ان تستفيق، ف عاصم رحل مُنذ أمد بعيد وهذه حقيقيه لا تحتمل التشكيك...

يا ورود دي تاني مرة احفظك جدول 3 وبردو مُصرة تغلطي فيه.
أردفت آلاء بتلك الكلمات وهي تنظُر لإبنتها بالتبني نظرات لائمة فيما تابعت ورود قائلة بحنان طفولي: I m sorry Mom.

إِفتر ثغر آلاء عن إبتسامة حانية، أمدت يديها لتضع وجه ورود بينهما لتميل قليلًا تلثم جبينها بحب جارف وكأنها تُغدق علي نفسها وتتشبع بهذه النعمة التي حُرمت منها: انا مش زعلانة حبيبتي، بس عوزاكي تكوني أشطر بنوته في الدُنيا، علشان تفرحي بابي.

أومأت ورود برأسها متفهمة، قامت علي الفور بإسناد رأسها إلى صدر آلاء ثم رددت بنبرة سعيده: انا هذاكر وهبقي شاطرة علشان إنتِ دايمًا بتعبري لي عن حُبك بهدايا كتير وبتفرحيني، وانا لازم أفرحك، إنتِ جميلة أوي يا ماما.

رفرف قلبها بين ضلوعها من فرط سعادتها، لا يأخذ الله منا شيء إلا عوضنا عنهُ بشيء آخر، ف الله لا يُرضيه وجع قلوبنا ودائمًا ما يطبطب علينا برحمته...
وانا فين من الأحضان دي؟!

هتف بها زياد وهو يقف علي عتبة الحجرة عاقدًا ذراعيه أمام صدره، فما كان منهُ إلا أن يراقب ضحكة زوجتهُ الصادقة تجاه الصغيره، يُراقبها بتمعنِ وهُيام، دائمًا تري نفسها في عينهِ غير كاملة بينما هي الصورة الكاملة لهُ والتي تدُل علي سلامة بصره مائه ب المائه، فهي أحق أن يعشقها، فهي الوطن المألوف لهُ وبدونها تأتي الغربه...

إتجه إليهما حيث الصوفة الموضوعه في زاوية من الغرفه والتي تجلسن عليها، جلس بدوره بينهن ليقوم بضم آلاء إلى صدره بأحد ذراعيه وبالآخر يطوق كتف ورود قائلًا بحُب: ربنا يخليكم ليا، وأشوف الضحكة دايمًا علي وشوشكم، وبالمناسبه عندي ليكم مُفاجأه.

حملقت الإثنتان إليه في تساؤل صامت، عقد ما بين حاجبيه، يتلذذ بعلامات التساؤل الباديه عليهن، ليطول صمته قليلًا، فيما لوت آلاء شفتها السُفلي وقالت بنفاذ صبر: يوووه بقه يا زيزو، كُل مفاجأه لازم تنشف دمنا كدا.
تحركت ورود للامام قليلًا بزاويه قائمة، عقدت ذراعيها أمام صدرها بإعتراض ثم تابعت وهي تضغط علي عينيها: علي فكرة بقه يا بابي، إنت مش چنتل خالص.
زياد رافعًا حاجبيه: چنتل؟! جبتيها منين دي؟!

ورود بثبات: من طنط نوراي، لمّا كُنا في النادي قالتها للسواق.
آلاء بضحك: نوراي وقاموسها، هنعمل ايه بقه!
زياد وقد تنحنح قليلًا قبل أن يسترسل في الحديث عن مفاجأته: بعد وفاة أبويا الله يرحمه، حاولت أقنع أمي تسيب القريه وتيجي تعيش معانا وهي كانت رافضة رفض قاطع، والحمدلله قدرت أقنعها النهاردة وبإذن الله هتيجي تعيش معانا من بُكرا.

آلاء بسعادة: الله بقه، فرحت جدًا، تنورنا يا زياد، من زمان مفتقدة جو الأسره ووجود أم في حياتي، قولي بقه هي بتحب أكل أيه؟!، علشان أعملها كُل اللي نفسها فيه.

حمدلله علي سلامتك يا عزيز بيه، إن شاء الله تكون اتبسطت في الرحلة!
قالها مُساعد عزيز المرشود بنبرة مُضطربة وهو يقبض علي يد الحقيبه ذات العجلات الجرارة ويجرها خلفة، فيما أزاح الأخر النظاره عن وجهه ورمقهُ بنظرة ثابته ليتفوه بصوتِ خشنٍ: تمام تمام، طمني إنت علي الشُغل في غيابي!
حكمت بثبات: كُله تحت السيطرة يا باشا، بس ف ففي مشكلة واحدة يعني؟!

وقف عزيز المرشود في مكانهِ، إشتدت حدة عينيه ومالتا ل اللون الأحمر القاني وكأنه قد فهم مجري الحديث القادم إليه، هزّ رأسه وقد حرك يدهُ بثبات ليسارع حكمت في حديثه مُسترسلًا: يا باشا الظابط دا مش ناوي يجيبها البر، من يوم ما رشيته إنت ومعالي الوزير علشان تاخد منهُ التسجيل اللي سجله لك سليم النجدي، وكُنت وعدته إنك كُل شهر هتبعت لهُ مبلغ مُحترم علشان تسكته بيه، وهو زاد فيها أوي والجشع خدهُ، الشهر لسه ما خلصش وجاي يطلب فلوس غير اللي أخدها، ما انا قولت لك يا عزيز بيه، الواد دا هيحطنا كُلنا تحت ضرسه.

كور عزيز قبضة يدهُ في إنفعال حاد، صر بأسنانه مطولًا، كانا يسيران في الممر المؤدي للباب الخارجي داخل مطار القاهرة الدولي، ترجلا وأخيرًا للخارج. أسرع السائق الذي بدوره قد أوقف السياره ونزل منها، فتح الباب الخلفي وما أن صعد عزيز داخلها، حتى أغلقه علي الفور وكذلك قام بوضع الحقيبه داخل شنطة السياره الخلفية، وأخيرًا عاد إلى مقعد القيادة مُجددًا وقد جانبه حكمت في الطريق، ليقطع الصمت صوت عزيز وهو يُردد: خلصوا عليه.

إلتفت إليه حكمت، يستوعب ما قالهُ لتوه، بينما هتف عزيز بنبرة غاضبة: اللي سمعتهُ إنت فاهم!
حكمت بتلعثم وبنبرة مُضطربة وقد أومأ برأسه عدة إيماءات وجلة: اللي تت تشوفه يا عزيز بيه!

( داخل أحد الأحياء الشعبية ).
تراصت البيوت جنبًا إلى جنب، بعضها قد بُني من الخشب وأخري بُنيت من الطوب اللبن، هذا الحي أشبه بمكان مُقفر، بللت مياة الصرف الصحي جميع الشوارع، أطفال لا يلقوا أهتمامًا مُطلقًا وهذا واضح من هيئتهم المُزرية، كذلك يجلس الناس أمام منازلهم يتلاقفون بعضهم بألفاظ غير صالحة البته، في أحد الشقق بهذه المنطقة، إرتدي رمضان قميصه من فُقرتهُ بسرعة شديدة،.

جثي علي رُكبتيه إلى الأرض ثم بعدها قد أحني ظهره بحثًا عن جزمته، ليجد طفل في سن السادسة يختبيء واضعًا أصابعه الصغيره علي فمهِ، إبتسم رمضان رغمًا عنهُ ثم هتف به مُتسائلًا: خيي يا وش المصايب!، مستخبي من ميين!
عبد الرحمن (جار رمضان )، بنبرة خافته: اسكت يا رمضان، أمي هتسمعك. انا مستخبي علشان مش رايد اروح معاها نسرق حاجات الناس.

حك رمضان ذقنه بأطراف أصابعه وقد تبدلت ملامحه للضيق وهو يسحب الطفل من أسفل الأريكة الوضيعة: كان عييا عيني يا عبيحمان عبرحمن، أخدك معايا الشغي بس أمك هتحيجني.
عبد الرحمن بحُزن طفولي: بس انا مش عاوز اسرق يا رمضان، خُدني معاك اشتغل وهسمع كلامك.
رمضان بإبتسامة حانيه ممررًا أصابعة بين خُصلات شعر الصغير الكثيفة: طيب أمشي إنت عشان ما تضيبكش.

إنتصب رمضان واقفًا يبتسم بأسف علي حال هذا الطفل وغيره من الأطفال والذي كان من ضمنهم يومًا، حيث يتشكلون علي أيادي قُطاع طُرق ولصوص وبائعي الممنوعات وكذلك تُجار السلاح من السيدات والرجال، ف هذه المنطقة تعدت حاجز المحظور ولا تقترب الشرطة منها أبدًا. تنهد رمضان بعُمقِ فهو يمقت العيش بها ولكن ما باليد حيلة...

ترجل خارج شقته ثم أغلقها جيدًا، ليتجه لخارج البناية التي أوشكت علي السقوط وما أن خطي خُطوتين في طريقه حتى وجد نافذة غرفتها مفتوحة، وقف أمام النافذة يُطالعها بنظرة هائمة فهو يعشق هذه الفتاه التي عُرفت بالإنطوائيه وفقدانها لحاسة النُطق وكذلك رفضها لمن حولها وأخلاقياتهم...

تنحنح رمضان خارجهُ ليلفت إنتباهها، رمقتهُ نعمة بنظرة خاليه من أي شيء وهي تجلس إلى مكتبها البسيط تدون داخل هذه الأجندة موهبتها الوحيدة الكتابة، فيما هتف هو بهدوء: أزيك يا نعمة!
نهضت نعمة بهدوء شديد ثم إستدارت مُتجهه ناحية النافذة، هزتّ رأسها هزة خفيفة وبعدها قامت بغلق النافذة في وجهه ليردد رمضان بحُزن: مش ذنبي إني عايش بينهم، بس انا مش زيهم!

( داخل السجن )...
طيب أنا هسيبكم شوية علي إنفراد.

قالها مأمور السجن وهو ينهض عن مقعده مُتجهًا خارج الغرفة فيما نظر المحامي الخاص ب سليم إلى هذا ال. كمال، نظرات ثاقبه أثناء جلوسهما مقابل بعضيهما، أحني المحامي (غسان) ظهره قليلًا ليميل نحو الأمام وأخذ يُطالع كمال بثبات وكانت عيناه تسبقه في الحديث حيث قال بجدية خالصة: أظن إنت عارف كويس أنا جاي هنا ليه؟!، وتقريبًا إنت حفظت الكلام اللي عاوز أقوله لك يا كمال. مش كدا ولا أيه؟!

في تلك اللحظه قام كمال بوضع قدمًا فوق الأخري وبعنجهية لا تليق بمُتهم تابع ببرود: أحب أسمع تاني!

إبتسم غسان إبتسامة لم تصل إلى عينيه، ثم عاد بظهره للخلف من جديد وبصوتِ أجشٍ قال: طيب هعيده، مش معني إن تنفيذ حُكم الإعدام عليك بيتأجل في كُل مرة، إن بكدا هتقدر تهرب من العدالة، وأوعي تفتكر إنك لمّا تبرأ عزيز المرشود وتشيل إنت الليلة، إنك بكدا هتكسب ثقتهُ وهو هيخرجك منها زيّ الشعره من العجينه!، مش دا اللي هو مفهمه ليك بردو، ولا إنت أيه رأيك!

أطلق كمال قهقه عالية أثارت حنق غسان الذي كظم غيظه عنهُ وتروي في النيل منه، فيما تابع كمال بثبات: أنا فعلًا هخرج منها زيّ الشعرة من العجيبه، وبلغ رئيسك ولا نقول معالي الوزير، إن أعلي ما في خيله، يركبه. وياريت ما تشرفنيش تاني، لأن قريب جدًا انا اللي هشرفك.

تجمهر الحشد حولهُ مابين طاقم الحماية والمرافقين الخاص به وكذلك بعضًا من كبار الدوله وأصحاب العقارات الضخمة ف اليوم هو إفتتاح أكبر مركز ثقافي قد تشهدهُ البلد، جاء إليه أحد الشباب بزيّه الرسمي يحمل بين يدهُ صينية فضية وقد وُضع عليها ذاك المقص، إلتقط سليم منهُ المقص وراح يدبه في هذه الشريطة الحمراء حتى إنشطرت نصفين، لتعلو التصفيقات من قِبل الحضور. ومن ثم بدأ سليم يدلف داخل المركز بترحيب شديد من صاحبه: شرفتنا يا معالي الوزير.

أومأ سليم برأسه في هدوء ليقطع سيره هتاف أحد الأشخاص وبدي من صوته أنه كهل في آخر عُمره، إلتفت سليم نحو مصدر الصوت ليجد رجلًا قد خط الزمان عليه وظهرت تجاعيدهُ بصورة كبيرة، يقبض رجال الامن علي ساعديه ويزجوا به بعيدًا عن المكان...

تألم سليم من هذا المنظر، لتقفز صورة السيد ناجي أمامه، لمعت الدموع داخل مُقلتيه ولكن هيهات فهو الآن الوزير الذي لا يبكي ولا يعرف للمشاعر طريقًا، حتى لا تستضعفه هذه الطبقة من حوله، استفاق من غفلته في الماضي علي صوت هذا الكهل الهزيل وهو يهتف بألم:
أنا عاوز أكلم سعادة البيه، سيبوني يا ناس.
سيبوه.

هتف بها سليم وهو يتجه ناحية الرجل بخُطي سريعة، قام بالقبض علي ساعد الرجل برفق شديد وإبتسامة هادئة فيما تابع الرجل بنبرة أشبه للبُكاء: ساعدني يا بيه الله يسترك، لو توصل صوتي للرئيس، الحكومة هدت بيتي وبقيت مرمي انا وبناتي في الشارع حتى اللقمة مش لاقيينها.

ربت سليم علي ظهره بحنو وكذلك مال عليه مُقبلًا رأسه لتندلع عَبره من مقلة الرجل قائلًا بترجي: إلهي يخلي لك ولادك يا باشا، ساعدني.
سليم بحنو: أنا جانبك ما تقلقش. معاك تليفون أو أي حاجه أوصل لك بيها.
هزّ الرجل رأسه إيجابًا، دفن يده في جيب بنطاله المُتهالك نوعًا ما ليلتقط هاتف صغير الحجم ليدون سليم رقم هاتفه بإهتمام شديد قائلًا: إستني مني مُكالمة بُكرا، بإذن الله.

تهللت أسارير وجه الرجُل، وإندلعت الدعوات علي مسامع سليم ك نغمة بات يعشقها، تُلحنها والدته لهُ في كُل صباح ومساء، وكذلك رطبت هذه الكلمات علي قلبه ليشعر بأنه هو وأخيرًا...

حاضر يا بابا فؤاد، انا والله بقيت كويسه، بس من بُكرا هنزل الشركة، إنت عارف إني ما أقدرش اقعد من غير ما أشوف شغلي لحظة، وأخدت أجازة أسبوع وإنتهت، وما تقلقش عليا، أنا صحتي زيّ الفل، حاضر يا بابا. أشوفك علي خير بُكرا.

أغلقت نسمه الهاتف مع السيد فؤاد الذي قلق عليها بشده وأمهلها أسبوعًا تستعيد قوتها وعافيتها فيه، ألقت بالهاتف داخل حقيبتها وهي تجلس إلى المقعد الأمامي بالسياره تحمل بين ذراعيها عاصم، ويُجانبها رمضان الذي يقود السيارة في حالة صمت تام. وكذلك تجلس نوراي ونيروز وأنهار بالكنبه الخلفيه بالسيارة، متجهون إلى النادي الرياضي المخصص للوزراء وأصحاب الطبقة الراقية...

توجهت نسمه ببصرها حيث رمضان، رفعت أحد حاجبيه تتأمل وجهه الكئيب وبنبرة تساؤلية قالت: رمضان إنت كويس؟!
رمضان بحُزن: عادي يا نسمه.
ضيقت نسمه عينيها بحيرة مما يحزنه، فيما تابعت أنهار بتفكه: مالك يا أبو صيام، ما تخليك فرفوش كدا، والله الدُنيا مش مستاهلة، اضحك لها تضحك لك، تكشرها ت كركركر،.

بدأت تُقرب أصابعها منهُ تُداعب ظهره بمزاح، بينما إنتفض هو يقهقه تاره ويغضب عليها أُخري قائلًا: بس يا أنهاي، هنيوح في شبي ميه، إلا بصحيح إنتِ ليه مش نهي واحد بس!
نوراي بضحك: علشان لو حصل جفاف نلاقي عندها مخزون يا أبو صيام.
أنهار بتبختر: علشان أنا فرفوشه وبحب أكُب ع الفاضي، اللي هم مكتئبين زيكم، إني مش شفتكم بتضحكوا جوا الفيلا بتاعتكم دهين.

نسمه بضحكة خفيفة: ربنا يزيدك يا أنهار، أغدقي علينا يا بركة.
في تلك اللحظه اصطف رمضان سيارته داخل الجراچ الخاص بالنادي، دلفوا جميعًا للداخل، جلسوا إلى طاولتهم المُعتادة، وهُنا تابعت نيروز بنبرة حزينه: بيبي مامي!
مسحت نوراي علي خُصلات شعر صغيرتها وقد استجابت لندائها لتنهض علي الفور مُرددة بهدوء: هوديها التواليت وراجعه، خلي بالك من عاصم يا نسمه.
نسمه بإبتسامة هادئه: في عيوني.

إصطحبت نوراي إبنتها إلى دورة المياة، بينما إقترب أخر شخص تود نسمه رؤيته من الطاولة ثم هتف بإبتسامة ثابتة: النادي نوّر.
حملقت نسمه إليه في دهشه وهي تري كدمات مُنتشرة في سائر وجهه، لتهتف مُتسائله: مالك يا أستاذ عادل، أيه اللي عمل فيك كدا؟!
عادل وهو يلتفت يمينًا ويسارًا في قلق: الموت!
نسمه وقد لوت شدقها بعدم فهم: نعم؟!

أدرك عادل لمّا قالهُ توًا، ليقترب من مقعدها أكثر ثم يُردد وهو يرمقها بنظرة جامدة: إتفضلي!
طالعته نسمه بإستغراب، تنظر إلى علبه صغيرة من القطيفه الحمراء فيما قام هو بفتحها ليطُل منها عُقد من الألماس آيه في الجمال، بينما تابعت نسمه ببرود: ودا أيه بقه إن شاء الله؟!
عادل بكُل ثقة: دا عُقد هدية مني ليكِ، إختارته بنفسي من محل المجوهرات بتاعي.

نسمه بعصبية خفيفة: شكرًا، مش عاوزه، تمام!
رمقها عادل بنظرة نارية، يتوعد لها في نفسه أشد الوعيد، قام برفع قبضته لأعلي ثم هوي بها علي العلبه ليُغلقها بقوة، ليقطع غضبه إتصالًا من أحد الموظفين لديه، وما أن تلقي المُكالمة حتى هتف بذعر: محل المجوهرات بتاعي، إتسرق!
علي الجانب الأخر ،
ترجلت نوراي مع صغيرتها خارج دورة المياة في طريق العودة إلى الطاولة ليستوقفها صوته هاتفًا بثبات: مدام نوراي!

توقفت عقب سماع الصوت ومن ثم إستدارت تنظُر لهُ في هدوء وقد إرتسمت إبتسامة هادئه علي مبسمها، فيما قدم هو إليها ومد يده قائلًا: النادي نور بوجودك!
نوراي وهي تُصافحه بدورها: ميرسي يا أمجد بيه.

ضغط علي أصابعها النحيلة بين قبضته وكأنها حُبست داخلها، ليصدح هاتفه بإتصالًا ومن ثم يلتقطه وهو ينظُر إلى اسم المتصل بظفر، بينما أخدت نوراي تسحب كفها من بين أصابعها دون جدوي، لتحملق به فجأه عندما هتف باسمه: أهلًا يا سليم بيه، خير!

دق قلبها بعُنف فلو علم سليم تصرفات هذا الرجُل غريبة الأطوار، لضرب بمنصبه عرض الحائط ونال منهُ، إبتلعت ريقها بقلق تحاول مرارًا نزع كفها دون أن تصدُر صوتًا يثير إنتباه سليم، لتقوم إبنتها بهذه المُبادرة، حيث أرجعت قدمها للخلف ثم أعادتها مُجددًا تضرب بمنتصف قدم أمجد كذلك هتفت عاقدة حاجبيه بغضب: غور، انت وحش، مامي لأ.

وبالفعل تركها أمجد وهو يغمز لها من بين عينيه، أمسكت بكف صغيرتها بعد أن رمقتهُ بنظرة مرتعدة وراحت تذأب إلى الطاولة.

أمجد بصرامة: لأ يا معالي الوزير، وأظن دا مش من شؤونك، ياريت الموضوع دا يتقفل.

عادت نوراي إلى الطاولة من جديد، أخذت تفرك قبضتيها بتوترِ لتهتف بنبرة واجفه: يالا نمشي يا جماعة، مش عاجبني الجو هنا.
أنهار بإعتراض: بالعكس دا جميل أوي خلينا قاعدين!
نوراي وقد إنسابت دموعها علي وجنتيها: خلاص أنا هاخد ولادي وهمشي!
نهضت نسمه من مكانها، إستدارت علي طول الطاولة ثم مدت يدها تربت علي كفي نوراي قائلة بنبرة حانية: نوراي حبيبتي، مالك؟
نوراي بإختناق: هفهمك بعدين، يالا نمشي.

إنصاع الجميع لرغبتها، وبالفعل وصلوا مجددًا إلى اليلا بعد وقت قصير، ترجلت نوراي خارج السيارة، ترغب بإحتضانه والإحتماء به فقط، حيث رددت وهي تهرول داخل اليلا: طلعي الولاد ل أودتهم يا أنهار لو سمحتي.
هرولت إلى الدرج تصعده علي عجالة من أمرها، أدارت مقبض الباب ثم هتفت بنبرة مهزوزة: سليم!

جالت ببصرها داخل غُرفة نومهما ولكنها لم تجدهُ، فأدركت انه قد يكون في مكتبه، أسرعت ناحية غُرفة المكتب وما أن فتحتها حتى وجدته يُسارع في إغلاق الإتصال مع أحدهم...
رمقتهُ نوراي بعينين لامعتين، وبنبرة منهكة قالت: كُنت بتكلم مين يا سليم، لدرجة أنك تقفل الخط أول ما أنا دخلت، طول عُمرك بتتكلم مع أي حد قدامي.

بادرها سليم بإبتسامة حانيه، وبدأ يتحرك ناحيتها ثم مد أطراف أصابعه ناحيه عينيها قائلًا بشك: إنتِ كُنتِ بتعيطي!
في تلك اللحظه تجاوزته في خُطوتها ثم إلتقطت الهاتف من علي سطح المكتب، وبدأت في استدعاء أخر رقم في قائمة إتصالاته فيما هتف هو بها بضيقِ: نوراي، ممكن تسيبي الفون!، اللي بتعمليه دا غلط.
نوراي بعند جليّ: لأ يا سليم، وهعرف بنفسي كُنت بتكلم مين؟!

مسح علي وجهه بنفاذ صبر بينما أجرت هي هذا الإتصال وقد أغمضت عينيها قلقًا من أن تسمع صوت إحداهن، ليأتيها صوتًا أثار الخوف داخلها...
قفلت الخط ليه يابني؟!
إرتجفت أطرافها ليسقط الهاتف أرضًا في حين حدقت هي به قائلة بنبرة مرتعدة: لأ لأ لأ، مش معقول!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة