قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع عشر

تبعثرت نفسه وهو ينصت لحديثِ والده المُبهم، أخذ يضرب بأطراف أصابعه علي سطح المكتب وقد تلون وجهه بالحُمره الداكنه من شده الضيق قائلًا في حيره من أمره...
جثه طفل؟! وأيه علاقه دا بإصدارتنا! وبتعمل ايه في الشحن! ومين اللي عاوز يأذينا بالطريقه الغريبه دي؟!

أنهي جملته الأخيرة ومن ثم وضع رأسه المشتت بين كفيه ليتابع فؤاد بنبرة حزينه، بس الغريب إن صاحب الشحنه واللي المفروض هيستلمها قال في شهادته إنه إستلمها من شركتنا من فتره كبيره وبرء الشركه تمامًا.

عاصم مُضيقًا عينيه: غريبه؟! بس خروج الماركه من موطن الشبهات إنجاز في حد ذاته.
ضرب فؤاد سطح المكتب في عصبيه خفيف حيث بدأ يمرر أصابعه علي جبينه دهابًا وإيابًا قائلًا بوجوم، المشكله الأكبر في إن الجثه كانت في الشحنه الخاصه بالشركه، حتى لو خرجنا من الموضوع بس إحنا ما ينفعش نسكت عليه أبدًا.

عاصم بثبات: وناوي تعمل أيه؟!
فؤاد بنبرة جامده: كُل خير.
علي الجانب الاخر، بقولك أيه يا آلاء. انا متوتره جدًا النهارده. اللي تشوفيه صح اعمليه، مش كُل حاجه هقولك عليها.

أردفت إلهام بتلك الكلمات في عصبيه مُحتده وهي تُحادث مساعدتها هاتفيًا حيث إعتدلت في مقعدها الهزاز وأغلقت الكتاب القابع بين يديها ومن ثم ألقته أرضًا بينما تابعت آلاء بنبرة هادئه...
تمام يا إلهام هانم بكرا بإذن الله همضي العقد مع عدد لا بأس به.
إلهام ببرود: طيب.

جلسوا سويًا في صالة المنزل يستعيدون عهد الطفولة وإشتياقهم لهذه الأيام وهنا تابع ماجد بضحك، طول عُمري بحب الحي دا زي ابويا بالظبط، لكن حسن كان شبه ماما عُمره ما حب يعيش هنا ولما أمي ماتت حسن قرر يعيش في اليلا وحملنا ذنب وفاتها. وانا أضطريت أعيش في يلا تانيه وأخدت بابا معايا وتعدي الأيام والحاج ناجي يحن للحي اللي اتولد وعاش فيه وقرر يرجعله ومن ساعتها وحسن أخويا مش بيسأل علينا ولا نعرف عنه حاجه، ورغم وجودي في الحي من وقت للتاني بس عُمري ما أخدت بالي من سليم غير لما كبرنا ولقيته صاحب بابا جدًا.

تنهد سليم بهدوء. وهو يتابع بنبرة ضاحكه...
سليم طالع عينه من طفولته في الشغل. هتشوفه فين بقي! هو انا زيك يا عم ماجد مولود في بؤي معلقه دهب؟!

زياد مُقاطعًا بمرح: انا بقي. من يومي وان بلطجي حارتنا.
إستمر الحديث بينهم ل ساعاتين لينهض ماجد عن الأريكة مردفًا بنبرة جاديه...
ربنا ما يقطع لمتنا. وبإذن الله هتتكرر كتير تاني.
سليم بهدوء: أكيد يا صاحبي.
زياد وقد إنتصب واقفًا: خلي بالك من نفسك وما تضغطش علي رجلك كتير ووقت ما تحتاجنا هنكون موجودين بأمر الله.

سليم مُربتًا علي كتفه بحنو: تسلم يا زيزو.
إصطحبهم سليم خارج باب البنايه مودعًا إياهم حتى غادروا المكان وما أن إلتفت عائدًا للداخل حتى وجده تقف أمامه مردفه في غيظ...

انا متغاظه منك يا سليم.
سليم بنبرة هادئه: ليه بس يا نسمه؟!
نسمه واضعه ذراعيها حول خصرها، أولًا ما خلتنيش أشوف المُز. وثانيًا قاعدين لوك لوك لوك. والمسلسل فاتني انا وخالتي.

سليم بإبتسامه ذات مغزي: طيب الحقي بقي خالتك بتسمع المسلسل علي اللاب بتاع روفيدا.
هرولت نسمه، صاعده الدرج علي عجلة من أمرها بينما تابع هو بنبرة خفيفه، السلم دا لو بينطق كان اتحسبن عليكِ.
في تلك اللحظة مسح هو علي شعره في إرهاق مُتحاملًا في مشيته صوب باب شقتها حتى قرعه في خفه، إنتظر لبعض الوقت حتى وجدها تطل من وراء الباب بنبرة بارده قائله...
ايوه؟!

ضيق سليم عينيه عاقدًا ذراعيه أمام صدره. ليدلف داخل الشقه بعد أن تنحت جانبًا، لتُمكنه من السير للداخل وهنا تابع بنبرة هادئه، ايوه؟! نوراي إنتِ ما أكلتيش حاجه من الصُبح.
قامت بإغلاق الباب علي الفور ثم رددت بنبرة هادئه وهي ترمقهُ بثبات، مش جعانه.
سليم مُلتفتًا إليها: إحنا قدامنا شغل للصُبح. لازم تبقي مركزه. ومن بكرا بإذن الله هروح المحكمه وهقدم طعن في قضيه والدتك ونرجع نفتح القضيه تاني.

إبتلعت غصه في حلقها. وبدي وجهها أكثر تجهمًا ليتنافي مع توقعاته بأنها ستهرول إلى أحضانه فرحًا بينما تابعت هي بنبرة جامده، قضية ماما هتتفتح فعلًا، بس ماحدش هيتولاها غيري. شكرًا علي إهتمامك.

كان بؤسهُ لا يُحتمل في تلك اللحظة، ماذا يفعل لها إذًا. تستمر محاولاته لإرضائها وتعزيز شعور الأمان في حضرته ولكنها لا تُعاونه علي ذلك. تعمل دائمًا علي هدم ما يسعي بقوته إليه ليبنيه. وكثيرًا ما تُعمق تلك الفجوة التي لم يكُن لها وجود من الأساس...

بدي وكأن اليأس داهمهُ دون مُقدمات. ليقترب منها أكثر ومد يده إليها حتى أمسك ذراعها في قوه وإختناق غير معهودين بالنسبه له، القضيه دي بتاعتي انا. وهكملها لوحدي. لو إنتِ مش عاوزه. إتكلمي. خايفه من أيه! انا جانبك ما تخافيش، بس إنتِ إتكلمي بلاش تعملي حاجه تندمي عليها بعد كدا.

ترقرقت الدموع داخل مقلتيها. بادرته مُحاوله نزع ذراعها من بين قبضته مُصدره تأوهًا خفيفًا، ليُدرك هو ما يفعله بها، أبعد قبضته عنها بينما تابعت هي بنبرة مُختنقه، عاوزني أتكلم؟!
سليم ناظرًا صوب عينيها: ياريت!

عقدت ذراعيها امام صدرها، وقد إشتدت صلابة ملامحها ثم رددت بجمود قبل أن تتنهد بقوه قائله، انا مش عاوزه أعيش في المكان دا يا سليم. فاكر لما قولتلي. إني إتعلقت بيك مش أكتر علشان إنت أول شخص كُنت حنين عليا. ايوه كلامك صح. دا فعلًا اللي حصل.

كور سليم قبضه يده حتى برزت عروقهُ وكأن جلده قد تحبر مش شدة زُرقتهم، لتمتد يده إليها مره أُخري حتى إصطحبها إلى الأريكة لتهوي جالسه عليها بينما جثي علي رُكبتيه امامها مُردفًا بنبرة حانيه علي الرغم من الصدمات التي تعرض لها ظل رابط الجأش...

عاصم! انا عارف إنه عاصم. بس وصلك أزاي او بيضايقك بأيه! ف دا اللي إنتِ هتقوليه دلوقتي.

رمقها سليم بترقب وقد بدي وكأنه يُجابه مشاكله بأناةٍ وصبرٍ بينما تابعت هي بنبرة عاليه بعض الشيء وهي تنظر صوب عينيه مُباشرة...

اه هو اللي سلط رجالته عليك إرتاحت؟! ومن حقه يعمل كدا ما إنتِ أخدت حبيبته منه وانا بصراحة بحن له وكمان العيشه معاك في البيت الفقير دا صعبة اوي. إحنا مش لبعض إحنا الإتنين كُنا بنتسلي و...

نظر إليها بعينين جاحظتين ومن ثم هدر بنبرة عاليه وهو ينهض عن الأرض، انا مش بتسلي بحد يا أنسه نوراي. الفقير اللي قدامك دا ما عندهوش وقت يتسلي. وفعلًا انا ما اقدرش اقدملك غير.

ومن ثم إرتسم علي ثغره شبح إبتسامة مُتهكمه: غير قلب فقير زيّ صاحبه وعيله بسيطة جوا البيت الفقير دا. لو عاوزه ترجعي القصر الباب مفتوح. أمشي وما تبصيش وراكِ...

واعتبري الراجل الفقير اللي قدامك دا. ماكانش موجود ثانيه في حياتك. وما تخافيش مش هبتزك إنتقامًا ل قلبي. انا فقير أه. بس غني أوي بالله ورزقي المقسوم في الدُنيا.

رمقها سليم نظره أخيرة كانت كافيه أن تُدمي قلبها لسنوات قادمة قبل أن يلتفت مُتجهًا صوب الباب وهو يُردد بنبرة بارده...

بُكرا هفتح القضيه. عاوزه تتابعيها أهلًا وسهلًا.
تخطي عتبة الباب ومن ثم صفقه خلفه بعُنف. تحررت الدموع المحبوسة في مُقلتيها وأخيرًا لتهوي جالسه أرضًا واضعه كلا كفيها علي صدرها بإختناق، ما تسيبنيش يا سليم، بالله عليك. ما تكرهنيش.
وجدتها في تلك اللحظة تقف أمامها بوجه مُتجهم والدموع حبيسة مُقلتيها قائله بضيقِ...

ولما إنتِ بتحبيه أوي كدا. ليه وجعتيه بالكلام دا؟!، دا مش كلامك يا نوراي. إنتِ مش نوراي اللي نعرفها إنتِ واحده تانيه ما عندهاش قلب.

نظرت إليها نوراي بأعينٍ باكيه وقد تعالت شهقاتها في الأرجاء. لم تتوقع إستيقاظها أبدًا فهي كثيره الجثوم، لا تعي ما يدور حولها أثناء نومها ولكنها هذه المره تجدها تقف أمامها تلومها علي ما فعلته. فلديها كُل الحق، كان كلامها جارحًا له ولكن هلا نظر أحدهم داخل قلبها او أحترم وجعها الذي يأكل جدران قلبها.

وهنا تابعت نوراي بنبرة منهاره: أحضنيني يا روفيدا. انا محتاجاكِ.
رمقتها روفيدا في آسي فرغم ما فعلته بشقيقها ولكنها لا تستطع ان تتجاهل وجعها، نحت روفيدا إليها حتى جثت علي رُكبتيها امامها ومن ثم إحتضنتها في حُزن قائله...
ليه كذبتي علي سليم. وعاوزه توصلي لأيه من كلامك دا!، أنه يكرهك؟! دا مش هيحصل. سليم ما بيكرهش بعد ما حب. إتكلمي يا نوراي!

عاودت النحيب مُجددًا ثم رددت بنبرة مختنقه، خايف عليه يا روفيدا. عاوزه احميه. عاصم هددني إني لو مارجعتش القصر هيقتله وكمان هددني بيكِ. مش عوزاني أخاف. عارفه إن سليم بيحبني وواثقه أنه يقدر يحميني. بس دا لو كان عاصم لوحده، لكن دا بني آدم مريض وخطير جدًا. بيسانده كُل الفسده اللي زيه سواء برغبتهم او بالإكراه. بكلمه منه يقتل ملايين الأرواح ويطلع من الجريمه ملك مش عليه أي شك. يعني أضحي بيكم علشان ما أوجعش قلبه؟! هيتوجع شويه بس الوقت بيداوي و.

إبتلعت ريقها بصعوبه قبل أن تستئنف حديثها بوجع، ومسيره هيحب وينساني تمامًا. وصدقيني كدا أحسن من أنه يخسركم لا قدر الله بسببي وساعتها هيكرهني وحُبه ليا هيموت. أو عاصم يأذيني فيه وأخسره. ف أنا مش هقعد أتفرج لحد ما أخسره او يكرهني.

قامت روفيدا بتمرير أصابعها بين خصلات شعرها لتسقط عبره ساخنه علي وجنتها قائله بأسف، شايله كُل دا في قلبك وساكته ليه يا نوراي؟! وجعتيني عليكِ، اول مره أتأكد إن لسه في حُب بجد وناس بتحب وتضحي. مش عارفه أقول أيه. انا خايفه عليكِ أوي. اسيبك تقولي ل سليم الحقيقه كُلها ولا أترعب من كلامك واقولك إرجعي القصر.

إبتعدت نوراي عنها قليلًا في تلك اللحظة ثم محت دموعها بنبرة ثابته...
ماعنديش حل تاني. بس أوعديني وعد قبل ما أمشي.
روفيدا ببكاء صامت: أوعدك بأيه؟!
نوراي مُكمله بإبتسامة باهته: نفضل علي تواصل. وتبعتيلي صوره بإستمرار وتطمنيني عليه. ولو جاب اسمي بينكم بالشر في مرة، ما توافقيهوش علي كلامه. دافعي عني. ما تخليهوش يكرهني. انا أصلًا مكمله بشويه الحُب اللي في قلبه ناحيتي.

إقتربت روفيدا منها ثم طبعت قُبله حاره علي جبينها مُردده بآسي...
خلي بالك من نفسك يا نوراي. سامحيني، بس انا ماليش غير أخويا وإحنا ناس علي قد حالنا. هنروح فين من ناس زي دي.
نوراي بتفهم: متتأسفيش. انا اللي أسفه علشان دخلت حياتكم فجأه وبخرج منها فجأه.

في فجر اليوم التالي، جلست روفيدا علي الفراش ولم يُغمض لها جفن تحتضن تلك الضعيفة في وجع ولكنها أظهرت تجلُدًا لا مثيل له وكذلك وعدتها بإخفاء الحقيقه بينهما. فقد هدأت نوراي قليلًا بعدما باحت إليها بكُل أسرارها حتى غطت في سُباتٍ عميقٍ...

تنهدت روفيدا بهم، لتسمع طرقات خفيفة علي باب الشرفه. وهنا هبّت نوراي من نومها فزعًا لتتلعثم في عباراتها قليلًا قبل أن تُتابع بنبرة خفيضه، ه هو. بقولك أيه أوعي تطلعي ورايا. فاهمه!

أومأت روفيدا برأسها إيجاباً لتضم قدميها إلى صدرها في خوفِ بينما فتحت نوراي الشرفه قليلًا ومن ثم دلفت داخلها. وهي تحمل حقيبه كتفها التي إلتقطتها من جانب الفراش، أزاحت روفيدا الغطاء مُجددًا ومن ثم هرولت ناحيه الشرفه وهي تُراقبهما من بين فتحات النافذه الخشبيه...

رمقتهُ نوراي شذرًا قائله بنبرة مُختنقه، لو سمحت أمشي وأنا هاجي بنفسي للقصر.
همّ عاصم بالنزول من الشرفه أرضًا ومن ثم مد يده إليها حتى أحاط خصرها ليجذبها إليه بحركه سريعه...

أنزلها أرضًا في الحال ومن ثم وضع كفه علي فمها وبادرت هي بضربه بقبضتها ليُتابع بنبرة جامده، صوتك ما يطلعش يا نوراي. وخلي اليوم يعدي علي خير.
أبعد قبضته عنها لتنظُر هي له بكُره بينما أدخلها إلى السياره قسرًا مردفه بنبرة باكيه...

بكرهك. يارب نعمل حادثه ونموت إحنا الإتنين واهو العالم يخلص من شرك يا قذر.
صر علي أسنانه بغضبٍ عارمٍ ومن ثم رفع يده للأعلي ثم هوت بقوه علي وجنتها لتُصدر هي تأوهًا مكتومًا من وسط دموعها...

رمقها هو بنظرات أرعبتها ثم ردد بنبرة خشنه، أعصابي مشدوده لوحدها. ما تحاوليش تستفزيني.
قاد سيارته مُغادرًا الحي بينما إلتفتت هي ببصرها للخلف وكأنها تودع ذكرياته بعينيها ودموعها التي لا تتوقف أبدًا.

(دقت الساعه الثانيه عشر ظهرًا)
ظلت ساكنه الحركه في مكانها، تستند بظهرها إلى النافذه الموروبه تتذكر ما حدث قبل سويعات قليله وهنا رددت روفيدا بنبرة باكيه...

يارب. إنقذها منه في أسرع وقت.
وقف قبالة باب البنايه، يتحدث هاتفيًا إليه. حيث تابع سليم بهدوء...
كُنت في المحكمه ولسه راجع. في حاجه ولا أيه؟!
ماجد بتنحنح قليلًا قبل أن يُجيب مهاتفًا: أصل روفيدا ونوراي ما راحوش المؤسسه.
قطب سليم حاجبيه في إستغراب، لينتقل ببصره صوب النافذه المفتوحه قليلًا ومن ثم تابع بنبرة هادئه...
انا كُنت بايت عند عمي ناجي. هدخل أشوف الموضوع دا.
ماجد بتفهم: تمام وأبقي طمني.

دلف سليم داخل البنايه. مُتوجهًا صوب الباب ثم طرقه طرقات خفيفة، وبعد دقائق ليست بالقليلة يجد شقيقته تقف أمامه بوجهًا باكيًا...
حملق إليها في قلقِ ليمد يده إليها مُمسكًا رأسها بين كفيه قائلًا بتساؤل، روفا. مالك؟!
روفيدا وقد أجهشت بالبُكاء من جديدِ: نوراي. مشيت للأبد يا سليم.

كبا لون وجهه كالذي أصابته جائحه، دارت الدُنيا به قليلًا. إبتلع غِصه شديدة المرارة في حلقهِ، يود أن يصرُخ بقوة. ولكن تأبي دموعه التي لمعت في عينيهِ أن تتحرر من محجريها. ف ينهار كالبركان الثائر أمام شقيقته، والذي هو مصدر قوتها...

تنهد سليم بهدوء، عكس ما يكمُن داخله، ثم تابع بنبرة مُتسائله...
مشيت أمتي؟!
روفيدا بنبرة مضطربة: ماعرفش. سابت لك الورقه دي.
أمدت الورقه إليه بأطراف مُرتعشه، ليلتقطها منها في ثبات ومن ثم يجذب كفيها ويضمها إلى أحضانه قائلًا، طيب اهدي وبطّلي عياط.
دلف بها داخل الشقه ومن ثم تابع بنبرة هادئه...
روحي أغسلي وشك.

إنصاعت روفيدا لحديثهِ بينما إلتقط هو الورقه بين يديهِ ليقرأ ما بها بثبات رغم لمعة الدموع بكلتا عينيه، ما تكرهنيش، هنتقابل في الجنه أكيد. علشان إنت حقي. بس الدُنيا خليت الحق دا. حق غير مشروع يا حضرة المُحامي.
تقلصت الورقه وهو يُطبق عليها بقبضتيه القويتين. ليسحب الهواء داخله في قوه ثم يُطلق زفيرًا قاسيًا كقسوة الأيام عليه...
وسُرعان ما تذكر حديث السيد ناجي. ليلة أمس وكأنه يحاول أن يتخذ لها عُذرًا...

فلاش باك، أغلق السيد ناجي صندوق الشطرنج وهو ينظُر بإتجاه سليم السارح في عالمهِ الخاص قائلًا، ما تتعبش نفسك في التفكير. ابعد عنها كام يوم وهي هتحس أنها غلطت في حقك، بس أرجع وأقولك أوعي تصدقها لو قالتلك إنها ما حبتكش.
سليم بحيرة من أمره: ما إنت ما شوفتش نظراتها!

ناجي بتفهم: نظرات كُلها قسوه. بتحاول تثبتلك إنها بتكرهك. في سبب أقوي منها ومنك. ما تستسلمش لكلامها، سليم ما بيختارش غلط ولا ينفع يندم علي حاجه حلوه قدمها لحد، لو بتحبها بجد خليك جنبها وما تستسلمش. صدقني هي محتاجاك. وخليك فاكر إنها كذبت عليك بكلامها.

Back، إنتصب واقفًا علي الفور. ليضرب الورقه عرض الحائط ثم يُتابع بنبرة صارمة...
كدا الحرب بدأت وبنفس السلاح اللي بتحبه يا إبن الدالي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة