قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع

أخذت شهقاتها تعلو بشكلٍ واضحٍ فقد حاولت التماسُك في هذه الأثناء. وبدأت تبتلع ريقها بغصه يشوبها قوه مكذوبه، فقد حسمت قرارها أن تتخلص كُلياً من هذه الحياه الكأباء التي عايشتها بلا رأي او هدف بل دُميه سُلبت إرادتها بغير وجه حق...
ومن ثم جلست إلى طرف الفراش بإبتسامه باهته ونبرة خافته...
قوليلي السر، اللي خبيتيه عني. يا ماما صفيه لحد دلوقت.

نظر راضي بإتجاه السيده صفيه وكذلك بادلته هي نظره مكسوره وهنا تابع راضي بعد أن أغلق باب الحُجره جيداً.
نوراي عندها حق يا ست صفيه. قوليلها الحكايه وريحي قلبها. سيبيها هي اللي تختار، تكون فين.
ترقرقت عيناي السيده صفيه بالدموع وبعدها هزت رأسها في وهن وهي تتعكز علي عصاتِها إلى ان جلست بجانبها وهنا رددت بنبرة سادره...
م م ماشي. هحكيلك كُل حاجه.

في تلك اللحظة صلبت نوراي بصرها بإتجاه السيده صفيه بينما تشدقت هي بالكلام قائله بشرود...
ممرضه فلبينيه. لقيت شُغل في بلد غير بلدها فقررت تسافر. بتسعي ورا اكل عيشها، وبعد سنه من وجودها في مصر حبيت واحد مصري واتجوزته وإنتِ بنتهم.
تلعثمت نوراي في عباراتها قليلاً ومن ثم تابعت بعدم فَهم...
ممرضه! وايه اللي شغلها خدامه.
بدي وكأن وجه نوراي داهمته الجاديه والقوه دون مُقدمات بينما تابعت صفيه بإستكمال...

مش هدخل في تفاصيل يا بنتي. بس الظروف كانت ضدها وحياتكم إتغيرت للأبشع وكانت والدتك تعيسه. لان صالح بدأ يشتغل مع عصابات. انا الحقيقه مش عارفه مين الناس دول وايه شغلهم مع والدك. بس بدأوا يهددوا والدتك. انهم هيقتلوكي لو ما نفذتش طلباتهم.

مسحت نوراي علي وجهها بكفها الصغير حيث لم تستطع إستيعاب ما قالته السيده صفيه حتى الآن ولكن ما سمعته لا شيء مقارنهً بما سوف تُصرح به السيده صفيه بعد ثوانٍ من رؤيه علامات الإستفهام علي وجه نوراي...
طبعاً عاوزه تعرفي ايه الشرط!
نوراي بحُزن إحتل قسمات وجهها.
وايه الطلب اللي يخلي ام تسيب بنتها لناس غريبه عنها!

صفيه مُكمله بنبرة مُتفهمه: طلبوا منها تخطف أطفال مقابل إن حياتك تكون في امان وطبعاً لما مامتك عملت كدا في مره، حسيت بالذنب وإنهارت ف العصابه غضبت من رفضها الشغل معاهم وحسوا إنها هتشكل خطر عليهم، ف قتلوا والدك ولفقولها قضيه إعدام.
دارت الدُنيا بها وظلت مُحملقه بالسيده صفيه في صدمه وإحتبس الكلام في حلقها وأخذت الدموع تنساب علي وجنتيها دون صوتٍ بينما نظر لها راضي ثم ردد بنبرة قلقه.
إنتِ كويسه يا بنتي.

تحررت نوراي من قيد صمتها ثم رددت بنبرة هادره وهي تنتصب واقفه عن الفراش.
أطفال! وماما ماتت بحُكم إعدام!
أخذت نوراي تصرُخ بنبرآت هادره تُحطم كُل شيء حولها فقد إئتكل داخلها مما سمعته وفقدت السيطره علي نفسها...

في تلك اللحظة تحطمت إحدي الفاظات الزُجاجيه حتى أصابت قدمها، لتجلس نوراي أرضاً والدماء تنهمر من باطن قدمها، وهنا أسرعت السيده صفيه بإتجاهها ثم قامت بإحتضانها في حُزن والدموع تنهمر علي وجنتها هي الأُخري ومن ثم رددت بنبرة مُختنقه...
انا عارفه، إنها صدمه كبيره عليكِ يا بنتي. بس صدقيني محدش يعرف بالسر دا غيري انا وراضي.

دفنت نوراي وجهها بين ضلوع السيده صفيه حيث سلطت بصرها في أحد زوايا الغرفه بإستسلام شديد دون أن تتفوه بكلمه واحده بينما رددت صفيه ببُكاء...
ما تسكوتيش يا نوراي كدا. وتقلقيني عليكِ.
نوراي بوهن: هات عنوان بيت ماما!

فُضت السهره في قصر عائله الدالي، وذهب الجميع من حيث أتوا وهنا رفع عاصم بصره حيث غرفتها ليجد حاله من السكون تسود القصر من جديد.
زفر عاصم زفره قويه وقام بإنتشال مفاتيح سيارته وغادر القصر علي عجاله من أمره.
قاد سيارته بسرعه رهيبه وظل يضرب المقود بقبضه يده مُتأففاً من ضعفهِ تجاهها ومجهوداته المُضنيه في الحصول عليها والتي جميعها باءت بالفشل، وهنا ردد بنبرة صارخه وهو يصر علي اسنانه...

مش عاصم اللي يخسر قوته وجبروته قدام عيله، ومش انا اللي استسلم عن حاجه، عاوزها ولو عوزاها رسمي. نمشيها رسمي، لكن تخلصي مني دا في احلامك يا نوراي هانم.
وقف بسيارته فجأه حتى أصدرت صريراً قوياً جلب علي أثره أنظار الواقفين في المكان بينما ترجل من سيارته مُتجهاً داخل ذاك الملهي الليلي...

وبالفعل جلس إلى إحدي الطاولات بالداخل وبدأ في فتح قنينه الكحول الموضوعه أمامه يتجرع منها كميات كبيرة جداً ليستطع كظم غيظه من رفضها له...
في تلك الأثناء قطع شروده فيها، صوت هاتفه يُعلن عن مجيء إتصالاً، ليُجيب هو بنبرة ساكره...
فينك! ايه اللي حصل، طيب انا جاي حالاً.

في صباح اليوم التالي، بذاك المنزل قديم الأثاث. تسلل ضوء الشمس إلى عينيهِ مُتجاوزاً النافذه الزجاجيه حتى داعب الضوء أهدابه الطويله ليفرك عينيه بكفه ثم يفتحهما ببُطء ليجد السيد ناجي يضع بعض الأطباق إلى الطاوله القابعه بجانبه...
هب سليم عن الأريكه الخشبيه تلك ومن ثم ردد وهو يتجه حيث يقف السيد ناجي قائلاً بضيقٍ مُصطنع...

انا اسف جداً جداً، انا اللي المفروض اعملك الفطار مش انت اللي تعمله وبعدين الدكتور قال ممنوع تقوم من السرير.
إبتسم له ناجي في هدوء حيث إتجه معه حيثُ الفراش مُجدداً وهنا تابع ناجي بنبرة خافته...
ومين فينا بيسمع لكلام الدكاتره يابني. وبعدين الله يعينك طول اليوم شُغل ف جسمك بيكون محتاج لراحه، وبعدين إنت ليه قررت تشتغل ورديه النهار وبالليل؟! التاكسي بتاعك مش هيستحمل الضغط دا كُله.

تنهد سليم بهدوء وهو يرفع خُصله من شعره سقطت علي وجهه للأعلي ثم تابع بإبتسامه هادئه...
لحظه وراجعلك.
ترجل خارج الغرفه لدقائق ثم عاد حاملاً، وعاء مُسطحاً يعلوه الطعام وقام بوضعه علي الفراش الذي يجلس إليه السيد ناجي ومن ثم ردد...

مصاريف كُليه روفيدا زادت اوي، ما تبصش لكام يوم الأجازه دول وبعدين، روفيدا بقيت عروسه وهي بنتي مش بس أُختي مين هيجهزها غيري، انا واخد عهد علي نفسي مش هجوزها غير لراجل يتقي ربنا فيها ويصونها، دا غير إني هشترط عليه براحتي دي اول بنت دخلت حياتي وتعبت في تربيتها بعد وفاه أبويا وشفتها بتكبر قصاد عيني، ما ينفعش احرمها من أي حاجه بتحلم بيها، انا هنا علشان احققلها أحلامها وطول ما فيا صحه هشتغل.

بادره ناجي بإبتسامه إعجاب ثم ربت علي ظهره في حنو...
ربنا يديك الصحه وطول العمر يابني وتفرح بيها ونفرح كُلنا بيك.
إبتسم سليم في خفوت ومن ثم وجد هاتفه يصدُر رنيناً ف أسرع بإخراجهِ من جيب بنطاله وهو يُردد بحنو.
اهي الزئرده بترن.
أجابها سليم بنبرة حانيه: ايوه يا روفا؟!
تفوهت روفيدا بنبرة أشبه للبكاء وهي تعُض شفتها في قلق...
هو انا مُمكن اروح المؤسسه يا سليم. إنت عارف إني بحب شُغلي فيها اوي، وحياتي عندك.

صمت سليم لبعض الوقت ف قلقت هي من صمته ذاك ومن ثم تلفظ بنبرة ثابته...
ماشي يا روفا. بس الكلام دا مش هيحصل بدايه من الاسبوع الجاي علشان تتفرغي لكُليتك.
تفهمت روفيدا جيداً لحديثهِ ومن ثم أردفت بنبرة فرحه بعد أن قبلت سماعه الهاتف بطريقه مرحه...
ربنا يخليك ليا يا سليم.
سليم بحُب: ويديمك نعمه حلوه ربنا رزقنا بيها يا بنت عُمري.

روفيدا بهدوء يشوبه نبره حُب: بنت عُمرك اللي بيروح علشان تحققلي احلامي، عُمرك اللي أبداً ما كانش ملكك.
إحتقن وجهه بالغيظ من حديثِها ومن ثم هدأ قليلاً وهو يُتابع بنبرة حانيه...

إنتِ مش أُختي بس. إنتِ بنتي وانا أبوكِ. وكُل اب بيحب يشوف بنته أحسن منه، بصحيح العباره بيحقق أحلامه فيها. وطول ما إنتِ ناجحه وبتوصلي لأحلامك كأني انا اللي وصلت. اوعي تزعليني منك تاني. دا كفايه ضحكتك وإنتِ بتخففي عني وقت ما بكون زعلان. دي عندي بالدُنيا. إنتِ روح جوا روحي. يعني سالكين نفس خط السير. هتفرحي ساعتها انا اللي هطير من الفرحه. ف لو عاوزه تفرحيني دايماً، إفرحي إنتِ الأول.

سقطت الدموع علي وجنتها وبدأت تُردد في شهقه ضعيفه...
انا بحبك اوي.
سليم بنبرة حانيه: بطّلي عياط يا هبله، هتتأخري علي شُغلك ولما تخلصي رني عليا، علشان اجي أخدك، خلي بالك من بنت عُمري
روفيدا بإبتسامه هادئه من بين دموعها: حاضر يا حبيبي.
أغلق سليم الهاتف مع شقيقتهِ ليجد السيد ناجي ينظُر له في هدوء وهنا ردد سليم بتساؤل: مالك يا عمي ناجي!
ناجي بحُزن: زعلان علشان ما عنديش بنت ومش هعرف اخطفك ليها.

سليم بضحكه خفيفه: الله يعزك يا راجل يا طيب.

علي الجانب الاخر، قامت روفيدا بإرتداء حقيبه كتفها ثم ترجلت خارج غُرفتها لتجد والدتها تجلس بصُحبه نسمه، تُشاهدان أحد المسلسلات الهنديه حيثُ رددت روفيدا بضحكه خفيفه...
يخربيت الهندي اللي كل دماغكم دا.
إلتفتت نسمه ببصرها ناحيه روفيدا ثم تابعت بإستنكار...

ما هو علشان إنتِ قلبك حجر، مالكيش في الرومانسيه. تعالي شوفي كوشي وأرناف. الواحد بيكون قرب يولع من الحُب اللي بينهم. ولا جيبي أخوكِ يتفرج، يمكن يحس ع دمه ويعترفلي بحُبه بقي. وإلا هخطفه واتجوزه
إلتفتت لها السيده خديجه ثم رددت بضحكه خفيفه...
الله يحظك يا نوسه. بتعرفي تقولي نُكت اهو.
لوت نسمه شفتيها في إستنكار ومن ثم ضيقت عينيها بغيظٍ...
ما بهزرش يا خالتي. انا بتكلم بجد.

خديجه بخُبث: دا إنتِ بتبقي عامله زي الكتكوت المبلول لو شخط فيكِ.
نسمه وهي تنظُر إلى جسدها بضيق حيث بدأت تُردد من جديد...
تقصدي شبه سيد قشطه وهو بيستحمي في النهر وبعدين إبنك عصبي وحمش كدا وعلشان كدا انا بحبه.
أطلقت روفيدا ضحكه عاليه، أثر حديث نسمه ومن ثم قامت بالتوجه صوب باب المنزل وهي تُردد بحسم...
سلام علشان هتأخر علي الشغل بسببكم.

وبالفعل إتجهت روفيدا حيثُ عملها ومن ثم تابعت نسمه بنبرة مُتنحنحه وهي تقترب من السيده خديجه ثم تُقبل وجنتها عده مرات متواليه...
بقولك ايه يا خالتي!
رفعت خديجه أحد حاجبيها ثم رددت وهي تضع إصبعيها اسفل ذقنها...
قولي يا نوسه. يا قدرنا إنتِ.
بدأت نسمه بتبريق عينيها ومن ثم خففت من حده نبراتها إستعداداً للحديث حيث تابعت بتساؤل...

قوليلي بقي. الشقه اللي في الدور الأرضي دي. مقفوله بالقفل دايماً ليه؟!، ومش عاوزين تسكنوها لحد أبداً.
رمقتها السيده خديجه بتفهُم ومن ثم تنهدت تنهيده يشوبها الآسي حيث ُ صرحت قائله...
اصل الشقه دي كانت ساكنه فيها واحده صاحبتي اوي. عشرة عُمر يعني، عيشنا ما بعض سنين كتير بحلوها ومُرها ولما ماتت هي وجوزها فضلت حاجتهم زي ما هي، ما قدرتش أفرط فيهم.

نسمه وهي تنصت لحديث السيده خديجه بإهتمام ومن ثم رددت بفضول...
ليه هو ما كنش ليهم حد! وماتوا ازاي!
خديجه بنفاذ صبر: لا كانوا مقطوعين من شجره وبعدين ربنا لما بيفتكر عبده، الطريقه مش بتبقي مُهمه اوي يا حشريه هانم.
إتسعت ضحكه نسمه بطريقه مُفاجأه، ضحكه لا صوت لها ومن ثم قربت الطبق الموضوع في يدها بإتجاه خديجه مُردده بنبرة بلهاء...
كُلي لِب يا خالتي. كُلي بس وما تجيش علي اعصابك كدا.

داخل شركه الدالي لصناعه السيارات العالميه، أردف هو بنبرة هادره من خلف مكتبه مُتجهاً بالحديث إلى ابنهِ...
من أمتي وإنت بتأذي بنات الناس بالطريقه دي. طول عُمرك حيوان في إسلوبك مع الناس وانا بقول بُكره يتغير. بس إنت بتتمادي يا عاصم باشا. وتقريباً سفري المُستمر خلاك تاخد نفسك جوا القصر علي الأخر.
رمقه عاصم بنظره بادره فلم يتحسس درجه واحده لحديث والده بل قام بإرتشاف قهوته وهو يُتابع بنبرة جامده...

عاوز اتجوز نوراي.
إنتصب فؤاد واقفاً ثم سار بضع خُطوات ومن ثم جلس إلى المقعد الجلدي المُقابل لابنهِ مُردداً بصرامه...
واللي بيحب حد وعاوز يتجوزه بيأذيه، قولي دلوقتي هتاخد موافقتها ازاي بعد اللي عملته.
قام عاصم بوضع كوب القهوه علي الطاوله أمامه ومن ثم نظر صوب والده بنظرات تحدي قائلاً...
هتوافق.

نهض عاصم عن المقعد وقد أظهر غطرسه ما بعدها من غطرسه، حيثُ بدأ والده يشُك في هذا الحُب، فقد أصبح تملُك ورغبه في السيطره والسعاده بضعف الآخرين، تنهد فؤاد بآسي واضعاً رأسه بين كفيهِ حيثُ ردد مُحدثاً نفسه...
يا تري بتفكر في ايه يا عاصم؟!، وعاوز ايه من البنت. وهل الحُب دا هينهي جبروتك ولا إنت اللي هتدمره! .

مش هترجعي عن قرارك دا يا بنتي؟!، انا محتاجاكِ جنبي وفي نفس الوقت خايفه عليكِ.
أردفت السيده صفيه بتلك الكلمات وقد ظهر الحُزن جلياً علي وجهها وأخرجت نفساً من صدرها يوحي بوصول همومها إلى قمتها، بينما توقفت نوراي عن جمع حقائبها وكُل ما يخصها في هذا القصر ومن ثم قامت بإحتضان السيده صفيه بحُب قائله.

هاخدك تعيشي معايا ما تقلقيش. بس لازم أوصل للمكان الأول. انا عُمري ما اتخلي عنك أبداً. دا إنتِ أُمي والرُكن الحنين في القصر دا. بس مش عاوزه حد يعرف، إني ههرب من القصر وبالأخص عاصم. عاوزين الموضوع يتم علي خير، صفيه وهي تطبع قبله حانيه علي جبينها: لو كان فيا صحه ما كُنتش سيبتك تمشي، بس انا ما بقيتش قادره احميكِ منه، بس خير إن شاء الله. واوعي تنسيني يا بنتي وهستناكي دايماً.

عاودت نوراي لملمت مُحتويات غرفتها، إستعداداً لبدايه حياه جديده. فهي لا تعلم ما ينتظرها، ولكنها تثق كُل الثقه أن المجهول القادم اهون عليها من براثن ذاك السادي...

جشأ الليل عليه وهو يُتابع مُجريات عمله، فقد إشتد الحر عليه طيله اليوم وهنا جلس في ساحه العمل بصُحبه مجموعه من زملاء عمله، ليُتابع أحدهم بإرهاق...
كفايه عليا شُغل لحد كدا. انا اروح ارتاح في البيت شويه.
شريف مُقاطعاً حديثه: النهارده الحركه كتيره، ودا احسن وقت للشغل، ثم إلتفت ناحيه سليم الذي إندمج في إحتساء كوب الشاي في صمت.
وإنت يا سليم، شغال ولا هترجع البيت!

إنتصب سليم واقفاً بعد أن ربت بهدوء علي كتف صديقه...
لا شغال. بس الاول هروح اجيب روفيدا من شغلها واوديها البيت.
في تلك اللحظة وجدها تُهاتفه، ليُجيب عليها بتساؤل...
خلصتي يا روفا؟!
روفيدا بهدوء: ايوه يا سليم. هستناك قدام باب المؤسسه ما تتأخرش عليا.
أغلق سليم الهاتف معها ومن ثم هرول صوب التاكسي الخاص به ودلف داخله علي الفور ثم هتف مُحدثاً شريف صديقه.
ربع ساعه وراجعلك.

قامت بإحتضان ذاك العجوز الذي اعتبرها ابنته الصغيره ولم يدخر جُهده في رعايتها منذ كانت صغيره وجاء بها القدر إلى هذا القصر، ومن ثم رددت بنبرة هامسه...
خلي بالك من صحتك، هفتقدك جداً يا عمو راضي وكمان هيوحشني أكلك. بمُجرد ما عاصم ينام، عاوزاك تتأكد إن مفيش امن في الباب الخلفي للقصر.
راضي بحُزن: ماشي يا بنتي.

لفظ راضي بهذه الجُمله علي مضض فهو حزين كثيراً علي ذهابها ولكنه يعلم جيداً أنها لن تتخلص من عاصم بسهوله حتى لو نجحت في هذه الخُطوه، ينجح هو في آلاف الخطط ليستعيدها. ولكنه آثار الصمت فلربما تنجح هي وتستعيد حريتها المسلوبه، إتجهت نوراي من جديد صوب الدرج لتجده يأتي من الخلف ثم يمسك كفها بقوه مُردداً...
تتجوزيني!

إتسعت حدقتا عينيها في صدمه ومن ثم إبتلعت ريقها ولم تلحظ قوه قبضته علي كفها، حيث طبعت أثار أصابعه عليه وكذلك أطبق أصابعها لتُلامس بعضها...
تأوهت هي في ألم مما فعله ثم نظرت إلى أصابعها التي أحتدت الدماء بها وأخذت تُردد في نفسها...
إستحملي يا نوراي، دا اخر يوم ليكِ مع المتوحش دا. إتحكمي في اعصابك.
فتحت عينيها من جديد، فقد اغلقتهما قبل قليل في تفكير ومن ثم نظرت له بثبات...
لا، وسيب إيدي.

تطاير الشرر من عينيهِ ومن ثم قام بإمساك ذقنها بإصبعيه وقرب وجهه من أذنيها هامساً بحده.
مش بمزاجك يا حلوه.
تركها علي الفور ثم صعد الدرج ذاهبا ً إلى غرفته بينما سلطت هي انظارها ناحيته بكره وفي تلك اللحظة قطع صعوده الدرج هتاف راضي بنبرة مُتلعثمه...
مش هتتعشي يا عاصم بيه!
عاصم مُكملاً صعوده دون أن ينظُر له: لا هنام.

تحولت نوراي ببصرها ناحيه السيد راضي وقد لمعت عيناها لمعه أمل بينما إبتسم لها بدوره وأشار بأصابعه ناحيه الباب، ففهمت هي ما يُرمي له ومن ثم إتجهت ناحيه غُرفتها علي الفور.
إنطلق راضي بقلق حيث الباب الخلفي للقصر ومن ثم خاطب الحارس بنبرة هادئه...
يلا يا راشد العشا جاهز، زمانك علي لحم بطنك من الصُبح.

راشد وبدأ لعابه يسيل من شده الجوع: عندك حق يا عم راضي. دا انا واقع علي الأخر، بس إنت ما جبتهوش هنا زي كُل يوم ليه؟!
إبتسم له راضي بهدوء ثم ربت علي كفهِ قائلاً.
خلينا ناكل سوي، وحشني الكلام معاك ولا إنت مش عاوز، راشد بهدوء: لا عاوز. يلا بينا.

نعم، نعم، نعم، نعم! عاوز ايه من زفته؟!
اردفت روفيدا بنفاذ صبر وهي تشيح بوجهها بعيداً عنه أثناء وقوفها أمام باب المؤسسه بإنتظار شقيقها، رمقها شادي في إعجاب وهو يتحول ببصره من أعلي رأسها إلى قدميها ثم ردد بنبرة هادئه.
ايه بقي اللي مش عاجبك فيا؟!، ما تخلينا نتعرف يا حلوه، هو انا هاكلك.

روفيدا مُردده بسُخريه: لا ما انا لحمي مُر. وبعدين قولتلك مليون مره. إن انا مش عاوزه اتكلم معاك. لأن إنت نيتك مش كويسه، ولو كُنت فعلاً جادي ما كُنتش فكرت تعمل حركات الشباب السيس دي وتحاول تمسك إيدي وتاخد رقمي وعاوزني اخرج معاك من ورا أهلي كمان. اهو دا اللي ناقص يا حيلتها. وابعد بقي من وشي خليني أمشي، همت هي بالإبتعاد عنه ليقوم بإمساك ذراعها ولضعف جسدها إرتدت للخلف قليلاً ولكنها تماسكت حتى لا تصطدم بجسده وقبل أن تتفوه بكلمه تجد شقيقها يلكمه عده لكمات علي وجهه حتى سقط أرضاً وبدأ أنفه ينزف ب الدماء.

سليم بنبرة صارمه: مالك ومالها ياض!
فغرت فاهها في صدمه ومن ثم أسرعت بإبعاد شقيقها عن الشاب حيث رددت بنبرة أشبه للبكاء...
خلاص يا سليم، علشان خاطري، إلتحم الإثنان من جديد حتى تجمع الماره علي مُشاداتهم لتتجه رئيسه المؤسسه حيثُ ابنها وتُردد بنبرة صارخه...
ابني، حد يبلغ البوليس للبلطجي دا.
روفيدا ببكاء: سيبوا يا سليم علشان خاطري. وبعدين اخويا مش بلطجي، إنتِ اللي معرفتيش تربي.

في تلك اللحظة إبتعد سليم عنه ثم ركله بظاهر قدمه قائلاً بأنفاسٍ مُتلاحقه، إبنك عندك اهو. المره دي هعديها بمزاجي. المره الجايه لو مشي من الشارع، اللي أُختي ماشيه منه حتى لو بالصُدفه. هدفنه حي.
أنهي سليم جُملته التهديديه تلك ومن ثم أمسك بكف أخته وسار بها حيث التاكسي الخاص به مُنطلقاً إلى المنزل...
رمقها سليم بضيقٍ ولم تتوقف هي عن البُكاء وهنا ردد بهدوء...
طيب بتعيطي ليه دلوقتي؟!

روفيدا وهي تنظُر له بطفوله وتنساب الدموع علي وجنتها...
علشان إنت زعلان مني، سليم وقد عقد حاجبيه بهدوء: امممم، وهزعل منك ليه بس! هو إنتِ عملتي حاجه تزعلني. انا اللي اسف علشان إتأخرت عليكِ، ومن ثم قام بتقريبها إلى حُضنه بأحد ذراعيه مُردداً بنبرة مرحه عكس ما يشعر به من قلق علي شقيقتهِ.
وبعدين تعالي هنا. وكفايه عياط، هنعمل حادثه الله يحرقك. ها بقي قوليلي مين دا؟!

طال الحديث بينهما حيثُ سردت له ما حدث معها داخل المؤسسة وتعرض هذا الشاب لها بإستمرار، لم تجد منه أي رده فعل سوي إبتسامه هادئه ظهرت علي ثغره، حتى اوصلها إلى باب المنزل وعاد إلى عمله من جديد...

حملت حقيبه ظهرها التي وضعت فيها بعضا ً من ثيابها وكذلك حقيبه يد وودعت السيده صفيه وإنطلقت من الباب الخلفي للقصر، أمسك سيجارته بين أصابعه ومن ثم وقف امام نافذه الغرفه شادر قليلاً فيما ينتوي فعله. ليجدها تُسرع الخُطي خارج باب القصر الخلفي، فغرفته لا تطُل علي هذا الباب وهذا ما هدأ من روعها قليلاً حيال هذه الخطه ولكن ما لم تحسب له أن مكتبه يطل كُلياً ناحيه الباب الخلفي، فقد ظنت أنه نائم ولكنه قرر الدلوف داخل مكتبه والتخطيط جيداً للسيطره عليها...

في تلك اللحظة هتف بصوتٍ أجشٍ...

نوراي، إرتعدت أوصالها وهي تنظُر صوب النافذه، فقد تشنجت ملامحه بينما هرولت هي بأقصي سُرعه لها ليُمسك هو هاتفه وأمر حُراس القصر بإمساكها، وأخد يُهرول هابطاً الدرج، قامت بإيقاف تاكسياً ثم طلبت منه الإسراع وظلت تنظُر من النافذه الخلفيه لتجدهم يلحقون بها، ظلت تدعو الله أن يُنقذها من براثنه، فإذا فشلت خطتها هذه المره سوف يُنفث غضبه بها ولن يمنعه أحد، قطعت السياره مسافات طويله ولكن الحُراس ما زالوا يلحقون بهم لذلك أمرت السائق بأن يسلُك مساراً أخر...

فعل السائق ما أمرته به ولكنه شعر بالقلق مما يحدُث فأوقف سيارته مُردداً بقلق...
أنزلي يا أنسه، في موقف أخر الشارع دا. انا مش مطمن للي بيحصل. انا عندي عيال وعايز اربيهم...

رمقته نوراي بحُزنِ فلديه كُل الحق فيما قاله وهنا ترجلت من السياره وأخذت تُهرول ناحيه هذا الموقف وهي تدعو أن تتخلص منهم، وصلت بالفعل لذاك المكان لتجد أعداداً هائله من السيارات العامه (التاكسي)، وهنا أسرعت ناحيه أحدهم ثم دلفت داخله وأمسكت بمقود التاكسي مُنطلقه به عندما لاحظت قدومهم بإتجاهها...

في تلك اللحظة نظر هو بإتجاه التاكسي الخاص به ليجد أحداً قد قاده بهوس، هرول سليم ناحيه التاكسي وحاول اللحاق به مُردداً بصراخ...
يالهووووي. هو يوم باين من أوله.
وبالفعل نجح في ذلك، ليحكم قبضته عليه من الخلف ومن ثم يصعد أعلاه وهو يهتف بعصبيه...
إنتِ ياما. إنتِ مجنونه أنزلي واخده التاكسي ورايحه فين!

صعد سليم إلى سطح التاكسي بصعوبه شديده فقد كان الهواء قوياً بينما أخذ يطرُق علي زُجاج العربيه بغضبٍ عارمٍ...
إنتِ خارصه ولا ايه، الله يحرقك. اوقفي يا بت إنتِ، دا انا هنفخك.
تنهدت نوراي في إرتياح بعدما تمكنت من الهرب منهم ومن ثم اوقفت التاكسي أخيراً وترجلت منهم.
لهس سليم بأنفاسٍ مُتقطعه وقد فرد ذراعيه علي التاكسي بطريقه مُنهكه، وفجأه هب نازلاً إلى الأرض ثم صر علي اسنانه بغضب...

رمقته نوراي وقد لمعت عيناها بالدموع بينما ركز هو بها وقد أحس بغرابه ملامحها ومن ثم تابع بترقُب، you speak English!
إرتعشت أطرافها قليلاً فقد خشيت بطشه ومن ثم ضمت كفيها إلى بعضهما قائله بنبرة ضعيفه، انا أسفه جداً، بس كان...
سليم مُقاطعاً حديثها وهو يمسح ذقنه بكفه: وكمان مصريه! الله يحرقك يا بعيده. قطعتي نفسي. ما إنتِ بتتكلمي اهو.

صر سليم بأسنانه في غيظ بينما سالت الدموع علي وجنتها ليهتف هو بإستغراب...
بتعيطي ليه طاه! يعني سارقه عربيتي وكمان بتعيطي!
نوراي بتلعثم: اصل في ناس كانوا بيضايقوني. ف معرفتش اهرب منهم أزاي.
سليم وهو يضرب كفاً بالأخر: اه ف لقيتي التاكسي بتاعي قدامك. واخدتيه واجري.
نوراي وهي تواليه ظهرها مُبتعده عنه...
اسفه للمره التانيه، رمقها سليم بإستغراب حيث قرأ الضعف في ملامحها وشعر بأن بها هم ما لذلك ردد بتساؤل...

الجو متأخر، تعالي اوصلك للمكان اللي إنتِ عاوزاه يا آنسه.
إلتفتت له مُجدداً ثم رددت بإبتسامه بلهاء أبرزت الجانب الطفولي بها...
بجد يا كابتن!
اومأ سليم برأسه إيجاباً وهو يبتسم لها بينما أمدت له ورقه ثم رددت بهدوء...
عاوزه اروح المكان دا،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة