قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع والعشرون

تطاير الشرر من عينيهِ وثارت نفسه داخله إحتجاجًا علي ما سمعه. ليرفع كفه قليلًا ومن ثم يطرق بقوة علي سطح المكتب ف كاد أن يتميز من الغيظ مُردفًا بعدم تصديق، إنت مجنون؟! سليم مين دا اللي هيورث في أبويا! يإما هو إتجنن في أخر أيامه او الولد دا أثر عليه علشان يكتب له في الورث.
شزرةُ ماجد في صرامه ولم يعُد يلتفت إليه بينما إقترب حسن منه. وثارت نفسهُ لأقصي مراحل الإحتراق. وراح يهدُر في غيظ جمّ...

إنت كُنت تعرف بالموضوع دا يا ماجد؟!
تنهد ماجد بقوة ومن ثم أخرج زفيرًا يطرد معه همومه، مُردفًا بجفاء...
لأ. ما كونتش أعرف.
كور حسن قبضة يده. مُستشيطًا من الغضب. ليلتفت بإتجاه المحامي مُردفًا بنبرة آمره، الوصية دي مش هتتنفذ. ناجي بيه. ما عندوش غير وريثين وبس.
سعي المحامي في تحبير حديثه، مُتباعدًا عن أذاهُ حيث ردد بنبرة هادئه.

يا حسن بيه. دا مش كلامي. دي وصية والدك ولازم تتنفذ بالحرف الواحد. لازم تحترم رغبته بعد وفاته.

حسن بثورة: أي رغبة! أنه ياخد فلوسنا وحقنا ويديهم لواحد. ما نعرفش عنه أي حاجه!
ماجد مُقاطعًا بنفاذ صبر: الفلوس دي لا بتاعتي ولا بتاعتك. دي فلوس أبوك الله يرحمه وهو حُر فيها. وما اعتقدش إن هو ظلمك في حاجه.

ضيق حسن عينيه ومن ثم نحي بجسده قليلًا للأمام ليواجه نظرات شقيقه وراح يُردد بنبرة بارده، الغريب إنك ما اتفاجأتش. وقسمًا بالله لو عرفت إنك علي علم بكُل اللي بيحصل دا. لهتشوف مني الوش التاني، ومش هفتكر ساعتها إن إحنا أخوات.

أنهي جُملته الأخيرة بنبرة حازمة ومن ثم إنتصب مُعدلًا من قامته. مُتجهًا صوب باب الغرفه، في تلك اللحظة مسح ماجد علي غُرة رأسه بعصبية خفيفة. إرتسم علي ثغرهِ شبح إبتسامة عابرة. لينتصب واقفًا في حسم ثم غادر مقر المكتب، غادر البناية علي الفور، إتجه صوب سيارته الموجودة بمنطقة الإصطفاف التابعة للمقر. تضرب الهموم رأسه خوفًا من ردة فعل شقيقه الذي يعرفها ماجد جيدًا.

جلس أمام مقود سيارته وقد خنقته الدموع ليعود برأسه مُستندًا إلى ظهر مقعدهِ وقد أخذه خُلده لتلك الليله بالتحديد...

فلاش باك، حبيب القلب بيعمل أيه في البلكونة في ساعه زيّ دي؟!
أردف ماجد بتلك الكلمات في نبرة مرحه وهو يجلس إلى المقعد الخشبي المقابل لمقعد والدهُ حيث تفصل بينهما هذه الطاولة الخشبيه التي تسطحت بلوح زُجاجي.

إمتلأت هذه الطاولة بالعديد من الأوراق حيث وُضعت عليها بترتيب بالغ بينما تابع ناجي ناظرًا إليه بحنو بعد أن أبعد نظارتة المُخصصه للقراءه عن وجههِ...

الجو مناسبني. ف قولت أبدأ في حاجه مُهمه أوي.
ماجد بإبتسامة حانية: امممم، وأيه بقي الحاجه المهمه دي. يا بابا باشا.
قام السيد ناجي بمُحاذاة الأوراق بين يديهِ وراح يضعهم علي الطاولة في هدوء وبعدها تنهد بشيء من الأريحية قائلًا، بكتب الوصية يا ماجد.
تغيّرت معالم وجهه للضيق الشديد وقد جاش الهم في صدرهِ لينهض عن مقعدهِ ومن ثم إستدار ناحيه والده ثم عانقه من الخلف مُقبلًا رأسه بلوم...

بعيد الشر عنك يا بابا. ربنا يطولي في عُمرك. انا عاوز أشبع منك وبعدين ليه بتقول كدا. دا بدل ما تفرح بقراري دا وأني هخطب روفيدا، ومن ثم إستئنف بحنان: أيه مش عاوز تكون جدو؟!

ناجي بإبتسامة هادئه: يااااه. دا انا هكون أسعد جدو في الدُنيا. بس بالله عليك يابني. لو لسه محبوس في ماضيك. ما تقرب من البنت. دي زيّ الوردة، أخوها مخبيها من الناس للشخص اللي يستاهلها. لو مش هتكون جدير بيها بلاش. لو بتحبني فعلًا يابني. حدد قرارك صح.

كان ماجد في حاجه ماسة لسماع كلمات والده تلك. حيث وضع كفهُ علي كفِ والده، مُربتًا عليه بنبرة حاسمة، مفيش حاجه اسمها ماضي. الماضي بنفتكره يا علشان نضحك لبساطتنا فيه يإما علشان نفتكر ذكريات حلوة وندعي لصحابها بالخير سواء كانوا مكملين معانا ولا خدتهم الحياة مننا، انا مش هتقدم لروفيدا علشان هي بنت كويسة وبس. لا علشان مميزة. بسيطة لدرجة ما استوعبتهاش غير بعد فترة. تقدر تقول كدا أجبرتني إني أحبها وفعلًا انا حبيتها أوي. هي اللي هتناسبني وعاوز أكمل معاها للأخر. وبإذن الله في فترة الخطوبة هنفهم بعض أكتر.

ناجي بإرتياح: ربنا يطمن قلبك يابني. زيّ ما طمنتني.
ماجد بإستكمال: بس انا ما حبيتش فكرة إنك تكتب الوصية أبدًا. انا خايف.

ناجي بحنو وراح يردف بنبرة حازمة: لا ملجأ منهُ إلا إليه. إنا لله وإنا إليه راجعون، ومش معني إني أكتب وصيتي يبقي خلاص عُمري إنتهي. انا بس بحُط النقط علي الحروف. علشان لمّا ربنا يأذن أنه يشوفني، اروح أقابل وجهه الكريم وانا مطمن إني أديت واجباتي وزرعت أعمال في الدُنيا تعزز موقفي وتدفعني للجنة.

تنهد السيد ناجي بأريحية، وراح يردف بنبرة هادئه...
أيه رأيك لو قولتلك إن سليم هيورث معاكم، فيا؟!
قطب ماجد حاجبيه في إستغراب. تلعثم في عباراته في باديء الأمر ومن ثم ردد بنبرة غير مُصدقه...

إنت بتتكلم جد؟!
ناجي بثبات: إنت أيه رأيك في الموضوع؟!
قلب ماجد شفته السُفلي بحيرة من أمره وبعدها ردد قائلًا بهدوء...
مش عارف أقول أيه الصراحه. انا اتفاجأت. بس من حقك تتصرف في كُل قرش يخصك يا بابا. والحقيقه سليم يستاهل أكتر من كدا. راعاك في غيابنا. شاف فيك أبوه. وقف جنبك في أصعب أوقاتك. من حقك تُرد له ولو حتى جُزء بسيط من أفعاله معاك. انا حبيت قرارك دا. وربنا يبارك لي فيك يا أغلي أب في الدُنيا.

لم يكُن يتوقع السيد ناجي بأن يئتمر ابنه في هذا الأمر ويلقي منهُ دفعه إيجابية قوية كهذه.

Back، كأنك كُنت حاسس. هتوحشني أوي يا ابويا. وأوعدك وصيتك هتتنفذ زيّ ما كُنت عاوز.
زاح عن المكانِ الذي ظل واقفًا به لفترة طويلة ليقود سيارته عائدًا إلى منزل والده، طيب أستأذن انا بقي. البقاء لله مرة تانية. وياريت توصلوا تعازيه الحارة لأستاذ ماجد.

أردفت آلاء بنبرة حاسمة، حيث إنتصبت واقفه عن الأريكة لتتجه بها روفيدا صوب باب المنزل ومن ثم تُصافحها مردفة بنبرة حانية، شرفتينا. يا آلاء. وتسمحي لي أقولك يا آلاء طبعًا.
آلاء بإبتسامة مرحة: طبعًا طبعًا. دا شرف ليا يا روفيدا.

بادلتها روفيدا الإبتسامات للترجل هي خارج باب الشقه مغادرة البنايه، راحت روفيدا تخطو بتثاقلِ عائدة إلى الأريكة، بينما ضيقت نسمة حاجبيها في خُبث قائله، ها؟! أعترفي من شوية كُنتِ بتعيطي ليه؟!
حملقت روفيدا إليها بعينين جاحظتين، أمازالت تتذكر هذا السؤال؟! إنها لصاحبة ذاكرة قوية حقًا. وهنا أحنت روفيدا رأسها ومن ثم أغلقت عينيها مردفة بخفوت، مش عارفة. بس أول مرة أحس إن قلبي واجعني بالطريقة دي.

نسمه بثبات: تقصدي قلبك بيدق. ولمّا دق من شويه. كان مصدر الدقة أيه؟!
روفيدا بشرود قليلًا: اممم. خوف؟!
نسمه وهي تضع كفها أسفل خدها الأيمن، مُردفة بهُيام...
وسبب الدقة أيه؟!
رمقتها روفيدا بغيظٍ وراحت تبعد وجهها عن نظرات نسمه المصوبه بإتجاهها قائله بعصبية خفيفة، وانا ايش عارفني!
في تلك اللحظة قامت نسمه بإلتقاط طرف خُصلات شعر روفيدا. مُرددة بنبرة ذات مغزي، الحلو وقع وماحدش سمي عليه؟!

رمقتها روفيدا بصدمه، فاغرة فاهها. ماذا تقصد نسمه من حديثها هذا. لتلتقط خُصلات شعرها بإستنكار قائله:
لا طبعًا مافيش أي تخيلات وهمية زيّ دي.
نسمه مُضيقه عينيها: اممم. وهو انا كُنت قولت أيه هي التخيُلات.
روفيدا بنفاذ صبر: أووووف بقي يا نسمه. قلبتي مرة واحدة علي المُفتش كرومبو. إتفضلي علي شقتك ومش عاوزة أشوفك غير بُكرا وإحنا رايحين نقدم الورق للجامعه.

نسمه بنبرة مازحة: هو كدا. اللي بيقول الحق في الزمن دا بيتداس ب البلدوزارات، طبعًا انا مش هينفع يداس عليا بالرجلين. زيّ ما إنتِ عارفة بقي.

إبتسمت روفيدا رغمًا عنها. ف رغم إختلاف ميولهما، إلا أنها تفهم ما يدور في خُلد صديقة طفولتها وهذا ما يجعلها مميزة بالنسبة لها...

علي الجانب الآخر، ترجلت خارج البناية بعد أن أدت واجب العزاء وإستمتعت بصحبتهن لفترة ليست بالقليلة، مشت بضع خُطوات في الحي، حتى تستطع الوصول إلى الطريق الرئيسي لتستقل مواصلة ما، في تلك اللحظة قطع سيرها صوته مُرددًا بنبرة مازحة وهو يطل برأسه من نافذة سيارته...

ساعة واقف مستنيكِ؟! ما تباتي أحسن جوا.
رمقته آلاء بإستغراب شديد وراحت تسعي بخُطواتها إليه وما أن وقفت امامه مُباشره حتى رددت بلهجة مُتسائلة.

أستاذ زياد؟! مستنيني انا!، وليه؟!
زياد بحسم: مافيش ياستي. كُنت معدي علي ماجد بس ما لقيتهوش في البيت. ف قولت استني لمّا أخدك في طريقي.

عدلت آلاء من وضعية نظارتها. لترتسم إبتسامة خفيفة علي شفتيها. وبحركة مُستسلمة راحت تفتح باب السيارة ثم همّت بالدلوف داخلها...

انا مُتأكد. إن اللي بيقوي الناس دي عليا. حد موجود بيننا. مين يعرف أساسًا بالصفقه دي غيري انا وإنت.

عاصم رافعًا حاجبيه بإستنكار: أيه بتشك فيا؟!
مسح السيد فؤاد علي وجهه بكفهِ وأخذ يهز قدميه في عصبية مُفرطة مردفًا بنبرة رخيمة...

ما تبقاش غشيم. انا مش هسكت عن الموضوع دا. بس كُل اللي بيحصل دا مش في صالحنا أبدًا. سمعتنا بعد الشركة ما لغت الإتفاق معانا هتبقي علي المحك والأخبار هتنتشر في كُل مكان. لازم أهدي الموضوع شوية وأحاول أتصنع اللا مُبالاة.

عاصم بثبات: دا الحل الوحيد حاليًا، للأسف.

كان في تألقه الكامل. ببذلتهُ السوداء. يترجل خارج البنايه. يضع البالطو الخاص به علي ساعدهُ، يحس بشعورٍ لم يعهده في السابق، فهذه المرة الأولي التي ستتيح له، السعي وإثبات نفسهُ في مجالهِ الحقيقي، دلف داخل سيارتهُ. وقد إستعد للإنطلاق. ليجد هاتفه يُعلن عن مجيء إتصالًا...

أجاب علي إتصالهِ. تأجج شعوره فزعًا، ما أن سمع هذا الخبر. بدأ في توسيع رابطة عُنقه قليلًا. مُنصتًا للمُتحدث بترقُب وأخيرًا تابع بصوتهِ الرخيم، خليك وراه، بُكرا يكون عندي. وانا هتصرف بعد كدا.

أنهي سليم إتصاله وقد أطلق زفرة مُطولة تنُم عما حل به من هم. فقد أظهر تجاسرًا جليلًا فيما يسعي إليه وقرر أن يتجشم المخاطر ليصل إلى هدفه في أسرع وقت، إقتاد سيارته ليقود الطعن داخل المحكمة. سعيًا في تبريء هذه السيدة، في قضية تم الحُكم عليها مُسبقًا بجُنح الجنايات...

أدت عدة طرقات خفيفة علي باب الغُرفة. لتُغلق نوراي هذا الدفتر علي عجالة من أمرها ثم تدسه أسفل وسادتها بوجهِ مُمتعض، دلفت آلاء داخل الغرفه، تبتسم في حنو بينما أرخت نوراي معالم وجهها من جديد في أريحيه تامة لتردف آلاء بنبرة هادئه...

كُنتِ خايفة. ليكون حد تاني مش كدا؟!
رمقتها نوراي بنظرات ثابتة وراحت تُردد بنبرة فاترة: فهمتي الموضوع بسرعة.
إقتربت منها آلاء في تلك اللحظة ومن ثم جلست إلى طرف الفراش مُردفة بحنو...
إنتِ كويسة يا نوراي؟!
أومأت نوراي برأسها إيجابًا ومن ثم رددت بنبرة مُتسائله: فينك كدا من الصُبح!
آلاء بخُبث مُصطنع: كُنت في بيت سليم؟!

رمقتها نوراي بعينين جاحظتين. وقد لمعت عيناها عند ذكر اسمه وحلت إبتسامة لا أرادية علي ثغرها. وسرعان ما تجهمت معالمها وراحت تُردد بنبرة مُترقبة، مش فاهمة كُنتِ بتعملي أيه في بيت سليم؟!
آلاء بإبتسامة هادئه...

أكيد ما كونتش رايحة اشوفه يعني. بس أستاذ ماجد والدة توفي وكُنت بعزي، ثبتت مُقلتي عينيها ناحية آلاء، تجمدت ملامحها من أثر الصدمة، لا تقوي علي الحراك أو حتى الصراخ فقط يمكنها أن تجحظ بعينيها لإستيعاب الأمر، سالت قطرات الدموع من عينيها الواحدة تلو الأخري ثم رددت بنبرة واهنة...

عمو ناجي مات؟!
آلاء مُضيقه عينيها: إنتِ تعرفية؟!
وجدتها آلاء في تلك اللحظة تُغلق عينيها بوهن ليرتد جسدها للخلف حتى تسطحت علي الفراش فاقده الوعي...

آلاء بخضة: نوراي؟!

في صباح اليوم التالي، فتحت عينيها لتجده يجلس إلى جانبها، ينظُر لمعالم وجهها بتركيز كما أنه لم يلحظ إستيقاظها مُطلقًا بينما تحولت ببصرها في المكان لتجد الجميع يلتفون حولها...

إبتلعت غصة في حلقها مُتذكرة حادثة أمس، ترقرقت الدموع في عينيها مُجددًا وراحت تضم الغطاء إليها أكثر وهنا تابع هو بنبرة ثابته...

حمدلله علي سلامتك، ممكن أفهم ايه اللي حصل؟!
آلاء مُتدخلة بنبرة سريعة: ما انا قولت لحضرتك يا عاصم بية. إن نوراي هانم داخت بالليل فجأه تقريبًا كان عندها مشكلة في الضغط.

وهنا رمقتها نوراي بنظرة مُمتنة ومن ثم أومأت برأسها مؤكدة لحديث آلاء...
بالظبط. عاصم؟!
فوجئت إليه ينظُر لها بترقُب، مُضيقًا عينيه ثم أردف بخشونة...
أفندم؟!
إبتلعت ريقها بصعوبة وبعدها تابعت بهدوء: انا مخنوقة أوي من القاعدة في القصر، لو سمحت عاوزه أروح مقر الجمعية مع آلاء. محتاجة أغير جو.
إلهام مُتدخله علي الفور: الصراحة يا عاصم عندها حق. سيبها علي راحتها.

نظرت نوراي بإتجاه آلاء التي لم تكُن بأقل منها إندهاشًا بينما إنتصب عاصم واقفًا وراح يُردد بثبات، مفيش مشاكل. السواق الخاص بتاعي، هيوديكم ويجيبكم.
نوراي بفتور: ماشي.

ايه يا عم ماجد، كام مُكالمة لحد دلوقتي علشان أجيلك.
أردف سليم بتلك الكلمات في هدوء وهو يجلس إلى الأريكة الموجوده بحجرة الصالون بينما بادره ماجد مردفًا بتنحنح، إنت فطرت؟!
سليم بنفي: لأ والبركة فيك. بعد ما روفيدا حضرت الفطار. مشيت.

تلعثم ماجد في عباراتةِ قليلًا. حيث بدأ يفرك كفيه ببعضيهما في توترِ عارمِ، أمسك سليم بجهاز التحكُم الخاص بالتلفاز ليُشعله مُرددًا بإشتياق، خلي القرءان شغال في النهار. علشان دي عادة عمي ناجي. ومش عاوزين نقطع العادة دي.

سليم؟!
هتف بها ماجد وهو ينبش مؤخرة رأسه، بأصابعهِ بينما تحول إليه سليم مُردفًا بترقُب...

خير يابني؟!، مالك مش علي طبيعتك ليه؟!
ماجد بهدوء: سليم. إمبارح ما عرفناش نفتح الوصية.
رمقهُ سليم بإستغراب ومن ثم ردد بنبرة مُتهكمة...
أيه، أخوك اللي مستعجل علي فتح الوصية ماجاش!
ماجد بتنحنح: لأ. الوريث التالت هو اللي ماجاش.
وجدهُ ماجد حائرًا في أمرهِ، حيث رفع أحد حاجبيه مُرددًا بإستغراب...
إنتوا عندكوا أخ تالت أو حد هيورث من العيلة؟!
إنت.

تابع ماجد بهذه الكلمة. بينما إِفتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة قائلًا بهدوء...
انا أيه!، مش فاهم؟!
ماجد بثقة: إنتِ الوريث التالت يا عم سليم.
تجهمت معالم وجهه للضيق الشديد، لينتصب واقفًا في عصبية جامحة. وراح يهدر بعدم إقتناع...
انا مين يا عم ماجد؟! أورث في أبوك ليه وعلشان أيه؟!
ماجد وهو يجذب ساعده إليه: علشان حقك يا سليم. أبويا. حب يقدم لك جزء بسيط من الحاجات الكتير اللي قدمتها له.

مسح سليم بكفه علي ذقنه في حدة. ليبتسم بتهكم: أبوك في مقام أبويا. اللي عملته، طبيعي لأي واحد شاف في شخص عزيز عليه السند والحافز. لكن لحد هنا وانا برا الكلام دا، مش هاخد أبدًا فلوس مش من حقي. سامعني يا ماجد.

أنهي جُملته الأخيرة وإنطلق صوب باب المنزل ومن ثم صفقه عقب خروجه والغضب يعتري خلجات وجهه التي مالت للقسوة في الأونة الأخيرة، هو حضرتك ناوي تستنانا، إن شاء الله؟!
أردفت آلاء بتلك الكلمات في تساؤل وهي تقف أمام نافذه السياره بصحبه نوراي، بينما أومأ السائق مُردفًا بلهجة حازمة...

طبعًا. دي أوامر، عاصم بيه.
والاته الفتيات ظهورهن. وأخذت آلاء تتأفف من هذه القيود ومن أن دلفن من باب النادي، حتى رددت بنبرة ثابتة، يبقي إحنا مش قدامنا غير الباب الخلفي للنادي، روحي مشوارك وأرجعي في نفس ميعاد الإنصراف علشان خاطري يا نوراي. مش عاوزين عاصم دا يحس بحاجه!

أومأت نوراي برأسها في تفهم، وبدأت آلاء تُثنيها عن بعض الأمور وتقدم لها التحذيرات، لكي تكتمل مهمة صديقتها علي خير، بينما تابعت نوراي بهمة فاترة: سلام.

دخلوا النادي يا إلهام هانم. تحبي أخلص الموضوع دا جوا النادي ولا أستني خروجها!

أردف هذا المُرتزقة بتلك الكلمات في ترقُب بينما رددت إلهام بنبرة آمره يشوبها الأمل، لا لا. بلاش جوا النادي. إستني لمّا تُخرج. مش عاوزاها تاخد طلقة واحدة. انا عاوزاك تنهيها وتكون مُتأكد إن روحها خرجت منها قبل صرخة صاحبتها.

الرجل بإنصياع: اللي تؤمري بيه. يا إلهام هانم.

وطأت قدماها داخل هذا الحي الشعبي من جديد. ظلت تخطو بين حواريه بنظرات فاترة. تارة تبتسم وأُخري تنقبض عضلات وجهها في ختناق...

إتجهت صوب هذه البنايه وبدأ قلبها في ضخ الدماء به. تكاد نبضاته تقفز لخارجه، أجفلت عينيها قليلًا وهي تبتلع ريقها بآسي، دلفت للداخل، تجوب ببصرها جُدران المكان لتقع عيناها ناحية باب هذه الشقه التي شهدت علي ولادة عشقها الأبدي. تنهدت بآسي لتهطل عبرة حارة علي وجنتها، بادرت بمسحها في الحال...

في تلك اللحظة قامت بإلتقاط مفتاح الشقه، الذي خبئتهُ في حقيبتها مُنذ أن غادرت المكان، تمكنت من فتحهِ بهدوء. لتدلف للداخل بخُطوات هادئه وما كادت أن تُغلقه خلفها حتى وجدت ما لم تتوقعه...

نحي ببصرهِ إليها. حملق بها في عدم تصديق لينهض عن المقعد بوجوم بينما تابعت هي بنبرة مُتلعثمه، سليم!
ذأب في سيرهِ ناحية باب المنزل حينما أدرك وجودها بالفعل. لتُسرع في الوقوف أمامه تمنعه من المرور حيث رددت بنبرة هزيلة وقد رمقته بأعينٍ مُشتاقة ذابلة...

أزيك!
سليم وقد تنازل ورد عليها مُرغمًا: زيّ ما إنتِ شايفه!
إبتلعت غصه في حلقها وهي تنظُر إلى جسدهِ الذي ذاب من الحُزن وسرعان ما هرولت ترمي بنفسها إلى أحضانهِ مُرددة بنبرة باكية...

سامحني يا سليم. من ساعة ما دخلت حياتك، دمرتها، انا غبية، فاكرة إن انا كدا بحميك. وعمو ناجي. عمو ناجي مات يا سليم! إنت واحشني. انا بموت من غيرك.

سليم بثبات دون أن يرف له جفن: الله يرحمه، إنتِ عاوزة توصلي لأيه! بالدموع اللي كلها كذب؟!
تجرعت إهانتهُ برحابة صدر ومازالت تحتضنه بقوة بينما ظل ذراعيه بمُحاذاة جسده ولم تجد منه ردة فعل، لترفع كفها ناحية الجزء الأيسر لصدرهِ قائله بنبرة واهنة.

عاوزه أوصل ل دا.
رقت مشاعرهُ لها فهو بلمستها لهُ، يذوب فيها حُبًا وينسي نكبته بجفائها وتذوب أوجاعه ولكن هذا المرة لم تؤثر كلماتها به حيث وجدتهُ خائر النفسِ، أخفضت بصرها حيث ذراعيه القابعتين إلى جانبه بجمود وراحت تنظُر لهما بيأس ومن ثم همّت بجذبهما بنفسها حتى أحاطتا خصرها مُرددة بحُزنِ جارفِ، بحبك.
تنهد هو بنفاذ صبر ليبعد ذراعيه عنها ومن ثم يقول بنبرة هادرة...

في نفس المكان دا. قولتيلي إنك مش عاوزه تكملي معايا. نهيتي كُل حاجة هنا. راجعة ليه تاني للفقير! هتاخدي أيه مني تاني؟! ما إنتِ عارفة إني فقير.

لترتفع نبرة صوته أكثر مُرددًا بصوتٍ أجشٍ: أوعي تفكري تدخلي البيت دا تاني. إنت فاهمه! وحقي هاخده منك ومنهُ، حق قلبي هرجعة حتى لو هدوس علي كُل الناس.

قام في تلك اللحظة بإلقاء هذه الدُمية في وجهها مُرددًا بنبرة حاده...
خُدي دي كمان معاكِ، ومش عاوز أشوف وشك تاني.
إرتعشت بقوة أثر صراخه بها، تبكي دون توقُف. ك الذي سُكب عليه ماءً بارد في ليلة شتاءٍ قارسة. مذعورة هي من ثورتهُ لا تُصدق أنه هو الواقف أمامها...
والته ظهرها في صمت تام وراحت تجر خُطواتها ناحية الباب. لتجده يُردد بنبرة آمره.
استني!

لم تلتفت ناحيته مُطلقًا بينما إستدار هو ليقف قبالاتها لتمتد يده ناحيتها حتى أطبق علي هذه القلادة بكفه ومن ثم سلبها عُنوة منها حتى إنفلتت إلى جزئين، تحولت نوراي ببصرها للأسفل، ناحية قبضة يده لتسقط عبرة ساخنه منها، علي كفه الصلب بينما تابع هو بثبات...
ودي كانت أخر حاجه تجمعني بيكِ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة